المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر أصل بناء الكعبة المعظمة - إعلام الساجد بأحكام المساجد

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌ الفاتحة في مدلول‌‌ المسجد لغةوشرعا وتوابع ذلك

- ‌ المسجد لغة

- ‌أول مسجد وضع على الأرض

- ‌أول بيت وضع للناس بالقاهرة

- ‌فصل بناء المساجد

- ‌الباب الأولفيما يتعلق بمكة والمسجدالحرام من خصائص

- ‌ذكر أصل بناء الكعبة المعظمة

- ‌ذكر أول من كسا البيت

- ‌ذكر حال انتهائه

- ‌ذكر من بنى المسجد الحرام

- ‌تبيين المراد بالمسجد الحرام

- ‌بيان المراد بحاضري المسجد الحرام

- ‌ذكر حدود الحرم

- ‌ذكر حدود البيت المحرم

- ‌ذكر حدود منى

- ‌خَيف منى

- ‌المزدلفة

- ‌عرفات

- ‌بيان الحجاز ما هو

- ‌جزيرة العرب

- ‌ذكر أسماء مكة

- ‌ذكر خصائصه وأحكامه

- ‌الباب الثانيفيما يتعلق بمسجد النبي صلىالله عليه وسلم والمدينة

- ‌ذكر بناء المسجد

- ‌تبيين حدود حرم المدينة

- ‌ذكر ما جاء في خراب المدينة

- ‌ذكر أسمائه

- ‌هل المدينة حجازية أو شامية

- ‌ذكر ما جاء في عالم المدينة

- ‌ما جاء أن المدينة أقل الأرض مطراً

- ‌ذكر جملة من الخصائص والأحكام والفضائل

- ‌الباب الثالثفيما يتعلق بالمسجد الأقصى

- ‌ذكر أسمائه

- ‌ذكر أصل بنائه

- ‌هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليله الإسراء

- ‌فصل في فضله

- ‌فصل في أحكامه

- ‌الباب الرابعفيما يتعلق بسائر المساجد

الفصل: ‌ذكر أصل بناء الكعبة المعظمة

‌ذكر أصل بناء الكعبة المعظمة

أخبرنا شيخنا أبو عبدالله الحافظ رحمه الله: أنا المشايخ قاضي القضاة بدر الدين محمد بن جماعة وأبو الحسن علي بن اسماعيل ابن قريش، وأبو بكر عبدالله بن الأكرم ابن أبي البركات النعماني قراءة عليهم. أنا أبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي قراءة عليه: أنا أبو القاسم عبدالرحمن بن علي الطبري بمكة: أنا أبو الحسن ابن محمد الطوسي الصاهلي: أنا أبو القاسم اسماعيل الاسماعيلي: أنا أبو ابراهيم اسماعيل بن ابراهيم النصر أبادي. ح وقال الغزنوي: وأنبأنا المبارك بن الحسن بن محمد، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة أنا ابراهيم النصر أبادي: أنا أبو الحسن المغيرة بن عمرو: ثنا أبو سعيد الفضل بن محمد بن ابراهيم الجندي في كتابه فضائل مكة: ثنا عبدالله ابن أبي غسان الثمالي: ثنا أبو همام: ثنا محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان البيت قبل هبوط آدم صلى الله عليه ياقوتة من يواقيت الجنة له بابان من زمرد أخضر، باب شرقي، وباب غربي، وفيه قناديل من الجنة والبيت المعمور الذي في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون

ص: 43

فيه إلى يوم القيامة حذاء البيت الحرام، ولما أهبط الله تعالى آدم إلى موضع الكعبة وهو مثل الفلك من شدة رعدته، وأنزل عليه الحجر الأسود يتلألأ كأنه لؤلؤة بيضاء فأخذه آدم صلى الله عليه وسلم فضمه إليه تعالى من استئتاسا به، ثم أخذ الله تعالى من بنى آدم ميثاقهم فجعله في. في الحجر ثم أنزل آدم العصا ثم قال: يا آدم تخط فتخطى فإذا هو بأرض الهند فمكث ما شاء الله تعالى. ثم استوحش إلى البيت فقيل له: احجج يا آدم. فلما قدم مكة لقيته الملائكة فقالت: بر حجك يا آدم. لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام فقال: ما كنتم تقولون حوله؟ قالوا: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. فكان آدم صلى الله عليه وسلم إذا طاف قالهن. وكان يطوف سبعة أسابيع بالليل وخمسة أسابيع بالنهار. وقال: يا رب اجعل لهذا البيت عمارا يعمرونه من ذريتي فأوحى الله عزوجل: أن معمره نبي من ذريتك اسمه ابراهيم أقضي على يده عمارته. واستنبط له سقايته وأريه مواقفه وأعلمه مناسكه، قلت: محمد بن زياد هو اليشكري الطحان. قال احمد: كذاب خبيث وكذبه يحيى بن معين أيضا وأبو زرعة، والدارقطني، والفلاس

ص: 44

وروى عنه شيبان [بن فروخ] وفي دلائل النبوة للبيهقي من حديث عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. بعث الله عزوجل جبريل صلى الله عليه وسلم إلى آدم وحواء فقال لهما: ابنيا لي بيتا فخط لهما جبريل صلى الله عليه وسلم، فجعل آدم يحفر، وحواء تنقل حتى أصابه الماء نودي من تحته حسبك يا آدم. فلما بنياه أوحى الله عزوجل إليه أن يطوف به. وقيل له: أنت أول الناس. وهذا أول بيت.

ثم تناسخت القرون حتى حجه نوح صلى الله عليه وسلم. ثم تناسخت القرون حتى رفع (ابراهيم) القواعد منه، قال البيهقي: تفرد به ابن لهيعة هكذا مرفوعا وروى محمد بن جرير الطبري عن عطاء: أن آدم صلى الله عليه وسلم قال: أي رب، إني لأسمع أصوات الملائكة، فقال: ابط إلى الأرض فابن لي بيتا. ثم احفف به كما رأيت الملائكة تحف بيتي الذي في السماء. قال: فيزعم الناس: أنه بناه من خمسة أجبل، من حراء، وطور سيناء، وطور زيتا، والجودي و (لبنان).

ثم روى من طرق أنه لما كان زمن الطوفان رفعه الله حتى بعث ابراهيم فبناه. وقال السهيلي في الروض: وجاء في آثار مروية: أن ابراهيم بناه من خمسة أجبل، وأن الملائكة كانت تأتيه بالحجارة منها، وهي طور سيناء. وطور زيتا اللذان بالشام، والجودي وهو بالجزيرة. ولبنان

ص: 45

وحراء وهما في الحرم. كل ذلك بحكمة الله كيف جعل بناءها من خمسة أجبل. فشاكل ذلك معناها إذ هي قبلة للصلوات الخمس وعمود الإسلام.

وقد بنى على خمس، وأول من بناه شيث عليه السلام .. وكان قبل أن يبنيه خيمة من ياقوتة حمراء يطوف بها آدم، ويأنس بها لأنها أنزلت من الجنة. وقيل إنه بني في أيام جرهم مرة أو مرتين، لأن السيل كان قد صدع حائطه قال: وقيل: " لم يكن بنيانا إنما كان إصلاحا لما وهي منه وجداراً أسس بينه وبين السيل. بناه عامر ابن الجادر ". وقال الأزرقي في تاريخ مكة: جعل ابراهيم صلى الله عليه وسلم طول بناء الكعبة في السماء سبعة أذرع، وطولها في الأرض ثلاثين ذراعا، وعرضها في الأرض اثنين وعشرين ذراعا، وكانت بغير سقف، ولما بنتها قريش جعلوا طولها ثماني عشرة ذراعا في السماء، ونقصوا من طولها في الأرض ستة أذرع وشبرا، تركوها في الحجر. ولما بناها ابن الزبير جعل طولها في السماء سبعة وعشرين ذراعا.

ولم يغير الحجاج طولها حين هدمها وهي إلى الآن (على ما) بناها ابن الزبير لما كانت عائشة ترويه، ولأنه لما نصب عليها المنجنيق الحصين بن نمير وهت جدرانها. وقيل: بل طارت شرارة من مجمرة

ص: 46

في أستارها فاحترقت، فلما أمر عبدالملك بهدمها وبناها الحجاج على البناء الأول أخبر عبدالملك أبو سلمة وغيره عن عائشة بما كان عمدة ابن الزبير في هدمها فندم لذلك وقال: ليتنا تركناه وما تولى، فلما تولى أبو جعفر الخلافة أراد أن يهدمها ويردها إلى بناء ابن الزبير فناشده مالك في ذلك وقال:"لئلا يبقي عادة الملوك ". فتركه. قال أبو العباس القرطبي في المفهم. " وما فعله عبدالله بن الزبير في البيت كان صوابا.

