الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كقولك: ساد من اتصف بالصلاح والكرم والشجاعة، وهذه الآية البرهان فيها ضروري، وهو اقتران البركة والتنزيه بالملك بالقدرة، وهما معلولان بالضرورة.
قوله تعالى: (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
الزمخشري: على كل ما لم يوجد مما يدخل تحت القدرة انتهى، مذهب أهل السنة: أن المعدوم الممكن يطلق عليه شيء، ومذهب المعتزلة: أنه لَا يطلق عليه شيء، فإن أراد الزمخشري بقوله: مما لم يدخل تحت القدرة، [أنه بعض تخصيص*] فكلامه خطأ؛ للإجماع على أن [المعدوم*] المستحيل لَا يطلق عليه شيء، وإن كان ذلك الكلام منه تحقيقا لبيان لفظة (شيء)، فهو صواب، ابن عطية: وهو على كل موجود قدير، انتهى، إن قلنا: إن الأعراض [لا*] تبقى زمنين فظاهر، وإن قلنا: ببقائها، فيكون المراد، وهو على إعدام كل موجود قدير؛ لكن يرد عليه أن المشهور عندهم أن العدم الإضافي لَا تتعلق به القدرة، فينحصر الأمر إلى لفظة موجودة من باب تسمية الشيء بما يؤول إليه، وهو على كل ما سيوجد قدير باعتبار إيجاده واختراعه، والآية حجة لأهل السنة في أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى؛ إلا أن يجيب الآخرون بأنها تنسب إليه، بأن خالق فاعلها فهو خالقها بواسطة، فهو قادر على كل شيء؛ إما مباشرة أو بواسطة، وإذا قلنا: إن المخاطب داخل تحت الخطاب، [فيكون*] دليلا على صحة إطلاق لفظة شيء على [القديم*] إلا أن يكون مخصوصا، وكذلك إن قلنا: يمنع إطلاق لفظة شيء على القديم، فإن الصفات عندنا كلها قديمة فيكون اللفظ مخصوصا بها.
قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ
…
(2)}
الفخر في المحصول: مذهب أهل السنة: أن الموت أمر وجودي، ومذهب المعتزلة: أنه أمر عدمي، والآية حجة لأن الخلق هو الإبراز [من*] العدم إلى الوجود، الآخرون بأن خلق يكون بمعنى قدر، قال الله تعالى (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)، انتهى، [نقول إن العدم الإضافي تتعلق به القدرة*]، ابن عطية: وما في الحديث من قوله الرسول صلى الله عليه وسلم: " [" يُجَاءُ بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ -زَادَ أَبُو كُرَيْبٍ: فَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَاتَّفَقَا فِي بَاقِي الْحَدِيثِ- فَيُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، قَالَ: وَيُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قَالَ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، قَالَ فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ*] "، فقال أهل العلم ذلك تمثال كبش يوقع الله العلم الضروري لأهل الدارين، إنه الموت الذي ذاقوه في الدنيا، ويكون ذلك التمثال حاملا للموت انتهى، وهو صحيح خرَّجه مسلمٌ، ووجه ما قال: إن الموت صفة معنوية وظاهر الحديث أنه مخصوص فتناول على أن الكبش حامل له في معناه أنه حامل لجوهر متصف بتلك الصفة المعنوية التي هي عرض من الأعراض وهي الموت، لأنه لو كان حاملا للموت لكان ميتا، ابن عطية: والموت والحياة
نقيضان مهما عدم أحدهما وجد الآخر، فالحمل قبل نفخ الروح فيه ميت، لأنه ليس بحي انتهى، إن قلت: وكذلك الجمادات كلها؟ قلت: لَا يقال ميت إلا فيما [هو قابل*] للحياة إلا أن يكون مثل [قولك*]: الحائط لَا يبصر، ويكون من السلب [والإيجاب*] لَا من باب العدم والملكة بخلاف قولك: زيد لَا يبصر، وقال الفخر: هنا في بعض النسخ ما حاصله، أن الحياة أمر عدمي وهو إعدام الموت، والموت أمر وجودي انتهى، وهو هوس باطل، لأن الله تعالى موصوف بالحياة لَا بالموت بإجماع [
…
].، أنها وجودية لاستحالة اتصافه بالعدم، ومن بدع التفاسير، قول القرطبي: إن الموت هنا فرس، والحياة رجل راكب عليه، ولقد أجاد الزمخشري في قوله تعالى:(خَلَقَ) موتكم وحياتكم، وفي الآية من أنواع البيان المطابقة، قال ابن مالك في المصباح: المطابقة أن يجمع في كلام بين متضادين، وهي على ثلاثة أضرب:
الأول: ما لفظاه [حقيقيان*]، وهي مطابقة بين محسوسين مثاله في الإيجاب، قوله تعالى:(وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ)، وقول الشاعر:
[أما والَّذِي أبكَى وأضحكَ والَّذِي
…
أماتَ وأحيَا والَّذِي أمْرُه الأَمْرُ*]
وفي السلب قوله تعالى: [(وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) *].
الثاني: ما لفظه مجاز كقوله تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ)، أي ضالا فهديناه ومثله:
حلوُ الشمائِل وهوَ مرٌّ باسلٌ
…
يحمِي الذمارَ صبيحةَ الإرهاقِ
الثالث: ما [أحد*] لفظيه حقيقة، والآخر مجاز؛ كقول أبي تمام:
له منظرٌ في العينِ أبيضُ ناصعٌ
…
ولكنّه في القلبِ أسودُ أسفَعُ
والطباق في الآية بين معنيين، وذكر هذين الطرفين لأنهما أصلا كل شيء، فيدل على اتصافه بخلق ما [وكذلك*] من الألوان والطعوم والروائح من باب آخر، أو اللام في [(لِيَبْلُوَكُمْ) *] للتعليل، وهو على مذهب المعتزلة، واجب ظاهر، وأما على مذهبنا أفعال الله غير معللة، والمتكلم تارة يذكر [الفعل معللا*] بأمر واجب لَا بد منه، وتارة يذكره بأمر جائز فتقول لمن [حصره*] الأسد [ولا نجاة له منه إلا بسُلَّمٍ يصعد به على السطح، اصعد السلم لتنجو من الأسد*]، وتقول لولدك: افعل لي كذا لأعطيك درهما، وأنت قادر