الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة مريم
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ «1» مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ «2» عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قِصَّةِ الْهِجْرَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنْ مَكَّةَ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَرَأَ صَدْرَ هَذِهِ السُّورَةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ وَأَصْحَابِهِ.
بسم الله الرحمن الرحيم
[سورة مريم (19) : الآيات 1 الى 6]
بسم الله الرحمن الرحيم
كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (3) قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4)
وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)
أَمَّا الْكَلَامُ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَقَوْلُهُ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ أَيْ هَذَا ذِكْرُ رَحْمَةِ اللَّهِ بِعَبْدِهِ زكريا، وقرأ يحيى بن يعمر ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا وزكريا يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَكَانَ نَبِيًّا عَظِيمًا مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أنه كان نجارا يأكل من عمل يده فِي النِّجَارَةِ. وَقَوْلُهُ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّمَا أَخْفَى دُعَاءَهُ لِئَلَّا يُنْسَبَ فِي طَلَبِ الْوَلَدِ إِلَى الرُّعُونَةِ لِكِبَرِهِ، حَكَاهُ المَاوَرْدِيُّ.
وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا أَخْفَاهُ لِأَنَّهُ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ، كَمَا قَالَ قَتَادَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الْقَلْبَ التَّقِيَّ، وَيَسْمَعُ الصَّوْتَ الْخَفِيَّ «3» .
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: قَامَ مِنَ اللَّيْلِ عليه السلام وَقَدْ نَامَ أَصْحَابُهُ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ يَقُولُ خُفْيَةً: يَا رَبِّ، يَا رب، يا رب، فقال الله له: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي أَيْ ضَعُفَتْ وَخَارَتِ الْقُوَى وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً، أَيِ اضْطَرَمَ الْمَشِيبُ فِي السَّوَادِ، كما قال ابن دريد في مقصورته:[الطويل]
(1) سيرة ابن هشام 1/ 336.
(2)
المسند 1/ 461.
(3)
انظر تفسير الطبري 8/ 306.