الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَرْبَعين وخمسمئة وَتُوفِّي سنة خمس وَعشْرين وستمئة
3 -
(ابْن أَسد الفارقي)
الْحسن بن أَسد بن الْحسن الفارقي أَبُو نصرٍ شاعرٌ رَقِيق حَوَاشِي النّظم كثير التَّجْنِيس كَانَ فِي أَيَّام نظام الْملك وَالسُّلْطَان ملكشاه شَمله مِنْهُمَا الجاه بعد أَن قبض عَلَيْهِ وأساء إِلَيْهِ فَإِنَّهُ قد تولَّى آمد وأعمالها واستبدَّ بِاسْتِيفَاء مَالهَا فخلَّصه الْكَامِل الطَّبِيب وَكَانَ نحوياً رَأْسا وإماماً فِي اللُّغَة يقْتَدى بِهِ وصنَّف فِي الْآدَاب تصانيف وَله شرح اللُّمع كبيرٌ كتاب الإفصاح فِي العويص شرح فِيهِ أبياتاً مشكلةً وأجاد فِيهِ كتبته بخطي جَمِيعه وَكتاب الألغاز اتّفق أَنه كَانَ شاعرٌ من الْعَجم يعرف بالغسَّاني وَفد على أَحْمد بن مَرْوَان وَكَانَت عَادَته إِذا وَفد عَلَيْهِ الشَّاعِر يُكرمهُ وينزله وَلَا يستحضره إلاّ بعد ثَلَاثَة أيامٍ وَاتفقَ أنّ الغساَّني لم يكن أعدَّ شعرًا يمدحه بِهِ ثِقَة بِنَفسِهِ فَأَقَامَ ثَلَاثَة أَيَّام وَلم يفتح عَلَيْهِ بِشَيْء فَأخذ قصيدةً من شعر ابْن أسدٍ وَلم يغيّر فِيهَا غير الِاسْم فَغَضب الْأَمِير وَقَالَ هَذَا العجميُّ يسخر منَّا فَأمر أَن يكْتب ذَلِك إِلَى ابْن أسدٍ فَأعْلم الغسانيُّ بعض الْحَاضِرين بذلك فجهَّز الغسَّانيُّ غُلَاما لَهُ جلدا إِلَى ابْن أسدٍ يدْخل عَلَيْهِ ويعرِّفه الْعذر فوصل الْغُلَام إِلَى ابْن أسدٍ قبل وُصُول قَاصد ابْن مَرْوَان فَلَمَّا علم ذَلِك كتب الْجَواب إِلَى ابْن مَرْوَان أَنه لم يقف على هَذِه القصيدة أبدا وَلم يرهَا إلاّ فِي كِتَابه فَلَمَّا وقف ابْن مَرْوَان على الْجَواب أَسَاءَ إِلَى السّاعي وسبَّه وَقَالَ إِنَّمَا تُرِيدُونَ فَضِيحَتِي بَين الْمُلُوك ويحملكم الْحَسَد ثمَّ أَنه أحسن إِلَى الغسَّانس وأكرمه غَايَة الاكرام وَعَاد إِلَى بِلَاده فَلم يمض على ذَلِك إلاّ مُدَّة حَتَّى اجْتمع أهل ميّا فارقين ودعوا ابْن أسدٍ إِلَى أَن يؤمِّروه عَلَيْهِم وَإِقَامَة الْخطْبَة للسُّلْطَان ملكشاه وَإِسْقَاط اسْم ابْن مَرْوَان فأجابهم إِلَى ذَلِك فحشد ابْن مَرْوَان وَنزل على ميَّافارقين فأعجزه أمرهَا فأنفذ إِلَى نظام الْملك)
وَالسُّلْطَان يستمدهما فأنفذا إِلَيْهِ جَيْشًا ومدداً مَعَ الغسَّاني الشَّاعِر الْمَذْكُور وَكَانَ قد تقدَّم عِنْد السُّلْطَان فصدقوا الحملة على ميّافارقين فملكوها وأخذوها عنْوَة وَقبض على ابْن أسدٍ وَجِيء بِهِ إِلَى ابْن مَرْوَان فَأمر بقتْله فَقَامَ الغسَّاني وجرَّد الْعِنَايَة فِي الشَّفَاعَة حَتَّى خلصه وكفله بعد عناءٍ شديدٍ فاستحيى مِنْهُ وَأطْلقهُ فَاجْتمع بِهِ وَقَالَ أتعرفني قَالَ لَا وَالله وَلَكِنِّي أعرف أَنَّك ملكٌ من السَّمَاء منَّ الله بك عليَّ لبَقَاء مهجتي فَقَالَ أَنا الَّذِي أدَّعيت قصيدتك وسترت عليَّ وَمَا جَزَاء الاحسان إلاّ
الاحسان فَقَالَ ابْن أسدٍ مَا سَمِعت بقصيدةٍ جحدت فنفعت صَاحبهَا مثل هَذِه فجزاك الله خيرا وَانْصَرف الغسَّانيُّ من حَيْثُ جَاءَ وَأقَام ابْن أسدٍ مُدَّة ونزحت حَاله وجفاه اخوانه وعاداه أعوانه وَلم يقدم أحدٌ على مرافدته حَتَّى أضرَّ بِهِ الْعَيْش ونظم قصيدةً مدح بهَا ابْن مَرْوَان فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا غضب وَقَالَ مَا يَكْفِيهِ أَن يخلص منا رَأْسا برأسٍ حَتَّى يُرِيد منا الرِّفد لقد أذكرني بِنَفسِهِ اصلبوه فصلب سنة سبعٍ وَثَمَانِينَ وأربعمئة وَمن شعره من الوافر
(أريقاً من رضابك أم رحيقا
…
رشفت فلست من سكري مفيقا)
(وللصهباء أسماءٌولكن
…
جهلت بأنَّ فِي الْأَسْمَاء ريقا)
وَمِنْه من الْكَامِل
(ولربَّ دانٍ مِنْك يكره قربه
…
وتراه وَهُوَ غشاء عَيْنك والقذى)
(فاعرف وخلّ مجرّباً هَذَا الورى
…
واترك لقاءك ذَا كفافاً والق ذَا)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(يَا من جلا ثغره الدرَّ النظيم وَمن
…
تخال أصداغه السود العناقيدا)
(اعطف على مستهامٍ صيم من أسفٍ
…
على هَوَاك وَفِي حَبل العناقيدا)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(بَعدت فأمَّا الطَّرف مني فشاهدٌ
…
لشوقي وأمَّا الطّرف مِنْك فراقد)
(فسل عَن سهادي انجم اللَّيْل إِنَّهَا
…
ستشهد لي يَوْمًا بذلك الفراقد)
(قطعتك إِذا أَنْت الْقَرِيب لشقوتي
…
وواصلني قومٌ إليَّ اباعد)
(فيا أهل ودِّي إِن أَبى وعد قربنا
…
زمانٌ فَأنْتم لي بِهِ إِن أَبى عدوا)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(لَا يصرف الهمَّ إلاّ شدو محسنةٍ
…
أَو منظرٌ حسنٌ تهواه أَو قدح)
)
(والراح لهمّ أنقاها فَخذ طرفا
…
مِنْهَا ودع أمَّةً فِي شربهَا قَدَحُوا)
(بكرٌ تخال إِذا مَا المزج خالطها
…
سقاتها أَنَّهَا زنداً بهَا قَدَحُوا)
وَمِنْه من السَّرِيع
(تراك يَا متْلف جسمي وَيَا
…
مكثر إعلالي وإمراضي)
(من بعد مَا أضنيتني ساخطٌ
…
عليَّ فِي حبِّك أم رَاض)
وَمِنْه من الْبَسِيط
(قد كَانَ قلبِي صَحِيحا كالحمى زَمنا
…
فمذ أبحت الْهوى مِنْهُ الْحمى مَرضا)