الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[وكأنَّ*] الجاري على هذا المعنى أن يقول: لم لم تفعلوا [ما تقولون*]؛ لأنهم قالوا نفعل ونفعل، والجواب من وجهين:
أحدهما: أن العتب على القول يستلزم العتب على الفعل، لأن القول سبب في الفعل، فإِذا عتب على السبب استلزم العتب على المسبب، ومن هذا المعنى مسألة العريش في أكرية الرواحل من المدونة وهي من اكترى دابة ليحمل عليها، من مصر إلى فلسطين [فَانْكَسَرَ الدُّهْنُ*] منها فعثرت بالعريش [وَقِيمَتُهُ هُنَاكَ بِالْعَرِيشِ ضِعْفُ قِيمَتَهُ بِالْفُسْطَاطِ كَيْفَ يُضَمِّنُهُ؟ قَالَ: قِيمَتُهُ بِالْعَرِيشِ*]، وقال غيره: يغرم قيمته بمصر، لأنه منها تعدى.
الجواب الثاني: أن الخطاب فيه رفق بالمؤمنين، وذلك أن الفعل أخص من القول، ولازم الأخص غير لازم الأعم، فلا يلزم من العتب على [الفعل*] العتب على القول.
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ
…
(4)}
ابن عطية: المحبة هنا صفة فعل، ولا ترجع للإرادة؛ إذ لَا يصح أن يقع ما يخالفها، ونحن نجد المقاتلين على غير هذه الصفة كثيرا انتهى، العكس كان أولى، لأن صفة الفعل ظاهرة فلو كان المراد به أنه ينصر الذين يقاتلون في سبيله، للزم الخلف في الخبر، لأنا وجدنا بعض النَّاس يقاتل ولا ينصر بخلاف الإرادة، [فإنا*] لَا نطلع عليها ولا نعلمها، فيمكن أن يكون المقاتل مرادا أولا، فإن قلت: إنما مراد ابن عطية أن الإرادة يلزم وقوع متعلقها، فلو كان المعنى أنه إفراد القتال في سبيله للزم عليه الخلف في الجنة، لأن بعض النَّاس لم يقاتل في سبيله بل أكثرهم، قلت: فرق بين القتال وبين إرادته وبين الذين يقاتلون، فجاء معنى الآية إنما أراد من قاتل في سبيل الله فهو مراد الله ومحبوب له كقوله تعالى:(فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)، أي أراد ثوابه، وفي كلام ابن عطية نظر من وجه آخر أيضا، لأنه قال: أكثر النَّاس يقاتل ولا ينتصر، ثم قال: المراد يقاتلون القتال بالجد والعزيمة، فكل النَّاس أو أكثرهم إذا قاتل بجد وعزيمة ينتصر، وأما قتال المنافقين فليس في سبيل الله.
قوله تعالى: (بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ).
التشبيه بالثبات وعدم الفرار؛ كثبوت البناء، وحمله المفسرين على أن معناه أن يكونوا متراصين كتراص البنيان، وهذا لَا يتصور في [**الحرمات].
قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ
…
(6)}
فإن قلت: لم قال موسى: (يَا قَوْمِ)، وقال عيسى:(يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ)؟ فالجواب من وجهين:
الأول: أن موسى عبر بالقوم تنبيها على قبح ما فعلوه، لأن قوم الإنسان من حزبه وأشياعه، فحقهم أن ينصروه ويوالوه، ففعلوا ضد ذلك فآذوه بخلاف قوم عيسى، فإِنهم لم يفعلوا به ذلك.
الثاني: أجاب الزمخشري: وهو أن عيسى لَا ولاء له في بني إسرائيل بخلاف موسى، فإِن قلت: قد تقرر أن الولاء يرجع لموالي الأم في أربع مسائل هذه منها؟ قلت: لم [ينسب*] هنا إلى الموالي بل إلى قومه، وقد يقال: إن عيسى إنما ينسب إلى أمه، كما في كثير من الآيات، وكانت أمه منهم أي من قومه.
قوله تعالى: (إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ).
الأقرب أنه خبر لَا إنشاء، بدليل التصديق والتكذيب، والتأكيد بـ (إِنّ). (مُصَدِّقًا)[حال*] مؤكدة، فإِن قلت: لعلها مبينة، لأن كونه رسولا أعم من أن يثبت التوراة، أو ينسخ حكمها، قلت: هذا لَا يقدح في التصديق، لأن النسخ ليس بتكذيب للمنسوخ، بل هو مصدق له، لكنه واقع لدوام حكمه؛ لأن من لوازم النسخ تصديق المنسوخ.
قوله تعالى: (لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ).
المراد الماضي أو الحال بخلاف قوله تعالى: (مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا)، فإنه هنا للاستقبال.
قوله تعالى: (وَمُبَشِرًا).
البشارة هي الإخبار بالأمر الملائم، وهذا ملائم لقوله تعالى:(يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ).
قوله تعالى: (اسْمُهُ أَحْمَدُ).
السهيلي في كتاب الإخبار والإعلام: لما قال (اسْمُهُ أَحْمَدُ)؟ [مع أن*] الأشهر في أسمائه محمد، والقاعدة في التعبير مدح الشيء أو البشارة به أن يعبر عنه بأشهر أسمائه لا بالخفي منها؟ فأجاب بوجهين:
أحدهما: أن هذا الاسم خاص لم يسم به أحد قبله بخلاف محمد، [وغيره].
الثاني: أن أحمد مأخوذ من [اسم*] الفاعل من حمد يحمد فهو حامد، ومحمد مأخوذ من اسم المفعول، لأنه من حمد محمد فهو محمود، فحمد متأخر عن الحمد، لأنه إنما يحمد جزاء عن حمده انتهى، ويجاب أيضا: بأن محمدا هو اسمه في ثاني أزمنته وجوده حين سمي، وأحمد اسمه الشرعي، وهو المتقدم في الوجود، لأن الله تعالى