الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشهود لذلك، قال: قد علمت إنكاركم، وقال تعالى (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ) الآية، وهذا يقضي حوائج المسلمين، وهو سفير بيننا وبين المعتضد، وهذا من البر، فسكت المعتضد عن ذلك.
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِب الْمُقْسِطِينَ).
إن قلت: هلا قال: إن الله يحب البارين، فيكون راجعا للمعطوف عليه، وهو الأصل؟ فالجواب: أن تعليق الحكم على الأعم أبلغ، لأن المقسط أعم من البار، فإِن ثبت أنه محبوب فأحرى البار.
قوله تعالى: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ).
يدل على نفي مفهوم المخالفة، لأن هذا مفهوم ما قبله.
قوله تعالى: (وَأَخْرَجُوكُم مِنْ).
عطف الصفات والواو بمعنى أو، لأنه إذا جعل من عطف الموضوعات، والواو على بابها يلزم عليه حذف الموصول والفاصلة، وهو غير جائز، واختلف الأصوليون في [لا تفعل*]، هل هي للتحريم أو للكراهة، وكذلك ذكر الفقهاء في لفظها، والآية حجة لمن يقول إن ذلك لَا يدل على التحريم، ولولا ذلك لما كان لقوله (فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، فائدة، والمراد بالظلم هنا الشرك، لأن موالاتهم للكفار من حيث اتفاقهم بقتالهم إياهم في الدين، دليل على ردتهم وشركهم، ويحتمل أن تكون الموالاة لَا من هذه الحقيقة، ويكون المراد بالظلم المعاصي والمخالفة في الفروع لَا في الاعتقاد، لاقتضاء الآية الحصر لاسم الإشارة والمضمر وتعريف الخبر، فالمراد أن ليس بظالم، فإِذا [حملناه*] على المعاصي بالإطلاق صدق اختصاصهم بالظلم، وإذا [حملناه*] على الشرك لم يصح الحصر والعطف ترق، لأن المقاتلة أشد من الإخراج من الدار، وعطف الأشد على الأخف في باب النهي والنفي ترق، لأن نفي الأخص لَا يستلزم نفي الأعم.
قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ
…
(10)}
أي النساء المدعيات الإيمان فهن مؤمنات باعتبار الدعوى، فاختبروا صحة دعواهم بإحلافهم على ذلك.
قوله (مُهَاجِرَاتٍ)، حال، فإن قلت: الإيمان شرط في الهجرة، فيلزم مقارنة الشرط للمشروط، لأن الحال مقارنة لصاحبها، قلت: هي حال مقدرة.
قوله تعالى: (اللَّهُ أَعْلَمُ).
احتراس وإشارة إلى أن التحليف في الامتحان، وأنه ليس المطلوب منكم غاية الامتحان [لتصلوا*] إلى العلم بذلك، بل المراد مطلق الامتحان ليحصل لكم الظن القوي.
قوله تعالى: (بِإِيمَانِهِنَّ).
وأما العلم فخاص بالله عز وجل، وهو منا بمعنى الظن.
قوله (لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ)، إن قلت: يلزم من عدم حليتهن لهم عكسه، فما [سر*] التصريح بالعكس؟ فالجواب: أنه لو لم يصرح بالعكس لفهم صدر الآية، أنه يجري مجرى الضرورة المثالية، [**وأنها لَا تعكس كيفها كما دلتها فتنعكس مثلا إلى الدائمة]، فتبين أنها تنعكس في الجهة ضرورة، وكان الشيخ أبو العباس ابن إدريس يقول: يؤخذ [من*] قوله (وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ)، أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، وإلا لم يكن لذكره بعد قوله (لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ)، فائدة لأنه يغني عنه.
قوله تعالى: (وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ).
أي إذا ارتدت منكم امرأة، وهربت إلى الكفار، فاطلبوا من الكفار أن يدفعوا لزوجها مهرها.
قوله (وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا)، إذا ارتدت من الكفار امرأة إليكم، فادفعوا أنتم لزوجها مهرها، والأمر بسؤال الكفار من المؤمنين نفقة إذ راجعهم ظاهر، لأنه جزاء لسببه، وتقدم ذكره في الآية لقوله تعالى:(إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ)، وأما أمرنا نحن بأن [نطلب*] الكفار صفة من هربت منا إليهم، فلم يجر له سبب، لكنه ذكر باللزوم فحقه أن [يكون*] مؤخراً، فيقال (وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا) أو (وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ)، لكن إنما قدم لأنه أهم، إذ هو راجع للمؤمنين في أخذهم [مهر من جاءتهم*]، والأخذ راجع لانتفاء الكفار لاسيما، إن قلنا: إنهم مخاطبون بفروع الشريعة، وهذا الأمر ليس للوجوب لأنه بلفظ السؤال، فدل على ضعفه، وهو للإباحة أو الندب، فإن قلت: يؤخذ من الإباحة عدم المتابعة في الذنوب، لأن غاية السؤالين قبض المسئول، قلت: لَا يلزم من السؤال حصول القبض هنا، الذي هو مناف للمقاصد، ولما عرف عياض في المدارك بأبي محمد عبد الله بن السماك قال: قال الداوودي: كان ابن السماك إذا سئل عن غيره، هل يقول هو مؤمن عند الله أو يسكت، فقال: يقول: هو مؤمن عند الله، ووافقه جماعة من القرويين، وخالفه ابن أبي زيد، وأكثر علماء القيروان، وقالوا: إنما يقال: