الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
ما جاء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
عن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اقتراب الساعة اثنتان وسبعون خصلة.... (فذكر الحديث بطوله، وفيه:) ويقل الأمر بالمعروف» .
رواه أبو نعيم في "الحلية"، وقد تقدم ذكره.
وعن علي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"كيف بكم إذا فسق فتيانكم وطغى نساؤكم؟ ! ". قالوا: يا رسول الله! وإن ذلك لكائن؟ قال: "نعم، وأشد. كيف أنتم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟ ! ". قالوا: يا رسول الله! وإن ذلك لكائن؟ قال: "نعم، وأشد. كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ ! ". قالوا: يا رسول الله! وإن ذلك لكائن؟ قال: "نعم، وأشد. كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرًا والمنكر معروفًا؟ ! ". قالوا: يا رسول الله! وإن ذلك لكائن؟. قال: "نعم» .
رواه رزين.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «" كيف بكم أيها الناس إذا طغى نساؤكم وفسق فتيانكم؟ ! ". قالوا: يا رسول الله! إن هذا لكائن؟ قال: "نعم، وأشد منه. كيف بكم إذا تركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ ! ". قالوا: يا رسول الله! إن هذا لكائن؟ قال: "نعم، وأشد منه. كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفًا، والمعروف منكرًا؟ !» .
رواه: أبو يعلى، والطبراني في "الأوسط"؛ إلا أنه قال: فسق شبابكم وإسناد كل منهما ضعيف.
وعن ضمام بن إسماعيل المعافري عن غير واحد من أهل العلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كيف بكم إذا فسق شبابكم وطغت نساؤكم وكثر جهالكم؟ ! ". قالوا: وإن ذلك كائن يا رسول الله؟ قال: "وأشد من ذلك. كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر؟ ! ". قالوا: وإن ذلك كائن يا رسول الله؟ قال: "وأشد من ذلك. كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرًا ورأيتم المنكر معروفًا؟ ! "» .
رواه ابن وضاح.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: "يأتي على الناس زمان؛ تكون السنة فيه بدعة، والبدعة سنة، والمعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، وذلك إذا اتبعوا واقتدوا بالملوك والسلاطين في دنياهم".
رواه ابن وضاح.
وعن أبي بكرة رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يأتي على الناس زمان لا يأمرون فيه بمعروف ولا ينهون عن منكر» .
رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "وفيه بسطام بن حبيب، ولم أعرفه".
وعنه رضي الله عنه: "أنه قال: والله؛ ما من نفس تخرج أحب إلي من نفس أبي بكرة. ففزع القوم، فقالوا: لم؟ قال: إني أخشى أن أدرك زمانًا لا أستطيع أن آمر بالمعروف ولا أنهى عن منكر، ولا خير يومئذ".
رواه الطبراني. قال الهيثمي: "ورجاله ثقات".
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: «قيل: يا رسول الله! متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: "إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم»
رواه ابن ماجه. قال في "الزوائد": "وإسناده صحيح رجاله ثقات".
قال ابن ماجه: "قال زيد (يعني: ابن يحيى بن عبيد الخزاعي أحد رواته) : تفسير معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «والعلم في رذالتكم» : إذا كان العلم في الفساق ".
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري ": " وأخرج ابن أبي خيثمة من طريق مكحول عن أنس رضي الله عنه: «قيل: يا رسول الله! متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: "إذا ظهر فيكم ما ظهر في بني إسرائيل، إذا ظهر الإدهان في خياركم، والفحش في شراركم، والملك في صغاركم، والفقه في رذالكم"» .
قلت: ورواه أبو نعيم في "الحلية" من طريق مكحول عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: «قيل: يا رسول الله! متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: "إذا ظهر فيكم ما ظهر في بني إسرائيل قبلكم". قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: "إذا ظهر الإدهان في خياركم، والفاحشة في شراركم، وتحول الفقه في صغاركم ورذالكم» .
ورواه ابن وضاح بنحوه؛ إلا أنه قال: «وتحول الملك في صغاركم، والفقه في أرذالكم» .
وعن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: «قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهما سيدا أعمال أهل البر؟ قال: " إذا أصابكم ما أصاب بني إسرائيل ". قلت: يا رسول الله! وما أصاب بني إسرائيل؟ قال: إذا داهن خياركم فجاركم، وصار الفقة في شراركم، وصار الملك في»
«صغاركم؛ فعند ذلك تلبسكم فتنة؛ تكرون ويكر عليكم» .
رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "وفيه عمار بن سيف، وثقه العجلي وغيره وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف".
