الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ارْبَعْ وتسع ماية
استهلت والخليفة ابوالصبر يَعْقُوب بن عبد الْعَزِيز العباسي وَالسُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قايتباي والاتابكي بِمصْر الامير ازبك الظَّاهِرِيّ وَهُوَ منجمع فِي بَيته قَلِيل الدُّخُول فِي الامور والدوادار الْكَبِير بِمصْر الامير قانصوه خَال السُّلْطَان وَكَاتب السِّرّ الشريف القَاضِي بدر الدّين مُحَمَّد بن مزهر الانصاري وَهُوَ الْآن بِمَكَّة المشرفة وناظر الْخَواص القَاضِي نور الدّين على بن الصَّابُونِي الْبكْرِيّ ونائب الشَّام كرتباي الاحمر وقضاة دمشق شهَاب الدّين بن فرفور الشَّافِعِي وَابْن اخيه بدر الدّين مُحَمَّد بن الفرفور الْحَنَفِيّ وَنجم الدّين بن مُفْلِح الْحَنْبَلِيّ وشمس الدّين مُحَمَّد الطولقي الْمَالِكِي وَكَاتب السِّرّ بِدِمَشْق محب الدّين مُحَمَّد الْحلَبِي وناظر الْجَيْش زين الدّين عمر بن النيربي الْحلَبِي هُوَ الْآن بطرِيق مَكَّة
الْمحرم مستهله الاحد تَاسِع عشر آب عَشِيَّة الِاثْنَيْنِ ثَانِيه وصل ملك الامراء من نَاحيَة عجلون بعد ان بنى بقرية ابْن ساعد صَخْرَة قلعة واقام فِيهَا مقاتلة واضاف اليهم جمَاعَة من العشير ثالثه سلمنَا عَلَيْهِ وَجرى
الْكَلَام فِيمَا فعله ازبك القجماسي من اخذه جمَاعَة الْبِلَاد المقيمين بِدِمَشْق اهل صرخد وَغَيرهم وَقَالَ انما قلت لَهُ انه يكلم من لَهُ سِتّ سِنِين فَمَا دونهَا فَمن وَافق يذهب وَمن امْتنع لَا يجْبر على الذَّهَب فتوعد فِي هَذَا الْمجْلس ازبك الْمَذْكُور الَّذِي اقامه ببصرى
رابعه وصل الْخَبَر بِأَن ابْن ساعد لما ذهب ملك الامراء عَن الْمَكَان الَّذِي بناه فِي مَكَان ابْن ساعد وَمَعَهُ خلائق واحاطوا بِمن فِيهَا وهم الْآن فِي حِصَار اللَّهُمَّ دبر
ثَالِث عشره وصل من كَانَ فِي القلعة الَّتِي بنيت فِي بلد ابْن ساعد وحكوا ان العربان كَثُرُوا عَلَيْهِم فَهَرَبُوا وتقدمهم جمَاعَة من المعمارية وَغَيرهم فَلم يدر هَل قتلوا اَوْ هربوا وَوصل ابْن الْعَطَّار الصَّغِير وضربه وَالْمقر الكافلي مَرَّات بِسَبَب هربه فَاعْتَذر لَهُ بانه عاين الْهَلَاك وَذَهَاب الرّوح
وَفِيه اخذ الكافل فِي الاهبة واكد على تَحْصِيل العبيد الْكِبَار وكل من عِنْده عبد كَبِير يحضر لَهُ فيراضي صَاحبه فبعضهم تَركه لَهُ وَبَعْضهمْ يَأْخُذ ثمنه على حسب مَا يقومه دلال الرَّقِيق ابْن النابلسي رَابِع عشره مستهل ايلول
خَامِس عشره جَاءَت الاخبار بِحُصُول خبطة بَين السيفية وَالسُّلْطَان وانهم احضروا المباشرين ورموا على كل مِنْهُم شَيْئا وَكَذَلِكَ التُّجَّار الْكِبَار وقفلت الاسواق ثمَّ جعل عل كل سوق شَيْء معِين يستخلص وفتحوا حوانيتهم
وَفِيه اسْتَقر الْحَال فِي الْجَامِع الْأمَوِي ان من اقامه الكافل متكلما
بالجامع وَهُوَ القَاضِي عَلَاء الدّين نَاظر جَيش طرابلس كتب اسماء الْمُسْتَحقّين وَمَا لَهُم من المعاليم فَلَمَّا فرغ من ذَلِك قَالَ ان الكافل امْر بالاجتماع عِنْده وكل من لَهُ وَظِيفَة يَأْتِي بمستندها إِلَى حَضرته
ثمَّ حَضَرُوا فِي يَوْمَيْنِ من هَذَا الشَّهْر وَحضر الْقُضَاة والمشايخ وَقرر من يُبَاشر وَمنع من لَا يُبَاشر بِنَفسِهِ وَقرر للمؤذنين كل وَاحِد فِي كل سنة الْفَا وَثَمَانِينَ درهما
فِي سلخه اقام الامير مُحَمَّد بن يزِيد متكلما عوضا عَن نَاظر الْجَيْش الْمَذْكُور وَتوجه نَاظر الْجَيْش إِلَى ثغر بيروت فِي شغل للْمقر الكافلي
سلخه توفّي امين الدّين مُحَمَّد بن الطَّوِيل كَانَ من موقتي الْجَامِع الْأمَوِي وَيعرف شَيْئا من الْمِيقَات وَكَانَ ملازما للجامع فِي الْغَالِب خَفِيف الرّوح حسن المحاضرة رَحمَه الله تَعَالَى وَنزل عَن وظائفه لبرهان الدّين ابْن الاخنائي وشهاب الدّين بن عبد الْحق وَآخر وَلم يمض قَاضِي الْقُضَاة شَيْئا فِي ذَلِك للسَّيِّد ابراهيم الصلتي بمبلغ قيل مائَة
