الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: صفاته ومكانته العلمية
أولاً: صفاته:
لقد أثنى العلماء على ابن مالك الثناء الحسن ووصفوه بشتى الصفات الحميدة فقالوا: إنه كان راجح العقل حسن الأخلاق مهذباً متين الدين، رقيق القلب، صادق اللهجة، شديد الورع والعفة، كثير النوافل، يتحلى بالوقار والتؤدة، متوقد الذهن، غاية في الذكاء، حريصاً على طلب العلم،
سخي اليد كثير البذل، ذا رزانة وحياء إلى غير ذلك من الخصال التي
حباه الله بها1.
ثانياً: مكانته العلمية:
لم يكن ابن مالك من العلماء المطمورين الذين لا يعرفهم إلا المتخصصون، بل كان كالشمس في رابعة النهار، فقد سارت الركبان بأخباره واعترف بعلو منزلته ورفعة شأنه الحاضر والباد والقاصي قبل الداني، والعدو قبل الصديق، فقد أحيا من المعارف معالم طامسة وجمع من العلوم ما تفرق، وحقق ما لم يكن تبَيَّن منه ولا تحقق.
فقد كان إماماً في علوم شتى، فهو في النحو بحر لا يُجَارى، وحَبرٌ لا يُبارى، بَزَّ فيه أقرانه، وارتفع على من سبقه وفاقه، وفي الصرف بلغ القمة وحاز قصب السبق، فقد فصّل أبوابه، ووضَّح غامضة، وقيد شارده، وكان في اللغة وحيد عصره يُرجَعُ إليه في تجلية غريبها وتوضيح
1 ينظر: الوافي بالوفيات (3/360) ، مرآة الجنان (4/173) ، ونفح الطب (2/422) ، طبقات الشافعية للسبكي (8/67) ، والبلغة (ص201) ، والبغية (1/130) ، وفوات الوفيات (2/453) ، وشذرات الذهب (5/339) ، وذيل مرآة الزمان (3/76) .
وحشيها، عارفاً بنثرها ونظمها، وكان في القراءات إماماً وبرواياتها وعللها عالماً، وفي الحديث بلغ شأواً بعيداً يتجلى ذلك بوضوح في كثرة استشهاده في مؤلفاته، وتصنيفه في إعرابه1.
وكان في الأصول مشاركاً وبفنون الشعر وعروضه خبيراً، يدل على ذلك تأليفه فيهما.
وإن هذا التراث العلمي الجم الذي خلفه ابن مالك لأعظم دليل، وأقوى حجة على صحة ما ذُكر عنه من سعة العلم وشموله.
فمصنفاته الكثيرة المتنوعة الماثلة أمام العيان شاهدة بذلك2.
ولم تقتصر جهوده رحمه الله على التصنيف والتأليف بل قام بالتعليم والتدريس وتخرج على يده جمع غفير من العلماء الذين برعوا في علوم شتى وشهدوا لشيخهم بالعلم والفضل والتقى3
1 المراجع السابقة.
2 تنظر المراجع السابقة وتنظر مصنفاته في ص21 وما بعدها.
3 تنظر تلاميذه في ص18 وما بعدها، والمراجع التي ذكرت فيها.