الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الْأَعْرَافِ: 12] وَقَالَ أَيْضًا أَرَأَيْتَكَ يَقُولُ لِلرَّبِّ جَرَاءَةً وَكُفْرًا وَالرَّبُّ يَحْلُمُ وَيَنْظُرُ قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ الْآيَةَ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَأَسْتَوْلِيَنَّ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ إِلَّا قَلِيلًا وَقَالَ مُجَاهِدٌ لَأَحْتَوِيَنَّ وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ لَأُضِلَّنَّهُمْ وكلها متقاربة والمعنى أرأيتك هذا الذي شرفته وعظمته علي لأن أنظرتني لأضلن ذريته إلا قليلا منهم.
[سورة الإسراء (17) : الآيات 63 الى 65]
قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَاّ غُرُوراً (64) إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً (65)
لما سأل إبليس النَّظْرَةَ قَالَ اللَّهُ لَهُ اذْهَبْ فَقَدْ أَنْظَرْتُكَ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى قَالَ:
فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ [الْحِجْرِ: 37- 38] ثم أوعده ومن اتبعه من ذرية آدم جهنم قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ أَيْ عَلَى أَعْمَالِكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً قَالَ مجاهد وافرا، وقال قتادة موفورا عليكم لا ينقص لكم منه. وقوله تعالى: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ قِيلَ هُوَ الْغِنَاءُ قَالَ مُجَاهِدٌ بِاللَّهْوِ وَالْغِنَاءِ أَيْ اسْتَخِفَّهُمْ بِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ قَالَ كُلُّ دَاعٍ دَعَا إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ عز وجل وَقَالَ قتادة واختاره ابن جرير «1» .
وقوله تعالى: وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ يَقُولُ وَاحْمِلْ عَلَيْهِمْ بِجُنُودِكِ خَيَّالَتِهِمْ وَرَجْلَتِهِمْ فَإِنَّ الرَّجْلَ جَمْعُ رَاجِلٍ كما أن الركب جمع راكب وصحب جَمْعُ صَاحِبٍ وَمَعْنَاهُ تُسَلِّطُ عَلَيْهِمْ بِكُلِّ مَا تقدر عليه وهذا أمر قدري كقوله تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا [مَرْيَمَ: 83] أَيْ تُزْعِجُهُمْ إِلَى الْمَعَاصِي إِزْعَاجًا وَتَسُوقُهُمْ إِلَيْهَا سَوْقًا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ قَالَ كُلُّ رَاكِبٍ وَمَاشٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ لَهُ خَيْلًا وَرِجَالًا من الجن والإنس وهم الذين يطيعونه تقول الْعَرَبُ أَجْلَبَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ إِذَا صَاحَ عَلَيْهِ وَمِنْهُ نَهَى فِي الْمُسَابَقَةِ عَنِ الْجَلَبِ وَالْجَنَبِ وَمِنْهُ اشْتِقَاقُ الْجَلَبَةِ وَهِيَ ارْتِفَاعُ الْأَصْوَاتِ.
وقوله تعالى: وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: هُوَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ إِنْفَاقِ الْأَمْوَالِ فِي مَعَاصِي اللَّهِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: هُوَ الرِّبَا، وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ جَمْعُهَا مِنْ خَبِيثٍ وَإِنْفَاقُهَا فِي حَرَامٍ، وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَمَّا مُشَارَكَتُهُ إِيَّاهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ فَهُوَ مَا حَرَّمُوهُ مِنْ أَنْعَامِهِمْ يَعْنِي مِنَ الْبَحَائِرِ وَالسَّوَائِبِ ونحوها وكذا قال الضحاك وقتادة وقال ابْنُ جَرِيرٍ «2» وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْآيَةَ تعم ذلك كله.
(1) تفسير الطبري 8/ 108.
(2)
تفسير الطبري 8/ 111.