وقبح الله الحجاج وعبدالملك، لقد جهلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم:. وقال عبدالملك حين بلغته السنة: لو كنت سمعته قبل أن أهدمه، لتركته على بناية ابن الزبير وهو غير معذور في ذلك، فإنه كان متمكنا من التثبت بالسؤال والبحث فلم يفعل واستعجل وقضى، فالله حسبه ومجازيه على ذلك، ولقد اجترأ على بيت الله وعلى أولياته. ولما كان الرشيد أراد أن يرده على ما بناه ابن الزبير فقال له مالك: نشدتك الله يا أمير المؤمنين أن (لا) تجعل هذا البيت ملعبة للملوك، لا يشاء أحد إلا نقض البيت وبناه فتذهب هيبته من صدور الناس ". فترك ما هم به، واستحسن الناس هذا من مالك وعملوا عليه، فصار هذا كالإجماع على أنه لا يجوز التعرض له بهدم أو تغيير والله أعلم. قال السهيلي: " وكان بناؤها في الدهر خمس مرات، الأول حين بناها شيث ابن آدم، والثانية حين بناها ابراهيم على القواعد الأولى، والثالثة حين بنتها قريش قبل الإسلام بخمسة أعوام.

ص: 47

والرابعة حين احترقت في عهد ابن الزبير بشررة طارت من أبي قبيس فوقعت في أستارها فاحترقت، وقيل إن امرأة أرادت أن تجمرها فطارت شررة من المجمرة في أستارها فاحترقت، فشاور ابن الزبير في هدمها من حضره فهابوا هدمها، وقالوا: نرى أن تصلح ما وهي منها والا تهدم. فقال: لو أن بيت أحدكم احترق لم يرض له إلا بأكمل إصلاح. ولا يكمل إصلاحها إلا بهدمها، فهدمها حتى أفضى إلى قواعد ابراهيم فأمرهم أن يزيدوا في الحفر فحركوا حجرا فيها فرأوا تحته نارا وهولا فأفزعهم فأمرهم أن يقروا القواعد ويبنوا من حبث انتهى الحفر. وفي الخبر أنه سترها حين وصل إلى القواعد، فطاف الناس بتلك الأستار، فلما أتم بناءها ألصق بابها بالأرض وعمل لها خلفا، أي بابا آخر من ورائها وأدخل الحجر فيها لحديث خالته عائشة رضي الله عنها، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ألم ترى قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا على قواعد ابراهيم حين عازت بهم النفقة. ثم قال عليه الصلاة والسلام: لولا حدثان قومك بالجاهلية لهدمتها وبنيتها على قواعد إبراهيم قال ابن الزبير: فما بنا اليوم عجز عن النفقة فبناها على

ص: 48

مقتضى حديث عائشة. الخامسة عبدالملك بن مروان هدم ما بناه ابن الزبير وبناها على ما كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من بنائها جاءه الحارث ابن أبي ربيعة ومعه آخر فحدثاه عن عائشة بالحديث المتقدم فندم وقال. وددت أني لو تركت ابن الزبير، وشاور في ذلك فقال له، مالك بن أنس:" أنشدك الله يا أمير المؤمنين أن (لا) تجعل هذا البيت ملعبة للملوك بعدك لا يشاء أحد منهم أن يغيره إلا غيره فتذهب هيبته من قلوب الناس فصرفه عن رأيه فيه ". وقال النووي في شرح مسلم: قاعلماء. بنى البيت خمس مرات (بنته)

الملائكة، ثم إبراهيم، ثم قريش في الجاهلية وحضر النبي صلى الله عليه وسلم هذا البناء وله خمس وثلاثون سنة وقيل: خمس وعشرون إلى، ثم ابن الزبير، ثم الحجاج، واستمر الآن، قال العلماء: ولا يغير هذا البناء. وقال البخاري في صحيحه: حدثني عبدالله عبدالله بن محمد. ثنا أبو عاصم. أخبرني ابن جريح. أخبرني عمرو بن دينار. سمعت جابرا يقول: لما بنيت الكعبة ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وعباس ينقلان الحجارة فقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم: اجع إزارك على رقبتك فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء فقال: أرني إزاري فشده عليه. وذكر السهيلي في بقية الحديث: فسقط مغشيا عليه فضمه العباس إلى نفسه وسأله عن

ص: 49

شأنه فأخبره أنه نودي من السماء: أن اشدد عليك إزارك يا محمد: قال ابن الجوزي: ليس فيه دلالة على كشف العورة وإنما فيه كشف الجسد.

وقال ابن سعد في الطبقات: إن ذلك كان وسنه صلى الله عليه وسلم خمس وثلاثون سنة قال: وكانت الخرف مطلة على الكعبة. وكان السيل يدخل من أعلاها حتى يدخل البيت فانصدع فخافوا أن ينهدم وسرق منه حلية وغزال من ذهب كان عليه، درر وجوهر فأقبلت سفينة فيها روم. ورأسهم باقوم، وكان بانيا فخرج الوليد بن المغيرة في نفر فابتاعوا خشبها وكملوا باقوم فقدم معهم. وفي مغازي موسى بن عقبة: كان بناؤها قبل البعثة بخمس عشرة سنة.

ص: 50