الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكفاءة الظاهرة الدنيوية، وهذه الآية اعتبر فيها الكفاءة في الدين خاصة، انتهى. والحديث الذي ذكر في البخاري.
وقال عياض في التنبيهات: جواب ابن القاسم في المسألة يحتمل، وظاهره الجواز، وكذا أطلق أبو محمد، عن ابن القاسم إجازة ذلك، وذهب بعضهم إلى أن ابن القاسم لَا يخالف غيره في عدم الإجازة، واستدل بمسألة ما إذا رضي الولي بزوج ثم طلقها ثم أرادت مراجعته أنه ليس له منعها إلا أن يحدث فيه فسق ظاهر أو [
…
] أو يظهر أنه عبد ولم أسمع العبد [من مالك*].
قلت: لأنه [لم يرضَ*] به أولا إلا ظنا منه أنه حر، وقد منع المراجعة واعتبر رضى الولي.
وقال آخرون: إن رضيَ به أولا فلا كلام له، قال: واستدل أيضا بمسألة تزويج العبد ابنة سيده برضاه ورضاها، واشتراطه الرضى فيها يدل على أن لكل واحد منهما [
…
]، ووقع في كلام الفخر هنا: أن سام ابن نوح أبو الأعاجم.
وقال الزمخشري في سورة الصافات: سام أبو العرب وفارس والروم، وحام [أبو السودان*] ويافث أبو الترك، ويأجوج ومأجوج.
قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا
…
(14)}
ابن عطية: قال أبو حاتم، عن ابن [عباس*]، سمع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجلا يقرأ:(قَالَتِ الْأَعْرَابُ) بغير همزة، فرد عليه بهمز وقطع. انتهى، صوابه أنه قرأها:(قَالَتِ الْأَعْرَابُ)(1) على صورة ألف الوصل فهي قراءة ورش بنقل الحركة، وقد سئل مالك رحمه الله في التنبيه في رسم مساجد القبائل من سماع ابن القاسم في كتاب الصلاة عن [النَّبْرِ*] في القرآن في الصلاة، فقال: إني لأكرهه وما يُعجبني [ذلك*]. ابن رشد يريد بالنبر إظهار الهمز، وروي أنه أتى [بأسير*] يُرْعَدُ فقال:["أدْفُوهُ"*] يريد ["أدفئوه"*] من [الدفء*]، فذهبوا به فقتلوه فَوَدَاهُ من عنده، ولو أراد قتلَه لقال: دافوه أو دافوا عليه، ولهذا المعنى كان جاريا بقرطبة قديما لَا يقرأ الإمام في الصلاة إلا برواية ورش.
قال: ويحتمل أن يريد بالنبر [الترجيع*] الذي يحدث في الصوت معه نبرا، [والتحقيق*] الكثير في [الهمزات*].
قوله تعالى: (آمَنَّا).
(1) قال البسيلي:
"صوابه: يقرأ "قالتَ العُرْبُ"؛ وما نَقَلَهُ فهى قراءةُ ورش بنقل الحركة. اهـ (نكت وتنبيهات في تفسير القرآن المجيد. 3/ 555).
خبرا (آمَنَّا) بدليل تكذيبهم فيه، وفيه دليل لجواز أن يقول الإنسان: أنا مؤمن دون استثناء؛ خلافا لمن قال: لَا بد من زيادة إن شاء الله، وتقدم الكلام على ذلك في سورة آل عمران.
الزمخشري: الإيمان هو التصديق مع الثقة، وطمأنينة النفس، انتهى، هذه غفلة عن مذهبه؛ لأن مذهب المعتزلة أنه مشروط بالأعمال الصالحة، وأراد بالطمأنينة، كمال التصديق القلبي مع السلامة من [إباية*] النطق بالشهادتين عند التمكن من ذلك.
قال شيخنا ابن عرفة: هو كاف ولا أعلم فيه [خلافا*]، فإِن من آمن وأمكنه النطق فلم ينطق ولم يدعه أحد إلى النطق حتى مات، فهو مؤمن وإن دُعي إلى النطق فامتنع، فهذا هو الكافر العنادي.
وقد قال في العتبية في كتاب الطهارة في سماع موسى، من ابن القاسم في النصراني: يغتسل ويصب السنة في الغسل ثم يُسلم بعد ذلك، أنه لَا يجزئه الغسل، فإِن اغتسل وقد أجمع على الإسلام بقلبه، ثم أسلم بعد ذلك أجزأه. ابن رشد: لأنه إذا اعتقد الإسلام بقلبه فهو مسلم عند الله حقيقة؛ إلا أننا لَا نحكم له بحكم الإسلام حتى يظهره لنا بلسانه لنجري عليه في الدنيا [أحكامه*]، ولو اخترمته المنية قبل أن يتلفظ بكلمة التوحيد بعد أن اعتقدها لكان عند الله مؤمنا، إلا أن الذي لَا يتكلم يصح إيمانه لأنه من أقفال القلوب.
ابن العربي في تأليفه في أصول الدين المسمى بالمتوسط، وفي سراج المريدين، وفي العارضة أجمعوا أنه لَا بد من النطق بالشهادتين بين، وأن الاعتقاد القلبي غير كافٍ من القادر على النطق.
قال شيخنا: ولا أعلم أحدا [حكى*] ذلك غيره، قد قال ابن زيد في الرسالة: وإن الإيمان قول باللسان، وإخلاص بالقلب، وعمل بالجوارح، فقال: يريد الإيمان الكامل والذي عليه السنة أنه يكفى في حصول الإيمان مجرد التصديق بالشهادتين والمعاد بكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الجملة وشرط الأكثرون استحضار المعاد مع الشهادتين وما عداه يكفي فيه التصديق الجملي، وأما النطق بالشهادتين هو عمل من الأعمال، ولم يشترط العمل مع الإيمان إلا المعتزلة.
وحكى ابن العربي فيمن آمن وعصى: بترك الفروع قولين لأهل السنة فأكفرهم لا يسميه كافرا، وبعضهم سماه كافرا؛ لكن غير مخلد في النار، وهو عند المعتزلة مخلد فيها، وهذا خلاف لفظي راجع إلى مجرد التسمية، وهذا هو قول [عجيب*] في التكفير
بترك الصلاة وحدها دون ما سواها من قواعد الإسلام؛ لأنها مما علم وجوبها بالضرورة.
وحكي عن الحكم بن عتيبة: أنه أضاف إليها الزكاة وخطؤه في ذلك، وعلى قول الأكثرين بالفرق بين الإسلام والإيمان لَا إشكال في الآية، وعلى قول الأقلين؛ لأن الإيمان الشرعي مشروط بفعل الطاعات يرجعان إلى شيء واحد، فكيف رد عليهم بأن قيل لهم: قولوا أسلمنا لكن القول مرغوب عنه، والحديث الصحيح في مسلم يرد عليه.
حكى القاضي عياض في المدارك، عن أبي محمد عبد الله بن إسحاق المعروف بابن [التبَّان*]: أنه أخرج رأسه من الطاق ليلة عاشوراء فرأى خلقا كثيرا مجتمعين للتبرك فبكى، فسئل عن موجب بكائه، فقال: والله ما أخشى عليهم من الذنوب لأن مولاهم كريم، وإنما أخشى أن يشكوا في كفر بني عبيد فيدخلوا النار لأن الشك في الكفر كفر، انتهى.
قال شيخنا: وهذا كما قال: ولقد كنت جالسا عند الشيخ الفقيه أبي عبد الله محمد ابن سلامة فوقع جزء رسم له المهلة فجاءه رسول صاحب الجزء بدينار ناقص فرده عليه، وقال: ما هذا التشكك، فقال الرسول: يا سيدي، هذا حق واجب، فأنكر عليه غاية الإنكار وألزمه الكفر باعتقاد وجوب الحرام، أو شكه فيه واستحلاله له، وما زال يؤنبه ويكرر حتى تاب من ذلك الاعتقاد ورجع إلى الحق، انتهى. ونص كلام ابن العربي في المتوسط: ولما كان الإيمان أمرا باطنا لَا يعلمه إلا الباطن جعل الشارع عليه علامات، وقضى الرب سبحانه وتعالى بأن لَا يكون مؤمنا إلا باستخدام اللسان كاستخدام القلب، فمن العلامة الإقرار بالشهادتين، فمن اعتبرها بقلبه وعبر عنها بلسانه فهو مؤمن عند الله وعندنا، ومن أقر بها بلسانه دون قلبه فهو المنافق.
وذهب الكرامية إلى أنه مؤمن حقا، وهو أفسد من أن يتكلم عليه، ومن اعتقد ذلك بقلبه ولم يصدق به لسانه [فمؤمن عندنا*] إذ [حال*] بينه وبين النطق [جهل*] أو عذر وهي مسألة اجتهادية هذا أظهر الأقوال فيها، لأن الأمة أجمعت على أن ذا العذر الذي لا يستطيع النطق مؤمن باعتقاده التسليم، فلو اعتقد الحق وعاند بالامتناع من النطق هو كافر؛ إذ الإجماع منعقد على اشتراط النطق بالشهادتين في العصمة الدنيوية والأخروية جميعا، ومن الطاعات تجرد الاعتقاد عن سجود الصنم أو نحوه]، أو [الاستخفاف*] بحق الرسول أو بشيء من الشريعة.
قال بعضهم: أو أكل لحم الخنزير ولا يقوى عنده إلا أن يأكله مستحلا فيستوي في ذلك [هو*] وسائر المحرمات، وجعل بعضهم من ذلك فعل الصلاة، فمن تعمد تركها كفر، تناقضوا فيه، والقول فيه بعيد، ومن أصحابنا من قال: الإيمان هو جميع الطاعات في رسمها ونقلها، ووردت إطلاقات الشرع بذلك وهو مجاز يرجع إلى الاعتقاد بتأويل لما قام عليه من الدليل، وهو ما قالوا بزيادة الإيمان ونقصانه وهو الحق عندي والأوائل امتنعوا منه، انتهى.
وقال الشيخ أبو الحسن [عليٌّ*] المتيطي في أواخر تأليفه إذا شهد الشهادتين وقف على شرائع الإسلام وحدوده، فإن أجاب: تم إسلامه، وإن أبى لم يقبل إسلامه وترك على دينه، ولا يعد مرتدا، [**أو أن يوقف على شرائعه حين أسلم، ولا] [
…
] ولا صلى حتى رجع عن الإسلام، فالمشهور أن يشدد عليه ويؤدب، فإن تمادى مرتدا ترك ولا يقتل؛ لأن الإسلام قول وعمل، وقاله مالك وابن القاضي وغيرهما، وبه أخذ ابن عبد الحكم وعليه العمل والقضاء.
وقال أصبغ في كتاب ابن حبيب يقتل [
…
] بتأكد سواء رجع عن قرب أو بعد، قال: وإن اغتسل بإسلامه ولم يصل إلا أنه حسن إسلامه، ثم رجع فإنه يؤمر بالصلاة فإن صلى وإلا قتل.
وقال ابن القاسم: لَا يقتل حتى يصلي ولو ركعة، فإذا صلى ثم تركها أدب، فإن لم يصل قتل، وإن ثبت أن إسلامه كان عن إكراه أو خوف، فله الرجوع إلا أن يثبت بقاؤه مسلما بعد زوال الخوف والإكراه، فصلى صلاة فما فوقها، وإن أسلم صغيرا ثم رجع قبل البلوغ وعنده توعد وأدب ولا يبلغ به القتل، انتهى.
ابن القطان أجمعوا على أنه إذا نطق بالشهادتين، قال:[أبرأ من*] كل دين خالف هذا الدين أنه يكون مسلما، وإذ ارتد عن ذلك [**متصل] بعد أن يدعى إلى الإيمان، انتهى. وهذا خلاف ما قال المتيطي، وفي التهذيب في كتاب النكاح الثالث ما نصه قال ربيعة في الكافر: ينكح مسلمة ويزعم مسلم فلما خشي الظهور عليه أسلم وقد بنى بها فلها الصداق ويفرق بينهما، وإن رضي أهل المرأة، إن رجع إلى الكفر قتل؛ لأنه بتزوجه يعد ملتزما لشرائع الإسلام، فإن قلت: يلزم على هذا إذا نطق بالشهادتين وصلى ثم ارتد، قلت: التزويج فيه حق للغير، فقد التزم شرائع الإسلام لذلك الغير بخلاف الصلاة.
قوله تعالى: (وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ).