الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة الإسراء (17) : آية 53]
وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً (53)
يأمر تبارك وتعالى عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْمُرَ عِبَادَ الله المؤمنين أن يقولوا في مخاطبتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة، فإنهم إن لم يفعلوا ذلك، نزع الشيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعال، وأوقع الشر والمخاصمة والمقاتلة، فإنه عدو لآدم وذريته من حين امتنع عن السجود لآدم، وعداوته ظَاهِرَةٌ بَيِّنَةٌ، وَلِهَذَا نَهَى أَنْ يُشِيرَ الرَّجُلُ إلى أخيه المسلم بحديدة، فإن الشيطان ينزع فِي يَدِهِ أَيْ فَرُبَّمَا أَصَابَهُ بِهَا.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُشِيرَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَحَدُكُمْ لَعَلَّ الشَّيْطَانَ أَنْ يَنْزَعَ فِي يَدِهِ فَيَقَعَ فِي حُفْرَةٍ من النار» «2» أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «3» : حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مَنْ بَنِي سَلِيطٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي أَزْفَلَةٍ مِنَ النَّاسِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا» قَالَ حَمَّادٌ: وقال بيده إلى صدره «وما تواد رجلان في الله ففرق بينهما إلا حدث يحدثه أحدهما، المحدث شر والمحدث شر والمحدث شر» .
[سورة الإسراء (17) : الآيات 54 الى 55]
رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (54) وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (55)
يقول تعالى: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ أيها الناس أي أعلم بمن يَسْتَحِقُّ مِنْكُمُ الْهِدَايَةَ وَمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ بِأَنْ يُوَفِّقَكُمْ لِطَاعَتِهِ وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ- يَا مُحَمَّدُ- عَلَيْهِمْ وَكِيلًا أَيْ إِنَّمَا أَرْسَلْنَاكَ نَذِيرًا، فَمَنْ أَطَاعَكَ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَاكَ دَخَلَ النَّارَ. وَقَوْلُهُ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَيْ بِمَرَاتِبِهِمْ فِي الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وكما قال تعالى تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ [الْبَقَرَةِ: 253] وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ» «4» فَإِنَّ الْمُرَادَ من ذاك هُوَ التَّفْضِيلُ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي وَالْعَصَبِيَّةِ لَا بِمُقْتَضَى الدليل فإذا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى شَيْءٍ وَجَبَ اتِّبَاعُهُ.
وَلَا خِلَافَ أَنَّ الرُّسُلَ أَفْضَلُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَنَّ أُولِي الْعَزْمِ مِنْهُمْ أَفْضَلُهُمْ، وَهُمُ الْخَمْسَةُ
(1) المسند 2/ 317.
(2)
أخرجه البخاري في الفتن باب 7، ومسلم في البر حديث 126.
(3)
المسند 5/ 71.
(4)
أخرجه البخاري في الأنبياء باب 35، ومسلم في الفضائل حديث 159.