الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ
فِيهَا تُوُفِّيَ أَسَدُ بْن وَدَاعَةَ الْكِنْدِيُّ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ، وَخَصِيفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي قَوْلٍ، وَخَيْرُ [1] بْنُ نُعَيْمٍ قَاضِي مِصْرَ، وَأَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ مَقْتُولا، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ فِي قَوْلٍ، وَعَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ وَغَيْرِهِ، وَمَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأشل، وواهب ابن عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ فِي قَوْلٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ الْمَدَنِيُّ، وَابْنُ الْمُقَفَّعِ قَتَلَهُ وَالِي الْبَصْرَةِ.
وَفِيهَا فِي أَوَّلِهَا بَلَغَ أَهْلَ الشَّامِ مَوْتُ السَّفَّاحِ فَبَايَعَ أَهْلُ دِمَشْقَ هَاشِمَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَامَ بِأَمْرِهِ فِيمَا قِيلَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيُّ، فَلَمَّا أَظَلَّهُمَا صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ بِالْجُيُوشِ هَرَبَا، وَكَانَ عُثْمَانُ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى أَهْلِ دِمَشْقَ فَخَرَجَ وَسَبَّ بَنِي الْعَبَّاسِ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ ثُمَّ إِنَّهُ قُتِلَ، وَدَخَلَ الْمَنْصُورُ دَارَ الإِمْرَةِ بِالأَنْبَارِ فَوَجَدَ عِيسَى بْنَ مُوسَى ابْنَ عَمِّهِ قَدْ بَذَرَ الْخَزَائِنَ فَجَدَّدَ النَّاسُ لَهُ الْبَيْعَةَ وَمِنْ بَعْدِهِ لِعِيسَى، وَأَمَّا عَمُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ فَإِنَّهُ أَبْدَى أَنّ السَّفَّاحَ قَالَ: مَنِ انتدب لمروان الحمار فهو وليّ
[1] في الأصل «خنة» بدل «خير» والتصحيح من ترجمته المقبلة والخلاصة.
عَهْدِي مِنْ بَعْدِي وَعَلَى هَذَا خَرَجْتُ، فَقَامَ عُدَّةٌ مِنَ الْقُوَّادِ الْخُرَاسَانِيَّةِ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ، وَبَايَعَهُ حُمَيْدُ بْنُ قُحْطُبَةَ وَمُخَارِقُ بْنُ الْغِفَارِ وَأَبُو غَانِمٍ الطَّائِيُّ وَالْقُوَّادُ، فَقَالَ الْمَنْصُورُ لِأَبِي مُسْلِمٌ الْخُرَاسَانِيُّ: إِنَّمَا هُوَ أَنَا وَأَنْتَ فَسِرْ نَحْوَ عَبْدِ اللَّهِ، فَسَارَ بِسَائِرِ الْجَيْشِ مِنَ الأَنْبَارِ وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ مَالِكُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْخُزَاعِيُّ وَمَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ قُحْطُبَةَ، وَأَخُوهُ حُمَيْدٌ كَانَ فَارَقَ عَبْدَ اللَّهِ لَمَّا تَنَكَّرَ لَهُ، وَخَشِيَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الْخُرَاسَانِيَّةَ الَّذِينَ مَعَهُ لا تَنْصَحُ فَقَتَلَ مِنْهُمْ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا أمَرَ صَاحِبَ شُرْطَتِهِ فَقَتَلَهُمْ بِخَدِيعَةٍ، ثُمَّ نَزَلَ نَصِيبِينَ وَخَنْدَقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَقْبَلَ أَبُو مُسْلِمٍ فَنَزَلَ بِقُرْبٍ مِنْهُ ثُمَّ نَفَذَ إِلَيْهِ: إِنِّي لَمْ أُؤْمَرْ بِقِتَالِكَ وَلَكِنْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلانِي الشَّامَ وَأَنَا أُرِيدُهَا. فَقَالَ الشَّامِيُّونَ لِعَبْدِ اللَّهِ: كَيْفَ نُقِيمُ مَعَكَ وَهَذَا يَأْتِي بِلادَنَا وَيَقْتُلُ وَيَسْبِي وَلَكِنْ نَسِيرُ إِلَى بِلادِنَا وَنَمْنَعُهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ مَا يُرِيدُ الشَّامَ وَلَئِنْ أَقَمْتُمْ لَيَقْصِدَنَّكُمْ، ثُمَّ كَانَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ نَحْوًا مِنْ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ، وَأَهْلُ الشام أكثر فرسانا وأكمل عدة، وكان على مَيْمَنَتُهُمْ بَكَّارَ بْنَ مُسْلِمٍ الْعُقَيْلِيَّ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ، وَاسْتَظْهَرَ الشَّامِيُّونَ غَيْرَ مَرَّةً، وكاد عَسْكَرُ أَبِي مُسْلِمٍ أَنْ يَنْهَزِمُوا وَهُوَ يُثَبِّتُهُمْ وَيَرْتَجِزُ:
مَنْ كَانَ يَنْوِي أَهْلَهُ فَلا رَجَعْ
…
فَرَّ مِنَ الْمَوْتِ وَفِي الْمَوْتِ وَقْعٌ
ثُمَّ أَرْدَفَ الْقَلْبُ بِمَيْمَنَتِهِ وَحَمَلُوا عَلَى مَيْسَرَةِ عَبْدِ اللَّهِ فَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لابْنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيِّ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ نَصْبِرَ وَنُقَاتِلَ فَإِنَّ الْفِرَارَ قَبِيحٌ بِمِثْلِكَ وَقَدْ عِبْتَهُ عَلَى مَرْوَانَ، قَالَ: إِنِّي أَقْصِدُ الْعِرَاقَ، قال: فأنا معك، فانهزموا وخلّوا عسكرهم فاحتوى عَلَيهِ أَبُو مُسْلِمٍ بِمَا فِيهِ وَكَتَبَ بِالنَّصْرِ إِلَى الْمَنْصُورِ فَبَعَثَ مَوْلًى لَهُ يُحْصِي مَا حَوَاهُ أَبُو مُسْلِمٍ، فَغَضِبَ عِنْدَهَا أَبُو مُسْلِمٍ وَتَنَمَّرَ وَهَمَّ بِقَتْلِ الْمَوْلَى وَقَالَ: إِنَّمَا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذَا الْخُمْسُ، وَمَضَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَأَخُوهُ عَبْدُ الصَّمَدِ، فَأَمَّا عَبْدُ الصَّمَدِ فَقَصَدَ الْكُوفَةَ فَاسْتَأْمَنَ
لَهُ عِيسَى بْنُ مُوسَى فَأَمَّنَهُ الْمَنْصُورُ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَأَتَى أَخَاهُ سُلَيْمَانَ مُتَوَلِّي الْبَصْرَةَ فَاخْتَفَى عِنْدَهُ وَأَمَّا الْمَنْصُورُ فَخَافَ مِنْ غَيْظِ أَبِي مُسْلِمٍ وَأَنْ يَذْهَبَ إِلَى خُرَاسَانَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلايَةِ الشَّامِ وَمِصْرَ فَأَقَامَ بِالشَّامِ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مِصْرَ، فَلَمَّا أَتَاهُ الْكِتَابُ أَظْهَرَ الْغَضَبَ وَقَالَ: يُوَلِّينِي مِصْرَ وَالشَّامَ وَأَنَا لِي خُرَاسَانُ! وَعَزَمَ عَلَى الشَّرِّ، وَقِيلَ: بَلْ شَتَمَ الْمَنْصُورَ لَمَّا جَاءَهُ مَنْ يُحْصِي عَلَيْهِ الْغَنَائِمَ وَأَجْمَعَ عَلَى الْخِلافِ ثُمَّ طَلَبَ خُرَاسَانَ، وَخَرَجَ الْمَنْصُورُ إِلَى الْمَدَائِنِ، وَكَانَ مِنْ دُهَاةِ الْعَالَمِ لَوْلا شُحُّهُ، وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ لِيُقْدِمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَدُوٌّ، وَقَدْ كُنَّا نَرْوِي عَنْ مُلُوكِ آلِ سَاسَانَ أَنَّ أَخْوَفَ مَا يَكُونُ الْوُزَرَاءُ إِذَا سَكَتَتِ الدَّهْمَاءُ، فَنَحْنُ نَافِرُونَ مِنْ قُرْبِكَ حَرِيصُونَ عَلَى الْوَفَاءِ بِعَهْدِكَ مَا وَفَّيْتَ، فَإِنْ أَرْضَاكَ ذَاكَ فَأَنَا كَأَحْسَنِ عَبِيدِكَ، وَإِنْ أَبَيْتَ نَقَضْتُ مَا أَبْرَمْتُ مِنْ عَهْدِكَ ضَنًّا بِنَفْسِي. فَرَدَّ عَلَيْهِ الْمَنْصُورُ الْجَوَابَ يُطَمْئِنُهُ مَعَ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ الْبَجَلِيِّ، وَكَانَ وَاحِدَ وَقْتِهِ فَخَدَعَهُ وَرَدَّهُ.
وَأَمَّا أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ فَذَكَرَ عَنْ جَمَاعَةٍ قَالُوا: كَتَبَ أَبُو مُسْلِمٍ [1] :
أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي اتَّخَذْتُ رَجُلا إِمَامًا [2] وَدَلِيلا عَلَى مَا افْتَرَضَهُ اللَّهُ وَكَانَ فِي مَحِلَّةِ الْعِلْمِ نَازِلا فَاسْتَجْهَلَنِي بِالْقُرْآنِ فَحَرَّفَهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ، طَمَعًا فِي قَلِيلٍ قَدْ نَعَاهُ [3] اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ وَكَانَ كَالَّذِي دَلَّى بِغُرُورٍ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُجَرِّدَ السَّيْفَ وَأَرْفَعَ الرَّحْمَةَ فَفَعَلْتُ تَوْطِئَةً لِسُلْطَانِكُمْ، ثُمَّ اسْتَنْقَذَنِي اللَّهُ بِالتَّوْبَةِ، فَإِنْ يَعْفُ عَنِّي فَقِدْمًا عُرِفَ بِهِ وَنُسِبَ إِلَيْهِ، وَإِنْ يُعَاقِبْنِي فَبِمَا قَدَّمَتْ يَدَايَ.
ثُمَّ سَارَ يُرِيدُ خُرَاسَانَ مُشَاقًّا مُرَاغِمًا. فَأَمَرَ الْمَنْصُورُ لِمَنْ بِالْحَضْرَةِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ أَنْ يَكْتُبُوا إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ يُعْظِمُونَ الأَمْرَ وَيَأْمُرُونَهُ بلزوم الطاعة وأن يرجع
[1] في الأصل «أبو موسى» .
[2]
كذا عند ابن الأثير، وفي الأصل «إماما رجلا» . ويقصد أخاه إبراهيم الإمام. (الطبري 7/ 483) .
[3]
كذا عند ابن الأثير 5/ 470 وعند الطبري «تعافاه» .
إِلَى مَوْلاهُ، وَقَالَ الْمَنْصُورُ لِرَسُولِهِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ أَبُو حُمَيْدٍ الْمَرْوَرُوذِيُّ:
كَلِّمْهُ بِاللِّينِ مَا يُمْكِنُ وَمَنِّهِ وَعَرِّفْهُ بِحُسْنِ نِيَّتِي وَتَلَطَّفَ، فَإِنْ يَئِسْتَ مِنْهُ فَقُلْ لَهُ:
قَالَ وَاللَّهِ لَوْ خُضْتَ البَحرَ لَخَاضَهُ وَرَاءَكَ، وَلَوِ اقْتَحَمْتَ النَّارَ لاقْتَحَمْتُهَا حَتَّى أَقْتُلَكَ. فَقَدِمَ الرَّسُولُ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَلَحِقَهُ بِحُلْوَانَ. فَاسْتَشَارَ أَبُو مُسْلِمٍ خَاصَّتَهُ فَقَالُوا: احْذَرْهُ، فَلَمَّا طَلَبَ الرَّسُولُ الْجَوَابَ قَالَ: ارْجِعْ إِلَى صَاحِبَكَ فَلَسْتُ آتِيهِ وَقَدْ عَزَمْتُ عَلَى خِلافِهِ، قَالَ: لا تَفْعَلْ، لا تَفْعَلْ، فَلَمَّا آيَسَهُ بَلَّغَهُ قَوْلُ الْمَنْصُورِ فَوَجَمَ لَهَا وَأَطْرَقَ مُنْكِرًا ثُمَّ قَالَ: قُمْ، وَانْكَسَرَ لِذَلِكَ الْقَوْلِ وَارْتَاعَ.
وَكَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ كَتَبَ إِلَى نَائِبِ أَبِي مُسْلِمٍ عَلَى خُرَاسَانَ فَاسْتَمَالَهُ وَقَالَ:
لَكَ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ، فَكَتَبَ نَائِبُ خُرَاسَانَ أَبُو دَاوُدَ خَالِدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ يَقُولُ: إِنَّا لَمْ نَقُمْ لِمَعْصِيَةِ خُلَفَاءِ اللَّهِ وَأَهْلِ الْبَيْتِ فَلا تُخَالِفَنَّ إِمَامَكَ، فَوَافَاهُ كِتَابُهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَزَادَهُ رُعْبًا وَهَمًّا، ثُمَّ أَرْسَلَ مَنْ يَثِقْ بِهِ مِنْ أُمَرَائِهِ إِلَى الْمَنْصُورِ فَلَمَّا قَدِمَ تَلَقَّاهُ بَنُو هَاشِمٍ بِكُلِّ مَا يَسُرُّ، وَاحْتَرَمَهُ الْمَنْصُورُ وَقَالَ: اصْرِفْهُ عَنْ وَجْهِهِ وَلَكَ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ، فَرَجَعَ وَقَالَ لِأَبِي مُسْلِمٍ: طَيِّبْ قَلْبَكَ لَمْ أَرَ مَكْرُوهًا إني رأيتهم معظمين لحقّك فارجع وَاعْتَذِرْ، فَأَجْمَعَ عَلَى الرُّجُوعِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو إِسْحَاقَ أَحَدُ قُوَّادِهِ مُتَمَثِّلا:
مَا لِلرِّجَالِ مَعَ الْقَضَاءِ مَحَالَةٌ
…
ذَهَبَ الْقَضَاءُ بِحِيلَةِ الأَقْوَامِ
خَارَ اللَّهُ لَكَ، احْفَظْ عَنِّي وَاحِدَةً: إِذَا دَخَلْتَ إِلَى الْمَنْصُورِ فَاقْتُلْهُ ثُمَّ بَايِعْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّ النَّاسَ لا يُخَالِفُونَكَ.
وَرَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَنْصُورَ كَتَبَ إِلَى مُوسَى بْنِ كَعْبٍ بِوِلايَةِ خُرَاسَانَ، وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ: هَذَا ابْنُ كَعْبٍ مِنْ دُونِكَ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ شِيعَتِنَا وَأَنَا مُوَجِّهٌ لِلِقَائِكَ أَقْرَانِكَ فَاجْمَعْ كَيْدَكَ غَيْرَ مُوَفَّقٍ وَحَسْبُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهَ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
فَشَاوَرَ أَبُو مُسْلِمٍ أَبَا إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَقَالَ: مَا الرَّأْيُ، فَهَذَا مُوسَى بْنُ كَعْبٍ
مِنْ هُنَا، وَهَذِهِ سُيُوفُ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ خَلْفِنَا، وَقَدْ أَنْكَرْتُ مَنْ كُنْتُ أَثِقُ بِهِ مِنْ قُوَّادِي، فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ يَضْطَغِنُ عَلَيْكَ أُمُورًا قَدِيمَةً فَلَوْ كُنْتَ وَالَيْتَ رَجُلا مِنْ آلِ عَلِيٍّ كَانَ أَقْرَبُ، وَلَوْ أَنَّكَ قَبِلْتَ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ مِنْهُ كُنْتَ فِي فَسْحَةٍ مِنْ أَمْرِكَ وَكُنْتَ اخْتَلَسْتَ رَجُلا مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ فَنَصَّبْتَهُ إِمَامًا فَاسْتَمَلْتَ بِهِ الْخُرَاسَانِيَّةَ وَأَهْلَ الْعِرَاقِ وَرَمَيْتَ أَبَا جَعْفَرٍ بِنَظِيرِهِ لَكُنْتَ عَلَى طَرِيق التَّدْبِيرِ.
