الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس: ثناء العلماء عليه
حدثني الشيخ محمد الأمين بن الحسين قائلاً: "إني لم أر أحداً من العلماء إلا وهو يثني على الشيخ الأمين رحمه الله".
قال لي الشيخ محمد بن عبد الله بن آدُ: "سألت الشيخ عبد الله بن زاحم رحمه الله بعد مقابلته للشيخ الأمين عند مجيئه من بلاده ومحاورته عن العقيدة: "كيف رأيت صاحبي؟ قال: لانظير له، ولامثيل له؛ فنحن تأتينا وفود العلماء من كلّ جهة؛ لأننا عند الحرمين، ولم أر كقدرة الشيخ محمد الأمين على الإلقاء، ومطاوعة قلبه ولسانه في اتجاه واحد، وحسن تعبيره عند أيّ أحد ممن رأيت من العلماء".
وقال الشيخ محمد بن عبد الله بن آدُ: "إني حضرت عند كثير من العلماء في مصر والشام ومكة والمدينة وموريتانيا، فلم أر قطّ أحداً أعلم من الشيخ محمد الأمين لا في التفسير، ولا في اللغة العربية. وأكبر دليل على ذلك: "أنه إذا أراد أن يتكلم في التفسير، وجاءت مسألة في التفسير، أو في الأصول أو التاريخ أو الأدب أو الحديث، وتكلم عليها يظنّ السامعون أنّ ذلك الحديث عن تلك المسألة - لخبرته وقوته في تلك المسألة التي يتكلم فيها - خارجاً عن التفسير، فكان رحمه الله يحفظ الأدب والشعر بشكل لا يتصور".
وكان الشيخ محمد المختار يترك درسه الذي يدرس فيه أيام تدريس الشيخ محمد الأمين في الحرم في رمضان، ويقول:"أنا لا يمكن أن يفوتني درس الشيخ محمد الأمين لعلمي أنه العالم الوحيد الباقي في هذه الدنيا".
وكذلك الشيخ عبد العزيز بن باز كان يجله أعظم الإجلال، وكذا الشيخ
محمد بن إبراهيم؛ المفتي رحمه الله كان يثني عليه ثناء العلماء. ويكفي في ذلك ماقاله الشيخ محمد بن إبراهيم للملك عبد العزيز: "إنّ هذا الرجل مفلوت من صحراء مستعمرة، ولو كان للإسلام في بلده دولة لما تركته يخرج؛ لأنه من العلماء الأفذاذ"1.
فكان رحمه الله محلّ الثناء من جميع العلماء في عصره.
وأخبرني د/محمد الخضر الناجي قال: "رأيت شخصاً وقف أثناء تدريس الشيخ في الحرم، وقال: "ما أظنّ مثل هذا موجوداً في العالم اليوم أبداً".
وكان يدرس معي في حلقة الشيخ أحد الطلاب الذين ينتمون إلى الطرق، وأهل الطرق يحملون عن الشيخ فكرة ليست طيبة، وبعضهم له موقف ضده. والحقّ ماشهدت به الأعداء فكنا إذا خرجنا من حلقة الشيخ نبحث عن المراجع التي تحمل هذا الكلام الذي نسمعه في الدرس فلا نجد. فقال بعبارة واضحة:"إنّ هذا الشيخ لايوجد مثله الآن في العالم أبداً. الله أعلم هل يصح مقارنته بالأئمة الأربعة الأولين أم لا؟. وهو مع ذلك يحقد عليه، لأنه ضدّ الطريقة".
