الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَلِك وَكَانَ أخيراً قد نزل عَن وظايفه بالمدارس ليلازم الأشتغال وَالْعَمَل وَلَو عمر لَكَانَ يكون من أَفْرَاد الزَّمَان رَأَيْته يواقف الشَّيْخ جمال الدّين الْمزي وَيرد عَلَيْهِ فِي أَسمَاء الرِّجَال وأجتمعت بِهِ غير مرّة وَكنت اسأله اسولة أدبية واسولة نحوية فأجده كَأَنَّهُ كَانَ البارحة يُرَاجِعهَا لأستحضاره مَا يتَعَلَّق بذلك وَكَانَ صافي الذِّهْن جيد الْبَحْث صَحِيح النّظر موقع الجزيرة مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد السَّيِّد هُوَ شرف الدّين ابْن عماد الدّين ابْن شرف الدّين الْعَوْفِيّ الجزيري موقع الجزيرة شيخ حسن حُلْو الْعبارَة فصيحها لَهُ نظم ونثر وَكِتَابَة حَسَنَة)
وَله على الدولة خدم ومناصحات رتب لَهُ السُّلْطَان على ذَلِك راتباً أنحنى كبرا وَمَشى على عكازة سَأَلته عَن مولده فَقَالَ فِي تَاسِع شهر رَمَضَان سنة خمس وَسِتِّينَ وست ماية أَنْشدني لنَفسِهِ كثيرا فَمِنْهُ قَوْله
(بَكت درراً بَكَيْت لَهَا عقيقاً
…
فَصَارَ قلايداً فَوق الصُّدُور)
(فَلم أر مثل أدمعنا عقوداً
…
نقلن من البحور إِلَى النحور)
وَمِنْه وَقد سكن بَين السورين بِدِمَشْق
(تَبًّا لساكن جَانب النَّهر الَّذِي
…
فِي جلق فمقام ساكنه عَنَّا)
(أَن بلت يغْتَسل الَّذِي تحتي بِهِ
…
أَو بَال من فَوقِي أغتسلت بِهِ أَنا)
قلت من قَول القايل فِي شيزر
(النَّهر أضحى كالطبيعة لَونه
…
من غير مَا سقم عراه وَلَا ضنى)
(أُخْرَى فيشربه الَّذِي تحتي كَمَا
…
يخرى الَّذِي فَوقِي فأشربه أَنا)
وَمِنْه فِي غلاية
(مَا قبَّة حَمْرَاء أَن شِئْت أَن
…
تحملهَا يَا سَيِّدي تحمل)
(المَاء فِي ظَاهرهَا سَاكن
…
وَالنَّار فِي بَاطِنهَا تشعل)
3 -
(الشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن قايماز الشَّيْخ الْأَمَام الْعَلامَة الْحَافِظ)
شمس الدّين أَبُو عبد الله الذَّهَبِيّ حَافظ لَا يجاري وَلَا فظ لَا يباري اتقن الحَدِيث وَرِجَاله وَنظر علله وأحواله وَعرف تراجم النَّاس وأزال الأبهام فِي تواريخهم
والألباس من ذهن يتوقد ذكاؤه وَيصِح إِلَى الذَّهَب نسبته وانتماؤه جمع الْكثير ونفع الجم الْغَفِير وَأكْثر من التصنيف ووفر بالأختصار مُؤنَة التَّطْوِيل فِي التَّأْلِيف وقف الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني رحمه الله على تَارِيخه الْكَبِير الْمُسَمّى بتاريخ الأسلام جُزْءا بعد جُزْء إِلَى ان أنهاه مطالعة وَقَالَ هَذَا كتاب علم أجتمعت بِهِ واخذت عَنهُ وقرأت عَلَيْهِ كثيرا من تصانيفه وَلم أجد عِنْده جمود الْمُحدثين وَلَا كودنة النقلَة بل هُوَ فَقِيه النّظر لَهُ دربة بأقوال النَّاس ومذاهب الأيمة من السّلف وأرباب المقالات وأعجبني مِنْهُ مَا يعانيه فِي تصانيفه من أَنه لَا يتَعَدَّى حَدِيثا يُورِدهُ حَتَّى يبين مَا فِيهِ من ضعف متن أَو ظلام أسناد أَو طعن فِي رُوَاته وَهَذَا لم أر غَيره يُرَاعى هَذِه الفايدة فِيمَا يُورِدهُ وَمن تصانيفه تَارِيخ)
الأسلام وَقد قَرَأت عَلَيْهِ مِنْهُ الْمَغَازِي والسيرة النَّبَوِيَّة إِلَى آخر أَيَّام الْحسن وَجَمِيع الْحَوَادِث إِلَى آخر سنة سبع ماية وتاريخ النبلاء والدول الأسلامية وطبقات الْقُرَّاء وَسَماهُ معرفَة الْقُرَّاء الْكِبَار على الطَّبَقَات والأعصار تناولته مِنْهُ وأجازني رِوَايَته وكتبت عَلَيْهِ
(عَلَيْك بِهَذِهِ الطَّبَقَات فأصعد
…
إِلَيْهَا بالثنا أَن كنت راقي)
(تجدها سَبْعَة من بعد عشر
…
كنظم الدّرّ فِي حسن أتساق)
(تجلى عَنْك ظلمَة كل جهل
…
بِهِ أضحى مقالك فِي وثاق)
(فنور الشَّمْس أحسن مَا ترَاهُ
…
إِذا مَا لَاحَ فِي السَّبع الطباق)
وطبقات الخفاظ مجلدين ميزَان الأعتدال ف الرِّجَال فِي ثلثة أسفار كتاب المشتبه فِي الْأَسْمَاء والأنساب مُجَلد نبأ الدَّجَّال مُجَلد تذهيب التَّهْذِيب أختصار تَهْذِيب الْكَمَال للشَّيْخ الْحَافِظ جمال الدّين الْمزي أختصار كتاب الْأَطْرَاف للمزي أَيْضا الكاشف أختصار التذهيب أختصار السّنَن الْكَبِير للبيهقي تَنْقِيح أَحَادِيث التَّعْلِيق لِابْنِ الْجَوْزِيّ المستحلي أختصار الْمحلي المقتني من الكني المغنى فِي الضُّعَفَاء العبر فِي خبر من غبر مجلدان أختصار الْمُسْتَدْرك للْحَاكِم أختصار تَارِيخ ابْن عَسَاكِر فِي عشرَة أسفار أختصار تَارِيخ الْخَطِيب مجلدان أختصار تَارِيخ نيسابور مُجَلد الكباير جزآن تَحْرِيم الأدبار جزآن أَخْبَار السد أَحَادِيث مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب تَوْقِيف أهل التَّوْفِيق على مَنَاقِب الصّديق نعم السمر فِي سيرة عمر التِّبْيَان فِي مَنَاقِب عُثْمَان فتح المطالب فِي أَخْبَار عَليّ بن أبي طَالب وقرأته عَلَيْهِ مُعْجم أشياخه وهم ألف وَثلث ماية شيخ أختصار كتاب الْجِهَاد
لبهاء الدّين ابْن عَسَاكِر مَا بعد الْمَوْت مُجَلد أختصار كتاب الْقدر للبيهقي ثلثة أَجزَاء هَالة الْبَدْر فِي عدد أهل بدر أختصار تَقْوِيم الْبلدَانِ لصَاحب حماة نغض الجعبة فِي أَخْبَار شُعْبَة قض نهارك بأخبار ابْن الْمُبَارك أَخْبَار أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي وَله فِي تراجم الْأَعْيَان لكل وَاحِد مُصَنف قايم الذَّات مثل الأيمة الْأَرْبَع وَمن جرى مجراهم لكنه أَدخل الْكل فِي تَارِيخ النبلاء أَخْبرنِي من لَفظه بمولده قَالَ فِي ربيع الآخر سنة ثلث وَسبعين وست ماية وأرتحل وَسمع بِدِمَشْق وبعلبك وحمص وحماة وحلب وطرابلس ونابلس والرملة وبلبيس والقاهرة والأسكندرية والحجاز والقدس وَغَيرهَا وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى لَيْلَة الأثنين ثَالِث ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسبع ماية وَدفن فِي مَقَابِر بَاب الصَّغِير أَخْبرنِي العلَاّمة قَاضِي الْقُضَاة تقيُّ الدّين السُّبْكِيّ الشَّافِعِي قَالَ عدته لَيْلَة مَاتَ فَقلت لَهُ كَيفَ)
تجدك قَالَ فِي السِّيَاق وَكَانَ قد أضرّ رَحمَه الله تَعَالَى قبل مَوته بِأَرْبَع سِنِين أَو أَكثر بِمَاء نزل فِي عَيْنَيْهِ فَكَانَ يتَأَذَّى ويغضب إِذا قيل لَهُ لَو قدحت هَذَا لرجع إِلَيْك بَصرك وَيَقُول لَيْسَ هَذَا بِمَاء وَإِنَّمَا أعرف بنفسي لأنني مَا زَالَ بَصرِي ينقص قَلِيلا قَلِيلا إِلَى أَن تَكَامل عَدمه وَقلت أَنا أرثيه
(لما قضى شَيخنَا وعالمنا
…
وَمَات فِي التَّارِيخ وَالنّسب)
(قلت عَجِيب وَحقّ ذَا عجبا
…
كَيفَ تحظى البلى إِلَى الذَّهَب)
وَقلت أَيْضا
(أشمس الدّين غبت وكل شمس
…
يغيب وَزَالَ عَنَّا ظلّ فضلك)
(وَكم ورخت أَنْت وَفَاة شخص
…
وَمَا ورخت قطّ وَفَاة مثلك)
أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ مضمنا وَهُوَ تخيل جيد إِلَى الْغَايَة
(إِذا قَرَأَ الحَدِيث على شخص
…
وأخلى موضعا لوفاة مثلى)
(فَمَا جازي بأحسان لِأَنِّي
…
أُرِيد حَيَاته وَيُرِيد قَتْلِي)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(لَو أَن سفين على حفظه
…
فِي بعض همي نسى الْمَاضِي)
(نَفسِي وعرسي ثمَّ ضرسي سعوا
…
فِي غربتي وَالشَّيْخ وَالْقَاضِي)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(الْعلم قَالَ الله قَالَ رَسُوله
…
أَن صَحَّ والأجماع فأجهد فِيهِ)
(وحذار من نصب الْخلاف جَهَالَة
…
بَين الرَّسُول وَبَين رأى فَقِيه)
وأنشدني أَيْضا من لَفظه لنَفسِهِ
(أفق مَا معنى بِجمع الحطام
…
ودرس الْكَلَام ومين يصاغ)
(ولازم تِلَاوَة خير الْكَلَام
…
وجانب أُنَاسًا عَن الْحق زاغوا)
(وَلَا تخدعاً عَن صَحِيح الحَدِيث
…
فَمَا فِي محق لرأي مساغ)
(وَمَا للتقي وللبحث فِي
…
عُلُوم الأوايل يَوْمًا فرَاغ)
(بلاغاً من الله فَأَسْمع وعش
…
قنوعاً فَمَا الْعَيْش إِلَّا بَلَاغ)
وَلما توفّي الشَّيْخ علم الدّين البرزالي تولى الشَّيْخ شمس الدّين تدريس الحَدِيث بِالْمَدْرَسَةِ)
النفيسية وأمامتها عوضا عَنهُ وكتبتُ لَهُ توقيعاً بذلك وَهُوَ رُسِمَ بِالْأَمر العالي لَا زَالَت أوامره المطاعة تطلع فِي آفَاق الْمدَارِس شمسا وتزيل بِمن توليه عَن المشكلات لبسا أَن يرتب الْمجْلس السَّامِي الشيخي الشمسي فِي كَذَا وَكَذَا علما بِأَنَّهُ عَلامَة وحافظ مَتى أطلق هَذَا الْوَصْف كَانَ علما عَلَيْهِ وعلامة ومتبحر أشبه الْبَحْر أطلاعه والدر كَلَامه ومترجم رفع لمن ذكره فِي تَارِيخ الأسلام أَعْلَامه فَالْبُخَارِي طَابَ أرج ثنايه عَلَيْهِ وَمُسلم أول مُؤمن بِأَن هَذَا الْفَنّ انْتهى إِلَيْهِ وَأَبُو دَاوُد يحمد آثاره فِي سلوك سنَن السّنَن وَالتِّرْمِذِيّ يخال أَنه فدَاه بِنور ناظره من آفَات دَار الْفِتَن وَالنَّسَائِيّ لَو نسأ الله فِي أَجله لرأي مِنْهُ عجبا وَابْن ماجة لَو عاين مَا جَاءَ بِهِ ماج لَهُ طَربا فليباشر مَا فوض إِلَيْهِ مُبَاشرَة تلِيق بمحاسنه وتدل طالبي الصَّوَاب على مظانه وأماكنه وَيبين لَهُم طرق الرِّوَايَة فالفقه حلَّة وَعلم الحَدِيث علمهَا وطرازها وَالرِّوَايَة حَقِيقَة وَمَعْرِفَة الرِّجَال مجازها وَيتَكَلَّم على الْأَسَانِيد فَفِي بعض الطّرق ظلم وظلام ويورد مَا عِنْده من الْجرْح وَالتَّعْدِيل أَن بعض الْكَلَام فِيهِ كَلَام ويوضح أَحْوَال الروَاة الَّذين سلفوا فَلَيْسَ ذَاك بِعَيْب وَمَا لجرح بميت أيلام ونيم بِمَا أطلع عَلَيْهِ من تدليسهم فَمَا أحسن رَوْضَة هُوَ فِيهَا نمام ويسرد تراجم من مضى من الْقُرُون الَّتِي أنقضت فَكَأَنَّهَا وَكَأَنَّهُم أَحْلَام ويحرض على أتصال السَّنَد بِالسَّمَاعِ ليَكُون لَهُ من الْوَرق والمداد رصدان ضوء الصُّبْح والأظلام وَلَا يدع لَفْظَة توهم أشكالاً فالشمس تمحو حندس الأوهام حَتَّى يَقُول النَّاس أَن شُعْبَة مِنْك شُعْبَة وَأَبا زرْعَة لم تتْرك عِنْده من الْفضل حَبَّة وَابْن حزم ترك الحزم وَمَا تنبه وَابْن عَسَاكِر توجس مِنْك رعبه وَابْن الْجَوْزِيّ عدم لبه وَأكل الْحَسَد قلبه وَلَا تغفل عَن الزام الطّلبَة بالتكرار على الْمُتُون الصَّحِيحَة دون السقيمة فَمَا يستوى الطّيب والخبيث وَذكرهمْ بقوله عليه السلام من حفظ على أمتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثا وَأَن كَانَ الْحِفْظ