الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(الْأَمَام الشَّافِعِي رضي الله عنه مُحَمَّد بن أدريس بن الْعَبَّاس ابْن عُثْمَان بن شَافِع بن السايب)
بن عبيد بن عبد يزِيد بن هَاشم بن الْمطلب بن عبد منَاف بن قصي الْأَمَام أَبُو عبد الله الشَّافِعِي الْمَكِّيّ الْفَقِيه المطلبي نسيب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ولد سنة خمسين وماية بغزة وَقيل بِالْيمن وَقيل بعسقلان وغزة أصح وَحمل إِلَى مَكَّة وَهُوَ ابْن سنتَيْن فَنَشَأَ بهَا وَأَقْبل على الْأَدَب والعربية وَالشعر فبرع فِي ذَلِك وحبب إِلَيْهِ الرَّمْي حَتَّى فاق الأقران وَصَارَ يُصِيب من الْعشْرَة تِسْعَة ثمَّ كتب الْعلم لَقِي جده شَافِع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مترعرع وَكَانَ أَبوهُ السايب صَاحب راية بني هَاشم يَوْم بدر فَأسر وفدى نَفسه ثمَّ أسلم فَقيل لَهُ لم لم تسلم قبل أَن تفدي نَفسك قَالَ مَا كنت لَا حرم الْمُؤمنِينَ طَمَعا لَهُم فِي وروى عَن مُسلم بن خَالِد الزنْجِي فَقِيه مَكَّة وَدَاوُد بن عبد الرَّحْمَن الْعَطَّار وَعبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة الْمَاجشون وَعَمه مُحَمَّد بن عَليّ بن شَافِع وَمَالك ابْن أنس وَعرض عَلَيْهِ الْمُوَطَّأ حفظا وعطاف بن خَالِد وسفين بن عُيَيْنَة وابرهيم ابْن سعد وابرهيم بن أبي يحيى)
الْأَسْلَمِيّ الْفَقِيه وأسمعيل بن جَعْفَر وَعبد الرَّحْمَن ابْن أبي بكر الْمليكِي وَعبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي وَمُحَمّد بن عَليّ الجندي وَمُحَمّد بن الْحسن الْفَقِيه واسمعيل بن علية ومطرف بن مَازِن قَاضِي صنعاء وَخلق سواهُم وَكَانَت أمه أزدية قَالَ ابْن عبد الحكم لما حملت بِهِ أمه رَأَتْ كَانَ المُشْتَرِي خرج من فرجهَا حَتَّى انقض بِمصْر ثمَّ وَقع فِي كل بلد مِنْهُ شطية فتأول المعتبرون أَنه يخرج مِنْهَا عَالم يخص علمه أهل مصر ثمَّ يتفرق فِي ساير الْبلدَانِ وَقَالَ الشَّافِعِي حفظت الْقُرْآن وَأَنا ابْن سبع سِنِين وقرأت الْمُوَطَّأ وَأَنا ابْن عشر سِنِين وأقمت فِي بطُون الْعَرَب عشْرين سنة آخذ أشعارها ولغاتها وحفظت الْقُرْآن فَمَا علمت أَنه مر بِي حرف إِلَّا وَقد علمت الْمَعْنى فِيهِ وَالْمرَاد مَا خلا حرفين أَحدهمَا دساها وَكَانَ يخْتم الْقُرْآن فِي رَمَضَان سِتِّينَ مرّة وَكَانَ من
أحسن النَّاس قِرَاءَة روى الزبير بن عبد الْوَاحِد الأستراباذي قَالَ سَمِعت عَبَّاس بن الْحُسَيْن يَقُول سَمِعت بَحر بن نصر يَقُول كُنَّا إِذا أردنَا أَن نبكي قَالَ بَعْضنَا لبَعض قومُوا بِنَا إِلَى هَذَا الْفَتى المطلبي يقْرَأ الْقُرْآن فَإِذا أتيناه أستفتح الْقُرْآن حَتَّى يتساقط النَّاس وَيكثر عجيبهم بالبكاء من حسن صَوته فَإِذا رأى ذَلِك أمسك عَن الْقِرَاءَة وَلما حج بشر المريسى رَجَعَ قَالَ لأَصْحَابه رَأَيْت شَابًّا من قُرَيْش بِمَكَّة مَا أَخَاف على مَذْهَبنَا إِلَّا مِنْهُ يعْنى الشَّافِعِي وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل قلت لأبي يَا أبه أَي رجل كَانَ الشَّافِعِي فَإِنِّي سَمِعتك تكْثر الدُّعَاء لَهُ فَقَالَ يَا بني كَانَ الشَّافِعِي للدنيا كَالشَّمْسِ وكالعافية للنَّاس فَهَل رَأَيْت لهذين من خلف أَو مِنْهُمَا عوض وَقَالَ حَرْمَلَة سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول سميت ببغداذ نَاصِر الحَدِيث حُكيَ الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أَحْمد قَالَ قَالَ لي الشَّافِعِي أَنْتُم أعلم بالأخبار منا فَإِذا كَانَ خبر صَحِيح فَأَخْبرنِي بِهِ حَتَّى أذهب إِلَيْهِ قَالَ الْبَيْهَقِيّ إِنَّمَا أَرَادَ أَحَادِيث الْعرَاق أما أَحَادِيث الْحجاز فالشافعي أعلم بهَا من غَيره وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل مَا أحد مس محبرة وَلَا قَلما إِلَّا وَللشَّافِعِيّ فِي عُنُقه مِنْهُ قَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِهِ بَأْس وَقَالَ أَبُو زرْعَة مَا عِنْد الشَّافِعِي حَدِيث فِيهِ غلط وَقَالَ أَحْمد كَانَ الشَّافِعِي إِذا تكلم كَأَن صَوته صنج أَو جرس من حسن صَوته وَقَالَ الشَّافِعِي تعبد من قبل أَن ترأس فَإنَّك أَن رأست لم تقدر أَن تتعبد وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم مَا رَأَيْت الشَّافِعِي نَاظرا أحدا إِلَّا رَحمته وَلَو رَأَيْت الشَّافِعِي يناظرك لظَنَنْت أَنه سبع يَأْكُلك وَهُوَ الَّذِي علم النَّاس الْحجَج وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا صَحَّ الحَدِيث فَهُوَ مذهبي وَقَالَ إِذا صَحَّ الحَدِيث فَأَضْرَبُوا بِقَوْلِي الحايط وَقَالَ الرّبيع سمعته يَقُول أَي سَمَاء تُظِلنِي وَأي أَرض تُقِلني إِذا رويت)
عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَدِيثا فَلم أقل بِهِ وَقَالَ أَبُو ثَوْر سمعته يَقُول كل حَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَهُوَ قولي وَقَالَ الرّبيع كَانَ الشَّافِعِي عِنْد مَالك وَعِنْده سفين بن عُيَيْنَة والزنجي فَأقبل رجلَانِ فَقَالَ أَحدهمَا أَنا رجل أبيع القماري وَقد أبعت هَذَا قمرياً وَحلفت لَهُ بِالطَّلَاق أَنه لَا يهدأ من الصياح فَلَمَّا كَانَ بعد سَاعَة أَتَانِي وَقَالَ قد سكت فَرد عَليّ وَقد حنثت فَقَالَ مَالك بَانَتْ مِنْك امْرَأَتك فمرا بالشافعي وقصا عَلَيْهِ الْقِصَّة فَقَالَ للبايع أردْت أَن لَا يهدأ أبدا أَو أَن كَلَامه أَكثر من سُكُوته فَقَالَ بل أردْت أَن كَلَامه أَكثر من سُكُوته لِأَنِّي أعلم أَنه يَأْكُل وَيشْرب وينام فَقَالَ الشَّافِعِي رد عَلَيْك امْرَأَتك فَإِنَّهَا حَلَال وَبلغ ذَلِك مَالِكًا فَقَالَ للشَّافِعِيّ من أَيْن لَك هَذَا قَالَ من حَدِيث فَاطِمَة بنت قيس فَإِنَّهَا قَالَت يرسول الله أَن معوية وَأَبا جهم خطباني فَقَالَ لَهَا أَن معوية رجل صعلوك وَأَن أَبَا جهم لَا يضع عَصَاهُ عَن عَاتِقه وَقد كَانَ أَبُو جهم ينَام ويستريح وَإِنَّمَا خرج كَلَامه على الْغَالِب فَعجب مَالك وَقَالَ الزنْجِي أفت فقد آن لَك أَن تفتى وَهُوَ ابْن خمس عشرَة سنة وَقَالَ الشَّافِعِي الْعلم علمَان علم الْأَدْيَان وَعلم الْأَبدَان يَعْنِي الْفِقْه والطب وَكَانَ يتطير من الْأَعْوَر والأحول والأعرج والأحدب والأشقر جدا وَقَالَ أياكم وَأَصْحَاب العاهات
وَقَالَ كلما طَالَتْ اللِّحْيَة تكوسج الْعقل وَقَالَ من تعلم الْقُرْآن عظمت قِيمَته وَمن نظر فِي الْفِقْه نبل قدره وَمن تعلم اللُّغَة والنحو رق طبعه وَمن كتب الحَدِيث قويت حجَّته وَمن تعلم الْحساب جزل رَأْيه وَمن لم يصن نَفسه لم يَنْفَعهُ علمه وَكَانَ يَقُول عَلَيْك بالزهد فَإِن الزّهْد على الزَّاهِد أحسن من الحلى على الناهد وَقَالَ مَا حَلَفت بِاللَّه لَا صَادِقا وَلَا كَاذِبًا وَقَالَ الْحميدِي قدم الشَّافِعِي صنعاء فَضربت لَهُ خيمة وَمَعَهُ عشرَة آلَاف دِينَار فجَاء قوم فَسَأَلُوهُ فَمَا قلعت الْخَيْمَة وَمَعَهُ مِنْهَا شَيْء وَقَالَ ابْن عبد الحكم كَانَ الشَّافِعِي أسخى النَّاس بِمَا يجد وَقَالَ الشَّافِعِي خرجت إِلَى الْيمن وَكَانَ بهَا وَال غشوم من قبل الرشيد فَكنت أمْنَعهُ من الظُّلم وآخذ على يَده وَكَانَ بِالْيمن سَبْعَة من العلوية وَلَا امْر لي مَعَه وَلَا نهى فَكتب إِلَيْهِ بحملنا جَمِيعًا فحملنا فَضربت رِقَاب العلوية وَنظر إِلَيّ فوعظته فَبكى وَقَالَ من أَنْت فَقلت المطلبي فأعجبه كَلَامي وَأَعْطَانِي خمسين ألفا ففرقتها فِي حجابه وَأَصْحَابه وَمن على بَابه وَقَالَ لي ألزم بَابي ومجلسي وَكَانَ مُحَمَّد بن الْحسن صَاحب أبي حنيفَة جيد الْمنزلَة عِنْده فجالسته وَعرفت قَوْله وَوَقعت مِنْهُ موقعاً فَكَانَ إِذا قَامَ ناظرت أَصْحَابه فَقَالَ لي يَوْمًا ناظرني قلت أَجلك عَن المناظرة قَالَ لَا قل قلت مَا تَقول فِي رجل غصب ساحة فَبنى عَلَيْهَا دَارا قيمتهَا ألف دِينَار)
فجَاء صَاحبهَا فَأَقَامَ الْبَيِّنَة أَنَّهَا ساحته قَالَ لَهُ قيمتهَا وَلَا تقلع قلت وَلم قَالَ لقَوْله عليه السلام لَا ضَرَر وَلَا اضرار فِي الدّين قلت الْغَاصِب أَدخل الضَّرَر على نَفسه ثمَّ قَالَ مُحَمَّد مَا تَقول فِي من غصب خيط ابريسم فخاط بِهِ بطن نَفسه فجَاء أنسان أَقَامَ الْبَيِّنَة أَن هَذَا الْخَيط لَهُ أينزع من بَطْنه قلت لَا قَالَ ناقضت قَوْلك قلت لَا تعجل هَذَا الضَّرَر أعظم وأوردت عَلَيْهِ لوح السَّفِينَة ومسايل من هَذَا الْجِنْس وَكَانَ وُرُوده إِلَى بغداذ سنة خمس وَتِسْعين وماية فَأَقَامَ بهَا شهرا وَخرج إِلَى مصر وَكَانَ وُصُوله إِلَيْهَا سنة تسع وَتِسْعين وَلم يزل بهَا إِلَى أَن مَاتَ وَقَالَ الرّبيع كنت أَنا والمزني والبويطي عِنْد الشَّافِعِي فَقَالَ لي أَنْت تَمُوت فِي الْحَدِيد وَقَالَ للمزني لَو نَاظر الشَّيْطَان قطعه وجدله وَقَالَ للبويطي أَنْت تَمُوت فِي الْحَدِيد فَدخلت على الْبُوَيْطِيّ أَيَّام المحنة فرأيته مُقَيّدا مغلولاً وَقَالَ الشَّافِعِي خرجت إِلَى الْيمن فِي طلب كتب الفراسة حَتَّى متبتها جَمِيعهَا وَقيل أَنه نظر فِي التنجيم فَجَلَسَ يَوْمًا وأمرأته فِي الطلق فَقَالَ تَلد جَارِيَة عوراء على فرجهَا خَال أسود تَمُوت إِلَى كَذَا وَكَذَا فَكَانَ الْأَمر كَمَا قَالَ فَجعل على نَفسه أَن لَا ينظر فِي التنجيم أبدا وَدفن تِلْكَ الْكتب وَقَالَ الْمُزنِيّ قدم علينا الشَّافِعِي فَأَتَاهُ ابْن هِشَام صَاحب الْمَغَازِي فذاكره أَنْسَاب الرِّجَال فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِي بعد أَن تذاكرا دع عَنْك أَنْسَاب الرِّجَال فَإِنَّهَا لَا
تذْهب عَنَّا وعنا وَخذ بِنَا فِي أَنْسَاب النِّسَاء فَلَمَّا أخذا فِيهَا بَقِي ابْن هِشَام ساكتاً وَقَالَ مَا ناظرت أحدا على الْغَلَبَة وبودي أَن جَمِيع الْخلق تعلمُوا هَذَا الْكتاب يعْنى كتبه على أَن لَا ينْسب إِلَى مِنْهَا شَيْء قَالَ هَذَا يَوْم الْأَحَد وَمَات يَوْم الْخَمِيس وَقيل يَوْم الْجُمُعَة وأنصرف النَّاس من جنَازَته لَيْلَة الْجُمُعَة فَرَأَوْا هِلَال شعْبَان سنة أَربع وماتين رحمه الله وَرَضي عَنهُ وَله ثَمَان وَخَمْسُونَ سنة وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم ثَنَا الرّبيع حَدثنِي أَبُو اللَّيْث الْخفاف وَكَانَ معدلا حَدثنِي العزيزي وَكَانَ متعبداً قَالَ رَأَيْت لَيْلَة مَاتَ الشَّافِعِي كَأَنَّهُ يُقَال لي مَاتَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي هَذِه اللَّيْلَة فَأَصْبَحت فَقيل مَاتَ الشَّافِعِي رحمه الله قَالَ سفين بن وَكِيع رَأَيْت فِيمَا يرى النايم كَانَ الْقِيَامَة قد قَامَت وَالنَّاس فِي أَمر عَظِيم إِذا بدر لي أخي فَقلت مَا حالكم قَالَ عرضنَا على رَبنَا قلت فَمَا حَال أبي قَالَ غفر لَهُ وَأمر بِهِ إِلَى الْجنَّة قلت فمحمد بن أدريس قَالَ حشر إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا وألبس حلل الْكَرَامَة وتوج بتاج الْبَهَاء وَقَالَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن أَحْمد بن نصر التِّرْمِذِيّ رَأَيْت فِي الْمَنَام النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي مَسْجده بِالْمَدِينَةِ كَأَنِّي جِئْت إِلَيْهِ وَقلت يرسول الله أكتب رأى أبي حنيفَة قَالَ لَا قلت أكتب رأى مَالك قَالَ لَا تكْتب مِنْهُ إِلَّا مَا وَافق حَدِيثي قلت)
أكتب رأى الشَّافِعِي فَقَالَ بِيَدِهِ هكذى كَأَنَّهُ أنتهرني وَقَالَ تَقول رأى الشَّافِعِي أَنه لَيْسَ برأى وَلكنه رد على من خَالف سنتي وَقَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقد روى عَن جمَاعَة عديدة نَحْو هَذِه الْقِصَّة وَالَّتِي قبلهَا فِي أَنه غفر لَهُ وسَاق مِنْهَا الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر جملَة وَقَالَ الرّبيع بن سُلَيْمَان رَأَيْته فِي الْمَنَام فَقلت يابا عبد الله مَا فعل الله بك قَالَ أجلسني على كرْسِي من ذهب ونثر عَليّ اللُّؤْلُؤ الرطب وَكَانَ الشَّافِعِي رضي الله عنه نحيفا خَفِيف العارضين يخضب بِالْحِنَّاءِ قَالَ الرّبيع بن سُلَيْمَان كَانَ الشَّافِعِي بِهِ عِلّة البواسير وَلَا يبرح الطست تَحْتَهُ وَفِيه لبدة محشوة وَمَا لَقِي أحد من السقم مَا لَقِي وَقَالَ ابْن عبد الحكم كَانَ لَا يَسْتَطِيع أَن يقرب النِّسَاء للبواسير الَّتِي بِهِ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين أَصَابَهُ هَذَا بآخرة وَإِلَّا فقد تزوج وجاءته الْأَوْلَاد ومصنفاته كَثِيرَة مِنْهَا الْأُم وَكتابه فِي الْفُرُوع رَوَاهُ عَنهُ الزَّعْفَرَانِي فِي نَيف وَعشْرين جُزْءا قَالَ ابْن زولاق صنف بِمصْر نَحْو مايتي جُزْء مِنْهَا الأمالي الْكَبِير ثلثون جُزْءا والأمالي الصَّغِير اثْنَا عشر جُزْءا وَكتاب السّنَن ثلثون جُزْءا قَالَ ابْن خلكان وَغَيره الشَّافِعِي أول من تكلم فِي أصُول الْفِقْه وَقَالَ أَبُو ثَوْر من قَالَ أَنه رأى مثل الشَّافِعِي فِي علمه وفصاحته ومعرفته وَبَيَانه وتمكنه فقد كذب وَقَالَ الرّبيع كُنَّا جُلُوسًا فِي حَلقَة الشَّافِعِي بعد مَوته بِيَسِير فَوقف علينا أَعْرَابِي وَقَالَ أَيْن قمر هَذِه الْحلقَة وشمسها قُلْنَا توفّي فَبكى بكاء شَدِيدا وَقَالَ رحمه الله وَغفر لَهُ فَلَقَد كَانَ يفتح ببيانه مغلق الْحجَّة ويسد على خَصمه وَاضح المحجة وَيغسل من الْعَار وُجُوهًا مسودة ويوسع بالرأى أبواباً منسدة ثمَّ أنصرف وَالشَّافِعِيّ ابْن عَم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لِأَن الْمطلب عَم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَابْن عمَّة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لِأَن الشِّفَاء بنت هَاشم بن عبد منَاف
وَهِي أم عبد يزِيد وَقَالَ الْأَمَام أَحْمد قد روى أَبُو هُرَيْرَة عَن النبيّ صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ يبْعَث الله لهَذِهِ الْأمة على رَأس كل ماية سنة من يجدد لَهَا دينهَا قَالَ أَحْمد فَنَظَرْنَا فِي رَأس الماية الأولى فَإِذا هُوَ عمر بن عبد الْعَزِيز ونظرنا فِي الثَّانِيَة فَإِذا هُوَ الشَّافِعِي وأقوال الشَّافِعِي الْقَدِيمَة كلهَا مَذْهَب مَالك رضي الله عنه وَقيل أَنه قَالَ إِنَّمَا رجعت إِلَى أقوالي الجديدة لِأَنِّي لما دخلت مصر بَلغنِي أَن بالمغرب قلنسوة من قلانس مَالك يَسْتَسْقِي بهَا الْغَيْث فَخفت أَن يتمادى الزَّمَان ويعتقد فِيهِ مَا أعتقد فِي الْمَسِيح فأظهرت خِلَافه ليعلم النَّاس أَنه أَمَام مُجْتَهد يخطىء ويصيب وَهَذَا مقصد صَالح رضي الله عنه وَقَالَ الشَّافِعِي مَا رَأَيْت مثل أهل مصر أتخذوا الْجَهْل علما يَقُولُونَ فِي مسايل)
هَذِه مَا قَالَ مَالك فِيهَا شَيْئا أَو كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا لم يخرج البُخَارِيّ وَلَا مُسلم وَلَا أَبُو دَاوُد وَلَا التِّرْمِذِيّ وَلَا أَرْبَاب السّنَن الْمَشْهُورَة لأَنهم وَقع لَهُم أرفع رِوَايَة مِنْهُ قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين فِي كتاب من تكلم فِيهِ وَهُوَ موثق الْأَمَام الشَّافِعِي ثِقَة لَا عِبْرَة بقول من لينه فَإِنَّهُ تكلم فِيهِ بهوى وَقَالَ الْخَطِيب الْأَمَام الشَّافِعِي رب الْفُقَهَاء وتاج الْعلمَاء قدم بغداذ مرَّتَيْنِ وَحدث بهَا وسموه نَاصِر الحَدِيث وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل مَا عرفت نَاسخ الحَدِيث ومنسوخه حَتَّى جالست الشَّافِعِي وَقَرَأَ الْأَصْمَعِي على الشَّافِعِي شعر الهذيليين وحسبك بِمن يقْرَأ الْأَصْمَعِي عَلَيْهِ وَقَالَ الرّبيع بن سُلَيْمَان خرجنَا مَعَ الشَّافِعِي من مَكَّة نُرِيد منى فَلم ننزل وَاديا وَلم نصعد شعبًا إِلَّا وسمعته يَقُول
(يَا رَاكِبًا قف بالمحصب من منى
…
وأهتف بقاعد خيفها والناهض)
(سحرًا إِذا سَار الحجيج إِلَى منى
…
فيضاً كملتطم الْفُرَات الفايض)
(إِن كَانَ رفضاً حب آل مُحَمَّد
…
فليشهد الثَّقَلَان أَنِّي رافضى)
وَقَالَ القَاضِي شمس الدّين ابْن خلكان نقلت من خطّ الْحَافِظ السلَفِي للشَّافِعِيّ
(أَن الَّذِي رزق الْيَسَار وَلم يصب
…
حمداً وَلَا خيرا لغير موفق)
(الْجد يدني كل أَمر شاسع
…
وَالْجد يفتح كل بَاب مغلق)
(فَإِذا سَمِعت بِأَن محروماً أَتَى
…
مَاء ليشربه فغاض فَصدق)
(وَإِذا سَمِعت بِأَن مجدوداً حوى
…
عوداً فأثمر فِي يَدَيْهِ فحقق)
(لَو كَانَ بالحيل الْغَنِيّ لَوَجَدْتنِي
…
بنجوم أقطار السَّمَاء تعلقي)
(لَكِن من رزق الحجي حرم الْغَنِيّ
…
ضدان مفترقان أَي تفرق)
(وَمن الدَّلِيل على الْقَضَاء وَكَونه
…
بؤس اللبيب وَطيب عَيْش الأحمق)
وَقَالَ الشَّافِعِي تزوجت امْرَأَة بِمَكَّة من قُرَيْش وَكنت أمازحها فَأَقُول وَمن البلية أَن تحب وَلَا يحبك من تحبه فَتَقول هِيَ
(ويصد عَنْك بِوَجْهِهِ
…
وتلح أَنْت فَلَا تَعبه)
وَمن الْمَنْسُوب إِلَيْهِ
(رام نفعا فضر من غير قصد
…
وَمن الْبر مَا يكون عقوقا)
)
وَمن الْمَنْسُوب إِلَيْهِ أَيْضا
(كلما أدبني الده
…
ر أَرَانِي نقص عَقْلِي)
(وَإِذا مَا أزددت علما
…
زادني علما بجهلي)
وَقَالَ الْمُزنِيّ دخلت على الشَّافِعِي فِي علته الَّتِي مَاتَ فِيهَا فَقلت لَهُ كَيفَ أَصبَحت فَقَالَ أَصبَحت من الدُّنْيَا راحلاً ولأخواني مفارقاً ولكأس الْمنية شارباً ولسوء أعمالي ملاقياً وعَلى الله وارداً فَلَا أَدْرِي روحي تصير إِلَى الْجنَّة فأهنيها أم إِلَى النَّار فأعزيها ثمَّ أنْشد
(وَلما قسى قلبِي وَضَاقَتْ مذاهبي
…
جعلت رجائي نَحْو عفوك سلما)
(تعاظمني ذَنبي فَلَمَّا قرنته
…
بعفوك رَبِّي كَانَ عفوك أعظما)
(وَمَا زلت ذَا عَفْو عَن الذَّنب لم تزل
…
تجود وَتَعْفُو منَّة وتكرما)
وَقَالَ الْمُزنِيّ أَيْضا سمعته ينشد
(وَمَا شِئْت كَانَ وَإِن لم أشا
…
وَمَا شِئْت أَن لم تشا لم يكن)
(خلقت الْعباد على مَا أردْت
…
فَفِي الْعلم يجْرِي الْفَتى والمسن)
(على ذَا مننت وَهَذَا خذلت
…
وَهَذَا أعنت وَذَا لم تعن)
(فَمنهمْ شقي وَمِنْهُم سعيد
…
وَمِنْهُم قَبِيح وَمِنْهُم حسن)
يُقَال أَن الْأَمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ شرح هَذِه الأبيات فِي مجلدة وَلما مَاتَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى رثاه خلق كثير وَأورد الْخَطِيب قَول ابْن دُرَيْد اللّغَوِيّ قصيدة يرثيه بهَا مِنْهَا
(ألم تَرَ آثَار ابْن أدريس بعده
…
دلايله فِي المشكلات لوامع)
(معالم يفنى الدَّهْر وَهِي خوالد
…
وتنخفض الْأَعْلَام وَهِي روافع)
(مناهج فِيهَا للورى متصرف
…
موارد فِيهَا للرشاد مشارع)
مِنْهَا
(أبي الله إِلَّا رَفعه وعلوه
…
وَلَيْسَ لما يعليه ذُو الْعَرْش وَاضع)
(توخي النَّهْدِيّ وأستنفذته يَد التقي
…
من الزيغ أَن الزيغ للمرء صارع)