الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثَمَان وَسبعين وثمان مائَة إستهلت والخليفة المستنجد بِاللَّه أَبُو المظفر يُوسُف العباسي وسلطان الْحَرَمَيْنِ الشريفين والبلاد الشامية والمملكة الحلبية وَغير ذَلِك الْأَشْرَف قايتباي الظَّاهِرِيّ ونائب الشَّام جَانِبك قلق سيز وَهُوَ الْآن بحلب مَعَ الْعَسْكَر والقضاة قطب الدّين الخيضري
الشَّافِعِي وَهُوَ كَاتب السِّرّ ووكيل بَيت المَال وَبِيَدِهِ خطابة الْجَامِع ومشيخة الشُّيُوخ وَنظر المرستان وعلاء الدّين بن قَاضِي عجلون الْحَنَفِيّ وشهاب الدّين أَحْمد المريني الْمَالِكِي وبرهان الدّين بن مُفْلِح الْحَنْبَلِيّ وناظر الْجَيْش بدر الدّين بن مزلق ونائب القلعة شاهين وناظر القلعة السَّيِّد إِبْرَاهِيم بن السَّيِّد مُحَمَّد وَهُوَ نقيب الْأَشْرَاف
الْمحرم فِيهِ وصل من مصر الأخوان القَاضِي زين الدّين عبد الرَّحْمَن وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين أَبُو بكر ابْنا قَاضِي عجلون ومعهما السَّيِّد كَمَال الدّين ابْن السَّيِّد عز الدّين بن حَمْزَة الْحُسَيْنِي
صفر ثَالِث عشره توفّي شمس الدّين مُحَمَّد الطَّوِيل الشَّاهِد بِبَاب
الْجَامِع الغربي كَانَ من محَاسِن النَّاس جَامعا للفضائل حَافِظًا لِلْقُرْآنِ ملازما لصَلَاة الْجَمَاعَة بالجامع الْأمَوِي حسن المحاضرة لكنه كَانَ لَهُ ميل إِلَى مُخَالطَة الأتراك وَرُبمَا لحق بعض النَّاس ضَرَر مِنْهُ عِنْدهم رَحمَه الله تَعَالَى توفّي فِي عشر الثَّمَانِينَ وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير
ربيع الأول ورد مرسوم بعزل السَّيِّد إِبْرَاهِيم من نظر القلعة وَتَوَلَّى عوضه شهَاب الدّين احْمَد النابلسي
ربيع الآخر سادسه توجه الْأَمِير الْكَبِير أزبك الظَّاهِرِيّ إِلَى حلب لاحقا بالعسكر
لَيْلَة الْجُمُعَة ثَانِي عشره توفّي القَاضِي الْعَالم زين الدّين عبد الرَّحْمَن ابْن الشَّيْخ الْعَلامَة ولي الدّين عبد الله بن قَاضِي عجلون الشَّافِعِي كَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ كثير التِّلَاوَة والأذكار حَافِظًا للمنهاج والزوائد لِأَخِيهِ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَتَصْحِيح أَخِيه الشَّيْخ نجم الدّين الْأَصْغَر على الْمِنْهَاج والعمدة فِي أَحَادِيث الْأَحْكَام وَجمع الْجَوَامِع فِي الْأُصُول والحاجبية فِي علم النَّحْو ملازما لقِرَاءَة ذَلِك عَن طيب قلب
وَكَانَ لَهُ مداخلة مَعَ الأتراك كثير التَّرَدُّد إِلَى السُّلْطَان بهمة علية وَنَفس أبيَّة كثير الفتوة وَالْقِيَام مَعَ أَصْحَابه وَمَعَ من يَقْصِدهُ فِي مساعدة على خير مَعَ حسن المحاضرة ورزانة اللطف وباشر نِيَابَة الحكم لكنه لَا يدْخل فِي القضايا إِلَّا نَادرا صلي عَلَيْهِ بالجامع الْأمَوِي وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير عِنْد وَالِده وجماعتهم غربي قبر سَيِّدي بِلَال الحبشي رضي الله عنه وَكَانَت جنَازَته
حافلة وَأثْنى النَّاس عَلَيْهِ بِخَير تغمده الله برحمته مَاتَ فِي عشر السِّتين
وَفِيه إستولى الْعَسْكَر على الرها بعد أَن كَانَ ملكهَا حسن باك وَقَوي أَمرهم عَلَيْهِ وهرب وَقد تحرّك عَلَيْهِ ابْن عُثْمَان سُلْطَان الرّوم
خَامِس عشره توفّي الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد الْخَرَّاط من أهل محلّة قبر عَاتِكَة كَانَ حَافِظًا لكتاب الله تَعَالَى ملازما للصَّلَاة وَله حَانُوت بسوق الذِّرَاع يتجر مِنْهُ على وَجه الصدْق والتحرز فِي دينه كثير الْبر والصدق ويؤم بمحراب الْحَنَفِيَّة فِي الظّهْر وَالْعصر كثيرا لَكِن تَبَرعا وَدفن بمقبرة الحمرية ووقف جِهَات على أَقَاربه تقبل الله مِنْهُ
وَفِيه سَافر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن قَاضِي عجلون إِلَى مصر بِسَبَب وظائف أَخِيه
ثَانِي عشريه توفّي الشَّيْخ عجلَان الشَّافِعِي الْمَقْدِسِي أحد جمَاعَة الشَّيْخ الرباني ولي الله تَقِيّ الدّين الحصني كَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ ملازما للتلاوة كثير التَّهَجُّد وَالْعِبَادَة وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير
رَابِع عشريه إجتمعت بشيخنا شيخ الشَّافِعِيَّة زين الدّين خطاب الشَّافِعِي فَحكى لي مَا كنت سمعته من غَيره أَيْضا أَن الشَّيْخ القطب أَبَا بكر الْموصِلِي كَانَ فِي بعض الْأَيَّام أَشَارَ إِلَى تلامذته أَن كلا مِنْهُم يضع على رَأسه ورقة ظَاهِرَة مَكْتُوب فِيهَا التصوف والخلق الحنيف النَّبَوِيّ وَقصد
بذلك أَن كلا مِنْهُم يستحضر ذَلِك فِي محاوراته طول نَهَاره قَالَ شَيخنَا الْمَذْكُور وَأَنا رَأَيْت ذَلِك على رُؤُوس أَصْحَابه رحمهم الله أَجْمَعِينَ
جُمَادَى الأولى لَيْلَة تاسعه توفّي الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن قرا الصُّوفِي الشَّافِعِي الرباني الْعَارِف كَانَ ملازما لِلْعِبَادَةِ والمراقبة تِلَاوَة وَصَلَاة وذكرا كثير الْإِحْسَان للْفُقَرَاء والمترددين سلك فِي ذَلِك مَسْلَك أَخِيه الشَّيْخ الْقدْوَة شهَاب الدّين أَحْمد رحمه الله بِحَيْثُ إِن كلا مِنْهُمَا توفّي وَعَلِيهِ دين بِسَبَب إطْعَام الْفُقَرَاء وإغاثة الملهوفين وَقد إجتمع بمشايخ عدَّة من الْفُقَهَاء والصوفية صلي عَلَيْهِ بالمصلى وَدفن بمقبرة القبيبات قبلي جَامع كريم الدّين بِالْقربِ من قبر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الحصني قبله بِجَانِب أَخِيه بتربتهم وَهِي مَعْرُوفَة وَخلف ولدا الشَّيْخ إِسْمَاعِيل وَفقه الله تَعَالَى وسدده
جُمَادَى الْآخِرَة خَامِس عشره دخل إِلَى دمشق نائبها جَانِبك قلق سيز الأشرفي آخِره وَوصل من مصر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن قَاضِي عجلون وَقد قضى شغله
رَجَب فِيهِ رجعت العساكر المصرية من النواحي الشمالية متوجهة إِلَى مصر
شعْبَان ثالثه توجه الباش يشبك الظَّاهِرِيّ وَبَقِيَّة العساكر إِلَى مصر
رَمَضَان لَيْلَة عشريه توفّي شيخ الشَّافِعِيَّة زين الدّين خطاب بن عمر ابْن مهنا الغزاوي بِالْمُعْجَمَةِ وَالزَّاي الْخَفِيفَة العجلوني ثمَّ الدِّمَشْقِي ولد
سنة تسع وَثَمَانمِائَة بِمَدِينَة عجلون وانتقل إِلَى دمشق وقطنها وتفنن فِي الْعُلُوم فَقِيه الشَّام وعالمها ومفتيها ملْجأ الْفُقَرَاء والبائسين اشْتغل على مَشَايِخ الْعَصْر مصرا وشاما وَأقَام بِبَيْت الْمُقَدّس عِنْد الشَّيْخ الْقدْوَة شهَاب الدّين أرسلان الشَّافِعِي مُدَّة طَوِيلَة يشْتَغل ويسلك طَرِيق الصُّوفِيَّة وَكَانَ شَدِيد الْقيام بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَله الْيَد الطُّولى فِي الْعُلُوم قُرْآنًا وأصولا وفروعا ونحوا ولغة ومعاني وَبَيَان وَغَيرهَا شَدِيد التَّوَاضُع مطرحا للكلفة وملازما لأشغال الطّلبَة صلي عَلَيْهِ بالجامع الْأمَوِي تقدم للصَّلَاة عَلَيْهِ القَاضِي الشَّافِعِي وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير غربي قبر بِلَال الحبشي على حافة الطَّرِيق بَينه وَبَين مَسْجِد الذبان الطَّرِيق الْآخِذ إِلَى مَسْجِد النارنج خلف بَنَات وَبني عَمه رَحمَه الله تَعَالَى صَار بعد البلاطنسي رَأس مَشَايِخ أهل دمشق توفّي بعد علل طَوِيلَة بِمَرَض الدق وَعظم تأسف النَّاس عَلَيْهِ وَإنَّهُ كَانَ فِي عناية عَظِيمَة من لطافة الرّوح وحلاوة الْكَلَام مَعَ المتانة فِي الدّيانَة والأصالة وَحسن الشكل وَكَانَت لَهُ بعده مثلَة
فِيهِ ختم مُحَمَّد جلال الدّين ابْني الْقُرْآن وَصلى بِهِ بِجَامِع التوريزي وَلَيْلَة الْجُمُعَة ختم بالجامع الْأمَوِي وخطب بِحَضْرَة الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء والأعيان وَكَانَ قبل وَفَاة الشَّيْخ خطاب قَرَأَ عَلَيْهِ من أول الْبَقَرَة حزبا من الْقُرْآن وَعرض عَلَيْهِ الشاطبية كل ذَلِك فِي أَوَائِل رَمَضَان سهل الله لَهُ الْخَيْر ووفقه للاشتغال بِالْعلمِ وَالْعَمَل بِهِ
شَوَّال فِيهِ إنتهت الْمدرسَة الَّتِي عمرها القَاضِي الشَّافِعِي الخيضري دَاخل بَاب الْجَابِيَة قَرِيبا من منزله ملاصقة لبيت ابْن عَطاء وَأَصله مَسْجِد كَانَ هُنَاكَ صَغِيرا فوسعه وأحدث فِيهِ خلاوي ومياه وميضأة وَمَنَافع وَجعل لَهَا مرتبين عدَّة من المشتغلين بِالْعلمِ وعدة من الَّذين يقرأون الْقُرْآن تبين ذَلِك فِي = كتاب وَقفه سَابِع عشره توجه الْحَاج الشَّامي وأميرهم مُحَمَّد مبارك الْحَاجِب الْكَبِير وأمير الركب الْحلَبِي تنبك الجلباني تَاسِع عشره لَيْلًا حصلت زِيَادَة فِي نهر بردا عَظِيمَة هدمت بُيُوتًا كَثِيرَة وهدمت الإيوان الَّذِي جدده الشَّيْخ عماد الدّين إِسْمَاعِيل خطيب السَّقِيفَة بمنزله الَّذِي خَارج بَاب توما وَمن الْعَجَائِب أَنه كَانَ عِنْدهم تِلْكَ اللَّيْلَة جمَاعَة فِي ضِيَافَة مستكثرة من الرِّجَال نَحْو ثَلَاثِينَ رجلا بائتين فِي هَذَا الإيوان إِلَّا أَنهم سهروا وَكَانَ عِنْدهم قراء ومنشدون وَذكروا مُدَّة طَوِيلَة وَفِي أَوَاخِر اللَّيْل عِنْدَمَا قصدُوا أَن يَنَامُوا فِي الْمَكَان وأحضرت إِلَيْهِم الْفرش واللحف ماج الإيوان فَقَامُوا فِي الْحَال هربوا فَلَمَّا صَارُوا فِي أرضية البحرة وَقع الإيوان بجملته لَكِن الله سلمهم
ذُو الْقعدَة
ذُو الْحجَّة خامسه توجه كَاتبه إِلَى الْقَاهِرَة فَدخل إِلَى بَيت الْمُقَدّس تاسعه وَإِلَى بلد الْخَلِيل ثَالِث عشره وَإِلَى الْقَاهِرَة رَابِع عشريه وَسبب سَفَرِي وَاقعَة سَيَأْتِي الْكَلَام عَنْهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى خَامِس عشره توفّي
بدر الدّين حسن بن شمس الدّين مُحَمَّد مزلق نَاظر الْجَيْش بِدِمَشْق
مَسْأَلَة أوصى أَن يحجّ عَنهُ حجَّة الْإِسْلَام بمبلغ خَمْسمِائَة دِرْهَم من تركته وَلم يعين من يحجّ فَقَالَ شخص أَنا أحج بثلثمائة دِرْهَم فَهَل يتَعَيَّن إجَابَته ويتوفر الزَّائِد للْوَرَثَة
أَولا أُجِيب بتوفر الْبَاقِي للْوَرَثَة كَمَا أفتى بِهِ ابْن عبد السَّلَام ثمَّ قَالَ وَقيل يصرف الْجَمِيع وجوبا قَالَ فَإِن غير وَجب الصّرْف لَهُ مُخَالفا الْأَذْرَعِيّ وَقَالَ يصرف الْجَمِيع فِي صُورَة مَا إِذا لم يعين أَيْضا
وَأفْتى بَعضهم بِمَا قَالَه الْأَذْرَعِيّ فَقيل لَهُ إِن كَلَام ابْن عبد السَّلَام فِيهِ أَن مَا قَالَه يقبل الْمَذْهَب بِدَلِيل قَوْله وَقيل يصرف الْجَمِيع فَقَالَ فِي كَلَام الشَّيْخَيْنِ لَو قَالَ حجُّوا عني بِثُلثي صرف ثلثه إِلَى حجَّة وَاحِدَة ثمَّ إِن كَانَ الثُّلُث أُجْرَة الْمثل فَمَا دونهَا جَازَ أَن يكون الْأَجِير أَجْنَبِيّا أَو وَارِثا وَإِن كَانَ أَكثر لم يسْتَأْجر إِلَّا أَجْنَبِي لِأَن الزِّيَادَة مُحَابَاة إنتهى فَجعلَا كَون الثُّلُث أَكثر من أُجْرَة الْمثل مَانِعا من إستئجار الْوَارِث فلولا أَن الصّرْف لجَمِيع الثُّلُث فِي حجَّة وَاحِدَة مُتَعَيّن لما إمتنع إستئجاره مُطلقًا وَكَانَ يُمكن إستئجاره بِأُجْرَة الْمثل فَأُجِيب بِأَن مَسْأَلَة الشَّيْخَيْنِ فِيمَا إِذا لم يُوجد من يرغب بِأَقَلّ من الْمُوصى بِهِ أما إِذا رغب فَمَا هِيَ فِي كَلَامهمَا فَقَالَ قَالَا لَو قَالَ إشتروا عبدا بِأَلف وأعتقوه وَلم يحْتَملهُ الثُّلُث وَأمكن شِرَاء عبد من الثُّلُث اشْترِي وَأعْتق إنتهى فأفهم أَنه إِذا إحتمل لَا تنقص عَن الْألف
وَأجِيب بِأَن الأرقاء مُخْتَلفُونَ بِخِلَاف الْحَج فَإِنَّهُ أَمر وَاحِد هَذَا وَعِنْدِي إحتمال خلاف مَا قلته وَالله أعلم