المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بابفي عودة العلم جهلا والجهل علما - إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة - جـ ٢

[حمود بن عبد الله التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب أشراط الساعة

- ‌معنى الساعة

- ‌بابما جاء في ضعف الإيمان وقلته في آخر الزمان

- ‌بابما جاء في رفع الأمانة والحياء

- ‌بابما جاء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌بابفي عودة العلم جهلًا والجهل علمًا

- ‌بابما جاء في الذين يفتخرون بالقراءة والعلم

- ‌بابما جاء في الذين يتكلفون في قراءة التجويد

- ‌بابما جاء في قلة المال الحلال

- ‌بابما جاء في الزمان العضوض

- ‌بابما جاء في ظهور الزنا وكثرته

- ‌بابما جاء في استحلال الخمر بتغيير اسمها

- ‌بابما جاء في التطاول في البنيان

- ‌بابما جاء في الكنز الذي يقتتل عنده أبناء الخلفاء

- ‌بابما جاء في قيء الأرض للذهب والفضة

- ‌بابما جاء في التباغض والتلاعن وظهور العداوة

- ‌بابما جاء في الخسف ببعض المعادن

- ‌بابما جاء في خروج النار

- ‌بابما جاء في المهدي

- ‌بابما جاء في القحطاني

- ‌بابما جاء في تتابع الآيات

- ‌بابما جاء في أول الآيات خروجًا

- ‌باب‌‌ما جاء في ابن صياد

- ‌ما جاء في ابن صياد

- ‌بابمن أين يخرج الدجال

- ‌بابفي سبب خروج الدجال

- ‌بابالأمر بالمبادرة بالأعمال قبل خروج الدجال

- ‌بابفيما يعصم من الدجال

- ‌بابفي أشد الناس على الدجال

الفصل: ‌بابفي عودة العلم جهلا والجهل علما

‌باب

في عودة العلم جهلًا والجهل علمًا

عن الشعبي: أنه قال: «لا تقوم الساعة حتى يصير العلم جهلًا والجهل علمًا» .

رواه ابن أبي شيبة.

وهذا الأثر له حكم المرفوع؛ لأنه إخبار عن أمر غيبي، ومثله لا يقال من قبل الراي، وإنما يقال عن توقيف.

وقد ظهر مصداقة في زماننا حيث زهد الأكثرون في العلوم الشرعية، وأعرضوا عنها، وأقبلوا على ما لا خير فيه من الجرائد والمجلات وما شابهها من الكتب العصرية، ومن الجهل الذي يعتنون بتعلمه وتعليمه في المدارس أعظم مما يعتنون بتعلم القرآن وتعليمه: رسم التصوير المحرم، واللعب بالكرة، وغير ذلك مما يسمونه بالعلوم الرياضية.

باب

الإشارة إلى الجرائد والمجلات

عن الضحاك: أنه قال: «يأتي على الناس زمان تكثر فيه الأحاديث، حتى يبقى المصحف عليه الغبار لا ينظر فيه» .

رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد"، وفي إسناده رجل لم يسم، وبقية رجاله ثقات.

ومثله لا يقال من قبل الراي، وإنما يقال عن توقيف.

وقد كثرت أحاديث الجرائد والمجلات في زماننا، وكذلك أحاديث

ص: 106

الإذاعات، وأكثر الكتب العصرية، وافتتن بذلك الأكثرون من الخاصة والعامة، وأعرضوا عن كتاب الله تعالى، وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم، وآثار السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأئمة العلم والهدى من بعدهم، ولعل زماننا هو الزمان الذي ذكر عنه الضحاك ما ذكر. والله أعلم.

باب

بث العلم في آخر الزمان والتباهي به وقلة العمل به

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: أنه قال: «إن من ورائكم فتنًا؛ يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن، حتى يأخذه المؤمن والمنافق، والرجل والمرأة، والصغير والكبير، والعبد والحر، فيوشك قائل أن يقول: ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن، ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره؛ فإياكم وما ابتدع؛ فإن ما ابتدع ضلالة»

الحديث.

رواه: عبد الرزاق، وأبو داود، وابن وضاح، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه"، وقد رواه الدارمي في "مسنده" بنحوه.

وهذا الأثر له حكم المرفوع؛ لأنه لا دخل للرأي في مثل هذا، وإنما يقال عن توقيف.

وعن أبي الزاهرية (واسمه حدير بن كريب) يرفع الحديث: «أن الله تعالى قال: أبث العلم في آخر الزمان حتى يعلمه الرجل والمرأة، والعبد والحر، والصغير والكبير؛ فإذا فعلت ذلك بهم؛ أخذتهم بحقي عليهم» .

رواه: الدارمي، وأبو نعيم في "الحلية".

وعن علي رضي الله عنه: أنه قال: «يا حملة العلم! اعلموا به؛ فإنما»

ص: 107

«العالم من عمل بما علم ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم؛ لا يجاوز تراقيهم، يخالف عملهم علمهم، وتخالف سريرتهم علانيتهم، يجلسون حلقًا، فيباهي بعضهم بعضًا، حتى إن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه، أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله» .

رواه الدارمي.

وهذا الأثر له حكم المرفوع؛ لأنه إخبار عن أمر غيبي، فلا يقال إلا عن توقيف.

وعن سعيد بن المسيب؛ قال: قال عمر رضي الله عنه: "لا رأيت زمانًا يتغاير فيه الرجال على العلم تغاير الرجال على النساء".

رواه البخاري في "تاريخه".

وعن كعب الأحبار: أنه قال: "يوشك أن تروا جهال الناس؛ يتباهون بالعلم، يتغايرون عليه كما يتغاير النساء على الرجال؛ فذلك حظهم من العلم ".

رواه أبو نعيم في "الحلية".

وعن كعب أيضًا: أنه قال: "إني لأجد نعت قوم يتعلمون لغير العمل، ويتفقهون لغير العبادة، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة، ويلبسون جلود الضأن، وقلوبهم أمر من الصبر، يقول الله تعالى: فبي يغترون، أو إياي يخادعون؟ ! فحلفت بي؛ لأتيحن لهم فتنة تترك الحليم فيها حيرانًا".

رواه الدارمي.

وعن سفيان بن سعيد الثوري؛ قال: "بلغنا أنه يأتي على الناس زمان تكثر علماؤهم؛ فلا ينتفعون بعلمهم، ولا ينفعهم الله بعلمهم؛ فخيرهم من كان متمسكًا بالقرآن وقراءته".

ص: 108

رواه ابن وضاح.

وعن محمد بن يوسف الفريابي؛ قال: "كان سفيان الثوري لا يحدث النبط ولا سفل الناس، وكان إذا رآهم؛ ساءه! فقيل له في ذلك؟ فقال: إن العلم إنما أخذ عن العرب، فإذا صار إلى النبط وسفل الناس؛ قلبوا العلم".

رواه أبو نعيم في "الحلية".

وقد ظهر مصداق هذه الآثار في زماننا كما لا يخفى على من له علم وفهم، وبث العلم في زماننا بسبب المطابع بثًا لم يعهد مثله فيما مضى.

باب

ما جاء في ظهور القلم

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «بين يدي الساعة: تسليم الخاصة، وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وفشو القلم، وظهور الشهادة بالزور، وكتمان شهادة الحق» .

رواه: الإمام أحمد، والبخاري في "الأدب المفرد"، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه". وفي رواية أحمد:«وظهور القلم» .

وعن عمرو بن تغلب رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن من أشراط الساعة: أن يكثر التجار ويظهر القلم» .

رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده".

وقد رواه النسائي في "سننه" بإسناد صحيح على شرط الشيخين، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أشراط الساعة: أن يفشو المال ويكثر، وتفشو»

ص: 109

«التجارة، ويظهر العلم، ويبيع الرجل البيع، فيقول: لا؛ حتى استأمر تاجر بني فلان، ويلتمس في الحي العظيم الكاتب فلا يوجد» .

ورواه الحاكم في "مستدركه"، ولفظه:«إن من أشراط الساعة: أن يفيض المال، ويكثر الجهل، وتظهر الفتن، وتفشو التجارة» .

ثم قال: "هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وإسناده على شرطهما صحيح"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

قوله في رواية النسائي: «ويظهر العلم» ؛ معناه - والله أعلم -: ظهور وسائل العلم، وهي كتبه، وقد ظهرت في هذه الأزمان ظهورًا باهرًا، وانتشرت في جميع أرجاء الأرض، ومع هذا؛ فقد ظهر الجهل في الناس، وقل فيهم العلم النافع، وهو علم الكتاب والسنة والعمل بهما، ولم تغن عنهم كثرة الكتب شيئًا.

وهذا اللفظ موافق لما في حديث أبي الزاهرية الذي تقدم في الباب الذي قبل هذا الباب: «أن الله تعالى قال: أبث العلم في آخر الزمان» ...... الحديث، ويحتمل أنه وقع في هذه اللفظة تحريف من بعض النساخ، وأن أصلها:«ويظهر القلم» ؛ كما جاء في رواية أبي داود الطيالسي، وكما ثبت ذلك في حديث ابن مسعود رضي الله عنه. والله أعلم.

وقوله: «حتى استأمر تاجر بني فلان» ؛ أي: أستشيره، وقد وقع هذا في زماننا، حيث وجدت التلفونات وغيرها مع وسائل نقل الكلام بغاية السرعة، فصار التجار يشاور بعضهم بعضا في البيع من الأماكن القريبة والبعيدة.

وأما قوله: «ويلتمس في الحي العظيم الكاتب؛ فلا يوجد» : فقد وقع مصداقة فيما قبل زماننا؛ فإن الكتاب كانوا قليلًا في القرى، وهم في البادية أقل، وكثير من أحياء البادية لا يوجد فيهم الكاتب.

ص: 110