المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بابما جاء في المهدي - إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة - جـ ٢

[حمود بن عبد الله التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب أشراط الساعة

- ‌معنى الساعة

- ‌بابما جاء في ضعف الإيمان وقلته في آخر الزمان

- ‌بابما جاء في رفع الأمانة والحياء

- ‌بابما جاء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌بابفي عودة العلم جهلًا والجهل علمًا

- ‌بابما جاء في الذين يفتخرون بالقراءة والعلم

- ‌بابما جاء في الذين يتكلفون في قراءة التجويد

- ‌بابما جاء في قلة المال الحلال

- ‌بابما جاء في الزمان العضوض

- ‌بابما جاء في ظهور الزنا وكثرته

- ‌بابما جاء في استحلال الخمر بتغيير اسمها

- ‌بابما جاء في التطاول في البنيان

- ‌بابما جاء في الكنز الذي يقتتل عنده أبناء الخلفاء

- ‌بابما جاء في قيء الأرض للذهب والفضة

- ‌بابما جاء في التباغض والتلاعن وظهور العداوة

- ‌بابما جاء في الخسف ببعض المعادن

- ‌بابما جاء في خروج النار

- ‌بابما جاء في المهدي

- ‌بابما جاء في القحطاني

- ‌بابما جاء في تتابع الآيات

- ‌بابما جاء في أول الآيات خروجًا

- ‌باب‌‌ما جاء في ابن صياد

- ‌ما جاء في ابن صياد

- ‌بابمن أين يخرج الدجال

- ‌بابفي سبب خروج الدجال

- ‌بابالأمر بالمبادرة بالأعمال قبل خروج الدجال

- ‌بابفيما يعصم من الدجال

- ‌بابفي أشد الناس على الدجال

الفصل: ‌بابما جاء في المهدي

‌باب

ما جاء في المهدي

قد تقدمت الإشارة إليه في عدة أحاديث صحيحة في باب ما جاء في الخسف بالجيش الذي يغزو الكعبة:

منها حديث عائشة رضي الله عنها الذي رواه الإمام أحمد ومسلم.

ومنها حديث أم سلمة رضي الله عنها الذي رواه الإمام أحمد ومسلم.

ومنها حديث عائشة رضي الله عنها بمثله، رواه الإمام أحمد.

ومنها حديث حفصة رضي الله عنها الذي رواه الإمام أحمد ومسلم.

ووردت الإشارة إليه في حديث أنس رضي الله عنه الذي رواه البزار، وفي حديث أم حبيبة رضي الله عنها الذي رواه الطبراني في "الأوسط".

فهذه ستة أحاديث فيها الإشارة إلى المهدي.

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي؛ بأسانيد صحيحة.

وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".

قال: "وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة رضي الله عنهم ".

ص: 270

وفي رواية للترمذي عن عاصم -وهو ابن أبي النجود - عن زر عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» .

قال عاصم: وأخبرنا أبو صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم؛ لطول الله ذلك اليوم حتى يلي» .

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".

وفي رواية لأبي داود: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد؛ لطول الله ذلك اليوم، حتى يبعث فيه رجلًا مني (أو: من أهل بيتي) ، يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورا» .

وقد رواه ابن حبان في "صحيحه"، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة؛ لملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» .

وفي رواية له: «لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي؛ يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملأها قسطًا وعدلًا» .

وفي رواية له أخرى: «يخرج رجل من أهل بيتي؛ يواطئ اسمه اسمي، وخلقه خلقي، فيملأها قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا» .

وقد ذكر الحاكم في "مستدركه" حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي فيه: "ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم "، وذكر علته، وأنه إنما ذكره متعجبًا لا محتجًا به، ثم قال: "فإن أولى من هذا الحديث ذكره في هذا الموضع حديث سفيان الثوري وشعبة وزائدة وغيرهم من أئمة المسلمين عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «لا»

ص: 271

«تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي؛ يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا» .

قال الذهبي في "تلخيصه": "صحيح".

وقال الحاكم أيضا في موضع آخر من "المستدرك": "وطرق حديث عاصم بن زر عن عبد الله كلها صحيحة على ما أصلته في هذا الكتاب بالاحتجاج بأخبار عاصم بن أبي النجود؛ إذ هو إمام من أئمة المسلمين".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة؛ لملك فيها رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم» .

رواه ابن حبان في "صحيحه"، وقد رواه الترمذي موقوفًا، وتقدم ذكره.

وعن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلمًا وعدوانًا". قال: "ثم يخرج رجل من عترتي (أو: من أهل بيتي) يملؤها قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وعدوانًا» .

رواه: الإمام أحمد بإسناد صحيح على شرط الشيخين، وأبو يعلى، وابن خزيمة، وابن حبان في "صحيحيهما"، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

ورواه الإمام أحمد أيضًا من وجه آخر بإسناد صحيح على شرط مسلم، ولفظه:«لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي؛ أجلى، أقنى، يملأ الأرض عدلًا كما ملئت قبله ظلمًا، يكون سبع سنين» .

ورواه أيضا من وجه آخر بإسناد صحيح على شرط مسلم، ولفظه:«تملأ الأرض جورًا وظلمًا، فيخرج رجل من عترتي، يملك سبعًا أو تسعًا، فيملأ»

ص: 272

«الأرض قسطًا وعدلًا» .

وقد رواه الحاكم في "مستدركه" من هذا الوجه مختصرًا، وقال:"صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي في "تلخيصه".

ورواه الإمام أحمد أيضا من وجه آخر بإسناد حسن، ولفظه:«يكون من أمتي المهدي، فإن طال عمره أو قصر؛ عاش سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين؛ يملأ الأرض قسطًا وعدلًا، وتخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء قطرها» .

وفي رواية له أخرى من طريق زيد العمي؛ قال: سمعت أبا الصديق يحدث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: «خشينا أن يكون بعد نبينا حدث، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: "يخرج المهدي في أمتي خمسًا أو سبعًا أو تسعًا (زيد الشاك) ". قال: قلت: أي شيء؟ قال: "سنين". ثم قال: "يرسل السماء عليهم مدرارًا، ولا تدخر الأرض من نباتها شيئًا، ويكون المال كدوسًا" قال: "يجيء الرجل إليه، فيقول: يا مهدي! أعطني، أعطني، فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمل» .

وقد رواه الترمذي من هذا الوجه مختصرًا، وقال:"هذا حديث حسن".

قال: "وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ".

ورواه: ابن ماجه، والحاكم في "مستدركه"؛ من طريق زيد العمي أيضًا، ولفظهما: قال: «يكون في أمتي المهدي، إن قصر فسبع، وإلا فتسع، تنعم أمتي فيه نعمة لم ينعموا مثلها قط، تؤتي الأرض أكلها، ولا تدخر عنهم شيئًا، والمال يومئذ كدوس، يقوم الرجل، فيقول: يا مهدي! أعطني. فيقول: خذ» .

ورواه الإمام أحمد أيضًا من وجه آخر بإسناد حسن، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"أبشركم بالمهدي؛ يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل،»

ص: 273

«فيملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلما، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحًا". فقال له رجل: ما صحاحًا؟ قال: "بالسوية بين الناس". قال: "ويملأ الله قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غنى، ويسعهم عدله، حتى إنه يأمر مناديًا، فينادي فيقول: من له في مال حاجة؟ فما يقوم من الناس إلا رجل، فيقول: ائت السدان - يعني الخازن - فقل له: إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالًا، فيقول له: احث، حتى إذا جعله في حجره وأبرزه؛ ندم، فيقول: كنت أجشع أمة محمد نفسًا، أوعجز عني ما وسعهم؟ قال: فيرده، فلا يقبل منه، فيقال له: إنا لا نأخذ شيئًا أعطيناه. فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين، ثم لا خير في العيش بعده (أو قال: ثم لا خير في الحياة بعده) » .

وزاد في رواية أخرى بعد قوله: "ويملأ الله قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غنى": «فلا يحتاج أحد إلى أحد» .

قال الهيثمي: "رواه أحمد بأسانئد وأبو يعلى باختصار كثير، ورجالهما ثقات".

ورواه الحاكم في "مستدركه" من حديث النضر بن شميل: حدثنا سليمان بن عبيد: حدثنا أبو الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحًا، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعًا أو ثمانيًا (يعني: حججًا) » .

قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

ورواه أيضًا من حديث معاوية بن قرة عن أبي الصديق الناجي عن أبي

ص: 274

سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم، لم يسمع بلاء أشد منه، حتى تضيق عنهم الأرض الرحبة، وحتى تملأ الأرض جورًا وظلمًا، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم، فيبعث الله عز وجل رجلًا من عترتي، فيملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدخر الأرض من بذرها شيئًا إلا أخرجته، ولا السماء من قطرها شيئًا إلا صبه الله عليهم مدرارًا، يعيش فيهم سبع سنين أو ثمانيًا أو تسعًا، تتمنى الأحياء الأموات مما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من خيره» .

قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي فقال:"سنده مظلم".

قلت: وفيما تقدم من الروايات الصحيحة شاهد له.

وقد رواه أبو داود في "سننه"، والحاكم في "مستدركه"؛ من حديث عمران القطان عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهدي مني: أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا، ويملك سبع سنين» .

هذا لفظ أبي داود.

ولفظ الحاكم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهدي منا أهل البيت: أشم الأنف، أقنى، أجلى، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا، يعيش هكذا (وبسط يساره وأصبعين من يمينه المسبحة والإبهام وعقد ثلاثة) » .

قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي في "تلخيصه"، فقال: " عمران القطان ضعيف، ولم يخرج له مسلم. وقال المنذري: استشهد به البخاري، ووثقه عفان بن مسلم، وأحسن عليه الثناء

ص: 275

يحيى بن سعيد القطان، وضعفه يحيى بن معين والنسائي ".

ورواه أبو يعلى من طريق عدي بن أبي عمارة، ولفظه:«ليقومن على أمتي رجل من أهل بيتي، يوسع الأرض عدلًا كما وسعت ظلمًا، يملك سبع سنين» .

عدي بن أبي عمارة؛ قال العقيلي: "في حديثه اضطراب"، وبقية رجاله رجال الصحيح.

وعن علي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم؛ لبعث الله عز وجل رجلًا منا يملأها عدلًا كما ملئت جورًا» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود؛ بأسانيد صحيحة على شرط البخاري، وهذا لفظ أحمد.

ولفظ أبي داود: «لو لم يبق من الدهر إلا يوم؛ لبعث الله رجلًا من أهل بيتي يملؤها عدلًا كما ملئت جورًا» .

وعنه رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة» .

رواه: الإمام أحمد، وابن ماجه، وإسناد كل منهما حسن.

وقد اعترض أبو عبية على هذا الحديث، فقال في تعليقه على "النهاية" لابن كثير ما نصه:"والعجب أن يكون المهدي بعيدًا عن التوفيق والفهم والرشد، ثم تهبط عليه هذه المعاني فجأة في ليلة؛ ليكون في صبيحتها داعية هداية ومنقذ أمة".

والجواب أن يقال: من علم أن الله على كل شيء قدير، وأن الخير كله في يديه، وأنه إذا أراد بعبد خيرًا؛ هيأه لذلك متى أراد؛ لم يكن عنده شك وارتياب فيما جاء في هذا الحديث، وأما استبعاد ذلك والتعجب من وقوعه؛ فإنما

ص: 276

هو ناشئ عن التردد في كمال قردة الرب تبارك وتعالى ونفوذ مشيئته وإرادته.

وقوله: «يصلحه الله في ليلة» : يحتمل معنيين:

أحدهما: أن يكون المراد بذلك أن الله يصلحه للخلافة؛ أي: يهيئه لها.

والثاني: أن يكون متلبسًا ببعض النقائص، فيصلحه الله ويتوب عليه.

وهذا المعنى هو الذي قرره ابن كثير؛ كما سيأتي في كلامه على حديث أبي هريرة رضي الله عنه في ذكر الرايات السود التي تخرج من خراسان إن شاء الله تعالى.

وعن سعيد بن المسيب عن أم سلمة رضي الله عنها؛ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة» .

رواه: أبو داود، وابن ماجه، والحاكم في "مستدركه"، وهذا لفظ أبي داود.

ولفظ ابن ماجه: عن سعيد بن المسيب؛ قال: كنا عند أم سلمة رضي الله عنها، فتذاكرنا المهدي، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المهدي من ولد فاطمة» .

وفي رواية للحاكم: قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر المهدي، فقال:«نعم؛ هو حق، وهو من بني فاطمة» .

قال ابن الأثير: " (عترة الرجل) : أخص أقاربه، وعترة النبي صلى الله عليه وسلم: بنو عبد المطلب وقيل: أهل بيته الأقربون، وهم: أولاده، وعلي وأولاده. وقيل: عترته: الأقربون والأبعدون منهم". قال: "والمشهور المعروف أن عترته أهل بيته الذين حرمت عليهم الزكاة". انتهى.

ص: 277

وعن أبي إسحاق - وهو السبيعي - قال: قال علي رضي الله عنه، ونظر إلى ابنه الحسن، فقال:"إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم، يشبهه في الخلق، ولا يشبهه في الخلق (ثم ذكر قصة) ، يملأ الأرض عدلًا".

رواه أبو داود.

قوله: "يشبهه في الخلق ": هو بضم الخاء واللام. "ولا يشبهه في الخلق": بفتح الخاء وسكون اللام؛ أي يشبهه في الأخلاق والسيرة، ولا يشبهه في الصورة.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «ليقومن على أمتي من أهل بيتي أقنى أجلى، يوسع الأرض عدلًا كما أوسعت ظلمًا وجورًا، يملك سبع سنين» .

رواه أبو يعلى.

قال الهيثمي: "وفيه عدي بن أبي عمارة، قال العقيلي: في حديثه اضطراب، وبقية رجاله رجال الصحيح ".

وعن قرة بن إياس؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتملأن الأرض ظلمًا وجورًا، فإذا ملئت جورًا وظلمًا؛ بعث الله رجلًا مني، اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأها عدلًا وقسطًا كما ملئت جورًا وظلمًا، فلا تمنع السماء شيئًا من قطرها، ولا الأرض شيئًا من نباتها، يلبث فيكم سبعًا أو ثمانيًا أو تسعًا (يعني: سنين) » .

رواه: البزار، والطبراني في "الكبير" و "الأوسط". قال الهيثمي:"وفيه داود بن المحبر بن قحذم عن أبيه، وكلاهما ضعيف".

ص: 278

قلت: وما تقدم من الأحاديث الصحيحة يشهد له ويقويه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم المهدي، فقال:«إن قصر فسبع، وإلا فثمان، وإلا فتسع، وليملأن الأرض عدلًا وقسطًا كما ملئت جورًا وظلمًا» .

رواه البزار. قال الهيثمي: "ورجاله ثقات، وفي بعضهم بعض ضعف".

وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «يكون في أمتي المهدي: إن قصر فسبع، وإلا فثمان، وإلا فتسع، تنعم أمتي فيها نعمة لم ينعموا مثلها، ترسل السماء عليهم مدرارًا، ولا تدخر الأرض شيئًا من النبات، والمال كدوس، يقوم الرجل يقول: يا مهدي! أعطني. فيقول: خذ» .

رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "ورجاله ثقات".

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يخرج رجل من أمتي يقول بسنتي، ينزل الله عز وجل له القطر من السماء، وتخرج له الأرض بركتها، وتملأ الأرض منه قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا، يعمل على هذه الأمة سبع سنين، وينزل بيت المقدس» .

رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "وفيه من لم أعرفهم".

وقد تقدم في (باب ما جاء في عمارة بيت المقدس) حديث عبد الله بن حوالة الأزدي رضي الله عنه؛ قال: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسي أو على هامتي، ثم قال:«يا ابن حوالة! إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة؛ فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه إلى رأسك» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود، والبخاري في "تاريخه"، والحاكم في

ص: 279

"مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وفي هذا الحديث الصحيح إشارة إلى ما جاء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن المهدي ينزل بيت المقدس.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لن تهلك أمة أنا في أولها، وعيسى ابن مريم في آخرها، والمهدي في وسطها» .

رواه النسائي وغيره.

وعن أبي الطفيل عن محمد بن الحنفية؛ قال: كنا عند علي رضي الله عنه، فسأله رجل عن المهدي، فقال علي رضي الله عنه: هيهات. ثم عقد بيده سبعًا، فقال:"ذاك يخرج في آخر الزمان، إذا قال الرجل: الله الله؛ قتل، فيجمع الله تعالى له قومًا قزع كقزع السحاب، يؤلف الله بين قلوبهم، لا يستوحشون إلى أحد، ولا يفرحون بأحد، يدخل فيهم على عدة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون، وعلى عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ".

قال أبو الطفيل: قال ابن الحنفية: أتريده؟ قلت: نعم. قال: إنه يخرج من بين هذين الأخشبين. قلت: لا جرم، والله لا أريمهما حتى أموت، فمات بها؛ يعني مكة.

رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن صالح أبي الخليل عن صاحب له عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة»

ص: 280

«هاربًا إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة، فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث من الشام، فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة، فإذا رأى الناس ذلك؛ أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق، فيبايعونه، ثم ينشأ رجل من قريش، أخواله كلب، فيبعث إليهم بعثًا، فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب، والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب، فيقسم المال، ويعمل في الناس بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض، فيلبث سبع سنين، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود، وهذا لفظه.

وفي رواية لهما: " «فيلبث تسع سنين» .

ورواه أبو داود أيضًا من حديث أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ بهذا.

وقد رواه الحاكم في "مستدركه" من هذا الوجه، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"يبايع لرجل من أمتي بين الركن والمقام كعدة أهل بدر، فيأتيه عصب العراق وأبدال الشام، فيأتيهم جيش من الشام، حتى إذا كانوا بالبيداء؛ خسف بهم، ثم يسير إليه رجل من قريش، أخواله كلب، فيهزمهم الله» . قال: "وكان يقال: إن الخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب".

فيه أبو العوام عمران القطان، وقد تقدم الكلام فيه قريبًا.

وقد روى الحاكم بعده من حديث سليمان بن بلال عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «المحروم من حرم غنيمة كلب، ولو عقالًا، والذي نفسي بيده؛ لتباعن نساؤهم على درج دمشق، حتى ترد المرأة من كسر يوجد بساقها» .

ص: 281

قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وهذا الحديث يشهد لما قبله ويقويه.

وقد رواه ابن حبان في "صحيحه" من حديث صالح أبي الخليل عن مجاهد عن أم سلمة رضي الله عنها؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون اختلاف عند موت خليفة، يخرج رجل من قريش من أهل المدينة إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة، فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، فيبتعثون إليه جيشًا من أهل الشام، فإذا كانوا بالبيداء؛ خسف بهم، فإذا بلغ الناس ذلك؛ أتاه أهل الشام وعصائب من أهل العراق، فيبايعونه، وينشأ رجل من قريش، أخواله من كلب، فيبتعثون إليهم جيشًا، فيهزمونهم ويظهرون عليهم، فيقسم بين الناس فيأهم، ويعمل فيهم بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض، يمكث سبع سنين» . ورواه الطبراني في "الأوسط" بنحوه مختصرًا. قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح".

ورواه أيضًا في "الكبير" و "الأوسط" بنحو رواية الحاكم. قال الهيثمي: "وفيه عمران القطان، وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح ".

ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" عن معمر عن قتادة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من المدينة، فيأتي مكة، فيستخرجه الناس من بيته وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام فيبعث إليه جيش من الشام، حتى إذا كانوا بالبيداء؛ خسف بهم، فيأتيه عصائب العراق وأبدال الشام، فيبايعونه، فيستخرج الكنوز، ويقسم المال، ويلقي الإسلام بجرانه إلى»

ص: 282

«الأرض، يعيش في ذلك سبع سنين (أو قال: تسع سنين) » .

وعن سعيد بن سمعان؛ قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يحدث أبا قتادة رضي الله عنه وهو يطوف بالبيت، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يبايع لرجل بين الركن والمقام، وأول من يستحل هذا البيت أهله

» الحديث.

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي واللفظ له، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه" وصححه، وإسناد أحمد والطيالسي جيد قوي.

وسيأتي الحديث بتمامه في: (باب ما جاء في استحلال البيت الحرام وتخريبه) إن شاء الله تعالى.

وعن أم سلمة رضي الله عنها؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يسير ملك المغرب إلى ملك المشرق، فيقتله، فيبعث جيشًا إلى المدينة، فيخسف بهم، ثم يبعث جيشًا، فيعوذ عائذ إلى الحرم، فيجتمع الناس إليه كالطير الواردة المتفرقة، حتى يجتمع إليه ثلاثمائة وأربعة عشر رجلًا، فيهم نسوة، فيظهر على كل جبار وابن جبار، ويظهر من العدل ما يتمنى له الأحياء أمواتهم، فيحيا سبع سنين، ثم ما تحت الأرض خير مما فوقها» .

رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "وفيه ليث بن أبي سليم، وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق، وعامة من يتبعه من كلب، فيقتل، حتى يبقر بطون النساء، ويقتل النساء، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرة، فيبلغ السفياني، فيبعث إليه جندًا من جنده، فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمن معه، حتى إذا صاروا ببيداء من»

ص: 283

«الأرض؛ خسف بهم، فلا ينجو منهم إلا المخبر عنهم» .

رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعنه رضي الله عنه؛ قال: حدثني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم؛ قال: «"لا تقوم الساعة حتى يخرج إليهم رجل من أهل بيتي، فيضربهم حتى يرجعوا إلى الحق". قال: قلت: وكم يملك؟ قال: "خمس واثنتين". قال: قلت: ما خمس واثنتين؟ قال: "لا أدري» .

رواه أبو يعلى. قال الهيثمي: "وفيه المرجى بن رجاء، وثقه أبو زرعة وضعفه ابن معين، وبقية رجاله ثقات".

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنه قال: "ستكون فتنة يحصل الناس منها كما يحصل الذهب في المعدن، فلا تسبوا أهل الشام، وسبوا ظلمتهم؛ فإن فيهم الأبدال، وسيرسل الله إليهم سيبًا من السماء، فيغرقهم، حتى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم، ثم يبعث الله عند ذلك رجلًا من عترة الرسول صلى الله عليه وسلم، في اثني عشر ألفًا إن قلوا وخمسة عشر ألفا إن كثروا، أمارتهم (أو: علامتهم) : أمت أمت، على ثلاث رايات، يقاتلهم أهل سبع رايات، ليس من صاحب راية؛ إلا وهو يطمع بالملك، فيقتتلون ويهزمون، ثم يظهر الهاشمي، فيرد الله إلى الناس إلفتهم ونعمتهم، فيكونون على ذلك حتى يخرج الدجال ".

رواه نعيم بن حماد في "الفتن"، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وقد رواه الطبراني في "الأوسط" بنحوه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال الهيثمي: "وفيه ابن لهيعة، وهو لين، وبقية رجاله ثقات".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجيش الروم»

ص: 284

«على وال من عترتي، اسمه يواطئ اسمي

» الحديث.

رواه: الخطيب في "المتفق والمفترق"، وقد تقدم بتمامه في (باب ما جاء في الملحمة الكبرى) ؛ فليراجع هناك.

وعن أبي سعيد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «ستكون بعدي فتن، منها فتنة الأحلاس، يكون فيها هرب وحرب، ثم بعدها فتن أشد منها، ثم تكون فتنة، كلما قيل: انقطعت؛ تمادت، حتى لا يبقى بيت إلا دخلته، ولا مسلم إلا شكته، حتى يخرج رجل من عترتي» .

رواه نعيم بن حماد في "الفتن".

وعن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيكون من بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا، ثم يؤمر القحطاني، فوالذي بعثني بالحق؛ ما هو دونه» .

رواه نعيم بن حماد في "الفتن"، والطبراني. قال الهيثمي:"وفيه جماعة لم أعرفهم".

وعن عقبة بن أوس عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنه قال: "وجدت في بعض الكتب يوم اليرموك: أبو بكر الصديق أصبتم اسمه، عمر الفاروق قرنًا من حديد أصبتم اسمه، عثمان ذو النورين كفلين من الرحمة لأنه يقتل مظومًا أصبتم اسمه". قال: "ثم يكون ملك الأرض المقدسة وابنه". قال عقبة: قلت لعبد الله: سمهما. قال: " معاوية وابنه، ثم يكون سفاح، ثم يكون منصور، ثم يكون جابر، ثم مهدي، ثم يكون الأمين، ثم يكون سين ولام (يعني: صلاحًا وعاقبة) ، ثم يكون أمراء العصب ستة، منهم من ولد كعب بن لؤي، ورجل من قحطان، كلهم صالح لا يرى مثله". قال أيوب: فكان ابن

ص: 285

سيرين إذا حدث بهذا الحديث؛ قال: يكون على الناس ملوك بأعمالهم.

ذكر هذا الأثر الأزهري، ونقله عنه ابن منظور في "لسان العرب".

قال الأزهري: "هذا حديث عجيب وإسناده صحيح".

وعن عبد الله (وهو ابن مسعود رضي الله عنه ؛ قال: «بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم اغرورقت عيناه وتغير لونه، قال: فقلت: ما نزال ترى في وجهك شيئًا نكرهه. فقال: "إنا أهل بيت، اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدًا وتطريدًا، حتى يأتي قوم من قبل المشرق، ومعهم رايات سود، فيسألون الخير فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي، فيملؤوها قسطًا كما ملؤوها جورًا، فمن أدرك ذلك منكم؛ فليأتهم ولو حبوًا على الثلج» .

رواه ابن ماجه.

قال ابن كثير في "النهاية": "في هذا السياق إشارة إلى ملك بني العباس، وفيه دلالة على أن المهدي يكون بعد دولة بني العباس، وأنه يكون من أهل البيت، من ذرية فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم من ولد الحسن لا الحسين؛ كما تقدم النص على ذلك في الحديث المروي عن علي بن أبي طالب، والله أعلم.

قلت: سيأتي في كلام ابن كثير على حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الرايات السود ليست هي التي أتى بها أبو مسلم الخراساني، وإنما هي رايات سود تأتي صحبة المهدي، وهذا هو الظاهر من حديث ابن مسعود رضي الله عنه؛ فإن سياقه في ذكر المهدي لا في ذكر بني العباس، ويدل على ذلك ما يأتي من حديث علي وثوبان وعبد الله بن جزء الزبيدي. والله أعلم.

ص: 286

وعن هلال بن عمرو؛ قال: سمعت عليًا يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يخرج رجل من وراء النهر يقال له: الحارث حراث، على مقدمته رجل يقال له: منصور، يوطئ (أو: يمكن) لآل محمد كما مكنت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وجب على كل مؤمن نصره (أو قال: إجابته) » . رواه أبو داود. قال المنذري: "هذا منقطع، قال فيه أبو داود: قال هارون؛ يعني: ابن المغيرة ". وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي: " هلال بن عمرو، وهو غير مشهور عن علي ".

قلت: وفيه أبو الحسن، راويه عن هلال بن عمرو، وهو وشيخه مجهولان.

وعن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج ناس من المشرق، فيوطئون للمهدي (يعني: سلطانه) » .

رواه: ابن ماجه، والطبراني في "الأوسط"، وإسناده ضعيف.

وعن ثوبان رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"يقتتل عند كنزكم ثلاثة، كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلًا لم يقتله قوم"، ثم ذكر شيئًا لا أحفظه، فقال: "فإذا رأيتموه؛ فبايعوه، ولو حبوًا على الثلج؛ فإنه خليفة الله المهدي» .

رواه: ابن ماجه بإسناد، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

ورواه الإمام أحمد مختصرًا، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان؛ فأتوها؛ فإن فيها خليفة الله»

ص: 287

«المهدي» .

فيه علي بن زيد بن جدعان، روى له مسلم مقرونًا بغيره، وهو حسن الحديث، وبقية رجاله رجال الصحيح.

ورواه الحاكم بنحوه، وزاد:«فأتوها ولو حبوًا» ، ثم قال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج من خراسان رايات سود فلا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء» .

رواه: الإمام أحمد، والترمذي، وقال:"هذا حديث غريب حسن".

وعن علي رضي الله عنه: أنه قال: "والذي نفسي بيده؛ لا يذهب الليل حتى تجيء الرايات السود من قبل خراسان، حتى يوثقوا خيولهم بنخلات بيسان والفرات".

رواه ابن المنادي.

قال ابن كثير في "النهاية": "وهذه الرايات ليست هي التي أقبل بها أبو مسلم الخراساني فاستلب بها دولة بني أمية في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، بل رايات سود أخر تأتي صحبة المهدي، وهو محمد بن عبد الله العلوي الفاطمي الحسني رضي الله عنه، يصلحه الله في ليلة واحدة (أي: يتوب عليه ويوفقه ويلهمه رشده بعد أن لم يكن كذلك) ، ويؤيده بناس من أهل المشرق، ينصرونه ويقيمون سلطانه، وتكون راياتهم سودًا أيضًا، وهو زي عليه الوقار؛ لأن راية الرسول صلى الله عليه وسلم كانت سوداء، يقال لها: العقاب، وقد ركزها خالد بن الوليد على الثنية التي شرقي دمشق حين أقبل من العراق، فعرفت بها الثنية، فهي إلى الآن يقال لها: ثنية العقاب، وقد كانت عقابًا على الكفار من نصارى الروم ولمن كان

ص: 288

معهم وبعدهم إلى يوم الدين، ولله الحمد".

وكذلك دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح إلى مكة وعلى رأسه المغفر، وكان أسود، وجاء في حديث: أنه كان متعممًا بعمامة سوداء فوق البياض صلوات الله وسلامه عليه.

والمقصود: أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون أصل ظهوره وخروجه من ناحية المشرق، ويبايع له عند البيت؛ كما دل على ذلك بعض الأحاديث. انتهى.

فصل

وأحاديث المهدي التي ذكرنا فيها صحاح وحسان وغرائب ضعيفة، ولم أذكر من الضعيف إلا ما كان له شاهد من الصحاح أو الحسان، وفي الصحاح كفاية في إثبات خروج المهدي في آخر الزمان، وهي حجة قاطعة على من أنكر خروجه من العصريين.

وقد قال أبو جعفر العقيلي: "في المهدي أحاديث جياد".

وقال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في رده على الرافضي: "والأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة"، ثم ذكر طرفًا منها، وسيأتي ذلك في كلامه قريبًا إن شاء الله تعالى.

وقال الشوكاني: "الأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثًا، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة" انتهى.

وقال صديق بن حسن في كتابه "الإذاعة": "أحاديث المهدي عند

ص: 289

الترمذي وأبي داود وابن ماجه والحاكم والطبراني وأبي يعلى الموصلي، وأسندوها إلى جماعة من الصحابة، فتعرض المنكرين لها ليس كما ينبغي، والحديث يشد بعضه بعضًا، ويتقوى أمره بالشواهد والمتابعات، وأحاديث المهدي بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف، وأمره مشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار، وأنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت النبوي يؤيد الدين ويظهر العدل، ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية، ويسمى بالمهدي، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره، وأن عيسى ينزل من بعده، فيقتل الدجال، أو ينزل معه، فيساعده على قتله

".

إلى أن قال: "وقد جمع السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير اليماني الأحاديث القاضية بخروج المهدي، وأنه من آل محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه يظهر في آخر الزمان".

ثم قال: "ولم يأت تعيين زمنه؛ إلا أنه يخرج قبل خروج الدجال ". انتهى.

فصل

قال أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري في كتاب "مناقب الشافعي ": "قد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلًا، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه". انتهى.

وقد نقله ابن القيم عنه في كتاب "المنار المنيف" وأقره.

وقال ابن حجر الهيتمي في "القول المختصر": "الذي يتعين اعتقاده ما

ص: 290

دلت عليه الأحاديث الصحيحة من وجود المهدي المنتظر الذي يخرج الدجال وعيسى في زمانه ويصلي عيسى خلفه". انتهى.

وقال السفاريني في كتابه "لوائح الأنوار البهية": "وقد كثرت الروايات بخروجه (يعني: المهدي) ، حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم

".

إلى أن قال: "وقد روي عن بعض الصحابة بروايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم، ما يفيد مجموعه العلم القطعي، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة". انتهى.

وقال السفاريني أيضًا: "قال بعض حفاظ الأمة وأعيان الأئمة: إن كون المهدي من ذريته صلى الله عليه وسلم مما تواتر عنه ذلك؛ فلا يسوغ العدول عنه ولا الالتفات إلى غيره ". انتهى.

وقال محمد البرزنجي في كتابه "الإشاعة": "أحاديث وجود المهدي وخروجه آخر الزمان وأنه من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولد فاطمة رضي الله عنها بلغت حد التواتر المعنوي؛ فلا معنى لإنكارها". انتهى.

وقال العلامة محمد بن علي الشوكاني في كتابه "التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المتتظر والدجال والمسيح": "الأحاديث الواردة في المهدي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي؛ فهي كثيرة أيضًا، لها حكم الرفع؛ إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك". انتهى.

وقال الشوكاني أيضًا: "الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة،

ص: 291

والأحاديث الواردة في الدجال متواترة، والأحاديث الواردة في نزول عيسى ابن مريم متواترة". انتهى.

وقال صديق بن حسن في كتابه "الإذاعة": "الأحاديث الواردة فيه (أي: في المهدي) على اختلاف رواياتها كثيرة جدًا، تبلغ حد التواتر، وهي في السنن وغيرها من دواوين الإسلام من المعاجم والمسانيد".

وقال صديق أيضًا ما ملخصه: "لا شك أن المهدي يخرج في آخر الزمان؛ لما تواتر من الأخبار في الباب، واتفق عليه جمهور الأمة خلفًا عن سلف؛ إلا من لا يعتد بخلافه.....".

إلى أن قال: "لا معنى للريب في أمر الفاطمي الموعود المنتظر المدلول عليه بالأدلة، بل إنكار ذلك جرأة عظيمة في مقابلة النصوص المستفيضة المشهورة البالغة إلى حد التواتر". انتهى.

ومما ذكرنا يعلم أن من أنكر خروج المهدي؛ فقد خالف ما عليه أهل السنة والجماعة.

فصل

وقد قال أبو عبية في تعليقه على "النهاية" لابن كثير في (ص37) ما نصه: "يلاحظ أن كل ما ورد من أحاديث تتعلق بالمهدي وظهوره إنما هو أحاديث ضعيفة، على رغم كثرتها ووفرتها وجمع بعض الناس لها في كتب خاصة بها، وهي بالتالي لا تلزم المسلم اعتقاد مضمونها، وليس ما يمنع شرعًا من أن يفهم المسلم أن المهدي رمز إلى انتصار الحق والخير".

وقال أيضًا في (ص42) : "وليس هناك دليل صحيح قاطع الدلالة على أن من يسمى بالمهدي سيظهر داعيًا إلى دين الله على ما وردت به بعض

ص: 292

الأحاديث الضعيفة؛ كما سبق بيانه، ولهذا فنحن نميل إلى أن المهدي رمز إلى انتصار دعوة الحق على نزعات الباطل وشروره".

وقال نحو ذلك في تقديمه لكتاب "النهاية".

والجواب عن هذا من وجوه:

أحدها: أن يقال: قد صحت الأحاديث في خروج المهدي كما تقدم بيان ذلك في كثير من الأحاديث التي ذكرنا، ولا عبرة بمن جهل ذلك من العصريين الذين ليست لهم بصيرة يميزون بها بين الصحيح من الحديث وبين الضعيف منه.

الوجه الثاني: أن أبا عبية قد أخطأ خطأ كبيرًا في حكمه بالضعف على جميع الأحاديث التي تتعلق بظهور المهدي، ولا يخلو في حكمه عليها من أحد أمرين، كل منهما عظيم:

أحدهما: أن يكون جاهلًا بأحاديث المهدي، بحيث لا يميز بين الصحيح منها والضعيف، وعلى هذا يكون حكمه عليها بالضعف من اتباع الظن، وقد قال الله تعالى:{إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث» ، متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

والثاني: أن يكون عالمًا بما فيها من الأحاديث الصحيحة، ومع ذلك حكم عليها بالضعف مكابرة وتقليدًا لبعض من يشار إليهم من العصريين، وعلى هذا يكون قد رد الأحاديث الصحيحة متعمدًا، وما أعظم ذلك.

الوجه الثالث: قد ذكرت في أول الكتاب أن كل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بوقوعه؛ فالإيمان به واجب على كل مسلم، وذلك من تحقيق الشهادة بأنه

ص: 293

رسول الله، وقد قال الله تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} .

وليس التواتر في الأخبار عن المغيبات شرطًا لوجوب الإيمان بها كما قد زعم ذلك بعض أهل البدع ومن تبعهم من المتفقهة المقلدة وغيرهم من جهلة العصريين، بل كل ما صح سنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالإيمان به واجب، سواء كان متواترًا أو أخبار آحاد، وهذا قول أهل السنة والجماعة.

قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "كل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد جيد؛ أقررنا به، وإذا لم نقر بما جاء به الرسول ودفعناه ورددناه؛ رددنا على الله أمره، قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ".

الوجه الرابع: قد تقدم ما قاله الآبري والهيتمي والسفاريني والبرزنجي والشوكاني وصديق بن حسن في أحاديث المهدي أنها قد بلغت حد التواتر، وأنه لا معنى لإنكارها.

الوجه الخامس: أن ما ذهب إليه أبو عبية من كون المهدي رمزًا لانتصار دعوة الحق على نزعات الباطل وشروره مردود بأمور منصوص عليها في الأحاديث الصحيحة: منها: أن المهدي رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وعترته. ومنها: أن اسمه يواطئ اسم النبي صلى الله عليه وسلم واسم أبيه يواطئ اسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها: أن خلقه يشبه خلق النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها: وصفه بأنه أشم الأنف أقنى أجلى، وسيأتي تفسير هذه الصفات قريبًا إن شاء الله تعالى. ومنها: أنه يملك العرب. ومنها: أنه يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا.

وكل جملة من هذه الجمل الست كافية في رد ما ذهب إليه أبو عبية؛ فكيف وقد اجتمعت كلها على رد قوله الذي هو من تحريف الكلم عن مواضعه؟ .

ص: 294

فصل

فأما الحديث الذي رواه ابن ماجه والحاكم من طريق يونس بن عبد الأعلى الصدفي: حدثنا محمد بن إدريس الشافعي: حدثني محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدبارًا، ولا الناس إلا شحًا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا المهدي إلا عيسى ابن مريم» ؛ فإنه حديث معلول عند المحققين، وعلى تقدير صحته؛ فقد جمع ابن القيم وابن كثير وغيرهما بينه وبين أحاديث المهدي بجمع حسن؛ كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.

وقد قال الحاكم بعد إخراجه: "قال صامت بن معاذ: عدلت إلى الجند مسيرة يومين من صنعاء، فدخلت على محدث لهم، فطلبت هذا الحديث، فوجدته عنده عن محمد بن خالد الجندي عن أبان بن أبي عياش عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وقد روي بعض هذا المتن عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

".

ثم ساق الحاكم هذا الحديث، وليس منه:«ولا مهدي إلا عيسى» ، ثم قال:"فذكرت ما انتهى إلي من علة هذا الحديث تعجبًا لا محتجًا به في "المستدرك على الشيخين"، فإن أولى من هذا الحديث ذكره في هذا الموضع حديث سفيان الثوري وشعبة وزائدة وغيرهم من أئمة المسلمين عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا» .

ص: 295

وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في "الميزان": " محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح: روى عنه الشافعي، قال الأزدي: منكر الحديث، وقال أبو عبد الله الحاكم: مجهول". قال الذهبي: "حديثه: «لا مهدي إلا عيسى ابن مريم» : هو خبر منكر، أخرجه ابن ماجه، ووقع لنا موافقه من حديث يونس بن عبد الأعلى، وهو ثقة، تفرد به عن الشافعي، فقال في روايتنا: "عن"؛ هكذا: "عن الشافعي ". وقال في جزء عتيق بمرة عندي من حديث يونس بن عبد الأعلى؛ قال: "حدثت عن الشافعي "؛ فهو على هذا منقطع. على أن جماعة رووه عن يونس؛ قال: "حدثنا الشافعي "، والصحيح أنه لم يسمعه منه، وأبان بن صالح صدوق، وما علمت به بأسًا، لكن قيل: إنه لم يسمع من الحسن، ذكره ابن الصلاح في "أماليه"، ثم قال: محمد بن خالد شيخ مجهول".

قال الذهبي: "قد وثقه يحيى بن معين، وروى عنه ثلاثة رجال سوى الشافعي.

وللحديث علة أخرى. قال البيهقي: أخبرنا الحاكم: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن يزداد المزكي من كتابه: حدثنا عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بمصر: حدثنا المفضل بن محمد الجندي: حدثنا صامت بن معاذ؛ قال: عدلت إلى الجند.... فدخلت على محدث لهم، فوجدت عنده عن محمد بن خالد الجندي عن أبان بن أبي عياش عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ".

قال الذهبي: "فانكشف ووهى". انتهى.

وقال البيهقي: "تفرد به محمد بن خالد ".

وقد قال الحاكم أبو عبد الله: "هو مجهول، وقد اختلف عليه في إسناده،

ص: 296

فروي عنه عن أبان بن أبي عياش عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ". قال: "فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد - وهو مجهول - عن أبان بن أبي عياش - وهو متروك - عن الحسن - وهو منقطع - والأحاديث الدالة على خروج المهدي أصح إسنادًا".انتهى.

وقال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في رده على الرافضي: " الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة، رواها أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم من حديث ابن مسعود وغيره؛ كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن مسعود:

«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم؛ لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه رجل مني (أو: من أهل بيتي) ، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا» .

ورواه الترمذي وأبو داود من رواية أم سلمة، وأيضًا فيه:«المهدي من عترتي من ولد فاطمة» .

ورواه أبو داود من طريق أبي سعيد، وفيه:«يملك الأرض سبع سنين» .

ورواه عن علي رضي الله عنه: أنه نظر إلى الحسن، وقال:"إن ابني هذا سيد كما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم، يشبهه في الخلق، ولا يشبهه في الخلق، يملأ الأرض قسطًا".

وهذه الأحاديث غلط فيها طوائف:

طائفة أنكروها واحتجوا بحديث ابن ماجه: أن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «لا مهدي إلا عيسى ابن مريم» ، وهذا الحديث ضعيف، وقد اعتمد أبو محمد بن الوليد البغدادي وغيره عليه، وليس مما يعتمد عليه، ورواه ابن ماجه عن يونس

ص: 297

عن الشافعي، والشافعي رواه عن رجل من أهل اليمن يقال له: محمد بن خالد الجندي، وهو ممن لا يحتج به، وليس هذا في "مسند الشافعي "، وقد قيل: إن الشافعي لم يسمعه من الجندي، وإن يونس لم يسمعه من الشافعي.

الثاني: أن الاثني عشرية الذين ادعوا أن هذا هو مهديهم، مهديهم اسمه محمد بن الحسن، والمهدي الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم اسمه محمد بن عبد الله، ولهذا حذفت طائفة لفظ الأب حتى لا يناقض ما كذبت، وطائفة حرفته، فقالت: جده الحسين، وكنيته أبو عبد الله؛ فمعناه محمد بن أبي عبد الله، وجعلت الكنية اسمًا، ومن له أدنى نظر؛ يعرف أن هذا تحريف وكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهل يفهم أحد من قوله:«يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي» إلا أن اسم أبيه عبد الله؟ ! وأيضًا؛ فإن المهدي المنعوت من ولد الحسن بن علي لا من ولد الحسين؛ كما تقدم لفظ حديث علي.

الثالث: أن طوائف ادعى كل منهم أنه المهدي المبشر به. مثل مهدي القرامطة الباطنية الذي أقام دعوتهم بالمغرب، وهم من ولد ميمون القداح، وادعوا أن ميمونًا هذا من ولد محمد بن إسماعيل، وإلى ذلك انتسب الإسماعيلية، وهم ملاحدة في الباطن، خارجون عن جميع الملل، وأكفر من الغالية كالنصيرية، ومذهبهم مركب من مذهب المجوس والصابئة والفلاسفة، مع إظهار التشيع، وجدهم رجل يهودي كان ربيبًا لرجل مجوسي، وقد كانت لهم دولة وأتباع، وقد صنف العلماء كتبًا في كشف أسرارهم وهتك أستارهم؛ مثل كتاب القاضي أبي بكر الباقلاني، والقاضي عبد الجبار الهمذاني، وكتاب الغزالي، ونحوهم.

وممن ادعى أنه المهدي ابن التومرت الذي خرج أيضا بالمغرب، وسمى أصحابه الموحدين، وكان يقال له في خطبهم: الإمام المعصوم والمهدي

ص: 298

المعلوم الذي يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا، وهذا ادعى أنه من ولد الحسن دون الحسين؛ فإنه لم يكن رافضيًا، وكان له من الخبرة بالحديث ما ادعى به دعوى تطابق الحديث، وقد علم بالاضطرار أنه ليس هو الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم.

ومثل عدة آخرين ادعوا ذلك منهم من قبل، ومنهم من ادعى ذلك فيه أصحابه، وهؤلاء كثيرون لا يحصي عددهم إلا الله، وربما حصل بأحدهم نفع لقوم، وإن حصل به ضرر لآخرين كما حصل بمهدي المغرب؛ انتفع به طوائف، وانضر به طوائف، وكان فيه ما يحمد، وكان فيه ما يذم، وبكل حال؛ فهو وأمثاله خير من مهدي الرافضة الذي ليس له عين ولا أثر ولا يعرف له حس ولا خبر، لم ينتفع به أحد لا في الدنيا ولا في الدين، بل حصل باعتقاد وجوده من الشر والفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد". انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى.

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه "المنار المنيف" ما نصه: "وسئلت عن حديث: «لا مهدي إلا عيسى ابن مريم» فكيف يأتلف هذا مع أحاديث المهدي وخروجه؟ ! وما وجه الجمع بينهما؟ ! وهل في المهدي حديث أم لا؟ .

فأما حديث: «لا مهدي إلا عيسى ابن مريم» ؛ فرواه ابن ماجه في "سننه" عن يونس بن عبد الأعلى عن الشافعي عن محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مما تفرد به محمد بن خالد.

قال أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري في كتاب "مناقب الشافعي ": محمد بن خالد هذا غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل، وقد

ص: 299

تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلًا، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه.

وقال البيهقي: تفرد به محمد بن خالد هذا، وقد قال الحاكم أبو عبد الله: هو مجهول. وقد اختلف عليه في إسناده، فروي عنه عن أبان بن أبي عياش عن الحسن مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد - وهو مجهول - عن أبان بن أبي عياش - وهو متروك - عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو منقطع - والأحاديث على خروج المهدي أصح إسنادًا.

قلت: كحديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم؛ لطول الله ذلك اليوم، حتى يبعث رجلًا مني (أو: من أهل بيتي) ، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا» .

رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. قال: وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة. ثم روى حديث أبي هريرة، وقال: حسن صحيح. انتهى.

وفي الباب عن حذيفة بن اليمان وأبي أمامة الباهلي وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرو بن العاص وثوبان وأنس بن مالك وجابر وابن عباس وغيرهم.

وفي "سنن أبي داود " عن علي رضي الله عنه: أنه نظر إلى ابنه الحسن، فقال:"إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم، يشبهه في الخلق، ولا يشبهه في الخلق، يملأ الأرض عدلًا".

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ص: 300

«المهدي مني: أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا، يملك سبع سنين» . رواه أبو داود بإسناد جيد من حديث عمران بن داور العمي القطان، وقال:"حسن الحديث عن قتادة عن أبي الصديق الناجي عنه"، وروى الترمذي نحوه من وجه آخر.

وروى أبو داود من حديث صالح بن أبي مريم أبي الخليل الضبعي عن صاحب له عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربًا إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة، فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه جيش من الشام، فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة، فإذا رأى الناس ذلك؛ أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق، فيبايعونه، ثم ينشئ رجل من قريش، أخواله كلب، فيبعث إليهم بعثًا، فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب، والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب، فيقسم المال، ويعمل في الناس بسنة نبيهم، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض، فيلبث سبع سنين، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون» .

وفي رواية: «فيلبث تسع سنين» .

ورواه الإمام أحمد باللفظين. ورواه أبو داود من وجه آخر عن قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم سلمة نحوه. ورواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" من حديث قتادة عن صالح أبي الخليل عن صاحب له، وربما قال:" صالح عن مجاهد عن أم سلمة "، والحديث حسن، ومثله مما يجوز أن يقال فيه: صحيح.

وقال ابن ماجه في "سننه": حدثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثنا أبو داود الحفري: حدثنا ياسين عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي رضي

ص: 301

الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج ناس من أهل المشرق، فيوطئون للمهدي سلطانه» .

وذكر أبو نعيم في "كتاب المهدي " من حديث حذيفة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد؛ لبعث الله فيه رجلًا، اسمه اسمي، وخلقه خلقي، يكنى أبا عبد الله» .

ولكن في إسناده العباس بن بكار لا يحتج بحديثه، وقد تقدم هذا المتن من حديث ابن مسعود وأبي هريرة، وهما صحيحان.

وقد قالت أم سلمة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة» .

رواه: أبو داود، وابن ماجه، وفي إسناده زياد بن بيان: وثقه ابن حبان، وقال ابن معين:"ليس به بأس "، وقال البخاري:"في إسناد حديثه نظر".

وقال أبو نعيم: حدثنا خلف بن أحمد بن العباس الرامهرمزي في كتابه: حدثنا همام بن أحمد بن أيوب: حدثنا طالوت بن عباد: حدثنا سويد بن إبراهيم عن محمود بن عمر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليبعثن الله من عترتي رجلًا أفرق الثنايا، أجلى الجبهة، يملأ الأرض عدلًا، يفيض المال في زمنه» .

ولكن طالوت وشيخه ضعيفان، والحديث ذكرناه للشواهد.

وقال يحيى بن عبد الحميد الحماني في "مسنده": حدثنا قيس بن الربيع عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي، يفتح القسطنطينية وجبل الديلم، ولو لم يبق إلا يوم؛ طول الله ذلك اليوم حتى يفتحها» .

ص: 302

يحيى بن عبد الحميد: وثقه ابن معين وغيره، وتكلم فيه أحمد. وقال أبو نعيم: حدثنا أبو الفرج الأصبهاني: حدثنا أحمد بن الحسين: حدثنا أبو جعفر بن طارق عن الجيد بن نظيف عن أبي نضرة عن أبي سعيد؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «منا الذي يصلي عيسى ابن مريم خلفه، فيقول: ألا إن بعضهم على بعض أمراء؛ تكرمة الله لهذه الأمة» .

وهذا الإسناد لا تقوم به حجة، لكن في "صحيح ابن حبان " من حديث عطية بن عامر نحوه.

وقال الحارث بن أبي أسامة في "مسنده": حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم: حدثنا إبراهيم بن عقيل عن أبيه عن وهب بن منبه عن جابر؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا. فيقول: لا؛ إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة» .

وهذا إسناد جيد.

وقال الطبراني: حدثنا محمد بن زكريا الهلالي: حدثنا العباس بن بكار، حدثنا عبد الله بن زياد عن الأعمش عن زر بن حبيش عن حذيفة؛ قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ما هو كائن، ثم قال:«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد؛ لطول الله ذلك اليوم، حتى يبعث رجلًا من ولدي، اسمه اسمي» .

ولكن هذا إسناد ضعيف.

وهذه الأحاديث أربعة أقسام: صحاح، وحسان، وغرائب، وموضوعة.

وقد اختلف الناس في المهدي على أربعة أقوال:

أحدها: أنه المسيح ابن مريم، وهو المهدي على الحقيقة، واحتج أصحاب هذا بحديث محمد بن خالد الجندي المتقدم، وقد بينا حاله، وأنه لا

ص: 303

يصح، ولو صح؛ لم يكن فيه حجة؛ لأن عيسى أعظم مهدي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الساعة. وقد دلت السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على نزوله على المنارة البيضاء شرقي دمشق، وحكمه بكتاب الله، وقتله اليهود والنصارى، ووضعه الجزية، وإهلاك أهل الملل في زمانه، فيصح أن يقال: لا مهدي في الحقيقة سواه، وإن كان غيره مهديًا؛ كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا ما وقى وجه صاحبه، وكما يصح أن يقال: إنما المهدي عيسى ابن مريم؛ يعني: المهدي الكامل المعصوم".

القول الثاني: أنه المهدي الذي ولي من بني العباس، وقد انتهى زمانه.

واحتج أصحاب هذا القول بما رواه أحمد في "مسنده": حدثنا وكيع عن شريك عن علي بن زيد عن أبي قلابة عن ثوبان؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان؛ فأتوها ولو حبوًا على الثلج؛ فإن فيها خليفة الله المهدي» .

وعلي بن زيد قد روى له مسلم متابعة، ولكن هو ضعيف، وله مناكير تفرد بها، فلا يحتج بما ينفرد به.

وروى ابن ماجه من حديث الثوري عن خالد عن أبي أسماء عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وتابعه عبد العزيز بن المختار عن خالد.

وفي "سنن ابن ماجه " عن عبد الله بن مسعود؛ قال: «بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ اغرورقت عيناه، وتغير لونه، فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئًا نكرهه. قال: "إنا أهل بيت، اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بلاء وتشريدًا وتطريدًا، حتى يأتي قوم من أهل المشرق، ومعهم رايات سود، يسألون الحق فلا يعطونه، فيقاتلون، فينصرون، فيعطون ما سألوا، فلا يقبلونه، حتى يدفعوها إلى رجل من»

ص: 304

«أهل بيتي، فيملؤها قسطًا كما ملئت جورًا، فمن أدرك ذلك منكم؛ فليأتهم ولو حبوًا على الثلج» .

وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وهو سيئ الحفظ، اختلط في آخر عمره، وكان يقلد الفلوس.

وهذا والذي قبله لو صح لم يكن فيه دليل على أن المهدي الذي تولى من بني العباس هو المهدي الذي يخرج في آخر الزمان، بل هو مهدي من جملة المهديين، وعمر بن عبد العزيز كان مهديًا، بل هو أولى باسم المهدي منه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» ، وقد ذهب الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه وغيره إلى أن عمر بن عبد العزيز منهم، ولا ريب أنه كان راشدًا مهديا، ولكن ليس بالمهدي الذي يخرج في آخر الزمان؛ فالمهدي في جانب الخير والرشد كالدجال في جانب الشر والضلال، وكما أن بين يدي الدجال الأكبر صاحب الخوارق دجالين كذابين؛ فكذلك بين يدي المهدي الأكبر مهديون راشدون.

القول الثالث: أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، من ولد الحسن بن علي، يخرج في آخر الزمان، وقد امتلأت الأرض جورًا وظلمًا، فيملؤها قسطًا وعدلًا.

وأكثر الأحاديث على هذا تدل، وفي كونه من ولد الحسن سر لطيف، وهو أن الحسن رضي الله عنه ترك الخلافة لله، فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة الحق المتضمن للعدل الذي يملأ الأرض، وهذه سنة الله في عباده: أنه من ترك لأجله شيئًا؛ أعطاه الله (أو أعطى ذريته) أفضل منه، وهذا بخلاف الحسين رضي الله عنه؛ فإنه حرص عليها، وقاتل عليها، فلم يظفر بها. والله أعلم.

وقد روى أبو نعيم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال:

ص: 305

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج رجل من أهل بيتي، يعمل بسنتي، وينزل الله له البركة من السماء، وتخرج له الأرض بركتها، ويملأ الأرض عدلًا كما ملئت ظلمًا، ويعمل على هذا الأمر سبع سنين، وينزل بيت المقدس» . وروى أيضًا من حديث أبي أمامة رضي الله عنه؛ قال: «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الدجال؛ قال: "فتنفي المدينة الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص". فقالت أم شريك: فأين العرب يا رسول الله؟ ! فقال: "هم يومئذ قليل، وجلهم ببيت المقدس، وإمامهم المهدي، رجل صالح» .

وروى أيضًا من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن تهلك أمة أنا في أولها، وعيسى ابن مريم في آخرها، والمهدي في وسطها» .

وهذه الأحاديث وإن كان في أسانيدها بعض الضعف والغرابة؛ فهي مما يقوي بعضها بعضًا، ويشد بعضها ببعض.

فهذه أقوال أهل السنة.

وأما الرافضة الإمامية؛ فلهم قول رابع، وهو أن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري المنتظر، من ولد الحسين بن علي لا من ولد الحسن، الحاضر في الأمصار، الغائب عن الأبصار، الذي يورث العصا، ويختم الفضا، دخل سرداب سامرا طفلًا صغيرًا من أكثر من خمسمائة سنة، فلم تره بعد ذلك عين، ولم يحس فيه بخبر ولا أمر، وهم ينتظرونه كل يوم، يقفون بالخيل على باب السرداب، ويصيحون به أن يخرج إليهم: اخرج يا مولانا! اخرج يا مولانا! ثم يرجعون بالخيبة والحرمان؛ فهذا دأبهم ودأبه، ولقد أحسن من قال:

ما آن للسرداب أن يلد الذي

كلمتموه بجهلكم ما آنا

ص: 306

فعلى عقولكم العفاء فإنكم

ثلثتم العنقاء والغيلانا

ولقد أصبح هؤلاء عارًا على بني آدم، وضحكة يسخر منهم كل عاقل.

أما مهدي المغاربة محمد بن تومرت؛ فإنه رجل كذاب ظالم متغلب بالباطل، ملك بالظلم والتغلب والتحيل، فقتل النفوس، وأباح حريم المسلمين، وسبى ذراريهم، وأخذ أموالهم، وكان شرًا على الأمة من الحجاج بن يوسف بكثير، وكان يودع بطن الأرض في القبور جماعة من أصحابه أحياء، يأمرهم أن يقولوا للناس: إنه المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يردم عليهم ليلًا؛ لئلا يكذبوه بعد ذلك، وسمى أصحابه الجهمية الموحدين نفاة صفات الرب وكلامه وعلوه على خلقه واستوائه على عرشه، ورؤية المؤمنين له بالأبصار يوم القيامة، واستباح قتل من خالفهم من أهل العلم والإيمان، وتسمى بالمهدي المعصوم.

ثم خرج المهدي الملحد عبيد الله بن ميمون القداح، وكان جده يهوديا، من بيت مجوسي، فانتسب بالكذب والزور إلى أهل البيت، وادعى أنه المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم، وملك وتغلب، واستفحل أمره، إلى أن استولت ذريته الملاحدة المنافقون الذين كانوا أعظم الناس عداوة لله ولرسوله على بلاد المغرب ومصر والحجاز والشام، واشتدت غربة الإسلام ومحنته ومصيبته بهم، وكانوا يدعون الإلهية، ويدعون أن للشريعة باطنا يخالف ظاهرها، وهم ملوك القرامطة الباطنية أعداء الدين، فتستروا بالرفض والانتساب كذبا إلى أهل البيت، ودانوا بدين أهل الإلحاد وروجوه، ولم يزل أمرهم ظاهرًا، إلى أن أنقذ الله الأمة منهم ونصر الإسلام بصلاح الدين يوسف بن أيوب، فاستنقذ الملة الإسلامية منهم، وأبادهم وعادت مصر دار إسلام بعد أن كانت دار نفاق وإلحاد في زمنهم.

ص: 307

والمقصود أن هؤلاء لهم مهدي، وأتباع ابن تومرت لهم مهدي، والرافضة الاثني عشرية لهم مهدي؛ فكل هذه الفرق تدعي في مهديها الظلوم الغشوم والمستحيل المعدوم أنه الإمام المعصوم، والمهدي المعلوم الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر بخروجه، وهي تنتظره كما تنتظر اليهود القائم الذي يخرج في آخر الزمان، فتعلو به كلمتهم، ويقوم به دينهم، وينصرون به على جميع الأمم، والنصارى تنتظر المسيح يأتي يوم القيامة، فيقيم دين النصرانية، ويبطل سائر الأديان، وفي عقيدتهم نزع المسيح الذي هو إله حق من إله حق من جوهر أبيه الذي نزل طامينا

إلى أن قالوا: وهو مستعد للمجيء قبل يوم القيامة.

فالملل الثلاث تنتظر إماما قائما يقوم في آخر الزمان.

ومنتظر اليهود الذي يتبعه من يهود أصبهان سبعون ألفًا، وفي "المسند" مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أكثر أتباع الدجال اليهود والنساء» .

والنصارى تنتظر المسيح عيسى ابن مريم، ولا ريب في نزوله، ولكن إذا نزل؛ كسر الصليب، وقتل الخنزير، وأباد الملل كلها؛ سوى ملة الإسلام، وهذا معنى الحديث:«لا مهدي إلا عيسى ابن مريم» . انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

وقال ابن كثير في "النهاية": "فأما الحديث الذي رواه ابن ماجه في "سننه"؛ حيث قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى: حدثنا محمد بن إدريس الشافعي: حدثني محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدبارًا، ولا الناس إلا شحا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا المهدي إلا عيسى ابن مريم» ؛ فإنه حديث مشهور بمحمد بن خالد الجندي الصنعاني المؤذن شيخ الشافعي، وروى عنه غير واحد أيضًا، وليس هو بمجهول

ص: 308

كما زعمه الحاكم، بل قد روي عن ابن معين أنه وثقه، ولكن من الرواة من حدث به عنه عن أبان بن أبي عياش عن الحسن البصري مرسلًا، وذكر ذلك شيخنا في "التهذيب" عن بعضهم أنه رأى الشافعي في المنام وهو يقول: كذب علي يونس بن عبد الأعلى، ليس هذا من حديثي".

قال ابن كثير: "قلت: يونس بن عبد الأعلى الصدفي من الثقات، لا يطعن فيه بمجرد منام، وهذا الحديث فيما يظهر ببادي الرأي مخالف الأحاديث التي أوردناها في إثبات مهدي غير عيسى ابن مريم، إما قبل نزوله كما هو الأظهر، وإما بعده، وعند التأمل لا ينافيها، بل يكون المراد من ذلك أن المهدي حق المهدي هو عيسى ابن مريم، ولا ينفي ذلك أن يكون غيره مهديًا أيضًا. والله أعلم ". انتهى كلامه.

وقال السفاريني في كتابه "لوائح الأنوار البهية": "قد كثرت الأقوال في المهدي، حتى قيل: لا مهدي إلا عيسى، والصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى، وأنه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام، وقد كثرت بخروجه الروايات، حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة، حتى عد من معتقداتهم

".

إلى أن قال: "وقد روي عن بعض الصحابة بروايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم، ما يفيد مجموعه العلم القطعي؛ فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة ". انتهى.

وقال الشوكاني في كتابه "التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح ": "وأما حديث أنس الذي أخرجه ابن ماجه والحاكم في "المستدرك" بلفظ: «لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدبارًا، ولا الناس إلا»

ص: 309

«شحًا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم» ؛ فيمكن أن يقال في تأويله: لا مهدي كامل، ولا شك أن عيسى أكمل من المهدي؛ لأنه نبي الله وهذا التأويل متحتم؛ لمخالفة ظاهره للأحاديث المتواترة ". انتهى.

فصل

قد تقدم في حديث أبي سعيد رضي الله عنه وصف المهدي بأنه أشم الأنف، أقنى، أجلى.

قال الجوهري: " (الشمم) : ارتفاع في قصبة الأنف مع استواء أعلاه، فإن كان فيها احديداب؛ فهو القنى".

وقال ابن منظور في "لسان العرب": " (الشمم في الأنف) : ارتفاع القصبة وحسنها واستواء أعلاها وانتصاب الأرنبة، وقيل: إن الشمم أن يطول الأنف ويدق وتسيل روثته، وإذا وصف الشاعر، فقال: أشم؛ فإنما يعني سيدًا ذا أنفة، ومنه قول كعب بن زهير: شم العرانين أبطال لبوسهم، جمع أشم، والعرانين الأنوف، وهو كناية عن الرفعة والعلو وشرف النفس ". انتهى.

وأما الأقنى؛ فهو المحدودب الأنف.

قال الجوهري: " (القنى) : احديداب في الأنف".

وقال ابن الأثير: " (القنى في الأنف) : طوله ورقة أرنبته مع حدب في وسطه".

وقال ابن منظور في "لسان العرب": " (القنى) : مصدر الأقنى من الأنوف وهو ارتفاع في أعلاه بين القصبة والمارن من غير قبح".

ص: 310

قال ابن سيده: " (والقنى) : ارتفاع في أعلى الأنف، واحديداب في وسطه، وسبوغ في طرفه. وقيل: هو نتوء وسط القصبة وإشرافه وضيق المنخرين".

وأما الأجلى؛ فهو الذي انحسر الشعر عن مقدم رأسه.

قال الجوهري: " (الجلاء) : انحسار الشعر عن مقدم الرأس ".

وقال ابن الأثير وابن منظور في "لسان العرب": "وفي صفة المهدي أنه أجلى الجبهة، الأجلى: الخفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين، والذي انحسر الشعر عن جبهته". زاد ابن منظور: "وقيل: الأجلى: الحسن الوجه الأنزع".

وقال أبو عبيدة: "إذا انحسر الشعر عن نصف الرأس ونحوه؛ فهو أجلى ".

وقال الفراء: "اشتقاقه من الجلاء، وهو ابتداء الصلع، إذا ذهب شعر الرأس إلى نصفه".

وقال أبو علي القالي: "الأنزع الذي قد انحسر الشعر عن جانبي جبهته، فإذا زاد قليلًا؛ فهو أجلح، فإذا بلغ النصف؛ فهو أجلى، ثم هو أجله".

باب

ما جاء في الخليفة الذي يحثي المال حثيًا ولا يعده

عن الجريري - واسمه: سعيد بن إياس - عن أبي نضرة - واسمه: المنذر بن مالك بن قطعة - قال: كنا عند جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، فقال: يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم. قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل العجم؛ يمنعون ذلك. ثم قال: يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم

ص: 311

دينار ولا مد. قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل الروم، يمنعون ذاك. قال: ثم أمسك هنيهة، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثوًا لا يعده عدًا» . قال الجريري: فقلت لأبي نضرة وأبي العلاء: أتريانه عمر بن عبد العزيز؟ فقالا: لا.

رواه: الإمام أحمد، ومسلم.

وعن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه؛ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون في آخر الزمان خليفة يعطي المال ولا يعده عدًا» .

رواه: الإمام أحمد، ومسلم، وهذا لفظ أحمد.

وفي رواية له: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليبعثن الله عز وجل في هذه الأمة خليفة يحثي المال حثيًا ولا يعده عدًا» .

وعن أبي نضرة عن أبي سعيد وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم؛ قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده» .

رواه: الإمام أحمد، ومسلم.

وعن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له: السفاح، فيكون إعطاؤه المال حثيا» .

رواه الإمام أحمد. قال الهيثمي: "فيه عطية العوفي، وهو ضعيف، ووثقه ابن معين، وبقية رجاله ثقات".

وعن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: قلت: والله ما يأتي علينا أمر إلا وهو شر من الماضي، ولا عام إلا وهو شر من

ص: 312

الماضي. قال: لولا شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لقلت مثل ما يقول، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«إن من أمرائكم أميرًا يحثي المال حثيًا ولا يعده عدًا، يأتيه الرجل، فيسأله، فيقول: خذ! فيبسط الرجل ثوبه، فيحثي فيه"، وبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم ملحفة غليظة كانت عليه؛ يحكي صنيع الرجل، ثم جمع إليه أكنافها؛ قال: "فيأخذه ثم ينطلق» .

رواه الإمام أحمد.

وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يكون على الناس إمام يحثي المال حثيًا» .

رواه ابن النجار.

وفي هذه الأحاديث إشارة إلى المهدي بدليل ما تقدم في بعض الروايات عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ذكر المهدي: «"ويكون المال كدوسًا". قال: "يجيء الرجل إليه، فيقول: يا مهدي! أعطني، أعطني". قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمل» .

رواه: الإمام أحمد، والترمذي وحسنه، وابن ماجه، والحاكم بنحوه.

وفي رواية لأحمد: «أن المهدي يأمر مناديًا، فينادي، فيقول: من له في مال حاجة؟ فما يقوم من الناس إلا رجل، فيقول: ائت السدان (يعني: الخازن) ، فقل له: إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالًا، فيقول له: احث»

. الحديث.

وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «يقوم الرجل يقول: يا مهدي! أعطني. فيقول: خذ» .

رواه الطبراني ورجاله ثقات.

ص: 313