المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ ‌ ‌الباب الأول: جهود الشيخ الأمين رحمه الله في توضيح الإيمان - جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف - جـ ١

[عبد العزيز بن صالح بن إبراهيم الطويان]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌المقدمة

- ‌التمهيد

- ‌الفصل الأول: حياة الشيخ الأمين الشخصية

- ‌المبحث الأول: نسبه، وولادته

- ‌المبحث الثاني: نشأته

- ‌المبحث الثالث: قدومه إلى المملكة، واستقراره بها، واستقبال العلماء له

- ‌المبحث الرابع: صفاته الخِلقية

- ‌المبحث الخامس: صفاته الخُلقية

- ‌المبحث السادس: أدبه، وذكاؤه وظرفه، ومن مواقفه وأقواله

- ‌المبحث السابع: وفاته

- ‌الفصل الثاني: حياة الشيخ الأمين العلمية

- ‌المبحث الأول: "طلبه للعلم، وشيوخه

- ‌المبحث الثاني: عقيدته

- ‌المبحث الثالث: أعماله، ووظائفه

- ‌المبحث الرابع: تلاميذه

- ‌المبحث الخامس: مؤلفاته

- ‌المبحث السادس: ثناء العلماء عليه

-

- ‌الباب الأول: جهود الشيخ الأمين رحمه الله في توضيح الإيمان بالله

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: توحيد الربوبية

- ‌الفصل الثاني: توحيد الألوهية

- ‌المبحث الأول: تعريف توحيد الألوهية

- ‌المبحث الثاني: براهين التوحيد

- ‌المطلب الأول: دلالة الصفات على توحيد الألوهية

- ‌المطلب الثاني: البراهين الكونية

- ‌المبحث الثالث: أنواع العبادة

- ‌المطلب الأول: الدعاء

- ‌المطلب الثاني: التوكل

- ‌المطلب الثالث: الولاء والبراء

- ‌المطلب الرابع: الخوف والرجاء

- ‌المطلب الخامس: الحكم بما أنزل الله

- ‌المبحث الرابع: ما يضاد إخلاص العبادة

- ‌المطلب الأول: الشرك بالله تعالى

- ‌المطلب الثاني: الذبح لغير الله

- ‌المطلب الثالث: ادعاء علم الغيب

- ‌المطلب الرابع: الحلف بغير الله

- ‌المطلب الخامس: السحر

- ‌المطلب السادس: البناء على القبور

- ‌الفصل الثالث: جهود الشيخ الأمين في توضيح توحيد الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول: جهود الشيخ في إبراز عقيدة السلف في الصفات

- ‌المطلب الأول: تعريف توحيد الأسماء والصفات

- ‌المطلب الثاني: معتقد السلف في الصفات يقوم على ثلاثة أسس

- ‌المطلب الثالث: قواعد في الصفات

- ‌المطلب الرابع: ذكر جملة من الصفات التي ذكرها الشيخ الأمين –رحمه الله

- ‌المبحث الثاني: موقف الشيخ رحمه الله من أهل التأويل

- ‌المطلب الأول: معاني التأويل

- ‌المطلب الثاني: بعض شبه أهل التأويل، وردّ الشيخ عليها

- ‌المطلب الثالث: مقارنة بين مذهب السلف والخلف

- ‌المطلب الرابع: رجوع بعض أئمة أهل التأويل عن مذهب الخلف إلى معتقد السلف

- ‌الباب الثاني: جهوده في توضيح بقية أركان ومباحث الإيمان

- ‌الفصل الأول: الإيمان بالملائكة والجن

- ‌الفصل الثاني: الإيمان بالكتب

الفصل: ‌ ‌ ‌ ‌الباب الأول: جهود الشيخ الأمين رحمه الله في توضيح الإيمان

‌الباب الأول: جهود الشيخ الأمين رحمه الله في توضيح الإيمان بالله

‌تمهيد:

الإيمان بالله تعالى هو الركن الأول من أركان الإيمان الستة.

لذا فإن معرفته وتحقيقه غاية كلّ مسلم، ومنتهى كلّ طالب للحقّ، لأنّ شرف العلم من شرف المعلوم.

فمعرفة الله وعبادته أشرف المطالب، وأعلى المقاصد، وبإخلاص العبادة وصوابها يكون العبد من أولياء الله تعالى ومن أهل دار كرامته، وممن تناله رحمته وهداه. ومن قصر في هذا الجانب العظيم كان ممن عرض نفسه لسخط الله تعالى ومقته، وحرمها من فضله وكرمه.

والله سبحانه وتعالى لما خلق الخلق لم يتركهم هملاً، بل أنزل إليهم الكتب، وأرسل الرسل يبلغونهم أوامر ربهم، ويدلونهم على طريق الرشاد.

وقد دلّ الله على نفسه، وعرّف خلقه بأسمائه وصفاته ووحدانيته وإلهيته، وأنه المتفرد بالعبودية كما أنه المتفرد بالربوبية.

ودعوة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم جاءت لتقرير هذه العقيدة وترسيخها في قلوب العباد، وأن يعملوا على تطبيقها والتمسك بها.

والقرآن الكريم من أوله إلى آخره متضمن لعقيدة التوحيد؛ إما خبر عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله: فهو التوحيد العلمي الخبري.

ص: 91

وإما دعوة إلى عبادته وحده لاشريك له، وخلع كلّ مايعبد من دونه: فهو التوحيد الإرادي الطلبي.

وإما أمر ونهي وإلزام بطاعته في نهيه وأمره: فهي حقوق التوحيد ومكملاته.

وإما خبر عن كرامته لأهل توحيده وطاعته، ومافعل بهم في الدنيا، وما يكرمهم به في الآخرة؛ فهو جزاء توحيده.

وإما خبر عن أهل الشرك، وما فعل بهم في الدنيا من النكال، وما يحلّ بهم في العقبى من العذاب: فهو خبر عمّن خرج عن حكم التوحيد.

فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه1.

والإيمان بالله تعالى لايخرج عن ثلاثة أنواع:

الأول: توحيد الربوبية: وهو الإقرار بأن الله هو الرب الخالق المالك المدبر لجميع الأمور.

الثاني: توحيد الألوهية: وهو الإقرار بأن الله هو الإله المستحق للعبادة وحده، وكلّ معبود سواه باطلٌ.

الثالث: توحيد الأسماء والصفات: وهو إثبات ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، وما نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تمثيل ولا تكييف.

وقد قرر الشيخ الأمين رحمه الله الذي أفرد هذا البحث لبيان جهوده في تقرير عقيدة السلف-هذا التقسيم؛ حيث قال:

1 بتصرف من كلام ابن القيم في مدارج السالكين 3/450.

ص: 92

"دل استقراء القرآن العظيم على أنّ التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: توحيده في ربوبيته؛ وهذا النوع جبلت عليه فطر العقلاء.

الثاني: توحيده جلّ وعلا في عبادته. وضابط هذا النوع من التوحيد هو: تحقيق معنى "لا إله إلا الله"، وهي متركبة من نفي وإثبات.

الثالث: توحيده جلّ وعلا في أسمائه وصفاته1.

وهذا التقسيم ليس بدعاً من الشيخ رحمه الله، بل له في ذلك سلف؛ فقد ذكره قبله بآماد طويلة أئمة أجلاء في كتبهم؛ من أمثال الإمام الحافظ محمد بن إسحاق بن مندة2 رحمه الله في كتابه التوحيد؛ فقد ابتدأه رحمه الله بوحدانية الله تعالى في ربوبيته مستدلاً بذلك على توحيده تعالى في العبادة، ثم ثنى بتوحيد الألوهية؛ وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، ثم ثلّث بتوحيد أسماء الله الحسنى، وصفاته العليا3.

وممّن أورد هذا التقسيم، وأشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية4،

وابن

1 أضواء البيان 3/410، 411. وانظر: المعين والزاد 64، 65.

2 الإمام الحافظ محمد بن إسحاق بن يحيى بن منده، أبو عبد الله. محدث الإسلام. كان من أوسع العلماء رحلة وأكثرهم حديثاً وشيوخاً، ولد سنة (310،أو 311?) بأصبهان، وتوفي سنة (395?) . (انظر: طبقات الحنابلة 2/167. وسير أعلام النبلاء11/7-10. والبداية والنهاية11/336) .

3 انظر مقدمة تحقيق كتاب التوحيد لابن منده، لفضيلة الدكتور علي ناصر الفقيهي ص33.

4 شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني. ولد رحمه الله بحران سنة (661?) ، وتوفي في سجن القلعة بدمشق سنة (728?) .

(انظر: تذكرة الحفاظ4/1496. والبداية والنهاية 14/132 وقد أورد هذا التقسيم في العقيدة التدمرية ص4-5.

ص: 93

قيم الجوزية1، وابن أبي العزّ الحنفي2، والمقريزي3.

فتقسيم الشيخ الأمين رحمه الله مطابق لدلالة القرآن على التوحيد4 كما فهمه السلف رحمهم الله.

وإن كان بعضهم قد جعله قسمين؛ فضم توحيد الربوبية والأسماء والصفات في قسم، وسماه التوحيد العلمي، وجعل توحيد الألوهية قسماً مستقلاً، وسماه التوحيد العملي5.

1 الإمام أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن قيم الجوزية الزرعي الدمشقي. ولد بدمشق سنة (691?)، وتوفي بها سنة (751?) . وقد لازم شيخ الإسلام ابن تيمية وسجن معه في القلعة. (انظر: البداية والنهاية 14/246. وشذرات الذهب 6/168) . وأورد هذا التقسيم في كتابه مدارج السالكين 1/24-25.

2 صدر الدين محمد بن علاء الدين؛ علي بن محمد بن أبي العز الحنفي الصالحي. ولد سنة (731?) ، وولي قضاء دمشق ومصر وتوفي رحمه الله بدمشق سنة (792?) .

(انظر: شذرات الذهب6/326) .وقدأوردهذا التقسيم في شرحه للعقيدة الطحاوية ص88.

3 تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد بن إبراهيم بن تميم المقريزي الحنفي. الإمام المؤرخ. نشأ بالقاهرة وتوفي بها سنة 845?.

(انظر: الضوء اللامع 2/21) . وأورد هذا التقسيم في كتابه تجريد التوحيد ص4-5.

4 قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد:"هذا التقسيم الاستقرائي لدى متقدمي علماء السلف أشار إليه ابن منده، وابن جرير الطبري، وغيرهما، وقرره شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم. وقرره الزبيدي (في تاج العروس) ، وشيخنا الشنقيطي (في أضواء البيان) ، وآخرون، رحم الله الجميع، وهو استقراء تام لنصوص الشرع، وهو مطرد لدى أهل كل فن؛ كما في استقراء النحاة كلام العرب إلى (اسم وفعل وحرف) . والعرب لم تفُه بهذا، ولم يعتب على النحاة في ذلك عاتب. وهكذا في أنواع الاستقراء". (التحذير من مختصرات الصابوني في التفسير ص30) .

وقد أورد الطبري رحمه الله هذا التقسيم في تفسيره (11/60)، وأورده الزبيدي في تاج العروس (2/528) .وممن قال به: صديق حسن خان في كتابه الدين الخالص (1/56) .

5 انظر: مدارج السالكين 1/25.

ص: 94

وهذا التقسيم قد احتوى على المراد، ولايتعارض مع تقسيم من جعله ثلاثة أقسام، أو أربعة1: فهي بمعنى واحد، ولأن الكل قرروا أن توحيد الألوهية هو معنى "لا إله إلا الله"، وقالوا بأن تحقيقه يمنع من دخول النار.

وبذلك نستنتج أنّ الشيخ رحمه الله لم يرتض تقسيم المتكلمين2: لأنهم يخالفون دلالة القرآن على التوحيد، وغاية مايصلون إليه: توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون.

وقد ردّ عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية3-رحمه الله، وبين عدم جدوى هذا التقسيم الذي لايفرق بين مؤمن ومشرك.

ومن المناسب هنا أن أذكر ماأخبرنيه الدكتور عبد الله بن الشيخ الأمين رحمه الله أنّ والده كان يقول له: "ياولدي اعلم أن التوحيد ينقسم ثلاثة أقسام، وأن هذه القسمة استقرائية والاستقراء: هو تتبع النصوص؛ كما أن النحو علم بالاستقراء بتتبع لغة العرب؛ إما اسم أو فعل أو حرف، فكذلك علمنا أقسام التوحيد من تتبع القرآن؛ فالله تعالى قسم التوحيد ثلاثة أقسام في سورة الفاتحة؛ فقال "الحمدلله" والله هو المعبود بحق، {رَبِّ الْعَالَمِينَ} والرب هو الذي يربي الأشياء، وهذا توحيد الربوبية. ثم قال:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، وهذا توحيد الأسماء والصفات. وقوله:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} دل على توحيد الألوهية. وتوحيد الألوهية أن تكون جميع أعمالك خالصة لله؛ من صلاة وصيام وزكاة ونذر وخوف ورجاء وغير ذلك مما لا يجوز صرفه إلا لله. وتوحيد الربوبية: مايكون في

1 انظر مقدمة تحقيق كتاب التوحيد لابن منده 1/33.

2 انظر الملل والنحل للشهرستاني1/42.فقد جعل التوحيد عندهم ثلاثة أقسام: واحد في ذاته لاقسيم له، وواحد في صفاته الأزلية لانظير له، وواحد في أفعاله لاشريك له.

3 كما في التدمرية ص179-184.

ص: 95

الكون فهو صادر عن الله تعالى. وتوحيد الألوهية شكر على توحيد الربوبية؛ لأن الله ربك فتشكره بأن تكون أعمالك خالصة له ولاتشارك غيره بها. أما توحيد الأسماء والصفات فهو مبنيّ على ثلاثة أسس: الأول: تصديق الله فيما قال. والثاني: تنزيه الله عن مشابهة خلقه. الثالث: قطع الطمع عن إدراك الكيفية.

ص: 96