المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: قواعد في الصفات - جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف - جـ ١

[عبد العزيز بن صالح بن إبراهيم الطويان]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌المقدمة

- ‌التمهيد

- ‌الفصل الأول: حياة الشيخ الأمين الشخصية

- ‌المبحث الأول: نسبه، وولادته

- ‌المبحث الثاني: نشأته

- ‌المبحث الثالث: قدومه إلى المملكة، واستقراره بها، واستقبال العلماء له

- ‌المبحث الرابع: صفاته الخِلقية

- ‌المبحث الخامس: صفاته الخُلقية

- ‌المبحث السادس: أدبه، وذكاؤه وظرفه، ومن مواقفه وأقواله

- ‌المبحث السابع: وفاته

- ‌الفصل الثاني: حياة الشيخ الأمين العلمية

- ‌المبحث الأول: "طلبه للعلم، وشيوخه

- ‌المبحث الثاني: عقيدته

- ‌المبحث الثالث: أعماله، ووظائفه

- ‌المبحث الرابع: تلاميذه

- ‌المبحث الخامس: مؤلفاته

- ‌المبحث السادس: ثناء العلماء عليه

-

- ‌الباب الأول: جهود الشيخ الأمين رحمه الله في توضيح الإيمان بالله

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: توحيد الربوبية

- ‌الفصل الثاني: توحيد الألوهية

- ‌المبحث الأول: تعريف توحيد الألوهية

- ‌المبحث الثاني: براهين التوحيد

- ‌المطلب الأول: دلالة الصفات على توحيد الألوهية

- ‌المطلب الثاني: البراهين الكونية

- ‌المبحث الثالث: أنواع العبادة

- ‌المطلب الأول: الدعاء

- ‌المطلب الثاني: التوكل

- ‌المطلب الثالث: الولاء والبراء

- ‌المطلب الرابع: الخوف والرجاء

- ‌المطلب الخامس: الحكم بما أنزل الله

- ‌المبحث الرابع: ما يضاد إخلاص العبادة

- ‌المطلب الأول: الشرك بالله تعالى

- ‌المطلب الثاني: الذبح لغير الله

- ‌المطلب الثالث: ادعاء علم الغيب

- ‌المطلب الرابع: الحلف بغير الله

- ‌المطلب الخامس: السحر

- ‌المطلب السادس: البناء على القبور

- ‌الفصل الثالث: جهود الشيخ الأمين في توضيح توحيد الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول: جهود الشيخ في إبراز عقيدة السلف في الصفات

- ‌المطلب الأول: تعريف توحيد الأسماء والصفات

- ‌المطلب الثاني: معتقد السلف في الصفات يقوم على ثلاثة أسس

- ‌المطلب الثالث: قواعد في الصفات

- ‌المطلب الرابع: ذكر جملة من الصفات التي ذكرها الشيخ الأمين –رحمه الله

- ‌المبحث الثاني: موقف الشيخ رحمه الله من أهل التأويل

- ‌المطلب الأول: معاني التأويل

- ‌المطلب الثاني: بعض شبه أهل التأويل، وردّ الشيخ عليها

- ‌المطلب الثالث: مقارنة بين مذهب السلف والخلف

- ‌المطلب الرابع: رجوع بعض أئمة أهل التأويل عن مذهب الخلف إلى معتقد السلف

- ‌الباب الثاني: جهوده في توضيح بقية أركان ومباحث الإيمان

- ‌الفصل الأول: الإيمان بالملائكة والجن

- ‌الفصل الثاني: الإيمان بالكتب

الفصل: ‌المطلب الثالث: قواعد في الصفات

‌المطلب الثالث: قواعد في الصفات

ذكر العلماء رحمهم الله قواعد وأصولاً يقوم عليها هذا النوع من أنواع التوحيد؛ (أعني توحيد الأسماء والصفات) . وقد حرصوا على استنباطها ووضعها بغية تسهيل فهم هذا العلم ومعرفته وحفظه.

ومن هؤلاء العلماء الذين اهتموا بهذا الجانب: الشيخ الأمين –رحمه الله؛ فقد جعل لإثبات الصفات والردّ على المخالف قواعد ملزمة فيها تقرير للمعتقد الصحيح.

