المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بابما جاء في خروج النار - إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة - جـ ٢

[حمود بن عبد الله التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب أشراط الساعة

- ‌معنى الساعة

- ‌بابما جاء في ضعف الإيمان وقلته في آخر الزمان

- ‌بابما جاء في رفع الأمانة والحياء

- ‌بابما جاء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌بابفي عودة العلم جهلًا والجهل علمًا

- ‌بابما جاء في الذين يفتخرون بالقراءة والعلم

- ‌بابما جاء في الذين يتكلفون في قراءة التجويد

- ‌بابما جاء في قلة المال الحلال

- ‌بابما جاء في الزمان العضوض

- ‌بابما جاء في ظهور الزنا وكثرته

- ‌بابما جاء في استحلال الخمر بتغيير اسمها

- ‌بابما جاء في التطاول في البنيان

- ‌بابما جاء في الكنز الذي يقتتل عنده أبناء الخلفاء

- ‌بابما جاء في قيء الأرض للذهب والفضة

- ‌بابما جاء في التباغض والتلاعن وظهور العداوة

- ‌بابما جاء في الخسف ببعض المعادن

- ‌بابما جاء في خروج النار

- ‌بابما جاء في المهدي

- ‌بابما جاء في القحطاني

- ‌بابما جاء في تتابع الآيات

- ‌بابما جاء في أول الآيات خروجًا

- ‌باب‌‌ما جاء في ابن صياد

- ‌ما جاء في ابن صياد

- ‌بابمن أين يخرج الدجال

- ‌بابفي سبب خروج الدجال

- ‌بابالأمر بالمبادرة بالأعمال قبل خروج الدجال

- ‌بابفيما يعصم من الدجال

- ‌بابفي أشد الناس على الدجال

الفصل: ‌بابما جاء في خروج النار

‌باب

ما جاء في خروج النار

عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى» .

متفق عليه.

وعن رافع بن بشر السلمي عن أبيه رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يوشك أن تخرج نار من حبس سيل، تسير سير بطيئة الإبل، تسير النهار وتقيم الليل، وتغدو وتروح، يقال: غدت النار أيها الناس؛ فاغدوا، قالت النار أيها الناس؛ فقيلوا، راحت النار أيها الناس؛ فروحوا، من أدركته؛ أكلته» .

رواه: الإمام، والطبراني، وابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه". قال الهيثمي:"ورجال أحمد رجال الصحيح؛ غير رافع، وهو ثقة".

وعن عاصم بن عدي الأنصاري رضي الله عنه؛ قال: «سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثان ما قدم، فقال: "أين حبس سيل؟ ". قلنا: لا ندري. فمر بي رجل من بني سليم، فقلت: من أين جئت؟ فقال: من حبس سيل. فدعوت بنعلي، فانحدرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! إنك سألتنا عن حبس سيل، فقلنا: لا علم لنا به، وإنه مر بي هذا الرجل فسألته فزعم أن به أهله. فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أين أهلك؟ ". قال: بحبس سيل. قال: "أخرج أهلك منها؟ فإنه يوشك أن يخرج منها نار تضيء أعناق الإبل ببصرى» .

رواه: الطبراني، والحاكم في "مستدركه" وصححه، وتعقبه الذهبي فقال:"منكر".

ص: 263

قلت: والحديث قبله يشهد له ويقويه.

وعن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه مرفوعًا: «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من ركوبة تضيء أعناق الإبل ببصرى» .

رواه أبو عوانة.

وعن أبي ذر رضي الله عنه؛ قال: «أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلنا ذا الحليفة، فتعجل رجال إلى المدينة، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم وبتنا معه، فلما أصبح؛ سأل عنهم؟ فقيل: تعجلوا إلى المدينة، فقال: "تعجلوا إلى المدينة والنساء، أما إنهم سيدعونها أحسن ما كانت". ثم قال: "ليت شعري! متى تخرج نار من اليمن من جبل الوراق تضيء منها أعناق الإبل بروكًا ببصرى كضوء النهار» .

رواه الإمام أحمد. قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح؛ غير حبيب بن حبان، وهو ثقة".

وقد رواه ابن حبان في "صحيحه"، وقال فيه:«تضيء لها أعناق الإبل وهي تبرك ببصرى كضوء النهار» . قال علي (يعني: ابن المديني، أحد رواته) : بصرى بالشام.

ورواه الحاكم في "مستدركه"، وقال فيه:«فتضيء لها أعناق البخت ببصرى سروجًا كضوء النهار» . ثم قال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنها ستكون هجرة بعد هجرة، ينحاز الناس إلى مهاجر إبراهيم، لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها؛ تلفظهم أرضوهم، تقذرهم نفس الله، تحشرهم النار مع القردة والخنازير، تبيت معهم إذا باتوا،»

ص: 264

«وتقيل معهم إذا قالوا، وتأكل من تخلف» .

رواه الإمام أحمد. قال الهيثمي: "وشهر ثقة، وفيه كلام لا يضر، وبقية رجاله رجال الصحيح ". وقد رواه: أبو داود الطيالسي في "مسنده"، وأبو داود السجستاني في "سننه"؛ باختصار يسير والحاكم في "مستدركه"، وأبو نعيم في "الحلية"؛ بنحوه، وقال الحاكم:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لتكونن هجرة بعد هجرة إلى مهاجر أبيكم إبراهيم صلى الله عليه وسلم، حتى لا يبقى في الأرضين إلا شرار أهلها، وتلفظهم أرضوهم، وتقذرهم روح الرحمن عز وجل، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير، تقيل حيث يقيلون، وتبيت حيث يبيتون، وما سقط منهم؛ فلها» .

رواه الإمام أحمد، وإسناده ضعيف، والحديث قبله يشهد له ويقويه.

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تبعث نار على أهل المشرق، فتحشرهم إلى المغرب؛ تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا، يكون لها ما سقط منهم وتخلف، وتسوقهم سوق الجمل الكسير» .

رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، ورجاله ثقات. وقد رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

ورواه أيضًا موقوفًا، ولفظه: قال: «تبعث نار تسوق الناس من مشارق الأرض إلى مغاربها كما يساق الجمل الكسير، لها ما يتخلف منهم، إذا قالوا؛ قالت، وإذا باتوا؛ باتت» .

ص: 265

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه سئل عن أول أشراط الساعة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أول أشراط الساعة نار تخرج من المشرق وتحشرهم إلى المغرب» .

رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح".

وعن أنس رضي الله عنه: «أن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة، فقال: إني سائلك عن ثلاث خصال، لا يعلمهن إلا نبي. قال:"سل". قال: ما أول أشراط الساعة............ (فذكر الحديث، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:) "أما أول أشراط الساعة؛ فنار تخرج من المشرق، فتحشر الناس إلى المغرب

"» الحديث.

رواه: الإمام أحمد، والبخاري، وابن حبان في "صحيحه".

وعن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه؛ قال: «أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة ونحن نتذاكر الساعة، فقال: "لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات.... (فذكر الحديث، وفيه:) ونار تخرج من قعر عدن تسوق (أو: تحشر) الناس؛ تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، ومسلم، وأهل السنن إلا النسائي. وقال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح".

وفي رواية لمسلم: «وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم» . وفي رواية أبي داود: «وآخر ذلك تخرج نار من اليمن، من قعر عدن، تسوق الناس إلى المحشر» .

وسيأتي هذا الحديث بتمامه في (باب ما جاء في الآيات الكبار) إن شاء

ص: 266

الله تعالى.

وقد زعم أبو عبية في عنوان وضعه في (صفحة 71) من "النهاية" لابن كثير: أن النار التي تخرج من قعر عدن هي نار من نار الفتن، وقرر ذلك أيضًا في تعليق له في هذه الصفحة.

والجواب أن يقال: هذا تأويل مردود، وهو من تحريف الكلم عن مواضعه، والحق أنها نار على الحقيقة لا على المجاز.

وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «"لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات.... (فذكر الحديث، وفيه:) ونار تخرج من قعر عدن، تسوق الناس إلى المحشر، تحشر الذر والنمل» .

رواه: الطبراني، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن عمر رضي الله عنه: أنه قال: "تخرج من أودية بني علي نار تقبل من قبل اليمن، تحشر الناس، تسير إذا ساروا وتقيم إذا أقاموا، حتى إنها لتحشر الجعلان، حتى تنتهي إلى بصرى، وحتى إن الرجل ليقع، فتقف حتى تأخذه".

رواه ابن أبي شيبة.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «"ستخرج نار من حضرموت (أو: من نحو بحر حضرموت) قبل يوم القيامة تحشر الناس". قالوا: يا رسول الله! فما تأمرنا؟ قال: "عليكم بالشام» .

رواه: الإمام أحمد، والترمذي، وابن حبان في "صحيحه".

وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر

ص: 267

رضي الله عنهما ".

قال: "وفي الباب عن حذيفة بن أسيد وأنس وأبي هريرة وأبي ذر رضي الله عنهم".

قلت: وقد تقدمت أحاديثهم في هذا الباب.

وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «"لتقصدنكم نار هي اليوم خامدة، في واد يقال له: برهوت، يغشى الناس فيها عذاب أليم، تأكل الأنفس والأموال، تدور الدنيا كلها في ثمانية أيام، تطير طير الريح والسحاب، حرها بالليل أشد من حرها بالنهار، ولها ما بين السماء والأرض دوي كدوي الرعد القاصف، هي من رؤوس الخلائق أدنى من العرش". قيل: يا رسول الله! أسليمة هي يومئذ على المؤمنين والمؤمنات؟ قال: "وأين المؤمنون والمؤمنات يومئذ؟ هم شر من الحمر، يتسافدون كما تتسافد البهائم، وليس فيهم رجل يقول: مه مه» .

رواه: الطبراني، وابن عساكر.

وعن طاوس؛ قال: قال معاذ رضي الله عنه: "اخرجوا من اليمن قبل ثلاث: قبل خروج النار، وقبل انقطاع الحبل، وقبل أن لا يكون لأهلها زاد إلا الجراد".

رواه عبد الرزاق في "مصنفه"، وفيه انقطاع بين طاووس ومعاذ رضي الله عنه.

وقد وقع مصداق حديث أبي هريرة المذكور في أول الباب، فظهرت نار عظيمة في الحرة التي في شرقي المدينة النبوية على مسيرة أربعة فراسخ منها قريبًا من قريظة، وذلك في يوم الجمعة خامس جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة، واستمرت أكثر من شهر، وقد سال منها واد مقداره

ص: 268

أربعة فراسخ وعرضه أربعة أميال وعمقه قامة ونصف، وقد ذكر بعضهم أنه اجتاز بها ورمى فيها سعفة فلم تحرقها، بل كانت تحرق الحجارة وتذيبها حتى تصير مثل الآنك ثم تصير مثل الفحم الأسود.

وقد نقل الحافظ ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية " عن الشيخ شهاب الدين أبي شامة: أنه قال:

"أخبرني من أثق به ممن شاهدها أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب. قال: وكنا في بيوتنا تلك الليالي، وكأن في دار كل واحد منا سراجًا، ولم يكن لها حر ولفح على عظمها، وإنما كانت آية من آيات الله عز وجل. قال: ورأى الناس سناها من مكة شرفها الله".

قال ابن كثير:

"وأما بصرى؛ فأخبرني قاضي القضاة صدر الدين علي بن أبي قاسم التيمي الحنفي؛ قال: أخبرني والدي (وهو الشيخ صفي الدين أحد مدرسي بصرى) : أنه أخبره غير واحد من الأعراب صبيحة تلك الليلة ممن كان بحاضرة بلد بصرى: أنهم رأوا صفحات أعناق إبلهم في ضوء هذه النار التي ظهرت من أرض الحجاز".

وذكر ابن كثير أيضًا في "النهاية" أن الناس كانوا يسيرون على ضوء هذه النار بالليل إلى تيماء.

والتفصيل عن هذه النار مذكور في "البداية والنهاية" في (حوادث سنة أربع وخمسين وستمائة) ، فمن أحب الوقوف على ذلك؛ فليراجعه هناك.

وأما النار التي تسوق الناس إلى المحشر؛ تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا؛ فهذه إنما يكون ظهورها في آخر الزمان، عند اقتراب الساعة. والله أعلم.

ص: 269