الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر حدود الحرم
أول من نصب حدود الحرم إبراهيم عليه السلام، ويقال: أوحى الله عزوجل إلى الجبال (تنحي فتنحت) حين رأى الله إبراهيم موضع المناسك وهو قوله: " وأرنا مناسكنا " ثم إن قريشا قلعوها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فشق ذلك عليه ثم إنهم أعادوها وجددها النبي صلى الله عليه وسلم، قال الزار في مسنده: حدثنا بشر بن معاذ ومحمد بن موسى الحرشي قالا: ثنا مقاتل بن سليمان ثنا عبدالله بن عثمان بن خثيم عن محمد بن الأسود ابن خلف عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجدد أنصاب الحرم عام الفتح. وقال مالك: عمر بن الخطاب هو الذي نصب معالم الحرم بعد أن بحث عن ذلك. وحده من طريق المدينة دون التنعيم عند بيوت نفار على ثلاثة أميال من مكة وقيل: أربعة، ومن طريق اليمن (طرف أضاة لبن) على ستة أميال. وقيل: سبعة ومن طريق
الطائف عند أضاة لبن، وعلى طريق عرفة من بطن نمرة على أحد عشر ميلا كذا ذكره الأزرقي، وقال ابن أبي زيد: على تسعة، ومن طريق العراق على ثنية جبل المقطع على سبعة اميال: وقيل ثمانية. ومن طريق الجعرانة في شعب آل عبدالله بن خالد على تسعة، ومن طريق جدة منقطع العشائر على عشرة. وقال مالك: ولحديبية في الحرم. وقال الرافعي: هو من طريق المدينة على ثلاثة أميال، ومن العراق على سبعة، ومن الجعرانة على تسعة، ومن الطائف على سبعة، ومن جدة على عشرة. وهكذا حكاه أقضى القضاة الماوردي وجماعة، عنهم صاحب البحر وعليه بنى الشاعر قوله
وللحرم التحديد من أرض طيبة
…
ثلاثة أميال إذا رمت إتقانه
وسبعة أميال عراقٌ وطائف
…
وجُدة عَشر ثم تسع جعرانه
وقال ابن سراقة في كتاب الأعداد: والحرم في الأرض موضع واحد وهو مكة و (ما) حولها ومساحة ذلك ستة عشر ميلا في مثلها، وذلك بريد واحد وثلث، في بريد واحد وثلث على التقريب، انتهى ، فإن قيل:
ما الحكمة في تحديد الحرم؟ قيل: فيه وجوه:
أحدهما: التزام ما ثبت له من الأحكام، وتبيين ما اختص به من البركات.
الثاني: ذكر أن الحجر الأسود لما أتى به من الجنة كان أبيض مستنيرا أضاء منه نور، فحيثما انتهى ذلك النور كانت حدود الحرم، وهذا معنى مناسب، الأمر فوق ذلك.
الثالث: أنه أنوار موضوعة من العالم الأعلى الرباني، وسر روحاني وجه إلى تلك البقاع.
ويذكر أهل المساهدات أنهم يشاهدون تلك الأنوار واصلة إلى حدود الحرم، ولها منار ينبع منها، ويكون منها في الحرمين والأرض المقدسة ولكل أرض نور وصفة ولون لذلك النور، نسأل الله أن يمن علينا بصفاء القلوب، والظفر بشهود حقائق الأعيان.
فهذا حد ما جعله الله محرما لما اختص به من التحريم، وباين به سائر البلاد.