وعن معقل بن يسار رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «"لا تذهب الأيام والليالي حتى يخلق القرآن في صدور أقوام من هذه الأمة كما تخلق الثياب، ويكون ما سواه أعجب إليهم، ويكون أمرهم طمعًا كله، لا يخالطه خوف، إن قصر عن حق الله؛ منته نفسه الأماني، وإن تجاوز إلى ما نهى الله عنه؛ قال: أرجو أن يتجاوز الله عني؛ يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب، أفضلهم في أنفسهم المداهن". قيل: ومن المداهن؟ قال: "الذي لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر"» .
رواه أبو نعيم في "الحلية".
رواه الإمام أحمد في "الزهد".
وعن زيد بن وهب؛ قال: سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: «لا يأتي عليكم يوم؛ إلا وهو شر من اليوم الذي كان قبله، حتى تقوم الساعة، لست أعني رخاء من العيش يصيبه، ولا مالًا يفيده، ولكن لا يأتي عليكم يوم؛ إلا وهو أقل علمًا من اليوم الذي مضى قبله، فإذا ذهب العلماء؛ استوى الناس؛ فلا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر؛ فعند ذلك»
«يهلكون» .
رواه يعقوب بن شيبة، وله حكم الرفع، وكذلك الحديث الذي قبله.
باب
ما جاء في الذين لا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا
عن الحسن عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض، فيبقى فيها عجاجة لا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا» .
رواه الإمام أحمد مرفوعًا وموقوفًا، ورجاله رجال الصحيح. ورواه الحاكم في "مستدركه" مرفوعًا، وقال:"صحيح على شرط الشيخين إن كان الحسن سمعه من عبد الله بن عمرو "، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
رواه الطبراني. قال الهيثمي: "وفيه من لم يسم".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: «يذهب الصالحون أسلافًا، ويبقى أهل الريب: من لا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا» .
رواه الطبراني. قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح". ورواه أيضًا أبو
نعيم وغيره. وله حكم الرفع كنظائره.
وعن علي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأتي على الناس زمان: لا يتبع فيه العالم، ولا يستحيى فيه من الحليم، ولا يوقر فيه الكبير، ولا يرحم فيه الصغير، يقتل بعضهم بعضًا على الدنيا، قلوبهم قلوب الأعاجم، وألسنتهم ألسنة العرب، لا يعرفون معروفًا، ولا ينكرون منكرًا، يمشي الصالح فيهم مستخفيًا، أولئك شرار خلق الله، ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة» .
رواه الديلمي.
باب
ما جاء في الذين يرون المعروف منكرًا والمنكر معروفًا
قد تقدم في باب ما جاء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عدة أحاديث في ذلك عن: علي، وأبي هريرة، وضمام بن إسماعيل المعافري، وابن مسعود؛ رضي الله عنهم؛ فلتراجع.
باب
ما جاء في ظهور أهل المنكر على أهل المعروف
قد تقدم حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر أشراط الساعة، وفيه:«ويظهر أهل المنكر» .
رواه ابن مردويه.
وعن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للساعة أشراط". قيل: وما أشراطها؟ قال: "غلو أهل الفسق في المساجد، وظهور أهل المنكر على أهل المعروف ". قال أعرابي: فما تأمرني يا رسول الله؟ قال: "دع وكن»
رواه أبو نعيم في "الحلية".
وعن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يأتي على الناس زمان يكون المؤمن فيه أذل من شاته» .
رواه ابن عساكر في "تاريخه".
وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
رواه ابن عساكر أيضًا.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا ابن مسعود! إن من أعلام الساعة وأشراطها أن يكون المؤمن في القبيلة أذل من النقد» .
رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير" بإسناد ضعيف، وقد تقدم ذكره في حديث طويل.
(النقد) : صغار الغنم.
وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "يأتي على الناس زمان: المؤمن فيه أذل من الأمة، أكيسهم الذي يروغ بدينه روغان الثعلب".
رواه نعيم بن حماد في "الفتن".
وعن علي رضي الله عنه: أنه قال: "يأتي على الناس زمان المؤمن فيه أذل من الأمة".
رواه سعيد بن منصور في "سننه".
وعن جابر رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأتي على الناس زمان يستخفي المؤمن فيهم كما يستخفي المنافق فيكم اليوم» .
رواه: ابن السني، والديلمي.
وذكر الأوزاعي عن حسان بن عطية مرسلًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سيظهر شرار أمتي على خيارها، حتى يستخفي المؤمن فيهم كما يستخفي المنافق فينا اليوم» .
رواه أبو شعيب الحراني في "فوائده".
وعن علي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأتي على الناس زمان: لا يتبع فيه العالم، ولا يستحيى فيه من الحليم، ولا يوقر فيه الكبير، ولا يرحم فيه الصغير، يقتل بعضهم بعضًا على الدنيا، قلوبهم قلوب الأعاجم، وألسنتهم ألسنة العرب، لا يعرفون معروفًا، ولا ينكرون منكرًا، يمشي الصالح فيهم مستخفيًا، أولئك شرار خلق الله، ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة» .
رواه الديلمي.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «"إن كلبة كانت في بني إسرائيل مجحًا، فضاف أهلها ضيف، فقالت: لا أنبح ضيفنا الليلة! فعوى جراؤها في بطنها! فأوحى الله إلى رجل منهم إن مثل هذه الكلبة مثل أمة يأتون من بعدكم، يستعلي سفهاؤها على علمائها (وفي رواية: يغلب سفهاؤها علماؤها) » .
رواه: الإمام أحمد، والبزار، والطبراني واللفظ له، وقد تقدم ذكره في (باب ارتفاع الأسافل) .
وعن عطاء بن ميسرة الخراساني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيأتي على الناس زمان يذوب قلب المؤمن في جوفه كما يذوب الثلج في الماء. قيل: يا نبي الله! ومم ذاك؟ قال: "يرى المنكر يعمل به فلا يستطيع أن يغيره» .
رواه ابن وضاح.
وذكر الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه قال: "توشك القرى أن تخرب وهي عامرة". قيل: وكيف تخرب وهي عامرة؟ قال: "إذا علا فجارها أبرارها وساد القبيلة منافقها".
وقد رواه أبو موسى المديني في كتاب "دولة الأشرار"، ونقله عنه صاحب "كنز العمال".
وعن طارق بن شهاب؛ قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إنكم في زمان: القائل فيه بالحق خير من الصامت، والقائم فيه خير من القاعد، وإن بعدكم زمانًا: الصامت فيه خير من الناطق، والقاعد فيه خير من القائم". قال: فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن! كيف يكون أمر من أخذ به اليوم؛ كان هدى، ومن أخذ به بعد اليوم؛ كان ضلالة؟ قال:"قد فعلتموها. اعتبروا ذلك برجلين مرا بقوم يعملون بالمعاصي، فأنكرا كلاهما، وصمت أحدهما فسلم، وتكلم الآخر فقال: إنكم تفعلون وتفعلون! فأخذوه وذهبوا به إلى ذي سلطانهم، فلم يزل (أو: لم يزالوا) به حتى أخذ بأخذه وعمل بعمله".
رواه الحاكم في "مستدركه "، وقال:"صحيح على شرط الشيخين لم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
باب
ما جاء في أيام الصبر
وفضل التمسك بالدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ذلك الزمان
عن أنس رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر» .
رواه الترمذي، وقال:"هذا حديث غريب".
وعن القاسم أبي عبد الرحمن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سينقض الإسلام، المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر أو خبط الشوك» .
رواه ابن وضاح، وهو مرسل.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويل للعرب من شر قد اقترب، فتنًا كقطع الليل المظلم؛ يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل، المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر (أو قال: على الشوك) » .
رواه الإمام أحمد. وقال الهيثمي: "وفيه ابن لهيعة، وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح".
رواه: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن وضاح، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه"، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبغوي في "تفاسيرهم". وقال الترمذي:"هذا حديث حسن غريب". وقال الحاكم:
"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وفي رواية لابن وضاح عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «"المتمسك بديني وسنتي في زمان المنكر كالقابض على الجمر، للعامل منهم يومئذ بسنتي أجر خمسين منكم". قلنا: يا رسول الله! منهم؟ قال: "بل منكم» .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «"إن من بعدكم أياما؛ الصابر فيها المتمسك بدينه مثل ما أنتم عليه اليوم له أجر خمسين منكم". قيل: يا رسول الله! منهم؟ قال: "بل منكم» .
رواه ابن وضاح.
وعن عتبة بن غزوان رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ورائكم أيام الصبر، للمتمسك فيهن يومئذ بمثل ما أنتم عليه له كأجر خمسين منكم". قالوا: يا نبي الله! أو منهم؟ قال: " بل منكم (ثلاث مرات أو أربعًا) » .
رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط" عن شيخه بكر بن سهل عن عبد الله بن يوسف. قال الهيثمي: "وكلاهما قد وثق، وفيهما خلاف".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن كقبض على الجمر، للعامل فيها أجر خمسين". قالوا: يا رسول الله! أجر خمسين منهم أو خمسين منا؟ قال: "خمسين منكم» .
رواه: البزار، والطبراني بنحوه؛ إلا أنه قال:«"للمتمسك أجر خمسين شهيدًا". فقال عمر: يا رسول الله! منا أو منهم؟ قال: "منكم» .
قال الهيثمي: "ورجال البزار رجال الصحيح؛ غير سهل بن عامر
البجلي، وثقه ابن حبان ".
وعن سعيد أخي الحسن يرفعه (قيل لسفيان بن عيينة: عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم) ؛ قال: «"إنكم اليوم على بينة من ربكم؛ تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، وتجاهدون في الله، ولم تظهر فيكم السكرتان: سكرة الجهل، وسكرة حب العيش، وستحولون عن ذلك؛ فلا تأمرون بالمعروف، ولا تنهون عن المنكر، ولا تجاهدون في الله، وتظهر فيكم السكرتان؛ فالمتمسك يومئذ بالكتاب والسنة له أجر خمسين ". قيل: منهم؟ قال: "لا؛ بل منكم"» .
رواه ابن وضاح.
وقد رواه أبو نعيم في "الحلية" في ترجمة إبراهيم بن أدهم من حديث سفيان بن عيينة عن أسلم البصري: أنه سمع سعيد بن أبي الحسن يذكر عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"أنتم اليوم على بينة من ربكم؛ تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، وتجاهدون في سبيل الله، ولم تظهر فيكم السكرتان: سكرة الجهل، وسكرة حب العيش، وستحولون عن ذلك؛ فلا تأمرون بمعروف، ولا تنهون عن منكر، ولا تجاهدون في سبيل الله، والقائمون يومئذ بالكتاب والسنة لهم أجر خمسين صديقًا". قالوا: يا رسول الله! منا أو منهم؟ قال: "لا، بل منكم» .
قال أبو نعيم: "ورواه محمد بن قيس عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله".
قلت: وسيأتي حديث معاذ رضي الله عنه.
وعن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غشيتكم السكرتان: سكرة حب العيش، وحب الجهل؛ فعند ذلك لا تأمرون بالمعروف، ولا تنهون عن المنكر، والقائمون بالكتاب والسنة كالسابقين الأولين من»
«المهاجرين والأنصار» .
رواه أبو نعيم في "الحلية".
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ظهرت فيكم السكرتان: سكرة الجهل، وسكرة حب العيش، وجاهدوا في غير سبيل الله؛ فالقائمون يومئذ بكتاب الله سرًا وعلانية كالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار» .
رواه نعيم بن حماد في "الفتن"، وابن وضاح من طريقه.
وقد رواه البزار بأبسط من هذا، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم على بينة من ربكم؛ ما لم تظهر فيكم سكرتان: سكرة الجهل، وسكرة حب العيش، وأنتم تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، وتجاهدون في سبيل الله؛ فإذا ظهر فيكم حب الدنيا؛ فلا تأمرون بالمعروف، ولا تنهون عن المنكر، ولا تجاهدون في سبيل الله، القائلون يومئذ بالكتاب والسنة كالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار» .
وقد تقدم قبل عشرة أبواب حديث أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر إدبار الدين، وفي آخره: قال: «فمن أدرك ذلك الزمان، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر؛ فله أجر خمسين ممن صحبني وآمن بي وصدقني أبدًا» .
رواه: الحارث بن أبي أسامة، والطبراني.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"يكون في آخر الزمان ديدان القراء.... (الحديث، وفيه:) والمتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر، والمتمسك يومئذ بدينه أجره كأجر خمسين". قالوا: منا أو منهم؟ قال: "بل منكم» .
رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"، وسيأتي بتمامه في (باب ما جاء في القراء الفسقة) إن شاء الله تعالى.
وعن عبد الرحمن بن العلاء الحضرمي؛ قال: حدثني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنه سيكون في آخر هذه الأمة قوم لهم مثل أجر أولهم؛ يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، يقاتلون أهل الفتن» .
رواه البيهقي في "دلائل النبوة". وقد رواه: الإمام أحمد، وابن وضاح مختصرًا.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر شهيد» .
رواه: الطبراني، وأبو نعيم في "الحلية".
باب
ما جاء في قبض العلم وظهور الجهل
عن أنس رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أشراط الساعة: أن يرفع العلم، ويثبت الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا» .
رواه: الإمام أحمد، والشيخان.
وفي رواية: قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من أشراط الساعة: أن يقل العلم، ويظهر الجهل، ويظهر الزنى، وتكثر النساء، ويقل الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد» . هذا لفظ البخاري، ولفظ أحمد نحوه.
وقد رواه: أبو داود الطيالسي، والترمذي؛ بنحو رواية البخاري.
ورواه ابن ماجه بمثل رواية مسلم، وقال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح".
قوله: " ويثبت الجهل ": قال النووي في "شرح مسلم ": "هكذا هو في كثير من النسخ: " يثبت الجهل "؛ من الثبوت، وفي بعضها: "يبث"؛ بضم الياء وبعدها موحدة مفتوحة ثم مثلثة مشددة؛ أي: ينشر ويشيع". انتهى.
قال الكرماني: "وفي رواية: "وينبت"؛ بالنون بدل المثلثة، من النبات".
ذكر ذلك عنه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"؛ قال: "وحكى ابن رجب عن بعضهم: "وينث "؛ بنون ومثلثة، من النث، وهو الإشاعة". قال ابن حجر: "وليست هذه في شيئ من "الصحيحين". انتهى.
وقد ظهر مصداق هذا الحديث في زماننا، ما عدا خصلتين، وهما: ذهاب الرجال، وكثرة النساء.
فأما العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم وأئمة العلم والهدى من بعدهم؛ فقد هجره الأكثرون، وقل الراغبون فيه والمعتنون به، وقد انصرفت همم الأكثرين إلى الصحف والمجلات وما شاكل ذلك مما كثير منه مشتمل على الجهل الصرف الذي قد ظهر في زماننا، وثبت فيه، وبث في مشارق الأرض ومغاربها به غاية البث، ونث بين الخاصة والعامة غاية النث، وشغف به الكثير من الناس، وسموه العلم والثقافة والتقدم، ومن يعتني به هو المهذب المثقف عندهم! وقد زاد الحمق والغرور ببعض السفهاء حتى أطلقوا على المعتنين بالعلوم الشرعية اسم الرجعيين، وسموا كتب العلم النافع الكتب الصفراء؛ تحقيرًا لها وتنفيرًا منها.
وهذا مصداق ما رواه ابن أبي شيبة عن الشعبي: أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى يصير العلم جهلًا، والجهل علمًا".
وأما الزنى؛ فقد جعل له أسواق معروفة في كثير من البلاد التي ينتسب أهلها إلى الإسلام، وما يفعل في غير الأسواق أكثر وأكثر.
وكذلك الخمر قد فشى شربها وبيعها وابتياعها في كثير من البلاد التي ينتسب أهلها إلى الإسلام. فالله المستعان.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"يتقارب الزمان، وينقص العلم، وتظهر الفتن، ويلقى الشح، ويكثر الهرج". قيل: يا رسول الله! أيما هو؟ قال: "القتل، القتل» .
رواه: الإمام أحمد، والشيخان، وأبو داود، وابن ماجه، وفي رواية لأحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«"ويل للعرب من شر قد اقترب، ينقص العلم، ويكثر الهرج". قلت: يا رسول الله! وما الهرج؟ قال: "القتل» .
وفي رواية له أيضًا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تظهر الفتن، ويكثر الهرج ويرفع العلم» . فلما سمع عمر رضي الله عنه أبا هريرة رضي الله عنه يقول: يرفع العلم؛ قال عمر: أما إنه ليس ينزع من صدور العلماء، ولكن يذهب العلماء.
وقد رواه ابن أبي شيبة ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"تكثر الفتن، ويكثر الهرج". قلنا: وما الهرج؟ قال: "القتل. ويقبض العلم". قال: "أما إنه ليس ينزع من صدور الرجال، ولكن يقبض العلماء» .
وعن عبد الله بن مسعود وأبي موسى رضي الله عنهما؛ قالا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن بين يدي الساعة لأيامًا ينزل فيها الجهل، ويرفع فيها العلم، ويكثر فيها الهرج، والهرج القتل» .
رواه: الإمام أحمد، والشيخان.
ورواه ابن ماجه عن كل منهما على حدته، ورواه أبو داود الطيالسي من حديث ابن مسعود وحده، ورواه الترمذي من حديث أبي موسى وحده، وقال:"هذا حديث حسن صحيح".
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا؛ اتخذ الناس رؤساء جهالًا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا» .
رواه: الإمام أحمد، والشيخان، والترمذي، وابن ماجه.
وفي رواية لأحمد والشيخين عنه رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاهموه انتزاعًا، ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناس جهال؛ يستفتون، فيفتنون برأيهم، فيضلون ويضلون» .
هذا لفظ البخاري.
ورواه أبو داود الطيالسي، ولفظه: قال: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تبارك وتعالى لا يرفع العلم بقبض يقبضه، ولكن يرفع العلماء بعلمهم، حتى إذا لم يبق عالم؛ اتخذ الناس رؤساء جهالًا؛ فسئلوا، فحدثوا، فضلوا وأضلوا» .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلماء، فإذا ذهب العلماء؛ اتخذ الناس رؤساء، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل» .
رواه الطبراني في "الأوسط"، وفي إسناده ضعف، وحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يشهد له وللأحاديث الثلاثة بعده.
وعنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «إن الله لا ينزع منكم العلم بعدما أعطاكموه انتزاعًا، ولكن يقبض العلماء بعلمهم، ويبقى جهال، فيسألون، فيفتون، فيضلون ويضلون» .
رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف، وقد وثق".
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «يقبض الله العلماء، ويقبض العلم معهم، فينشأ أحداث؛ ينزو بعضهم على بعض نزو العير على العير، ويكون الشيخ فيهم مستضعفًا» .
رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد ضعيف.
وعن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تبارك وتعالى لا ينزع العلم من الناس انتزاعًا بعد أن يؤتيهم إياه، ولكن يذهب بالعلماء، فكلما ذهب عالم؛ ذهب بما معه من العلم، حتى يبقى من لا يعلم، فيضلوا ويضلوا» .
رواه البزار. قال الهيثمي: "وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف، ووثقه عبد الملك بن شعيب بن الليث ".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: "لا يأتي عليكم عام إلا وهو شر من الذي كان قبله، أما إني لست أعني عامًا أخصب من عام، ولا أميرًا خيرًا من أمير، ولكن علماؤكم وخياركم يذهبون، ثم لا تجدون منهم خلفًا، ويجيء قوم يقيسون الأمور بآرائهم، فيهدم الإسلام ويثلم".
رواه: الديلمي، وابن وضاح، وغيرهما.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيأتي على أمتي زمان؛ يكثر فيه القراء، ويقل الفقهاء، ويقبض العلم، ويكثر الهرج ". قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: "القتل بينكم، ثم يأتي من بعد ذلك زمان يقرأ القرآن رجال من أمتي لا يجاوز تراقيهم، ثم يأتي من بعد ذلك زمان يجادل المشرك بالله المؤمن في مثل ما يقول» .
رواه: الطبراني في "الأوسط"، والحاكم في "مستدركه "، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وقد ظهر مصداق هذا الحديث في زماننا: فقل الفقهاء العارفون بما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكثر القراء في الكبار والصغار والرجال والنساء؛ بسبب كثرة المدارس وانتشارها، والمراد بالقراء - والله أعلم - الذين يجيدون القراءة ويقرؤون ما يكتب لهم، وليس في الحديث ما يدل على أن ذلك خاص بالذين يقرؤون القرآن دون الذين يقرؤون غيره من الكتب والصحف والمجلات وغيرها، مما قد كثر في زماننا، وانتشر غاية الانتشار، وشغف به الأكثرون من الكبار والصغار، وأكثر القراء في زماننا قد أعرضوا عن قراءة القرآن، وأقبلوا على قراءة الصحف والمجلات، وقصص الحب والغرام، وغيرها من القصص التي لا خير فيها، وكثير منها مفتعل مكذوب، ومع ذلك؛ فالأكثرون مكبون على القراءة فيما ذكرنا.
وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يأتي على الناس زمان: علماؤها فتنة، وحكماؤها فتنة، تكثر المساجد والقراء، لا يجدون عالمًا إلا الرجل بعد الرجل» .
رواه أبو نعيم.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني امرؤ مقبوض؛ فتعلموا القرآن وعلموه الناس، وتعلموا الفرائض وعلموها الناس، وتعلموا العلم وعلموه الناس؛ فإني مقبوض، وإنه سيقبض العلم، وتظهر الفتن، حتى يختلف الاثنان في الفريضة؛ فلا يجدان من يفصل بينهما» .
رواه: أبو داود الطيالسي، وأبو يعلى، والبزار.
رواه: الإمام أحمد، والطبراني في "الكبير"، وروى ابن ماجه طرفًا من أوله.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن يرفع العلم (فرددها ثلاثًا) . فقال زياد بن لبيد: يا نبي الله! بأبي وأمي، وكيف»
رواه البزار. قال الهيثمي: "وفيه سعيد بن سنان، وقد ضعفه البخاري ويحيى بن معين وجماعة؛ إلا أن أبا مسهر قال: حدثنا صدقة بن خالد؛ قال: حدثني أبو مهدي سعيد بن سنان مؤذن أهل حمص وكان ثقة مرضيًا.
وعن زياد بن لبيد رضي الله عنه؛ قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، فقال:«ذاك عند أوان ذهاب العلم". قلت: يا رسول الله! وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة؟ ! فقال: "ثكلتك أمك زياد! إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة، أوليس هذه اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل لا يعملون بشيء مما فيهما؟ !» .
رواه: الإمام أحمد، وابن ماجه، والحاكم في "مستدركه "، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن وحشي بن حرب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يوشك العلم أن يختلس من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء". فقال زياد بن لبيد: وكيف يختلس منا العلم وقد قرأنا القرآن وأقرأناه أبناءنا؟ ! فقال: "ثكلتك أمك يا ابن لبيد! هذه التوراة والإنجيل بأيدي اليهود والنصارى ما يرفعون بها رأسًا» .
رواه الطبراني في "الكبير". قال الهيثمي: "وإسناده حسن".
وقد تقدم في (باب ذهاب الخشوع) حديث جبير بن نفير عن أبي الدرداء
وعبادة بن الصامت رضي الله عنهما بنحو حديث زياد بن لبيد رضي الله عنه، وفيه: أن أول علم يرفع من الناس الخشوع.
وتقدم فيه أيضًا حديث جبير بن نفير عن عوف بن مالك الأشجعي وشداد بن أوس رضي الله عنهما، وفيه: أن أول ما يرفع الخشوع.
وفيه أيضًا عند الإمام أحمد: أن شداد بن أوس رضي الله عنهما قال لجبير بن نفير: وهل تدري ما رفع العلم؟ قال: قلت: لا أدري. قال: ذهاب أوعيته.
باب
ما جاء في كثرة القراء والخطباء وقلة الفقهاء
قد تقدم في الباب قبله حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيأتي على أمتي زمان؛ يكثر فيه القراء، ويقل الفقهاء، ويقبض العلم، ويكثر الهرج» ..... الحديث.
رواه: الطبراني في "الأوسط"، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وتقدم أيضًا حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يأتي على الناس زمان: علماؤها فتنة، وحكماؤها فتنة، تكثر المساجد والقراء، لا يجدون عالمًا إلا الرجل بعد الرجل» .
رواه أبو نعيم.
وعن أبي ذر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنكم في زمان علماؤه كثير، وخطباؤه قليل، من ترك فيه عشير ما يعلم؛ هوى، وسيأتي على الناس زمان يقل علماؤه، ويكثر خطباؤه، من تمسك فيه بعشير ما يعلم؛ نجا» .
رواه الإمام أحمد، وفيه رجل لم يسم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «إنكم في زمان، من ترك منكم عشر ما أمر به؛ هلك، ثم يأتي زمان من عمل منهم بعشر ما أمر به؛ نجا» .
رواه: الترمذي، والطبراني في "الصغير". وقال الترمذي:"هذا حديث غريب". قال: "وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد رضي الله عنهما".
وعن حزام بن حكيم بن حزام عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «إنكم قد أصبحتم في زمان كثير فقهاؤه، قليل خطباؤه، كثير معطوه، قليل سؤاله، العمل فيه خير من العلم، وسيأتي زمان قليل فقهاؤه، كثير خطباؤه، وكثير سؤاله، قليل معطوه، العلم فيه خير من العمل» .
رواه الطبراني في "الكبير"، وفي إسناده ضعف.
وعن حزام بن حكيم عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله.
رواه الطبراني في "الكبير"، وفي إسناده ضعف.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: "إنكم في زمان الصلاة فيه طويلة، والخطبة فيه قصيرة، وعلماؤه كثير، وخطباؤه قليل، وسيأتي على الناس زمان الصلاة فيه قصيرة، والخطبة فيه طويلة، خطباؤه كثير، وعلماؤه قليل، يؤخرون الصلاة؛ صلاة العشي، إلى شرق الموتى، فمن أدرك ذلك؛ فليصل
الصلاة لوقتها، وليجعلها معهم تطوعًا".
رواه الطبراني. قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح".
وقد رواه البخاري في "الأدب المفرد" من حديث زيد بن وهب؛ قال: سمعت ابن مسعود رضي الله عنه يقول: "إنكم في زمان كثير فقهاؤه، قليل خطباؤه، قليل سؤاله، كثير معطوه، العمل فيه قائد للهوى، وسيأتي من بعدكم زمان قليل فقهاؤه، كثير خطباؤه، كثير سؤاله، قليل معطوه، الهوى فيه قائد للعمل، اعلموا أن حسن الهدى في آخر الزمان خير من بعض العمل".
ورواه الحاكم في "مستدركه" من حديث هزيل بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مختصرًا، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
ورواه الإمام مالك في "موطئه" عن يحيى بن سعيد: أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال لإنسان: «إنك في زمان كثير فقهاؤه، قليل قراؤه، تحفظ فيه حدود القرآن وتضيع حروفه، قليل من يسأل، كثير من يعطي، يطيلون فيه الصلاة، ويقصرون الخطبة، يبدون أعمالهم قبل أهوائهم، وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه، كثير قراؤه، تحفظ فيه حروف القرآن، وتضيع حدوده، كثير من يسأل، قليل من يعطي، يطيلون فيه الخطبة، ويقصرون الصلاة، يبدون فيه أهواءهم قبل أعمالهم» .
وهذا الحديث له حكم المرفوع لأنه إخبار عن أمر غيبي ومثله لا يقال من قبل الرأى، وإنما يقال عن توقيف.
وقوله: "تضيع حروفه": ليس معناه على ظاهره، وإنما معناه أنهم لا يتكلفون في قراءه القرآن كما يتكلف كثير من المتأخرين، ولا يتقعرون في أداء
حروفه كما يتقعر كثير من المتأخرين، ولا يتوسعون في معرفة أنواع القراءات كما فعل ذلك من بعدهم. والله أعلم.
وقوله: "يبدون"؛ بضم الياء، وفتح الباء، وتشديد الدال؛ معناه: يقدمون.
وقد ظهر مصداق هذا الحديث في زماننا، فقل فيه الفقهاء، وكثر فيه القراء، الذين يحفظون حروف القرآن، ويتقعرون في أدائها، ويضيعون حدود القرآن، ولا يبالون بمخالفة أوامره وارتكاب نواهيه، يطيلون الخطب، ويقصرون الصلاة، ويقدمون أهواءهم قبل أعمالهم، وقد رأينا من هذا الضرب كثيرًا. فالله المستعان.
وعن عبد الرحمن بن عمرو الأنصاري؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اقتراب الساعة: كثرة القطر، وقلة النبات، وكثرة القراء، وقلة الفقهاء، وكثرة الأمراء، وقلة الأمناء» .
رواه الطبراني بإسناد ضعيف.
باب
ما جاء في الخطباء الكذابين
عن أبي موسى رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يجعل كتاب الله عارًا ويكون الإسلام غريبًا.. (الحديث، وفيه:) ويقوم الخطباء بالكذب، فيجعلون حقي لشرار أمتي، فمن صدقهم بذلك ورضي به؛ لم يرح رائحة الجنة» .
رواه ابن أبي الدنيا، وقد تقدم بطوله في الباب الثاني من أشراط الساعة
وقد ظهر مصداق هذا الحديث في زماننا، فكان بعض المنافقين من الخطباء والكتاب يجعلون حق النبي صلى الله عليه وسلم للفجرة الطغاة من الرؤساء، فيصفون بعضهم بأنه رسول السلام، ويجعلون عهد بعضهم وقوانينه خيرًا من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وشريعته
…
إلى غير ذلك من أنواع الكذب الذي يصفون به الطغاة ويتقربون به إليهم.
باب
التماس العلم عند الأصاغر
عن أبي أمية الجمحي رضي الله عنه: «أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة؟ فقال: من أشراطها ثلاث: إحداهن التماس العلم عند الأصاغر» .
رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير". قال الهيثمي: "وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف".
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: "لا يزال الناس مشتملين بخير ما أتاهم العلم من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومن أكابرهم، فإذا أتاهم العلم من قبل أصاغرهم، وتفرقت أهواؤهم؛ هلكوا".
رواه: أبو عبيد، ويعقوب بن شيبة، والطبراني في "الكبير" و "الأوسط".
قال الهيثمي: "ورجاله موثقون". وقد رواه عبد الرزاق في "مصنفه" بنحوه، وإسناده صحيح على شرط مسلم. ورواه أبو نعيم في "الحلية"، ولفظه: قال: "لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من علمائهم وكبرائهم وذوي أسنانهم، فإذا أتاهم العلم عن صغارهم وسفهائهم؛ فقد هلكوا ". ورواه الخطيب البغدادي في "تاريخه" بنحوه، وفي روايته:"فإذا أتاهم العلم عن صغارهم وسفلتهم؛ فقد هلكوا".