الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْنَا، إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ» «1» وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ، أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة، ذكره الْبُخَارِيُّ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ فِي كِتَابِهِ، وَقَدْ رَوَى لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ ذَلِكَ، وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ قال: يهلك كل شيء كما كان أول مرة «2» .
[سورة الأنبياء (21) : الآيات 105 الى 107]
وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ (106) وَما أَرْسَلْناكَ إِلَاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (107)
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَمَّا حَتَّمَهُ وَقَضَاهُ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ مِنَ السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَوِرَاثَةِ الْأَرْضِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [الْأَعْرَافِ: 128] وَقَالَ: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ [غَافِرٍ: 51] وَقَالَ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ [النور: 55] وأخبر تعالى أن هذا مسطور في الكتب الشرعية والقدرية وهو كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ.
قَالَ الْأَعْمَشُ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ فَقَالَ الزَّبُورُ: التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ، وَالْقُرْآنُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الزَّبُورُ الْكِتَابُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: الزَّبُورُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى دَاوُدَ، وَالذِّكْرُ التَّوْرَاةُ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الذكر الْقُرْآنُ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الذِّكْرُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ:
الزَّبُورُ الْكُتُبُ بَعْدَ الذِّكْرِ وَالذِّكْرُ أُمُّ الْكِتَابِ عِنْدَ اللَّهِ، وَاخْتَارَ ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ رحمه الله، وَكَذَا قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: هُوَ الْكِتَابُ الْأَوَّلُ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: هُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: الزَّبُورُ الْكُتُبُ الَّتِي أنزلت عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَالذِّكْرُ أُمُّ الْكِتَابِ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ الْأَشْيَاءُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَخْبَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى فِي التَّوْرَاةِ وَالزَّبُورِ وَسَابِقِ عِلْمِهِ قَبْلَ أَنْ تكون السموات وَالْأَرْضُ أَنْ يُوَرِّثَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الْأَرْضَ، وَيُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ وَهُمُ الصَّالِحُونَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ قَالَ: أَرْضُ الْجَنَّةِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَأَبُو صَالِحٍ وَالرَّبِيعُ بْنُ أنس والثوري، وقال أبو الدرداء نحن الصالحون. وقال السدي: هم المؤمنون.
(1) أخرجه البخاري في تفسير سورة 5، باب 14، وسورة 21 باب 2، والرقاق باب 45، ومسلم في الجنة حديث 58، والترمذي في القيامة باب 3، وتفسير سورة 21، باب 4، والنسائي في الجنائز باب 119. [.....]
(2)
انظر تفسير الطبري 9/ 96.
وَقَوْلُهُ: إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ أَيْ إِنَّ فِي هَذَا الْقُرْآنِ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ عَلَى عَبْدِنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَبَلَاغًا: لَمَنْفَعَةً وَكِفَايَةً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ، وَهُمُ الَّذِينَ عَبَدُوا اللَّهَ بِمَا شَرَعَهُ وَأَحَبَّهُ وَرَضِيَهُ، وَآثَرُوا طَاعَةَ اللَّهِ عَلَى طَاعَةِ الشَّيْطَانِ، وَشَهَوَاتِ أَنْفُسِهِمْ.
وقوله: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ أَيْ أَرْسَلَهُ رَحْمَةً لَهُمْ كُلِّهِمْ فَمَنْ قَبِلَ هَذِهِ الرَّحْمَةَ وَشَكَرَ هَذِهِ النِّعْمَةَ سَعِدَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ رَدَّهَا وَجَحَدَهَا خَسِرَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ [إبراهيم: 28- 29] وقال تَعَالَى فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ [فُصِّلَتْ: 44] وَقَالَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. قَالَ «إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً» انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ «1» . وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ» «2» رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي عوانة وَغَيْرُهُ عَنْ وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا. قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ. وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ وَكِيعٍ فَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ. وَكَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: كَانَ عِنْدَ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ مُرْسَلًا.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عساكر: وقد رواه مالك بن سعيد الْخِمْسِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُقْرِئِ وَأَبِي أَحْمَدَ الْحَاكِمِ، كِلَاهُمَا عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الصُّوفِيِّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ عَنِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ» ثُمَّ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ الصَّلْتِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ رَجُلٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي رَحْمَةً مُهْدَاةً بُعِثْتُ بِرَفْعِ قَوْمٍ وَخَفْضِ آخَرِينَ» .
قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ الطَّحَّانُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: وَجَدْتُ كِتَابًا بِالْمَدِينَةِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ التَّمَّارِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ مُنْصَرَفَهُ عَنْ حَمْزَةَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّ مُحَمَّدًا نَزَلَ يَثْرِبَ وَأَرْسَلَ طَلَائِعَهُ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَ مِنْكُمْ شَيْئًا، فَاحْذَرُوا أَنْ تَمُرُّوا طريقه
(1) كتاب البر حديث 87.
(2)
أخرجه الدارمي في المقدمة باب 3.
أو تقاربوه، فإنه كالأسد الضاري، إنه حق عَلَيْكُمْ لِأَنَّكُمْ نَفَيْتُمُوهُ نَفْيَ الْقِرْدَانِ عَنِ الْمَنَاسِمِ، وَاللَّهِ إِنَّ لَهُ لَسَحَرَةً مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ وَلَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَّا رَأَيْتُ مَعَهُمُ الشياطين، وَإِنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ عَدَاوَةَ ابْنَيْ قَيْلَةَ يَعْنِي الأوس والخزرج، فهو عَدُوٌّ اسْتَعَانَ بِعَدُوٍّ، فَقَالَ لَهُ مُطْعِمُ بْنُ عُدَيٍّ: يَا أَبَا الْحَكَمِ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَصْدَقَ لِسَانًا، وَلَا أَصْدَقَ مَوْعِدًا مِنْ أَخِيكُمُ الَّذِي طَرَدْتُمْ، وَإِذْ فَعَلْتُمُ الَّذِي فَعَلْتُمْ، فَكُونُوا أَكَفَّ النَّاسِ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ: كُونُوا أَشَدَّ مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ إِنَّ ابْنِيْ قَيْلَةَ إِنْ ظَفِرُوا بِكُمْ لَمْ يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً، وَإِنْ أَطَعْتُمُونِي ألجأتموهم حير كنانة أَوْ تُخْرِجُوا مُحَمَّدًا مِنْ بَيْنِ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَيَكُونُ وحيدا مطرودا، وأما ابنا قيلة فو الله مَا هُمَا وَأَهْلُ دَهْلَكٍ فِي الْمَذَلَّةِ إِلَّا سَوَاءً وَسَأَكْفِيكُمْ حَدَّهُمْ، وَقَالَ:
سَأَمْنَحُ جَانِبًا مِنِّي غَلِيظًا
…
عَلَى مَا كَانَ مِنْ قُرْبٍ وَبُعْدِ
رِجَالُ الْخَزْرَجِيَّةِ أَهْلُ ذُلٍّ
…
إِذَا مَا كَانَ هَزْلٌ بَعْدَ جَدِّ
فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْتُلَنَّهُمْ وَلَأُصَلِبَنَّهُمْ وَلَأَهْدِيَنَّهُمْ وَهُمْ كَارِهُونَ، إِنِّي رَحْمَةٌ بَعَثَنِي اللَّهُ وَلَا يَتَوَفَّانِي حَتَّى يُظْهِرَ اللَّهُ دِينَهُ، لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ أَنَا مُحَمَّدٌ وأحمد وأنا الماحي الذي يمحو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ» وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ صَحِيحًا.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قُرَّةَ الْكِنْدِيِّ قَالَ: كَانَ حُذَيْفَةُ بِالْمَدَائِنِ فَكَانَ يَذْكُرُ أَشْيَاءَ قَالَهَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ حُذَيْفَةُ إِلَى سَلْمَانَ، فَقَالَ سَلْمَانُ: يَا حُذَيْفَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ فقال: «أيما رجل من أمتي سببته فِي غَضَبِي أَوْ لَعَنْتُهُ لَعْنَةً، فَإِنَّمَا أَنَا رجل من ولد آدم أغضب كما تغضبون، وإنما بعثني الله رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ فَاجْعَلْهَا صَلَاةً عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ «2» عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ عَنْ زَائِدَةَ، فَإِنْ قِيلَ: فَأَيُّ رَحْمَةٍ حَصَلَتْ لِمَنْ كَفَرَ بِهِ؟ فَالْجَوَابُ مَا رَوَاهُ أَبُو جعفر بن جَرِيرٍ «3» : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ سَعِيدٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ قَالَ: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ كُتِبَ لَهُ الرَّحْمَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ عُوِفِيَ مِمَّا أَصَابَ الْأُمَمَ مِنَ الْخَسْفِ وَالْقَذْفِ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْمَسْعُودِيِّ عَنِ أَبِي سعد وهو سعيد بن المرزبان البقال
(1) المسند 5/ 437.
(2)
كتاب السنة باب 10.
(3)
تفسير الطبري 9/ 100.