وأنقل هنا كلمة لأحد قضاة موريتانيا أثنى على الشيخ رحمه الله،بسبب توضيحه لعقيدة السلف في الصفات، وذلك عندما زار الشيخ رحمه الله موريتانيا على رأس بعثة الدعوة في أفريقيا عام 1385?، قال فيها: "
…
هذا وقد بعثت الخطبة التي خطب بها رئيس الوفد محمد الأمين بن محمد المختار في زيارته للعاصمة نواكشط روحاً قيمة في نفوس المجتمع الإسلامي عامة، وفي نفوس الموريتانيين خاصة؛ تلك الخطبة التي أزلتم بها الشكوك عن الدين بأوضح حجة، وأوضح براهين، مما لا يوقع شكاً
1 نقلاً عن الشيخ محمد الأمين بن الحسين، في المقابلة التي أجريتها معه.
بعد اليقين، فلا شك ولاريب أنّ من اعتقدها اعتقاداً جازماً مؤمناً بقوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} لايبقى في قلبه إشكال من عدم مماثلة الخالق بالمخلوق، ولاشك أنّ جميع الصفات من باب واحد؛ لأنّ متعلقها واحد، وهو الذات المقدسة. ولله درّ العالم الأديب بابا ولد الشيخ سيدي يحيى:
واحذر التشبيه بالآيات
وفي الأحاديث عن الثقات
وهي الصفات نصف الرحمن
واجب به
االإيمان
إما على ظاهره نبقيها
ونحذر التأويل والتشبيها
ومن تأول فقد تكلفا
وغير مابه علم قفا
إلى آخر أبياته المشهورة. ولاشك أنّ أهل هذه البلاد تجاوزوا الحدّ وتنطعوا في أمر التأويل، وتكفيرهم لمن لم يقل به.
ويفرقون بين صفاته تعالى مجوزين التفويض في بعضها، ويوجبون التأويل في بعضها، وهذا غلط ظاهر، فلا بدّ من وجوب التأويل في جميع الصفات، أو التفويض في جميع الصفات مما لايليق به جلّ وعلا1.
{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} ، فالمتأول يكل المتشابه إلى علم الله مع التنزيه عن مشابهة الحوادث، ولكن كلّ صفة وصف الله بها نفسه أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم يجب الإيمان بها على مراد الله بها مع التنزيه عن مماثلة الحوادث. وهذا هو معنى قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} .
وأخيراً ولاشك أن هذه الزيارة سيتزود منها العالم الإسلامي كثيراً من التعاليم والإرشادات القيمة التي سيكون لها أثرها الفعال في عقيدة المجتمع الإسلامي، والسير سيراً حثيثاً إلى الأمام، والتمسك بشريعة سيد الأنام.
_________
1 التأويل والتفويض في المعنى كلاهما غير صحيح. والحقّ الإثبات مع معرفة المعنى بدون تأويل.
وليست هذه الخطبة هي أول إرشاداتكم وتعليماتكم للمجتمع الإسلامي، فقد نفيتم إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، وفسرتم القرآن بالقرآن، بما لم يسبق إليه عالم في غابر الأزمان. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"1.
وبهذا الثناء العاطر من معاصري الشيخ محمد الأمين رحمه الله تعالى تتضح لنا منزلته الرفيعة التي يتبوّؤها هذا الإمام الجليل، وشخصيته الفذة التي حباه الله بها، فرحمه الله رحمة واسعة وغفر لنا وللمسلمين إنه جواد كريم.
1 نقلاً عن شريط مسجل فيه بعض محاضرات الشيخ في موريتانيا، وأحداث هذه الرحلة مسجلة في ثمانية أشرطة موجودة في تسجيلات الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
وقد استوفى ترجمة الشيخ رحمه الله كلّ من:
تلميذه الشيخ عطية محمد سالم في مقدمته على أضواء البيان 1/3-64.
والشيخ محمد المجذوب في كتابه: علماء ومفكرون عرفتهم من ص171-191.
والأخ الباحث عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس، في رسالته الماجستير التي تحمل عنوان: منهج الشنقيطي في تفسير آيات الأحكام من أضواء البيان ص1-97.
والأخت الباحثة سميرة بنت صقر آل محمد، في رسالتها الماجستير التي تحمل عنوان: الشنقيطي ومنهجه في التفسير ص30-117.