الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّقْلِ، وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْكَرَاهَةِ، وَأَقْوَى مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَأْكُلُوا تُكَأَةً مَخَافَةَ أَنْ يُعَظِّمَ بُطُونَهُمْ، وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ بَقِيَّةُ مَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الْأَخْبَارِ، فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ فِيهِ ظَاهِرٌ، وَكَذَلِكَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ صَاحِبُ النِّهَايَةِ، مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ، حَيْثُ قَالَ: وَمَنْ حَمَلَ الِاتِّكَاءَ عَلَى الْمَيْلِ عَلَى أَحَدِ الشِّقَيْنِ تَأَوَّلَهُ عَلَى مَذْهَبِ الطِّبِّ، فَإِنَّهُ لَا يَنْحَدِرُ عَلَى مَجَارِيِ الطَّعَامِ سَهْلًا، وَلَا يُسِيغُهُ هَنِيئًا، وَرُبَّمَا تَأَذَّى بِهِ.
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ) بِفَتْحٍ وَسُكُونٍ وَفِي آخِرِهِ يَاءٌ مُشَدَّدَةٌ (أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَسْقَلَانِيُّ (عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ) وَسَيَجِئُ فِي الْكِتَابِ مُصَرِّحًا أَنَّ الثَّوْرِيَّ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، قَالَ السَّيِّدُ أَصِيلُ الدِّينِ: وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا صَنِيعُ الْمِزِّيِّ فِي تَهْذِيبِهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ يَرْوِي عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَيْضًا، لَكِنَّ رِوَايَتَهُ لَيْسَتْ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ، (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا آكُلُ مُتَّكِئًا) قَالَ السَّيِّدُ أَصِيلُ الدِّينِ: يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِاخْتِلَافِ بَعْضِ رِجَالِ السَّنَدِ، وَتَغْيِيرٍ يَسِيرٍ فِي الْمَتْنِ، وَالْغَرَضُ تَأْكِيدُ هَذَا الْأَمْرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كَمَا لَا يَخْفَى، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمُنَاسَبَةُ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا قَبْلَهُ لِلتَّرْجَمَةِ بَيَانُ أَنَّ اتِّكَاءَهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ، فَفِيهِ نَوْعُ بَيَانٍ لِتُكَأَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ.
(حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ (ابْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ) صَحَابِيَّانِ (قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ أَبْصَرْتُهُ حَالَ كَوْنِهِ (مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ مَا يُتَوَسَّدُ بِهِ مِنَ الْمِخَدَّةِ (قَالَ أَبُو عِيسَى) يَعْنِي بِهِ نَفْسَهُ جَامِعُ هَذَا الْكِتَابِ (لَمْ يَذْكُرْ) أَيْ فِيهِ كَمَا فِي النُّسَخِ، يَعْنِي مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (وَكِيعٌ:«عَنْ يَسَارِهِ» ) أَيْ هَذَا اللَّفْظَ، أَوْ هَذَا الْقَيْدَ، قَالَ السَّيِّدُ أَصِيلُ الدِّينِ: مُرَادُهُ أَنَّ وَكِيعًا رَاوِي ذَلِكَ الْخَبَرِ أَخْبَرَ عَنْ وُقُوعِ الِاتِّكَاءِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم، لَكِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهِ لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ الِاتِّكَاءِ، وَقَوْلُهُ:(هَكَذَا) أَيْ بِهَذَا الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْكَيْفِيَّةِ (رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ نَحْوَ رِوَايَةِ وَكِيعٍ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى) وَفِي نُسْخَةٍ ذَكَرَ (فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (عَلَى يَسَارِهِ إِلَّا مَا رَوَى إِسْحَاقُ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: إِلَّا إِسْحَاقَ (بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ) قَالَ السَّيِّدُ أَصِيلُ الدِّينِ: فَتَبَيَّنَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ رِوَايَةَ إِسْحَاقَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى شَرْحِ كَيْفِيَّةِ اتِّكَائِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَرَائِبِ، فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَتَوْضِيحُهُ مَا قَالَ مِيرَكُ: الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ، أَنَّ وَكِيعًا وَغَيْرَهُ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ إِسْرَائِيلَ لَمْ يَذْكُرُوا قَوْلَهُ: عَلَى يَسَارِهِ، إِلَّا إِسْحَاقَ بْنَ مَنْصُورٍ الرَّاوِي عَنْ إِسْرَائِيلَ، كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ، فَعُلِمَ أَنَّ إِسْحَاقَ
تَفَرَّدَ بِزِيَادَةِ: «عَلَى يَسَارِهِ» ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَوْلَى إِيرَادُ هَذَا الطَّرِيقِ عُقَيْبَ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ.
(بَابُ مَا جَاءَ فِي اتِّكَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
قَالَ مِيرَكُ: الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ بَيَانُ اتِّكَائِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، حَالَةَ الْمَشْيِ لِعَارِضِ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ، كَمَا يُفْهَمُ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ الْمُورَدَيْنِ فِيهَا، وَلَمْ يَفْهَمْ مُرَادَهُ بَعْضُ النَّاسِ، فَزَعَمَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْبَابَ وَالَّذِي قَبْلَهُ بَابًا وَاحِدًا، انْتَهَى.
