الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ» «1» وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها قَالَ:
هُوَ الْمَمَرُّ عَلَيْهَا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها قَالَ:
وُرُودُ الْمُسْلِمِينَ الْمُرُورُ على الجسر بين ظهرانيها وَوُرُودُ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«الزَّالُّونَ وَالزَّالَّاتُ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَقَدْ أَحَاطَ بِالْجِسْرِ يَوْمَئِذٍ سِمَاطَانِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ دُعَاؤُهُمْ يَا أَللَّهُ سَلِّمْ سَلِّمْ» وَقَالَ السُّدِّيُّ عَنْ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا قَالَ: قَسَمًا وَاجِبًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: حَتْمًا، قَالَ قَضَاءً، وَكَذَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ.
وَقَوْلُهُ: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا أَيْ إِذَا مَرَّ الْخَلَائِقُ كُلُّهُمْ عَلَى النَّارِ وَسَقَطَ فِيهَا مَنْ سَقَطَ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْعُصَاةِ ذَوِي الْمَعَاصِي بِحَسَبِهِمْ، نَجَّى اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ مِنْهَا بِحَسْبِ أَعْمَالِهِمْ، فَجَوَازُهُمْ عَلَى الصِّرَاطِ وَسُرْعَتُهُمْ بِقَدْرِ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي كَانَتْ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ يُشَفَّعُونَ فِي أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَشْفَعُ الْمَلَائِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ وَالْمُؤْمِنُونَ فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا قَدْ أَكَلَتْهُمُ النَّارُ إِلَّا دَارَاتِ وُجُوهِهِمْ وَهِيَ مَوَاضِعُ السُّجُودِ، وَإِخْرَاجُهُمْ إِيَّاهُمْ مِنَ النَّارِ بِحَسْبِ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ، فَيُخْرِجُونَ أَوَّلًا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، ثُمَّ الَّذِي يليه، ثم الذي يليه، حتى يخرجون مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ، ثُمَّ يُخْرِجُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، وَلَا يَبْقَى فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ كَمَا وَرَدَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا.
[سورة مريم (19) : الآيات 73 الى 74]
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً (74)
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْكُفَّارِ حِينَ تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ اللَّهِ ظَاهِرَةَ الدَّلَالَةِ بَيِّنَةَ الْحُجَّةِ وَاضِحَةَ البرهان أنهم يصدون ويعرضون عن ذلك وَيَقُولُونَ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا مُفْتَخِرِينَ عَلَيْهِمْ وَمُحْتَجِّينَ عَلَى صِحَّةِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ الْبَاطِلِ بِأَنَّهُمْ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا أَيْ أَحْسَنُ مَنَازِلَ وَأَرْفَعُ دُوْرًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا وَهُوَ مجتمع الرِّجَالِ لِلْحَدِيثِ أَيْ نَادِيهِمْ أَعْمَرُ وَأَكْثَرُ وَارِدًا وَطَارِقًا يَعْنُونَ فَكَيْفَ نَكُونُ وَنَحْنُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ عَلَى بَاطِلٍ وَأُولَئِكَ الَّذِينَ هُمْ مُخْتَفُونَ مُسْتَتِرُونَ فِي دَارِ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ وَنَحْوِهَا مِنَ الدُّورِ عَلَى الْحَقِّ كَمَا قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْهُمْ: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً مَا سَبَقُونا إِلَيْهِ [الْأَحْقَافِ: 11] وَقَالَ قَوْمُ نُوحٍ: أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ [الشُّعَرَاءِ: 111] وَقَالَ تَعَالَى: وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ [الْأَنْعَامِ: 53] وَلِهَذَا قَالَ تعالى رادا على شُبْهَتَهُمْ وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ أَيْ وَكَمْ مِنْ أُمَّةٍ وَقَرْنٍ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ قَدْ أهلكناهم
(1) أخرجه أبو داود في الجهاد باب 13.