المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المعنى الجملي بعد أن نهى سبحانه فيما تقدم عن عادات الجاهلية - تفسير المراغي - جـ ٤

[المراغي، أحمد بن مصطفى]

فهرس الكتاب

- ‌[تتمة سورة آل عمران]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 93 الى 97]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 98 الى 99]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 100 الى 103]

- ‌شرح المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 104 الى 109]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 110 الى 112]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 113 الى 115]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 116 الى 117]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 118 الى 120]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 121 الى 129]

- ‌تفسير المفردات

- ‌استطراد دعت إليه الحاجة

- ‌وقعة بدر

- ‌وقعة أحد أحد جبل على نحو ميل من المدينة إلى الشمال

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 130 الى 136]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 137 الى 141]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 142 الى 148]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 149 الى 151]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 152 الى 155]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 156 الى 158]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 159 الى 160]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 161 الى 164]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 165 الى 168]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 169 الى 175]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 176 الى 179]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 180 الى 184]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 185 الى 186]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 187 الى 189]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 190 الى 195]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 196 الى 200]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌سورة النساء

- ‌ما حوته السورة من الموضوعات

- ‌[سورة النساء (4) : آية 1]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌بحث فى حقيقة النفس أو الروح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 2 الى 4]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌مزايا تعدد الزوجات عند الحاجة إليه

- ‌حكمة تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 5 الى 6]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 7 الى 10]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 11 الى 12]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 13 الى 14]

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 15 الى 16]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 17 الى 18]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 19 الى 21]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 22 الى 23]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌فهرس أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الفصل: ‌ ‌المعنى الجملي بعد أن نهى سبحانه فيما تقدم عن عادات الجاهلية

‌المعنى الجملي

بعد أن نهى سبحانه فيما تقدم عن عادات الجاهلية فى أمر اليتامى وأموالهم أعقبه بالنهى عن الاستنان بسنتهم فى النساء وأموالهن، وقد كانوا يحتقرون النساء ويعدونهن من قبيل المتاع حتى كان الأقربون يرثون زوجة من يموت منهم كما يرثون ماله، فحرم الله عليهم هذا العمل، روى البخاري وأبو داود أنه كان إذا مات الرجل منهم كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوجوها، وإن شاءوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من أهلها فنزلت هذه الآية فى ذلك. وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال: جاءت كبيشة ابنة معن بن عاصم من الأوس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكانت تحت أبى قيس بن الأسلت فتوّفى عنها فجنح عليها (ضَيْقٍ) ابنه وقالت له: لا أنا ورثت زوجى ولا أنا تركت فأنكح فنزلت الآية.

‌الإيضاح

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) أي لا يحل لكم أيها الذين آمنوا بالله ورسوله أن تسيروا على سنة الجاهلية فى هضم حقوق النساء فتجعلوهن ميراثا لكم كالأموال والعبيد وتتصرفوا فيهن كما تشاءون، وهنّ كارهات لذلك، فإن شاء أحدكم تزوج امرأة من يموت من أقاربه، وإن شاء زوجها غيره، وإن شاء أمسكها ومنعها الزواج.

(وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ) أي لا يحل لكم إرث النساء ولا التضييق عليهن ومضارتهن ليكرهنكم ويضطرون إلى الافتداء منكم بالمال من ميراث وصداق ونحو ذلك، فقد كانوا يتزوجون من يعجبهم حسنها ويزوجون من لا تعجبهم أو يمسكونها حتى تفتدى بما كانت ورثت من قريب الوارث. أو ما كانت أخذت من صداق ونحوه أو كل هذا، وربما كلفوها الزيادة إن علموا أنها تستطيعها.

ص: 212

أخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: كانت قريش بمكة ينكح الرجل منهم المرأة الشريفة فلعلها ما توافقه فيفارقها على ألا تتزوج إلا بإذنه، فيأتى بالشهود فيكتب ذلك عليها، فإذا خطبها خاطب فإن أعطته وأرضته أذن لها وإلا عضلها، وكثيرا ما كانوا يضيقون عليهن ليفتدين منهم بالمال.

(إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) أي لا تعضلوهن فى أي حال إلا فى الحال التي يأتين فيها بالفاحشة المبينة دون الظنة والشبهة، فإذا نشزن عن طاعتكم وساءت عشرتهن ولم ينفع معهنّ التأديب، أو تبين ارتكابهن للزنا أو السرقة أو نحو ذلك من الأمور الفاحشة الممقوتة عند الناس، فلكم حينئذ أن تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صداق وغيره من المال، لأن الفحش قد أتى من جانبها، وإنما اشترط فى الفاحشة أن تكون مبينة: أي ظاهرة فاضحة لصاحبها، لأنه ربما ظلم الرجل المرأة بإصابتها الهفوة الصغيرة أو بمجرد سوء الظن والتّهمة فمن الرجال الغيور السيّء الظن الذي يؤاخذ بأتفه الأمور ويعده عظيما، وإنما أبيح للرجل أن يضيق على امرأته إذا أتت بهذه الفاحشة المبينة، لأنها ربما كرهته ومالت إلى غيره، فتؤذيه بفاحش القول أو الفعل ليملها ويسأم معاشرتها فيطلقها فتأخذ ما كان أعطاها وتتزوج غيره وتتمتع بمال الأول، وربما فعلت مع الثاني ما فعلت مع الأول، فإذا علم النساء أن العضل والتضييق بيد الرجال ومما أبيح لهم إذا هنّ أهنّهم، فإن ذلك يكفهن عن ارتكابها والاحتيال بها على أرذل أنواع الكسب.

(وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) أي وعليكم أن تحسنوا معاشرة نسائكم فتخالطوهنّ بما تألفه طباعهن ولا يستنكره الشرع ولا العرف، ولا تضيقوا عليهن فى النفقة ولا تؤذوهن بقول ولا فعل ولا تقابلوهن بعبوس الوجه ولا تقطيب الجبين.

وفى كلمة (المعاشرة) معنى المشاركة والمساواة أي عاشروهن بالمعروف وليعاشرنكم كذلك، فيجب أن يكون كل من الزوجين مدعاة لسرور الآخر وسبب هناءته وسعادته

ص: 213

فى معيشته ومنزله: «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً» .

(فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) أي فإن كرهتموهن لعيب فى أخلاقهن أو دمامة فى خلقهن مما ليس لهن فيه كسب، أو لتقصير فى العمل الواجب عليهن كخدمة البيت والقيام بشئونه مما لا يخلو عن مثله النساء فى أعمالهن، أو لميل منكم إلى غيرهن، فاصبروا ولا تعجلوا بمضارتهن ولا بمفارقتهن، فربما كرهت النفس ما هو أصلح فى الدين وأوفى إلى الخير، ومن ذلك:

1) الأولاد النجباء فربّ امرأة يملّها زوجها ويود فراقها ثم يجيئه منها من تقرّبه عينه من الأولاد النجباء فيعلو قدرها عنده بذلك.

2) أن يصلح حالها بصبره وحسن معاشرته، فتكون من أعظم أسباب سعادته وسروره فى انتظام معيشته وحسن خدمته، ولا سيما إذا أصيب بالأمراض أو بالفقر والعوز فتكون خير سلوى وعون فى هذه الأحوال، فيجب على الرجل أن يتذكر مثل ذلك، كما يذكر أنه قلما يخلو من عيب تصبر عليه امرأته فى الحال والاستقبال.

وقد جاء قوله «وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» فى سياق حديث النساء دستورا إذا نحن اتبعناه كان له الأثر الصالح فى جميع أعمالنا وهدانا إلى الرشد فى جميع شئوننا، فكثير مما يكرهه الإنسان يكون له فيه الخير، ومتى جاء ذلك الخير ظهرت فائدة ذلك الشيء المكروه، والتجارب أصدق شاهد على ذلك فالقتال لأجل حماية الحق والدفاع عنه يكرهه الطبع لما فيه من المشقة، لكن فيه إظهار الحق ونصره ورفعة أهله وخذلان الباطل وحزبه، إلى أن الصبر على احتمال المكروه يمرن النفس على احتمال الأذى ويعوّدها تحمل المشاق فى جسيم الأمور.

