الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم حرف عطف وتراخ وأنزل الله فعل وفاعله وسكينته مفعول به وعلى رسوله جار ومجرور متعلقان بأنزل وعلى المؤمنين عطف على رسوله. (وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها) وأنزل جنودا عطف على ما تقدم وجملة لم تروها صفة لجنودا. (وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) عطف أيضا وذلك مبتدأ وجزاء الكافرين خبره (ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) عطف على ما تقدم مقترن بالتراخي ومن بعد ذلك حال وعلى من يشاء متعلقان بيتوب والله مبتدأ وغفور رحيم خبراه.
الفوائد:
استفاضت السير في الروايات لهذه الوقعة ويؤخذ منها أن المسلمين كانوا اثني عشر ألفا الذين حضروا فتح مكة منضما إليهم ألفان من الطلقاء عند ما التقوا مع هوازن وثقيف فيمن ضامّهم من امداد سائر العرب فكانوا الجم الغفير، فلما التقوا قال رجل من المسلمين: لن نغلب اليوم من قلة فساءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتتلوا اقتتالا شديدا، وأدركت المسلمين نشوة الإعجاب بالكثرة، وزل عنهم أن الله هو الناصر لا كثرة الجنود، فانهزموا حتى بلغ فلهم مكة وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده وهو ثابت، في مركزه لا يتحلحل، ليس معه إلا عمه العباس آخذا بلجام دابته وأبو سفيان ابن الحارث ابن عمه، روى أبو جعفر بن جرير بسنده عن عبد الرحمن عن رجل كان في المشركين يوم حنين قال: لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين لم يقوموا لنا حلب شاة، فلما لقيناهم جعلنا نسوقهم في آثارهم حتى انتهينا الى صاحب البغلة
البيضاء فإذا هو رسول الله، قال فتلقّانا عنده رجال بيض الوجوه حسان فقالوا لنا: شاهت الوجوه ارجعوا فانهزمنا وركبنا أكتافنا.
وهناك روايات كثيرة تختلف في سردها وتتفق في معناها على أن ذلك الموقف كان شهادة صدق على تناهي شجاعة النبي ورباطة جأشه، وأن الرجال تكثر بالنصر وتقل بالخذلان.
2-
قال الصفاقسي: ظاهر كلام الزمخشري أولا منع عطف الزمان على المكان، ولم أر من نص عليه وفيه نظر، وأما وجوب إضمار الفعل فهو مبني على اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في متعلقات الفعل وهو ممنوع، وقد أشار الى منعه ابن الحاجب في مختصره في الأصول.
والتحقيق والتدقيق إن قوله يوم حنين، إن جعلته عطفا على مواطن فالواو قائم مقام حرف الجر وهو «في» فكأنه قال: لقد نصركم الله في مواطن كثيرة في يوم حنين، وهذا المعنى باطل لأنه يعين مكان النصرة وزمانها. ولا شك أنه ليس زمان النصرة في المواطن الكثيرة يوم حنين سواء أجعلت «إذ أعجبتكم» بدلا أم لا وأما إذا عطفت «ويوم حنين» على محل «في مواطن» كما هو الظاهر فحرف العطف قائم مقام «نصركم» العامل «في مواطن» فكأنه قال: لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين خاصة وحينئذ جاز أن يكون «إذ أعجبتكم» بدلا من يوم، وهذا كما تقول: رأيت مرارا في مصر وليلة العيد إذ أفاض الناس من عرفة. هذا هو الصدق الحق الذي لا غطاء على وجهه المنير فلا تخش من قعقعة سلاح الزمخشري فإنها جعجعة من غير طحن ولكن جواد كبوة.