الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَمْ يَسْجُدْ بِهِمَا فَلَا يَقْرَأْهُمَا» «1» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ، فَإِنَّ ابْنَ لَهِيعَةَ قَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِالسَّمَاعِ، وَأَكْثَرُ مَا نَقَمُوا عَلَيْهِ تَدْلِيسُهُ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَامِرِ بن جشب عن خالد بن معدان رحمه الله أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:
«فضلت سورة الحج على سائر الْقُرْآنِ بِسَجْدَتَيْنِ» ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَدْ أُسْنِدَ هَذَا، يَعْنِي مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَلَا يَصِحُّ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: حدثني ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو، حَدَّثَنَا حفص بن عنان، حدثني نافع قال:
حَدَّثَنِي أَبُو الْجَهْمِ أَنَّ عُمَرَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فِي الْحَجِّ وَهُوَ بِالْجَابِيَةِ، وَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ الْعُتَقِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُنَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَقْرَأَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ، مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ وَفِي سُورَةِ الْحَجِّ «2» سجدتان، فهذه شواهد يشد بعضها بعضا.
[سورة الحج (22) : الآيات 19 الى 22]
هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (22)
ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أَبِي ذَرٍّ: أَنَّهُ كَانَ يُقْسِمُ قَسَمًا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ نَزَلَتْ فِي حَمْزَةَ وَصَاحِبَيْهِ، وَعُتْبَةَ وَصَاحِبَيْهِ يَوْمَ بَرَزُوا فِي بَدْرٍ «3» ، لَفْظُ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ تَفْسِيرِهَا، ثم قَالَ الْبُخَارِيُّ «4» : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ قَيْسٌ: وَفِيهِمْ نَزَلَتْ: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ قَالَ: هُمُ الَّذِينَ بَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ عَلِيٌّ وَحَمْزَةُ وَعُبَيْدَةُ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ. انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ قَالَ:
اخْتَصَمَ الْمُسْلِمُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: نَبِيُّنَا قَبْلَ نَبِيِّكُمْ وَكِتَابُنَا قَبْلَ كِتَابِكُمْ، فَنَحْنُ
(1) أخرجه الترمذي في الجمعة باب 54.
(2)
أخرجه أبو داود في السجود باب 1، وابن ماجة في الإقامة باب 71.
(3)
أخرجه البخاري في تفسير سورة 22، باب 3، ومسلم في التفسير حديث 34.
(4)
كتاب التفسير، تفسير سورة 22، باب 3.
أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْكُمْ، وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: كِتَابُنَا يَقْضِي عَلَى الْكُتُبِ كُلِّهَا وَنَبِيُّنَا خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ، فَنَحْنُ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْكُمْ، فَأَفْلَجَ «1» اللَّهُ الْإِسْلَامَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُ، وَأَنْزَلَ هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ وَكَذَا رَوَى الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ قَالَ: مُصَدِّقٌ وَمُكَذِّبٌ وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: مَثَلُ الْكَافِرِ وَالْمُؤْمِنِ اخْتَصَمَا فِي الْبَعْثِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ هُوَ وَعَطَاءٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكَافِرُونَ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ قَالَ: هِيَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، قَالَتِ النَّارَ:
اجْعَلْنِي لِلْعُقُوبَةِ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: اجْعَلْنِي لِلرَّحْمَةِ. وَقَوْلُ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْكَافِرُونَ وَالْمُؤْمِنُونَ يَشْمَلُ الْأَقْوَالَ كُلَّهَا، وَيَنْتَظِمُ فِيهِ قِصَّةُ يَوْمِ بَدْرٍ وَغَيْرُهَا، فَإِنَّ المؤمنين يريدون نصرة دين الله عز وجل، وَالْكَافِرُونَ يُرِيدُونَ إِطْفَاءَ نُورِ الْإِيمَانِ وَخُذْلَانَ الْحَقِّ وَظُهُورَ الْبَاطِلِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ، وَهُوَ حَسَنٌ، وَلِهَذَا قَالَ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ أَيْ فُصِّلَتْ لَهُمْ مُقَطَّعَاتٌ من النار، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مِنْ نُحَاسٍ، وَهُوَ أَشَدُّ الْأَشْيَاءِ حَرَارَةً إِذَا حَمِيَ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ أي إذا صب على رؤوسهم الْحَمِيمُ وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ فِي غَايَةِ الْحَرَارَةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ النُّحَاسُ الْمُذَابُ، أَذَابَ مَا فِي بُطُونِهِمْ مِنَ الشَّحْمِ وَالْأَمْعَاءِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُهُمْ، وَكَذَلِكَ تَذُوبُ جُلُودُهُمْ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدٌ: تَسَاقَطَ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «2» : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثني إِبْرَاهِيمُ أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالَقَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عن سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي السَّمْحِ عَنْ ابْنِ حُجَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنْ الْحَمِيمَ ليصب على رؤوسهم فينفذ الْجُمْجُمَةَ حَتَّى يَخْلُصَ إِلَى جَوْفِهِ، فَيَسْلِتُ مَا فِي جَوْفِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَدَمَيْهِ، وَهُوَ الصِّهْرُ، ثُمَّ يُعَادُ كَمَا كَانَ» «3» وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ بِهِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحسين، حدثنا أحمد بن أبي الحواري.
قال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السُّرِّيِّ قَالَ: يَأْتِيهِ الْمَلَكُ يَحْمِلُ الْإِنَاءَ بِكَلْبَتَيْنِ مِنْ حَرَارَتِهِ، فَإِذَا أَدْنَاهُ مِنْ وَجْهِهِ تَكَرَّهَهُ، قَالَ: فَيَرْفَعُ مِقْمَعَةً مَعَهُ فَيَضْرِبُ بِهَا رَأْسَهُ فَيُفْرِغُ دِمَاغَهُ، ثُمَّ يُفْرِغُ الْإِنَاءَ مِنْ دِمَاغِهِ فَيَصِلُ إِلَى جَوْفِهِ مِنْ دِمَاغِهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ.
وَقَوْلُهُ: وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «4» : حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حدثنا ابن
(1) أفلج: أي نصر. [.....]
(2)
تفسير الطبري 9/ 125.
(3)
أخرجه الترمذي في جهنم باب 4.
(4)
المسند المسند 3/ 29.