والخلاصة- إن الإسلام وصىّ أهله بحسن معاشرة النساء والصبر عليهن إذا كرههن الأزواج، رجاء أن يكون فيهن خير، ولا يبيح عضلهن وافتداءهن أنفسهن بالمال

ص: 214

إلا إذا أتين بفاحشة مبينة بحيث يكون إمساكهن سببا فى مهانة الرجل واحتقاره، أو إذا خافا ألا يقيما حدود الله، وفيما عدا ذلك يجب عليه إذا أراد فراقها أن يعطيها جميع حقوقها وهذا ما أشار إليه بقوله:

(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً) أي وإذا رغبتم أيها الأزواج فى استبدال زوج جديدة مكان زوج سابقة كرهتموها لعدم طاقتكم الصبر على معاشرتها وهى لم تأت بفاحشة مبينة، وقد كنتم أتيتموها المال الكثير مقبوضا أو ملتزما دفعه إليها فصار دينا فى ذمتكم فلا تأخذوا منه شيئا، بل عليكم أن تدفعوه لها، لأنكم إنما استبدلتم غيرها بها لأغراضكم ومصالحكم بدون ذنب ولا جريرة تبيح أخذ شىء منها، فبأى حق تستحلون ذلك وهى لم تطلب فراقكم ولم تسىء إليكم لتحملكم على طلاقها؟ وإرادة الاستبدال ليست شرطا فى عدم حلّ أخذ شىء من مالها إذا هو كره عشرتها وأراد الطلاق، لكنه ذكر لأنه هو الغالب فى مثل هذا الحال، ألا ترى أنه لو طلقها وهو لا يريد تزوج غيرها، لأنه اختار الوحدة وعدم التقيد بالنساء وحاجتهم الكثيرة فإنه لا يحل له أخذ شىء من مالها.

ثم أنكر عليهم هذا الفعل ووبخهم عليه أشد التوبيخ فقال:

(أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً؟) أي أتأخذونه باهتين آثمين، وقد كان من دأبهم أنهم إذا أرادوا تطليق الزوجة رموها بفاحشة حتى تخاف وتشترى نفسها منه بالمهر الذي دفعه إليها.

وزاده إنكارا آخر مبالغة فى التنفير من ذلك فقال:

(وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) أي إنّ حال هؤلاء الذين يستحلون أخذ مهور النساء إذا أرادوا مفارقتهن بالطلاق لا لذنب جنينه ولا لإثم اجترحنه من الإتيان بفاحشة مبينة أو عدم إقامة حدود الله، وإنما هو الرأى والهوى وكراهة معاشرتهن- عجيب أيّما عجب، فكيف يستسيغون أخذ ذلك منهنّ بعد أن تأكدت الرابطة بين الزوجين بأقوى رباط حيوىّ بين البشر، ولابس كل منهما الآخر

ص: 215

حتى صار أحدهما من الآخر بمنزلة الجزء المتمم لوجوده، فبعد أن أفضى كل منهما إلى الآخر إفضاء ولابسه ملابسة يتكون منها الولد، يقطع تلك الصلة العظيمة ويطمع فى مالها وهى المظلومة الضعيفة، وهو القادر على اكتساب المال بسائر الوسائل التي هدى الله إليها البشر.

(وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) قال قتادة: هذا الميثاق هو ما أخذ الله للنساء على الرجال بقوله (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) وقال الأستاذ الإمام: إن هذا الميثاق لا بد أن يكون مناسبا للإفضاء فى أن كلا منهما شأن من شئون الفطرة السليمة وهو الذي أشارت إليه الآية الكريمة «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً» فهذه آية من آيات الفطرة الإلهية هى أقوى ما تعتمد عليها المرأة فى ترك أبويها وإخوتها وسائر أهلها والاتصال برجل غريب عنها تساهمه السراء والضراء وتسكن إليه ويسكن إليها ويكون بينهما من المودة أقوى مما يكون بين ذوى القربى، ثقة منها بأن صلتها به أقوى من كل صلة وعيشتها معه أهنأ من كل عيشة.

هذه الثقة وذلك الشعور الفطري الذي أودع فى المرأة وجعلها تحسّ بصلة لم تعهد من قبل لا تجد مثلها لدى أحد من الأهل، وبها تعتقد أنها بالزواج مقبلة على سعادة ليس وراءها سعادة فى الحياة، هذا هو المركوز فى أعماق النفوس، وهذا هو الميثاق الغليظ، فما قيمة من لا يفى بهذا الميثاق، وما هى مكانته من الإنسانية؟ اه بتصرف.

وقد استدلوا بذكر القنطار على جواز التغالى فى المهور. وقد روى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نهى على المنبر أن يزاد فى الصداق على أربعمائه درهم ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت: أما سمعت الله يقول (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) فقال: اللهم عفوا كل الناس أفقه من عمر، ثم رجع فركب المنبر فقال: إنى كنت نهيتكم أن تزيدوا فى صدقاتهن على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يعطى من ماله فله ما أحبّ.

ص: 216