المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(ابن عبد الله) - الوافي بالوفيات - جـ ٣

[الصفدي]

فهرس الكتاب

- ‌(الْجُزْء الثَّالِث)

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌(رب أعن)

- ‌(ابْن حَمَّاد)

- ‌(ابْن حَمْزَة)

- ‌(ابْن حميد)

- ‌(ابْن حَيَّان)

- ‌(ابْن حيدرة)

- ‌(ابْن خَالِد)

- ‌(ابْن الْخضر)

- ‌(ابْن خطاب)

- ‌(ابْن خلف)

- ‌(ابْن خَلِيل)

- ‌(ابْن دَاوُد)

- ‌(ابْن ذَاكر)

- ‌(ابْن زَكَرِيَّاء)

- ‌(ابْن زُهَيْر)

- ‌(ابْن زِيَاد)

- ‌(ابْن زيد)

- ‌(ابْن سَالم)

- ‌(ابْن سعد)

- ‌(ابْن سعيد)

- ‌(ابْن سَلام)

- ‌(ابْن سَلامَة)

- ‌(ابْن سُلْطَان)

- ‌(ابْن سُلَيْمَان)

- ‌(ابْن سُهَيْل)

- ‌(ابْن سوار)

- ‌(ابْن شُجَاع)

- ‌(ابْن شرِيف)

- ‌(ابْن صَالح)

- ‌(ابْن صَدَقَة)

- ‌(ابْن طَالب)

- ‌(ابْن طَاهِر)

- ‌(ابْن طَلْحَة)

- ‌(ابْن ظفر)

- ‌(ابْن عباد)

- ‌(ابْن عَبَّاس)

- ‌(ابْن عبدون)

- ‌(ابْن عبد الْأَعْلَى)

- ‌(ابْن عبد الأول)

- ‌(ابْن عبد الْبَاقِي)

- ‌(ابْن عبد الْجَبَّار)

- ‌(ابْن عبد الْجَلِيل)

- ‌(ابْن عبد الْحق)

- ‌(ابْن عبد الحميد)

- ‌(ابْن عبد الْخَالِق)

- ‌(ابْن عبد الرَّحْمَن)

- ‌(ابْن عبد الرَّحِيم)

- ‌(ابْن عبد الرَّزَّاق)

- ‌(ابْن عبد الرشيد)

- ‌(ابْن عبد السَّلَام)

- ‌(ابْن عبد الصَّمد)

- ‌(ابْن عبد الْعَزِيز)

- ‌(ابْن عبد الْغنى)

- ‌(ابْن عبد الْقَادِر)

- ‌(ابْن عبد القاهر)

- ‌(ابْن عبد القوى)

- ‌(ابْن عبد الْكَرِيم)

- ‌(ابْن عبد اللَّطِيف)

- ‌(ابْن عبد الله)

الفصل: ‌(ابن عبد الله)

3 -

(ابْن عبد الله)

مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن صعصة روى لَهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وتوفّي سنة تسع وثلثين وماية

القَاضِي الْأَسدي مُحَمَّد بن عبد الله بن لبيد الْأَسدي وَيُقَال الْأَسْلَمِيّ ولي الْقَضَاء مديدة أَيَّام مَرْوَان ثمَّ ولي فِي دولة السفاح وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وماية

الديباج مُحَمَّد بن عبد الله الديباج توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين وماية وَقيل غير ذَلِك لقب بالديباج لحسنه وَهُوَ ابْن عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان ابْن عَفَّان الْأمَوِي قَتله الْمَنْصُور قَالَ يُخَاطب الْمُغيرَة بن حَاتِم بن عَنْبَسَة بن عَمْرو ابْن عَفَّان الْأمَوِي وَكَانَ يكنى أَبَا مَرْيَم

(أَبَا مَرْيَم لَوْلَا حُسَيْن تطالعت

عَلَيْك سِهَام من أَخ غير قَابل)

(فرج ابا عبد المليك فَإِنَّهُ

أَخُو الْعرف مَا هبت ريَاح الشمايل)

(أَبَا ميرم لَوْلَا جوَار أخي الندى

لأصبحت موتوراً كثير البلابل)

ابْن رهيمة مُحَمَّد بن عبد الله مولى عُثْمَان بن عَفَّان يعرف بِابْن رهيمة وَهِي أمه حجازي أدْرك الدولتين الأموية والعباسية وَهُوَ القايل

(الْآن أَبْصرت الْهدى

وَعلا المشيب مفارقي)

(أَبْصرت رَأس غوايتي

ومنحت قصد طرايقي)

(يفتر عَن متلألئ

مصب لقلبك شايق)

(كالأقحوان مراءة

ومذاقة للذايق)

ابْن قادم النَّحْوِيّ مُحَمَّد بن عبد الله بن قادم النَّحْوِيّ أَبُو جَعْفَر مَاتَ سنة إِحْدَى

ص: 240

وَخمسين وماتين وَكَانَ حسن النّظر فِي علل النَّحْو وَكَانَ يُؤَدب ولد سعيد بن سلم بن قُتَيْبَة الْبَاهِلِيّ وَكَانَ من أَعْيَان أَصْحَاب الْفراء وَعنهُ أَخذ أَحْمد بن يحيى ثَعْلَب وَكَانَ يعلم المعتز قبل الْخلَافَة فَلَمَّا ولى الْخلَافَة بعث إِلَيْهِ فَجَاءَهُ الرَّسُول وَهُوَ فِي منزله شيخ كَبِير فَقَالَ لَهُ الرَّسُول أجب أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ أَلَيْسَ أَمِير الْمُؤمنِينَ بِبَغْدَاد يَعْنِي المستعين قَالَ لَا قد ولى الْخلَافَة المعتز وَكَانَ المعتز قد حقد عَلَيْهِ بطرِيق تأديبه فخشي من بادرته فَقَالَ لِعِيَالِهِ السَّلَام عَلَيْكُم وَخرج فَلم يرجع إِلَيْهِم وَله كتاب الْكَافِي فِي النَّحْو وَكتاب غَرِيب الحَدِيث وَكتاب مُخْتَصر فِي النَّحْو

النميري مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير لقب النميري بكنية أَبِيه كَانَ يكنى أَبَا المير وَيُقَال باسم)

جده وَهُوَ ثقفي من أهل الطايف شَاعِر غزل قَالَ فِي زَيْنَب أُخْت الْحجَّاج أبياتاً مِنْهَا

(تضوع مسكاً بطن نعْمَان إِذْ مشت

بِهِ زَيْنَب فِي نسْوَة خفرات)

(وَلما رَأَتْ ركب النميري أَعرَضت

وَكن من أَن يلقينه حذرات)

(فادنين حَتَّى جَاوز الركب دونهَا

حِجَابا من القسي والحبرات)

(وكدت اشتياقاً نَحْوهَا وصبابة

اقْطَعْ نَفسِي دونهَا حسرات)

(فراجعت نَفسِي والحفيظة بعْدهَا

بللت رِدَاء العصب بالعبرات)

فَلَمَّا بلغ ذَلِك عبد الْملك كتب إِلَى الْحجَّاج بَلغنِي قَول الْخَبيث فِي زَيْنَب فاله عَنهُ فَإنَّك إِن أدنيته أَو عاتبته أطعمته وَإِن عاقتبه صدقته وهرب النميري فَاسْتَجَارَ بِعَبْد الْملك فَقَالَ لَهُ عبد الْملك أَنْشدني م قَتله فَلَمَّا بلغ قَوْله فَلَمَّا رَأَتْ ركب النميري الْبَيْت قَالَ لَهُ عبد الْملك وَمَا كَانَ ركبك يَا نميري قَالَ أَرْبَعَة أحمرة كنت أجلب عَلَيْهَا القطران وَثَلَاثَة أحمرة صحبتني تحمل البعر فَضَحِك حَتَّى اسْتغْرب ثمَّ قَالَ لقد عظم أَمرك وَكتب إِلَى الْحجَّاج أَن لَا سَبِيل لَك عَلَيْهِ وَقيل بل جد الْحجَّاج فِي طلبه فَركب بَحر عدن وَقَالَ

(أَتَتْنِي عَن الْحجَّاج وَالْبَحْر بَيْننَا

عقارب تسري والعيون هواجع)

(فضقت بهَا ذرعاً وأجهشت خيفة

وَلم آمن الْحجَّاج وَالْأَمر فاظع)

(فَبت أدير الْأَمر فِي الرَّأْي لَيْلَتي

وَقد أخضلت خدي الدُّمُوع التوابع)

(فَلم أر خيرا لي من الصَّبْر إِنَّه

أعف وَخير إِذْ عرتني الفجايع)

وَقد استوفى خَبره صَاحب الأغاني

ابْن الْمولى مُحَمَّد بن عبد الله بن مُسلم مولى عَمْرو بن عَوْف من الْأَنْصَار يكنى أَبَا عبد الله شَاعِر عفيف انشد عبد الْملك بن مَرْوَان لنَفسِهِ وَهُوَ متنكب قوسه

ص: 241

(وأبكي فَلَا ليلى بَكت من صبَابَة

لذاك وَلَا ليلى لذِي الود تبذل)

(واخضع بالعتبى إِذا كنت مذنباً

وَإِن أذنبت كنت الَّذِي اتنصل)

فَقَالَ عبد الْملك من ليلى هَذِه لَئِن كَانَت حرَّة لأزوحنكها وَلَئِن كَانَت مَمْلُوكَة لأشترينها لَك بَالِغَة مَا بلغت فَقَالَ كلا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا كنت لأمعر بِوَجْه حر أبدا فِي حرمته وَلَا فِي أمته وَالله مَا ليلى إِلَّا قوسي هَذِه فَأَنا أشبب بهَا وأسن حَتَّى مدح جَعْفَر بن سُلَيْمَان وَقثم بن الْعَبَّاس وَيزِيد بن حَاتِم بن قبيصَة وَقَالَ فِي يزِيد بن حَاتِم)

(يَا وَاحِد الْعَرَب الَّذِي

أَمْسَى وَلَيْسَ لَهُ نَظِير)

(لَو كَانَ مثلك آخر

مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا فَقير)

الْمهْدي الْعلوِي مُحَمَّد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو عبد الله ظهر بِالْمَدِينَةِ بعد حبس الْمَنْصُور لِأَبِيهِ وَأهل بَيته فَقتله عِيسَى بن مُوسَى سنة خمس وَأَرْبَعين وماية وَله ثلث وَخَمْسُونَ سنة قَالَ يرثي إِبْرَاهِيم ابْن مُحَمَّد الْجَعْفَرِي

(لَا أرى فِي النَّاس شخصا وحداً

مثل ميت مَاتَ فِي دَار الْحمل)

(يَشْتَرِي الْحَمد ويختار العلى

وَإِذا مَا حمل الثّقل حمل)

(موت إِبْرَاهِيم أَمْسَى هدني

وأشاب الرَّأْس مني فاشتعل)

وَحكى من قُوَّة مُحَمَّد هَذَا أَنه شرد لِأَبِيهِ جمل فَعدا جمَاعَة خَلفه فَلم يلْحقهُ أحد سواهُ فَأمْسك ذَنبه وَلم يزَال يجاذبه حَتَّى انقلع ذَنبه فَرجع بالذنب إِلَى أَبِيه وَكَانَ يطْلب الْخلَافَة لنَفسِهِ فِي زمن بني أُميَّة وَزعم أَن الْمهْدي كَانَ نِهَايَة فِي الْعلم والزهد وَقُوَّة الْبدن وشجاعة الْقلب وَلم يزل متستراً سِنِين فِي جبال طَيء مرّة يرْعَى الْغنم وَمرَّة اجيراً وشيعته يدعونَ لَهُ بالخلافة فِي أقطار الأَرْض إِلَى أَن اشْتَدَّ أمره فِي خلَافَة الْمَنْصُور فاهتم بأَمْره وطالب بِهِ أَبَاهُ وَإِخْوَته وأقاربه فأنكروه وَزَعَمُوا أَنهم لَا يعْرفُونَ لَهُ مقَاما فنقلهم من الْحجاز إِلَى الْعرَاق فِي الْقُيُود والأغلال ثمَّ ظهر فِي الْمَدِينَة وَقَامَت لَهُ الدعْوَة بالحجاز واليمن واضطربت لَهُ دولة الْمَنْصُور فَجهز إِلَيْهِ عِيسَى بن مُوسَى وَكَانَ يُقَال لَهُ فَحل بني الْعَبَّاس وَلما حصره وأيقن مُحَمَّد بالخذلان رَجَعَ إِلَى منزله وَأخرج صندوقاً وفتحه بَين خاصته ودعا بِنَار أضرمت فَأخْرج كتبا كَثِيرَة من ذَلِك الصندوق ورماها فِي النَّار وَقَالَ الْآن طبت نفسا بِالْمَوْتِ لِأَن هَذِه كتب قوم من باطنة هَذَا الرجل حلفوا لنا على الصدْق وَالْوَلَاء فَلم آمن أَن تحصل فِي يَده فيهلكهم وَيكون ذَلِك بسببنا ثمَّ اخْتَرَطَ سَيْفه وَجعل يَقُول مرتجزاً

(لَا عَار فِي الغلب على الغلاب

وَاللَّيْث لَا يخْشَى من الذُّبَاب)

ص: 242

وَلم يزل يُقَاتل حَتَّى قتل وحز رَأسه وَحمل إِلَى الْمَنْصُور فَلَمَّا رَآهُ تمثل

(طمعت بليلى أَن تريع وَإِنَّمَا

يقطع أَعْنَاق الرِّجَال المطامع)

وأدخلوا رَأسه على أَبِيه فِي السجْن وَهُوَ يُصَلِّي فَألْقوا الرَّأْس بَين يَدَيْهِ فَلَمَّا فرغ من الصَّلَاة الْتفت فَرَآهُ فَقَالَ رَحِمك الله لقد قتلوك صواماً قواماً ثمَّ قَالَ)

(فَتى كَانَ يُدْنِيه من السَّيْف دينه

ويكفيه سوآت الْأُمُور اجتنابها)

ثمَّ قَالَ للرسول يَا هَذَا قل لصاحبك قد مضى شطر من عمرك فِي النَّعيم وَبَقِي شطر الْبُؤْس وَقد مضى لنا شطر الْبُؤْس وَبَقِي شطر النَّعيم وَمن شعر مُحَمَّد الْمهْدي الْمَذْكُور مَا أنْشدهُ الصولي

(أَشْكُو إِلَى الله مَا بليت بِهِ

فَإِن عَالم الخفيات)

(من فقدي الْعدْل فِي الْبِلَاد وَمن

جور مُقيم على البريات)

(رَجَوْت كشف الْبلَاء فِي زمن

فصرت فِيهِ أَخا بليات)

وَقَالَ أَخُوهُ إِبْرَاهِيم يرثيه وَبَعْضهمْ رَوَاهَا لأبي الهيذام

(سأبكيك بالبيض الرقَاق وبالقنا

فَإِن بهَا مَا يدْرك الواتر الوترا)

(وَإِنَّا أنَاس مَا تفيض دموعنا

على هَالك منا وَإِن قَصم الظهرا)

(ولسنا كمن يبكي أَخَاهُ بعبرة

يعصرها من جفن مقلته عصرا)

(ولكنني أشفي فُؤَادِي بغارة

ألهب من قطري كتابيها جمرا)

وَإِلَى مُحَمَّد هَذَا تنتسب الْفرْقَة الْمَعْرُوفَة بالمحمدية وهم من فرق الشِّيعَة لَا يصدق أَتْبَاعه بِمَوْتِهِ وَلَا بقتْله ويزعمون أَنه فِي جبل حاجر من نَاحيَة نجد مُقيم إِلَى أَن يُؤمر بِالْخرُوجِ وَكَانَ الْمُغيرَة بن سعيد الْعجلِيّ وسوف يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى مَعَ ضلالته يَقُول لأَصْحَابه إِن الْمهْدي المنتظر هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله ويستدل على ذَلِك بِأَن اسْمه وَاسم أَبِيه كاسم النبّي صلى الله عليه وسلم وَاسم أَبِيه وَقَالَ هُوَ المُرَاد بقوله صلى الله عليه وسلم سَيَأْتِي رجل بعدِي يُوَافق اسْمه اسْمِي وَاسم أَبِيه اسْم أبي الحَدِيث ولعَبْد الله وَالِدَة عدَّة أَوْلَاد مُحَمَّد هَذَا وَإِبْرَاهِيم وَإِدْرِيس ومُوسَى الجون وَيحيى فأظهر مُحَمَّد دَعوته بِالْمَدِينَةِ وَاسْتولى علهيا وعَلى مَكَّة وَاسْتولى أَخُوهُ إِبْرَاهِيم على الْبَصْرَة وَاسْتولى أخوهما إِدْرِيس على بعض بِلَاد الْمغرب وَكَانَ ذَلِك فِي ولَايَة الْمَنْصُور وَنفذ الْمَنْصُور

ص: 243

عِيسَى بن مُوسَى فِي جَيش كثيف لِحَرْب مُحَمَّد فَقتلُوا مُحَمَّدًا فِي المعركة ثمَّ نفذ الْمَنْصُور أَيْضا عِيسَى الْمَذْكُور لِحَرْب إِبْرَاهِيم فَقتله بباخمرى قَرْيَة من قرى الْكُوفَة على سِتَّة عشر فرسخاً مِنْهَا وَمَات إِدْرِيس بِأَرْض الْمغرب فِي تِلْكَ الْفِتْنَة وَقيل إِنَّه سم بهَا وَأما أبوهم عبد الله فَقبض عَلَيْهِ الْمَنْصُور وَمَات فِي سجنه وقبره بالقادسية وَهُوَ مشْهد مَعْرُوف يزار وَلما قتل مُحَمَّد هَذَا افْتَرَقت المغيرية فرْقَتَيْن فرقة أقرُّوا بقتْله وتبرءوا من)

الْمُغيرَة وكذبوه فِي قَوْله وَفرْقَة ثبتَتْ على مُوالَاة الْمُغيرَة وَقَالُوا إِن مُحَمَّدًا لم يقتل وَإِنَّمَا تغيب عَن عُيُون النَّاس وَهُوَ فِي جبل حاجر مُقيم إِلَى أَن يُؤمر بِالْخرُوجِ فَيملك الأَرْض وتعقد لَهُ الْبيعَة بَين الرُّكْن وَالْمقَام وَيحيى لَهُ من الْأَمْوَات سَبْعَة عشر رجلا يعْطى كل وَاحِد مِنْهُم حرفا من حُرُوف الأسم الْأَعْظَم فيهزمون الجيوش وَزعم هَؤُلَاءِ أَن مُحَمَّدًا لم يقتل وَإِنَّمَا شَيْطَان تصور بصورته وَكَانَ جَابر بن يزِيد الْجعْفِيّ على هَذَا الْمَذْهَب وَكَانَ يَقُول برجعة الْأَمْوَات إِلَى الدُّنْيَا قبل الْقِيَامَة وَفِي ذَلِك يَقُول شَاعِر هَذِه الْفرْقَة فِي بعض أشعاره الْمَشْهُورَة

(إِلَى يَوْم يؤوب النَّاس فِيهِ

إِلَى دنياهم قبل الْحساب)

وَلما خرج مُحَمَّد بن عبد الله الْمَذْكُور هُوَ وَأَخُوهُ إِبْرَاهِيم على الْمَنْصُور قَالَ بعض العلوية بِالْكُوفَةِ

(أرى نَارا تشب على يفاع

لَهَا فِي كل نَاحيَة شُعَاع)

(وَقد رقدت بَنو الْعَبَّاس عَنْهَا

وباتت وَهِي آمِنَة رتاع)

(كَمَا رقدت أُميَّة ثمَّ هبت

تدافع حِين لَا يُغني الدفاع)

أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمهْدي مُحَمَّد بن عبد الله أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمهْدي ابْن الْمَنْصُور ثَالِث خلفاء بني الْعَبَّاس مولده بإيذج سنة سبع وَعشْرين وماية وَأمه أم مُوسَى بنت مَنْصُور الحميرية كَانَ جواداً ممدحاً مليح الشكل محبباً إِلَى الرّعية قصاباً للزنادقة روى عَن أَبِيه وَعَن مبارك بن فضَالة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَمَا علمت قيل فِيهِ جرحا وَلَا تعديلاً روى مَنْصُور بن أبي مُزَاحم وَمُحَمّد بن يحيى بن حَمْزَة عَن يحيى بن حَمْزَة قَالَ صلى بِنَا الْمهْدي فجهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا هَذَا فَقَالَ حَدثنِي أبي عَن أَبِيه عَن جده عَن

ص: 244

ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم صلّى فجهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقلت للمهدي نأثره عَنْك فَقَالَ نعم هَذَا إِسْنَاد مُتَّصِل قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين لَكِن مَا علمت أحدا احْتج بالمهدي وَلَا بِأَبِيهِ فِي الْأَحْكَام كَا نقش خَاتمه الله ثِقَة مُحَمَّد وَبِه يُؤمن قَالَ الفلاس ملك الْمهْدي عشر سِنِين وشهراً وَنصف شهر وَمَات لثمان بَقينَ من الْمحرم سنة تسع وَسِتِّينَ وماية وَقَالُوا مَاتَ بِمَا سبدان وعاش ثلثا وَأَرْبَعين سنة وَعقد من بعده بِالْأَمر لِابْنِهِ مُوسَى الْهَادِي ثمَّ هرون الرشيد بُويِعَ لَهُ بِمَكَّة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام عِنْد وَفَاة الْمَنْصُور فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَخمسين وماية وَكَانَت خِلَافَته على أصح الْأَقْوَال عشر سِنِين وشهراً وَيَوْما ثمَّ بُويِعَ لَهُ بِبَغْدَاد على أصح)

الْأَقْوَال يَوْم الثلثاء لثلث عشرَة لَيْلَة بقيت من ذِي الْحجَّة وَلما مَاتَ صلى عَلَيْهِ ابْنه الرشيد هرون وكاتبه أَبُو عبيد الله معوية بن عبيد الله بن يسَار مولى عبد الله بن عَصَاهُ الْأَشْعَرِيّ ثمَّ يَعْقُوب بن دَاوُد ثمَّ الْفَيْض بن الرّبيع مَوْلَاهُ وحاجبه الْحسن بن عُثْمَان بن الْفضل بن الرّبيع وَنقش خَاتمه آمنتن بِاللَّه رَبًّا وَيُقَال الله ثِقَة مُحَمَّد بن عبد الله وَمن شعره يُخَاطب جَارِيَته

(أرى مَاء وَبِي عَطش شَدِيد

وَلَكِن لَا سَبِيل إِلَى الْوُرُود)

(أما يَكْفِيك أَنَّك تملكيني

وَأَن النأس كلهم عَبِيدِي)

(وَأَنَّك لَو قطعت يَدي ورجلي

لقلقت من الرِّضَا أَحْسَنت زيدي)

وَكتب إِلَى الخيزران وَهِي فِي منتزه لَهُ

(نَحن فِي أفضل السرُور وَلَكِن

لَيْسَ إِلَّا بكم يتم السرُور)

(عبت مَا نَحن فِيهِ يَا أهل ودي

إِنَّكُم غبتم وَنحن حُضُور)

(فأغذوا الْمسير بل إِن قدرتم

أَن تطيروا مَعَ الرِّيَاح فطيروا)

دخل ابْن الْخياط الْمَكِّيّ عَلَيْهِ فَقبل يَده ومدكه فَأمر لَهُ بِخَمْسِينَ ألف دِرْهَم فَلَمَّا قبضهَا فرقها على النَّاس وَقَالَ

(لمست بكفي كَفه أَبْتَغِي الْغنى

وَلم أدر أَن الْجُود من كَفه يعدي)

(فَلَا أَنا مِنْهُ مَا أَفَادَ ذَوُو الْغنى

أفدت وأعداني فضيعت مَا عِنْدِي)

فَبلغ الْمهْدي ذَلِك فَأعْطَاهُ لكل دِرْهَم دِينَارا أَخذ هَذَا الْمَعْنى فنظمه البحتري وَزَاد عَلَيْهِ فَقَالَ

(من شَاكر عني الْخَلِيفَة فِي الَّذِي

أولاه من طول وَمن إِحْسَان)

ص: 245

(مَلَأت يَدَاهُ يَدي فشرد جوده

بخلي فأفقرني كَمَا أغناني)

(حَتَّى لقد أفضلت من أفضاله

وَرَأَيْت نهج الْجُود حَيْثُ أَرَانِي)

(ووثقت بالخلف الْجَمِيل معجلا

مِنْهُ فَأعْطيت الَّذِي أَعْطَانِي)

وعنفه وَالِده الْمَنْصُور لجزعه على جَارِيَة فقدها فَقَالَ لَهُ كَيفَ أوليك الْأَمر من الْأمة وَأَنت تجزع على أمة فَقَالَ لم أجزع على قيمتهَا وَإِنَّمَا أجزع على شيمتها وَجلسَ الْمهْدي جُلُوسًا عَاما فَدخل عَلَيْهِ رجل وَفِي يَده منديل فِيهِ نعل فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذِه نعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد أَهْدَيْتهَا لَك فاخذها مِنْهُ وَقبل بَاطِنهَا ووضعها على عَيْنَيْهِ وَأمر لَهُ بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم فَلَمَّا خرج الرجل قَالَ لجلسايه أتروني أَنِّي أعلم أَن رَسُول الله صلى الله)

عَلَيْهِ وَسلم لم يرهَا فضلا عَن أَن يكون لبسهَا وَلَو كذبناه لقَالَ للنَّاس أتيت أَمِير الْمُؤمنِينَ بنعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَردهَا عَليّ وَكَانَ من يصدقهُ أَكثر مِمَّن يكذبهُ غذ كَانَ من شَأْن الْعَامَّة الْميل إِلَى أشكالها والنصرة للضعيف على الْقوي وَإِن كَانَ ظَالِما فاشترينا لِسَانه وَقَبلنَا هديته وصدقنا قَوْله وَكَانَ الَّذِي فَعَلْنَاهُ أرجح وأنجح

أَبُو الشيص الْخُزَاعِيّ مُحَمَّد بن عبد الله بن رزين الشَّاعِر الْمَشْهُور الملقلب بِأبي الشيص وَهُوَ ابْن عَم دعبل الْخُزَاعِيّ توفّي سنة ماتين أَو قبلهَا قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ سنة سِتّ وَتِسْعين وماية وَقد كف بَصَره قَالَ أَبُو الشيص وَهُوَ مَشْهُور عَنهُ

(وَقف الْهوى بِي حَيْثُ أَنْت فَلَيْسَ لي

مُتَأَخّر عَنهُ وَلَا مُتَقَدم)

(أجد الْمَلَامَة فِي هَوَاك لذيذة

حبا لذكرك فليلمني اللوم)

(أشبهت أعدائي فصرت أحبهم

إِذْ كَانَ حظي مِنْك حظي مِنْهُم)

(وأهنتني فأهنت نَفسِي عَامِدًا

مَا من يهون عَلَيْك مِمَّن يكرم)

قَوْله أجد الْمَلَامَة الْبَيْت أَخذه بعض المغاربة فَقَالَ

(هددت بالسلطان فِيك وَإِنَّمَا

أخْشَى صدودك لَا من السُّلْطَان)

(أجد اللذاذة فِي الملام فَلَو درى

أَخذ الرشا مني الدي يلحاني)

وَخَالفهُ أَبُو الطّيب فَقَالَ

(أأحبه وَأحب فِيهِ ملامة

إِن الْمَلَامَة فِيهِ من أعدايه)

وَلأبي الشيص أَيْضا

(لَا تنكري صدي وَلَا إعراضي

لَيْسَ الْمقل عَن الزَّمَان براض)

(شَيْئَانِ لَا تصبو النِّسَاء إِلَيْهِمَا

حلي المشيب وحلة الانفاض)

ص: 246

(حسر المشيب قناعه عَن رَأسه

فرمينه بالصد والإعراض)

(ولربما جعلت محَاسِن وَجهه

لجفونها غَرضا من الْأَغْرَاض)

ابْن دِرْهَم الْأَسدي مُحَمَّد بن عبد الله بن الزبير بن عمر بن دِرْهَم أَبُو أَحْمد الْأَسدي مَوْلَاهُم الْكُوفِي الْجبَال قَالَ الْعجلِيّ كُوفِي ثِقَة يتشيع وَقَالَ أَبُو حَاتِم حَافظ للْحَدِيث عَابِد مُجْتَهد لَهُ أَوْهَام توفّي فِي جُمَادَى الأولى سنة ثلث وماتين ورى عَنهُ الْجَمَاعَة

الأنسي قَاضِي بَغْدَاد مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمثنى الْأنْصَارِيّ الأنسي لِأَنَّهُ من ولد أنس بن مَالك)

قَاضِي الْبَصْرَة زمن الرشيد ثمَّ بَغْدَاد بعد الْعَوْفِيّ روى عَنهُ البُخَارِيّ وورى الْجَمَاعَة عَن رجل عَنهُ وروى عَنهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَابْن معِين وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره غلب عَلَيْهِ الرَّأْي وَلم يكن عِنْدهم من فرسَان الحَدِيث وَتُوفِّي سنو خمس عشرَة ماتين وَمَات بِالْبَصْرَةِ وَله نَيف وَتسْعُونَ سنة وَجه إِلَيْهِ الْمَأْمُون خمسين ألف دِرْهَم وَقَالَ اقسمها بِالْبَصْرَةِ بَين الْفُقَهَاء وَكَانَ هِلَال بن مُسلم يتَكَلَّم على أَصْحَابه والأنصاري يتَكَلَّم على أَصْحَابه فَقَالَ هِلَال هِيَ لي ولأصحابي وَقَالَ الْأنْصَارِيّ كَذَلِك فَلَمَّا اخْتلفَا قَالَ الْأنْصَارِيّ لهِلَال كَيفَ تتشهد فَقَالَ أَو مثلي يسْأَل عَن التَّشَهُّد فَتشهد على حَدِيث ابْن مَسْعُود فَقَالَ الْأنْصَارِيّ من حَدثَك بِهَذَا وَمن أَيْن ثَبت عنْدك فَسكت فَقَالَ الْأنْصَارِيّ أَنْت تصلي كل يَوْم وَلَيْلَة خمس صلوَات مُنْذُ سِنِين وَلَا تَدْرِي من رَوَاهُ عَن نبيك صلى الله عليه وسلم قد باعد الله بَيْنك وَبَين الْفِقْه وَقسمهَا الْأنْصَارِيّ فِي أَصْحَابه

ابْن نمير الخارفي مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير الْهَمدَانِي الخارفي بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَبعد الْألف رَاء وَبعدهَا فَاء الْكُوفِي الْحَافِظ أحد الْأَعْلَام روى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وروى عَنهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ بِوَاسِطَة وَبَقِي بن مُجَلد وَأَبُو زرْعَة وَغَيرهم وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل هُوَ درة الْعرَاق قَالَ أَبُو حَاتِم ثقو يحْتَج بحَديثه وَقَالَ النَّسَائِيّ ثِقَة مَأْمُون وَله كَلَام فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل مَاتَ فِي شعْبَان أَو شهر رَمَضَان سنة أَربع وثلثين وماتين

ص: 247

ابْن عمار الْموصِلِي مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمَّا رالحافظ الْموصِلِي روى عَنهُ النَّسَائِيّ وَقَالَ ثِقَة صَاحب حَدِيث توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وماتين

مُحَمَّد بن عبد لله بن طَاهِر بن الْحُسَيْن بن مُصعب الْخُزَاعِيّ الْخُرَاسَانِي الْأَمِير أَبُو الْعَبَّاس كَانَ جواداً ممدحاً أديباً شَاعِرًا مألفاً لأهل الْفضل وَالْأَدب من بَيت الْأَدَب والإمرة والتقدم ولاه المتَوَكل على بَغْدَاد وَعظم سُلْطَانه وَفِي دولة المعتز إِلَى أَن مرض بالخوانيق وَمَات سنة ثلث وَخمسين وماتين وَكَانَ أعرج أسْند الحَدِيث وروى الْأَشْعَار كتب إِلَى جَارِيَة لَهُ

(مَاذَا تَقُولِينَ فِيمَن شقَّه سقم

من شهد حبك حَتَّى صَار حيرانا)

فأجابته

(إِذا رَأينَا محباً قد أضرّ بِهِ

جهد الصبابة أوليناه إحسانا)

وَمن شعره)

(أواصل من هويت على خلال

أذود بِهن ليات الْمقَال)

(وَفَاء لَا يحول بِهِ انتكاث

وود لَا تخونه اللَّيَالِي)

(واحفظ سره والغيب مِنْهُ

وأرعى عَهده فِي كل حَال)

(وأوثره على عسر وَيسر

وَينفذ حكمه فِي سر مَالِي)

(واغفر نبوة الإدلال مِنْهُ

إِذا مَا لم يكن غير الدَّلال)

(وَمَا أَنا بالملول وَلَا التجني

وَلَا الْغدر المذمم من فعالي)

وَقَالَ فِي الأترج

(جسم لجين قَمِيصه ذهب

ركب فِيهِ بديع تركيب)

(فِيهِ لمن شمه وأبصره

لون محب وريح مَحْبُوب)

أَبُو الْبَرْق مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو الْبَرْق المدايني مولى خثعم بلغ سناًعالية يُقَال إِنَّه تجَاوز الماية كَانَ يتشيع قَالَ وَبِه تمثل الْمَأْمُون

(بعدا وَسُحْقًا لَك من أمة

لم تنكر الْمُنكر فِي وقته)

(أرجوا عليا وَأتوا غَيره

وقلدوه الْأَمر عَن بَيته)

ص: 248

مولى بني أُميَّة مُحَمَّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ مولى لبني أُميَّة شَامي قَالَ دعبل لَهُ أشعار كثية جِيَاد وَهُوَ القايل

(عَاشر النَّاس بالجمي

ل وسدد وقارب)

(واحترس من أَذَى الكرا

م وجد بالمواهب)

(لَا يسود الْجَمِيع من

لم يقم بالنوايب)

(ويحوط الْأَذَى وير

عى ذمام الْأَقْرَب)

(لَا تواصل إِلَّا الشري

ف الْكَرِيم المناصب)

(من لَهُ خير شَاهد

وَله خير غايب)

(واجتنب وصل كل وغ

د دنى المكاسب)

(أَنا للشر كَارِه

وَله غير هايب)

المخرمي قَاضِي حلوان مُحَمَّد بن عبد الله المخرمي أَبُو جَعْفَر الْقرشِي مَوْلَاهُم قَاضِي حلوان الْحَافِظ روى عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ النَّسَائِيّ وَغَيره ثِقَة توفّي سنة أَربع)

وَخمسين وماتين

ابْن أخي الزُّهْرِيّ مُحَمَّد بن عبد الله بن مُسلم ابْن أخي الزُّهْرِيّ روى لَهُ الْجَمَاعَة وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِالْقَوِيّ قَتله غلمانه لأجل الْمِيرَاث ثمَّ قتلوا سنة سبع وَخمسين وماية انْفَرد عَن الزُّهْرِيّ بثلثة أَحَادِيث

القَاضِي الْجَزرِي ابْن علاثة مُحَمَّد بن عبد الله بن علاثة القَاضِي الْجَزرِي من كبار الْعلمَاء قَالَ ابْن معِين ثِقَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم لَا يحْتَج بِهِ وَقَالَ ابْن عدي أَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ ابْن حَيَّان يروي الموضعات روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وماية قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْمرْآة كَانَ يُقَال لَهُ قَاضِي الْجِنّ لِأَن بِئْرا كَانَت بَين حران وَقصر مسلمة بن عبد الْملك م ن شرب مِنْهَا خبطته الْجِنّ فجَاء فَوقف عَلَيْهَا وَقَالَ أَيهَا الْجِنّ إِنَّا قد قضينا بَيْنكُم وَبَين الْأنس لَهُم النَّهَار وَلكم اللَّيْل وَكَانَ الرجل إِذا استقى مِنْهَا نَهَارا لم يصبهُ شَيْء أسْند عَن عَبدة بن أبي لبَابَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَغَيرهمَا ووى عَنهُ ابْن الْمُبَارك وَغَيره

الراقشي العابد مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْملك أَبُو عبد الله الرقاشِي

ص: 249

العابد كَانَ يُصَلِّي كل يَوْم وَلَيْلَة أَربع ماية رَكْعَة سمع مَالك بن أنس وَغَيره وروى عَنهُ ابْن أَبُو قلَابَة وَغَيره وَهُوَ من شُيُوخ البُخَارِيّ أَعنِي مُحَمَّدًا وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وماتين

ابْن قهزاذ مُحَمَّد بن عبد الله بن قهزاذ الْمروزِي بِالْقَافِ المضمومة وَالْهَاء الساكنة وَالزَّاي وَبعد الْألف ذال مُعْجمَة روى عَنهُ مُسلم توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وماتين

ابْن الْمُسْتَوْرد مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُسْتَوْرد الْحَافِظ الْبَغْدَادِيّ أَبُو بكر توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وماتين

ابْن مَيْمُون مُحَمَّد بن عبد الله بن مَيْمُون الْبَغْدَادِيّ الاسكندراني روى عَنهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قَالَ ابْن أبي حَاتِم ثِقَة صَدُوق توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وماتين

الأخيطل الْأَهْوَازِي مُحَمَّد بن عبد الله بن شُعَيْب مولى بني مَخْزُوم يكنى أَبَا بكر من أهل الأهواز قدم بَغْدَاد ومدح مُحَمَّد بن عبد الله بن طَاهِر وَهُوَ ظريف مليح الشّعْر يسْلك طَرِيق أبي تَمام وَغَيره كَانَ يهاجي الحمدوني وَهُوَ القايل فِي الشَّقِيق

(هذي الشقايق قد أَبْصرت حمرتها

مَعَ السوَاد على أعناقها الذلل)

(كَأَنَّهَا دمعة قد غسلت كحلاً

جَادَتْ بهَا وَقْفَة فِي وجنتي خجل)

)

وَله أَيْضا

(أسمعت أذن رجائي نَغمَة النعم

فأرعني أذنا أمرجك فِي كلمي)

(رياض شعر إِذا مَا الْفِكر أمطرها

فهما تروى لَهَا لب الْفَتى الْفَهم)

(فَمَا اقْترب الْهوى من عاشق دنف

ألذ من مَاء شعر جال فِي كرم)

وَقَالَ فِي مصلوب وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة ابْن بَقِيَّة الْوَزير

(كَأَنَّهُ عاشق قد مد صفحته

يَوْم الْفِرَاق إِلَى توديع مرتحل)

(أَو قايم من نُعَاس فِيهِ لوثته

مواصل لتمطيه من الكسل)

الْأَبْهَرِيّ الْمَالِكِي مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن صَالح أَبُو بك التَّمِيمِي الْأَبْهَرِيّ القَاضِي شيخ الْمَالِكِيَّة الْعِرَاقِيّين فِي عصره سمع وروى وصنف فِي مذْهبه قَالَ القَاضِي

ص: 250

عِيَاض لَهُ فِي شرح الْمَذْهَب تصانيف ورد عل المخالفي توفّي سنة خمس وَسبعين وَثلث ماية

ابْن شَاذان الْوَاعِظ مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْعَزِيز بن شَاذان أَبُو بكر الرَّازِيّ الْوَاعِظ وَالِد الْمُحدث أبي مَسْعُود أَحْمد بن مُحَمَّد الْعجلِيّ تتبع أَلْفَاظ الصُّوفِيَّة وَجمع مِنْهَا كثيرا وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسبعين وَثلث ماية

ابْن سكرة الْهَاشِمِي مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو الْحسن الْهَاشِمِي ابْن سكرة الأديب بغدادي من ذُرِّيَّة الْمَنْصُور كَانَ متسع الباع فِي أَنْوَاع الْأَدَب فايق الشّعْر لَا سِيمَا فِي المجون والسخف كَانَ يُقَال بِبَغْدَاد إِن زَمَانا جاد بِمثل ابْن حجاج وَابْن سكرة لسخي جدا وَقد شبها بالفرزدق وَجَرِير وَقيل إِن ديوانه يربى على خمسين ألف بَيت شعر كتب إِلَى ابْن العصب الْأُشْنَانِي الْبَغْدَادِيّ

(يَا صديقا أفادنيه زمانٌ

فِيهِ ضيقٌ بالأصدقاء وشُحُّ)

(بَين شخصي وَبَين شخصك بُعْدٌ

غيرَ أنَّ الخيالَ بالوصلِ سمحُ)

(إِنَّمَا أوجب التباعد منّا

أنني سُكَّرٌ وَأَنَّك ملح)

فَكتب الْجَواب إِلَيْهِ

(هَل يَقُول الإخوان يَوْمًا لخلٍّ

شابَ منهُ مَحْض الْمَوَدَّة قدح)

(بَيْننَا سكر فَلَا تفسدنه

أم يَقُولُونَ بَيْننَا ويك ملح)

وَقَالَ ابْن سكرة)

(تهت علينا وَلست فِينَا

ولي عهد وَلَا خليفه)

(فَلَا تقل لَيْسَ فِي عيب

قد تقذف الْحرَّة العفيفه)

(وَالشعر نَار بِلَا دُخان

وللقوافي رقى لطيفه)

(كم من ثقيل الْمحل سَام

هوت بِهِ أحرف خفيفه)

(لَو هجي الْمسك وَهُوَ أهل

لكل مدح لصار جيفه)

(فته وزد مَا عَليّ جَار

يقطع عني وَلَا وظيفه)

وَقَالَ

(قيل مَا أَعدَدْت للبر

د فقد جَاءَ بشده)

(قلت دراهة عري

تحتهَا جُبَّة رعده)

وينسب إِلَيْهِ وَهُوَ لطيف جدا

ص: 251

(نزلتي بِاللَّه زولي

وانزلي غير لهاتي)

(واتركي حلقي بحقي

فَهُوَ دهليز حَياتِي)

وَله البيتان المشهوران اللَّذَان بنى الحريري عَلَيْهِمَا المقامات الكرجية وهما

(جَاءَ الشتَاء وَعِنْدِي من حوايجه

سبع إِذا الْقطر عَن حاجاتنا حبسا)

(كن وكيس وكانون وكأس طلا

بعد الكباب وكس ناعم وكسا)

وَقد اشْتهر كثيرا ونظم النَّاس على هَذَا الأسلوب كثيرا لما قَرَأت المقامات الحريرية على الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة شهَاب الدّين أبي الثَّنَاء مَحْمُود الْكَاتِب الْحلَبِي رحمه الله ووصلت إِلَى بَيْتِي ابْن سكرة أَنْشدني لبَعْضهِم مواليا

(لقيتها قلت وقيتي من الْآفَات

بِاللَّه ارحمي صبك المضنى والامات)

(قَالَت تُرِيدُ بحدوثه وخرافات

تنصب علينا وَتَأْخُذ سادس الكافات)

ثمَّ إِنَّه التفتف إل الْحَاضِرين وَقَالَ هَل فِيكُم من يحفظ من نوع بَيْتِي ابْن سكرة شَيْئا فَأَنْشد بعد الْحَاضِرين قَول ابْن التعاويذي

(إِذا اجْتمعت فِي مجْلِس الشّرْب سَبْعَة

فبادر فَمَا التَّأْخِير عَنهُ صَوَاب)

(شواء وشمام وَشهد وشادن

وشمع وشاد مطرب وشراب)

وَسكت الْجَمَاعَة فَأَنْشَدته لِابْنِ قزل)

(عجل إِلَيّ فعندي سَبْعَة كملت

وَلَيْسَ فِيهَا من اللَّذَّات إعواز)

(طَال وطبل وطنبور وطاس طلا

وطفلة وطباهيج وطناز)

وأنشدته لَهُ أَيْضا

(جَاءَ الخريف وَعِنْدِي من حوايجه

سبع بِهن قوام السّمع وَالْبَصَر)

(موز ومز ومحبوب ومايدة

ومسمع ومدام طيب ومري)

وأنشدته أَيْضا قَول الآخر

(رمتنا يَد الْأَيَّام عَن قَوس خطبهَا

بِسبع وَهل نَاجٍ من السَّبع سَالم)

(غلاء وغازان وغزو وغربة

وغم وغدر ثمَّ غين ملازم)

ص: 252

فأعجبه ذَلِك علقه ثمَّ إِنَّه قَالَ إِلَّا أَن من خَاصَّة هَذَا النوعأنه لَا بُد أَن يكون بعض السَّبْعَة مَوْصُوفا ليقوم الْوَزْن بذلك فاستقريت مَا أحفظه فَكَانَ كَذَلِك وَالْعلَّة فِي هَذَا أَنَّهَا سَبْعَة أَلْفَاظ وَيُرِيد النَّاظِم أَن يَأْتِي بهَا فِي بَيت وَاحِد فيضطره الْوَزْن إِلَى زِيَادَة لَفْظَة ليَكُون كل أَرْبَعَة فِي نصف وَبَقِي هَذَا الْكَلَام فِي ذهني وَلم أكن إِذْ ذَاك مشتغلاً بِغَيْر التَّحْصِيل وَالْقِرَاءَة والمطالعة إِلَى أَن اشتغلت بِبَعْض الْعلم فَأَرَدْت امتحان الخاطر المخاطر بنظم شَيْء فِي هَذِه الْمَادَّة بِحَيْثُ أَن يكون سَبْعَة أَلْفَاظ بِغَيْر زِيَادَة وصف فاتفق لي أَن قلت

(إِذا تيَسّر لي فِي مصر وَاجْتمعت

سبع فَإِنِّي فِي اللَّذَّات سُلْطَان)

(خود وخمر وخاتون وخادمها

وخلسة وخلاعات وخلان)

وَقلت أَيْضا

(إِن قدر الله لي فِي الْعُمر وَاجْتمعت

سبع فَمَا أنافي أَنا فِي اللَّذَّات مغبون)

(قصر وَقدر وقواد وقحبته

وقهوة وقناديل وقانون)

وَقلت أَيْضا فِي الْجمع بَين ثَمَانِيَة

(ثَمَانِيَة إِن يمسح الدَّهْر لي بهَا

فَمَالِي عَلَيْهِ بعد ذَلِك مَطْلُوب)

(مقَام ومشروب ومزح ومأكل

ومله ومشموم وَمَال ومحبوب)

وَقلت أَيْضا

(إِلَى مَتى أَنا لَا أَنْفك فِي بلد

رهين جيمات جور كلهَا عطب)

(الْجُوع والجري وَالْجِيرَان والجدري

وَالْجهل والجبن والجرذان والجرب)

)

وَلِلنَّاسِ فِي هَذَا النَّوْع كثير وَلَكِن خفت تَطْوِيل هَذِه التَّرْجَمَة بايراد مَا يحضرني فِي ذَلِك فأخرت كل شَيْء أعرفهُ ليرد فِي تَرْجَمَة قايله توفّي ابْن سكرة سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثلث ماية

الْحَاجِب الْملك الْمَنْصُور الأندلسي مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عَامر مُحَمَّد بن الْوَلِيد القحطاني الْمعَافِرِي الأندلسي الْحَاجِب الْملك الْمَنْصُور أَبُو مَنْصُور كَانَ مُدبر دولة الْمُؤَيد بِاللَّه هِشَام بن الْمُسْتَنْصر الْأمَوِي عمد أول تغلبه إِلَى خزاين كتب الْمُسْتَنْصر فأبرز مَا فِيهَا من صنوف التواليف بِمحضر خواصه الْعلمَاء وأمرا بإفراد مَا فِيهَا من كتب الأوايل حاشى كتب الطِّبّ والحساب وَأمر باحراقها وأحرقت وطم بَعْضهَا وَكنت كَثِيرَة جدا فعل ذَلِك تحبباً إِلَى الْعَوام وتقبيحاً لرأي الْمُسْتَنْصر غزا مَا لم يغزه أحد الْمُلُوك وَفتح كثيرا وَكَانَ الْمُؤَيد مَعَه صُورَة ودانت لَهُ الأندلس وَكَانَ إِذا حضر من غَزْوَة نفض غباره وَجمعه وَأمر عِنْد مَوته أَن يذر مَا جمع على كَفنه وَتُوفِّي مبطوناً بِمَدِينَة سَالم سنة ثلث وَتِسْعين وَثلث ماية وللشعراء فِيهِ أمداح

ص: 253

كَثِيرَة وَكَانَ رُبمَا صلى الْعِيد فَحدثت لَهُ نِيَّة فِي الْغَزْو فَلم يرجع إِلَى الْقصر وَسَار لوجهته على الْفَوْر وأصابه النقرس فَكَانَ يَغْزُو فِي محفة وَكَانَ مجدوداً فِي الحروب غزا إِحْدَى وَخمسين غَزْوَة قَالَ صَاحب الريعان وَالريحَان وَالروم تعظم قَبره إِلَى الْيَوْم وَكَانَت مدَّته سِتا وَعشْرين سنة وَولى بعده ابْنه عبد الْملك بن مُحَمَّد والحاجب مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عَامر الْمَذْكُور هُوَ الَّذِي فرق شَمل القبايل بالأندلس وَدون الدَّوَاوِين للمرتزقة من الْجنُود وألزم النَّاس المعاون دون الحركات على قدر غلاتهم فَصَارَ الْعَرَب وأصناف النَّاس رعية وَإِنَّمَا كَانَ النَّاس من قبل هَذَا يجاهدون فِي قبايلهم وعَلى أَمْوَالهم وحرك الأنفة بينالمضرية واليمانية وَاسْتظْهر بالبربر والموالي وَكَانَ مبلغ المرتزقين فِي ديوانه اثنى عشر ألف فَارس وَأَرْبع ماية ثلث من الْعَرَب وَثلث من البربر وَثلث من الموَالِي لكَي لَا يتألف على خِلَافه صنف فيستظهر بالصنفين على مخالفيه وَكَانَ حزر الْمُطوِّعين مَعَه من أهل الأندلس اثْنَيْنِ وَعشْرين ألف فَارس وَملك من العدوة إِلَى سجلماسة وَبني مَدِينَة الزاهرة بشرقي قرطبة على النَّهر الْأَعْظَم محاكياً للزهراء وَبني قنطرة رشنشاقة على النَّهر الْأَعْظَم محاكياً للجسر الْأَكْبَر بقرطبة وَزَاد فِي الْجَامِع مثلَيْهِ

ابْن المستكفي بِاللَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد هَارُون بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَبُو الْحسن ابْن)

المستكفي بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ ابْن المكتفي ابْن المعتضد ابْن الْأَمِير الْمُوفق ابْن المتَوَكل ابْن المعتصم ابْن الرشيد ابْن الْمهْدي ابْن الْمَنْصُور فَارق أَبُو الْحسن هَذَا بَغْدَاد لما خلع وَالِده وسملت عَيناهُ وهرب فَدخل الشَّام ومصر وَأقَام هُنَاكَ ذكر ثَابت بن سِنَان الصَّابِئ أَن مُحَمَّد بن المستكفي كَانَ عِنْد كافور الأخشيذي فلاذ بِهِ جمَاعَة وأطمعوه فِي الْخلَافَة وَقَالُوا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الْمهْدي من بعدِي اسْمه أسمى وَاسم أَبِيه اسْم أبي وَأَنت إِن عدت إِلَى بَغْدَاد بَايع لَك الديلم بالخلافة فَدَخلَهَا سرا وَبَايَعَهُ جمَاعَة من الديلم سنة سبع وَخمسين وَثلث ماية فَاطلع الْملك عز الدولة بختيار ابْن معز الدولة على ذَلِك وَكَانَ قد قَالَ إِن وَالِدي كَانَ نصبني فِي الْخلَافَة بعده وَكتب اسْمِي على الدِّينَار وَالدِّرْهَم وَصَحبه خلق من أهل بَغْدَاد مِنْهُم أَبُو الْقَاسِم اسماعيل بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بزنجي وترتب لَهُ وزيراً فَأمر عز الدولة بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وَنفذ إِلَى دَار الْخلَافَة فجدع أَنفه وَقطعت شفته الْعليا وشحمتا أُذُنَيْهِ وَحبس فِي دَار الْخلَافَة وَكَانَ مَعَه أَخُوهُ عَليّ وأنهما هربا من دَار الْخلَافَة فِي يَوْم عيد واختلطا بِالنَّاسِ مضيا فَلم يعلم لَهما خبر إِلَى هَذِه الْغَايَة قَالَ ابْن النجار وَلما هرب قصد خُرَاسَان وَدخل مَا وَرَاء النَّهر وَسمع الحَدِيث ببخارا من أبي حَاتِم البستي سنة تسع وَسِتِّينَ وَثلث ماية وَكَانَ قد اجْتمع بالمتنبي فِي مصر وروى عَنهُ شَيْئا من شعره قَالَ أَنْشدني المتنبئ لنَفسِهِ

ص: 254

(لاعبت بالخاتم إنسانة

كَمثل بدر فِي الدجا الفاحم)

(فَكلما حاولت أخذي لَهُ

من البنان المترف الناعم)

(ألقته فِي فِيهَا فَقلت انْظُرُوا

قد خبت الْخَاتم فِي الْخَاتم)

أَبُو الدبس ابْن السفاح مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَبُو عبد الله بن أبي الْعَبَّاس السفاح ذكر الصولي أَن أمه أم سَلمَة بنت يَعْقُوب بن سَلمَة بن عبد الله بنالمغيرة المَخْزُومِي ولد بِأَرْض البلقاء من أَعمال دمشق وَخرج مَعَ أَبِيه السفاح إِلَى الْكُوفَة وولاه عَمه الْمَنْصُور الْبَصْرَة وَكَانَ كثير الطّيب يمْلَأ لحيته بالغالية إِذا ركب فلقبوه أَبَا الدبس لِأَنَّهُ لما قدم الْبَصْرَة كَانَ فِي يَوْم صايف فَصَعدَ الْمِنْبَر وخطب ولحيته تقطر على قبايه كَأَنَّهُ دوشاب توفّي بِبَغْدَاد سنة تسع وَأَرْبَعين وماية وَمن شعره

(أيا وقْعَة الْبَين مَاذَا شببت

من النَّار فِي كبد المغرم)

(رميت جوانحه إِذْ رميت

بقوس مسددة الأسهم)

)

(وقفنا لِزَيْنَب يَوْم الْوَدَاع

على مثل جمر الغضا المضرم)

(فَمن صرف دمع جرى للفراق

وممتزج بعده بِالدَّمِ)

أَبُو الْحسن ابْن الْمُهْتَدي مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْمُهْتَدي بِاللَّه أَبُو الْحسن ابْن أبي جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ من بَيت مَشْهُور بِالْعَدَالَةِ وَالرِّوَايَة والخطابة والتقدم سمع الحَدِيث قَالَ ابْن النجار كتبت عَنهُ وَهُوَ متأدب من أهل الْفضل لَهُ شعر مطبوع وأخلاقه حَسَنَة وَفِيه كيس وتودد وتواضع توفّي سنة أَرْبَعِينَ وست ماية وَمن شعره

(لن لأعاديك إِذا مَا بغوا

ودارهم مَا اسطعت أوداجهم)

(فَإِن تمكنت فرويهم

يَا ذَا النهى من دم أَو داجهم)

ابْن عبد كَانَ الْكَاتِب مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مودود الْمَعْرُوف بِابْن عبد كَانَ أَبُو جَعْفَر الْكَاتِب المنشئ صَاحب الرسايل الْمُدَوَّنَة فِي عشر مجلدات توفّي سنة سبعين وماتين وَكَانَ على المكاتبات والترسل مُنْذُ أَيَّام أَحْمد بن طولون ومكاتباته وأجوبته مَوْجُودَة إِلَى آخر أَيَّام أبي الْجَيْش خمارويه بن أَحْمد وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو الْقسم كَانَ أول أَمر ابْن عبد كَانَ أَنه ولى الْبَرِيد بِدِمَشْق وحمص ثمَّ صَار كَاتب أبي الْجَيْش خمارويه بن أَحْمد وَمن رِسَالَة كتبهَا إِلَى أَحْمد بن الْمُدبر

(لم يبْق غَيْرك من يخْشَى ويرتقب

وَلَا يُرْجَى إِذا مَا نابت النوب)

(لَوْلَا قيامك بالدنيا تدبرها

يَا ابْن الْمُدبر لاستهوى بهَا العطب)

ص: 255

(دَانَتْ لَك الأَرْض أولاها وَآخِرهَا

فالقرب متسق والبعد مقترب)

(إِن الْخلَافَة إِن أثبت عَلَيْك فَمَا

أوليتها فلهَا تنأى وتقترب)

(تذود عَنْهَا وتحمي مَا حمته وَلَا

يشوب جدك فِي توقيرها لعب)

(مَا إِن تَدور رحى للحرب تعرفها

إِلَّا وَأَنت لَهَا فِي دورها القطب)

وَهِي أَكثر من هَذَا وَمِمَّا كتبه إِلَى أبي بكر بن أَيمن

(إِذا كنت عِنْد الْجد فِي الْجد عُمْدَة

وَلَا أَنْت عِنْد الْهزْل تصلح للهزل)

(فَمَاذَا علينا أَن تكون حِجَارَة

من الأَرْض لَا تندى بوبل وَلَا هطل)

الأودني الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن نصير بن وَرْقَاء أَو ورقة الأودني بِضَم الْهمزَة وَقيل بِفَتْحِهَا وأودن قَرْيَة من بخارا كَانَ إِمَام الشَّافِعِيَّة بِمَا وَرَاء النَّهر فِي زَمَانه وَكَانَ)

من أزهد الْفُقَهَاء يبكي على تَقْصِيره وَمن أعبدهم وأورعهم وَله وَجه فيالمذهب وَمن غرايب وجوهه أَن الرِّبَا حرَام فِي كل شَيْء فَلَا يجوز بيع مَال بِجِنْسِهِ مُطلقًا وَتُوفِّي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثلث ماية وَدفن بكلاباذ وَذكره صَاحب الْوَسِيط فِي مَوَاضِع عديدة

الْحَافِظ الجوزقي مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء الْحَافِظ أَبُو بكر الشَّيْبَانِيّ الجوزقي بِالْجِيم الْمَفْتُوحَة وَالْوَاو الساكنة وَالزَّاي الْمَفْتُوحَة وَبعدهَا قَاف شيخ نيسابور وَابْن محدثها صنف الْمسند الصَّحِيح على كتاب مُسلم قَالَ الْحَاكِم وانتقيت لَهُ فوايد فِي عشْرين جُزْءا ثمَّ بعْدهَا ظهر سَمَاعه من السراح توفّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثلث ماية وجوزق قَرْيَة من قرى نيسابور

ابْن دِينَار الْفَقِيه الزَّاهِد مُحَمَّد بن عبد الله بن دِينَار أَبُو عبد الله الْفَقِيه الزَّاهِد النَّيْسَابُورِي رغب عَن الْفَتْوَى لاشتغاله بِالْعبَادَة كَانَ يحجّ دايماً وَيعود وَتُوفِّي عِنْد مُنْصَرفه من الْحَج سنة ثمن وثلثين وَثلث ماية وَدفن عِنْد قبر أبي حنيفَة رحمهمَا الله تَعَالَى

الصفار الْخُرَاسَانِي الْمُحدث مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد أَبُو عبد الله الصفار مُحدث عصره بخراسان أَقَامَ أَرْبَعِينَ سنة لم يرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء حَيَاء من الله وَكَانَ يَقُول

ص: 256

اسْمِي اسْم رَسُول صلى الله عليه وسلم وَاسم أبي اسْم أَبِيه وَاسم أُمِّي آمِنَة توفّي سنة تسع وثلثين وَثلث ماية فِي ذِي الْقعدَة

ابْن حمشاذ الزَّاهِد مُحَمَّد بن عبد الله بن حمشاذ أَبُو مَنْصُور النَّيْسَابُورِي الزَّاهِد أحد الْأَعْلَام تخرج بِهِ جمَاعَة وَسمع وروى وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثلث ماية

السلَامِي مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد أَبُو الْحسن الْقرشِي المَخْزُومِي السلَامِي بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَاللَّام المخففة نِسْبَة إِلَى دَار السَّلَام نَشأ بِبَغْدَاد وَلَقي جمَاعَة بالموصل من الأدباء مِنْهُم الببغا وَأَبُو عُثْمَان الخالدي وَأَبُو الْحسن التلعفري وأعجبهتهم براعته على حَدَاثَة سنة وَبَالغ الصاحب فِي إكرامه لما قَصده وَكَانَ يَقُول إِذا رَأَيْته فِي مجلسي ظننته عُطَارِد نزل من الْفلك ووقف بَين يَدي توفّي السلَامِي فِي جُمَادَى الأولى سنة ثلث وَتِسْعين وَثلث ماية وَولد فِي كرخ بَغْدَاد سنة سِتّ وثلثين وَهُوَ من ولد الْوَلِيد بن الْمُغيرَة أخي خَالِد بن الْوَلِيد رضي الله عنهما قَالَ الثعالبي هُوَ من أشعر أهل الْعرَاق قولا بالاطلاق وَأول شعر قَالَه فِي الْمكتب

(بدايع الْحسن فِيهِ مفترقه

وأعين النَّاس فِيهِ متفقه)

)

(سِهَام ألحاظه مفوقة

فَكل من رام لَحْظَة رشقه)

(قد كت بالْحسنِ فَوق وجنته

هَذَا مليح وَحقّ من خلقه)

اتهمه الْجَمَاعَة المذكورون أَولا فِي تَرْجَمته لحداثة سنه فِيمَا ينشدهم فَصنعَ الخالدي دَعْوَة للشعراء وَفِيهِمْ السلَامِي فَلم يَلْبَثُوا أَن جَاءَ مطر شَدِيد وَبرد حَتَّى غطى وَجه الأَرْض فَألْقى الخالدي نارنجاً كَانَ هُنَاكَ وَقَالَ صفوا هَذَا فَقَالَ السلَامِي ارتجالاً

(لله در الخالدي

الأوحد النّدب الخطير)

(أهْدى لماء المزن عَنَّا

د جموده نَار السعير)

(لَا تعذلوه فَإِنَّمَا

بعث الخدود إِلَى الثغور)

فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك مِنْهُ أَمْسكُوا عَنهُ إِلَّا التلعفوي فَإِنَّهُ أَقَامَ على قَوْله فِيهِ حَتَّى قَالَ السلَامِي فِيهِ

(سما التلعفري إِلَى وصالي

وَنَفس الْكَلْب تكبر عَن وصاله)

(يُنَافِي خلقه خلقي وتأبى

فعالي أَن تُضَاف إِلَى فعاله)

(فصنعتي النفسية فِي لساني

وصنعته الخسيسة فِي قذاله)

ص: 257

(فَإِن أشعر فَمَا هُوَ من رجالي

وَإِن يصفع فَمَا أَنا من رِجَاله)

وَله فِيهِ أهاجي كَثِيرَة ومدح الصاحب ابْن عباد وَهُوَ بأصبهان بقصيدته البائية الَّتِي مِنْهَا

(تبسطنا على الآثام لما

رَأينَا الْعَفو من ثَمَر الذُّنُوب)

ومدح عضد الدولة ابْن بويه بقصيدته الَّتِي يَقُول فِيهَا

(إِلَيْك طوى عرض البسيطة عَاجل

قصارى المطايا أَن يلوح لَهَا الْقصر)

(فَكنت وعزمي فِي الظلام وصارمي

ثلثة أَشْيَاء كَمَا اجْتمع النسْر)

(وبشرت آمالي بِملك هُوَ الوارى

وَدَار فِي الدُّنْيَا وَيَوْم هُوَ الدَّهْر)

وَمثله قَول أبي الطّيب

(هِيَ الْغَرَض الْأَقْصَى ورؤيتك المنى

ومنزلك الدُّنْيَا وَأَنت الخلايق)

وَقَول الأرجاني

(يَا سايلي عَنهُ لما جِئْت أمدحه

هَذَا هُوَ الرجل العاري من الْعَار)

(لَقيته فَرَأَيْت النَّاس فِي رجلٍ

والدهر فِي سَاعَة وَالْأَرْض فِي دَار)

والسلامي فِي هَذَا الْمَعْنى فِي الطَّبَقَة الأولى حسنا والأرجاني فِي الْوُسْطَى وأبى الطّيب فِي)

السافلة مَعَ نقص الْمَعْنى وَرَأَيْت جمَاعَة من الأفاضل ينشدون قَول السلَامِي فَكنت وعزمي والظلام وصارمي الْبَيْت فَأَقُول لَهُ فِي الظلام فَيَقُول والظلام فَأَقُول فَيكون الْمَعْدُود أَرْبَعَة وَقد قَالَ ثلثة أَشْيَاء فَمنهمْ من يَهْتَدِي إِلَى الصَّوَاب وَمِنْهُم من لم يهتد ويصر على الْخَطَأ وَمن غرر شعره قَوْله

(نبهت نَدْمَانِي وَقد

عبرت بِنَا الشعرى العبور)

(والبدر فِي أفق السما

ء كروضة فِيهَا غَدِير)

(هبوا فقد عيي الرقي

ب ونام وانتبه السرُور)

(وَأَشَارَ إِبْلِيس فَقل

نَا كلنا نعم المشير)

(صرعى بمعركة يع

فى الْوَحْش عَنْهَا والنسور)

(نوار روضتنا خدو

د والغصون بهَا خصور)

(طَاف السقاة بهَا كَمَا

أَهْدَت لَك الصَّيْد الصقور)

(عذراء يكتمها المزا

ج كَأَنَّهَا فِيهِ ضمير)

(ويظن تَحت حبابها

خد تقبله ثغور)

ص: 258

(حَتَّى سجدنا والإما

م أمامنا بِمَ وَزِير)

ابْن اللبان الفرضي مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحسن أَبُو الْحُسَيْن ابْن اللبان الْبَصْرِيّ الفرضي الْعَلامَة حدث بسنن أبي دَاوُد وسمعها من الْمَذْكُور أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ وَثَّقَهُ الْخَطِيب وَقَالَ انْتهى إِلَيْهِ علم الفرايض وصنف فِيهِ كتبا توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبع ماية

الهرواني الْحَنَفِيّ مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن عبد الله بن يحيى بن حَاتِم الْجعْفِيّ القَاضِي أَبُو عبد الله الْكُوفِي الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بالهرواني أحد الأيمة الْأَعْلَام يفنى بِمذهب أبي حنيفَة حدث بِبَغْدَاد ووثقة الْخَطِيب سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبع ماية

الْحَاكِم ابْن البيع مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن حَمْدَوَيْه بن نعيم بن الحكم الضَّبِّيّ الطهماني النَّيْسَابُورِي الْحَافِظ أَبُو عبد الله الْحَاكِم الْمَعْرُوف بِابْن البيع صَاحب التصانيف فِي عُلُوم الحَدِيث ولد يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث شهر ربيع الأول سنة إِحْدَى عشْرين وَثلث ماية وَطلب الْعلم من الصغر باعتناء أَبِيه وَأول سَمَاعه سنة ثلثين واستملى على أبي حَاتِم ابْن حبَان سنة أَربع وثلثين وَوصل الْعرَاق سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وانتخب على خلق كثير وجرح وَعدل وَقبل قَوْله فِي ذَلِك)

لسعة علمه ومعرفته بالعلل وَالصَّحِيح والسقيم وتفقه على أبي عَليّ بن أبي هُرَيْرَة وَأبي سهل الصعلوكي وَغَيرهمَا ورحل إِلَيْهِ من الْبِلَاد وَاتفقَ لَهُ من التصانيف مَا لَعَلَّه يبلغ ألف جُزْء من تَخْرِيج الصَّحِيحَيْنِ والعلل والتراجم والأبواب والشيوخ والمجموعات مثل معرفَة عُلُوم الحَدِيث ومستدرك الصَّحِيحَيْنِ وتاريخ النيسابوريين وَكتاب مزكى الْأَخْبَار والمدخل إِلَى علم الصَّحِيح وَكتاب الأكليل وفضايل الشَّافِعِي إِلَى غير ذَلِك وَتُوفِّي ثامن صفر سنة خمس وَأَرْبع ماية قَالَ يَا قوت قَالَ مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي سَأَلت الإِمَام أَبَا إسمعاعيل عبد الله بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ بهراة عَن أبي عبد الله الْحَاكِم النَّيْسَابُورِي فَقَالَ ثِقَة فِي الحَدِيث رَافِضِي خَبِيث قَالَ وَكَانَ الْحَاكِم رحمه الله شَدِيد التعصب للشيعة فِي الْبَاطِن وَكَانَ يظْهر التسنن فِي التَّقْدِيم

ص: 259

والخلافة وَكَانَ منحرفاً عَن مُعَاوِيه غالياً فِيهِ وَفِي أهل بَيته يتظاهر بِهِ وَلَا يعْتَذر مِنْهُ قَالَ وَسمعت أَبَا الْفَتْح سمكويه الْأَصْبَهَانِيّ بهراة يَقُول سَمِعت عبد الْوَاحِد المليحي يَقُول سَمِعت أَبَا عبد الرَّحْمَن السلمى يَقُول دخلت على الْحَاكِم أبي عبد الله وَهُوَ فِي دَاره لَا يُمكنهُ الْخُرُوج إِلَى الْمَسْجِد من جِهَة أَصْحَاب أبي عبد الله بن كرام وَذَلِكَ أَنهم كسروا منبره ومنعوه من الْخُرُوج فَقلت لَهُ لَو خرجت وأمليت فِي فضايل هَذَا الرجل حَدِيثا لاسترحت من هَذِه المحنة فَقَالَ لَا يجيئ من قلبِي لَا يَجِيء من قلبِي لَا يجِئ منقلبي قَالَ ابْن طَاهِر وَمن بحث عَن تصانيفه رأى فِيهَا العجايب من هَذَا الْمَعْنى خَاصَّة الْكتاب الَّذِي صنفه وَسَماهُ فِيمَا زعم الْمُسْتَدْرك على الصَّحِيحَيْنِ لَعَلَّ أَكْثَره إِنَّمَا قصد بِهِ ثلب أَقوام ومدح أَقوام وَقَالَ أَبُو سعدالماليني طالعت كتاب الْمُسْتَدْرك على الشَّيْخَيْنِ الَّذِي صنفه الْحَاكِم من أَوله إِلَى آخِره فَلم أر فِيهِ حَدِيثا على شَرطهمَا

ابْن أبي زمنين مُحَمَّد بن عبد الله بن عِيسَى بن مُحَمَّد المري الإِمَام أَبُو عبد الله الإلبيري الْمَعْرُوف بِابْن أبي زمنين بِفَتْح الزَّاي وَالْمِيم وَكسر النُّون نزيل قرطبة سمع وروى كَانَ عَارِفًا بِمذهب مَالك متفنناً فِي الْأَدَب وَالشعر مقتفياً لآثار السّلف لَهُ المقرب فِي اخْتِصَار الْمُدَوَّنَة لَيْسَ فِي مختصراتها مثله وَمُنْتَخب الْأَحْكَام الَّذِي سَار فِي الْآفَاق والوثايق وَالْمذهب فِي الْفِقْه ومختصر تَفْسِير ابْن سَلام وحياة الْقُلُوب فِي الزّهْد وَأنس المريدين والنصايح الْمَنْظُومَة شعره وأدب الْإِسْلَام وأصول السّنة توفّي سنة أَربع ماية أَو مَا قبلهَا

المَسْعُودِيّ الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عبد الله بن مَسْعُود بن أَحْمد المَسْعُودِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي إِمَام فَاضل مبرز من أهل مرو تفقه على أبي بكر الْقفال الْمروزِي وَشرح مُخْتَصر الْمُزنِيّ وَأحسن)

فِيهِ وروى قَلِيلا من الحَدِيث عَن أستاذه الْقفال وَحكى الْغَزالِيّ عَنهُ فِي كتاب الْوَسِيط فِي الْإِيمَان فِي الْبَاب الثُّلُث فِيمَا يَقع بِهِ الْحِنْث مَسْأَلَة لَطِيفَة فَقَالَ فرع لَو حلف لَا يَأْكُل بيضًا ثمَّ انْتهى إِلَى رجل فَقَالَ وَالله لآكلن مَا فِي كمك فَإِذا هُوَ بيض فقد سُئِلَ الْقفال عَن هَذِه الْمَسْأَلَة وَهُوَ على الْكُرْسِيّ فَلم يحضر الْجَواب فَقَالَ المَسْعُودِيّ تِلْمِيذه يتَّخذ مِنْهُ الناطف ويأكله فَيكون قد أكل مَا فِي كمه وَلم يَأْكُل الْبيض فَاسْتحْسن ذَلِك مِنْهُ توفّي فِي سنة نَيف وَعشْرين وَأَرْبع ماية ونسبته إِلَى جده

ابْن أبي عَبَايَة مُحَمَّد بن عبد الله بن أبان بن قُرَيْش أَبُو بكر الهيتي الْمَعْرُوف بِابْن أبي عَبَايَة كَانَت أُصُوله كَثِيرَة الْخَطَأ إِلَّا أَنه كَانَ صَالحا مغفلاً مَعْرُوفا بِالْخَيرِ توفّي سنة ثَمَان وَأَرْبع ماية

ص: 260

ابْن الْمعلم العابد مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد أَبُو الْفرج الدِّمَشْقِي الدِّمَشْقِي العابد الْمَعْرُوف بِابْن الْمعلم الَّذِي بنى كَهْف جِبْرِيل بجبل قاسيون كَانَ مجاب الدعْوَة قَالَ ابْن عَسَاكِر كَانَ قرَابَة لنا توفّي سنة اثْنَتَيْنِ عشرَة وَأَرْبع ماية

ابْن الدوري مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحُسَيْن أَبُو بكر وَيُقَال أَبُو الْحسن الدِّمَشْقِي النَّحْوِيّ الشَّاعِر الْمَعْرُوف بِابْن الدوري روى الحَدِيث وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ وَكَانُوا يَتَّهِمُونَهُ فِي دينه توفّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبع ماية وَمن شعره

ابْن باكويه الصُّوفِي مُحَمَّد بن عبد الله بن عبيد بن باكويه أَبُو عبد الله الشِّيرَازِيّ أحد مَشَايِخ الصُّوفِيَّة الْكِبَار سمع وَحدث وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَعشْرين وَأَرْبع ماية

ابْن ريذه مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْحَق بن زِيَاد أَبُو بكر الْأَصْبَهَانِيّ التَّاجِر الْمَعْرُوف بِابْن ريذه روى عَن الطَّبَرَانِيّ مُعْجَمه الْكَبِير وَالصَّغِير والفتن لنعيم بن حَمَّاد وَطَالَ عمره وَتفرد فِي وقته قَالَ ابْن مندة فِيهِ الثِّقَة الْأمين كَانَ أحد وُجُوه النَّاس حسن الْخط يعرف طرفا من النَّحْو واللغة روى عَنهُ خلق آخِرهم موتا فَاطِمَة الجوزدانية توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة أَرْبَعِينَ وَأَرْبع ماية وريذة بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الذَّال الْمُعْجَمَة وَبعدهَا هَاء

المظفر بَان الافطس مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلمة أَبُو رك التجِيبِي الملقب بالمظفر صَاحب بطليوس يعرف بِابْن الْأَفْطَس كَانَ أديباً جم الْمعرفَة جمَاعَة للكتب لم يكن فِي مُلُوك الأندلس)

من يفوقه فِي ذَلِك وَله التَّذْكِرَة فِي عدَّة فنون تكون فِي خمسين مجلداً توفّي سنة سِتِّينَ وَأَرْبع ماية

ابْن تومرت مُحَمَّد بن عبد الله بن تومرت أَبُو عبد الله الملقب بالمهدي المصمودي الهرغي بالراء الساكنة والغين الْمُعْجَمَة صَاحب دَعْوَة السُّلْطَان عبد الْمُؤمن ملك الغرب لَقِي الْغَزالِيّ والكياء الهراسي وَأَبا بكر الطرطوشي وجاور بِمَكَّة وَحصل طرفا جيدا من الْعلم وَكَانَ ورعاً ناسكاً مهيباً متقشفاً مخشوشناً أماراً بالمعرف كثير الإطراق متعبداً يبتسم إِلَى من لقِيه وَلَا يصحب من الدُّنْيَا إِلَّا عَصا وركوة وَكَانَ شجاعاً جرئاً فصيحاً عَاقِلا بعيد الْغَوْر وَإِذا خَافَ من الْبَطْش بِهِ خلط فِي كَلَامه ليظن أَنه مَجْنُون كَانَ قد رأى فِي مَنَامه أَنه شرب الْبَحْر جَمِيعه كرتين وَمن شعره

(أخذت بأعضادهم إِذْ نأوا

وخلفك الْقَوْم إِذْ ودعوا)

(فكم أَنْت تنْهى وَلَا تَنْتَهِي

وَتسمع وعظاً وَلَا تسمع)

(فيا حجر الشحذ حَتَّى مَتى

تسن الْحَدِيد وَلَا تقطع)

ص: 261

قيل إِنَّه رأى فِي الصَّعِيد أَو بِمصْر أَو الْقَاهِرَة سبّ الصَّحَابَة على بعض الْمَسَاجِد مَكْتُوبًا فَقَالَ مَا هَذِه دَار سَلام وَأنْشد

(ذَرْنِي وَأَشْيَاء فِي نَفسِي مخبأة

لألبسن لَهَا درعاً وجلبابا)

(وَالله لَو ظَفرت كفي ببغيتها

مَا كنت عَن ضرب أَعْنَاق الورى آبى)

(حَتَّى أطهر هَذَا الدّين من نجس

وَأوجب الْحق للسادات إِيجَابا)

(وَأَمْلَأُ الأَرْض عدلا بعد مَا ملئت

جوراً وأفتح لِلْخَيْرَاتِ أبوابا)

وَلما ركب من اسكندرية فِي الْبَحْر مُتَوَجها إِلَى بِلَاد أَخذ يُنكر على أهل السَّفِينَة ويلزمهم بِالصَّلَاةِ والتلاوة وَوصل إِلَى المهدية وصاحبها يحيى بن تَمِيم الصهناجي وقرأوا عَلَيْهِ كتبا فِي الْأُصُول وَكسر أواني الْخُمُور ثمَّ نزح إِلَى بجاية فَأخْرج مِنْهَا إِلَى قَرْيَة يُقَال لَهَا ملالة فَوجدَ بهَا عبد الْمُؤمن بن عَليّ الْقَيْسِي يُقَال إِن ابْن تومرت كَانَ قد وَقع بِكِتَاب فِيهِ صفة عبد الْمُؤمن وَهُوَ رجل يظْهر بالمغرب الْأَقْصَى من ذُرِّيَّة النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَدْعُو إِلَى الله يكون مقَامه ومدفنه بِموضع من الغرب يُسمى ت ى ن م ل ويجاوز وقته الماية الْخَامِسَة فألقي فِي ذهنه أَنه هُوَ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لَهُ مَا اسْمك قَالَ عبد الْمُؤمن فَقَالَ الله أكبر أَنْت بغيتي فَأَيْنَ)

مقصدك قَالَ الشرق لطلب الْعلم قَالَ قد وجدت علما وشرفاً اصحبني تنله فوافقه فَألْقى إِلَيْهِ مُحَمَّد أمره وأودعه سره وَكَانَ مُحَمَّد صحب عبد الله الونشريشي بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون النُّون وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَبعدهَا رَاء مَكْسُورَة وياء آخر الْحُرُوف ساكة وشين أُخْرَى وَهِي من أَعمال إفريقية ففاضوه فِيمَا عزم عَلَيْهِ فوافقه أتم مُوَافقَة وَكَانَ الونشريشي فَاضلا أَيْضا فصحياً وتفاوضا فِي ذَلِك فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد أرى أَن تكْتم مَا أَنْت عَلَيْهِ من الْعلم والفصاحة وَتظهر العي وَالْعجز واللكن فَفعل ذَلِك ثمَّ إِن مُحَمَّدًا استدنى من المغاربة أشخاصاً أَغْمَارًا أجلاداً وَكَانُوا ستى وَسَار بهم لى أقْصَى الْمغرب ثمَّ بعد ذَلِك اجْتمع بِعَبْد الْمُؤمن وتوجهوا إِلَى مراكش وصاحبها عَليّ بن يُوسُف بن تاشفين وبحضرته رجل يُقَال لَهُ مَالك بن وهيب الأندلسي وَكَانَ عَالما صَالحا فشرع فِي الْإِنْكَار ابْن تومرت على عَادَته وَأنكر على ابْنة الْملك وقصته مَعهَا يطول شرحها فَبلغ خَبره الْملك وَأَنه يتحدث تَغْيِير الدولة فَتحدث مَعَ ابْن وهيب فَقَالَ أرى أَن تحضره وَأَصْحَابه ونسمع كَلَامه بِحُضُور الْعلمَاء وَكَانُوا مقيمين فِي مَسْجِد خراب خَارج الْبَلَد فَلَمَّا حَضَرُوا سَأَلَهُ مُحَمَّد بن أسود قَاضِي المرية وَقَالَ مَا الَّذِي يذكر عَنْك فِي حق هَذَا الْملك الْعَادِل المنقاد إل الْحق فَقَالَ مُحَمَّد الَّذِي نقل عني قلته ولي من رُوَائِهِ أَقْوَال فَهَل بلغك يَا قَاضِي أَن الْخمر تبَاع جَهرا والخنازير تمشي بَين الْمُسلمين وأموال الْيَتَامَى تُؤْخَذ وعد من ذَلِك شَيْئا كثيرا فَلَمَّا سَمعه الْملك ذرفت عَيناهُ فَلم يكلمهُ أحد مِنْهُم فَقَالَ لَهُ ابْن وهيب أَخَاف عَلَيْك من هَذَا وَأرى اعتقاله مَعَ أَصْحَابه وَينْفق كل يَوْم عَلَيْهِم دِينَار لتكفي شَره وَإِن لم تفعل هَذَا أنفقت خزاينك عَلَيْهِ فَقَالَ وزيره يقبح عَلَيْك أَن تبْكي من موعظته وتسيء إِلَيْهِ فِي مجْلِس وَاحِد ويهظر مِنْك الْخَوْف وَهُوَ فَقير فَصَرفهُ وَسَأَلَهُ الدُّعَاء وَلما خَرجُوا قَالَ

ص: 262

مُحَمَّد لجماعته لَا مقَام لنا بمراكش مَعَ ابْن وهيب فتوجهوا إِلَى اغمات واجتمعوا بِعَبْد الْحق بن إِبْرَاهِيم من فُقَهَاء المصامدة وحكوا لَهُ مَا جرى فَقَالَ هَذَا الْموضع لَا يحميكم وَإِن أحصن هَذِه الْمَوَاضِع تين مل فانقطعوا فِيهِ بُرْهَة فَلَمَّا سمع مُحَمَّد هَذَا الِاسْم تجدّد لَهُ ذكره فِيمَا كَانَ اطلع عَلَيْهِ فقصدوا الْمَكَان وَأكْرمهمْ أَهله وأنزلوهم أكْرم نزل وَسَأَلَ الْملك عَنْهُم بعد ذَلِك فَقيل لَهُ سافروا فسر بذلك وتسامع أهل الْجَبَل بهم وقصدوهم من كل فج عميق يلتموسن بكرَة مُحَمَّد دعاءه فَكَانَ كل من استدناه عرض عَلَيْهِ مَا فِي نَفسه فَإِن أَجَابَهُ أَضَافَهُ إِلَى خواصه وَإِن أبي أعرض عَنهُ وَكَانَ أَصْحَاب الْعُقُول ينهون من يمِيل إِلَيْهِ خوفًا من السُّلْطَان فطال الْأَمر على)

مُحَمَّد وَخَافَ من حُلُول الْمنية وَرَأى بعض أَوْلَاد الْقَوْم شقراً زرقاً وألوان آبايهم إِلَى السمرَة والكحل فَسَأَلَهُمْ عَن ذَلِك فَأَجَابُوهُ بعد جهد إِنَّه علينا خراج للْملك فَإِذا جَاءَ مماليكه نزلُوا بُيُوتنَا وأخرجونا عَنْهَا ويخلون بِمن فِيهَا من السناء فَقَالَ لَهُم وَالله إِن الْمَوْت خير من هَذِه الْحَيَاة كَيفَ حالكم مَعَ نَاصِر يقوم بِدفع هَذَا عَنْكُم قَالُوا نقدم نفوسنا لَهُ من الْمَوْت وَمن هُوَ قَالَ ضيفكم يَعْنِي نَفسه وَكَانُوا يغالون فِي تَعْظِيمه فَأخذ عَلَيْهِم العهود والمواثيق وَقَالَ ضيفكم يَعْنِي نَفسه وَكَانُوا يغالون فِي تَعْظِيمه فَأخذ عَلَيْهِم العهود والمواثيق وَقَالَ اسْتَعدوا لحضورهم بِالسِّلَاحِ وغذا جَاءُوا أجروهم عل عَادَتهم وميلوا عَلَيْهِم بِالْخمرِ فَإِذا سَكِرُوا ادنوني مِنْهُم فَلَمَّا حَضَرُوا فعل بهم ذَلِك وأعلموه بأمرهم لَيْلًا فَأمر بِقَتْلِهِم فَأتوا على آخِرهم وَنَجَا مِنْهُم وَاحِد وَكَانَ خَارج الدَّار فهرب وَلحق بمراكش وَأخْبر الْملك فندم على فَوَات مُحَمَّد وَعلم أَن الحزم كَانَ مَا رَآهُ ابْن وهيب فَجهز عسكراً إِلَى وَادي تين مل وَعلم مُحَمَّد أَن الْعَسْكَر يحضر إِلَيْهِم فَأَمرهمْ بالقعود عل نقاب الْوَادي ومراصده واستنجد لَهُم المجاورين فَلَمَّا وصل الْعَسْكَر أَقبلت الْحِجَارَة عَلَيْهِم مثل الْمَطَر من جَانِبي الْوَادي وَلم يزَالُوا كَذَلِك إِلَى أَن حَان اللَّيْل بَينهم فَرجع الْعَسْكَر إِلَى الْملك فَعلم أَنه لَا طَاقَة لَهُ بِأَهْل الْجَبَل فَأَعْرض عَنْهُم وَتحقّق ذَلِك مُحَمَّد وصفت لَهُ مَوَدَّة أهل الْجَبَل فَأمر الونشريشي وَقَالَ أظهر فضايلك وفصاحتك دفْعَة وَاحِدَة فَلَمَّا صلوا الصُّبْح قَالَ رَأَيْت البارحة فِي نومي ملكَيْنِ قد نزلا من السَّمَاء وشقا بَطْني وغسلاه وحشياه علما وَحكمه وقرآناً فانقاد لَهُ كل صَعب القياد وعجبوا من حَاله وَحفظه الْقُرْآن فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد عجل لنا الْبُشْرَى فِي أَنْفُسنَا وعرفنا أسعداء نَحن أم أشقياء فَقَالَ أما أَنْت فَإنَّك الْمهْدي القايم بِأَمْر الله وَمن تعبك سعد وَمن خالفك شقي ثمَّ قَالَ أعرض أَصْحَابك حَتَّى أميز أهل الْجنَّة من أهل النَّار فَقتل من خَالف أَمر مُحَمَّد وأبقي من أطاعه وَعلم أَن الَّذين قتلوا لَا يطيب قُلُوب أهلهم فبشرهم بِقِتَال الْملك وغنيمة أَمْوَاله فسروا بذلك وَلم يزل مُحَمَّد يسْعَى وَيُدبر الْأَمر إِلَى أَن جهز عشرَة آلَاف فَارس وراجل وَفِيهِمْ عبد الْمُؤمن والونشريشي واقام هوبالجبل وَأَقَامُوا على حِصَار مراكش شهرا ثمَّ أَنهم كسروا كسرة شنيعة وهرب من سلم من الْقَتْل وَكَانَ فِيمَن سلم عبد الْمُؤمن وَقتل الونشريشي فَبلغ الْخَبَر مُحَمَّدًا وَهُوَ بِالْجَبَلِ وحضرته الْوَفَاة فأوصى من حضر أَن يبلغ الغايبين أَن الْعَاقِبَة لَهُم حميدة والنصر لَهُم فَلَا يضجروا وليعاودوا الْقِتَال وَأَنْتُم فِي مبدأ أَمر وهم فِي أواخره وَأَطْنَبَ فِي الْوَصِيَّة من هَذِه الْمَادَّة ثمَّ إِنَّه توفّي سنة أَربع)

وَعشْرين

ص: 263

وَخمْس ماية وَدفن فِي الْجَبَل وقبره هُنَاكَ يزار وولادته يَوْم عَاشُورَاء سنة خمس وَثَمَانِينَ وأربعماية وَأول ظُهُوره ودعايه إِلَى هَذَا الْأَمر سنة أَربع عشر وَخمْس ماية وَكَانَ ربعَة قضيف الْبدن أسمرعظيم الهامة حَدِيد النّظر قَالَ صَاحب الْمغرب فِي أَخْبَار أهل الْمغرب فِي حَقه

(آثاره تنبك عَن أخباره

حَتَّى كَأَنَّك بالعيون ترَاهُ)

وَكَانَ قوته من غزل اخته رغيفاً فِي كل يَوْم بِقَلِيل سمن أَو زَيْت وَلم ينْتَقل عَن هَذَا حِين كثرت عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَرَأى أَصْحَابه يَوْمًا وَقد مَالَتْ نُفُوسهم إِلَى مَا غنموه فَأمر بِضَم ذَلِك جَمِيعه وَأحرقهُ بالنَّار وَقَالَ من كَانَ يَتبعني للدنيا فَمَا لَهُ عِنْدِي إِلَّا مَا رأى وَمن كَانَ يَتبعني للآخرة فَجَزَاؤُهُ عِنْد الله وَكَانَ كثيرا مَا ينشد

(تجرد من الدُّنْيَا فَإنَّك إِنَّمَا

خرجت إِلَى الدُّنْيَا وَأَنت مُجَرّد)

وَكَانَ يتَمَثَّل بقول أبي الطّيب

(إِذا غامرت فِي شرف مروم

فَلَا تقنع بِمَا دون النُّجُوم)

(فَطَعِمَ الْمَوْت فِي أَمر حقير

كطعم الْمَوْت فِي أَمر عَظِيم)

وَبِمَا ناسبه من شعره فِي هَذِه الْمَادَّة وَمَات لم يفتح شَيْئا من الْبِلَاد وَإِنَّمَا قرر الْقَوَاعِد ورتب الْأَحْوَال ووطدها وَكَانَت الفتوحات على يَد عبد الْمُؤمن كَمَا سَيَأْتِي فِي تَرْجَمته إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْعين

الحزنبل مُحَمَّد بن عبد الله بن عَاصِم التَّمِيمِي الملقب بالحزنبل أَبُو عبد أحد رُوَاة الْأَخْبَار والنسابين والثقات روى عَن ابْن السّكيت كتاب سرقات الشّعْر وَهُوَ كثير الرِّوَايَة عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَق وَله كتاب الْخمر واسمايها وَهُوَ الَّذِي يَقُول فِي أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن أبي دلف وَقد مدحه فتواني عَن صلته

(لَا تقبلن الْمَدْح ثمَّ تعوقه

فتنام وَالشعرَاء غير نيام)

(وَاعْلَم بِأَنَّهُم إِذا لم ينعفوا

حكمُوا لأَنْفُسِهِمْ على الْحُكَّام)

ومدح الْمُعْتَمد وأخاه الْمُوفق

أَبُو الْخَيْر الْمروزِي مُحَمَّد بن عبد الله الضَّرِير الْمروزِي أَبُو الْخَيْر كَانَ فَقِيها فَاضلا أديباً لغويا تفقه على الْقفال وبرع فِي الْفِقْه واشتهر بالأدب والنحو واللغة وصنف فِيهَا وَتُوفِّي سنة)

ثلث وَعشْرين واربع ماية قَالَ السَّمْعَانِيّ فِي كتاب مرو كَانَ من أَصْحَاب الرَّأْي

ص: 264

فَصَارَ من أَصْحَاب الحَدِيث بِصُحْبَة افمام أبي بكر الْقفال سمع الحَدِيث مِنْهُ وَمن أبي نصر إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن مَحْمُود المحمودي وروى عَنهُ أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار السَّمْعَانِيّ وَمن شعره

(تنَافِي الْعقل وَالْمَال

فَمَا بَينهمَا شكل)

(هما كالورد والنرج

س لَا يحويهما فصل)

(فعقل حَيْثُ لَا مَال

وَمَال حَيْثُ لَا عقل)

الْوراق الْكرْمَانِي مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مُوسَى الْكرْمَانِي الْوراق أَبُو عبد الله مَاتَ بعد سنة ثلث ماية وَكَانَ عَالما فَاضلا عَارِفًا بالنحو واللغة من أَصْحَاب ثَعْلَب ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَق وَكَانَ مليح الْخط صَحِيح النَّقْل يرغب النَّاس فِي خطه وَكَانَ يورق بِالْأُجْرَةِ وَله كتاب مَا أغفله الْخَلِيل فِي الْعين وَمَا ذكر أَنه مهمل وَهُوَ مُسْتَعْمل وَالْجَامِع فِي اللُّغَة كتاب فِي النَّحْو لم يتم والموجز فِي النَّحْو وَكَانَ يخلط المذهبين

أَبُو الْحسن الْوراق مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو الْحسن الْوراق النَّحْوِيّ مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثلث ماية كَانَ فِي طبقَة أبي طَالب الْعَبْدي وَكَانَ زوج بنت أبي سعيد السيرافي وَله شرح مُخْتَصر الْجرْمِي الْأَكْبَر سَمَّاهُ الْفُصُول فِي نكت الْأُصُول شرح مُخْتَصر الْجرْمِي الْأَصْغَر الْهِدَايَة وَكتاب الْعِلَل فِي النَّحْو قَالَ ياقوت بَلغنِي أَن كتاب الْفُصُول أملاه عَلَيْهِ السيرافي فنسبه هُوَ إِلَى نَفسه

أَبُو الْحسن الْعجلِيّ مُحَمَّد بن عبد الله بن حمدَان الدلفي الْعجلِيّ أَبُو الْحسن النَّحْوِيّ من أَصْحَاب عَليّ بن عِيسَى الربعِي كَانَ فَاضلا بارعاً شرح ديوَان المتنبئ فِي عشر مجلدات قَالَ السلَفِي وقفت على نُسْخَة مقروءة عَلَيْهِ فِي سنة سِتِّينَ وَأَرْبع ماية بِمصْر وَعَلَيْهَا خطه وَأَظنهُ كَانَ مُقيما بِمصْر كَذَا ذكر السلَفِي قَالَ ياقوت وَوجدت فِي مَوضِع آخر أَبُو الْحسن عَليّ بن حمدَان الدلفي وَالله أعلم

أَبُو بكر ابْن الْعَرَبِيّ الْفَقِيه مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد

ص: 265

الإِمَام أَبُو بكر ابْن الْعَرَبِيّ الْمعَافِرِي الأندلسي الاشبيلي الْحَافِظ أحد الْأَعْلَام ولد سنة ثَمَان وَسِتِّينَ رَحل مَعَ وَالِده إِلَى الشرق وَصَحب الشَّاشِي وَالْغَزالِيّ وَرَأى غَيرهمَا من الْعلمَاء والأدباء وَكَذَلِكَ لَقِي بِمصْر)

والإسكندرية جمَاعَة من الْأَشْيَاخ وَكَانَ من أهل التفنن فِي الْعُلُوم والاستبحار فِيهَا وَالْجمع ثاقب الذِّهْن فِي تَمْيِيز الصَّوَاب نَافِذا فِي جَمِيعهَا وَدخل إِلَى الغرب بِعلم جم لم يدْخل بِهِ غَيره واستقضي بِبَلَدِهِ وانتفع بِهِ أَهلهَا لِأَنَّهُ كَانَت لَهُ رهبة على الْخُصُوم وَسورَة على الظلمَة وَمن تصانيفه كتاب عارضة الأحوذي فِي شرح التِّرْمِذِيّ وَالتَّفْسِير فِي خمس مجلدات وَغير ذَلِك فِي الحَدِيث وَالْأُصُول وَالْفِقْه وَكَانَ أَبوهُ من وزراء الغرب وَكَانَ فصيحاً شَاعِرًا وَتوفى وَالِده بِمصْر منصرفاً عَن الشرق سنة ثلث وَتِسْعين وَأَرْبع ماية وَتُوفِّي أَبُو بكر صَاحب التَّرْجَمَة بِمَدِينَة فاس سنة ثلث وَأَرْبَعين وَخمْس ماية

الْحَرَّانِي الْمعدل مُحَمَّد بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الحميد الْمعدل أَبُو عبد الله الْحَرَّانِي ثمَّ البغداذي سمع جمَاعَة وروى عَنهُ ابْن الْجَوْزِيّ جمع كتابا سَمَّاهُ رَوْضَة الأدباء وَله شعر وَهُوَ آخر من مَاتَ من عدُول القَاضِي أبي الْحسن ابْن الدَّامغَانِي توفى سنة سِتِّينَ وَخمْس ماية

أفضل الدولة طَبِيب نور الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن مظفر الْبَاهِلِيّ الأندلسي ثمَّ الدِّمَشْقِي أَبُو الْمجد بن أبي الحكم رَئِيس الْأَطِبَّاء بِدِمَشْق الملقب أفضل الدولة طَبِيب نور الدّين الشَّهِيد كَانَ يقدمهُ وَيرى لَهُ ورد إِلَيْهِ أَمر الطِّبّ بمارستانه بِدِمَشْق وَلم يذكرهُ ابْن أبي أصيبعة وَكَانَ بارعاً فِي الطِّبّ يعرف الهندسة ويجيد اللّعب بِالْعودِ وصنع لَهُ أرغناً وَبَالغ فِي تحريره وَكَانَ يعرف الموسيقى توفى سنة سبعين وَخمْس ماية أَو مَا قبلهَا

القَاضِي كَمَال الدّين الشهرزوري مُحَمَّد بن عبد الله بن الْقسم بن المظفر بن عَليّ قَاضِي الْقُضَاة كَمَال الدّين أَبُو الْفضل ابْن أبي مُحَمَّد الشهرزوري ثمَّ الْموصِلِي الْفَقِيه الشَّافِعِي ويعرفون قَدِيما ببني الْخُرَاسَانِي تفقه بِبَغْدَاد على أسعد الميهني وَسمع الحَدِيث من نور الْهدى أبي طَالب الزَّيْنَبِي وَولي قَضَاء بَلَده وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَى بَغْدَاد وخراسان رَسُولا من أتابك زنجي ثمَّ إِنَّه وَفد على نور الدّين فَبَالغ فِي إكرامه وجهزه رَسُولا من حلب إِلَى الدِّيوَان الْعَزِيز وَبنى بالموصل مدرسة وبمدينة النَّبِي صلى الله عليه وسلم رِبَاطًا وولاه نور الدّين قَضَاء دمشق وَنظر الْأَوْقَاف وَنظر أَمْوَال السُّلْطَان وَغير ذَلِك فاستناب ابْنه أَبَا حَامِد بحلب وَابْن أَخِيه الْقسم بحماة وَابْن أَخِيه الآخر فِي قَضَاء حمص وَحدث بِالشَّام وبغداد وَكَانَ يتَكَلَّم فِي الْأُصُول كلَاما حسنا وَكَانَ أديباً شَاعِرًا طريفاً فكه الْمجْلس أقره صَلَاح الدّين على مَا كَانَ عَلَيْهِ وَتوفى سنة اثْنَتَيْنِ)

وَسبعين وَخمْس ماية وَدفن بجبل قاسيون ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَرْبع ماية وَمن شعره قَوْله

ص: 266

(وَلَقَد أَتَيْتُك والنجوم رواصد

وَالْفَجْر وهم فِي ضمير الْمشرق)

(وَركبت للأهوال كل عَظِيمَة

شوقاً إِلَيْك لَعَلَّنَا أَن نَلْتَقِي)

قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب قَوْله وَالْفَجْر وهم فِي ضمير الْمشرق فِي غَايَة الْحسن مِمَّا سمح بِهِ الخاطر اتِّفَاقًا سَابق الْكَمَال إسرافاً وإشراقاً وتذكرت قَول أبي يعلى ابْن الهبرية الشريف فِي معنى الصُّبْح وإبطايه

(كم لَيْلَة بت مطوياً على حرق

أَشْكُو إِلَى النَّجْم حَتَّى كَاد يشكوني)

(وَالصُّبْح قد مطل الشرق الْعُيُون بِهِ

كَأَنَّهُ حَاجَة فِي نفس مِسْكين)

وَأورد الْعِمَاد للْقَاضِي كَمَال الدّين أَيْضا

(أنيخا جمالي بأبوابها

وحطا بهَا بَين خطابها)

(وقولا لخمارها لَا تبع

سواي فَإِنِّي أولى بهَا)

(فَإنَّا أنَاس نسوم المدام

بأموالها وبألبابها)

وَأورد لَهُ أَيْضا قواه

(سبينَا الجاشرية للبرايا

وعلمناهم الرطل الكبيرا)

(وأكببنا نعب على البواطي

وعطلنا الأداوة والمديرا)

وَأورد لَهُ أَيْضا

(قلت لَهُ إِذْ رَآهُ حَيا

ولامه واعتدى جدالا)

(خَفِي نحولاً عَن المنايا

أعرض عَن حجتي وَقَالا)

(الطيف كَيفَ اهْتَدَى إِلَيْهِ

قلت خيالاً لَقِي خيالا)

وَكتب إِلَى وَلَده محيي الدّين وَهُوَ بحلب

(عِنْدِي كتايب أشواق أجهزها

إِلَى جنابك إِلَّا أَنَّهَا كتب)

(ولي أَحَادِيث من نَفسِي أسر بهَا

إِذا ذكرتك إِلَّا أَنَّهَا كذب)

وَلما كبر وَضعف كَانَ ينشد فِي كل وَقت قَول ابْن أبي الصَّقْر الوَاسِطِيّ

(يَا رب لَا تحيني إِلَى زمن

أكون فِيهِ كلا على أحد)

)

(خُذ بيَدي قبل أَن أَقُول لمن

أَلْقَاهُ عِنْد الْقيام خُذ بيَدي)

وَقد تقدم ذكر وَلَده محيي الدّين مُحَمَّد

ص: 267

ابْن أبي العجايز مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْحُسَيْن الدِّمَشْقِي يعرف بِابْن أبي العجايز الْأَزْدِيّ سمع الحَدِيث وَتوفى بِدِمَشْق سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَأَرْبع ماية وَكَانَ ثِقَة

الْفَقِيه أَبُو عَليّ البغداذي مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن صَالح أَبُو عَليّ الْفَقِيه البغداذي أَصله من بسطَام توفى سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخمْس ماية فِي شهر رَجَب من شعره

(على تِلْكَ العراص بجرجرايا

من الأنواء أَنْوَاع التحايا)

(ديار كنت آلفها وأغشى

بهَا هيفاء وَاضِحَة الثنايا)

(فَغير آيها صرف اللَّيَالِي

وَبدل أَهلهَا بِالْقربِ نايا)

(غَدَتْ أَيَّامهَا سُودًا وَكَانَت

ليالينا بهَا بيضًا وضايا)

أَخذه من قَول ابْن زيدون

(حَالَتْ لفقدكم أيامنا فغدت

سُودًا وَكَانَت بكم بيضًا ليالينا)

وَمن شعره

(مَا محنة إِلَّا لَهَا غَايَة

وَفِي تناهيها تقضيها)

(فاصبر فَإِن السَّعْي فِي دَفنهَا

قبل التناهي زايد فِيهَا)

لَو قَالَ فَإِن السَّعْي فِي نَقصهَا كَانَ أحسن أَخُو أبي الْعَلَاء المعري مُحَمَّد بن عبد الله بن سُلَيْمَان هُوَ أَبُو الْمجد التنوخي المعري وَهُوَ أَخُو أبي الْعَلَاء أَحْمد المعري الْمَشْهُور وسوف يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي الأحمدين فِي مَكَانَهُ وَأَبُو الْمجد هَذَا هُوَ الْأَكْبَر من أَخِيه أبي الْعَلَاء وَله أَخ آخر اسْمه عبد الْوَاحِد يَأْتِي ذكره وَمن شعر مُحَمَّد أبي الْمجد الْمَذْكُور

(كرم الْمُهَيْمِن مُنْتَهى أملي

لَا نيتي أَرْجُو وَلَا عَمَلي)

(يَا مفضلاً جلت فواضله

عَن بغيتي حَتَّى انْقَضى أَجلي)

(كم قد أفضت عَليّ من نعم

كم قد سترت عَليّ من زلل)

(إِن لم يكن لي مَا ألوذ بِهِ

يَوْم الْحساب فَإِن عفوك لي)

قَاضِي المعرة مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن سُلَيْمَان القَاضِي أَبُو الْمجد التنوخي)

المعري حفيد أبي الْمجد أخي أبي الْعَلَاء المعري الْمُقدم ذكره كَانَ أَبُو الْمجد هَذَا فَاضلا أريباً مفتياً على مَذْهَب الشَّافِعِي قَاضِيا بالمعرة إِلَى أَن دَخلهَا الفرنج فانتقل إِلَى شيزر وَأقَام بهَا إِلَى أَن مَاتَ فِي محرم سنة ثلث وَعشْرين وَخمْس ماية وَله ديوَان شعر ورسايل وَمن شعره وَقد فَارق المعرة وَغُلَامًا اسْمه شعيا

(زمَان غاض أهل الْفضل فِيهِ

فسقيا للحمام بِهِ ورعيا)

ص: 268

(أساوي بَين أتراك وروم

وفقد أحبة ورفاق شعيا)

قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب وَقد سبقه الْوَزير المغربي إِلَى هَذَا الْمَعْنى لما تَغَيَّرت عَلَيْهِ الوزارة وتغرب وَكَانَ مَعَه غُلَام يُقَال لَهُ داهر فَقَالَ

(كفى حزنا أَنِّي مُقيم ببلدة

يعللني بعد الْأَحِبَّة داهر)

(يحدثني مِمَّا يجمع عقله

أَحَادِيث مِنْهَا مُسْتَقِيم وَجَابِر)

وَقَالَ أُسَامَة بن منقذ لما بليت بفرقة الْأَهْل كتبت إِلَى أخي استطرد بغلامي أبي الْمجد والوزير المغربي اللَّذين ذكراهما

(أَصبَحت بعْدك يَا شَقِيق النَّفس فِي

بَحر من الْهم المبرح زاخر)

(متفرداً بالهم من لي سَاعَة

برفاق شعيا أَو علالة داهر)

وَمن شعر القَاضِي أبي الْمجد

(مَا زَالَ يخدع قلبِي سحر مقلته

ويستقيد لَهُ حَتَّى تملكه)

(وَإِن يَوْمًا أرَاهُ فِيهِ أَحْسبهُ

أسر يَوْمًا من الدُّنْيَا وأبركه)

وَمِنْه

(وَيَوْم دجن خانته أنجمه

فِي الصحو والغيم فَهُوَ مُشْتَرك)

(كَأَنَّمَا الشَّمْس والرذاذ مَعًا

فِيهِ بكاء يشوبه ضحك)

وَمِنْه

(إِذا جانبت مقتدراً عَلَيْهَا

كباير مَا جنت كف الأثيم)

(فَلَا تستكثري لممي فَإِنِّي

سأقدم فِي الْحساب على كريم)

أَبُو الْفرج ابْن رَئِيس الرؤساء مُحَمَّد بن عبد الله بن هبة بن المظفر بن رَئِيس الرؤساء أبي الْقسم عَليّ بن الْمسلمَة أَبُو الْفرج وَزِير الْعرَاق سمع وروى كَانَ أَولا أستاذ دَار المقتفى)

والمستنجد ووزر للمستضيء وَكَانَ فِيهِ مُرُوءَة وإكرام للْعُلَمَاء عزل من الوزارة ثمَّ أُعِيد إِلَيْهَا وَخرج من بَيته حَاجا فَضَربهُ أحد الباطنية على بَاب قطفتا أَربع ضربات فَحمل إِلَى دَاره وَلم يسمع مِنْهُ إِلَّا الله وَمَات سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخمْس ماية

ابْن الْجد مُحَمَّد بن عبد الله بن يحيى بن فرج بن الْجد أَبُو بكر الفِهري الاشبيلي الْحَافِظ الْفَقِيه أَصله من لبلة بِالْبَاء الْمُوَحدَة سمع أَبَا الْحسن ابْن الْأَخْضَر وَبحث عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ وَأخذ عَنهُ اللُّغَات توفّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخمْس ماية أورد لَهُ ابْن بسام فِي الذَّخِيرَة قطعا من رسايله ونظمه فَمن شعره مَا كتبه إِلَى الْوَزير ابْن القصيرة

(سألقى بِحَدّ الصَّبْر صم خطوبه

وَإِن صِيغ فِيهَا الشيب من حدق النبل)

مِنْهَا

ص: 269

(روى لي أَحَادِيث المنى فِيهِ غضة

وَلكنهَا لم تخل من غلط النَّقْل)

(وجاد بِقرب الدَّار غير متمم

وَيَا رب جود قد من شيم الْبُخْل)

مِنْهَا

(سأبعث طيفي كل حِين لَعَلَّه

يُصَادف خيالك مَا يسلي)

(ودونك من روض السَّلَام تَحِيَّة

تنسيك غض الْورْد فِي رَاحَة الطل)

قَالَ ابْن بسام قَوْله وَيَا رب جود الْبَيْت يشبه قَول الآخر

(الدَّهْر لَيْسَ لَهُ صَنِيع يشْكر

شرب لَهُ يصفو وَشرب يكدر)

(يهب الْقَلِيل وَقد نوى استرجاعه

هبة الْبَخِيل أقل مِنْهُ وأنزر)

وَكَأن هَذَا من قَول بشار

(أما الْبَخِيل فلست أعذله

كل امريء أعْطى على قدره)

ذخيرة الدّين ابْن القايم مُحَمَّد بن عبد الله ذخيرة الدّين ولي الْعَهْد ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ القايم خطب لَهُ بِولَايَة الْعَهْد سنة أَرْبَعِينَ ولقب ذخيرة الدّين فأدركه أَجله فِي ثامن عشر ذِي الْقعدَة سنة سبع وَأَرْبَعين وَأَرْبع ماية كَانَ قد ختم الْقُرْآن وَحفظ الْفِقْه والعربية والفرايض قَالَ ابْن النجار وَخلف جَارِيَة حَامِلا فَولدت لَهُ ابْنا وَهُوَ أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو الْقسم عبد الله الْمُقْتَدِي بِأَمْر الله

أَبُو جَعْفَر سالإسكافي مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو جَعْفَر الإسكافي وإسكاف نَاحيَة أديب شَاعِر أورد)

لَهُ الثعالبي فِي التَّتِمَّة

(ونرجس قد لَهُ الْقد من

زبرجد فِي قدر شربن)

(فالورق الغض مصوغ لَهُ

من ورق وَالْعين من عين)

قلت وَمَا أحسن قَول التلعفري

(قد أَكثر النَّاس فِي تشبيههم أبدا

للنرجس الغض بالأجفان والحذق)

(وَمَا أشبهه بِالْعينِ إِن نظرت

لَكِن أشبهه بِالْعينِ وَالْوَرق)

وَأورد للاسكافي

(فرشت لشيبي أجل الْبسَاط

فَلم يستطب مَجْلِسا غير رَأْسِي)

(فَقلت لنَفْسي لَا تنكريه

فكم للمشيب كرأسي كراس)

ص: 270

وَأورد لَهُ أَيْضا

(الله أشهد والملايك أنني

لعَظيم مَا أوليت غير كفور)

(نَفسِي فداؤك لَا لقدري بل أرى

أَن الشّعير وقاية الكافور)

وَأورد لَهُ أَيْضا

(نَفسِي فداؤك وَهِي غير عزيزة

فِي جنب نَفسك وَهِي جد عَزِيز)

(وَلَقَد يقي الْخَزّ الثمين أذاته

فِي وقته كف من الشونيز)

مُحَمَّد بن عبد الله الْخَطِيب الإسكافي أَبُو عبد الله اللّغَوِيّ صَاحب التصانيف أحد أَصْحَاب الصاحب ابْن عباد وَكَانَ من أهل أَصْبَهَان وخطيباً بِالريِّ قَالَ الصاحب ابْن عبّاد فَازَ بِالْعلمِ من أَصْبَهَان ثلثة حايك وحلاج وإسكاف فالحايك أَبُو عَليّ المرزوقى والحلاج أَبُو مَنْصُور ابْن ماشدة والإسكاف أَبُو عبد الله الْخَطِيب وَمن تصانيفه كتاب الْغرَّة يتَضَمَّن شَيْئا من غلط أهل الْأَدَب كتاب غلط كتاب الْعين كتاب مبادىء اللُّغَة وَهُوَ أشهلا كتبه وَكتاب شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ وَكتاب نقد الشّعْر وَكتاب درة التَّنْزِيل وغرة التَّأْوِيل كتاب لطف التَّدْبِير فِي سياسات الْمُلُوك

قَاضِي الْقُضَاة الناصحي مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحُسَيْن قَاضِي الْقُضَاة أَبُو بكر الناصحي النَّيْسَابُورِي أفضل أهل عصره فِي أَصْحَاب أبي حنيفَة وأوجههم مَعَ حَظّ وافر من الْأَدَب وَحفظ الْأَشْعَار والطب توفى سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبع ماية قَالَ ابْن النجار كَانَ مناظراً جدلاً عَالما لَهُ يَد فِي الْكَلَام وَله حَظّ وافر من الْأَدَب يحفظ أشعاراً كَثِيرَة وَكَانَ يذهب إِلَى)

الاعتزال سمع أَبَا سعيد مُحَمَّد بن مُوسَى بن شَاذان الصَّيْرَفِي وَأَبا بكر أَحْمد بن الْحسن الْحِيرِي وَأَبا ابرهيم اسمعيل بن ابرهيم النَّصْر باذي وَغَيرهم قدم بغداذ وَحدث بهَا وروى عَنهُ عبد الْوَهَّاب الْأنمَاطِي وَأَبُو الْقسم ابْن السَّمرقَنْدِي وَأَبُو بكر ابْن الزَّاغُونِيّ

ابْن عبد الحكم الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن لَيْث الإِمَام أَبُو عبد الله الْمصْرِيّ الْفَقِيه أَخُو عبد الرَّحْمَن وَسعد لزم الشَّافِعِي مُدَّة وتفقه بِهِ وبأبيه عبد الله وَغَيرهمَا روى عَنهُ النَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَقَالَ مرّة لَا بَأْس بِهِ وَكَانَ الشَّافِعِي

ص: 271

معجباً بِهِ لذكايه وحرضه على الْفِقْه وَحمل فِي محنة الْقُرْآن إِلَى بغداذ وَلم يجب ورد إِلَى مصر وانتهت إِلَيْهِ رياسة الْعلم فِي مصر لَهُ تصانيف مِنْهَا أَحْكَام الْقُرْآن وَالرَّدّ على الشَّافِعِي فِيمَا خَالف فِيهِ الْكتاب وَالسّنة وَالرَّدّ على أهل الْعرَاق وأدب الْقُضَاة توفى سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وماتين وَقَالَ ابْن خلكان سنة ثَمَانِينَ وماتين وَقَالَ ابْن قَانِع سنة تسع وَسِتِّينَ قَالَ الْمُزنِيّ كُنَّا نأتي الشَّافِعِي فنسمع مِنْهُ فنجلس على بَاب دَاره وَيَأْتِي مُحَمَّد عبد الحكم فيصعد بِهِ ويطيل الْمكْث وَرُبمَا تغذى مَعَه ثمَّ نزل فَيقْرَأ علينا الشَّافِعِي فَإِذا فرغ من قِرَاءَته قرب إِلَى مُحَمَّد دَابَّته فركبها وَاتبعهُ الشَّافِعِي بَصَره فَإِذا غَابَ شخصه قَالَ وددت لَو ان لي ولدا مثله وَعلي ألف دِينَار لَا أجد لَهَا قَضَاء وَقَالَ الْقُضَاعِي فِي كتاب الخطط مُحَمَّد هَذَا هُوَ الَّذِي أحضرهُ ابْن طولون فِي اللَّيْل إِلَى جب سقايته بالمعافر لما توقف النَّاس عَن شرب مايها وَالْوُضُوء بِهِ فَشرب مِنْهُ وَتَوَضَّأ فأعجب ذَلِك ابْن طولون وَصَرفه لوقته وَوجه إِلَيْهِ بصلَة وَالنَّاس يَقُولُونَ إِنَّه الْمُزنِيّ وَلَيْسَ بِصَحِيح

وراق الرّبيع مُحَمَّد بن عبد الله بن مخلد الاصبهاني رَحل وَسمع وَيعرف بوراق الرّبيع توفى سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وماتين

اليوسفي الْكَاتِب مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن يُوسُف بن الْقسم بن صبيح أَبُو الطّيب اليوسفي الْكَاتِب من بَيت معرق فِي الْكِتَابَة والبلاغة والترسل وَالنّظم والنثر وجده أَحْمد بن يُوسُف كَانَ وَزِير الْمَأْمُون وَأَبُو الطّيب هَذَا سمع من عُلَمَاء الْبَصْرَة دماذ والمازني واشباههما وَكَانَ يكْتب ليحيى بن عِيسَى بن مَنَارَة وَأَظنهُ القايل فِي ابْن ميادة يهجوه

(تكسبت بعد الْفقر مَا لم تمنه

وَلَا دونه فِيمَا مضى كنت تَأمل)

(ونفسك تِلْكَ النَّفس أَيَّام فقرها

وَأَنت بهَا مَا عِشْت فِي النَّاس خامل)

)

المهلبي البحراني مُحَمَّد بن عبد الله بن الْعَبَّاس المهلبي أَبُو عبد الله البحراني شَاعِر مجيد قَالَ ابْن النجار كتب عَنهُ شُجَاع الذهلي وَأَبُو نصر ابْن المجلى وَأَبُو البركات ابْن السَّقطِي وَأورد لَهُ قَوْله من قصيدة

(هواكم بِأَعْلَى الشَّام يَا ركب فانزلوا

فَإِن هوى قلبِي برحبة مَالك)

(ذروني أفض من مقلتي كل عِبْرَة

عَسى الْبَين يرضى بالدموع السوافك)

(أَلا زودينا نظرة من جمالك

فقد آن أَن تحدو النَّوَى بجمالك)

(وعودي علينا مِنْك بالوصل وصلَة

وَلَا تحرمينا من لذيذ وصالك)

(فَإِن غراب الْبَين ينعب جهده

يخبرنا مِمَّا بِنَا بارتحالك)

(فَمَا منجد إِلَّا بكاني لأنني

شجاني لوشك الْبَين حاد حدا بك)

ص: 272

قلت شعر متوسط

أَبُو بكر الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو بكر الشَّافِعِي الْفَقِيه لَهُ تصانيف فِي أصُول الْفِقْه روى عَن وهب بن مُنَبّه أَنه قَالَ الدَّرَاهِم خَوَاتِيم الله فِي الأَرْض فَمن ذهب بِخَاتم الله قضيت حَاجته توفى سنة إِحْدَى وثلثين وَثلث ماية

الْحَرَّانِي البغداذي مُحَمَّد بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الحميد بن نصر بن عمر الْحَرَّانِي أَبُو عبد الله البغداذي أَصله من حران وَكَانَ من عدُول بغداذ فَاضلا لطيف الطَّبْع ظريفاً صَاحب نشوار ومحاضرة لَهُ مجموعات حَسَنَة وَشعر سمع نقيب النُّقَبَاء أَبَا القوارس طراد بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِي وَأَبا الْحسن هبة الله بن عبد الرَّزَّاق الْأنْصَارِيّ وَغَيرهمَا ببغداذ وَسمع باصبهان وروى عَنهُ ابْنَته خَدِيجَة وَعبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد بن عَليّ الْحَرَّانِي وَمن شعره

(إِن زار ربعك زاير

يَوْمًا فَذَاك لفضلكا)

(أَو زرته متطولاً

ومجملاً فبفضلكا)

(فالفضل كَيفَ تصرم ال

حالان مَحْبُوس لكا)

قلت تكَرر مَعَه لفظ فضل وَهُوَ ايطاء وَذَلِكَ عيب وَمِنْه

(أَلَيْسَ عجيباً بِأَنِّي أذوب اش

تياقاً إِلَيْهِم وهم فِي فُؤَادِي)

(وتطلبهم مقلتي دايماً

وهم من محاجرها فِي السوَاد)

وَمِنْه)

(لابد للأحباب من فرقة

وكل مصحوب وَأَصْحَابه)

(فَمن يمت يفقده أحبابه

وَمن يَعش يرز بأحبابه)

توفى سنة سِتِّينَ وَخمْس ماية

ابْن بلبل الزَّعْفَرَانِي مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن يزِيد بن هَارُون أَبُو عبد الله الزَّعْفَرَانِي وَيعرف بِابْن بلبل كَانَ صَالحا ثِقَة قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَام فِي سنة نَيف وَتِسْعين وماتين وَفِي رَأسه ولحيته بَيَاض كثير فَقلت يَا رَسُول الله بلغنَا أَنه لم يكن فِي رَأسك ولحيتك بَيَاض إِلَّا شَعرَات بيض فَقَالَ ذَلِك لدُخُول سنة ثلث ماية حدث عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَكَانَ صَدُوقًا توفى سنة ثلث وَعشْرين وَثلث ماية

ص: 273

الْعلوِي مُحَمَّد بن عبد الله بن حسن بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حسن بن حسن بن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه قَالَ من قصيدة

(وَلَقَد توَسط فِي الأرومة منزل

وسطا فَصَارَ موازياً للكواكب)

(ثكلتك أمك هَل رَأَيْت لمعشري

فِي الْحَرْب عِنْد وقودها المتلهب)

(فلنا المكارم مَا بَقينَ وَمَا لَهَا

عَنَّا إِذا ذكر الندى من مَذْهَب)

أَبُو طَالب الْجَعْفَرِي مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحُسَيْن بن عبد الله بن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب شَاعِر مقل نزل الْكُوفَة فَلَمَّا جرى بَين الطالبيين والعباسيين مَا جرى قَالَ أَبُو طَالب هَذَا

(بني عمنَا لَا تذمرونا سفاهة

فينهض فِي عصيانكم من تأخرا)

(وَإِن تَرفعُوا عَنَّا يَد الظُّلم تخبنوا

لطاعتكم منا نَصِيبا مُؤَخرا)

(وَإِن تركبونا بالمذلة تبعثوا

ليوثاً ترى ورد الْمنية أعذرا)

الناجحون الْأَعْمَى مُحَمَّد بن عبد الله الناجحون الضَّرِير قَالَ ابْن رَشِيق هُوَ من أَبنَاء قفصة خرج مِنْهَا صَغِيرا كَانَ يسْرد جَمِيع ديوَان أبي نواس وَيقْرَأ الْقُرْآن بروايات وَلم يكن لَهُ صَبر على النَّبِيذ وَكَانَ يعلم الصّبيان رَأَيْته فِي الْمكتب يَوْمًا طافحاً وَهُوَ يَقُول للصبيان

(يَا فراخ الْمَزَابِل

ونتاج الأراذل)

(إقرءوا لَا قَرَأْتُمْ

غير سحر وباطل)

(روح الله مِنْكُم

عَاجلا غير آجل)

)

أطْعم طَعَاما فَمَاتَ مِنْهُ مبطوناً بالحضرة سنة أَربع عشرَة وَأَرْبع ماية مشرفاً على السِّتين واتهم بِهِ جمَاعَة مِمَّن كَانَ هجاه

أَبُو طَالب المستوفي مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو طَالب الْمَعْرُوف بالبغداذي المستوفي أورد لَهُ الثعالبي فِي التَّتِمَّة بعد مَا قَالَ كَانَ أديباً كَاتبا حاسباً قَوْله فِي قايد اسْمه فولاذ

(قَالُوا امتدح فولاذ تسعد بِهِ

فالحر بالأحرار يعتاذ)

(فَقلت لَا يغرركم بره

فَإِنَّهُ فِي اللؤم أستاذ)

ص: 274

(لَو أَنه الزيبق لم يجر لي

فَكيف يجْرِي وَهُوَ فولاذ)

مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو بكر الدينَوَرِي الزَّاهِد كَانَ جلال الدولة يزوره سَأَلَهُ يَوْمًا فِي مكس كَانَ يُؤْخَذ فِي الْملح مِقْدَاره فِي كل سنة ألفا دِينَار فسامح بِهِ قَالَ أَبُو الْوَفَاء الْوَاعِظ حملت إِلَى الدينَوَرِي وَقد رمدت عَيْني وَكَانَ الرمد يعتريها كثيرا فَأدْخل خِنْصره فِيهَا وَمسح عَلَيْهَا فأقمت سِتِّينَ سنة لم أرمد وَلما توفّي سنة ثلثين وَأَرْبع ماية احتفل النَّاس بجنازته

الشاه بوري الْوَاعِظ مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَليّ الظريف ابْن مُحَمَّد بن أبي بكر أَحْمد بن الْحسن بن سهل بن عبد الله الْفَارِسِي أَبُو الْحَيَاة ابْن أبي الْقسم بن أبي الْفَتْح بن أبي بكر الشاه بوري الْوَاعِظ من أهل بَلخ قَالَ ابْن النجار هَكَذَا رَأَيْت نسبه بِخَط يَده وَرَأَيْت بِمصْر جُزْءا فِيهِ من أمالي الْبَلْخِي هَذَا وَقد نسب نَفسه إِلَى عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه وَلم يظْهر ذَلِك فِي الْعرَاق سَافر فِي طلب الْعلم وجال فِي خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهر وخوارزم وَالْعراق وبغداذ وَالشَّام ومصر وَسمع من جمَاعَة وروى عَنهُ شَيْخه السلَفِي وَكَانَ يعظمه ويجله ويعجب بِكَلَامِهِ وَكَانَ مليح الشكل مليح الْوَعْظ حسن الْإِيرَاد رَشِيق الْمعَانِي لطيف الْأَلْفَاظ فصيح اللهجة لَهُ يَد باسطة فِي تنميق الْكَلَام وتزويقه وَله قبُول تَامّ من الأعوام ثمَّ قطع الْكَلَام وَلزِمَ دَاره إِلَى أَن توفّي سنة تسع وَتِسْعين وَخمْس ماية قَالَ ابْن النجار وَكَانَ يرْمى بأَشْيَاء مِنْهَا شرب الْخمر وشرى الْجَوَارِي الْمُغَنِّيَات وَسَمَاع الملاهي الْمُحرمَات وَأخرج عَن بغداذ مرَارًا لأجل ذَلِك وَكَانَ يمِيل إِلَى الرَّفْض ويظهره وَالله يعْفُو عَنَّا وَعنهُ وَمن شعره

(دع عَنْك حَدِيث من يمنيك غَدا

واقطع زمن الْحَيَاة عَيْشًا رغدا)

(لَا ترج هوى وَلَا تعجل كمدا

يَوْمًا تمضيه لَا ترَاهُ أبدا)

)

وَكتب يَوْمًا رقْعَة إِلَى الْحَافِظ السلَفِي وَكتب على رَأسهَا فرَاش لمْعَة وفراش شمعة فأعجب السلَفِي بهَا وَكَانَ يكررها وَكَانَ يدس سبّ الصَّحَابَة فِي كَلَامه مثل قَوْله قَالَ عَليّ يَوْمًا لفاطمة وَهِي تبْكي لم تبكين أأخذت مِنْك قدك أغصبتك حَقك أفعلت كَذَا أفعلت كَذَا الْكَاتِب باح مُحَمَّد بن عبد الله بن غَالب أَبُو عبد الله الْأَصْبَهَانِيّ الْكَاتِب الملقب بباح بباء مُوَحدَة بعْدهَا ألف ثمَّ حاء مُهْملَة لقب بذلك لقَوْله من أَبْيَات باح بِمَا فِي الْفُؤَاد باحا من أَصْبَهَان قدم بغداذ وَكَانَ كَاتبا لأبي ليلى أحد كبراء الديلم وَهُوَ صَاحب الرسايل ذكره عبيد الله بن أَحْمد بن أبي طَاهِر فِي كتاب بغداذ وَقَالَ مترسل شَاعِر مجيد وَله مدايح فِي الْمُعْتَمد والموفق واسمعيل بن بلبل الْوَزير لَهُ من قصيدة

(وَفِي المشيب لَو أَنِّي كنت منزجراً

عَن الصَّبِي والتصابي كل منزجر)

(لَا عذر للمرء فِي حَال المشيب إِذا

لم يثن ناظره عَن فتْنَة النّظر)

وَله من التصانيف كتاب جَامع الرسايل جزأه ثَمَانِيَة أَجزَاء وأضاف إِلَيْهِ بعد ذَلِك تاسعاً

ص: 275

وَسَماهُ الْكتاب الْمَوْصُول نثره بالنظم وَكتاب التوشيح والترشيح فِي نقض التَّسْوِيَة بَين الشُّعَرَاء كتاب الْخطب والبلاغة كتاب الْفقر وَقَالَ فِي ابْن الخاقاني

(لَا تمنعن حمى إزارك سَيِّدي

خلقا من البيضان والسودان)

(وأبح فراشك من أَرَادَ طروقه

واحكم عَلَيْهِ النيك بالمجان)

(فليبلغنك من جميل تغافلي

مَا لم تبلغ قطّ من إِنْسَان)

(مَالِي أروع بالقرون كأنني

فِي النَّاس أول عاشق قرنان)

وَقَالَ أَيْضا

(أبدى الصدود وَأظْهر الهجرانا

ظَبْي أَبَاحَ فُؤَادِي الأحزانا)

(أعلمته أَنِّي علمت بجرمه

فغدا عَليّ لظلمه غضبانا)

(يَا سَيِّدي إِن كَانَ وصلك قد ثنى

عني رضاك وسامني الهجرانا)

(فقد أرتضيت بِأَن تراجع وصلتي

وأكون فِيك مكشخناً قرنانا)

الْحَافِظ مطين مُحَمَّد بن عبد الله بن سُلَيْمَان الْحَافِظ أَبُو جَعْفَر الْحَضْرَمِيّ الْكُوفِي مطين مفعل من الطين كَانَ أوحد أوعية الْعلم سُئِلَ عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ ثِقَة جبل صنف الْمسند والتاريخ قَالَ أَبُو بكر ابْن أبي دارم الْحَافِظ كتبت عَن مطين ماية ألف حَدِيث قَالَ كنت)

صَبيا أَلعَب مَعَ الصّبيان وَكنت أطولهم فندخل المَاء ونخوض فيطينون ظَهْري فَبَصر بِي يَوْمًا أَبُو نعيم فَلَمَّا رَآنِي قَالَ يَا مطين لَا تحضر مجْلِس الْعلم فاشتهر بذلك توفى سنة سبع وَتِسْعين وماتين

ابْن أبي الشَّوَارِب مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْملك ابْن أبي الشَّوَارِب القَاضِي الْأمَوِي وَيعرف بالأحنف كَانَ يخلف أَبَاهُ على الْقَضَاء ببغداذ وَكَانَ سرياً جميلاً وَاسع الْأَخْلَاق كثير الْإِحْسَان قَرِيبا من النَّاس توفى يَوْم السبت بعد أَبِيه بِثَلَاثَة وَسبعين يَوْمًا سنة إِحْدَى وَثلث ماية وَدفن بِبَاب الشَّام

اليعقوبي مُحَمَّد بن عبد الله بن يَعْقُوب بن دَاوُد بن طهْمَان مولى بني سليم هُوَ أَبُو عبد الله وجده يَعْقُوب وزر للمهدي وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى كَانَ اليعقوبي صديق سعيد بن حميد فوصله بالْحسنِ بن مخلد وَهُوَ خليع ماجن وَكَانَ يصف نَفسه بالتطفيل والجوع والفقر والأبنة وَهُوَ القايل

(ودع المشيب شراستي وعرامي

ومرى الجفون بمسبل سجام)

ص: 276

(وصبغت مَا صبغ الزَّمَان فَلم يدم

صبغي ودامت صبغة الْأَيَّام)

وَقَالَ

(مَتى بقيت نعْمَة

لذِي نعْمَة لم تزل)

(وَهل بقيت حَالَة

على أحد لم تحل)

(أرانا لأيدي الردى

وأيدي المنايا نفل)

وَقَالَ

(أَمن بعد أَن أفنيت سبعين حجَّة

وَلم تؤنسوا رشدي أنهنه بالزجر)

(وَمن لم ترعه الحادثات بصرفها

فَلَا ترج مِنْهُ رشدة آخر الدَّهْر)

وَقَالَ

(إِلَى كم لَا تتوب من الْخَطَايَا

وَقد ناجاك بِالصَّمْتِ المشيب)

مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْأَعْلَى الشَّيْبَانِيّ مَوْلَاهُم وَهُوَ شَاعِر وَأَبوهُ شَاعِر وجده شَاعِر وَابْنه عبد الله بن مُحَمَّد شَاعِر قَالَه أَبُو هفان

مَكْحُول البيروني مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد السَّلَام بن أبي أَيُّوب البيروني الْحَافِظ مَكْحُول كَانَ)

من الثِّقَات الْمَشْهُورين توفّي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثلث ماية

الصَّيْرَفِي الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو بكر الصَّيْرَفِي الشَّافِعِي البغداذي أَخذ الْفِقْه عَن أبي سُرَيج واشتهر بالحذق فِي النّظر وَفِي الْقيَاس وَعلم الْأُصُول وَله مصنفات فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع وَفِي الْأُصُول فِي الْفِقْه كتاب لم يسْبق إِلَى مثله قَالَ الْقفال فِي كِتَابه الَّذِي صنفه فِي أصُول الْفِقْه إِن أَبَا بكر الصَّيْرَفِي كَانَ أعلم النَّاس بالأصول بعد الشَّافِعِي وَهُوَ أول من انتدب من أَصْحَابنَا للشروع فِي علم الشُّرُوط وصنف فِيهِ كتابا أحسن فِيهِ كل الْإِحْسَان انْتهى وَله وَجه فِي الْمَذْهَب وَمن غرايبه إِيجَاب الْحَد على من وطىء فِي النِّكَاح بِلَا ولي إِذْ كَانَ يعْتَقد تَحْرِيم ذَلِك توفّي سنة ثلثين وَثلث ماية

الصفار مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد أَبُو عبد الله الْأَصْفَهَانِي الصفار قَالَ الْحَاكِم مُحدث عصره مجاب الدعْوَة توفى سنة تسع وثلثين وَثلث ماية

الْبَزَّاز الْمُحدث مُحَمَّد بن عبد بن ابراهيم بن عبدويه أَبُو بكر الشَّافِعِي الْبَزَّاز

ص: 277

الْمُحدث قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثِقَة حسن التصنيف جمع أبواباً وشيوخاً وَلما منع بَنو بويه من ذكر فضايل الصَّحَابَة وَكَتَبُوا بسب السّلف على أَبْوَاب الْمَسَاجِد كَانَ أَبُو بكر يحدث بفضايل الصَّحَابَة فِي الْجَامِع قربَة إِلَى الله تَعَالَى قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ الثِّقَة الْمَأْمُون الَّذِي لم يغمز بِحَال توفى سنة خمس وَخمسين وَثلث ماية

مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أشتة أَبُو بكر الْأَصْبَهَانِيّ النَّحْوِيّ أحد الْأَعْلَام قَرَأَ الْقُرْآن على ابْن مُجَاهِد وَمُحَمّد بن يَعْقُوب وأبى بكر النقاش وَتوفى سنة سِتِّينَ وَثلث ماية أَو فِيمَا قبلهَا

أَبُو حنيفَة الصَّغِير مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الْفَقِيه أَبُو جَعْفَر الْبَلْخِي كَانَ يُقَال لَهُ من كَمَاله فِي الْفِقْه أَبُو حنيفَة الصَّغِير كَانَ من أَعْلَام الأيمة فِي مذْهبه وَيعرف بالهندواني توفى سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثلث ماية

أَبُو النَّصْر الأرغياني الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله الأرغياني بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا ألف وَنون الإِمَام الْفَقِيه الشَّافِعِي قدم من بَلْدَة نيسابور واشتغل على إِمَام الْحَرَمَيْنِ وبرع فِي الْفِقْه وَكَانَ ورعاً كثير الْعِبَادَة سمع من أبي الْحسن عَليّ الواحدي صَاحب التَّفْسِير وروى عَنهُ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى إِنِّي لأجد ريح يُوسُف أَن ريح الصِّبَا اسْتَأْذَنت رَبهَا أَن تَأتي يَعْقُوب برِيح يُوسُف عليهما السلام

قبل أَن يَأْتِيهِ البشير بالقميص فَأذن لَهَا فَأَتَتْهُ بذلك فَلذَلِك يتروح كل محزون برِيح الصِّبَا وَهِي من نَاحيَة الْمشرق إِذا هبت على الْأَبدَان نعمتها ولينتها وهيجت الأشواق إِلَى الأوطان والأحباب وَأنْشد

(أيا جَبَليَ نُعمانَ بِاللَّه خَلِّيا

نسيم الصِّبَا يخلص إِلَيّ نسيمها)

(فَإِن الصِّبَا ريح مَتى مَا تنفست

على نفس مهموم تجلت همومها)

قلت الظَّاهِر إِن نسيم الصِّبَا يخْتَلف مزاجه وتأثيره باخْتلَاف الأَرْض وَالْبِقَاع الَّتِي يمر عَلَيْهَا والفصول أَيْضا فَهِيَ فِي الرّبيع تكون ألطف مِنْهَا فِي غَيره لأَنا نشاهد فِي الْحسن أَن الرّيح الَّتِي تهب

ص: 278

بِدِمَشْق وَغَيرهَا مِمَّا يقاربها ريح يابسة المزاج تجفف الرطوبات وتقحل الْأَجْسَام وَتحرق الثِّمَار والزروع وَهِي فِي الديار المصرية أَشد مِنْهَا فِي الشَّام وَهِي الَّتِي يسمونها المريسية وَقَالَ الْجَوْهَرِي الصِّبَا ريح ومهبها المستوى ان تهب من مَوضِع مطلع الشَّمْس إِذا اسْتَوَى اللَّيْل وَالنَّهَار على أَن أشعار الْعَرَب ملأى من الاسترواح بهَا ووصفها باللطف وتنفيس الكرب ولعلها فِي بِلَاد الْحجاز وَمَا أشبههَا تكون بِهَذِهِ الصّفة قَالَ القَاضِي شمس الدّين ابْن خلكان والفتاوى المستخرجة من كتاب نِهَايَة الْمطلب المنسوبة إِلَى الأرغياني أَشك فِيهَا هَل هِيَ لَهُ أَو لأبي الْفَتْح سهل الأرغياني وَتوفى سنة ثَمَان وَعشْرين وَخمْس ماية انْتهى

ابْن الخبازة مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن حبيب أَبُو بكر العاري وَيعرف بِابْن الخبازة ولد سنة تسع وَسِتِّينَ وَأَرْبع ماية سَافر إِلَى الْبِلَاد وَشرح كتاب الشهَاب كَانَ لَهُ معرفَة بالفقه والْحَدِيث وَكَانَ يعظ على طَرِيق الصُّوفِيَّة قَلِيل التَّكَلُّف وَكَانَ كثيرا مَا ينشد إِذا صعد الْمِنْبَر

(كَيفَ احتيالي وَهَذَا فِي الْهوى حَالي

والشوق أملك لي من عذل عذالي)

(وَكَيف أسلو وَفِي حبي لَهُ شغل

يحول بَين مهماتي وأشغالي)

بنى رِبَاطًا وَاجْتمعَ إِلَيْهِ جمَاعَة من الزهاد فَلَمَّا احْتضرَ قَالُوا وصنا فَقَالَ راقبوا الله فِي الخلوات واحذروا مثل مصرعي هَذَا وَقد عِشْت إِحْدَى وَسِتِّينَ سنة وَمَا كَأَنِّي رَأَيْت الدُّنْيَا وَأنْشد

(هَا قد مددت يَدي إِلَيْك فَردهَا

بِالْعَفو لَا بشماتة الْأَعْدَاء)

توفى سنة ثلثين وَخمْس ماية

الْجُنَيْد ابْن الخبازة مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن هِلَال أَبُو الْحسن الْمُسْتَعْمل الْمَعْرُوف بِابْن)

الخبازة ويلقب بالجنيد البغداذي سمع ابْن رزقويه وروى عَنهُ أَبُو الْقسم ابْن السمر قندي وَيحيى بن عَليّ ابْن الطراح والشريف واثق بن تَمام وَأَبُو الغنايم مُحَمَّد بن مَسْعُود بن السدنك توفى سنة تسع وَسبعين وَأَرْبع ماية

القَاضِي محيي الدّين ابْن أبي عصرون مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد ابْن أبي عصرون القَاضِي محيي الدّين ابْن القَاضِي الْعَلامَة شرف الدّين أبي سعد التَّمِيمِي الشَّافِعِي قَاضِي دمشق وَابْن قاضيها توفى سنة إِحْدَى وست ماية وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده إِن شَاءَ الله تَعَالَى

الجزيري مُحَمَّد بن عبد الله أَبُو عبد الله الجزيري بِالْجِيم وَالزَّاي وَالْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا رَاء برع فِي الْعلم وَطَاف وسمت همته إِلَى أَن يحيي سنة مهْدي الْمغرب وَزعم

ص: 279

أَن عبد الْمُؤمن وبنيه غيروا سيرته فَقَامَ فِي قوم من البربر يعْرفُونَ بمزالة فخطبوا لَهُ واتبعوه ثمَّ خَافُوا عَاقِبَة ذَلِك لما طلب مِنْهُم فأشاروا عَلَيْهِ أَن يختفي حَتَّى يجد موضعا يحميه فَرجع إِلَى بِلَاد الجزيرة بالأندلس وَأَرَادَ أَن يظْهر دَعوته فِي جبال جَزِيرَة الخضراء وخاطبهم فِي ذَلِك وانتسب إِلَى سعد بن عبَادَة رضي الله عنه فَقَالُوا هَذَا يريدنا لأمر تذْهب فِيهِ أَمْوَالنَا وأرواحنا وَلَو كلفنا سعد بن عبَادَة هَذَا لم نلتفت إِلَيْهِ فأيس مِنْهُم وَصَارَ إِلَى جِهَة بسطة فَقعدَ فِي مَسْجِد وَأَتَاهُ أَصْحَابه ببطيخ فَجعلُوا يَأْكُلُونَهُ ويرمون قشوره فِي الْمَسْجِد فَقَالَ لَهُم رجل كَانَ هُنَالك مَا رَأَيْت أبعد مِنْكُم عَن مُرُوءَة الدُّنْيَا وَالدّين قَالُوا وَكَيف ذَلِك قَالَ أكلْتُم الْبِطِّيخ وَلَيْسَ فِي الْمَسْجِد غَيْرِي فَلم تعرضوا عَليّ فَعلمت أَنكُمْ لؤماء ورأيتكم ترمون قشور الْبِطِّيخ فِي بَيت الله فَعلمت أَنكُمْ مستخفون بحرمته فتردد فكري فِي أَن تَكُونُوا جُهَّالًا أَو زنادقة فَقَالُوا لَهُ لم يكن لَك فِي الطَّعَام نصيب فيلزمنا دعاؤك فَأَنت إِذا طفيلي وَبَيت الله لِعِبَادِهِ كلهم وقشور الْبِطِّيخ طَاهِرَة فَأَنت إِذا فُضُولِيّ فعلا الْكَلَام بَينهم وَكثر الصخب وأنكرتهم الْعَامَّة فرفعوهم إِلَى الْوَالِي فَبينا الْوَالِي يكْشف أَحْوَالهم إِذْ وَصله كتاب بِأَن الجزيري وأصحاباً لَهُ قد صَارُوا إِلَى جهتك فَبَثَّ الْعُيُون عَلَيْهِم وَاسْتقر مظان اختفايهم فَلَعَلَّ الله يظفرك بهم ويطهر مِنْهُم الْبِلَاد والعباد فَقَالَ الْوَالِي الله أكبر هَذِه حَاجَة أَمِير الْمُؤمنِينَ ثمَّ قَرَأَ إِن ينصركم الله فَلَا غَالب لكم الْآيَة وَقَالَ لَهُم كَيفَ رَأَيْتُمْ استخفافكم بِبَيْت الله وَسُوء أدبكم مَعَه وأنفذ بهم فَضربت أَعْنَاقهم بعد مَا كَانَ الجزيري قد اشْتهر أمره وَعظم فِي النُّفُوس قدره فاهتم بأَمْره بَنو عبد الْمُؤمن وَجعلُوا عَلَيْهِ الْعُيُون فِي جَمِيع بِلَادهمْ وَحصل فِي الْأَنْفس مِنْهُ أَنه يتَصَوَّر بصور الْحَيَوَانَات الْمُخْتَلفَة)

فَكَانَت الْعَوام يرجمون الْكلاب والسنانير توهماً أَنه تصور بِصُورَة وَاحِدَة من تِلْكَ الْحَيَوَانَات وَمن شعره

(فِي أم رَأْسِي سر

يَبْدُو لكم بعد حِين)

(لأطلبن مرادي

إِن كَانَ سعدي معيني)

(أَو لَا فأكتب مِمَّن

سعى لإِظْهَار دين)

ابْن غطوس النَّاسِخ مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مفرج أَبُو عبد الله ابْن غطوس بالغين الْمُعْجَمَة والطاء الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة وَالْوَاو الساكنة وَالسِّين الْمُهْملَة على وزن سفود الْأنْصَارِيّ الأندلسي البلنسي النَّاسِخ قَالَ ابْن الْأَبَّار انْفَرد فِي وقته بالبراعة فِي كِتَابَة الْمَصَاحِف ونقطها يُقَال إِنَّه كتب ألف مصحف وَلم يزل الْمُلُوك والكبار ينافسون فِيهَا إِلَى الْيَوْم وَقد كَانَ آلى على نَفسه أَلا يكْتب حرفا إِلَّا من الْقُرْآن وَخلف أَبَاهُ وأخاه فِي هَذِه الصِّنَاعَة قلت أَخْبرنِي من لَفظه الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ أَبُو الْحسن عَليّ بن الصياد الفاسي بصفد سنة سِتّ وَعشْرين وَسبع ماية أَنه كَانَ لَهُ بَيت فِيهِ آلَة النّسخ والرقوق وَغير ذَلِك لَا يدْخلهُ أحد من أَهله يدْخلهُ ويخلو بِنَفسِهِ وَرُبمَا قَالَ لي إِنَّه كَانَ يضع الْمسك فِي الدواة وَكَانَ مصحفه لَا يهديه إِلَّا بمايتي دِينَار وَإِن إنْسَانا جَاءَ إِلَيْهِ من بلد بعيد مَسَافَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَو قَالَ أَكثر من ذَلِك وَأخذ مِنْهُ مُصحفا وَلما كَانَ بعد مُدَّة فكر فِي أَنه وضع نقطاً أَو ضبطاً على بعض الْحُرُوف فِي غير مَوْضِعه وَأَنه سَافر إِلَى تِلْكَ

ص: 280

الْبَلَد وأتى إِلَى ذَلِك الرجل وَطلب الْمُصحف مِنْهُ فَتوهم أَنه رَجَعَ فِي البيع فَقَالَ قبضت الثّمن مني وتفاصلنا فَقَالَ لابد أَن أرَاهُ فَلَمَّا أَتَى بِهِ إِلَيْهِ حك ذَلِك الْغَلَط وَأَصْلحهُ وَأَعَادَهُ إِلَى صَاحبه وَرجع إِلَى بَلَده أَو كَمَا قَالَ وَقد رَأَيْت أَنا بِخَطِّهِ مُصحفا أَو أَكثر وَهُوَ شَيْء غَرِيب من حسن الْوَضع ورعاية المرسوم وَلكُل ضبط لون من الألوان لَا يخل بِهِ فاللازورد للشدات والجزمات واللك للضمات وللفتحات والكسرات والأخضر للهمزات الْمَكْسُورَة والأصفر للهمزات الْمَفْتُوحَة لَا يخل بِشَيْء من ذَلِك وَلَيْسَ فِيهِ وَاو وَلَا ألف وَلَا حرف وَلَا كلمة فِي الْحَاشِيَة وَلَا تخريجة وَكَأَنَّهُ مَتى فسد مَعَه شَيْء أبطل تِلْكَ القايمة توفى الْمَذْكُور سنة عشر وست ماية وَمِمَّنْ سلك هَذِه الطَّرِيق فِي الْمَصَاحِف ابْن خلدون البلنسي

ابْن سيدة الْمُحدث مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عَليّ بن عمر بن صابر السّلمِيّ أَبُو طَالب ابْن أبي الْمَعَالِي الْمَعْرُوف بِابْن سيدة من أهل دمشق من أَوْلَاد الْمُحدثين)

سمع أَبَاهُ وَأَبا طَاهِر الخشوعي وَأَبا مُحَمَّد بن عَسَاكِر وَغَيرهم وسافر إِلَى مصر وَسمع بهَا البوصيري واسمعيل بن صَالح بن ياسين المقرىء وَكَانَت لَهُ دنيا وَاسِعَة وَحَال حَسَنَة يتقلب فِيهَا على مُرَاد قلبه فزهد فِيهَا فِي عنفوان شبابه وطرحها وَصَحب الصَّالِحين وَجَاوَزَ بِمَكَّة سِنِين عديدة وَحضر مَعَ الشَّيْخ عمر السهر وردي إِلَى بغداذ لما حضر من الشَّام وَسمع بهَا أثنى عَلَيْهِ ابْن النجار وَقَالَ سَمِعت مِنْهُ عَن وَالِده وَغَيره وَلم أر إنْسَانا كَامِلا غَيره فَإِنَّهُ زاهد عَابِد ورع تَقِيّ كثير الصّيام وَالصَّلَاة محافظ على الأوراد يكثر تِلَاوَة الْقُرْآن ومطالعة كتب الْعلم وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا من الْأَحَادِيث وَكَلَام الْمَشَايِخ وَتوفى بِدِمَشْق سنة سبع وثلثين وست ماية

القَاضِي شرف الدّين ابْن عين الدولة مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحسن بن عَليّ بن أبي الْقسم بن صَدَقَة بن حَفْص قَاضِي الْقُضَاة أَبُو المكارم شرف الدّين ابْن القَاضِي الرشيد ابْن القَاضِي أبي الْمجد الصفراوي الاسكندري الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن عين الدولة ولد بالاسكندرية سنة إِحْدَى وَخمسين وَخمْس ماية وَقدم الْقَاهِرَة سنة ثلث وَسبعين وَكتب لقَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين ابْن درباس ثمَّ نَاب عَنهُ فِي الْقَضَاء وَحكم بالاسكندرية من أَعْمَامه وأخواله ثَمَانِيَة وناب فِي الْقَضَاء أَيْضا عَن قَاضِي الْقُضَاة ابْن أبي عصرون وَعَن زين الدّين عَليّ بن يُوسُف الدِّمَشْقِي وَعَن عماد الدّين ابْن السكر ثمَّ اسْتَقل بِالْقضَاءِ بِالْقَاهِرَةِ وَولي الْقَضَاء بالديار المصرية وَبَعض الشامية سنة سبع عشرَة وَكَانَ عَارِفًا بِالْأَحْكَامِ مطلعاً على غوامضها وَكتب الْخط الْجيد وَله نظم ونثر وَكَانَ يحفظ من شعر الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين جملَة وعزل عَن قَضَاء مصر ببدر الدّين السنجاري وَبَقِي قَاضِيا بِالْقَاهِرَةِ وبالوجه البحري وَنقل المصريون عَنهُ كثيرا من النَّوَادِر والزوايد كَانَ يَقُولهَا بِسُكُون وناموس وَمن شعره

(وليت الْقَضَاء وليت القضا

ء لم يَك شَيْئا تَوليته)

(فأوقعني فِي الْقَضَاء القضا

وَمَا كنت قدما تمنيته)

ص: 281

وَتُوفِّي سنة تسع وثلثين وست وماية وَسَأَلَهُ الْكَامِل عَن سنه فَقَالَ ارتجالاً

(يَا سايلي عَن قوى جسمي وَمَا فعلت

فِيهِ السنون أَلا فاعلمه تبيينا)

(ثاء الثَّلَاثِينَ أحسست الفتور بهَا

فَكيف حَالي فِي ثاء الثمانينا)

تقدم إِلَى القَاضِي شرف الدّين ابْن عين الدولة رجلَانِ من أهل الْفسْطَاط فَقَالَ أَحدهمَا لي عِنْد)

هَذَا كَذَا وَكَذَا زبدية من ألوان الطَّعَام قدمتها إِلَيْهِ وَقد ورد من السّفر ووصلت أَنا من سفرتي هَذِه وَلم يقدم لي مثلهَا فَقَالَ يَا وَفِي الدولة اسْمَع مَا يَقُول كريم الدولة فَانْقَلَبَ الْمجْلس ضحكا

أَبُو عبد الله الصُّوفِي مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْمجِيد الْمصْرِيّ أَبُو عبد الله بن أبي الْقسم الصُّوفِي شيخ رِبَاط المأمونية ولي مشيخة الرِّبَاط بعد وَالِده وعمره اثْنَتَا عشرَة سنة فَأَقَامَ بِهِ شَيخا عشْرين سنة ثمَّ غزل اسْمَعْهُ وَالِده من أبي الْفرج ابْن كُلَيْب وَأبي الْقسم ابْن بوش وذاكر بن كَامِل وَعبد الْحق ابْن الصَّابُونِي وَطلب هُوَ بِنَفسِهِ وَسمع من أَصْحَاب أبي الْقسم ابْن الْحصين وَأبي بكر ابْن الْأنْصَارِيّ قَالَ ابْن النجار وَقد سَمِعت مِنْهُ كثيرا برباطه لَهُ معرفَة بالفقه وَالْخلاف وَقَرَأَ الْقُرْآن بالروايات وَحصل من اللُّغَة والنحو طرفا صَالحا وَكتب خطا جيدا وَله نظم مليح وَكَانَ أظرف أهل زَمَانه وألطفهم أَخْلَاقًا وأوسعهم صَدرا وأتمهم مُرُوءَة وأنشدنى لنَفسِهِ

(أَيهَا المعرض عني

صل ودع عَنْك التجني)

(قد رمت عَيْنَاك سَهْما

فَأصَاب الْقلب مني)

وَقَالَ ابْن النجار وَقَالَ لي أنشدتهما لأبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي الْعِزّ ابْن جميل فأنشدنى لنَفسِهِ

(يَا مليح الْوَجْه صلني

أَخذ الهجران مني)

(فالضنى ترويه أجفا

نك عَن خصرك عني)

وَتُوفِّي سنة تسع وثلثين وست ماية

شرف الدّين المرسي النَّحْوِيّ مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد ابْن أبي الْفضل الإِمَام الأوحد شرف الدّين أَبُو عبد الله السّلمِيّ الأندلسي المرسي الْمُحدث الْمُفَسّر النَّحْوِيّ ولد بمرسية سنة تسع وَسِتِّينَ وَقيل سنة سبعين وعني بِالْعلمِ وَسمع الْمُوَطَّأ بعلو بالمغرب من الْحَافِظ الحجري وَحج وَدخل الْعرَاق وخراسان وَالشَّام ومصر وَسمع جمَاعَة كَثِيرَة وَقَرَأَ الْفِقْه وَالْأُصُول وَحدث

ص: 282

بالسنن الْكَبِير للبيهقي وبغريب الحَدِيث للخطابى عَن مَنْصُور الفراوي وَله مصنفات عديدة وَله نظم ونثر حسن وَكَانَ زاهداً متورعاً كثير الْعِبَادَة فَقِيرا مُجَردا توفى بعريش مصر فِيمَا بَينه وَبَين الزعقة وَهُوَ مُتَوَجّه إِلَى دمشق وَدفن بتل الزعفة وَخلف كتبا عَظِيمَة كَانَت مودعة)

بِدِمَشْق فرسم السُّلْطَان بِبَيْعِهَا فَكَانُوا يحملون مِنْهَا كل يَوْم ثَلَاثًا إِلَى دَار السَّعَادَة لأجل الباذرائى فَاشْترى مِنْهَا جملَة كَثِيرَة وأبيعت فِي سنة وصنف تَفْسِيرا كَبِيرا لم يتمه وَكَانَت وَفَاته سنة خمس وَخمسين وست ماية وواخذ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْمفصل وَأخذ عَلَيْهِ فِي سبعين موضعا وَبرهن سقم ذَلِك قَالَ ياقوت وَكَانَ عُذْري الْهوى عامري الجوى لَهُ كل يَوْم حبيب وَطول تَرْجَمته ياقوت واستوفاها وَله كَلَام على شعر أَبى الطّيب أَخْبرنِي الشَّيْخ أثير الدّين من لَفظه قَالَ هُوَ صَاحب الضوابط الْكُلية فِي النَّحْو وَذكر لنا أَنه كَانَ لَهُ فِي الْبِلَاد الَّتِي يتنقل إِلَيْهَا من الْكتب مَا يحْتَاج إِلَيْهِ بِحَيْثُ أَنه لَا يستصحب كتبا اكْتِفَاء بِمَالِه فِي الْبَلَد الَّذِي يُسَافر إِلَيْهِ من الْكتب وأنشدني من لَفظه قَالَ أنشدنا أَبُو الْهدى عِيسَى قَالَ أنشدنا شرف الدّين لنَفسِهِ لما دخل عَلَيْهِ الصَّالح أَبُو الْعَبَّاس المريني وَهُوَ مَرِيض فَقَالَ لَهُ مَا هيأت من الزَّاد مَا بَقِي إِلَّا الرحيل فَقَالَ ارتجالاً

(قَالُوا مُحَمَّد قد كَبرت وَقد أَتَى

داعى الْحمام وَمَا اهتممت بزاد)

(قلت الْقَبِيح من الْكَرِيم لضيفه

عِنْد الْقدوم مَجِيئه بالزاد)

ابْن الْأَبَّار مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن أبي بكر الْحَافِظ الْعَلامَة أَبُو عبد الله الْقُضَاعِي البلنسي الْكَاتِب الأديب الْمَعْرُوف بِابْن الْأَبَّار وبالأبار ولد سنة خمس وَتِسْعين وَسمع من أَبِيه الْأَبَّار وأبى عبد الله مُحَمَّد بن نوح الغافقي وأبى الرّبيع سُلَيْمَان بن مُوسَى بن سَالم الكلاعى الْحَافِظ وَبِه تخرج وعني بِالْحَدِيثِ وجال فِي الأندلس وَكتب العالي والنازل وَكَانَ بَصيرًا بِالرِّجَالِ عَارِفًا بالتاريخ إِمَامًا فِي الْعَرَبيَّة فَقِيها مقرئاً اخبارياً فصيحاً لَهُ يَد فِي البلاغة والإنشاء فِي النّظم والنثر كَامِل الرياسة ذَا جلالة وأبهة وتجمل وافر وَله من المصنفات فِي الحَدِيث والتاريخ وَالْأَدب كمل الصِّلَة لِابْنِ بشكوال بِكِتَاب فِي ثلثة أسفار قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين اختصرته فِي مُجَلد وَاحِد وَمن رأى كَلَام الرجل علم مَحَله من الحَدِيث وَكَانَ لَهُ إجَازَة من أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي جَمْرَة روى عَنهُ بهَا وَقتل مَظْلُوما بتونس على يَد صَاحبهَا لِأَنَّهُ تخيل مِنْهُ الْخُرُوج وشق الْعَصَا وَقيل إِن بعض أعدايه ذكر عِنْد صَاحب تونس أَنه ألف تَارِيخا وَأَنه تكلم فِيهِ فِي جمَاعَة فَلَمَّا طلب أحسن بِالْهَلَاكِ فَقَالَ للغلام خُذ البغلة وآمض بهَا إِلَى حَيْثُ شِئْت فَهِيَ لَك وَله جُزْء سَمَّاهُ دُرَر السمط فِي خبر السبط ينَال فِيهِ من بني أُميَّة ويصف عليا عليه السلام بِالْوَحْي وَهَذَا تشيع)

ظَاهر وَلكنه إنْشَاء بديع قلت وَله كتاب تحفة

ص: 283

القادم تراجم شعراء وَكتاب إيماض الْبَرْق والحلة السيراء فِي أشعار الْأُمَرَاء وإعتاب الْكتاب أَخْبرنِي الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس أَنه أملاه فِي ثَلَاثَة أَيَّام توفى سنة ثَمَان وَخمسين وست ماية وَمن شعره يصف الْمركب

(يَا حبذا من بَنَات المَاء سابحة

تطفو لما شب أهل النَّار تطفئه)

(تطيرها الرّيح غرباناً بأجنحة ال

حمايم الْبيض للاشراك ترزؤه)

(من كل أدهم لَا يلفى بِهِ جرب

فَمَا لراكبه بالقار يهنؤه)

(يدعى غراباً وللفتخاء سرعته

وَهُوَ ابْن مَاء وللشاهين جؤجؤه)

وَمِنْه

(مرقوم الخد مورده

يكسوني السقم مجرده)

(شفاف الدّرّ لَهُ جَسَد

بِأبي مَا أودع مجسده)

(فِي وجنته من نعْمَته

جمر بفؤادي موقده)

(نظرت عَيْنَايَ لَهُ خطأ

فَأبى الأنظار تَعَمّده)

(ريم يَرْمِي عَن أكحله

زرقاً تصمي من يصمده)

(متداني الخطوة من ترف

أَتَرَى الأحجال تقيده)

(ولاه الْحسن وَأمره

وَأَتَاهُ السحر يُؤَيّدهُ)

وَمِنْه

(ونهر كَمَا ذَابَتْ سبايك فضَّة

حكى بمحانيه آنعطاف الأراقم)

(إِذا الشَّفق آستولى عَلَيْهِ آحمراره

تبدى خضيبا مثل دامي الصوارم)

(وتحسبه سنت عَلَيْهِ مفاضة

لِأَن هاب هبات الرِّيَاح النواسم)

(وتطلعه من دكنة بعد زرقة

ظلال لأدواح عَلَيْهِ نواعم)

(كَمَا آنفجر الْفجْر المطل على الدجى

وَمن دونه فِي الْأُفق سحم الغمايم)

وَمِنْه أَيْضا

(لله نهر كالحباب

ترقيشه سامي الْحباب)

(يصف السَّمَاء صفاؤه

فخصاه لَيْسَ بِذِي اصطخاب)

(وكأنما هُوَ رقة

من خَالص الذَّهَب الْمُذَاب)

)

(غارت على شطيه أَب

كار المنى عصر الشَّبَاب)

(والظل يَبْدُو فَوْقه

كالخال فِي خد الكعاب)

(لَا بل أدَار عَلَيْهِ خو

ف الشَّمْس مِنْهُ كالنقاب)

ص: 284

(مثل المجرة جر فِي

هَا ذيله جون السَّحَاب)

وَمِنْه أَبْيَات

(شَتَّى محاسنه فَمن زهر على

نهر تسلسل كالحباب تسلسلا)

(عريت بِهِ شمس الظهيرة لاتني

إحراق صفحته لهيباً مشعلا)

(حَتَّى كَسَاه الدوح من أفنانه

بردا يمزق فِي الأصايل سلسلا)

(وكأنما لمع الظلال بمتنه

قطع الدِّمَاء جمدن حِين تحللا)

قلت شعر جيد لمعانيه غوص

أَبُو عبد الله المتيجي مُحَمَّد بن عبد الله بن ابراهيم بن عِيسَى بن معنين بن عَليّ بن يُوسُف أَبُو عبد الله الاسكندراني الْفَقِيه المالكى الْعدْل من أهل الْعلم والْحَدِيث كَانَ صَالحا ثِقَة ثبتاً وَكَانَ لَهُ نظم توفى سنة تسع وَخمسين وست ماية وَمن شعره فِيمَا يكْتب بِهِ على الإجازات

(أجزت لَهُم أَعلَى الْمُهَيْمِن قدرهم

وحلاهم ذكرا جميلاً معطراً)

(رِوَايَة مَا أرويه شرقاً ومغرباً

وَمَا قلته نظماً ونثراً محبرا)

(على شَرط أهل الْعلم والصيغة الَّتِي

يكون بهَا معنى الْإِجَازَة مظْهرا)

(وَهَذَا جوابي ثمَّ وآسمي مُحَمَّد

عَفا الله عَنهُ مَا مضى وتأخرا)

(أَقُول وَعبد الله اسْم لوالدي

وإبرهيم جدي قد نصصت مخبرا)

(وَيعرف بالمتي نِسْبَة بَلْدَة

وسطرت خطي بالقريض معبرا)

قلت طول وَجَاء بِشعر غث رَكِيك وَأَيْنَ هَذَا مِمَّا كَانَ يَكْتُبهُ ابْن الظهير الإربلي وَقد تقدم شرف الدّين المتانى مُحَمَّد بن عبد الله بن مُوسَى شرف الدّين أَبُو عبد الله الحورانى المتانى الشَّيْخ الْعَارِف الزَّاهِد كَانَ لَهُ رياضات وخلوات وَانْقِطَاع وَمَعْرِفَة جَيِّدَة بعلوم مُتعَدِّدَة توفى بحماة فِي سنة تسع وَخمسين وست وماية ومتان بِضَم الْمِيم وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق قَرْيَة من قرى حوران

الشَّيْخ جمال الدّين ابْن مَالك مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الله بن مَالك الإِمَام

ص: 285

الْعَلامَة الأوحد جمال)

الدّين أَبُو عبد الله الطَّائِي الجياني الشَّافِعِي النَّحْوِيّ نزيل دمشق ولد سنة إِحْدَى وَسمع بِدِمَشْق من مكرم وَأبي صَادِق الْحسن بن صباح وَأبي الْحسن السخاوي وَغَيرهم وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن غير وَاحِد وجالس ابْن عمرون وَغَيره بحلب وتصدر بحلب لإقراء الْعَرَبيَّة وَصرف همته إِلَى إتقان لِسَان الْعَرَب حَتَّى بلغ فِيهِ الْغَايَة وأربى على الْمُتَقَدِّمين وَكَانَ إِمَامًا فِي القراآت وعللها صنف فِيهَا قصيدة دالية مرموزة فِي قدر الشاطبية وَأما اللُّغَة فَكَانَ إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِيهَا أَخْبرنِي الشَّيْخ الإِمَام شهَاب الدّين أَبُو الثَّنَاء مَحْمُود رحمه الله من لَفظه قَالَ جلس يَوْمًا وَذكر مَا انْفَرد بِهِ صَاحب الْمُحكم عَن الْأَزْهَرِي فِي اللُّغَة قلت وَهَذَا أَمر معجز لِأَنَّهُ يُرِيد ينْقل الْكِتَابَيْنِ وَأَخْبرنِي عَنهُ أَنه كَانَ إِذا صلى فِي العادلية لِأَنَّهُ كَانَ إِمَام الْمدرسَة يشيعه قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابْن خلكان إِلَى بَيته تَعْظِيمًا لَهُ وَقد قَرَأت ألفية الشَّيْخ الْمُسَمَّاة بالخلاصة من لَفْظِي على الشَّيْخ شهَاب الدّين الْمشَار إِلَيْهِ وَرَوَاهَا لي عَنهُ ورويتها بِالْإِجَازَةِ عَن نَاصِر الدّين شَافِع بن عبد الظَّاهِر وَعَن شهَاب الدّين ابْن غَانِم بِالْإِجَازَةِ عَنْهُمَا عَنهُ وَأما النَّحْو والتصريف فَكَانَ فيهمَا بحراً لَا يشق لجه وَأما اطِّلَاعه على أشعار الْعَرَب الَّتِي يستشهد بهَا على النَّحْو واللغة فَكَانَ أمرا عجيباً وَكَانَ الأيمة الْأَعْلَام يتحيرون فِي أمره وَأما الِاطِّلَاع على الحَدِيث فَكَانَ فِيهِ آيَة لِأَنَّهُ أَكثر مَا يستشهد بِالْقُرْآنِ فَإِن لم يكن فِيهِ عدل شَاهد إِلَى الحَدِيث وَإِن لم يكن فِيهِ شَيْء عدل إِلَى أشعار الْعَرَب هَذَا مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ من الدّين وَالْعِبَادَة وَصدق اللهجة وَكَثْرَة النَّوَافِل وَحسن السمت وَكَمَال الْعقل وَانْفَرَدَ عَن المغاربة بشيئين الْكَرم وَمذهب الشَّافِعِي أَقَامَ بِدِمَشْق مُدَّة يصنف ويشغل بالجامع والتربة العادلية وَتخرج بِهِ جمَاعَة وَكَانَ نظم الشّعْر عَلَيْهِ سهلاً رجوه وطويله وبسيطه وصنف كتاب تسهيل الفوايد مدحه سعد الدّين مُحَمَّد بن عَرَبِيّ بِأَبْيَات مليحة إِلَى الْغَايَة وَهِي

(إِن الإِمَام جمال الدّين جمله

رب العلى ولنشر الْعلم أَهله)

(أمْلى كتابا لَهُ يُسمى الفوايد لم

يزل مُفِيدا لذى لب تَأمله)

(فَكل مَسْأَلَة فِي النَّحْو يجمعها

إِن الفوايد جمع لَا نَظِير لَهُ)

وَفِي هَذِه الأبيات مَعَ حسن التورية فِيهَا مَا لَا يَخْلُو من ايراد ذكرته فِي كتابي فض الختام عَن التورية والاستخدام وَمن تصانيفه سبك المنظوم وَفك الْمَخْتُوم وَكتاب الكافية الشافية ثلثة آلَاف بَيت وَشَرحهَا وَالْخُلَاصَة وَهِي مُخْتَصر الشافية وإكمال الْإِعْلَام بمثلث الْكَلَام وَهُوَ)

مُجَلد كَبِير كثير الفوايد يدل على اطلَاع عَظِيم ولامية الْأَفْعَال وَشَرحهَا وَفعل وأفعل والمقدمة الأَسدِية وَضعهَا باسم وَلَده الْأسد وعدة اللافظ وعمدة الْحَافِظ وَالنّظم الأوجز فِيمَا يهمز والاعتضاد فِي الظَّاء وَالضَّاد مُجَلد وَغير ذَلِك وإعراب مُشكل البُخَارِيّ أَنْشدني

ص: 286

العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ أَنْشدني عَليّ بن مَنْصُور بن زيد بن أبي الْقسم الهمذاني التَّمِيمِي قَالَ أنشدنا الشَّيْخ جمال الدّين ابْن مَالك لنَفسِهِ

(إل ابْن الْخَيْر عَن ضَرَرا خشيتا

فَحسن الحزم رَأيا إِن دهيتا)

(وَهَذَا مَذْهَب وعر مداه

مواصل غرَّة قد حَان صيتًا)

(إِذا الملهوف ذَا صدق عَطاء

تنَلْ حسن المحامد مَا حييتا)

قلت كَذَا أنشدنيه الْعَلامَة أثير الدّين بِفَتْح اللَّام من ال وَفتح النُّون من ابْن وبنصب ضرروفتح النُّون من حسن وَضم الْمِيم من الحزم وَكسر الْبَاء من مَذْهَب وَفتح الْفَاء من الملهوف وَنصب الْهمزَة من عَطاء وَضم النُّون من حسن وَفتح الدَّال من المحامد وَتَفْسِيره أَن ال امْر وَابْن مفعول وَعَن بِمَعْنى أَن أبدلت الْهمزَة عينا وَحسن فعل مَاض وَذَا مَذْهَب حَال ومواصل فَاعل وإامر وَذَا الملهوف مفعول وَعَطَاء مفعول ثَان وَحسن منادى والمحامد مفعول تنَلْ وَمن نظم الشَّيْخ جمال الدّين مُحَمَّد بن مَالك رَحمَه الله تَعَالَى

(تثليث باإصبع مَعَ شكل همزته

بِغَيْر قيد مَعَ الاصبوع قد نقلا)

(وَأعْطِ أُنْمُلَة مَا نَالَ الاصبع إِ

لَا الْمَدّ فالمد للبا وَحدهَا بذلا)

(أرز أرز أرز صَحَّ مَعَ أرز

والرز والرنز قل ماشئت لاعذلا)

(لدن بِتَثْلِيث دَال لدن لدن لدن

ولد ولد لد لدن أوليت فعلا)

(فاأف ثلث وَنون إِن أردْت وأف

أفى ورفعاً ونصباً إِنَّه قبلا)

(حيهل حيهل آحفظ ثمَّ حيهلاً

أَو نون اَوْ حيهل قل ثمَّ حَيّ علا)

(هيا وهيك هيا هيك هيت وَهِي

ت كلهَا اسْم لأمر يَقْتَضِي عجلا)

(أيهات بِالْهَمْز أَو بالها وَآخره

ثلث وإيهات والتنوين مَا حظلا)

(أيهان إيهاك إيهاً قطّ قطّ وقط

وقط مَعَ قطّ وقتا مَاضِيا شملا)

(هَا هَاء جردهما أَو أولينهما

كَاف الْخطاب على الْأَحْوَال مُشْتَمِلًا)

(أَو مَا لذِي الْكَاف نول همز هَاء كها

ء هاؤما هاؤم هاؤن فآمتثلا)

)

(وآحكم بفعلية لَهَا وهاء وصل

هما بِمَا حف وناد آمراً وصلا)

(وَرب ربت ربت رب رب رب مَعَ

تَخْفيف الاربع تقليل بهَا حصلا)

(همز ايم وايمن فأفتح واكسر أَو أم قل

أَو قل م أَو من بالتثليث قد شكلا)

(وأيمن اختم بِهِ وَالله كلا اضف

إِلَيْهِ فِي قسم تبلغ بِهِ الأملا)

وروى عَنهُ وَلَده بدر الدّين مُحَمَّد وَقد مر ذكره وشمس الدّين بن جعوان وَقد مر وشمس الدّين ابْن أبي الْفَتْح وَابْن الْعَطَّار وزين الدّين أَبُو بكر الْمزي وَالشَّيْخ أَبُو الْحُسَيْن اليونيني وَأَبُو عبد الله الصَّيْرَفِي وقاضي الْقُضَاة بدر الدّين ابْن جمَاعَة وشهاب الدّين مَحْمُود وشهاب الدّين ابْن غَانِم

ص: 287

وناصر الدّين شَافِع وَخلق سواهُم أَنْشدني من لَفظه الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر بن أَيُّوب بن سعيد الْحَنْبَلِيّ عرف بِابْن قيم الجوزية قَالَ أَنْشدني الشَّيْخ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح بن أبي الْفضل البعلي قَالَ أنشدنا شَيخنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مَالك لنَفسِهِ فِي لُغَات الْأرز بَيْتا مُفردا وَهُوَ

(أرز أرز أرز صَحَّ مَعَ أرز

والرز والرنز قل مَا شِئْت لَا عذلا)

وأنشدني الْمَذْكُور وَالشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ بالسند الْمَذْكُور فِي أَسمَاء الذَّهَب لَهُ

(نضر نضير نضار زبرج سير

وزخرف عسجد عقيان الذَّهَب)

(والتبر مَا لم يذب وأشركوا ذَهَبا

وَفِضة فِي نسيك هَذَا الغرب)

وأنشدني الشَّيْخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ بالسند الْمَذْكُور لَهُ فِي أَسمَاء خيل السباق الْعشْرَة على الْوَلَاء

(خيل السباق المجلي يقتفيه مص

ل والمسلي وتال قبل مرتاح)

(وعاطف وحظي والمؤمل وَال

لطيم والفسكل السّكيت يَا صَاح)

وَله من هَذِه الضوابط شَيْء كثير وَكَانَ يَقُول عَن الشَّيْخ جمال الدّين ابْن الْحَاجِب إِنَّه أَخذ نَحوه من صَاحب الْمفصل وَصَاحب الْمفصل نَحوه صغيرات وناهيك بِمن يَقُول هَذَا فِي حق الزَّمَخْشَرِيّ وَكَانَ الشَّيْخ ركن الدّين ابْن القوبع يَقُول إِن ابْن مَالك مَا خلى للنحو حُرْمَة وَحكي عَنهُ أَنه كَانَ يَوْمًا فِي الْحمام قد اعتزل فِي مَكَان يسْتَعْمل فِيهِ الموسى فهجم عَلَيْهِ أَمْرَد وَقَالَ لَهُ مَا تصنع فَقَالَ لَهُ أكنس لَك الْموضع الَّذِي تقعد عَلَيْهِ وَهَذَا أستبعده من الشَّيْخ جمال الدّين رحمه الله والعهدة على من حَكَاهُ لي وَلَا أستبعد ذَلِك من لطف النُّحَاة وطباع أهل)

الأندلس توفى سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وست ماية بِدِمَشْق رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالَ شرف الدّين الحصني يرثيه

(يَا شتات الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال

بعد موت ابْن مَالك المفضال)

(وانحراف الْحُرُوف من بعد ضبط

مِنْهُ فِي الِانْفِصَال والاتصال)

(مصدرا كَانَ للعلوم بِإِذن

الله من غير شُبْهَة ومحال)

(عدم النَّعْت والتعطف والتو

كيد مستبدلاً من الْإِبْدَال)

(ألم اعتراه أسكن مِنْهُ

حركات كَانَت بِغَيْر اعتلال)

(يَا لَهَا سكتة لهمز قَضَاء

أورثت طول مُدَّة الِانْفِصَال)

(رَفَعُوهُ فِي نعشه فانتصبنا

نصب تَمْيِيز كَيفَ سير الْجبَال)

(فخموه عِنْد الصَّلَاة بدل

فأمليت أسراره للدلال)

(صرفوه يَا عظم مَا فَعَلُوهُ

وَهُوَ عدل معرف بالجمال)

ص: 288

(أدغموه فِي الترب من غير مثل

سالما من تغير الِانْتِقَال)

(وقفُوا عِنْد قَبره سَاعَة الدُّف

ن وقوفاً ضَرُورَة الِامْتِثَال)

(وَمَدَدْنَا الأكف نطلب قصراً

مسكنا للنزيل من ذِي الْجلَال)

(آخر الْآي من سبا حظنا مِنْهُ

حَظه جَاءَ أول الْأَنْفَال)

(يَا لِسَان الْأَعْرَاب يَا جَامع الإع

راب يَا مفهماً لكل مقَال)

(يَا فريد الزَّمَان فِي النّظم والنث

ر وَفِي نقل مسندات العوالي)

(كم عُلُوم بثنتها فِي أنَاس

علمُوا مَا ثنيت عِنْد الزَّوَال)

قلت هَذَا مَا اخترته من هَذِه القصيدة وَمَا رَأَيْت مرثية فِي نحوي أحسن مِنْهَا على طولهَا ولي فِي شَيخنَا الْعَلامَة أثير الدّين مرثية تقَارب هَذِه

جندي رخيص مُحَمَّد بن عبد الله نَاصِر الدّين الأتابكي الجندي عرف بجندي رخيص قتل مَعَ سنقر الْأَشْقَر فِي صفر سنة تسع وَسبعين وست ماية وَدفن بقباب التركمان

ابْن النن الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر بن مَسْعُود الشَّيْخ شمس الدّين أَبُو عبد الله ابْن النن بالنونين المشددتين وَفتح الأولى الْعَنسِي البغداذي الْفَقِيه ولد سنة تسع وَتِسْعين ببغداذ وَسمع من ابْن منينا وَيحيى بن ياقوت وَسليمَان الْموصِلِي وثابت بن مشرف وَكَانَ ثِقَة)

متيقظاً ورى عَنهُ ابْن الْعَطَّار وَغَيره وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مروياته وَتوفى بالاسكندرية سنة تسع وَسبعين وست ماية

حافي رَأسه النَّحْوِيّ مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْعَزِيز بن عمر الْعَلامَة جمال الدّين التلمساني الزناتي الكملاني المازوني قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين لقبه محيي الدّين انْتهى النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بحامي رَأسه كَانَ من أيمة الْعَرَبيَّة بالثغر وَكَانَ يحفظ الْإِيضَاح لأبي عَليّ ويقرىء بداره وَحدث عَن ابْن رواج وَقَرَأَ عَلَيْهِ ابْن الْمُنِير شَيْئا من النَّحْو ولد بتلمسان سنة سِتّ وست ماية بِظَاهِر سمع من أبي الْقسم الصفراوي وَابْن رواج وَجَمَاعَة وتصدر للعربية زَمَانا أَخذ عَنهُ تَاج الدّين الْفَاكِهَانِيّ وطايفة وَتخرج بِهِ خلق وَأخذ هُوَ النَّحْو عَن أبي مُحَمَّد عبد الْمُنعم بن صَالح التَّيْمِيّ تلميذ ابْن بري وَعَن أبي زيد عبد الرَّحْمَن بن الزيات تلميذ مُحَمَّد بن قَاسم بن قنداس وَابْن قنداس من أَصْحَاب الْجُزُولِيّ وابي ذَر الْخُشَنِي وَأخذ أَيْضا عَن نحوي الثغر عبد الْعَزِيز بن مخلوف الاسكندري الْجَرَاد ولقب بحافي رَأسه لحفرة كَانَت فِي دماغه وَقيل كَانَ فِي رَأسه شَيْء يشبه ح وَقيل لِأَنَّهُ كَانَ فِي أول أمره مَكْشُوف الرَّأْس وَقيل رَآهُ رَئِيس فِي الثغر فَأعْطَاهُ

ص: 289

ثيابًا جدداً لبدنه فَقَالَ هَذَا لبدني ورأسي حافي فَأمر لَهُ بعمامة فَلَزِمَهُ ذَلِك وَمن شعره أنشدنيه من لَفظه الشَّيْخ أثير الدّين

(ومعتقد أَن الرياسة فِي الْكبر

فَأصْبح ممقوتاً بهَا وَهُوَ لَا يدْرِي)

(يجر ذيول الْكبر طَالب رفْعَة

أَلا فاعجبوا من طَالب الرّفْع بِالْجَرِّ)

وأنشدني لَهُ أَيْضا

(يَا مُنْكرا من بخل أهل الثغر مَا

عرف الورى أنْكرت مَالا يُنكر)

(أقصر فقد صحت نتانة أَهله

وَمن الثغور كَمَا علمت الأبخر)

قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين وَلَا أعلمهُ صنف شَيْئا قلت وَهُوَ أحد النُّحَاة الثَّلَاثَة المحمدين فِي عصر وَاحِد هُوَ فِي الاسكندرية وَابْن النّحاس فِي مصر وَابْن مَالك فِي دمشق وَقد مر ذكرهمَا وَمن شعر الشَّيْخ محيي الدّين حافي رَأسه

(ومعلمي الصَّبْر الْجَمِيل بهجره

فَثنى فؤاداً عَنهُ لم يَك ينثني)

(لَا بُد من أجر لكل معلم

وَإِلَى السلو ثَوَاب مَا علمتني)

وَكتب إِلَى الْأَمِير نور الدّين على بن مَسْعُود الصوابى)

(شَكَوْت إِلَيْك نور الدّين حَالي

وحسبي أَن أرى وَجه الصَّوَاب)

(وكتبي بعتها ورهنت حَتَّى

بقيت من الْمَجُوس بِلَا كتاب)

فتح الدّين ابْن عبد الظَّاهِر مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الظَّاهِر ابْن نشوان بن عبد الظَّاهِر القَاضِي فتح الدّين ابْن القَاضِي محيي الدّين الجذامي الروحي الْمصْرِيّ صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء ومؤتمن المملكة بالديار المصرية مولده بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَمَان وثلثين وست ماية سمع من ابْن الجميزي وَغَيره وَحدث وساد فِي الدولة المنصورية بعقله ورأيه وهمته وَتقدم على وَالِده القَاضِي محيي الدّين وَهُوَ مَا هُوَ فِي فن الْإِنْشَاء وَكِتَابَة الترسل فَكَانَ وَالِده من جملَة الْجَمَاعَة الَّذين يصرفهم أمره وَنَهْيه وَكَانَ السُّلْطَان يعْتَمد عَلَيْهِ ويثق بِهِ وَتُوفِّي فِي حَيَاة وَالِده وفجع بِهِ سنة إِحْدَى وَتِسْعين وست ماية بقلعة دمشق وَدفن بسفح قاسيون وَلم يكن وفجع بِهِ سنة إِحْدَى وَتِسْعين وست ماية بقلعة دمشق وَدفن بسفح قاسيون وَلم يكن فِي صناعَة الانشاء مجيداً وَلَا مكثراً وَلم أسمع لَهُ غير بَيْتَيْنِ رثى بهما حسام الدّين طرنطاي وضمنهما بَيْتا وَنصفا وهما

(أَلا رحم الله الحسام فَإِنَّهُ

أَصمّ بِهِ الناعي وَإِن كَانَ أسمعا)

(وَمَا كَانَ إِلَّا السَّيْف لَاقَى ضريبة

وقطعها ثمَّ انثنى فتقطعا)

وَلكنه يدل على ذوق وذكاء ودبر الدِّيوَان وَنفذ مهماته وباشره أحسن مُبَاشرَة لما توزر فَخر الدّين ابْن لُقْمَان قَالَ لَهُ الْملك الْمَنْصُور من يكون عوضك فَقَالَ فتح الدّين ابْن عبد الظَّاهِر فَتمكن فتح الدّين من السُّلْطَان وحظي عِنْده إِلَى أَن دخل فَخر الدّين يَوْمًا على السُّلْطَان فَأعْطَاهُ كتابا يقرأه فَلَمَّا دخل فتح الدّين أَخذ الْكتاب مِنْهُ وَأَعْطَاهُ لفتح الدّين وَقَالَ لفخر الدّين تَأَخّر وَلما بَطل فَخر الدّين من الوزارة وَعَاد إِلَى ديوَان الْإِنْشَاء تأدب مَعَه وَلما ولي الوزارة

ص: 290

للأشرف شمس الدّين ابْن السلعوس قَالَ لفتح الدّين اعْرِض عَليّ كل مَا تكتبه فَقَالَ لَا سَبِيل إِلَى ذَلِك وَلَا يطلع على أسرار السُّلْطَان إِلَّا هُوَ فَإِن اخترتم وَإِلَّا عينوا عوضي فَلَمَّا بلغ السُّلْطَان ذَلِك قَالَ صدق قَالَ قطب الدّين اليونيني لما توفى فتح الدّين وجد فِي أوراقه قصيدة عَملهَا مرثية فِي رَفِيقه تَاج الدّين ابْن الْأَثِير وَكَانَ قد مرض وَطول فِي مَرضه فَعُوفِيَ تَاج الدّين قبل وَفَاة فتح الدّين بأيام قلايل وَولي مَكَانَهُ فَعَاد تَاج الدّين رثاه وَقَالَ السراج الْوراق يرثيه وَكَانَ مَوته مُوَافقا لمَوْت سعد الدّين الْموقع

(رزية فتح الدّين سد بهَا الفضا

علينا وَمَاتَتْ حِين مَاتَ الفضايل)

)

(وَقد قيل سعد الدّين وَافق مَوته

فَقلت وَسعد كلهَا والقبايل)

وَكتب إِلَيْهِ أَيْضا

(إِذا جدد الله سُبْحَانَهُ

لكم نعما عَمت المسلمينا)

(فَلَا عدم الْملك نصرا عَزِيزًا

وَلَا عدم الدّين فتحا مُبينًا)

ونقلت من خطّ وَالِده محيي الدّين رحمهمَا الله تَعَالَى

(أَيهَا الْفَتْح أَنْت عوني وسكنا

ك بقلبي فَلَيْسَ عَنهُ تغيب)

(فَلهَذَا أمسيت نصري من الل

هـ تَعَالَى رَبِّي وَفتح قريب)

ونقلت مِنْهُ أَيْضا

(لي فتح نصري بِهِ وبقلبي

سَاكن فِيهِ لَيْسَ عَنهُ يغيب)

(وَأَنا مُؤمن فبشراي إِذْ لي

من إلهي نصر وَفتح قريب)

ووقفت للْقَاضِي فتح الدّين ابْن عبد الظَّاهِر فِيمَا بعد على قصيدة مدح بهَا السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور سيف الدّين قلاوون عِنْدَمَا هزم التتار نوبَة حمص وَهِي

(الله أَعْطَاك لَا زيد وَلَا عَمْرو

هَذَا الْعَطاء وَهَذَا الْفَتْح والنصر)

(هَذَا الْمقَام الَّذِي لَو لم تحل بِهِ

لم يبْق وَالله لَا شام وَلَا مصر)

(من ذَا الَّذِي كَانَ يلقى ذَا الْعَدو كَذَا

أَو يدرع لأمة مَا لامها الصَّبْر)

(يَا أَيهَا الْملك الْمَنْصُور قد كسرت

جنودك الْمغل كسر مَا لَهُ جبر)

(واستأصلوا شأفة الْأَعْدَاء وانتصروا

لما ثَبت وَزَالَ الْخَوْف والذعر)

(لما بغا جَيش أبغا فِي تجاسره

وَلم يمد لَهُ إِلَّا القنا جسر)

(وَأجْمع الْمغل والتكفور وَاتَّفَقُوا

مَعَ الفرنج وَمن أردى بِهِ الْكفْر)

(جَاءَت ثَمَانُون ألفا من بعوثهم

لأرض حمص وَكَانَ الْبَعْث والنشر)

ص: 291

(جَاءَ الخميسان فِي يَوْم الْخَمِيس ضحى

وامتدت الْحَرْب حَتَّى أذن الْعَصْر)

(وَالسيف يرْكَع والأعلام رَافِعَة

والروس تسْجد لَا عجب وَلَا كبر)

(وَالْخَيْل لَا تغتدي إِلَّا على جثث

والسهل من أروس الْقَتْلَى بِهِ وعر)

(وَالْبيض تغمد فِي الأجفان من مهج

والسمر ناهيك يَا مَا تفعل السمر)

(فجَاء فِي رَجَب عيدَان من عجب

للسيف وَالرمْح هَذَا الْفطر والنحر)

)

(فَكَانَ أسلمهم من أسلموه لِأَن

يَقُودهُ الْقَيْد أَو يسري بِهِ الْأسر)

(وَرَاح فارسهم فِي إِثْر راجلهم

ينتابه الْوَحْش أَو ينبو بِهِ القفر)

(فَمَا رعى مِنْهُم رَاع مطيته

وَلَا ارعوى لَهُم من روعة فكر)

(وَكَانَ يَوْم الْخَمِيس النّصْف من رَجَب

عَام الثَّمَانِينَ هَذَا الْفَتْح والنصر)

(وَعَاد سلطاننا الْمَنْصُور منتصراً

فَالْحَمْد للله ثمَّ الْحَمد وَالشُّكْر)

قلت شعر يُقَارب الْجَوْدَة إِلَّا أَنه حِكَايَة وَاقعَة الْحَال إِلَّا أَن هَذِه القافية فاترة إِلَى الْغَايَة وَكتب أَيْضا على دَوَاة نُحَاس استعملها بِدِمَشْق لوالده

(إفتح دَوَاة سَعَادَة أقلامها

تجْرِي بواف من عَطاء وافر)

(عملت لعبد الله راجي عَفوه

والمستجير بِهِ ابْن عبد الظَّاهِر)

السبتي مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد بن سعيد الْعَنسِي بالنُّون أَبُو عبد الله السبتي ولد سنة أَربع وست ماية قَالَ الْحَافِظ ابْن رشيد لَا يوثق لقَوْله إِلَّا إِن وجد شَيْء من رِوَايَته بِخَط غَيره توفى سنة ثلث وَتِسْعين وست ماية

الشَّيْخ مُحَمَّد ابْن غَانِم مُحَمَّد بن عبد الله بن غَانِم بن عَليّ النابلسي الشَّيْخ الزَّاهِد أَبُو عبد الله ابْن الشيح الْقدْوَة الْعَارِف ابْن الشَّيْخ الْكَبِير غَانِم النابلسي الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي قدم دمشق وتفقه على الشَّيْخ تَاج الدّين الْفَزارِيّ وَأفْتى بِبَلَدِهِ مُدَّة إِلَى حِين وَفَاته وَكَانَ صَالحا زاهداً لَهُ فُقَرَاء مريدون توفى سنة ثلث وَتِسْعين وست ماية

التجِيبِي الْخَطِيب مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي نصر التجِيبِي الغرناطي أَخْبرنِي الشَّيْخ أثير الدّين قَالَ هُوَ الأديب الصَّالح لَهُ خطب سهلة المساق عذبة الْأَلْفَاظ كَانَ يخْطب بِجَامِع مطخشارش من غرناطة سَمِعت مِنْهُ خطباً جملَة وأجازني ونقلت من خطه

(وَمَا الْعِيد بِاسْتِعْمَال طيب وزينة

وَلَا أَن يرى فِيهِ عَلَيْك جَدِيد)

(وَلَكِن رضى الرَّحْمَن عَنْك هُوَ الَّذِي

يَصح عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَة عيد)

جمال الدّين الْأنْصَارِيّ الْحلَبِي مُحَمَّد بن عبد الله بن ماجد

ص: 292

الْمَذْكُور لنَفسِهِ بِمصْر بمكتب ابْن عبد الحميد

(قف الركب يَا صَاح بالأجرع

قَلِيلا لتندب قلبِي معي)

(فقد كَانَ يسكن بَين الضلوع

وَقد صَار يربع بالأربع)

)

(دَعَاهُ الغرام إِلَى حتفه

فلبى الْمنية لما دعِي)

(فآه لَهُ من قطيع اللحاظ

وَمن بالنواظر لم يقطع)

(وَمن ذَا الَّذِي قَادَهُ طرفه

فَلَا يستقاد وَلم يتبع)

(فَمن ينس لَا أنس يَوْم الْوَدَاع

غَدَاة الثَّنية من لعلع)

(وَقَوْلِي لَهَا بِلِسَان الخضوع

وَقد كدت أغرق فِي الأدمع)

(قفي سَاعَة نشتكيك الغرام

وَمَا شِئْت من بعْدهَا فاصنعي)

(فَلم يبْق لي الدَّهْر أُمْنِية

سوى أَن أَقُول وَأَن تسمعي)

(وَفِي سَاعَة الْبَين يَا هَذِه

يبين المحق من الْمُدَّعِي)

(وَصَحَّ الْفِرَاق وَسَار الرفاق

وَلم يبْق فِي الْوَصْل من مطمع)

(وَبَيت القصيدة أَتَى رجعت

سليباً وَمَا عَاد قلبِي معي)

(فيا جنب إياك أَن تَسْتَقِر

وَيَا عين إياك أَن تهجعي)

كَانَ مولده سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخمْس ماية

القَاضِي شرف الدّين ابْن القيسراني مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد القَاضِي شرف الدّين ابْن الصاحب فتح الدّين ابْن القيسراني المَخْزُومِي كَانَ رَئِيسا دينا متواضعاً كثير المحاسن توفّي سنة سبع وَسبع ماية وَله فِي فن الْإِنْشَاء الْيَد الطُّولى أَخْبرنِي الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس قَالَ كَانَ قد توجه صُحْبَة السُّلْطَان إِلَى غَزْوَة قازان أَو غَيرهَا الشَّك مني فرأيته فِي الْمَنَام كَأَنَّهُ منصرف عَن الْوَقْعَة وَقد نصر الله الْمُسلمين فِيهَا على التتار فَأَخْبرنِي بِمَا فتح اله بِهِ فنظمت فِي الْمَنَام بَيْتَيْنِ واستيقظت ذَاكِرًا للْأولِ مِنْهُمَا وَهُوَ

(الْحَمد لله جَاءَ النَّصْر وَالظفر

واستبشر النيرَان الشَّمْس وَالْقَمَر)

فَكتبت إِلَيْهِ أعلمهُ بذلك فَكتب إِلَيّ الْجَواب عَن ذَلِك

(أيا فَاضلا تلهي مَعَاني صِفَاته

وكل بليغ فَاضل من رُوَاته)

(وَمن يستبين الْفَهم من لحظاته

لَهُ آمُر بِالرشد فِي يقظاته)

وَفِي النّوم يهديه لخير الطرايق

ص: 293

(وَمن قربه غايات كل وَسِيلَة

وأسطره تزهى بزهر خميلة)

(وَجُمْلَته فِي النَّاس أَي جميلَة

فَإِن قَامَ لم يدأب لغير فَضِيلَة)

)

وَإِن نَام لم يحلم بِغَيْر الحقايق يقبل الْيَد الْعَالِيَة الفتحية فتح الله أَبْوَاب الْجنَّة بهَا وَلها وأسعد خاطره الَّذِي مَا اشْتغل عَن صوب الصَّوَاب ولالهى ومشتهى خلقه الَّذِي لَا أعرف لحسنه مشبهاً تَقْبِيل مشتاق إِلَى رِوَايَته ورؤيته ونتايج بديهته ورويته متعطش إِلَى روايه وإروايه والتيمن بعالي آرايه والتملي بِهِ فِي هَذِه السفرة المسفرة بمشية الله تَعَالَى عَن النجاح والفلاح والغزوة الَّتِي لَهَا الملايكة الْكِرَام النجدة والرايات النَّبَوِيَّة السِّلَاح وَالْحَرَكَة الَّتِي أخْلص فِيهَا الْمُسلمُونَ لله تَعَالَى رَوَاحهمْ وغدوهم وتعلقت آماله بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ تَعَالَى يهْلك عدوهم فَإِنَّهُم قد بغوا وَالْبَغي وخيم المصرع وابتغوا الْفِتْنَة والفتنة لمثيرها تصرع وَقد تكفل الله للملة المحمدية أيديل دولتها وَأخْبر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله لَا يُسَلط عل هَذِه الْأمة من يستبيح بيضتها وَلِهَذَا مَا أمضينا فِي السهر لَيْلًا وَلَا أنضينا فِي السّفر خيلا وَلَا رجونا إِلَّا أَن نحمد السرى عِنْد الصَّباح وكدنا نطير إِلَى الهيجاء زرافات ووحداناً بِغَيْر جنَاح وَلَا جنَاح وسمحنا بنفوس النفايس فِي طلب الْجنَّة والسماح رَبَاح وَيُنْهِي أَن المشرف العالي ورد إِلَيْهِ فتنسم أَرْوَاح قربه وأوجد مسرات قلبه وأعدم مضرات كربه وأبهجه الْكتاب بعبير رياه وألهجه الْخطاب بتعبير رُؤْيَاهُ فَرَأى خطه وشياً مرقوماً وَلَفظه رحيقاً مَخْتُومًا ووجده محتوياً على دُرَر كلامية وَبشر منامية وَحَدِيث نفس عصامية نرجو من الله أَن نشاهد ذَلِك أيقاظاً ونكون لأبيايه حفاظا وَهُوَ كتاب طَوِيل أجَاب عَنهُ الشَّيْخ فتح الدّين وَقد أثبتهما فِي الْجُزْء الأول من التَّذْكِرَة

الشَّيْخ مُحَمَّد المرشدي مُحَمَّد بن عبد الله الْمجد بن إِبْرَاهِيم الشَّيْخ الْكَبِير الشهير الصَّالح المرشدي صَاحب الْأَحْوَال وَكَثْرَة الْإِطْعَام ولخلق كثير فِيهِ اعْتِقَاد ويحكى عَنهُ عجايب تحير السَّامع من إِحْضَاره الْأَطْعِمَة الْكَثِيرَة وَكَانَ مُقيما بقرية منية مرشد بِقرب بلد فوة وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن وَقطعَة من مَذْهَب الشَّافِعِي ويخدم الواردين بِنَفسِهِ وَلَا يقبل من أحد شَيْئا وتحيل السُّلْطَان عَلَيْهِ وَبعث لَهُ مَعَ الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الساقي جملَة من الذَّهَب فغالطه فِي قبُولهَا ودسها مَعَه فِي مَأْكُول جهزه مَعَه إِلَى السُّلْطَان وَحج فِي هَيْئَة وتلامذه أنْفق فِي لَيْلَة مَا قِيمَته أَلفَانِ وَخمْس ماية دِرْهَم وَقيل إِنَّه أنْفق فِي ثلث لَيَال مَا يُسَاوِي الْألف دِينَار وَكَانَ يَأْتِيهِ الْأُمَرَاء الْكِبَار وَمن دونهم إِلَى الفقؤاء فَيَأْتِي لكل وَاحِد بِمَا حَدثهُ بِهِ ضَمِيره على مفرده هَذَا ذكره

ص: 294

لي غير وَاحِد وَكَاد يبلغ عَنهُ مبلغ التَّوَاتُر بل بلغه وَقل من أنكر عَلَيْهِ حَاله وَاجْتمعَ بِهِ إِلَّا)

وَزَالَ ذَلِك من خاطره كَانَ الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس مِمَّن يُنكر حَاله ويشنع عَلَيْهِ فَمَا كَانَ إِلَّا أَن اجْتمع بِهِ فَسَأَلته عَنهُ فَقَالَ هُوَ إِنْسَان حسن ثمَّ اجْتمع بِهِ مرّة وَمرَّة وَكَذَلِكَ الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن جنكلي بن البابا كَانَ يُنكر عَلَيْهِ وَاجْتمعَ بِهِ وَجرى بَينهمَا تنافس فِي الْكَلَام وَلم يجِئ من عِنْده إِلَّا وَقد رَضِي بِهِ وَلَكِن أَخْبرنِي جمَاعَة عَنهُ مِمَّن توجه إِلَيْهِ وَأقَام عِنْده أَن فِي مَكَانَهُ مَسْجِدا ومنبراً للخطيب يَوْم الْجُمُعَة وَكَانَ يَأْمر النَّاس بِالصَّلَاةِ وَلم يصل مَعَ أحد وَصَلَاة الْجَمَاعَة لَا يعدلها شَيْء وَأمره غَرِيب وَالسَّلَام يتَوَلَّى الله سَرِيرَته وَكَانَ قد عظم شَأْنه وَيكْتب الأوراق إِلَى دوادار السُّلْطَان وَالِي كَاتب السِّرّ وَإِلَى من يتحدث فِي الدولة بِقَضَاء أشغال النَّاس بِعِبَارَة ملخصة موجزة على يَد من يتقاضاه ذَلِك وَيقْضى مَا يُشِير بِهِ وَمَا عظم واشتهر إِلَّا بتردد القَاضِي فَخر الدّين نَاظر الْجَيْش إِلَيْهِ فَإِنَّهُ كَانَ يزوره كثيرا فَعظم مَحَله فِي النُّفُوس وَقَرَأَ على ضِيَاء الدّين ابْن عبد الرَّحِيم وتلا على الصايغ بَات فِي عَافِيَة وَأرْسل إِلَى الْقرى الَّتِي حوله ليحضروا إِلَيْهِ فقد عرض أَمر مُهِمّ فَأتوهُ فَدخل خلْوَة زاويته وَأَبْطَأ فطلبوه فوجدوه مَيتا والحكايات فِي شَأْنه كَثِيرَة تزيد وتنقص إِلَّا أَنه كَانَ لَا يَدعِي شَيْئا وَلم بِحِفْظ عَنهُ شطح حسن العقيدة شَافِعِيّ الْمَذْهَب وَكَانَ يخرج إِلَى الواردين أطمعة كَثِيرَة من دَاخل مَكَانَهُ وَلَا يدْخل إِلَى ذَلِك الْمَكَان أحد سواهُ وَله همة عَظِيمَة وجلادة عل خدمَة النَّاس توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسبع ماية وَلَعَلَّه قد قَارب السِّتين رَحمَه الله تَعَالَى

قَاضِي الْقُضَاة ابْن الْمجد مُحَمَّد بن عبد الله بن حُسَيْن بن عَليّ بن عبد الله الزدزاري الإربلي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة شهَاب الدّين أَبُو الْفرج وَأَبُو عبد الله ابْن الإِمَام مجد الدّين ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسمع من أبي الْيُسْر ومظفر بن عبد الصَّمد بن الصايغ وَالْفَخْر عَليّ وَابْن أبي عمر وَأبي بكر ابْن الْأنمَاطِي وَابْن الصَّابُونِي وَعبد الْوَاسِع الْأَبْهَرِيّ والنجم بن المجاور وَابْن الوَاسِطِيّ وَابْن الزين وَابْن بلبان وَغَيرهم وَكتب الطباق وَسمع كثيرا وَأفْتى ودرس وجود الْعَرَبيَّة وَغير ذَلِك وَكَانَ أَولا يَنُوب فِي وكَالَة بَيت المَال عَن القَاضِي جمال الدّين وَالْقَاضِي عَلَاء الدّين ابْني القلانسي ثمَّ انْفَرد بِالْوكَالَةِ ثمَّ ولي قَضَاء الْقَضَاء بعد القَاضِي جمال الدّين ابْن جملَة وَلم يحمد فِي الحكم على أَنه حكى لي عَنهُ شرف الدّين الخليلي الْعدْل حِكَايَة تدل على مُرُوءَة جمة وَمَكَارِم عَظِيمَة وَكَانَ وَاسع النَّفس كثير الْبَذْل وَلما عزل من بَاب السُّلْطَان بقاضي الْقُضَاة جلال الدّين الْقزْوِينِي وَلم يعلم توجه لهناء القَاضِي شهَاب الدّين)

ابْن القيسراني بِولَايَة كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق فنفرت بِهِ الْبلْغَة عِنْد حمام الخضراء فرض دماغه فَحمل فِي محفة إِلَى العادلية وَمَات بعد أُسْبُوع فِي آخر جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وثلثين وَسبع ماية وَلم يعْمل لَهُ عزءا وأوذي أصهاره وَكَانَ مجموعاً عَظِيما فِي الْفَضِيلَة أما الْفُرُوع والشروط فَكَانَ إِمَامًا لَا يجارى فِي ذَلِك وَفِيه مَكَارِم وَله محَاسِن وَفِيه خدم للنَّاس كتب إِلَيْهِ جمال الدّين مُحَمَّد بن نباتة

ص: 295

(قَاضِي الْقُضَاة ابق فِي سَمَاء علا

مقتبل السعد نَافِذ الحكم)

(كم من صديق قد جَاءَ يسألني

فِي الْبر والمكرمات والحلم)

(عَن ابْن صصرى وعنك قلت لَهُ

لَا فرق بَين الشهَاب والنجم)

أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ الْمولى شمس الدّين مُحَمَّد الْخياط فِي وقْعَة القَاضِي شهَاب الدّين الْمَذْكُور لما توفّي

(بلغَة قاضينا إِذا زلزلت

كَانَت لَهُ من فَوْقهَا الْوَاقِعَة)

(تكاثر ألهاه من عجبه

حَتَّى غَدا ملقى على القارعة)

(فأظهرت زَوجته عِنْدهَا

تضايقاً بِالرَّحْمَةِ الواسعة)

زين الدّين بن المرحل مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة الْوَرع الْخَيْر زين الدّين ابْن علم الدّين ابْن الشَّيْخ زين الدّين ابْن المرحل الشَّافِعِي هُوَ ابْن أخي الشَّيْخ صدر الدّين كَانَ من أحسن النَّاس شكلا وربي على طَرِيق خيرة فِي عفاف وملازمة اشْتِغَال وانجماع عَن النَّاس وَكَانَ عَمه يحسده وَيَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله ابْن الْجَاهِل طلع فَاضلا وَابْن الْفَاضِل طلع جَاهِلا يَعْنِي الشَّيْخ صدر الدّين بذلك انه عينه قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابْن الحريري للْقَضَاء وَأَشَارَ بِهِ على السُّلْطَان إِمَّا لقَضَاء مصر أَو لقَضَاء الشَّام فَلم يكن فِيهِ مَا مَنعه من ذَلِك غير صغر سنه وَحضر عل الْبَرِيد من مصر وَتَوَلَّى تدريس الشامية البرانية عوضا عَن الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني لما توجه قَاضِيا بحلب وَأَخْبرنِي جمَاعَة أَن دروسه لم تكن بعيدَة من دورس الشَّيْخ كَمَال الدّين لفصاحته وعذوبة لَفظه وَكَانَ الْفِقْه وأصوله قد جودهما وَأما الْعَرَبيَّة فَكَانَ فِيهَا ضَعِيفا وناب لقَاضِي الْقُضَاة علم الدّين الأخنائي بِدِمَشْق فِي الحكم وَتُوفِّي سنة ثَمَان وثلثين وَسبع ماية

أَبُو عبد الله ابْن الصايغ مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الْأمَوِي الْمَرْوِيّ الشَّيْخ الأديب محب الدّين)

أَبُو الْبَقَاء الْمَعْرُوف بِابْن الصايغ المغربي حضر إِلَى الديار المصرية رَأَيْته بِالْقَاهِرَةِ مَرَّات وَاجْتمعت بِهِ فِي حَلقَة الشَّيْخ أثير الدّين أبي حَيَّان وَغَيرهَا وَسمعت أَنا وَهُوَ صَحِيح البُخَارِيّ بِقِرَاءَة الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن المرحل النَّحْوِيّ على الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس وأخيه أبي الْقسم بالظاهرية بَين القصرين وأتى بفوايد تتَعَلَّق بِالْعَرَبِيَّةِ غَرِيبَة وَقت السماع فَوَجَدته يستحضر من اللُّغَة شَيْئا كثيرا وَيعرف النَّحْو وَالْعرُوض معرفَة جَيِّدَة إِلَى الْغَايَة وينظم الشّعْر الفايق أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ مَا امتدح بِهِ القَاضِي نجم الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد الطَّبَرِيّ قَاضِي مَكَّة لما أنْشدهُ لمذكور لنَفسِهِ مَا تقدم ذكره فِي تَرْجَمته وكتبها لي بِخَطِّهِ وَالْتزم الْهَاء قبل الْكَاف وَهُوَ

ص: 296

(شرع الْهوى هوني لعزة جاهك

فارثي لذلة موقفي بتجاهك)

(رقي لجسم رق من دنف الْهوى

وشفاه مَا تحويه حو شفاهك)

(لَا تعجبي إِن ذبت سقماً واعجبي

أَن لَيْسَ إِلَّا سقم طرفك ناهكي)

(وَسن نفى وسني فَنمت وَلم أنم

مَا لَيْلَة الساهي كليل الساهك)

(بطحاء وَادي الأثل لَوْلَا تيهها

وتفارها مَا حمت فِي أتياهك)

(وَلما وخدت بهَا شوازب ضمراً

أوردتها عشرا ثغاب مياهك)

(بدلت سدرك بالسدير وَمَا حوى

وبفايح النسرين فيح عضاهك)

(وهجرت طيب كرى وواصلت السرى

بِمَشَقَّة التهجير فِي ادماهك)

(ادعوا بسعدى أَيْن يمن سراي إِذْ

أكرهتم وعففت عَن إكراهك)

(نصبوا عَليّ رخاخهم لكِنهمْ

شَاهَت وُجُوههم لصولة شاهك)

(جبت الشعاب وَآل شُعْبَة عِنْدَمَا

سدل الظلام رِدَاءَهُ برداهك)

(اعشوا إِلَى حلى الترايب خُفْيَة

إِذْ غمض الأتراب عَن أفكاهك)

(أدني اللجين لعسجدي شاحب

صدئ الإهاب بِمَا اكتساه ساهك)

(أَتَى شممت الزهر بل عيونه

طل فأنبهه لَدَى انباهك)

(اسقي عهاد الدمع عهدا باللوى

أنسيته لشفاي لَا لشفاهك)

(زَمنا أردد أهة المشغوف من

حرقي فتحكيني ترجع آهك)

(أنضارتي اشْتغل المشيب فأنضبت

شعل الحشا مَا راق من أمواهك)

)

(ينْهَى وينهكني مشيب صنته

وَلما عرفت بصون ناه نَاهِك)

(حلك المفارق قد تنفس صبحه

يَا نفس خبي من كرى استعماهك)

(يستبدهونك للنسيب فشرفي

بشريف مَكَّة منتج استبداهك)

(قَاضِي الشَّرِيعَة والمقيم منارها

حَيْثُ الْمقَام وَحَيْثُ بَيت إلاهك)

(بلدت فِي جوب الْبِلَاد ومدحه

يشفي فينفي تُهْمَة استبلاهك)

(لولاه أوشكت الخمول فلازمي

شكر الَّذِي سنى لقاه لقاهك)

(يَا خير أَرض الله قد رَضِي النَّوَى

رجل ثوى فأوى إِلَى أواهك)

(القطب نجم الدّين إشراق الدنى

معنى العلى أَسْنَى وُجُوه وجاهك)

(من إِن تشابهت الرموز أقل لَهَا

من بعد هَذَا الذِّهْن لاستشباهك)

ص: 297

(إِن يخف معناك السقيم فعامل

بِصَحِيح حكمته على افقاهك)

(روى الحَدِيث فرويت ساحاتنا

يَا سحب إِذْ حلت عرى أفواهك)

(غيثاً أغاثك يَا حجاز بدره

وجلا هوامد أغبرت بجلاهك)

(فاخضر مرعاك الْمُبَارك ممرعاً

والتفت البهمى بغض شباهك)

(جودي سَمَاء ليمن دَعْوَة من سما

رتباً يقل لَهَا انتعال جباهك)

(يَا نفس إِنَّك قد نقهت من الْغنى

وَلَقَد غنيت الْيَوْم باستنقاهك)

(هَذَا الْجواد بِمَا حوى أمناه فِي

إفقار كيس المَال أم إرفاهك)

(يسخو بِمَا يوعي ويظنى مَا يعي

كم بَين كنز نفيسة ونفاهك)

(دارت رحى الأزمات تبغي جَاره

فأجاره من كل دَاء داهك)

(أم الْقرى قد جَار من أم الْقرى

بِفنَاء بدنك كلهَا وبشاهك)

(ناسبت غرته وَبَيت نسيبه

فَأَعَدْت لَيْسَ الْبَدْر من أشباهك)

(يَا همة من كل هم نزهت

إِلَّا العلى دومي على استنزاهك)

(لسموت حِين سهمت فِي شأو العلى

أفردت فالأسماء فِي أسماهك)

(يَا فكرة بدهت بأبدع ملحة

مَا أقرب الإبداع من إبداهك)

(عرضتها لمعارض لم يحكها

أَنى وَقد لَزِمت قوافيها هك)

قلت مَا أثبت هَذِه القصيدة بِطُولِهَا إِلَّا طلبا للدلالة على قدرَة هَذَا النَّاظِم على الْإِتْيَان بِهَذِهِ القوافي المزلقة المرقى القلقة الْملقى وَكَانَ رحمه الله يلْعَب بِالْعودِ وَكَانَ فَقِيرا إِلَى الْغَايَة وَتُوفِّي رحمه الله سنة تسع وَأَرْبَعين وَسبع ماية فِي طاعون مصر

بدر الدّين الشبلي الْحَنَفِيّ مُحَمَّد بن عبد الله الْفَقِيه الْعَالم الْمُحدث بدر الدّين أَبُو الْبَقَاء الشبلي السابقي الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ قَالَ شمس الدّين من نبهاء الطّلبَة وفضلاء الشَّبَاب سمع الْكثير وعني بالرواية على الشُّيُوخ وَسمع فِي صغره من أبي بكر ابْن عبد الدايم وَعِيسَى الْمطعم وَألف كتابا فِي الأوايل ومولده سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسبع ماية قلت وَيكْتب خطا وحسناً ولازم القَاضِي شهَاب الدّين أَبَا الْعَبَّاس ابْن فضل الله وَكتب كثيرا من إنشايه وَقد أجزت لَهُ

آخر الْجُزْء الثَّالِث من كتاب الوافي بالوفيات

ص: 298