صفر مستهله الِاثْنَيْنِ سَابِع عشر ايلول فِي ليلته ارسل الكافل إِلَى الشَّيْخ شهَاب الدّين المحوجب الْوَالِي وعدة من الاعوان بعد الْعشَاء فأحضروه اليه فَقَالَ لَهُ انت كاتبت ابْن ساعد وانت عَدو فَأنْكر ذَلِك وَقَالَ الَّذِي قَالَ عني حرر امْرَهْ فَأمر بالذهاب بِهِ إِلَى القجماسية فَبَاتَ بهَا ثمَّ حضر قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي وَمَعَهُ بَقِيَّة قُضَاة الْقُضَاة عِنْده بِسَبَب امْر الْجَامِع الْأمَوِي فَفِي آخر الْمجْلس ذكره قَاضِي الْقُضَاة ولطف الْكَلَام مَعَ الكافل فتوقف وَلَا زَالَ عَلَيْهِ إِلَى ان احضر فِي الْمجْلس فَأَعَادَ عَلَيْهِ واعاد الْجَواب وَحصل فِي الْمجْلس من قَاضِي الْقُضَاة امشار اليه امور عرفت لَهُ جزاه الله خيرا وَكَانَت لَهُ الْيَد الْبَيْضَاء فِي الْوَاقِعَة وَقد منحه الله تَعَالَى قُوَّة مِنْهُ يحصل بهَا الاغراض الْخَيْرِيَّة وخصوصا مَعَ هَذَا الكافل فَإِن شجاعته فِي الذرْوَة الْعليا ومراددة الْكَلَام
مَعَه لَا يقدر عَلَيْهَا اُحْدُ لقُوَّة نَفسه فيسر الله اطلاقه وَذهب إِلَى منزله جعله الله من الْآمنينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ثمَّ سعى بَاطِنا فِي ازاحة مَا فِي خاطره وَتَحْقِيق كذب النَّاقِل وَيُقَال ان النَّاقِل إِلَى الكافل هَذَا الْكَلَام المختلق سعيد بن الْعَاق شيخ الْبِلَاد وَهُوَ عَدو مُحَمَّد بن ساعد
فِي اوائله بَدَأَ القَاضِي نجم الدّين بن مُفْلِح الْحَنْبَلِيّ الدَّرْس عِنْد محراب جَامع الْحَنَابِلَة قرئَ عَلَيْهِ فِي شرح الْمقنع لوالده شيخ الاسلام شهَاب الدّين بن مُفْلِح رَحمَه الله تَعَالَى
ثالثه وصل الْحَاج واميرهم دولات باي من جمَاعَة المرحوم قانصوه اليحياوي وَذكروا عَنهُ انه كَانَ خَفِيف الْوَطْأَة حسن المداراة للْعَرَب وَغَيرهم وَلم يحصل للْحَاج فِي الذّهاب والاياب ضَرَر الا بَين الْحَرَمَيْنِ خرجت عَلَيْهِم فرقة وسلمهم الله تَعَالَى وصحبتهم الخواجا زين الدّين عمر بن النيربي ورافقهم عمرَان بن ملاك شيخ الْعَرَب من بني لَام وَحصل للْحَاج بهم رفق زَائِد وامن وَذكروا ان القَاضِي كَاتب السِّرّ الشريف ذهب إِلَى مصر من مَكَّة واهل مَكَّة كلهم متكدرون مِنْهُ وَذكروا ان الرُّخص كَانَ مَعَهم كثير وَالْمَاء كثير وَوصل صحبتهم صاحبنا شهَاب الدّين احْمَد بن العظماني طَالب علم يحفظ الْقُرْآن جاور سنتَيْن واشتغل هُنَاكَ وَذكر لي ان الْفُضَلَاء بِمَكَّة قَلِيلُونَ وان سوق الْعلم كاسد كَمَا بِدِمَشْق وَغَيرهَا من الْبلدَانِ وَالله تَعَالَى يلطف وَيُدبر الْجُمُعَة ثَانِي عشره مَاتَت ام القَاضِي شمس الدّين بن يُوسُف الْمَالِكِي وَكَانَت دينة خيرة ودفنت بمقبرة بَاب الفراديس خَارج دمشق وَصلي عَلَيْهَا بالجامع الْأمَوِي رَحمهَا الله تَعَالَى
ثَالِث عشره توفّي ابْن يُوسُف الرُّومِي وَكَانَ لَهُ ابْنة فَالْحَمْد لله
رَابِع عشره مستهل تشرين الاول حضر قَاضِي الْقُضَاة الدَّرْس بالجامع الْأمَوِي وَقُرِئَ عَلَيْهِ من اول شرح منهاج الْفِقْه للشَّيْخ جلال الدّين الْمحلي والقارئ شهَاب الدّين بن سَالم
وَفِيه توفّي بدر الدّين حسن بن التَّاج كَانَ شَاهدا بمركز بَاب السريجة ملازما للْجَمَاعَة سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده وَخلف ابْنَيْنِ وبنتين وتركة نَحْو ثلثمِائة دِينَار وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير شمالها رَحمَه الله تَعَالَى
خَامِس عشره سَافر الكافل من نَاحيَة الْكسْوَة وَلَا يعلم ايْنَ يذهب لَكِن يغلب على ظن النَّاس انه قَاصد بِلَاد مُحَمَّد بن ساعد
