المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بابما جاء في التباغض والتلاعن وظهور العداوة - إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة - جـ ٢

[حمود بن عبد الله التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب أشراط الساعة

- ‌معنى الساعة

- ‌بابما جاء في ضعف الإيمان وقلته في آخر الزمان

- ‌بابما جاء في رفع الأمانة والحياء

- ‌بابما جاء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌بابفي عودة العلم جهلًا والجهل علمًا

- ‌بابما جاء في الذين يفتخرون بالقراءة والعلم

- ‌بابما جاء في الذين يتكلفون في قراءة التجويد

- ‌بابما جاء في قلة المال الحلال

- ‌بابما جاء في الزمان العضوض

- ‌بابما جاء في ظهور الزنا وكثرته

- ‌بابما جاء في استحلال الخمر بتغيير اسمها

- ‌بابما جاء في التطاول في البنيان

- ‌بابما جاء في الكنز الذي يقتتل عنده أبناء الخلفاء

- ‌بابما جاء في قيء الأرض للذهب والفضة

- ‌بابما جاء في التباغض والتلاعن وظهور العداوة

- ‌بابما جاء في الخسف ببعض المعادن

- ‌بابما جاء في خروج النار

- ‌بابما جاء في المهدي

- ‌بابما جاء في القحطاني

- ‌بابما جاء في تتابع الآيات

- ‌بابما جاء في أول الآيات خروجًا

- ‌باب‌‌ما جاء في ابن صياد

- ‌ما جاء في ابن صياد

- ‌بابمن أين يخرج الدجال

- ‌بابفي سبب خروج الدجال

- ‌بابالأمر بالمبادرة بالأعمال قبل خروج الدجال

- ‌بابفيما يعصم من الدجال

- ‌بابفي أشد الناس على الدجال

الفصل: ‌بابما جاء في التباغض والتلاعن وظهور العداوة

‌باب

ما جاء في التباغض والتلاعن وظهور العداوة

عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري؛ قال: "قال لي أبو الدرداء رضي الله عنه: كيف ترى الناس؟ قلت: بخير؛ إن دعوتهم واحدة، وإمامهم واحد، وعدوهم منفي، وأعطياتهم وأرزاقهم دارة. قال: فكيف إذا تباغضت قلوبهم، وتلاعنت ألسنتهم، وظهرت عداوتهم، وفسدت ذات بينهم، وضرب بعضهم رقاب بعض؟ ! ".

رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه: أنه قال: "إذا رأيتم الدم يسفك بغير حقه، والمال يعطى على الكذب، وظهر الشك والتلاعن، وكانت الردة؛ فمن استطاع أن يموت؛ فليمت".

رواه نعيم بن حماد "الفتن".

وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "خمس أظلتكم؛ من أدرك منهن شيئًا، ثم استطاع أن يموت؛ فليمت: أن يظهر التلاعن على المنابر، ويعطى مال الله على الكذب والبهتان وسفك الدماء بغير حق، وتقطع الأرحام، ويصبح العبد لا يدري أضال هو أم مهتد".

رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "أما إنكم لن تروا من الدنيا إلا بلاء وفتنة، ولن يزداد الأمر إلا شدة، ولن تروا من الأئمة إلا غلظة، ولن تروا أمرًا يهولكم

ص: 204

ويشتد عليكم إلا حقره بعده ما هو أشد منه".

رواه نعيم بن حماد في "الفتن".

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا عملت أمتي خمسًا؛ فعليهم الدمار: إذا ظهر فيهم التلاعن، وشربوا الخمر، ولبسوا الحرير، واتخذوا القيان، واكتفى الرجال بالرجال والسناء بالنساء» .

رواه: البيهقي، وأبو نعيم في "الحلية". وقد رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي:"وفيه عباد بن كثير الرملي، وثقه ابن معين وغيره، وضعفه جماعة".

باب

ما جاء في كثرة الكذب وتزيين الحديث به

عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب» ..... الحديث.

رواه الإمام أحمد بإسناد جيد، وقد تقدم ذكره قريبًا.

وعن كعب الأحبار مرسلًا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يأتي في آخر الزمان أصحاب الألواح؛ يزينون الحديث بالكذب تزيين الذهب بالجوهر» .

رواه نعيم بن حماد في "الفتن"، وابن وضاح من طريقه. وقد تقدم في الباب قبله حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، وفيه:"ويعطى مال الله على الكذب والبهتان".

رواه الحاكم.

وقد ظهر مصداق هذه الأحاديث كما لا يخفى على من له أدنى علم

ص: 205

ومعرفة؛ فقد كثر الكذب في الناس، وخف على ألسنتهم، وكثرت الروايات والقصص المكذوبة، وزينت الكتب الملهية بذلك، واعتمد أكثر التجار في ترويج بضائعهم على الدعايات المكذوبة، وكذلك أهل الصناعات والأعمال إنما عمدتهم في ترويج صناعاتهم وأعمالهم على الدعايات المكذوبة.

وقد روى الحاكم في "مستدركه" عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: "إذا كثر الكذب؛ كثر الهرج".

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

باب

الإخبار عن الظلمة وأعوانهم

عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس» ..... الحديث.

رواه: الإمام أحمد، ومسلم، وقد تقدم في (باب الإخبار عن الكاسيات العاريات) .

وعنه رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن طالت بك حياة؛ يوشك أن ترى أقوامًا؛ يغدون في سخط الله، ويروحون في لعنته، في أيديهم مثل أذناب البقر» .

رواه: الإمام أحمد، ومسلم.

وعن أبي أمامة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يكون في هذه»

ص: 206

«الأمة في آخر الزمان رجال (أو قال: يخرج رجال من هذه الأمة في آخر الزمان) معهم سياط كأنها أذناب البقر؛ يغدون في سخط الله، ويروحون في غضبه» .

رواه: الإمام أحمد، والطبراني في "الأوسط" و "الكبير"، والحاكم، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وقال الهيثمي: "رجال أحمد ثقات".

وفي رواية للطبراني في "الكبير": «سيكون في آخر الزمان شرطة؛ يغدون في غضب الله، ويروحون في سخط الله؛ فإياك أن تكون من بطانتهم» .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه قال: قد رأينا من كل شيء قاله لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ غير أنه قال: «يقال لرجال يوم القيامة: اطرحوا سياطكم وادخلوا جهنم» .

رواه: البزار، والحاكم، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "يكون أمراء يعذبونكم ويعذبهم الله ".

رواه الحاكم، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

باب

التخيير بين العجز والفجور

عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يأتي عليكم زمان يخير فيه الرجل بين العجز والفجور، فمن أدرك ذلك الزمان؛ فليختر»

ص: 207

«العجز على الفجور» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو يعلى، والحاكم وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

باب

ما جاء في ذهاب الأخيار وبقاء الأشرار

عن مرداس الأسلمي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يذهب الصالحون الأول فالأول، ويبقى حفالة كحفالة الشعير أو التمر، لا يباليهم الله بالة» .

رواه: الإمام أحمد، والبخاري. وفي رواية للبخاري موقوفة: لا يعبأ الله بهم شيئًا.

قال البخاري رحمه الله تعالى: "يقال: حفالة وحثالة "؛ يعني: أنهما بمعنى واحد. وقال الخطابي: " (الحثالة) ؛ بالفاء وبالمثلثة: الرديء من كل شيء، وقيل: آخر ما يبقى من الشعير والتمر وأردأه". وقال ابن التين: " (الحثالة) : سقط الناس، وأصلها ما يتساقط من قشور التمر والشعير وغيرهما". وقال الداودي: "ما يسقط من الشعير عند الغربلة، ويبقى من التمر بعد الأكل".

وقال ابن الأثير: "وتبقى حفالة كحفالة التمر؛ أي: رذالة من الناس كرديء التمر ونفايته". انتهى.

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "وجدت لهذا الحديث شاهدًا من رواية الفزارية امرأة عمر؛ بلفظ: "تذهبون الخير فالخير، حتى لا يبقى منكم إلا حثالة كحثالة التمر، ينزو بعضهم على بعض نزو المعز". أخرجه أبو سعيد بن يونس في "تاريخ مصر"، وليس فيه تصريح برفعه، لكن له حكم المرفوع". انتهى.

ص: 208

وقوله: "لا يباليهم الله بالة"؛ معناه: لا يرفع لهم قدرًا، ولا يقيم لهم وزنًا. قاله الخطابي وابن الأثير. قال الخطابي:"يقال: باليت بفلان وما باليت به مبالاة وبالية وبالة". وقال ابن الأثير: "أصل بالة: بالية؛ مثل: عافاه الله عافية، فحذفوا الياء منها تخفيفًا؛ يقال: ما باليته وما باليت به؛ أي: لم أكترث به". انتهى.

قلت: وهذا هو معنى قوله في الرواية الأخرى: «لا يعبأ الله بهم شيئًا» .

وعن المستورد بن شداد رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يذهب الصالحون الأول فالأول، وتبقى حثالة كحثالة التمر، لا يبالي الله بهم» .

رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "ورجاله ثقات".

وعن رويفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تذهبون الخير فالخير، حتى لا يبقى منكم إلا مثل هذا، وأشار إلى حشف التمر» .

رواه: البخاري في "التاريخ"، والطبراني في "الكبير) ، والحاكم في "مستدركه"، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وقد رواه ابن حبان في "صحيحه"، ولفظه: قال: «قرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم تمر ورطب، فأكلوا منه، حتى لم يبق منه شيء إلا نواة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتدرون ما هذا؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "تذهبون الخير فالخير، حتى لا يبقى منكم إلا مثل هذا» .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتنتقن كما»

ص: 209

«ينتقى التمر من الجفنة، فليذهبن خياركم، وليبقين شراركم، حتى لا يبقى إلا من لا يعبأ الله بهم، فموتوا إن استطعتم» .

رواه: البخاري في "الكنى "، وابن ماجه، والحاكم، وهذا لفظه، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وقد رواه ابن حبان في "صحيحه" مختصرًا، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تنقون كما ينقى التمر حثالته» .

وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: "يذهب الصالحون أسلافًا، ويبقى أهل الريب ممن لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا".

رواه أبو نعيم وغيره، وله حكم المرفوع؛ لأن مثله لا يقال من قبل الرأي وإنما يقال عن توقيف.

وقال الإمام أحمد في كتاب الصلاة: جاء الحديث: «ترذلون في كل يوم وقد أسرع بخياركم» .

ورواه البخاري في "الأدب المفرد" موصولًا عن الحسن من قوله.

باب

ما جاء في الذين قد مرجت عهودهم وأماناتهم

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «"كيف بكم وبزمان (أو: يوشك أن يأتي زمان) يغربل الناس فيه غربلة، تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فكانوا هكذا (وشبك بين أصابعه) ؟ ! ". فقالوا: كيف بنا يا رسول الله؟ قال: "تأخذون ما تعرفون، وتذرون ما تنكرون، وتقبلون على أمر خاصتكم، وتذرون أمر»

ص: 210

«عامتكم"» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود والنسائي، وابن ماجه، والحاكم، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وفي رواية لأحمد وأبي داود والنسائي والحاكم عنه رضي الله عنه؛ قال: «بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ ذكر الفتنة، فقال: "إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم، وخفت أماناتهم، وكانوا هكذا (وشبك بين أصابعه) ". قال: فقمت إليه، فقلت: كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك؟ قال: "الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ بما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة» .

قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"كيف بك يا عبد الله بن عمرو إذا بقيت في حثالة من الناس؟ ! ". قال: وذاك ما هو يا رسول الله؟ قال: "ذاك إذا مرجت عهودهم وأمانتهم وصاروا هكذا (وشبك بين أصابعه) ". قال: فكيف أصنع يا رسول الله؟ قال: " تعمل بما تعرف، وتدع ما تنكر، وتعمل بخاصة نفسك، وتدع عوام الناس» .

رواه: ابن حبان في "صحيحه"، والطبراني في "الأوسط" بإسنادين. قال الهيثمي:"رجال أحدهما رجال الصحيح".

وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه؛ قال: «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس فيه عمرو بن العاص وابناه، فقال: "كيف ترون إذا أخرتم إلى زمان حثالة من الناس، قد مرجت عهودهم ونذورهم، فاشتبكوا وكانوا هكذا (وشبك بين أصابعه) ؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "تأخذون ما تعرفون،»

ص: 211

«وتدعون ما تنكرون، ويقبل أحدكم على خاصة نفسه، ويذر أمر العامة» .

رواه الطبراني بإسنادين. قال الهيثمي: "رجال أحدهما ثقات".

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"كيف أنت إذا كنت في حثالة من الناس واختلفوا حتى كانوا هكذا (وشبك بين أصابعه) ؟ ". قال: الله ورسوله أعلم. قال: "خذ ما تعرف، ودع ما تنكر» .

رواه الطبراني. قال الهيثمي: "وفيه من لم أعرفه، وزياد بن عبد الله وثقه ابن حبان وضعفه جماعة".

قلت: وما تقدم يشهد له ويقويه.

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ستغربلون حتى تصيروا في حثالة من الناس مرجت عهودهم وخربت أمانتهم ". فقال قائل: فكيف بنا يا رسول الله؟ قال: "تعملون بما تعرفون، وتتركون ما تنكرون، وتقولون: أحد! أحد! انصرنا على من ظلمنا، واكفنا من بغانا» .

رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "وفيه من لم أعرفهم".

قلت: وما تقدم يشهد له ويقويه.

باب

ما جاء في كثرة القتل والتهاون بالدم

قد تقدم في ذلك عدة أحاديث:

منها حديث حذيفة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اقتراب الساعة اثنتان وسبعون خصلة.... (فذكر الخصال، ومنها:) واستخفوا بالدماء» .

ص: 212

رواه أبو نعيم في "الحلية"، وقد تقدم بطوله في الباب الثاني من أشراط الساعة.

ومنها حديث أبي موسى رضي الله عنه؛ قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة وأنا شاهد، فقال: " لا يعلمها إلا الله، ولا يجليها لوقتها إلا هو، ولكن سأحدثكم بمشاريطها وما بين يديها، ألا إن بين يديها فتنة وهرجًا". فقيل: يا رسول الله! أما الفتن؛ فقد عرفناها، فما الهرج؟ قال: "بلسان الحبشة: القتل» .

رواه الطبراني.

ومنها حديث أبي موسى أيضًا رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"لا تقوم الساعة حتى يكون القرآن عارًا.... (الحديث، وفيه:) ويكثر الهرج ". قالوا: ما الهرج يا رسول الله؟ قال: "القتل» .

رواه: ابن أبي الدنيا، والطبراني.

ومنها حديث ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من علامات البلاء وأشراط الساعة: أن تعزب العقول، وتنقص الأحلام، ويكثر القتل» ...... الحديث.

رواه الطبراني.

ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «"لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن، ويكثر الكذب، وتتقارب الأسواق، ويتقارب الزمان، ويكثر الهرج ". قيل: وما الهرج؟ قال: "القتل» .

رواه الإمام أحمد بهذا اللفظ. ورواه: الشيخان، وأبو داود، وابن ماجه؛ بنحوه.

ص: 213

ومنها حديث أبي هريرة أيضًا رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «"ويل للعرب من شر قد اقترب؛ ينقص العلم، ويكثر الهرج ". قلت: يا رسول الله! وما الهرج؟ قال: "القتل"» .

رواه الإمام أحمد.

ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «"لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا، وحتى يسير الراكب بين العراق ومكة لا يخاف إلا ضلال الطريق، وحتى يكثر الهرج ". قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: "القتل» .

رواه الإمام أحمد بهذا اللفظ، وروى مسلم بعضه.

ومنها حديث عبد الله بن مسعود وأبي موسى رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «إن بين يدي الساعة لأيامًا؛ ينزل فيها الجهل، ويرفع فيها العلم، ويكثر فيها الهرج، والهرج القتل» .

رواه: الإمام أحمد، والشيخان. ورواه ابن ماجه عن كل منهما على حدته. ورواه أبو داود الطيالسي من حديث ابن مسعود وحده. ورواه الترمذي من حديث أبي موسى وحده، وقال:"هذا حديث حسن صحيح".

وزاد أحمد والبخاري في رواية لهما: "قال أبو موسى: والهرج: القتل بلسان الحبشة". وقد جاء هذا التفسير مرفوعًا من حديث أبي موسى كما تقدم ومن حديث حذيفة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «"سيأتي على أمتي زمان؛ يكثر فيه القراء، ويقل الفقهاء، ويقبض العلم، ويكثر الهرج". قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: "القتل بينكم» .

ص: 214

رواه الطبراني.

ومنها حديث عابس الغفاري رضي الله عنه: «أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يتخوف على أمته ست خصال.......... (فذكرها، ومنها:) الاستخفاف بالدم» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو عبيد القاسم بن سلام، والبخاري في "التاريخ الكبير"، والبزار، والطبراني.

ومنها حديث عوف بن مالك، وحديث الحكم بن عمرو الغفاري، وحديث أبي هريرة؛ رضي الله عنهم؛ في التخوف من الست خصال المذكورة في حديث عابس رضي الله عنه، ومنها سفك الدماء.

ومنها حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: أنه قال: "خمس أظلتكم.... (فذكر الحديث، وفيه:) ، وسفك الدماء بغير حق".

رواه الحاكم، وصححه وقال:"على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي على ذلك.

ومنها حديث وابصة بن معبد رضي الله عنه عن ابن مسعود رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «"تكون فتنة؛ النائم فيها خير من المضطجع، والمضطجع فيها خير من القاعد، والقاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي خير من الراكب، والراكب خير من المجري، قتلاها كلها في النار". قال: قلت: يا رسول الله! ومتى ذلك؟ قال: "ذلك أيام الهرج". قلت: ومتى أيام الهرج؟ قال: "حين لا يأمن الرجل جليسه". قال: قلت: فما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال: "اكفف نفسك ويدك، وادخل دارك". قال: قلت: يا رسول الله! أرأيت إن دخل رجل علي داري؟ قال: "فادخل بيتك". قال: قلت: أفرأيت إن دخل علي بيتي؟ قال: "فادخل مسجدك، واصنع هكذا (وقبض بيمينه على الكوع) ، وقل: ربي الله! حتى»

ص: 215

«تموت على ذلك» .

رواه: الإمام أحمد، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي على ذلك.

وقد رواه أبو داود مختصرًا، وزاد:«"فلما قتل عثمان؛ طار قلبي مطاره، فركبت حتى أتيت دمشق، فلقيت خريم بن فاتك، فحدثته، فحلف بالله الذي لا إله إلا هو لسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثنيه ابن مسعود» .

ومنها حديث خالد بن الوليد رضي الله عنه: "أنه قيل له: إن الفتن قد ظهرت. فقال: وابن الخطاب حي! إنما تكون بعده، والناس بذي بليان وذي بليان، فينظر الرجل، فيفكر هل يجد مكانًا لم ينزل فيه مثل ما نزل بمكانه الذي هو به من الفتنة والشر، فلا يجد، وتلك الأيام التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يدي الساعة أيام الهرج، فنعوذ بالله أن تدركنا وإياكم تلك الأيام ".

رواه: الإمام أحمد، والطبراني. وقد تقدم هذا الحديث والكلام عليه في (باب أمان الناس من الفتن في حياة عمر رضي الله عنه .

وعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «"لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج". قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: "القتل، القتل» .

رواه مسلم.

وعن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة؟ فقال: "علمها عند ربي، لا يجليها لوقتها إلا هو، ولكن أخبركم بمشاريطها وما يكون بين يديها، إن بين يديها فتنة وهرجًا". قالوا: يا رسول الله! الفتنة قد عرفناها، فالهرج ما هو؟ قال: "بلسان الحبشة القتل، ويلقى بين الناس التناكر، فلا يكاد أحد أن يعرف أحدًا» .

رواه الإمام أحمد، ورواته ثقات.

ص: 216

وعن أبي موسى رضي الله عنه؛ قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا: "أن بين يدي الساعة الهرج". قيل: وما الهرج؟ قال: "الكذب والقتل". قالوا: أكثر مما نقتل الآن؟ قال: "إنه ليس بقتلكم الكفار، ولكنه قتل بعضكم بعضا، حتى يقتل الرجل جاره، ويقتل أخاه، ويقتل عمه، ويقتل ابن عمه". قالوا: سبحان الله! ومعنا عقولنا؟ قال: " لا، ألا إنه ينزع عقول أهل ذاك الزمان، حتى يحسب أحدكم أنه على شيء وليس على شيء» .

رواه: الإمام أحمد، وابن ماجه، ورواتهما ثقات، وهذا اللفظ لأحمد.

ولفظ ابن ماجه: قال أبو موسى رضي الله عنه: «حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين يدي الساعة لهرجًا". قال: قلت: يا رسول الله! ما الهرج؟ قال: "القتل". فقال بعض المسلمين: يا رسول الله! إنا نقتل الآن في العام الواحد من المشركين كذا وكذا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس بقتل المشركين، ولكن يقتل بعضكم بعضًا، حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته". فقال بعض القوم: يا رسول الله! ومعنا عقولنا ذلك اليوم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا؛ تنزع عقول أكثر ذلك الزمان، ويخلف له هباء من الناس لا عقول لهم» .

ورواه الحاكم بنحوه، وفي إسناده ضعف. ورواه أيضًا بنحوه موقوفًا على أبي موسى، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

ورواه: ابن أبي شيبة، ونعيم بن حماد في "الفتن"؛ مرفوعًا؛ بنحو رواية الإمام أحمد، وزادا بعد قوله:«"ولكن يقتل بعضكم بعضًا حتى يقتل الرجل جاره وأخاه وابن عمه": "فأبلس القوم حتى ما يبدي الرجل منا عن واضحة، فقلنا: ومعنا عقولنا يومئذ؟ قال: تنزع عقول أكثر أهل ذلك الزمان، ويخلف لها هباء من الناس، يحسب أحدهم أنهم على شيء وليسوا على شيء» .

ص: 217

ورواه نعيم بن حماد أيضًا موقوفًا على أبي موسى: أنه قال: "ليكونن بين أهل الإسلام بين يدي الساعة الهرج والقتل، حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وأباه وأخاه، وايم الله لقد خشيت أن يدركني وإياكم".

قال ابن الأثير: " (الهباء) في الأصل: ما ارتفع من تحت سنابك الخيل، والشيء المنبث الذي تراه في ضوء الشمس ". انتهى.

وإنما شبه أهل الهرج بالهباء؛ لأنهم ليسوا بشيء، وليسوا على شيء، فأشبهوا الهباء المنبث الذي يرى ولا حاصل له. وعن مسروق؛ قال:"قدمنا على عمر، فقال: كيف عيشكم؟ قلنا: أخصب قوم من قوم يخافون الدجال. قال: ما قبل الدجال أخوف عليكم: الهرج. قلت: وما الهرج؟ قال: القتل، حتى إن الرجل ليقتل أباه".

رواه ابن أبي شيبة.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده؛ ليأتين على الناس زمان؛ لا يدري القاتل في أي شيء قتل، ولا يدري المقتول على أي شيء قتل» .

رواه مسلم.

وقد رواه ابن أبي شيبة موقوفًا، ولفظه: قال: تقتتل هذه الأمة؛ حتى يقتل القاتل لا يدري على أي شيء قتل، ولا يدري المقتول على أي شيء قتل.

وفي رواية لمسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"والذي نفسي بيده؛ لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم؛ لا يدري القاتل فيم قتل، ولا المقتول فيم قتل ". فقيل: كيف يكون ذلك؟ ! قال: "الهرج، القاتل والمقتول في النار» .

ص: 218

وعنه رضي الله عنه: أنه قال: «والله؛ لو تعلمون ما أعلم؛ لضحكتم قليلًا، ولبكيتم كثيرًا، والله؛ ليقعن القتل والموت في هذا الحي من قريش، حتى يأتي الرجل الكناسة، فيجد بها النعل، فيقول: كأنها نعل قرشي» .

رواه ابن أبي شيبة.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: "إذا فشا الكذب؛ كثر الهرج".

وراه نعيم بن حماد في "الفتن".

باب

ما جاء في قتل العلماء

عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: «يأتي على الناس زمان يقتل فيه العلماء كما تقتل الكلاب، فيا ليت العلماء في ذلك الزمان تحامقوا!» .

وراه الديلمي.

باب

ما جاء في تمني الموت وغبطة الأحياء للأموات

عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه!» .

رواه: مالك، وأحمد، والشيخان. زاد أحمد في رواية له:«ما به حب لقاء الله عز وجل» .

وعنه رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده؛ لا تذهب»

ص: 219

«الدنيا حتى يمر الرجل على القبر، فيتمرغ عليه، ويقول: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر! وليس به الدين إلا البلاء» .

رواه: مسلم، وابن ماجه.

وعنه رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ويل للعرب من شر قد اقترب، يوشك أحدكم أن يسعى إلى قبر أخيه أو قبر رحمه، فيقول: يا ليتني مكانك ولا أعاين ما أعاين!» .

رواه الخطيب البغدادي في "تاريخه".

وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: "يأتي على الناس زمان؛ يأتي الرجل القبر، فيضطجع عليه، فيقول: يا ليتني مكان صاحبه! ما به حب لقاء الله، ولكن لما يرى من شدة البلاء".

رواه: نعيم بن حماد في "الفتن"، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه"، وله حكم الرفع كنظائره.

وعنه رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليأتين عليكم زمان تغبطون فيه الرجل بخفة الحاذ كما تغبطونه اليوم بكثرة المال والولد، حتى يمر أحدكم بقبر أخيه، فيتمعك كما تمعك الدابة، ويقول: يا ليتني مكانك! ما به شوق إلى الله، ولا عمل صالح قدمه؛ إلا لما نزل به من البلاء» .

رواه: البزار، والطبراني. قال الهيثمي:"وفيه علي بن يزيد الألهاني، وهو متروك".

قلت: فيما قاله الهيثمي نظر؛ فقد ذكر المنذري عن الإمام أحمد وابن حبان أنهما وثقاه. وقال الحافظ ابن رجب: "إنهم لم يتفقوا على ضعفه، بل قال

ص: 220

فيه أبو مسهر، وهو من أهل بلده، وهو أعلم بأهل بلده من غيرهم، قال فيه: ما أعلم فيه إلا خيرًا". وقال ابن عدي: "هو نفسه صالح؛ إلا أن يروي عن ضعيف، فيؤتى من قبل ذلك الضعيف". وقال المنذري:"حسن الترمذي غير ما حديث عن علي بن يزيد عن القاسم ".

قلت: وعلى هذا؛ فحديثه من قبيل الحسن، ولا وجه لما قاله الهيثمي. والله أعلم.

قال ابن الأثير: "الحاذ والحال واحد، والخفيف الحاذ؛ أي: خفيف الظهر من العيال، ومنه الحديث: ليأتين على الناس زمان يغبط فيه الرجل بخفة الحاذ كما يغبط اليوم أبو العشرة، ضربه مثلًا لقلة المال والعيال ".

وكذا قال ابن منظور في "لسان العرب".

وعن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت: "أنه قال: وددت أن أهلي حين تعشوا عشاءهم، واغتبقوا غبوقهم؛ أصبحوا موتى على فرشهم. قيل: يا أبا فلان! ألست على غنى؟ قال: بلى، ولكني سمعت أبا ذر رضي الله عنه يقول: يوشك يا ابن أخي إن عشت إلى قريب أن ترى الرجل يغبط بخفة الحال كما يغبط اليوم أبو العشرة الرجال، ويوشك إن عشت إلى قريب أن ترى الرجل الذي لا يعرفه السلطان ولا يدنيه ولا يكرمه يغبط كما يغبط اليوم الذي يعرفه السلطان ويدنيه ويكرمه، ويوشك يا ابن أخي إن عشت إلى قريب أن يمر بالجنازة في السوق، فيرفع الرجل رأسه، فيقول: يا ليتني على أعوادها! قال: قلت: تدري ما بهم؟ قال: على ما كان؟ قلت: إن ذلك بين يدي أمر عظيم. قال: أجل؛ عظيم عظيم عظيم ".

رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

ص: 221

وعن أبي ذر أيضًا رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يرى الحي الميت على أعواده، فيقول: يا ليته كان مكان هذا! فيقول له القائل: هل تدري على ما مات؟ فيقول: كائنًا ما كان» .

رواه الديلمي.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل على القبر، فيقول: لوددت أني مكان صاحبه مما يلقى الناس من الفتن» .

رواه نعيم بن حماد في "الفتن".

وعن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "ليأتين عليكم زمان يتمنى الرجل فيه الموت من غير فقر".

رواه ابن أبي شيبة.

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنه قال: "يأتي على الناس زمان يتمنى الرجل ذو الشرف والمال والولد الموت؛ مما يرى من البلاء من ولاتهم".

رواه نعيم بن حماد في "الفتن".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه قال: "ليأتين على الناس زمان الموت فيه أحب إلى أحدهم من الغسل بالماء البارد في اليوم القائظ، ثم لا يموت".

رواه نعيم بن حماد في "الفتن".

وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن؛ قال: "عدت أبا هريرة، فسندته إلى صدري، ثم قلت: اللهم اشف أبا هريرة! فقال: اللهم لا ترجعها. ثم قال: إن استطعت يا أبا سلمة أن تموت؛ فمت. فقلت: يا أبا هريرة! إنا لنحب الحياة.

ص: 222

فقال: والذي نفس أبي هريرة بيده؛ ليأتين على العلماء زمان الموت أحب إلى أحدهم من الذهب الأحمر، ليأتين أحدكم قبر أخيه، فيقول: ليتني مكانه".

رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

باب

الحث على كثرة الدعاء في آخر الزمان

عن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "يأتي عليكم زمان لا ينجو فيه إلا من دعا دعاء الغرق".

رواه: ابن أبي شيبة، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه قال: "تكون فتنة لا ينجي منها إلا دعاء كدعاء الغرق".

رواه ابن أبي شيبة.

باب

ما جاء في خروج الفئام من الدين وعبادتهم الأوثان

عن ثوبان رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها..... (الحديث، وفيه:) ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم، وقال: صحيح

ص: 223

على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه"، وأصله في "صحيح مسلم ".

ورواه البرقاني في "صحيحه"، ولفظه:«ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان» .

ورواه الترمذي مختصرًا، ولفظه:«لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى يعبدوا الأوثان» .

وقال: "هذا حديث صحيح".

ورواه ابن وضاح، ولفظه:«لن تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد الأوثان» .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يرجع ناس من أمتي إلى أوثان يعبدونها من دون الله» .

رواه أبو داو الطيالسي في "مسنده".

وعنه رضي الله عنه؛ قال: «تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليخرجن منه أفواجًا كما دخلوا فيه أفواجًا» .

رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الناس دخلوا في دين الله أفواجًا، وسيخرجون منه أفواجًا» .

رواه الإمام أحمد.

ص: 224

وقد ظهر مصداق هذه الأحاديث، فخرج الناس من دين الله أفواجًا، وعظمت الفتنة بالقبور في مشارق الأرض ومغاربها، واتخذ كثير منها أوثانًا تعبد من دون الله، وعظمت الفتنة أيضًا بالاشتراكية الشيوعية والحكم بالقوانين الوضعية؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة» . وكانت صنمًا تعبدها دوس في الجاهلية بتبالة.

رواه: الإمام أحمد، والشيخان.

وقد وقع الأمر طبق ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح، وعظم افتتان أهل تبالة ومن حولهم من القبائل بذي الخلصة، وأعادوا سيرتها الأولى في الجاهلية، حتى ظهر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، فدعا إلى التوحيد، وجدد ما اندرس من معالم الدين، وسعى في محو الشرك ووسائله وما يدعو إليه ويرغب فيه، فبعث إمام المسلمين في ذلك الزمان - وهو عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمة الله تعالى عليه وعلى من كان السبب في إمامته - جماعة من المسلمين إلى ذي الخلصة، فخربوها، وهدموا بعض بنائها، وبقي بعضه قائمًا، وزال الافتنان بها في زمن ولاية النجديين على الحجاز، ولما زالت ولايتهم عن الحجاز؛ عاد الجهال إلى ما كانوا عليه من الافتنان بها، حتى ولي الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود على الحجاز وما حوله، فبعث عامله على تلك النواحي جماعة من المسلمين، فهدموا ما بقي من بنائها، ورموا بأنقاضها في الوادي، فعفى بعد ذلك رسمها، وانقطع أثرها، ولله الحمد والمنة، وذلك في سنة ألف وثلاثمائة وأربع وأربعين أو خمس وأربعين من الهجرة.

ص: 225

وقد ذكر بعض الأخباريين عن بعض الذين شاهدوا هدمها في هذه المرة الأخيرة أن بناءها كان قويًا محكمًا، وأن أحجارها كانت ضخمة جدًا؛ بحيث لا يقوى على زحزحة الحجر الواحد أقل من أربعين رجلًا.

فالحمد لله الذي يسر هدمها ومحو أثرها غيرها من الأوثان والأشجار والأحجار، التي قد اتخذت آلهة تعبد من دون الله، والله المسؤول أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وييسر محو ما سوى ذلك من المعابد الوثنية والمعتقدات الجاهلية التي قد عظم شرها والافتنان بها في أكثر الأقطار الإسلامية؛ إن الله على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى تدافع نساء بني عامر على ذي الخلصة (وثن كان يسمي في الجاهلية) ".

رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه":"على شرط البخاري ومسلم "، وقد تقدم هذا الحديث في (باب قتال الترك) ، وفيه قصة.

وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء حول الأصنام".

رواه ابن أبي شيبة.

وعن محمد بن سيرين؛ قال: كنا نتحدث أنه تكون ردة شديدة، حتى يرجع ناس من العرب يعبدون الأصنام بذي الخلصة". رواه ابن أبن شيبة.

وقد وقع مصداق هذه الآثار في زماننا وقبله بزمان طويل، فكانت النساء تزاحم الرجال عند القبور المعظمة عند الجهال، وتضطرب ألياتهن في حال

ص: 226

طوافهن على تلك الأوثان، وما أكثرها في هذه الأزمان! والله المسؤول أن ييسر هدمها ومحو آثارها بالكلية، إنه على كل شيء قدير.

وعن محمد بن عبيد المكي؛ قال: "قيل لابن عباس رضي الله عنهما: إن رجلًا قدم علينا يكذب بالقدر، فقال: دلوني عليه - وهو يومئذ قد عمي - قالوا: وما تصنع به يا أبا عباس؟ قال: والذي نفسي بيده؛ لئن استمكنت منه لأعضن أنفه حتى أقطعه، ولئن وقعت رقبته في يدي؛ لأدقنها؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كأني نساء بني فهر يطفن بالخزرج تصطفق ألياتهن مشركات» ، هذا أول شرك هذه الأمة، والذي نفسي بيده؛ لينتهين بهم سوء رأيهم حتى يخرجوا الله من أن يكون قدر خيرًا كما أخرجوه من أن يكون قدر شرًا".

رواه الإمام أحمد.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تنصب الأوثان، وأول من ينصبها أهل حضر من تهامة» .

رواه: نعيم بن حماد في "الفتن"، وابن وضاح من طريقه.

وعن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى تنصب فيها الأوثان وتعبد"؛ يعني: في المحاريب.

رواه ابن وضاح.

وقد وقع مصداق هذا الأثر في الجامع الأزهر كما ذكره بعض المصنفين عن بعض علماء المصريين: أنه قال لما قامت الحركة الوطنية عقب الحرب العظمى السابقة، واتحد هؤلاء المارقون مع الأقباط ليطالبوا بالاستقلال، كان مقر اجتماعهم الجامع الأزهر، ومنه كانت تنظم المظاهرات، فكان يعمر بالأقباط والقسس منهم، يصعدون إلى المنبر خطباء مناوبة مع المصريين. قال:

ص: 227

وذات يوم كان المسمى مصطفى القاياتي - وهو من المدرسين في الأزهر - حاضرًا معهم، فأخذ الصليب، ووضعه في محراب الأزهر، وقام خطيبًا، فدعا إلى اتحاد الإسلام والنصرانية القبطية، ودعا الحاضرين إلى صلاة ركعتين جميعًا مع وضع الصليب في المحراب، وكبر وصلى ركعتين والصليب أمامه يصلى له ولله معًا في زعمه. انتهى.

قلت: والصليب من الأوثان؛ كما في حديث عدي بن خاتم رضي الله عنه؛ قال: «قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال لي: "ألق هذا الوثن عنك» .

رواه: البخاري في "التاريخ الكبير"، والترمذي، وقال:"حسن غريب".

ومن إطلاق الوثن على الصليب قول الأعشى:

تطوف العفاة بأبوابه

كطوف النصارى ببيت الوثن

قال الأزهري عن شمر: "أراد بالوثن: الصليب". نقله عنه ابن منظور في "لسان العرب".

وعن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «"لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى". فقلت: يا رسول الله! إن كنت لأظن حين أنزل الله: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} أن ذلك تامًا؟ قال: "إنه سيكون من ذلك ما شاء الله، ثم يبعث الله ريحًا طيبة، فتوفى كل من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم» .

رواه مسلم.

وقد افتتن الجهال في القرون الأخيرة بقبر ابن عباس رضي الله عنهما،

ص: 228

وأعادوا بذلك سيرة أهل الجاهلية في قبر اللات، فظهر بذلك مصداق هذا الحديث الصحيح، وقبر ابن عباس رضي الله عنهما، وإن لم يكن في موضع اللات بنفسه؛ فإنه قريب منه في الموضع، وشبيه به فيما يفعل عنده من الشرك؛ لأن كلا منهما في ناحية من نواحي المسجد المسمى بمسجد ابن عباس، وقد قيل: إن موضع اللات في موضع المنارة من ذلك المسجد، وأما قبر ابن عباس رضي الله عنهما؛ فمعروف مشهور، وقد اتخذه الضلال من آخر هذه الأمة وثنًا يعظمونه كما كان أهل الجاهلية يعظمون اللات من قبل، ويدعونه، ويلجؤون إليه في قضاء الحاجات وتفريج الكربات؛ كما كانت ثقيف ومن حولها من أحياء العرب يدعون اللات ويلجؤون إليها، فغلو الضلال من هذه الأمة في ابن عباس رضي الله عنهما شبيه بغلو المشركين الأولين في اللات.

قال الشيخ حسين بن غنام في كتابه "روضة الأفكار والأفهام": "وفي الطائف قبر ابن عباس رضي الله عنهما، يقف عنده كل مكروب وخائف متضرعًا مستغيثًا، وينادي أكثر الباعة في الأسواق: اليوم على الله وعليك يا ابن عباس! ويسألونه الحاجات ويسترزقونه" انتهى.

وذكر الشيخ حسين بن مهدي النعمي اليمني في كتابه "معارج الألباب": "أنه سمع بعض الأفاضل يحدث أن رجلين قصدا الطائف من مكة المشرفة، وأحدهما يزعم أنه من أهل العلم، فقال له رفيقه ببديهة الفطرة: أهل الطائف لا يعرفون الله إنما يعرفون ابن عباس! فأجابه بأن معرفتهم لابن عباس كافية لأنه يعرف الله". انتهى.

وإذا كانت هذه حال من يزعم أنه من أهل العلم؛ فكيف بالعوام؟ .

وقد أزيلت آثار الوثنية من قبر ابن عباس رضي الله عنهما مرتين: إحداهما: في حدود سنة عشرين بعد المئتين والألف. والثانية: في آخر سنة

ص: 229

اثنتين وأربعين وثلاثمائة وألف. وكلتا المرتين على أيدي أهل نجد، كما أزيلت آثار الوثنية من اللات والعزى على أيدي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأمره صلوات الله وسلامه عليه.

فالحمد لله الذي جعل النجديين يتمسكون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ويقتفون آثاره وآثار أصحابه رضي الله عنهم.

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج الدجال في أمتي.... (فذكر الحديث، وفيه:) قال: فيبقى شرار الناس؛ في خفة الطير وأحلام السباع، لا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا، فيتمثل لهم الشيطان، فيقول: ألا تستجيبون؟ فيقولون: فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، وهم في ذلك دار رزقهم حسن عيشهم» ..... الحديث.

رواه: الإمام أحمد، ومسلم.

وسيأتي بتمامه في ذكر نزول عيسى ابن مريم إن شاء الله تعالى.

وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى يتهارجوا في الطرق تهارج الحمر، فيأتيهم إبليس، فيصرفهم إلى عبادة الأوثان".

رواه ابن أبي شيبة.

وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى يبعث الله ريحًا لا تدع أحدًا في قلبه مثقال ذرة من تقى أونهى إلا قبضته، ويلحق كل قوم بما كان يعبد آباؤهم في الجاهلية ".

رواه الحاكم في "مستدركه".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تعبد العرب ما كانت تعبد آباؤها مائة وخمسين عامًا» .

ص: 230

رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"، وإسناده ضعيف.

وعن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثًا إلى دومة الجندل، فقال: "انطلقوا؛ فإنكم تجدون أكيدر دومة خارجًا يقتنص الصيد، فخذوه أخذًا". فانطلقوا، فوجدوه كما قال لهم، فأخذوه، وتحصن أهل المدينة، وأشرفوا على المسلمين يكلمونهم، قال: يقول رجل من المسلمين لبعض من أشرف: أذكرك الله؛ هل تجدون محمدًا في كتابكم؟ قال: لا. قال آخر إلى جنبه نجده في كتابنا يشبه قرشيان، يخطره قلم من الشيطان. فقال الرجل: يا أبا بكر! أليس قد كفر هؤلاء؟ قال: بلى؛ وأنتم ستكفرون. فلما رجع الجيش، وخرج مسيلمة فتنبأ، قال الرجل لأبي بكر: أما تذكر قولك ونحن بدومة الجندل: وأنتم سوف تكفرون؟ ذاك أمر مسيلمة. قال: لا؛ ذاك في آخر الزمان» .

رواه الحاكم، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه"، وله حكم الرفع كنظائره.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «لا تقوم الساعة حتى يكفروا بالله جهرًا، وذلك عند كلامهم في ربهم» .

رواه: الطبراني في "الأوسط"، والحاكم في "تاريخه".

وعن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "يأتي على الناس زمان، لو اعترضهم في الجمعة نبل؛ ما أصابت إلا كافرًا".

رواه ابن أبي شيبة.

وعن خرشه بن الحر؛ قال: "قال حذيفة رضي الله عنه: كيف أنتم إذا انفرجتم عن دينكم انفراج المرأة عن قبلها لا تمنع من يأتيها. فقال رجل: قبح الله العاجز. قال: بل قبحت أنت".

ص: 231

رواه: ابن وضاح، والحاكم، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

ورواه ابن أبي شيبة، ولفظه: قال: "كيف أنتم إذا انفرجتم عن دينكم كما تنفرج المرأة عن قبلها لا تمنع من يأتيها. قالوا: لا ندري، قال: لكني والله أدري، أنتم يومئذ بين عاجز وفاجر. فقال رجل من القوم: قبح العاجز عن ذاك. قال: يضرب ظهره حذيفة مرارًا، ثم قال: قبحت أنت، قبحت أنت".

وإنما قال حذيفة رضي الله عنه للرجل ما قال؛ لأن العجز هو المطلوب في ذلك الزمان؛ لما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يأتي على الناس زمان، يخير فيه الرجل بين العجز والفجور، فمن أدرك ذلك الزمان؛ فليختر العجز على الفجور» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو يعلى، والحاكم. وقد تقدم في (باب التخيير بين العجز والفجور) .

وعن حذيفة أيضًا رضي الله عنه: "أنه أخذ حصاة بيضاء، فوضعها في كفه، ثم قال: إن هذا الدين قد استضاء استضاءة هذه الحصاة. ثم أخذ كفًا من تراب، فجعل يذره على الحصاة حتى واراها، ثم قال: والذي نفسي بيده؛ ليجيئن أقوام يدفنون الدين كما دفنت هذه الحصاة".

رواه ابن وضاح.

وعن علي رضي الله عنه: أنه قال: "تعلموا العلم؛ تعرفوا به، واعملوا به؛ تكونوا من أهله؛ فإنه سيأتي بعدكم زمان؛ ينكر الحق فيه تسعة أعشارهم، لا ينجو فيه إلا كل مؤمن نومة، أولئك أئمة الهدى ومصابيح العلم".

رواه: الإمام أحمد في "الزهد"، وابن وضاح، وزاد: "قيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما النومة؟ قال: الرجل يسكت في الفتنة فلا يبدو منه

ص: 232

شيء".

وقال ابن الأثير: " (النومة) ؛ بوزن الهمزة: الخامل الذكر الذي لا يؤبه له. وقيل: الغامض في الناس الذي لا يعرف الشر وأهله. وقيل: النومة؛ بالتحريك: الكثير النوم، وأما الخامل الذي لا يؤبه له؛ فهو بالتسكين، ومن الأول حديث ابن عباس رضي الله عنهما؛ أنه قال لعلي رضي الله عنه: ما النومة؟ قال: الذي يسكت في الفتنة فلا يبدو منه شيء". انتهى.

وعن ميمونة رضي الله عنها؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: «كيف أنتم إذا مرج الدين، وظهرت الرغبة، واختلف الإخوان، وحرق البيت العتيق؟ !» .

رواه: الإمام أحمد، وابن وضاح، ورواتهما ثقات.

ورواه ابن أبي شيبة بمثله، ورواه الطبراني، ولفظه: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم لنا ذات يوم: «ما أنتم إذا مرج الدين، وسفك الدماء، وظهرت الزينة، وشرف البنيان، واختلف الإخوان، وحرق البيت العتيق؟ !» .

قال الهيثمي: "رجاله ثقات".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر أردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم؛ شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه» .

رواه: الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود.

وقد اختلف في معنى هذا الحديث: فقيل: معناه أنهم يسلمون، فيسقط عنهم الخراج. ورجحه البيهقي. وقيل: معناه أنهم يرجعون عن الطاعة، ولا يؤدون الخراج المضروب عليهم، لهذا قال: وعدتم من حيث بدأتم؛ أي:

ص: 233

رجعتم إلى ما كنتم عليه قبل ذلك. ورجح هذا القول ابن كثير، ولم يحك الخطابي في "معالم السنن" سواه.

واستشهد له ابن كثير بما رواه الإمام أحمد ومسلم من حديث أبي نضرة؛ قال: كنا عند جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، فقال: يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم. قيل: من أين ذلك؟ قال: من قبل العجم؛ يمنعون ذلك. ثم قال: يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مدي. قلنا: من أين ذلك؟ قال: من قبل الروم.

قلت: وأصرح من هذا ما رواه الإمام أحمد والبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: "كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارًا ولا درهما؟ ! فقيل له: وكيف ترى ذلك كائنًا يا أبا هريرة؟ قال: إي؛ والذي نفس أبي هريرة بيده عن قول الصادق المصدوق. قالوا: عم ذلك؟ قال: تنتهك ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، فيشد الله عز وجل قلوب أهل الذمة، فيمنعون ما في أيديهم.

والذي يظهر لي في معنى قوله: «منعت العراق درهمها» ...." الحديث: أن ذلك إشارة إلى ما صار إليه الأمر في زماننا وقبله بأزمان، من استيلاء الأعاجم من الإفرنج وغيرهم على هذه الأمصار المذكورة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وانعكاس الأمور بسبب ذلك، حتى صار أهل الذمة أقوى من المسلمين وأعظم شوكة، فامتنعوا من أحكام الإسلام التي كانت تجري عليهم من قبل، وانتقض حكم الخراج وغيره، ثم زاد الأمر شدة، فوضعت قوانين أعداء الله ونظمهم مكان الأحكام الشرعية، وألزموا بها من تحت أيديهم من المسلمين، والذين انفلتوا من أيدي المتغلبين عليهم ما زالوا على ما عهدوه من تحكيم القوانين وسنن أعداء الله تعالى، والتخلق بأخلاقهم الرذيلة، بل على شر مما عهدوه؛ كما لا يخفى على من له أدنى علم ومعرفة.

ص: 234

وفي قوله: «وعدتم من حيث بدأتم» : إشارة إلى استحكام غربة الإسلام ورجوعه إلى مقره الأول؛ كما في الحديث الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها» .

رواه: الإمام أحمد، والشيخان، وابن ماجه؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وفي رواية لأحمد: «إن الإسلام ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها» .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها» .

رواه مسلم.

وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.

رواه الإمام أحمد وغيره.

وعن عبد الرحمن بن سنة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه أيضًا.

رواه: عبد الله ابن الإمام أحمد، والطبراني.

وعن عمرو بن عوف المزني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو ذلك أيضًا.

رواه الترمذي.

وقد تقدمت هذه الأحاديث في باب غربة الإسلام، وما ذكر فيها من انضمام الإيمان إلى المدينة وما حولها لم يقع إلى الآن، ويوشك أن يقع. والله المستعان.

ويؤيد ما قلته في معنى الحديث ما رواه الحاكم في "مستدركه" عن جابر

ص: 235

بن عبد الله رضي الله عنهما: أنه قال: "يوشك أهل العراق أن لا يجيء إليهم درهم ولا قفيز.... (الحديث، وفيه:) ثم قال: والذي نفسي بيده؛ ليعودن الأمر كما بدأ، ليعودن كل إيمان إلى المدينة كما بدأ منها، حتى يكون كل إيمان بالمدينة ".

قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم "، وأقره الذهبي في "تلخيصه".

وقد تقدم في باب انضمام الإيمان إلى الحرمين.

باب

ما جاء في فشو الفالج وموت الفجأة

عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اقتراب الساعة أن يفشو الفالج وموت الفجأة» .

رواه الدينوري في "المجالسة".

ورواه الطبراني في "الصغير" و "الأوسط"، ولفظه:«من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلًا فيقال: لليلتين، وأن تتخذ المساجد طرقًا، وأن يظهر موت الفجأة» .

فيه الهيثم بن خالد المصيصي شيخ الطبراني؛ قال الهيثمي: "وهو ضعيف".

وعن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اقتراب الساعة اثنتان وسبعون خصلة..... (فذكر الحديث، وفيه:) وكثر الطلاق وموت الفجأة» .

رواه أبو نعيم في "الحلية"، وقد تقدم في الباب الثاني من أشراط الساعة.

ص: 236

وعن الشعبي: أنه قال: "كان يقال: من اقتراب الساعة موت الفجأة".

رواه ابن أبي شيبة.

وعن مجاهد: أنه قال: " من أشراط الساعة موت البدار". رواه ابن أبي شيبة.

(البدار) ؛ معناه: سرعة الموت، وهو بمعنى الفجأة، يقال: بادره مباردة وبدارًا: عاجله وأسرع إليه.

وقد كثر موت الفجأة والبدار في زماننا، وخصوصًا بحوادث السيارات؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

باب

ما جاء في كثرة الصواعق

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة، حتى يأتي الرجل القوم، فيقول: من صعق قبلكم الغداة؟ فيقولون: صعق فلان وفلان» .

رواه: الإمام أحمد عن محمد بن مصعب القرقساني عن عمارة بن مهران المعولي عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه.

وقد رواه الحاكم في "مستدركه" بهذا الإسناد، ولفظه: قال: «تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة، فيصبح القوم، فيقولون: من صعق البارحة؟ فيقولون: صعق فلان وفلان» .

قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، قال الذهبي:"قلت عمارة ثقة لم يخرجوا له".

ص: 237

قلت: ومحمد بن مصعب لم يخرج له مسلم، وإنما خرج له الترمذي وابن ماجه، وقد ضعفه النسائي، وقال أبو زرعة:"صدوق ولكنه حدث بأحاديث منكرة"، فقال له ابن أبي حاتم:"فليس هذا مما يضعفه". قال: "نظن أنه غلط فيها".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه قال: "يوشك أن لا تجدوا بيوتًا تكنكم؛ تهلكها الرواجف، ولا دواب تبلغوا عليها في أسفاركم؛ تهلكها الصواعق".

رواه نعيم بن حماد في "الفتن".

باب

ما جاء في كثرة الزلازل

عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، ويتقارب الزمان، وتكثر الزلازل، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج". قيل: الهرج أيما هو يا رسول الله؟ قال: "القتل القتل» .

رواه: الإمام أحمد، والبخاري.

وعن سلمة بن نفيل السكوني - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بين يدي الساعة موتان شديد، وبعده سنوات الزلازل» .

رواه: الإمام أحمد، والطبراني، والبزار، وأبو يعلى. قال الهيثمي:"ورجاله ثقات". ورواه: ابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وقال الذهبي:"لم يخرجا لأرطاة (يعني: ابن المنذر، أحد رواته) ، وهو ثبت، والخبر من غرائب الصحاح".

ص: 238

وسيأتي حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الباب بعده، وفيه الإخبار عن الزلزلة، ويأتي فيه أيضًا ذكر الرجف في خمسة أحاديث.

باب

ما جاء في الريح العقيم والخسف والمسخ والقذف

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة؛ حل بها البلاء". قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: "إذا كان المغنم دولًا، والأمانة مغنمًا، والزكاة مغرمًا، وأطاع الرجل زوجته وعق أمه، وبر صديقه وجفا أباه، وارتفعت الأصوات في المساجد، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وشربت الخمور، ولبس الحرير، واتخذت القيان والمعازف، ولعن آخر الأمة أولها؛ فليرتقبوا عند ذلك ريحًا حمراء أو خسفًا أو مسخًا» .

رواه الترمذي بهذا اللفظ، وابن أبي الدنيا، وعنده:«فليرتقبوا عند ذلك ريحًا حمراء وخسفًا ومسخًا» . قال الترمذي: "هذا حديث غريب".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اتخذ الفيء دولًا، والأمانة مغنمًا، والزكاة مغرمًا، وتعلم لغير الدين، وأطاع الرجل امرأته وعق أمه، وأدنى صديقه وأقصى أباه، وظهرت الأصوات في المساجد، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وظهرت القينات والمعازف، وشربت الخمور، ولعن آخر هذه الأمة أولها؛ فليرتقبوا عند ذلك ريحًا حمراء وزلزلة وخسفًا ومسخًا وقذفًا وآيات تتابع كنظام بال قطع سلكه فتتابع» .

رواه الترمذي، وقال:"هذا حديث غريب".

ص: 239

وعن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"من اقتراب الساعة اثنتان وسبعون خصلة..... (فذكر الحديث بطوله، وفي آخره:) واتخذت القيان والمعازف، وشربت الخمور في الطرق، واتخذ الظلم فخرًا، وبيع الحكم، وكثرت الشرط، واتخذ القرآن مزامير، وجلود السباع صفافًا، ولعن آخر هذه الأمة أولها؛ فليرتقبوا عند ذلك ريحًا حمراء وزلزلة وخسفًا ومسخًا وقذفًا وآيات» .

رواه أبو نعيم في "الحلية"، وقد ذكرته بتمامه في الباب الثاني من أشراط الساعة.

وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «تبيت طائفة من أمتي على أكل وشرب ولهو ولعب، ثم يصبحون قردة وخنازير، ويبعث على أحياء من أحيائهم ريح، فتنسفهم كما نسفت من كان قبلهم؛ باستحلالهم الخمور، وضربهم بالدفوف، واتخاذهم القينات» .

رواه: الإمام أحمد، وسعيد بن منصور.

وقد رواه أبو داود الطيالسي مطولًا، ولفظه: قال: «يبيت قوم من هذه الأمة على طعم وشرب ولهو ولعب، فيصبحون قد مسخوا قردة وخنازير، وليصيبنهم خسف وقذف، حتى يصبح الناس فيقولون: خسف الليلة ببني فلان وبني فلان، وخسف الليلة بدار فلان خواص، وليرسلن عليهم حاصبًا حجارة من السماء كما أرسلت على قوم لوط على قبائل منها وعلى دور، وليرسلن عليهم الريح العقيم التي أهلكت عادًا على قبائل فيها وعلى دور؛ بشربهم الخمر، ولبسهم الحرير، واتخاذهم القينات، وأكلهم الربا، وقطيعتهم الرحم» .

ورواه: ابن أبي الدنيا، والحاكم في "مستدركه"، وأبو نعيم في "الحلية"؛ بنحوه.

وعن مالك الكندي مرفوعًا: «ليكونن من هذه الأمة قوم قردة وخنازير،»

ص: 240

«وليصبحن فيقال: خسف بدار بني فلان ودار بني فلان، وبينما الرجلان يمشيان؛ يخسف بأحدهما؛ بشرب الخمور ولباس الحرير والضرب بالمعازف والزمارة» .

رواه نعيم بن حماد في "الفتن".

وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «تمسخ طائفة من أمتي قردة، وطائفة خنازير، ويخسف بطائفة، ويرسل على طائفة الريح العقيم؛ بأنهم شربوا الخمر، ولبسوا الحرير، واتخذوا القيان، وضربوا بالدفوف» .

رواه ابن أبي الدنيا.

وعن عبد الرحمن بن غنم الأشعري؛ قال: حدثني أبو عامر (أو أبو مالك) الأشعري رضي الله عنه، والله ما كذبني: سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم لحاجة فيقولون: ارجع إلينا غدًا، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة» .

رواه: البخاري بهذا اللفظ، وأبو داود مختصرًا.

وعن عبد الرحمن بن غنم أيضًا رضي الله عنه عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير» . رواه: الإمام أحمد، وابن أبي شيبة، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، والطبراني، والبيهقي. ورواه: البخاري في "التاريخ الكبير"، وأبو داود في "سننه"؛ مختصرًا.

ص: 241

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يكون في أمتي خسف ومسخ وقذف» .

رواه ابن حبان في "صحيحه".

وعن عبد الله (وهو ابن مسعود) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «بين يدي الساعة مسخ وخسف وقذف» .

رواه ابن ماجه.

وعن أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون في أمتي خسف ومسخ وقذف» .

رواه: الإمام أحمد، وابن ماجه، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"إن كان أبو الزبير سمع من عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ فإنه صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

قلت: وقد ذكر الذهبي في "الميزان" عن الحسن بن سعيد الخولاني: حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير؛ قال: "رأيت العبادلة يرجعون على صدور أقدامهم في الصلاة: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس؛ رضي الله عنهم ". وإذا كان أبو الزبير قد لقي عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ فروايته عنه متصلة، وحديثه الذي ذكرنا صحيح على شرط مسلم ".

وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «" في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف". فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله! ومتى ذلك؟ قال: "إذا ظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور» .

رواه الترمذي، وقال:"هذا حديث غريب".

ص: 242

وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يكون في أمتي الخسف والمسخ والقذف؛ باتخاذهم القينات وشربهم الخمور» .

رواه الطبراني.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «يكون في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، في متخذي القيان وشاربي الخمر ولابسي الحرير» .

رواه الطبراني في "الصغير" و "الأوسط". قال الهيثمي: (وفيه زياد بن أبي زياد الجصاص وثقه ابن حبان، وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات".

وعن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"يكون في أمتي خسف ومسخ وقذف". قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله! وهم يقولون: لا إله إلا الله؟ فقال: "إذا ظهرت القينات، وظهر الزنى، وشربت الخمر، ولبس الحرير؛ كان ذا عند ذا» .

رواه ابن أبي الدنيا.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"يمسخ قوم من هذه الأمة في آخر الزمان قردة وخنازير". قالوا: يا رسول الله! أليس يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؟ قال: "بلى، ويصومون ويصلون ويحجون". قيل: فما بالهم؟ قال: "اتخذوا المعازف والدفوف والقينات، فباتوا على شربهم ولهوهم، فأصبحوا وقد مسخوا قردة وخنازير» .

رواه: سعيد بن منصور، وابن أبي الدنيا، وأبو نعيم في "الحلية".

وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يكون في آخر أمتي خسف ومسخ وقذف» .

ص: 243

رواه ابن ماجه.

وقد رواه ابن أبي الدنيا بأطول من هذا، ولفظه: قال: «"يكون في أمتي خسف وقذف ومسخ". قيل: يا رسول الله! متى؟ قال: "إذا ظهرت المعازف والقينات واستحلت الخمرة» .

ورواه الطبراني في "الكبير"، ولفظه:«"سيكون في آخر الزمان خسف وقذف ومسخ". قيل: ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال: "إذا ظهرت المعازف والقينات واستحلت الخمر» .

قال الهيثمي: "فيه عبد الله بن أبي الزناد، وفيه ضعف، وبقية رجال إحدى الطريقين رجال الصحيح".

وعن أنس رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليكونن في هذه الأمة خسف وقذف ومسخ، وذاك إذا شربوا الخمور واتخذوا القينات وضربوا بالمعازف» .

رواه ابن أبي الدنيا.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليبيتن قوم من هذه الأمة على طعام وشراب ولهو، فيصبحوا قد مسخوا قردة وخنازير» . رواه الطبراني.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليبيتن رجال على أكل وشرب وعزف، فيصبحون على أرائكهم ممسوخين قردة وخنازير» .

رواه ابن أبي الدنيا.

وعن فرقد السبخي؛ قال: حدثنا أبو منيب الشامي عن أبي عطاء عن

ص: 244

عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وحدثني شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وحدثني عاصم بن عمرو البجلي عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وحدثني سعيد بن المسيب (أو: حدثت عنه) عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «والذي نفس محمد بيده؛ ليبيتن ناس من أمتي على أشر وبطر ولعب ولهو، فيصبحوا قردة وخنازير؛ باستحلالهم المحارم، واتخاذهم القينات، وشربهم الخمر، وأكلهم الربا، ولبسهم الحرير» .

رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد المسند"، ورواه الطبراني من حديث أبي أمامة وحده. وقد اختلف في فرقد السبخي، والأكثرون على تضعيفه، وقال عثمان الدارمي عن ابن معين:"هو ثقة"، وقال أحمد:"رجل صالح".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «"والذي بعثني بالحق؛ لا تنقضي هذه الدنيا حتى يقع بهم الخسف والمسخ والقذف". قالوا: ومتى ذلك يا نبي الله؟ قال: "إذا رأيت النساء قد ركبن السروج، وكثرت القينات، وشهد شهادات الزور، وشرب المسلمون في آنية أهل الشرك؛ الذهب والفضة، واستغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء» .

رواه: البزار، والطبراني في "الأوسط"، والحاكم في "مستدركه"، واللفظ له.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «"لا بد من خسف ومسخ وقذف ". قالوا: يا رسول الله! في هذه الأمة؟ قال: "نعم؛ إذا اتخذوا القيان، واستحلوا الزنى، وأكلوا الربا، واستحلوا الصيد في الحرم، ولبس الحرير، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء» .

ص: 245

رواه ابن النجار.

وعن عروة بن رويم عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا عملت أمتي خمسًا؛ فعليهم الدمار: إذا ظهر فيهم التلاعن، وشربوا الخمر، ولبسوا الحرير، واتخذوا القينات، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء» .

رواه: البيهقي، وأبو نعيم في "الحلية".

وقد رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "وفيه عباد بن كثير الرملي: وثقه ابن معين وغيره، وضعفه جماعة".

وعن أشرس بن شيبان الهذلي؛ قال: "قلت لفرقد السبخي: أخبرني يا أبا يعقوب من تلك الغرائب التي قرأت في التوراة. فقال: يا أبا شيبان! والله ما أكذب على ربي (مرتين أو ثلاثًا"؛ لقد قرأت في التوراة: ليكونن مسخ وخسف وقذف في أمة محمد صلى الله عليه وسلم في أهل القبلة. قال: قلت: يا أبا يعقوب! ما أعمالهم؟ قال: باتخاذهم القينات، وضربهم بالدفوف، ولباسهم الحرير والذهب، ولئن بقيت حتى ترى أعمالًا ثلاثة؛ فاستيقن واستعد واحذر. قال: قلت: ما هي؟ قال: إذا تكافأ الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ورغبت العرب في آنية العجم؛ فعند ذلك. قلت له: العرب خاصة؟ قال: لا؛ بل أهل القبلة. ثم قال: والله؛ ليقذفن رجال من السماء بحجارة يشدخون بها في طرقهم وقبائلهم كما فعل بقوم لوط، وليمسخن آخرون قردة وخنازير كما فعل ببني إسرائيل، وليخسفن بقوم كما خسف بقارون ".

رواه ابن أبي الدنيا.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: «لا تقوم الساعة حتى ترضخ رؤوس أقوام بكواكب من السماء باستحلالهم عمل قوم لوط» .

ص: 246

رواه الديلمي.

وعن أنس رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيكون في هذه الأمة خسف ومسخ ورجف وقذف» .

رواه: أبو يعلى، والبزار.

وعن سعيد بن أبي راشد؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن في أمتي خسفًا ومسخًا وقذفًا» .

رواه: الطبراني، والبزار.

وعن جبير بن نفير؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتستصعبن الأرض بأهلها، حتى لا يكون على ظهرها أهل بيت مدر ولا وبر، وليبتلين آخر هذه الأمة بالرجف، فإن تابوا؛ تاب الله عليهم، وإن عادوا؛ عاد الله عليهم بالرجف والقذف والمسخ والصواعق» .

رواه ابن أبي الدنيا.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه قال: "يوشك أن لا تجدوا بيوتًا تكنكم؛ تهلكها الرواجف، ولا دواب تبلغوا عليها في أسفاركم؛ تهلكها الصواعق".

رواه نعيم بن حماد في "الفتن"، وتقدم ذكره قريبًا.

وعن طاوس: أنه قال: "يكون ثلاث رجفات: رجفة باليمن شديدة، ورجفة بالشام أشد منها، ورجفة بالمشرق".

رواه نعيم بن حماد في "الفتن".

وعن عبد الرحمن بن سابط؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"يكون في أمتي خسف وقذف ومسخ". قالوا: فمتى ذاك يا رسول الله؟ قال: "إذا أظهروا»

ص: 247

«المعازف واستحلوا الخمور"» .

رواه ابن أبي الدنيا.

وقد رواه ابن أبي شيبة، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"إن في أمتي خسفًا ومسخًا وقذفًا ". قالوا: يا رسول الله! وهم يشهدون أن لا إله إلا الله؟ قال: "نعم؛ إذا ظهرت المعازف والخمور ولبس الحرير» .

وعن الغازي بن ربيعة رفع الحديث؛ قال: «ليمسخن قوم وهم على أريكتهم قردة وخنازير؛ بشربهم الخمر، وضربهم بالبرابط والقيان» .

رواه ابن أبي الدنيا.

وعن صالح بن دريك رفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «ليستحلن ناس من أمتي الحرير والخمر والمعازف، وليأتين الله على أهل حاضر منهم عظيم بجبل حتى ينبذه عليهم، ويمسخ آخرون قردة وخنازير» .

رواه ابن أبي الدنيا.

وعن أبي العالية عن أبي كعب رضي الله عنه في قوله تبارك وتعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} الآية؛ قال: "هن أربع، وكلهن عذاب، وكلهن واقع لا محالة، فمضت اثنتان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة: فألبسوا شيعًا، وذاق بعضهم بأس بعض، وثنتان واقعتان لا محالة: الخسف، والرجم ".

رواه الإمام أحمد. قال الهيثمي: "ورجاله ثقات". قال: "والظاهر أن من قوله: "فمضت اثنتان....." إلى آخره من قول رفيع (يعني: أبا العالية) ؛ فإن أبي ابن كعب لم يتأخر إلى زمن الفتنة، والله أعلم".

وعن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة،

ص: 248

رواه ابن أبي شيبة.

وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "كيف أنتم إذا أتاكم زمان يخرج أحدكم من حجلته إلى حشه، فيرجع وقد مسخ قردًا، فيطلب مجلسه فلا يجده؟ ! ".

رواه ابن أبي شيبة.

وعن أبي أمامة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون في أمتي فزعة، فيصير الناس إلى علمائهم؛ فإذا هم قردة وخنازير» .

رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"، وفي إسناده ضعيف.

وعن مالك بن دينار؛ قال: "بلغني أن ريحًا تكون في آخر الزمان وظلمة، فيفزع الناس غلى علمائهم، فيجدونهم قد مسخوا".

رواه ابن أبي الدنيا.

وعن سالم بن أبي الجعد؛ قال: "ليأتين على الناس زمان يجتمعون فيه على باب رجل منهم، ينتظرون أن يخرج إليهم، فيطلبون إليه الحاجة، فيخرج إليهم وقد مسخ قردًا أو خنزيرًا، وليمرن الرجل على الرجل في حانوته يبيع، فيرجع عليه وقد مسخ قردًا أو خنزيرًا".

رواه ابن أبي الدنيا.

وعن أبي الزاهرية؛ قال: "لا تقوم الساعة حتى يمشي الرجلان إلى الأمر يعملانه، فيمسخ أحدهما قردًا أو خنزيرًا، فلا يمنع الذي نجا منهما ما رأى بصاحبه أن يمشي إلى شأنه ذلك حتى يقضي شهوته، وحتى يمشي الرجلان إلى الأمر يعملانه، فيخسف بأحدهما، فلا يمنع الذي نجا منهما ما رأى بصاحبه أن يمضي إلى شأنه ذلك حتى يقضي شهوته منه".

رواه ابن أبي الدنيا.

ص: 250

وعن عبد الرحمن بن غنم رضي الله عنه؛ قال: "يوشك أن يقعد أمتان على رحى، فتطحنان، فتمسخ إحداهما والأخرى تنظر".

رواه ابن أبي الدنيا.

وعنه أيضًا رضي الله عنه؛ قال: "سيكون خباآن متجاوران، فيشق بينهما نهر، فيسقيان منه بسهم واحد؛ يقبس بعضهم من بعض، فيصبحان يومًا من الأيام قد خسف بأحدهما والآخر حي".

رواه ابن أبي الدنيا.

باب

متى يكون الخسف والمسخ والقذف

عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"يكون في آخر هذه الأمة خسف ومسخ وقذف ". قالت: قلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم؛ إذا ظهر الخبث"» .

رواه الترمذي، وقال:"هذا حديث غريب".

وسيأتي حديث أم سلمة رضي الله عنها في ذكر الخسوف الثلاثة، وفيه:«قلت: يا رسول الله! أيخسف بالأرض وفيها الصالحون؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أكثر أهلها الخبث» .

باب

البداءة بأهل الظلم في الخسف والمسخ والقذف

عن جابر رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون في آخر أمتي»

ص: 251

«مسخ وقذف وخسف، ويبدأ بأهل المظالم» .

رواه البخاري في "الأدب المفرد".

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنه قال: "ليخسفن بالدار إلى جنب الدار، وبالدار إلى جنب الدار؛ حيث تكون المظالم ".

رواه ابن أبي شيبة.

باب

وقوع الخسف والمسخ والقذف في الزنادقة والقدرية

عن نافع؛ قال: بينما نحن عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قعودًا؛ إذ جاء رجل، فقال: إن فلانًا يقرأ عليك السلام (لرجل من أهل الشام) . فقال عبد الله: بلغني أنه أحدث حدثًا، فإن كان كذلك؛ فلا تقرأن عليه مني السلام؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«إنه سيكون في أمتي مسخ وقذف، وهو في الزنديقية والقدرية» .

رواه الإمام أحمد، وإسناده صحيح على شرط مسلم.

ورواه: الترمذي، وابن ماجه بنحوه، وعندهما أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يكون في هذه الأمة (أو: في أمتي) خسف أو مسخ أو قذف، في أهل القدر» . هذا لفظ الترمذي، وقال:"هذا حديث صحيح غريب".

وفي رواية ابن ماجه: «يكون في أمتي (أو: في هذه الأمة) مسخ وخسف وقذف، وذلك في أهل القدر» .

وقد أفادت رواية ابن ماجه أن (أو) في رواية الترمذي بمعنى الواو، وليست

ص: 252

للشك.

باب

ما جاء في الخسف بالقبائل

عن عبد الرحمن بن صحار العبدي عن أبيه رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يخسف بقبائل، فيقال: من بقي من بني فلان؟» . قال: فعرفت حين قال: "قبائل": أنها العرب؛ لأن العجم إنما تنسب إلى قراها.

رواه: الإمام أحمد، والطبراني، وأبو يعلى، والبزار. قال الهيثمي:"ورجاله ثقات ". وقد رواه: ابن أبي شيبة، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن أبي زيد الأنصاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليأتين على هذه الأمة يوم، يمسون يتساءلون: بمن خسف الليلة؛ كما يتساءلون بمن بقي من آل فلان؟ وهل بقي من آل فلان؟» .

رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده".

وعن معاذ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يخسف برجل كثير المال والولد» .

رواه نعيم بن حماد في "الفتن".

وروى عبد الرزاق في "مصنفه" عن معمر الزهري؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يخسف بقوم في مراتع الغنم، ولا تقوم الساعة حتى يخسف برجل كثير المال والولد» .

ص: 253