وَأَرَادَ بِبَعْضِ النَّاسِ مُلَّا حَنَفِي.
(حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ) بِالتَّصْغِيرِ (عَنْ أَنَسٍ) قَالَ مِيرَكُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ لِبَاسِهِ صلى الله عليه وسلم بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ، وَلَكِنَّ مُؤَدَّاهُمَا وَاحِدٌ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ شَاكِيًا) أَيْ مَرِيضًا مِنَ الشَّكْوَى، وَالشِّكَايَةُ بِمَعْنَى الْمَرَضِ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ، وَأَمَّا قَوْلُ مِيرَكَ: أَيْ مَرِيضًا ذَا شِكَايَةٍ، فَغَيْرُ مَرْضِيٍّ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِيهَامِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: أَنَّهُ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى: قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ قِيلَ: وَهَذَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ (فَخَرَجَ) أَيْ مِنَ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ (يَتَوَكَّأُ) مِنَ التَّوَكُّؤِ بِمَعْنَى الِاتِّكَاءِ عَلَى الشَّيْءِ، أَيْ يَتَحَامَلُ وَيَعْتَمِدُ (عَلَى أُسَامَةَ) أَيِ ابْنِ زَيْدٍ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَعَلَيْهِ) أَيْ وَفَوْقَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (ثَوْبٌ قِطْرِيٌّ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَتَشْدِيدِ آخِرِهِ، نَوْعٌ مِنَ الْبُرُدِ غَلِيظٌ (قَدْ تَوَشَّحَ بِهِ) أَيْ أَدْخَلَهُ تَحْتَ يَدِهِ الْيُمْنَى، وَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ، كَمَا يَفْعَلُهُ الْمُحْرِمُ (فَصَلَّى بِهِمْ) أَيْ إِمَامًا بِأَصْحَابِهِ.
(حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَفَّافُ) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْأُولَى صَانِعُ الْخُفِّ أَوْ بَايِعُهُ، (الْحَلَبِيُّ أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ) بِمُوَحَّدَةٍ مَضْمُومَةٍ فَرَاءٍ سَاكِنَةٍ فَقَافٍ (عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ.
(عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ) أَيْ عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (قَالَ) أَيِ الْفَضْلِ (دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ) بِضَمَّتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ، وَيَجُوزُ فَتْحُهَا أَيْ مَاتَ (فِيهِ وَعَلَى رَأْسِهِ عِصَابَةٌ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، أَيْ خِرْقَةٌ أَوْ عِمَامَةٌ كَمَا مَرَّ، لَكِنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ اشْدُدْ بِهَذِهِ الْعِصَابَةِ رَأْسِي، يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ بَلْ يُعَيِّنُهُ، قَالَ مِيرَكُ: الْعَصْبُ الشَّدُّ، وَمِنْهُ الْعِصَابَةُ لِمَا يُشَدُّ بِهِ (صَفْرَاءُ) قَالَ:
الْحَنَفِيُّ لَعَلَّ صُفْرَتَهَا لَمْ تَكُنْ أَصْلِيَّةً، بَلْ كَانَتْ عَارِضَةً فِي أَيَّامِ مَرَضِهِ ; لِأَجْلِ الْعَرَقِ، وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَوْسَاخِ، قَالَ مِيرَكُ: وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عِصَابَةٍ فِي سَمَاءٍ فِي بَابِ الْعِمَامَةِ، قُلْتُ: إِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى هَذَا، إِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالْعِصَابَةِ الْعِمَامَةَ، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى الْخِرْقَةِ، فَلَا إِشْكَالَ (فَسَلَّمْتُ) أَيْ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (فَقَالَ) أَيْ لِي كَمَا فِي نُسْخَةٍ (يَا فَضْلُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ) أَيْ أُجِيبُ لَكَ إِجَابَةً بَعْدَ إِجَابَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (قَالَ: اشْدُدْ بِهَذِهِ الْعِصَابَةِ رَأْسِي) هُوَ لَا يُنَافِي الْكَمَالَ فِي التَّوَكُّلِ ; لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ التَّدَاوِي، وَإِظْهَارُ الِافْتِقَارِ وَالْمَسْكَنَةِ وَالتَّبَرِّي مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ (قَالَ) أَيِ الْفَضْلُ (فَفَعَلْتُ) أَيْ مَا أَمَرَنِي بِهِ (ثُمَّ قَعَدَ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَا كَانَ مُضْطَجِعًا (فَوَضَعَ كَفَّهُ عَلَى مَنْكِبِي) بِسُكُونِ الْيَاءِ أَيْ عِنْدَ قَصْدِ الْقُعُودِ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ عِنْدَ إِرَادَةِ الْقِيَامِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَقَالَ مِيرَكُ: قَوْلُهُ: فَوَضَعَ كَفَّهُ عَلَى مَنْكِبِي، أَيْ فَاتَّكَأَ عَلَيَّ، وَقَالَ الْحَنَفِيُّ: فَوَضَعَ كَفَّهُ وَكَانَ مُتَّكِئًا (ثُمَّ قَامَ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَاعْتِمَادُهُ عَلَيْهِ فِي الْقِيَامِ يُسَمَّى اتِّكَاءً، إِذْ قَدْ يُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الِاعْتِمَادِ عَلَى الشَّيْءِ (وَدَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ)