المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(ابن عبد اللطيف) - الوافي بالوفيات - جـ ٣

[الصفدي]

فهرس الكتاب

- ‌(الْجُزْء الثَّالِث)

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌(رب أعن)

- ‌(ابْن حَمَّاد)

- ‌(ابْن حَمْزَة)

- ‌(ابْن حميد)

- ‌(ابْن حَيَّان)

- ‌(ابْن حيدرة)

- ‌(ابْن خَالِد)

- ‌(ابْن الْخضر)

- ‌(ابْن خطاب)

- ‌(ابْن خلف)

- ‌(ابْن خَلِيل)

- ‌(ابْن دَاوُد)

- ‌(ابْن ذَاكر)

- ‌(ابْن زَكَرِيَّاء)

- ‌(ابْن زُهَيْر)

- ‌(ابْن زِيَاد)

- ‌(ابْن زيد)

- ‌(ابْن سَالم)

- ‌(ابْن سعد)

- ‌(ابْن سعيد)

- ‌(ابْن سَلام)

- ‌(ابْن سَلامَة)

- ‌(ابْن سُلْطَان)

- ‌(ابْن سُلَيْمَان)

- ‌(ابْن سُهَيْل)

- ‌(ابْن سوار)

- ‌(ابْن شُجَاع)

- ‌(ابْن شرِيف)

- ‌(ابْن صَالح)

- ‌(ابْن صَدَقَة)

- ‌(ابْن طَالب)

- ‌(ابْن طَاهِر)

- ‌(ابْن طَلْحَة)

- ‌(ابْن ظفر)

- ‌(ابْن عباد)

- ‌(ابْن عَبَّاس)

- ‌(ابْن عبدون)

- ‌(ابْن عبد الْأَعْلَى)

- ‌(ابْن عبد الأول)

- ‌(ابْن عبد الْبَاقِي)

- ‌(ابْن عبد الْجَبَّار)

- ‌(ابْن عبد الْجَلِيل)

- ‌(ابْن عبد الْحق)

- ‌(ابْن عبد الحميد)

- ‌(ابْن عبد الْخَالِق)

- ‌(ابْن عبد الرَّحْمَن)

- ‌(ابْن عبد الرَّحِيم)

- ‌(ابْن عبد الرَّزَّاق)

- ‌(ابْن عبد الرشيد)

- ‌(ابْن عبد السَّلَام)

- ‌(ابْن عبد الصَّمد)

- ‌(ابْن عبد الْعَزِيز)

- ‌(ابْن عبد الْغنى)

- ‌(ابْن عبد الْقَادِر)

- ‌(ابْن عبد القاهر)

- ‌(ابْن عبد القوى)

- ‌(ابْن عبد الْكَرِيم)

- ‌(ابْن عبد اللَّطِيف)

- ‌(ابْن عبد الله)

الفصل: ‌(ابن عبد اللطيف)

3 -

(ابْن عبد اللَّطِيف)

صدر الدّين الخجندي مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد بن ثَابت بن الْحسن بن عَليّ المهلبي الخجندي صدر الدّين أَبُو بكر الْأَصْبَهَانِيّ كَانَ رَئِيس أَصْبَهَان والمقدم عِنْد السلاطين قدم بَغْدَاد وَولي تدريس النظامية وَجلسَ بهَا للوعظ تَارَة وبجامع الْقصر أُخْرَى يحضر مَجْلِسه الْأَعْيَان وَحدث بِبَغْدَاد ويروي الْأَحَادِيث على منبره مُسندَة وَمن شعره

(أنْفق جسوراً واسترق الورى

وَلَا تخف خشيَة إملاق)

(النَّاس أكفاء إِذا قوبلوا

إِن فاق شخص فبإنفاق)

توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَخمْس ماية بقرية كرد من همذان وَحمل إِلَى أَصْبَهَان وَكَانَ أشبه بالوزراء من الْعلمَاء والملوك تصدر عَن رَأْيه

القَاضِي تَقِيّ الدّين أَبُو الْفَتْح السُّبْكِيّ مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن يحيى بن تَمام أقضى الْقُضَاة تَقِيّ الدّين أَبُو الْفَتْح الْأنْصَارِيّ السُّبْكِيّ الشَّافِعِي الْمصْرِيّ مولده سنة خمس وَسبع ماية فِي شهر ربيع الآخر وَقَرَأَ بالروايات على الشَّيْخ أثير الدّين أبي حَيَّان وَحفظ التَّنْبِيه وَقَرَأَ على جده صدر الدّين يحيى وعَلى جمَاعَة وَقَرَأَ الْمِنْهَاج للبيضاوي وألفية ابْن معط وَبحث فِي التسهيل على أثير الدّين وَسمع من أَشْيَاخ عصره بِمصْر وَتَوَلَّى الْقُرَّاء بِنَفسِهِ وَتَوَلَّى نِيَابَة ابْن عَمه قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ وساس الْأَحْكَام وَله النّظم والنثر وَسمع بِقِرَاءَتِي عَليّ أثير الدّين بعض شعره وَقد برع فِي كل فنونه وَعرف دقايقها وَله ذوق فِي الْأَدَب وشعره جيد فِيهِ التورية البديعة المتمكنة الْقَاعِدَة وَغير ذَلِك من فنون البديع وَتُوفِّي رحمه الله لَيْلَة السبت ثامن عشر ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع ماية وَكَانَ رحمه الله شَدِيد الْوَرع متحرزاً فِي دينه محتاطاً لنَفسِهِ درس بالركنية والسركسية حكى لي بعض فُقَهَاء الْمدرسَة الركنية أَنه كَانَ لَا يتَنَاوَل مِنْهَا مَا للمدرس فِيهَا من الجراية وَيَقُول تركي لهَذَا مُقَابلَة على أَنِّي مَا يتهيأ لي فِيهَا)

الصَّلَوَات الْخمس وَكَانَ سديد الْأَحْكَام بَصيرًا بمواقع الصَّوَاب فِيهَا وَكنت فد كتبت إِلَيْهِ رَحمَه الله تَعَالَى فِي شهر رَمَضَان سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع ماية

(تَقِيّ الدّين يَا أقضى البرايا

وَيَا رب النهى والألمعية)

(وَيَا من رَاح أثنيتي عَلَيْهِ

تضوع كَمثل فطرته الذكيه)

ص: 233

(أهز إِلَيّ مِنْك بجذع علم

فوايده تساقط لي جنيه)

(لِأَنَّك لَا تسامى فِي عُلُوم

نزلت بهَا منازلك العليه)

(ونظمك نظم مصري طباعاً

حلاوته لذَلِك قاهريه)

(ودأبك فتح بَاب النَّصْر حَقًا

وَغَيْرك شغله بالباطليه)

(أفدنا إننا فُقَرَاء فهم

لما تملي فضايلك الغنيه)

(تقرر أَن فعالاً فعولًا

مبالغتان فِي اسْم الفاعليه)

(فَكيف تَقول فِيمَا صَحَّ مِنْهُ

وَمَا الله بظلام البريه)

(أيعطى القَوْل إِن فَكرت فِيهِ

سوى نفي الْمُبَالغَة القويه)

(وَكَيف إِذا توضأنا بِمَاء

طهُور وَهُوَ رَأْي الشَّافِعِيَّة)

(أزلنا الْوَصْف عَنهُ بفرد فعل

وَذَاكَ خلاف رَأْي المالكيه)

(فأوضح مَا ادلهم عَليّ حَتَّى

تغادني على بيضًا نقيه)

(فَإِن يدجو ظلام الشَّك مني

فذهنك ذُو قناديل مضيه)

(وَدم للمشكلات تميط عَنْهَا

أَذَى فهم لأذهان صديه)

فَكتب إِلَيّ الْجَواب وأجاد

(جلوت عَليّ ألفاظاً جليه

وسقت إِلَيّ أَبْكَارًا سنيه)

(ونظمت الْكَوَاكِب فِي عُقُود

فأزرت بِالْعُقُودِ الجوهريه)

(وأبدعت الْمسير من نظام

فَمَا لمسير عِنْدِي مزيه)

(لآل مثل بدر التم نورا

وَلَكِن فِي النَّهَار لنا مضيه)

(حلاوتها تخالط كل قلب

وَمن حَشْو وحوشي نقيه)

(أَتَت من حَافظ الْآدَاب طراً

وقلبي مغرم بالحافظيه)

(وتعزى للخليل فَمَا فُؤَادِي

يمِيل هوى لغير السكريه)

)

(فهمت بِمَا فهمت من الْمعَانِي

وَلم أظفر بنكتتها الخفيه)

(لِأَن الْعَجز مني غير خَافَ

وَمَا لي فِي الْعُلُوم يَد قويه)

(تأفف صاغة الْآدَاب مني

وَمَا لي للإجابة صالحيه)

(وَمن جَاءَ الحروب بِلَا سلَاح

كمن عقد الصَّلَاة بِغَيْر نيه)

(فَخذ مَا قد ظَفرت بِهِ جَوَابا

فَمَا أَنا قدر فطرتك الذكيه)

(فظلام كبزاز وَأَيْضًا

فقد تَأتي بِمَعْنى الظالميه)

ص: 234

(وَقد ينفى الْقَلِيل لعِلَّة فِي

فوايده بِنَفْي الأكثريه)

(وَقد ينحا بِهِ التكثير قصدا

لِكَثْرَة من يضام من البريه)

(وَأما قَوْله مَاء طهُور

ونصرته لقَوْل المالكيه)

(فجَاء على مُبَالغَة فعول

وشاع مَجِيئه للفاعليه)

(وَقد ينوى بِهِ التكثير قصدا

لِكَثْرَة من يروم الطاهريه)

(وَأَيْضًا فَهُوَ يغسل كل جُزْء

وَلَاء وَهُوَ رَأْي الشافعيه)

(فَخذهَا من محب ذِي دُعَاء

أَتَى مِنْهُ الروي بِلَا رويه)

(لَهُ فِيكُم مُوالَاة حلت إِذْ

أصُول الود مِنْهُ قاهريه)

(فَإِن مرت إِذا مرت فعفواً

فَإِن السّتْر شمتك العليه)

(فمرسل شعره مَا فِيهِ طعم

تجاب بِهِ القوافي السكريه)

سَأَلته أَن يكْتب لي شَيْئا أستعين بِهِ على تَرْجَمته فَكتب إِلَيّ بِخَطِّهِ وَردت الْإِشَارَة الْعَالِيَة المولوية الشيخية الإمامية العالمية العلامية الأوحدية السيدية البليغة الأثيرية المخدومية الصلاحية لَا زَالَ أَمر مرسلها مُطَاعًا وبره مشَاعا وخليله مراعى وعدوه مراعاً وسماحه يعم الْأَنَام صفدا وصلاحه يزِيد على ممر الْأَيَّام مدَدا وَلَا برح راجيه يتفيأ من إحسانه ظلا ظليلا وعافيه يَجْعَل قَصده خَلِيلًا ويتخذ مَعَه سَبِيلا فقابلها الْمَمْلُوك بالاحتفال وعاملها بأتم التَّعْظِيم والإجلال وَلم يتَأَخَّر عَمَّا يجب لَهَا من الِامْتِثَال بعد أَن صادفت تصعباً سهله كريم إِشَارَته وتوفقاً فِيمَا ندبته إِلَيْهِ جسره على الإلإقدام عَلَيْهِ وَاجِب طَاعَته

(مَاذَا أَقُول وَلَيْسَ عِنْدِي خصْلَة

تخْتَار إِلَّا دنست بمعايب)

(أَمْسَى لي التَّفْرِيط أمرا لَازِما

وَغدا لي التَّقْصِير ضَرْبَة لازب)

)

(والستر أولى بِي وَلَكِن أَمركُم

حتم وندبكم معزر عاتبي)

(فاعذر كلَاما بادياً من نادب

يعزى لقلب وَاجِب من وَاجِب)

وَمَا قدر امْرِئ إِذا فتش عَن قدره لَا يجد إِلَّا نقصا وَإِذا قصد إِلَى ذكره لم يجد إِلَّا معايب لَا تحصى وَكتب التواريخ يقصر عَنْهَا الأكابر وَلَا يؤهل لَهَا إِلَّا من تعقد عَلَيْهِ الخناصر

(وَمَا أَنا وَالسير فِي متْلف

يبرح بِالذكر الضَّابِط)

هَذَا مَعَ غيبَة أوراق الممولك وَكتبه بِالْقَاهِرَةِ وَعجز قريحته الناسية وقوته الذاكرة وَلَكِن هَذِه عجالة من لَيْسَ لَهُ نباله وَدلَالَة لَا تُؤدِّي إِلَى ملالة وعلالة تحْتَمل على البلالة فَأَقُول مُحَمَّد

ص: 235

بن عبد اللَّطِيف بن يحيى بن عَليّ بن تَمام بن يُوسُف ابْن مُوسَى بن تَمام بن تَمِيم بن حَامِد أَبُو الْفَتْح ابْن أبي البركات ابْن أبي زَكَرِيَّا السُّبْكِيّ الشَّافِعِي مولده بالمحلة من أَعمال الديار المصرية فِي السَّابِع عشر من ربيع الآخر سنة خمس وَسبع ماية وَأَجَازَ لَهُ فِي ذَلِك الْوَقْت جمَاعَة من المسندين مِنْهُم الْحَافِظ شرف الدّين أَبُو مُحَمَّد وَأحمد عبد الْمُؤمن بن خلف ابْن أبي الْحسن الدمياطي وَفِي تِلْكَ السّنة توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى ثمَّ انْتقل إِلَى الْقَاهِرَة فَأحْضرهُ أَبوهُ على أبي الْعَبَّاس أَحْمد ابْن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَاحِد الْمَقْدِسِي وَأبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن هَارُون الثَّعْلَبِيّ وَأبي المحاسن يُوسُف بن المفظر بن كوركيل الكحال وَأبي الْحسن عَليّ بن عِيسَى بن سُلَيْمَان بن الْقيم وَغَيرهم واجاز لَهُ فِي سنة سبع وَسبع ماية خلق بِالْقَاهِرَةِ ومصر وأعمالهما وَمَكَّة وَالْمَدينَة ودمشق بِذَاتِهِ وَقِرَاءَة غَيره كَأبي عَليّ الْحسن بن عمر بن عِيسَى بن خَلِيل الْكرْدِي الهكاري وَأبي الْحسن عَليّ بن عمر ابْن أبي بكر الواني وَأبي الْهدى أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن شُجَاع العباسي وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سعد الله الْكِنَانِي الشَّافِعِي وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الحميد بن مُحَمَّد الهمذاني وَأبي بكر عبد الله بن عَليّ بن عمر بن شبْل الْحِمْيَرِي وَأبي المحاسن يُوسُف بن عمر بن حُسَيْن الختني وَأبي الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي طَالب الصَّالِحِي وَأبي زَكَرِيَّاء يحيى بن يُوسُف بن أبي مُحَمَّد الْمَقْدِسِي وَأبي الْمَعَالِي يحيى بن فضل الله الْعمريّ وَأبي الْحسن عَليّ بن اسمعيل المَخْزُومِي وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم بن الصَّواف وَأبي بكر ابْن يُوسُف بن عبد الْعَظِيم الْمصْرِيّ وخلايق يطول ذكرهم وَسمع العالي والنازل وَكتب بِنَفسِهِ وانتقى وَحصل وَقَرَأَ الْقُرْآن الْعَظِيم جلّ منزله بالقراآت السَّبع فِي ختمات على الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة أثير الدّين)

أبي حَيَّان مُحَمَّد بن يُوسُف الأندلسي الغرناطي باجازة باقريه حَيْثُ شَاءَ مَتى شَاءَ وَكتب لَهُ خطه بذلك وَقَرَأَ علم الْفِقْه على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي رضي الله عنه وَغَيره من الْعُلُوم على شَيخنَا وأستاذنا قَاضِي الْقُضَاة شيخ الْإِسْلَام عَلامَة الزَّمَان تَقِيّ الدّين أبي الْحسن عَليّ السُّبْكِيّ الشَّافِعِي أبقاه الله تَعَالَى طَويلا فَمَا لَهُ من علم إِلَّا وَعَلِيهِ فِيهِ تخرج وَلَا فضل إِلَّا زهى بانتمايه إِلَيْهِ وتبرج وَلَا بحث إِلَّا وطاب عرفه باعتماده فِيهِ عَلَيْهِ وتأرج وَهُوَ الَّذِي حصل لي الإجازات الْعَالِيَة وقلدني فِي كل أَمر ديني ودنيوي منناً مُتَوَالِيَة فَالله تَعَالَى يجْزِيه عني أفضل الْجَزَاء ويعينني على الْقيام بِبَعْض مَا يجب لَهُ من الشُّكْر وَالثنَاء وقرأت أَيْضا علم الْفِقْه على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي رضي الله عنه على جدي أبي زَكَرِيَّاء يحيى بن عَليّ وَالشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة قطب الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الصَّمد بن عبد الله السنباطي الشَّافِعِي نايب الحكم الْعَزِيز بِالْقَاهِرَةِ ووكيل بَيت المَال الْمَعْمُور رحمهمَا الله تَعَالَى وَكَانَا قرءآ هَذَا الْعلم على الشَّيْخَيْنِ العلامتين سديد الدّين أبي عَمْرو عُثْمَان التزمنتي وظهير الدّين أبي مُحَمَّد جَعْفَر التزمنتي رحمهمَا الله تَعَالَى وَكَانَا أَعنِي السديد والظهير القايمين بوظيفة الاشغال والاشتغال بِمذهب الشَّافِعِي فِي زمانهما وقرأت الْفِقْه أَيْضا على الْعَلامَة ذِي الْفُنُون أبي عَليّ الحجسين بن عَليّ الأسواني الشَّافِعِي ولازمته أَيْضا على الْعَلامَة ذِي الْفُنُون أبي عَليّ الْحُسَيْن بن عَليّ الأسواني الشَّافِعِي ولازمته أَيْضا مُدَّة طَوِيلَة وَأما الشَّيْخ قطب الدّين السنباطي الْمَذْكُور فلازمته نَحوا من سِتَّة أَعْوَام إِلَى أَن توفّي إِلَى

ص: 236

رَحْمَة الله تَعَالَى واشتغل بأصول الْفِقْه أَيْضا على جده أبي زَكَرِيَّاء يحيى وَكَانَ قَرَأَ هَذَا الْعلم على العلامتين شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد ابْن مَحْمُود الْأَصْبَهَانِيّ وشهاب الدّين أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن إِدْرِيس الْمَالِكِي الشهير بالقارفي رحمهمَا الله تَعَالَى وَغَيرهمَا وَقَرَأَ علم النَّحْو على الْعَلامَة أثير الدّين أبي حَيَّان مُحَمَّد بن يُوسُف بن عَليّ بن حَيَّان ولازمه نَحوا من سَبْعَة عشر عَاما وَشرح عَلَيْهِ تقريب المقرب من تصنيفه وَكتاب تسهيل الفوايد وتكميل الْمَقَاصِد تصنيف الْعَلامَة جمال الدّين أبي عبد الله نحمد بن مَالك الجياني وَأَجَازَهُ بأقرايهما وإقراء علم الْعَرَبيَّة وَسمع عَلَيْهِ كثيرا من شَرحه لكتاب التسهيل وَكَثِيرًا من كتاب سِيبَوَيْهٍ رَحمَه الله تَعَالَى سَمَاعا وشرحاً وَسمع عَلَيْهِ كثيرا من شعره وَشعر غَيره وَكَثِيرًا من المرويات الأدبية وَقَرَأَ كتاب لباب الْأَرْبَعين للعلامة أبي الثَّنَاء الأرموي وَكَثِيرًا من علم الْخلاف على شخينا قَاضِي الْقُضَاة أَسْبغ الله ظله وَقَرَأَ كتاب مطالع)

الْأَنْوَار فِي لمنطق مرنين وسَمعه يقْرَأ أَيْضا على أبي الْحسن عَليّ التبريزي لشافعي قدم علينا مصر وَسمع عِنْده كثيرا من الْكتب المنطقية ولخلافية والأصولية الدِّينِيَّة وجالس فِي علم الْأَدَب نَاصِر الدّين أَبَا مُحَمَّد شَافِع بن عَليّ بن عَبَّاس رَحمَه الله تَعَالَى ابْن أُخْت الْعَلامَة محيي الدّين عبد الله بن عبد الظَّاهِر السَّعْدِيّ وَسمع عَلَيْهِ من شعره وتصانيفه ومدحه بِأَبْيَات مِنْهَا