أَتَطْمَعُ أَنْ تُحَارِبَ أَبَا جَعْفَرٍ وَأَنْتَ بِحُلْوَانَ وَجَيْشُهُ بِالْمَدَائِنِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، لَيْسَ مَا ظَنَنْتَ لَكِنْ مَا بَقِيَ لَكَ إِلا أَنْ تَكْتُبَ إِلَى قُوَّادِكَ وَتَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: هَذَا رَأْيٌ إِنْ وَافَقَنَا عَلَيْهِ قُوَّادُنَا. قَالَ: فَمَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ تَخْلَعَ أَبَا جَعْفَرٍ وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ مِنْ قَوَّادِكَ! أَنَا أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ مِنْ قَتِيلٍ، أَرَى أَنْ تُوَجِّهَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ تَسْأَلُهُ الأَمَانَ فَإِمَّا صَفْحٌ وَإِمَّا قَتْلٌ عَلَى عِزٍّ قَبْلَ أَنْ تَرَى الْمَذَلَّةَ مِنْ عَسْكَرِكَ إِمَّا قَتَلُوكَ وَإِمَّا أَسْلَمُوكَ. قَالَ: فَسَفَرَتِ السُّفَرَاءُ بَيْنَهُمَا وَأَعْطَاهُ أَبُو جَعْفَر أَمَانًا مُؤَكَّدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو مُسْلِمٍ لِحِينِهِ ثُمَّ بَعَثَ الْمَنْصُورُ أَمِيرًا إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ لِيَتَلَقَّاهُ وَلا يُظْهِرُ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمَنْصُورِ لِيُطَمْئِنَهُ وَيَذْكُرُ حُسْنَ نِيَّةِ الْخَلِيفَةِ لَهُ، فَلَمَّا أَتَاهُ وَحَدَّثَهُ فَرِحَ الْمَغْرُورُ وَانْخَدَعَ، فَلَمَّا وَصَلَ الْمَدَائِنَ أَمَرَ الْمَنْصُورُ الأَعْيَانَ فَتَلَقَّوْهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ سَلَّمَ قَائِمًا فَقَالَ الْمَنْصُورُ: انْصَرِفْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَاسْتَرِحْ وَادْخُلِ الْحَمَّامَ ثُمَّ اغْدُ عَلَيَّ، فَانْصَرَفَ، وَكَانَ مِنْ نِيَّةِ الْمَنْصُورِ أَنْ يَقْتُلَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَمَنَعَهُ وَزِيرُهُ أَبُو أَيُّوبَ، قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: فَدَخَلْتُ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَقَالَ لِيَ الْمَنْصُورُ أَقْدِرُ عَلَى هَذَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ وَلا أَدْرِي مَا يَحْدُثُ فِي لَيْلَتِي، وَكَلَّمَنِي فِي الْفَتْكِ بِهِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ فَكَّرْتُ فَقَالَ: يَا بْنَ اللَّخْنَاءِ لا مَرْحَبًا بِكَ أَنْتَ مَنَعْتَنِي مِنْهُ أَمْسَ وَاللَّهِ مَا غَمَضْتُ الْبَارِحَةَ، ادْعُ لِي عُثْمَانَ بْنَ نَهِيكٍ، فَدَعَوْتُهُ، فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ كَيْفَ بَلا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: إِنَّمَا أَنَا عَبْدُكَ وَلَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَتَّكِئَ عَلَى سَيْفِي حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِي لَفَعَلْتُ، قَالَ: كَيْفَ أَنْتَ إِذَا أَمَرْتُكَ بِقَتْلِ أَبِي مُسْلِمٍ؟ فَوَجَمَ لَهَا سَاعَةً
لا يَتَكَلَّمُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ لا تَتَكَلَّمُ! فَقَالَ قَوْلةً ضَعِيفَةً: «أَقْتُلُهُ» . فَقَالَ:
انْطَلِقِ اذْهَبْ فجيء بِأَرْبَعَةً مِنْ وُجُوهِ الْحَرَسِ وَشُجْعَانِهِمْ، فَذَهَبَ فَأَحْضَرَ شَبِيبُ بْنُ وَاجٍ وَثَلاثَةٌ فَكَلَّمَهُمْ فَقَالُوا: نَقْتُلُهُ، فَقَالَ: كُونُوا خَلْفَ الرِّوَاقِ فَإِذَا صَفَّقْتُ فَدُونُكُمُوهُ، ثُمَّ طَلَبَ أَبَا مُسْلِمٍ فَأَتَاهُ، وَخَرَجْتُ لِأَنْظُرَ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَتَلَقَّانِي أَبُو مُسْلِمٍ دَاخِلا فَتَبَسَّمَ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَدَخَلَ فَرَجَعْتُ فَإِذَا بِهِ مَقْتُولٌ، قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ أَبُو الْجَهْمِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلا أَرُدَّ النَّاسَ؟
قَالَ: بَلَى، فَأَمَرَ بِمَتَاعٍ يُحَوَّلُ إِلَى رِوَاقٍ آخَرَ وَفُرُشٍ، وَقَالَ أَبُو الْجَهْمِ لِلنَّاسِ:
انْصَرِفُوا فَإِنَّ الأَمِيرَ أَبَا مُسْلِمٍ يُرِيدُ أَنْ يُقِيلَ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَأَوُا الْمَتَاعَ يُنْقَلُ فَظَنُّوهُ صَادِقًا فَانْصَرَفُوا وَأَمَرَ الْمَنْصُورُ لِلأُمَرَاءِ بِجَوَائِزِهِمْ، قَالَ أَبُو أَيُّوبَ:
فَقَالَ لِيَ الْمَنْصُورُ: دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو مُسْلِمٍ فَعَاتَبْتُهُ ثُمَّ شَتَمْتُهُ فَضَرَبَهُ عُثْمَانُ بْنُ نَهِيكٍ فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا وَخَرَجَ شَبِيبُ بْنُ وَاجٍ [1] وَأَصْحَابَهُ فَضَرَبُوهُ فَسَقَطَ، فَقَالَ وَهُمْ يَضْرِبُونَهُ: الْعَفْوَ، فَقُلْتُ: يَا بْنَ اللَّخْنَاءِ الْعَفْوَ وَالسُّيُوفُ قَدِ اعْتَوَرَتْكَ، ثُمَّ قُلْتَ: اذْبَحُوهُ، فَذَبَحُوهُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ أُلْقِيَ فِي دِجْلَةَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: خَلُّوهُ فَقَالَ الْمَنْصُورُ: أَخْبِرْنِي عَنْ سَيْفَيْنِ أَصَبْتَهُمَا فِي مَتَاعِ عَبْدِ اللَّهِ ابن عَلِيٍّ، فَقَالَ: هَذَا أَحَدُهُمَا قَالَ: أَرِنِيهِ فَانْتَضَاهُ فَنَاوَلَهُ، فَهَزَّهُ الْمَنْصُورُ ثُمَّ وَضَعَهُ تَحْتَ فِرَاشِهِ وَأَقْبَلَ يُعَاتِبُهُ، وَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ كِتَابِكَ إِلَى أَخِي أَبِي الْعَبَّاسِ تَنْهَاهُ عَنِ الْمَوْتِ أَرَدْتَ أَنْ تُعَلِّمَنَا الدِّينَ، قَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّ أَخْذَهُ لا يَحِلُّ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ تَقَدُّمِكَ إِيَّايَ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ، قَالَ: كَرِهْتُ اجْتِمَاعَنَا عَلَى الْمَاءِ فَيَضُرُّ ذَلِكَ بِالنَّاسِ، قَالَ: فَجَارِيةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ أَرَدْتَ أَنْ تَتَّخِذَهَا، قَالَ: لا وَلَكِنْ خِفْتُ أَنْ تَضِيعَ فَحَمَلْتُهَا فِي قُبَّةٍ وَوَكَّلْتُ بِهَا مَنْ يَحْفَظُهَا، قَالَ: فَمُرَاغَمَتِكَ وَخُرُوجِكَ إِلَى خُرَاسَانَ، قَالَ: خِفْتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَكَ مِنِّي شَيْءٌ فَقُلْت أَذْهَبُ إِلَيْهَا وَأَكْتُبُ إِلَيْكَ بِعُذْرِي، وَالآنَ قَدْ ذَهَبْتَ مَا في
[1] في الأصل «واح» والتحرير من السياق وتاريخ ابن الأثير 5/ 474 والطبري 7/ 488.
نَفْسِكَ عَلَيَّ. قَالَ: تاللَّه مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى يَدِهِ فَخَرَجُوا عَلَيْهِ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: ألَسْتَ الْكَاتِبُ إِلَيَّ تَبْدَأُ بِنَفْسِكَ، وَالْكَاتِبُ إِلَيَّ تَخْطُبُ عَمَّتِي أَمِينَةَ وتزعم أنك ابن سُلَيْطِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَمَا الَّذِي دَعَاكَ إِلَى قَتْلِ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ مَعَ أَثَرِهِ فِي دَعْوَتِنَا وَهُوَ أَحَدُ نُقَبَائِنَا! فَقَالَ: عَصَانِي وَأَرَادَ الْخِلافَ عَلَيَّ فَقَتَلْتُهُ فَقَالَ: فَأَنْتَ تُخَالِفُ عَلَيَّ! قَتَلَنِي اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ، وَضَرَبَهُ بِعَمُودٍ ثُمَّ وَثَبُوا عَلَيْهِ. وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ مِنْ شَعْبَانَ.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ قَدْ قَتَلَ فِي دَوْلَتِهِ وَفِي حُرُوبِهِ سِتِّمِائَةِ أَلْفٍ صَبْرًا، وَقِيلَ إِنَّهُ لَمَّا سَبَّهُ الْمَنْصُورُ انْكَبَّ عَلَى يَدِهِ يُقَبِّلُهَا وَيَعْتَذِرُ، وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَهُ عُثْمَانُ فَمَا صَنَعَ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ قَطَعَ حَمَائِلَ سَيْفِهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمَؤْمِنِينَ اسْتَبْقِنِي لِعَدُوِّكَ، قَالَ: إِذًا لا أَبْقَانِي اللَّهُ وَأَيُّ عَدُوٍّ أَعْدَى لِي مِنْكَ، ثُمَّ هَمَّ الْمَنْصُورُ بِقَتْلِ أَبِي إِسْحَاقَ صَاحِبِ حَرَسِ أَبِي مُسْلِمٍ وَبِقَتْلِ نَصْرِ بْنِ مَالِكٍ، فَكَلَّمَهُ فِيهِمَا أَبُو الْجَهْمِ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جُنْدُهُ جُنْدُكَ أَمَرْتَهُمْ بِطَاعَتِهِ فَأَطَاعُوهُ، ثُمَّ أَجَازَهُمَا وَأجَازَ جَمَاعَةً مِنْ كِبَارِ قُوَّادِهِ بِالْجَوَائِزِ السَّنِيَّةَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ. ثُمَّ كَتَبَ بِعَهْدِ خَالِدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَى خُرَاسَانَ وَمَا وَرَاءَهَا.
قَالَ خَلِيفَةُ [1] : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنُ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: قَتَلَهُ الْمَنْصُورُ وَهُوَ فِي سُرَادِقٍ ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى فَجَاءَ فَأَعْلَمَهُ فَأَعْطَاهُ الرَّأْسَ وَالْمَالَ فَخَرَجَ بِهِ وَنَثَرَ الْمَالَ عَلَى الْخُرَاسَانِيَّةَ فَتَشَاغَلُوا بِالذَّهَبِ [2] .
وَفِيهَا خَرَجَ سِنْبَاذُ بِخُرَاسَانَ لِلطَّلَبِ بِثَأْرِ أَبِي مُسْلِمٍ، وَكَانَ سِنْبَاذٌ مَجُوسِيًّا تَغَلَّبَ عَلَى نَيْسَابُورَ وَالرَّيِّ وَأَخَذَ خَزَائِنَ أَبِي مُسْلِمٍ وتقوّى بها، فجهّز المنصور
لِحَرْبِهِ جَهْوَرَ بْنَ مَرَّارٍ الْعِجْلِيَّ فِي عَشَرَةِ آلافٍ فَكَانَتِ الْوَقْعَةُ بَيْنَ الرَّيِّ وَهَمَذَانَ وَكَانَتْ مَلْحَمَةً مُهَوِّلَةً فَهُزِمَ سِنْبَاذٌ وقُتِلَ مِنْ جَيْشِهِ نَحْوٌ مِنْ سِتِّينَ أَلْفًا، وَكَانَ غَالِبُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجِبَالِ، وَسُبِيَتْ ذَرَارِيهِمْ، ثُمَّ قُتِلَ سِنْبَاذٌ بِقُرْبِ طَبَرِسْتَانَ.
وَفِيهَا خَرَجَ مُلَبَّدُ بْنُ حَرْمَلَةَ الشَّيْبَانِيُّ مُحَكِّمًا بِنَاحِيَةِ الْجِزِيرَةِ، فَانْتَدَبَ لِقِتَالِهِ أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ عَسْكَرِ النَّاحِيَةِ فَهَزَمَهُمْ مُلَبَّدٌ، ثُمَّ الْتَقَاهُ عَسْكَرُ الْمَوْصِلِ فَهَزَمَهُمْ.
ثُمَّ سَارَ لِحَرْبِهِ يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُهَلَّبِيُّ، فَهَزَمَهُ مُلَبَّدٌ وَاسْتَفْحَلَ شَرُّهُ. ثُمَّ جَهَّزَ الْمَنْصُورُ لِحَرْبِهِ مُهَلْهَلَ بْنَ صَفْوَانَ فِي أَلْفَيْنِ نَقَاوَةً فَهَزَمَهُمْ مُلَبَّدٌ وَاسْتَوْلَى عَلَى عَسْكَرِهِمْ. ثُمَّ وَجَّهَ إِلَيْهِ جَيْشًا آخَرَ فَهَزَمَهُمْ وَعَظُمَتْ هَيْبَتُهُ وَبَعُدَ صِيتُهُ فَسَارَ لِحَرْبِهِ جَيْشٌ لَجِبٌ وَعِدَّةُ قُوَّادٍ فَهَزَمَهُمْ، وَتَحَصَّنَ مِنْهُ حُمَيْدُ بْنُ قُحْطُبَةَ وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِيَكُفَّ عَنْهُ.
وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ، فَذَكَر أَنَّ خُرُوجَ مُلَبَّدٍ كَانَ فِي الْعَامِ الآتِي.
وَمَاتَ أَمِيرُ مَكَّةَ الْعَبَّاسُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِعبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ وَوَلِيَ بَعْدَهُ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيُّ، وَوَلِيَ إِمْرَةَ مِصْرَ الأَمِيرُ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيُّ.