الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا مِقْدَارُ سِنِّ الْأُضْحِيَّةِ فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ» «1» وَمِنْ هَاهُنَا ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ إِلَى أَنَّ الْجَذَعَ لَا يُجْزِئُ، وَقَابَلَهُ الْأَوْزَاعِيُّ فَذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْجَذَعَ يُجْزِئُ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ، وَهُمَا غريبان. والذي عليه الْجُمْهُورُ إِنَّمَا يُجْزِئُ الثَّنِيُّ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ والمعز، أو الجذع مِنَ الضَّأْنِ، فَأَمَّا الثَّنِيُّ مِنَ الْإِبِلِ فَهُوَ الَّذِي لَهُ خَمْسُ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ، وَمِنَ الْبَقَرِ مَا لَهُ سَنَتَانِ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ، وَقِيلَ مَا لَهُ ثَلَاثٌ وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ، وَمِنَ الْمَعِزِ مَا لَهُ سَنَتَانِ، وَأَمَّا الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ فَقِيلَ مَا لَهُ سَنَةٌ، وقيل عشرة أشهر، وقيل ثمانية، وَقِيلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَهُوَ أَقَلُّ مَا قِيلَ فِي سِنِّهِ، وَمَا دُونَهُ فَهُوَ حَمَلٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَمَلَ شَعْرُ ظَهْرِهِ قَائِمٌ. وَالْجَذَعُ شعر ظهره نائم. قد انفرق صدعين والله أعلم.
[سورة الحج (22) : آية 38]
إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ عِبَادِهِ الَّذِينَ تَوَكَّلُوا عَلَيْهِ وَأَنَابُوا إِلَيْهِ شَرَّ الْأَشْرَارِ وَكَيْدَ الْفُجَّارِ وَيَحْفَظُهُمْ وَيَكْلَؤُهُمْ وَيَنْصُرُهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ [الزُّمَرِ: 36] وَقَالَ:
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً [الطَّلَاقِ: 3] وَقَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ أَيْ لَا يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ مَنِ اتَّصَفَ بِهَذَا، وَهُوَ الْخِيَانةُ فِي الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ لَا يَفِي بِمَا قَالَ، وَالْكُفْرُ الْجَحْدُ للنعم، فلا يعترف بها.
[سورة الحج (22) : الآيات 39 الى 40]
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَاّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)
قَالَ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ حِينَ أُخْرِجُوا من مكة «2» . وقال مجاهد والضحاك، وغير واحد من السلف كابن عباس ومجاهد وعروة بن الزبير وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ وَقَتَادَةَ وغيرهم: هَذِهِ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْجِهَادِ، وَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ السُّورَةَ مَدَنِيَّةٌ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «3» : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ دَاوُدَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ هُوَ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عباس قال: لَمَّا أُخْرِجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجُوا نَبِيَّهُمْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ لَيُهْلَكُنَّ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ قال
(1) أخرجه مسلم في الأضاحي حديث 13.
(2)
انظر تفسير الطبري 9/ 161.
(3)
تفسير الطبري 9/ 161.
أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: فَعَرَفْتُ أنه سيكون قتال.
وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ الْأَزْرَقِ بِهِ، وَزَادَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهِيَ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقِتَالِ «2» . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ سُنَنَيْهِمَا وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ، زَادَ التِّرْمِذِيُّ وَوَكِيعٌ كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَلَيْسَ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَقَوْلُهُ: وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ أَيْ هُوَ قَادِرٌ عَلَى نَصْرِ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، وَلَكِنْ هُوَ يُرِيدُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ يبذلوا جَهْدَهُمْ فِي طَاعَتِهِ، كَمَا قَالَ: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ [مُحَمَّدٍ: 4- 6] وَقَالَ تَعَالَى: قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التَّوْبَةِ: 14- 15] وَقَالَ: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [التوبة: 16] وقال: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ [آلِ عِمْرَانَ: 142] وَقَالَ: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ [مُحَمَّدٍ: 31] وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ.
وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ وَقَدْ فَعَلَ، وَإِنَّمَا شَرَعَ تَعَالَى الْجِهَادَ فِي الْوَقْتِ الْأَلْيَقِ بِهِ، لِأَنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا بِمَكَّةَ كَانَ الْمُشْرِكُونَ أَكْثَرَ عَدَدًا فَلَوْ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ أَقَلُّ مِنَ الْعُشْرِ بِقِتَالِ الْبَاقِينَ لَشَقَّ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا لَمَّا بَايَعَ أَهْلُ يَثْرِبَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَكَانُوا نَيِّفًا وَثَمَانِينَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَمِيلُ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي، يَعْنُونَ أَهْلَ مِنًى، لَيَالِيَ مِنًى فَنَقْتُلُهُمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إني لم أومر بِهَذَا» فَلَمَّا بَغَى الْمُشْرِكُونَ وَأَخْرَجُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ وَهَمُّوا بِقَتْلِهِ، وَشَرَّدُوا أَصْحَابَهُ شَذَرَ مَذَرَ، فَذَهَبَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ إِلَى الْحَبَشَةِ وَآخَرُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا اسْتَقَرُّوا بِالْمَدِينَةِ وَوَافَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، وَقَامُوا بِنَصْرِهِ وَصَارَتْ لَهُمْ دَارُ إِسْلَامٍ وَمَعْقِلًا يَلْجَئُونَ إِلَيْهِ، شَرَعَ اللَّهُ جِهَادَ الْأَعْدَاءِ، فَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَوَّلَ مَا نَزَلَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ تَعَالَى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ.
قَالَ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أُخْرِجُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ، يَعْنِي محمدا وأصحابه
(1) المسند 1/ 216.
(2)
أخرجه الترمذي في تفسير سورة 22، باب 4، 5، والنسائي في الجهاد باب 1.
إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ أَيْ مَا كَانَ لَهُمْ إِلَى قَوْمِهِمْ إِسَاءَةٌ، وَلَا كَانَ لهم ذنب إلا أنهم وحدوا الله وعبدوه لَا شَرِيكَ لَهُ، وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَأَمَّا عِنْدَ المشركين فإنه أَكْبَرُ الذُّنُوبِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ [الْمُمْتَحَنَةِ: 1] وَقَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ: وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [الْبُرُوجِ: 15] وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَرْتَجِزُونَ فِي بناء الخندق ويقولون:
[رجز]
اللَّهُمَّ لَولَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
…
وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا «1»
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَينَا
…
وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
إِنَّ الْأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَينَا
…
إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أبَيْنَا
فَيُوَافِقُهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَقُولُ مَعَهُمْ آخِرَ كُلِّ قَافِيَةٍ، فَإِذَا قَالُوا:
إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا
يَقُولُ: أَبَيْنَا يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ أي لولا أنه يدفع بقوم عن قوم، ويكف شرور أُنَاسٍ عَنْ غَيْرِهِمْ بِمَا يَخْلُقُهُ وَيُقَدِّرُهُ مِنَ الأسباب، لفسدت الأرض ولأهلك الْقَوِيُّ الضَّعِيفَ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَهِيَ الْمَعَابِدُ الصِّغَارُ لِلرُّهْبَانِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَعِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ مَعَابِدُ الصَّابِئِينَ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: صَوَامِعُ الْمَجُوسِ، وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: هِيَ الْبُيُوتُ الَّتِي عَلَى الطُّرُقِ وَبِيَعٌ وَهِيَ أَوْسَعُ مِنْهَا، وَأَكْثَرُ عَابِدِينَ فِيهَا، وَهِيَ لِلنَّصَارَى أَيْضًا، قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ صَخْرٍ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ وخُصَيْفٌ وَغَيْرُهُمْ. وَحَكَى ابْنُ جُبَيْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا كَنَائِسُ الْيَهُودِ، وَحَكَى السُّدِّيُّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا كَنَائِسُ الْيَهُودِ، وَمُجَاهِدٌ إِنَّمَا قَالَ: هِيَ الْكَنَائِسُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: وَصَلَواتٌ قَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الصَّلَوَاتُ الْكَنَائِسُ وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ: إِنَّهَا كَنَائِسُ الْيَهُودِ، وَهُمْ يُسَمُّونَهَا صَلُوتًا «2» . وَحَكَى السُّدِّيُّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا كَنَائِسُ النَّصَارَى. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَغَيْرُهُ: الصَّلَوَاتُ مَعَابِدُ الصَّابِئِينَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: الصَّلَوَاتُ مَسَاجِدُ لِأَهْلِ الْكِتَابِ وَلِأَهْلِ الْإِسْلَامِ بِالطُّرُقِ، وَأَمَّا الْمَسَاجِدُ فَهِيَ لِلْمُسْلِمِينَ. وَقَوْلُهُ: يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً فَقَدْ قِيلَ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ يُذْكَرُ فِيهَا عَائِدٌ إِلَى الْمَسَاجِدِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ الْمَذْكُورَاتِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْجَمِيعُ يُذْكَرُ فيها اسم الله كثيرا. وقال
(1) الرجز لعبد الله بن رواحة في ديوانه ص 108، ولعامر بن الأكوع في المقاصد النحوية 4/ 451، وله أو لعبد الله في الدرر 4/ 236، وشرح شواهد المغني 1/ 287، وبلا نسبة في الأزهية ص 167، وشرح الأشموني 3/ 593، وشرح المفصل 3/ 118، وهمع الهوامع 2/ 43.
(2)
انظر تفسير الطبري 9/ 165.