سادس عشره تحول الكافل إِلَى الْكسْوَة ضحوة بعد ان سلم عَلَيْهِ الْقُضَاة بالمنزلة الاولى جعل الله حركته خيرا
ثامن عشره بدأنا الدَّرْس بالجامع الْأمَوِي ونسأل الله تَعَالَى ان يَجْعَل اعمالنا خَالِصَة لوجهه الْكَرِيم درس فِي مُخْتَصر الْحَاوِي لِابْنِ الْمقري ودرسان فِي الْمِنْهَاج ثمَّ درس الْفَرَائِض فِي الْمِنْهَاج ايضا
عشريه وصل نَائِب قلعة الرّوم اخو نَائِب حمص كِلَاهُمَا من الغادريين وَاخْبَرْ بِأَن الامير آقبردي اخذ قلعة الرّوم وانه الْآن يحاصر عينتاب وانه مشرف على اخذهما وان اهل حلب فِي اضْطِرَاب بِسَبَب ذَلِك ويسبون نَائِب قلعة حلب إِلَى انه من فرقة آقبردي بَاطِنا احسن الله
الْعَاقِبَة وَفِيه جَاءَ الْخَبَر بِأَن الكافل توجه إِلَى اربد وان مُحَمَّد بن ساعد اجلا من الْبِلَاد والتحق بالعرب
وَفِيه وصل من الْقَاهِرَة من اخبر ان قَاصد الكافل وصل وَتوجه اليه من الطَّرِيق وَمَعَهُ المرسوم باستمرار القلعة بيد الكافل وانه متصرف من الْفُرَات إِلَى الْعَريش وَذكروا ان الامير الْكَبِير ازبك والامير قصروه مقدم الف ساعدا فِي ذَلِك مساعدة عَظِيمَة وَحصل بِهَذَا للنَّاس آمال وتمهدت الامور بِحَمْد الله
خَامِس عشريه بَدَأَ شيخ الاسلام تَقِيّ الدّين بالدرس بالجامع بالمشهد الشَّرْقِي وقريء عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَة للنووي درسان بدر الدّين الياسوفي وشمس الدّين الكفرسوسي وَحضر عِنْده جمَاعَة من الْفُضَلَاء
وَفِيه وصل الْخَبَر بِأَن آقبردي بِمن مَعَه تحولوا إِلَى مَكَان بِهِ عُيُون مَاء كَثِيرَة بَينه وَبَين حلب يَوْم وَاحِد للخيال
ربيع الاول مستهله الثُّلَاثَاء ثامن عشر تشرين الاول ثالثه وصل الكافل من السّفر بعد ان وصل إِلَى بِلَاد ابْن ساعد وَخرب مَا بَقِي من الْقرى الَّتِي بهَا وقريته وَسلم عَلَيْهِ شيخ الاسلام بعد الْعَصْر وَنحن مَعَه وَسَأَلَ عَن الْمَأْخُوذ من الْعَرَب فِي هَذِه الْمرة وَالَّذين اخذوا الْحَاج فَقيل لَهُ الَّذِي يتَعَلَّق بالمباح من علم شَيْئا لَهُ يدْفع اليه راتبه وان جهل صَاحبه فيحفظ فِي بَيت المَال ثمَّ ذكر الكافل مَا اشْتَمَل هَؤُلَاءِ الْعَرَب من قطع الطَّرِيق وانكار الْبَعْث وَغير ذَلِك من الانحلال عَن الْملَّة وَكَانَ لما دخل مَعَه نسَاء الْعَرَب واولادهم اشار عَلَيْهِ قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي ان يُطْلِقهُمْ فَأَطْلَقَهُمْ من رَأس القبيبات جزاه الله خيرا وَفِيه وصل الْخَبَر بعزل حَاجِب الْحجاب
وَتَوَلَّى عوضه شخص من الْقَاهِرَة مَمْلُوك يُسمى قانصوه بن سُلْطَان شركس
سادسه توفّي شهَاب الدّين مُحَمَّد الحجيني الْحَنَفِيّ نَائِب حكم وَكَانَ لَهُ مداخلات فِي الاوقاف وخصوصا الْمُتَعَلّقَة بالحنفية وَدفن بالصالحية بالسفح رَحمَه الله تَعَالَى
وَفِيه وصل متسلم الْحَاجِب فصادف الكافل ضَعِيفا فَلم يقْرَأ مراسيمه وَفِيه لبس قَاضِي الْقُضَاة الْحَنْبَلِيّ نجم الدّين بن مُفْلِح خلعة باستمراره فِي قَضَاء الْقُضَاة وقريء توقيعه بالجامع الْأمَوِي
عاشره توفّي كافل الْبِلَاد الشامية كرتباي الاحمر وَقت اذان الصُّبْح وَدفن بتربة قجماس شَرْقي دَار النِّيَابَة بعد ان تقدم للصَّلَاة عَلَيْهِ قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي
ثَانِي عشره وصل من الْقَاهِرَة الْحَاجِب الْكَبِير وَنزل بِبَيْت الامير قرقماس بحارة السُّلَيْمَانِي وَحصل بَينه وَبَين دوادار السُّلْطَان اخْتِلَاف بِسَبَب نِيَابَة الْغَيْبَة محتجا الْحَاجِب بِأَن الْعَادة عِنْد موت النَّائِب ان يتَوَلَّى بعده الْحَاجِب الْبَلَد إِلَى ان يحضر الكافل الْجَدِيد ودوادار السُّلْطَان ينازعه فِي ذَلِك وَيَقُول ان تَرِكَة الكافل انا صَارَت فِي ذِمَّتِي وانا الَّذِي اباشر إِلَى ان يحضر ثمَّ اسْتَقر الْحَال على دوادار السُّلْطَان إِلَى حِين حُضُور جَوَاب من مصر
رَابِع عشره مستهل تشرين الثَّانِي حادي عشريه بَدَأَ قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي فِي اقراء جمع الْجَوَامِع للمحلي بمنزله قرب الناصرية وَمد للطلبة سماطا عَظِيما
ثَالِث عشريه جَاءَ دوادار السُّلْطَان نَائِب الْغَيْبَة بِدِمَشْق خلعة من حلب من كافلها جَان بلاط باستمراره فِي نِيَابَة الْغَيْبَة وَعجب النَّاس من ذَلِك وَفِيه شاع الْخَبَر مِمَّن قدم من حلب ان كافل حماه دولات باي وصل إِلَى حلب بعساكره وان الدوادار آقبردي قَارب حلب وَحَصَّنُوهَا وَمن كَانَ سَاكِنا خَارِجهَا دخل غالبهم إِلَى السُّور وان الْقرى الَّتِي حواليها اخليت نسْأَل الله الْعَافِيَة وَحصل لأهل دمشق من ذَلِك نوع وَجل آمنهما الله وَسَائِر بِلَاد الْمُسلمين
تَاسِع عشريه وصل الْخَبَر بِمَوْت السُّلْطَان مُحَمَّد بن قايتباي فِي يَوْم الاربعاء سادس عشره خرج إِلَى الصَّيْد فَضَربهُ بعض اركان دولته فِي رقبته وَذَلِكَ فِي يَوْم الاربعاء سادس عشره وَدفن عِنْد ابيه السُّلْطَان قايتباي بالقرافة جوَار تربة بني مزهر وَحصل بَين الْعَسْكَر اضْطِرَاب وَعرض الامر على الاتابكي ازبك وعَلى تنبك الجمالي فامتنعا ثمَّ تمّ الامر لخال السُّلْطَان الْمَقْتُول قانصوه وزينت دمشق وَحصل من الْمَفَاسِد بذلك مَا لَا يُمكن حصره
ربيع الآخر مستهله الْخَمِيس ثَانِي عشر تشرين الثَّانِي اسْتهلّ
وَالنَّاس فِي الزِّينَة بأسواق الْبَلَد واتسع امْر الْفسق وَالْفساد بَينهم على وَجه لم يسمع بِمثلِهِ
مستهله سَافر شيخ الاسلام تَقِيّ الدّين بن قَاضِي عجلون الشَّافِعِي إِلَى الْبِقَاع ثمَّ إِلَى بيروت وَاسْتقر بهَا
خامسه رفعت الزِّينَة من الْبَلَد عاشره وصل من مصر الْحَاجِب الثَّانِي الْمُتَوَلِي جَدِيدا عوضا عَن الَّذِي ذهب بِسيف الكافل الْمُتَوفَّى وَوصل متسلم نَائِب القلعة بِدِمَشْق وَهُوَ آقباي الَّذِي كَانَ حواطا على تَرِكَة قانصوه اليحياوي وابلى فِي فتْنَة الِاخْتِلَاف سنة ثَلَاث بلَاء حسنا وَوصل حواط على الاغنام والابل والابقار الَّتِي كَانَ قد نهبها الْمُتَوفَّى من الْبِلَاد واخبروا باستقرار امْر الامامة الْعُظْمَى لمتوليها اكمل الله للْمُسلمين دفع الِاخْتِلَاف والفتن ثَانِي عشره جَاءَ الْخَبَر من حلب ان الامراء الخارجين حصل لَهُم انتصار بعد ان الْتَقَوْا مَعَ العساكر بحلب وَجَاء القصاد بِطَلَب عَسْكَر من الشَّام نجدة ثَالِث عشره مستهل كانون الاول وصل الْخَبَر بِأَن الْحصار قوي بالمملكة الحلبية وان الدوادار نزل بحارات حلب البرانية وان عَلَاء الدولة صَار بِبَاب الله خَارج حلب بعساكر كَثِيرَة وان آقباي مَعَه عدَّة من الْمُقَاتلَة يحْتَاط بحلب يمْنَع دُخُول امير اَوْ خُرُوج اُحْدُ اللَّهُمَّ فرج واعذنا من الْفِتَن
ثَانِي عشريه وصل الامير اركماس كافل طرابلس إِلَى مسطبة السُّلْطَان ببرزة مستحثا عَسْكَر الشَّام للذهاب إِلَى نَاحيَة المملكة الحلبية بِسَبَب حِصَار حلب ثَالِث عشريه وصل كافل صفد لذَلِك ايضا وَنزل بمنزله بالقنوات خَامِس عشريه اول الاربعينات وصل آقباي نَائِب القلعة من مصر وَهُوَ الَّذِي كَانَ بالقلعة فِي الْعَام الْمَاضِي من زعماء من حصنها ودافع عَنْهَا نسْأَل الله الامان لنا وللمسلمين
تَاسِع عشريه وصل الامير قصروه وَنزل بدار النِّيَابَة وَمَعَهُ جمَاعَة نَحْو
الْمِائَة مقاتلة وَجَمَاعَة آخَرُونَ وَهُوَ الْآن مُتَوَلِّي كَفَالَة المملكة الحلبية حماها الله وَسَائِر بِلَاد الْمُسلمين
عشريه وصل من الْقُدس الشريف الشَّيْخ الْقدْوَة الْعَلامَة الْمُحَقق برهَان الدّين ابراهيم الشَّافِعِي وَنزل الخانقاه السميساطية بالخلوة الَّتِي بإيوانها القبلى وَسلم عَلَيْهِ مَوْلَانَا قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي وَبَقِيَّة قُضَاة الْقُضَاة وَحصل بِهِ الانس لأهل دمشق فَإِنَّهُ من الْعلمَاء الاقدمين وَله الْيَد الطُّولى فِي علم التصوف والعلوم نفع الله ببركته آمين وَذكر لي ان مولده سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وثمان ماية
فِي اواخره وصل المرسوم باستقرار الْحَاجِب الْكَبِير نَائِب الْغَيْبَة على الْعَادة
جُمَادَى الاولى مستهله الْجُمُعَة ثَانِي عشر كانون الاول ثالثه طلب الامير قصروه من اهل القلعة ان يسلموه تَرِكَة الكافل كرتباي فتوقفوا ثمَّ سلمُوا وَذكر ان قَصده ان يستوعب تِلْكَ النُّقُود وَغَيرهَا فِيهَا ذهب خَمْسَة وَسَبْعُونَ الف دِينَار كَمَا قيل
ووصلت الاخبار ان فرقة كَبِيرَة من الاكراد بَين حلب وحماة حازهم عَلَاء الدولة إِلَى عِنْده فنزلوا قريب الْجَمَاعَة الَّذين هُنَاكَ من الاتراك وَحكي ايضا ان الْغنم الَّذِي كَانَ واصلا إِلَى دمشق استولى عَلَيْهِ الْجَمَاعَة وعَلى اصحابه اللَّهُمَّ الف بَين عَسَاكِر الْمُسلمين بِمَا شِئْت وَكَيف شِئْت انك على مَا تشَاء قدير
رابعه اجْتمعت بالشيخ برهَان الدّين بن شرِيف نفع الله ببركته وحصلت فَوَائِد مِنْهَا انه ذكر انه قريء عَلَيْهِ رِسَالَة الْقشيرِي بِالْقَاهِرَةِ فِي بعض السنين فوصل القاريء إِلَى بَاب الزّهْد فَقَرَأَ قَول ابي يزِيد
البسطامي اعاد الله من بركاته اقمت فِي مقَام الزّهْد ثَلَاثَة ايام وَفِي الرَّابِع قطعته فزهدت فِي الدُّنْيَا فِي الْيَوْم الاول وَفِي الْآخِرَة فِي الْيَوْم الثَّانِي وفرغت قلبِي من غير الله فِي الثَّالِث فَلم اجد فِي الرَّابِع فِي قلبِي غير الله قَالَ فَسَأَلت القاريء وَهُوَ الشريف السمهودي الْمُقِيم الْآن بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة إِذا فرغ قلبه من الدَّاريْنِ فَمَا هُوَ الَّذِي فعله فِي الْيَوْم الثَّالِث قَالَ فَمَا استحضرت لَهُ جَوَابا فَنمت تِلْكَ اللَّيْلَة فَرَأَيْت ابا يزِيد فِي النّوم وحصلت مِنْهُ مهابة عَظِيمَة ثمَّ سَأَلته عَن هَذِه الْمقَالة فَأجَاب بقوله الْمقَام فَلَمَّا استيقظت اراد ان نزهد فِي معالم الزّهْد وَعبر عَنهُ الصُّوفِيَّة الزّهْد فِي الزّهْد فَلَا نلحظه وَوَقع فِي هَذَا الْمجْلس محاضرات كَثِيرَة يطول ذكرهَا وَالْحَمْد لله
وَقد تَتَابَعَت الامطار بِحَمْد الله ثَلَاثَة ايام بلياليها إِلَى رَابِع عشره بعد ان كَانَت تباطأت وارتفع السّعر والقمح الْآن بمائتين وَالشعِير بِمِائَة الا انه قَلِيل جدا
خَامِس عشره وصل برهَان الدّين واخوه فرج ولدا المرحوم شادبك الجلباني من بِلَاد الْعَجم ذَهَبُوا إِلَى تِلْكَ الْبِلَاد عقب موت والدهم وجماعتهم إِلَى هَذِه الايام آمنُوا وجاؤوا
وَفِيه تتَابع سفر الْعَسْكَر بِدِمَشْق إِلَى نَاحيَة حلب فسافر دوادار السُّلْطَان بِدِمَشْق ونائب طرابلس اركماس ونائب صفد بردبك وحاجب الْحجاب بِدِمَشْق والاتابكي بِدِمَشْق قرقماس وَغَيرهم من الامراء والاجناد
سادس عشره وصل نَائِب غَزَّة قراجا وَتوجه إِلَى نَاحيَة حلب ايضا وَوصل الْخَبَر بِأَن عَسَاكِر من مصر خرجت آتِيَة للمهم الْمَذْكُور
حادي عشريه فوض قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي بِدِمَشْق نِيَابَة الحكم للْقَاضِي نجم الدّين مُحَمَّد بن شيخ الشَّافِعِيَّة بن قَاضِي عجلون وَذهب القَاضِي وجماعته مَعَه إِلَى الْبَيْت بعد ان البسه خلعة كاملية بسمور واطعمهم الْمَعْمُول وسقاهم السكر
ثَانِي عشريه وصل من مصر فرقة من مماليك من العساكر متوجهين نَاحيَة حلب سادس عشريه توفّي شهَاب الدّين احْمَد الحرستاني اُحْدُ التُّجَّار بِدِمَشْق لَهُ ثروة عَظِيمَة وَمَعَ ذَلِك كَانَ مقترا لَا يُعْطي الْفَقِير الا نَادرا وَصلي عَلَيْهِ بالجامع الْأمَوِي وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير
جُمَادَى الْآخِرَة مستهله الاحد ثَالِث عشر كانون الثَّانِي وصل الامير يلباي من مصر وَهُوَ الَّذِي كَانَ اتابكا بِدِمَشْق والآن مقدم بِمصْر وَنزل بمنزله عِنْد حارة السعاة ثَانِيه وصل مقدم آخر من مصر يُقَال لَهُ العجمي وتواترت المماليك السُّلْطَانِيَّة وَلم يرد فِي حلب الا انهم فِي حِصَار وَتَتَابَعَتْ الامطار بِدِمَشْق والثلج هَذِه الايام فَالْحَمْد لله سابعه وصل تنبك امير آخور بفرقة من مصر
ثامنه وصل تنبك الجمالي الباش وَنزل بِجَامِع تنكز ثمَّ انْتقل إِلَى بَيت نَائِب صفد عِنْد مدرسة شادبك وَمَعَهُ جمَاعَة وَهُوَ شيخ من قدماء المماليك نسْأَل الله تَعَالَى ان يحسن الْعَاقِبَة وَلَا يَجْعَل بَين الْمُسلمين سيفين مُخْتَلفين بِحَق نبيه مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم
خَامِس عشره وصل متسلم نَائِب دمشق من حلب وَدخل الْبَلَد وَنزل بدار النِّيَابَة والكافل إِلَى الْآن بحلب وَقد تحرر ان آقبردي وَمن مَعَه ارتفعوا عَن محاصرة حلب وتوجهوا إِلَى نَاحيَة بِلَاد عَلَاء الدولة وان كفال
الْبِلَاد عازمون على الرُّجُوع إِلَى بِلَادهمْ وَلَعَلَّ الله ان يطوي هَذِه الْفِتَن عَن خلقه انه على مَا يَشَاء قدير
سَابِع عشره وصل الكافل جَان بلاط الظَّاهِرِيّ إِلَى بَرزَة وَنزل بمسطبة السُّلْطَان وصحبته نَائِب غَزَّة ونائب صفد وَإِلَى الْآن مَا وصل اليه من هَذَا السُّلْطَان خلعة وَلَا تشريف وَقد عزم على الِاسْتِمْرَار على المصطبة إِلَى آخر الشَّهْر وَانْزِلْ حريمه فِي دَار قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي ابْن الفرفور
عشريه مستهل شباط وَقد تَتَابَعَت الامطار فِي كانون بِحَمْد الله
ثَالِث عشريه انفقوا على المماليك السُّلْطَانِيَّة من القلعة كل وَاحِد مائَة دِينَار وَعَن شَهْرَيْن نَفَقَة وجمل وَعشْرين اخرى وتحملوهم وهم سِتّمائَة مَمْلُوك ليتوجهوا إِلَى حلب مساعدة لنائبها الامير قصروه احسن الله الْعَاقِبَة
تَاسِع عشره قتل وَاحِد من المماليك الَّذين حَضَرُوا من مصر الامير خير الخيضري ابْن عَم المرحوم قَاضِي الْقُضَاة قطب الدّين الخيضري كَانَ جَالِسا بسوق جقمق فَمر عَلَيْهِ وضربه بِالسَّيْفِ فَقتله وَدفن بمقبرة الْبَاب الصَّغِير وَكَانَ رحمه الله من الاجواد ملازما للصلوات الْخمس مَعَ الْجَمَاعَة كثير الْعِبَادَة خَامِس عشريه توفّي الشَّيْخ مُحَمَّد الثابتي مُؤذن
الثابتية كَانَ فِي عشر السّبْعين ملازما للجامع مُقبلا على شَأْنه وَدفن بمقبرة الاشرفية بالقنوات عِنْد اخيه وابيه رَحِمهم الله تَعَالَى
وَكَانَ اخوه احْمَد ايضا ملازما لجامع الثابتية فِي الاذان والامامة من عمرهما على ذَلِك واما ابوهما فَكَانَ يحفظ الْقُرْآن وَقَرَأَ كثيرا وَكَانَ فِي رَمَضَان يخْتم كل يَوْم وَلَيْلَة ختمة وَفِي سنة من السنين قَرَأَ ثَلَاثِينَ ختمة ونسج ثَلَاثِينَ ثوبا فِي رَمَضَان وَحكى وَلَده مُحَمَّد عَنهُ انه حكى انه كثيرا مَا كَانَ يرى رجَالًا واقفين يصلونَ امام الْمِحْرَاب لَيْلًا لما كَانَ ينَام بالجامع بعد ان يغلق الابواب بِنَفسِهِ جمع الله بَيْننَا وَبينهمْ فِي مُسْتَقر رَحمته آمين
لَيْلَة سادس عشريه وَقع ثلج عَظِيم وَاسْتمرّ يَوْمَيْنِ وليلتين وَكَانَ قد حصل نَار على الزَّرْع فِي حوران وَلما تَتَابَعَت الامطار والثلوج على الكافل وَهُوَ نَازل بوطاقه ببرزه دخل عسكره إِلَى بيُوت القابون وَهُوَ مُقيم بالمصطبة فِي الْقصر وخدامه فِي الاسطبل تَحْتَهُ وَهُوَ منتظر مَجِيء خلعته من مصر
ثامن عشريه حصل مطر عَظِيم متتابع وتهدمت اماكن كَثِيرَة بِدِمَشْق ووكفت الاماكن كلهَا الا النَّادِر
رَجَب مستهله الِاثْنَيْنِ حادي عشر شهر شباط الثُّلَاثَاء ثَانِيه دخل الكافل دمشق من بَاب الْفرج لكَون خلعته إِلَى الْآن مَا وصلت وَحصل بقدومه قمع المفسدين وَكثر اللَّحْم وَالْخبْز وَغَيرهمَا
رابعه حصل الموكب والقضاة وَظهر مِنْهُ الانقياد للشريعة المطهرة
وَفقه الله تَعَالَى لِلْخَيْرَاتِ
وتواصلت الاخبار بِأَن آقبردي الدوادار وَمن مَعَه لما رجعُوا من حلب قصدُوا البيرة فَمَنعهُمْ عَنْهَا متسلمها بعد ان امكن ثقاتهم من الدُّخُول وانهم لَيْسُوا واثقين من عَلَاء الدولة
عاشره رسم الكافل على احْمَد مُسْتَأْجر سوق المرستان لشكاوي وَقعت عَلَيْهِ من التُّجَّار الساكنين فِي الحوانيت وانه ظلمهم فِي مَال جزيل وانفصل امْرَهْ على خمسماية دِينَار وَمِائَتَيْنِ ايضا ثمَّ شكى عَلَيْهِ ايضا مستحقوا المرستان من جِهَة معاليمهم وجراياتهم فأعيد إِلَى الترسيم وَذهب القَاضِي نجم الدّين الخيضري وَالْقَاضِي بهاء الدّين الباعوني إِلَى دَار النِّيَابَة ليحققوا عَلَيْهِ فَادّعى ان من جهتهما مَال من سِنِين مُتَقَدّمَة فَجمع الكافل بَينهم وَأمرهمْ بِالْحِسَابِ واشتبكت الْحِكَايَة ثمَّ أحضروا أوراقهم المتفرقة حَتَّى يقيموا مِنْهَا الْحساب فخطفها من الْمجْلس وَسلمهَا لجَماعَة الكافل وصاروا كل يَوْم إِذا حَضَرُوا يأْتونَ بأوراقهم وَإِذا فرغوا آخر النَّهَار يَأْخُذهَا جمَاعَة الكافل إِلَى عِنْدهم كل هَذَا وهم فِي الترسيم وَالْعجب العجيب كَون المرستان يمْضِي عَلَيْهِ سنُون عديدة لَا يُقَام لَهُ حِسَاب اصلا مَا هَذَا الا خذلان غَرِيب وإهلاك عَجِيب نسْأَل الله تَعَالَى أَن يطلف وَالظَّاهِر أَن المرستان خرب وَمَا بَقِي يَنْتَظِم لَهُ حَال وَقد حرر امْر نور الدّين الشَّهِيد رَحمَه الله تَعَالَى فَرَأى ان من قصد لوقفه فَسَادًا يُؤْخَذ مِنْهُ
تَاسِع عشره مستهل آذار الْمُبَارك
ثَانِي عشريه سَافر الامير خير بك الَّذِي كَانَ جَاءَ قَاصِدا من ابْن عُثْمَان كَانَ ذهب اليه من قبل سُلْطَان مصر وَيُقَال ان وَقع بَينه وَبَين الْمُخْتَلِفين كَلَام يؤول إِلَى الصُّلْح اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَن خلقك هَذِه الْفِتْنَة بِمَا
شِئْت وَكَيف شِئْت انك على مَا تشَاء قدير
شعْبَان مستهله الاربعاء ثَانِي عشر آذار رابعه سَافر الحواط على تَرِكَة الكافل كرتباي وَمَعَهُ الْخَيل وَالْمَال والاحمال الَّتِي اخذها من ذَلِك
وَفِيه توجه كَاتبه إِلَى الْقُدس الشريف مرافقا للشَّيْخ الْعَلامَة برهَان الدّين بن شرِيف الشَّافِعِي على طَرِيق نابلس وصادفنا مطر غزير حصلت مِنْهُ شدَّة فَرَأَيْنَا فِي نابلس جَامعهَا الْكَبِير قَائِم الشعار وَالْحَمْد لله ودخلنا الْقُدس الشريف فِي تَاسِع عشره واجتمعنا بشيخ الاسلام كَمَال الدّين ابْن شرِيف رَأس عُلَمَاء الاسلام فِي هَذَا الزَّمَان بِلَا مدافعة وَلَا مُنَازعَة
تَاسِع عشره وصل مِثْقَال الطواشي من الْقَاهِرَة نَاظرا على الْحَرَمَيْنِ الْقُدس الشريف وَحرم الْخَلِيل عليه السلام اخذها بعد ان عزل مِنْهَا نَائِب القلعة وَوصل إِلَى الْقُدس الشريف مرسوم فِيهِ انه انهى نَاظر الخانقاه الصلاحية ان كَنِيسَة القمامة انْهَدم مِنْهَا ركن ملاصق للخانقاه وان الخانقاه رُبمَا تتداعى إِلَى السُّقُوط بِوَاسِطَة ذَلِك وَسَأَلَ وقُوف الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء وَشَيخ
الاسلام الكمالي بن شرِيف والنائب والناظر على ذَلِك لاصلاحه فَلَمَّا قري المرسوم ثار اهل الْقُدس وَقَالُوا انما هَذَا طَرِيق يُوصل إِلَى ترميم المنهدم من القمامة وَله مُدَّة طَوِيلَة فِي ايام غير هَذَا النَّاظر وَلَا سَبِيل إِلَى ذَلِك واوسعوا الْكَلَام فِي ذَلِك فأحجم السَّاعِي وَلم ينْطق بِكَلِمَة وَاحِدَة بعد ذَلِك وَالْحَمْد لله
جَاءَ الْخَبَر بِأَنَّهُ فِي عشريه اطلق مباشرو المرستان كلهم بِدِمَشْق من الترسيم من غير مغرم وان الكافل استولى على اوقاف المرستان كلهَا واقام احْمَد الْحَمَوِيّ ينْفق على الضُّعَفَاء يَأْخُذ النَّفَقَة من خازنداره وَهِي شَيْء يسير على مَا قيل وبوفاة عبد الْقَادِر ديوَان القلعة وَتوجه وَلَده إِلَى مصر وبوفاة ابْن شكر وَتوجه نسيبه القَاضِي رَضِي الدّين الْغَزِّي قيل إِلَى الْقَاهِرَة عشريه مستهل شعْبَان
رَمَضَان مستهله الْجُمُعَة كُنَّا بالقدس الشريف ووصلنا مستهله من زِيَارَة الْخَلِيل ابراهيم عَلَيْهِ وعَلى نَبينَا افضل الصَّلَاة وَالسَّلَام وَسَائِر الانبياء وَالْمُرْسلِينَ حادي عشر نيسان
مستهله وصل إِلَى شيخ الاسلام كَمَال الدّين بن شرِيف سُؤال من بعض الْبِلَاد ان عقد النِّكَاح هَل يشْتَرط فِيهِ ان كلا من الْمُتَعَاقدين يعرف شَرَائِط احكام النِّكَاح بكمالها ام لَا
فِي الْعشْر الاخير من رَمَضَان تواصلت الاخبار بِأَن مُحَمَّد ابْن الحنش هرب من كافل دمشق ان عَسْكَر الشَّام توجهوا إِلَى الْبِقَاع ونهبوا قَرْيَة قب الياس وَمَا حواليها وسجنهم الكافل ايضا وانه ولى عوضه
فِي الْبِلَاد البقاعية الَّتِي كَانَت بِيَدِهِ وزعها على اقاربه وَغَيرهم
وبوفاة شمس الدّين مُحَمَّد بن كَامِل التَّاجِر كَانَ هُوَ ووالده واقاربه تجارًا يسافرون إِلَى الْقَاهِرَة بمتاجر وَكَانَ هَذَا يعاني اختفاء القنوات ويصلحها وَفِي آخر عمره اسْتمرّ سِنِين ملازما بَيته متخليا من الزَّمَان مظْهرا انه افْتقر وَلم يبْق مَعَه شَيْء وَمنع الزَّكَاة بِهَذِهِ الْحجَّة وَدفن بمقابر الحمرية غربي دمشق سامحه الله تعلى ورحمه برحمته الواسعة آمين وَخلف ولدا ذكرا فِي سنّ الْبلُوغ وزوجه قبل مَوته
اول الشَّهْر وصل إِلَى الْقُدس مرسوم مضمونه ان الاتابكي ازبك انهى إِلَى مواقعنا الشَّرِيفَة ان جلال الدّين عبد الرَّحْمَن بن شرِيف ارسل قصَّة ان كَنِيسَة القمامة خسف فِي جَانبهَا خسف كَبِير وان الْخَسْف مجاور للخانقاه الصلاحية وان الخانقاه يخَاف من مجاورتها لهَذَا الْخَسْف ان تتهدم وتجر ذَلِك إِلَى وُقُوعهَا ومرسومنا إِلَى الكافل وناظر الْحَرَمَيْنِ ان يقفا ويحررا ذَلِك التَّحْرِير الشافي بِحُضُور المهندسين والمعمارية ورد الْجَواب عَن ذَلِك وَفِي المرسوم طلب عمَارَة القمامة بِهَذَا الْمُوجب فَلَمَّا قريء هَذَا المرسوم ماج اهل الْقُدس واطلقوا لسانهم فِي من طلب ذَلِك ثمَّ بعد هَذَا كتب الْقُضَاة على محْضر ان مَا انهي صَحِيح وانه ان لم يعمر هَذَا الْخَسْف وَقعت الخانقاه وَذَلِكَ بعد ان كَانُوا امْتَنعُوا عَن الْكِتَابَة وصرحوا بِأَن الانهاء بَاطِل وَلَكِن اخذوا رشوة على ذَلِك من النَّصَارَى وشاع مَا غرمه النَّصَارَى على هَذَا كل هَذَا والشيخان جمال الدّين وبرهان الدّين لَا يلْتَفت إِلَى كَلَامهمَا واظهر الشَّيْخ برهَان الدّين فِي ذَلِك الْغَضَب الْكَبِير وجلال الدّين لَا يلْتَفت إِلَى شَيْء من ذَلِك وَيُقَال ان النَّصَارَى بذلوا فِي هَذَا الْمحْضر ستماية دِينَار فرقت على النَّاس واهل الْقُدس فِي الْعشْر الاخير عقب صَلَاة الْعشَاء وقبيل صَلَاة الْفجْر يَتَضَرَّعُونَ إِلَى الله تَعَالَى فِي ذَلِك انا لله وانا اليه رَاجِعُون
وَبَيت الْمُقَدّس لما فتحهَا عمر بن الْخطاب رضي الله عنه شَرط على اهل الذِّمَّة الا يجددوا كَنِيسَة لِلْعِبَادَةِ كَمَا هُوَ محكي فِي كتاب مثير الغرام وَغَيره وَلَكِن ابلغ من هَذَا ان فتحهَا الاخير على يَد النَّاصِر فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وخمسماية كَانَ عنْوَة لَا صلحا واخبرني الشَّيْخ برهَان بن شرِيف ان قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين الْمَنَاوِيّ الشَّافِعِي بِالْقَاهِرَةِ كَانَ يتعجب من ان الْكَنَائِس بالقدس بِهَذَا الشكل فسبحان الفعال لما يُرِيد