(رَأَتْ العدا عَبَّاس جدك طَاهِرا

فَأتوا إِلَى عليا نداك بشافع)

وَقلت الشّعْر صَغِيرا وَلَكِن الْجيد مِنْهُ قَلِيل مَعْدُوم واضعت أَكْثَره لعدم اهتمامي بتعليقهن وَحفظه فَلم أكتب مِنْهُ إِلَّا مَا كَانَ بطرِيق الِاتِّفَاق وَمِنْه مَا كتبته إِلَى الْعَلامَة أبي حَيَّان النَّحْوِيّ صُحْبَة هِلَال خشكنان قبل عيد الْفطر بِيَوْم على عَادَة المصريين

(أهنيك بالعيد الَّذِي جلّ عِنْدَمَا

خلعت عَلَيْهِ من علاك حَلَالا)

(وحاولت تَعْجِيل الْبشَارَة والهنا

فَأرْسلت من قبل الْهلَال هلالا)

وَقلت

(وَالله لم أذهب لبحر سلوة

لكم وَلَا تفريج قلب موجع)

(لكنه لما تَأَخّر مُدَّة

أَحْبَبْت تَعْجِيل الْوَفَاء بأدمعي)

وَقلت

(مُنْذُ بعدتم فسروري بعيد

وبعدكم لم أتمتع بعيد)

(وَكَيف يهوي الْعِيد أَو نزهة

شَهِيد وجدان ودمع يزِيد)

(فالبحر من تيار دمع لَهُ

يبكي بِهِ والعيد عيد الشَّهِيد)

وَقلت من قصيدة طَوِيلَة

(وصال وَلَكِن وَاصل الْقلب وجده

وَجمع وَلَكِن وَافق الجفن سهده)

(ودمع إِذا غاض الدِّمَاء تمده

وَحب إِذا حَال الغرام يجده)

ص: 237

(وقلب إِذا هَب النسيم يمليه اش

تياقاً إِلَى أوطان من لَا يوده)

(غزال غزتني بِالسِّهَامِ لحاظه

وبالسيف جفناه وبالرمح قده)

(يحاكي مَنَامِي فِي التناقص عطفه

وَيُشبه سقمي فِي التزايد صده)

(أثار بقلبي النَّار سحر بطرفه

وخد بخدي موطن الدمع خَدّه)

(يقوى مدى الْأَيَّام مِيثَاق هجره

وينقض فِي كل الْأَحَايِين عَهده)

)

(تبدى وَقد أرْخى ذوايبه على

قبَاء لَهُ فِي الخصر أحكم شده)

(فشدت عهود الوجد مذحل شعره

وحلت عُقُود الصَّبْر مذ شدّ بنده)

(لَئِن شبهوا بالشمس والبدر وَجهه

فنور حَبِيبِي لَا كسوف يردهُ)

(وَإِن شبهوا بالنرجس الغض طرفه

فَهَذَا قِيَاس لَيْسَ يخفى مرده)

(وَإِن شبهوا بالورد حمرَة خَدّه

فَخدَّ حَبِيبِي لَيْسَ يذبل ورده)

(وَإِن شبهوا بالخمرة الصّرْف رِيقه

فَمَا عقلوا من أَيْن للخمر برده)

(يلومونني إِذْ هَمت فِيهِ صبَابَة

وَمَا حِيلَة الصب الَّذِي غَابَ رشده)

وَقلت من قصيدة مودعاً لبَعض الأكابر

(وداع دنا للصب مِنْهُ عَذَاب

وَبَين عَسى يدني نَوَاه إياب)

(وقلب على جمر الغضا متقلب

وطرف يروي الخد مِنْهُ سَحَاب)

(وَوجد أناخت بالبواد ركايب

لَهُ حِين زمت للحبيب ركاب)

(رعى الله سَادَات تدانى رحيلهم

ولاحت لَهُم يَوْم الْفِرَاق قباب)

(ففودي ودمعي ذَاك عَاد شبابه

مشيباً وَهَذَا بالدماء يشاب)

(وَكَانَ انقلاب اللَّيْل صبحاً مُوَافقا

مني كن لي أَن الْبيَاض خضاب)

(وليلي ونومي ذَاك طَال لبعدهم

وَذَا طَار إِذْ بالبين طَار غراب)

(وجسمي وعقلي ذَاك يفنى صبَابَة

عَلَيْهِم وَهَذَا بالخبال يصاب)

(وفكري وصبري ذَاك ترداد وَصله

وَهَذَا لَهُ عني نوى وَذَهَاب)

(لَئِن رحلوا بالجسم عَنَّا وقوضوا

فَإِن لَهُم منا الْقُلُوب صِحَاب)

(وَإِن جانبونا واستقلوا فعندنا

نداهم لنا مِنْهُ جنى وجناب)

(وَإِن تقلوا عَن مصر للشام دَارهم

فَإِن انْتِقَال الْبَدْر لَيْسَ يعاب)

(وَإِن أوحشت مصر فأنس جميلهم

لَهَا من تدانيه قرى وقراب)

وَمِنْهَا فِي الْمَدْح

(لقد ضم كل الْفضل فِي ضمن فَضله

كَمَا ضمت العلياء مِنْهُ ثِيَاب)

ص: 238

(وأعجزت الْأَلْبَاب غَايَة وَصفه

فقصر عَنْهَا كَاتب وَكتاب)

(ندون أدناها فَأَما محبَّة

فنصبو وَإِمَّا ضِدّه فيصاب)

)

وَآخِرهَا

(فدمت على مر الزَّمَان ممتعاً

عداك وَمن يشناك مِنْك عصاب)

(وَعَاد ظلام الْبَيْت بِالْعودِ زايلاً

وَعَاد مشيب الْوَصْل وَهُوَ شباب)

(وَلَا زَالَ عني من ثنايك طيب

وَلَا صفرت لي من نداك وطاب)

وعلقت تصانيف كَثِيرَة فِي غَالب مَا قرأته واشتغلت بِهِ لَكِن كَمَا قَالَ بَعضهم تعوقت بتسويد الصَّحِيفَة بالاشغال عَن تسويد الصَّحِيفَة بالاشتغال وَأما تنقلاتي الدُّنْيَوِيَّة فإنني تنزلت بالمدارس مشتغلاً وتوليت الْإِعَادَة للفقهاء بالمشهد الْحُسَيْنِي والمدرسة السيفية فِي حُدُود سنة عشْرين وَسبع ماية نِيَابَة عَن الْجد أبي زَكَرِيَّاء يحيى رَحمَه الله تَعَالَى فاستقر التدريس بهَا باسمي وَلم أزل مدرساً بهَا مَعَ مَا أضيف إِلَيْهَا من الوظايف الَّتِي قدرهَا الله تَعَالَى إِلَى أَن باشرت التصدير بالجامع الطولوني وَغَيره مَكَان شَيخنَا قَاضِي الْقُضَاة أَسَبْعٌ الله ظله لما توجه إِلَى الشَّام المحروس وَوليت الْقَضَاء بالمقسم ظَاهر الْقَاهِرَة المحروسة ثمَّ فوض إِلَيّ الحكم بِالْقَاهِرَةِ المحروسة فأقمت على ذَلِك مُدَّة إِلَى أَن قدر الله تَعَالَى لانتقال إِلَى الشَّام المحروس فوليت تدريس الْمدرسَة الركنية الجوانية وَخِلَافَة الحكم الْعَزِيز بِالشَّام المحروس والتصدير بالجامع الْأمَوِي وَالله تَعَالَى أسأَل عَاقِبَة حميدة وَطَرِيقَة بالخيرات سديدة إِنَّه ولي ذَلِك وأختمن كَلَامي ببيتين على سَبِيل الِاعْتِذَار

(عَبدك لَا شعر لَهُ طايل

وَلَا يُسَاوِي نثره سمسمه)

(وأعجمي النُّطْق من أجل ذَا

أرسل يَا مولَايَ بالترجمه)

وَالله تَعَالَى يديم على الْعلمَاء مَادَّة فَضله العميم وَلَا يقطع عَنْهُم عَادَة مِنْهُ الجسيم وَبِه يسبغ عَلَيْهِ ظله الظليل ويمتع زوار حرمه من وَصفه واسْمه بالقدس والخليل بمنه وَكَرمه

ص: 239