أولى هذه القواعد: القول في الصفات جميعها من باب واحد:

قال رحمه الله: "أولاً: أن يعلم طالب العلم أنّ جميع الصفات من باب واحد؛ إذ لا فرق بينها البتة؛ لأنّ الموصوف بها واحد. وهو جلّ وعلا لا يشبه الخلق في شيء من صفاتهم البتة، فكما أنكم أثبتم له سمعاً وبصراً لائقين بجلاله لا يشبهان شيئاً من أسماع الحوادث وأبصارهم، فكذلك يلزم أن تجروا هذا بعينه في صفة الاستواء، والنزول، والمجيء، إلى غير ذلك من صفات الجلال والكمال التي أثنى الله بها على نفسه. واعلموا أن ربّ السموات والأرض يستحيل عقلاً أن يصف نفسه بما يلزم محذور ويلزمه محال أو يؤدي إلى نقص كل ذلك مستحيل عقلا؛ فإنّ الله لا يصف نفسه إلا بوصف بالغ من الشرف والعلو والكمال ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين، على حد قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 1"2.

1 سورة الشورى، الآية [11] .

2 منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص37. وانظر: أضواء البيان 2/318. وآداب البحث والمناظرة 2/136.

ص: 253

وهذه القاعدة التي ذكرها الشيخ رحمه الله تتضمن إثبات الصفات جميعها، وتردّ على الأشاعرة الذين أثبتوا بعضها، ونفوا البعض الآخر. ففيها من الإلزام والقوة في الرد على المخالف ما يجعله يذعن ويستسلم للحقّ ممن ينشده، لأن من الأمور البديهية عدم التفريق بين المتماثلين إلا بدليل، وقد دل السمع والعقل على أنه لا يجوز التفريق بين الصفات، وإلا كان تحكماً وقولاً على الله بغير علم، وتنكبا للطريق المستقيم. فمن حاول أن يثبت البعض وينفي البعض الآخر فهو واقع في التناقض والاضطراب، وليس أمامه إلا أن يثبت جميع الصفات كما يليق بجلاله، لذلك يقول الشيخ الأمين –رحمه الله:"فلا يشكل عليكم بعد هذا صفة نزول ولا مجيء، ولا صفة يد ولا أصابع، ولا عجب، ولا ضحك؛ لأنّ هذه الصفات كلها من باب واحد. فما وصف الله به نفسه منها فهو حقً، وهو لائق بكماله وجلاله لا يشبه شيئا من صفات المخلوقين. وما وصف به المخلوقون منها فهو حقّ مناسب لعجزهم وفنائهم وافتقارهم"1.

وقد سبق الشيخ الأمين –رحمه الله في تقرير هذه القاعدة وإيضاحها شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وردّ بها على من فرق بين الصفات، وهم الأشاعرة. فقال رحمه الله: "فإن كان المخاطب ممن يقر بأن الله حي بحياة، عليم بعلم، قدير بقدرة، سميع بسمع، بصير ببصر، متكلم بكلام، مريد بإرادة، يجعل ذلك كله حقيقة، وينازع في محبته ورضاه وغضبه وكراهيته، فيجعل ذلك مجازاً، ويفسره إما بالإرادة، وإما ببعض المخلوقات من النعم والعقوبات. قيل له:

لا فرق بين ما نفيته وما أثبته، بل القول في أحدهما كالقول في الآخر. فإن قلت: إن إرادته مثل المخلوقين، فكذلك محبته ورضاه وغضبه، وهذا هو التمثيل، وإن قلت: له إرادة تليق به، كما أن للمخلوق إرادة تليق به، قيل لك: وكذلك له محبة تليق به، وللمخلوق محبة تليق به، وله رضا

1 منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص43.

ص: 254

وغضب يليق به، وللمخلوق رضا وغضب يليق به" 1.

وخلاصة القول: أن هذه القاعدة العظيمة حجة لمن أثبت جميع الصفات على ما يليق بجلال الله وكماله، ولم يفرق بينها؛ لأن طريقها واحد من حيث الإثبات ونفي المماثلة وعدم العلم بالكيفية؛ فالذي قال:{وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 2هو الذي قال: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} 3، والجميع لا نعلم كيفيته، لأنه قال سبحانه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} 4. وقال: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} 5، وقال: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} 6.

القاعدة الثانية: القول في الصفات كالقول في الذات7:

في هذه القاعدة يردّ الشيخ الأمين –رحمه الله على الذين أثبتوا الأسماء ونفوا الصفات؛ وهم المعتزلة، فيقول لهم: كما أنكم تثبتون لله ذاتاً حقيقية على مايليق بجلاله من غير تشبيه لذات الخالق بذوات المخلوقين، فكذلك صفاته ثابتة بنفس المنهج ونفس الطريقة، إذ لا يعقل أن توجد ذات مجردة عن الصفات، فكما أنّ لله ذاتاً لا تشابه ذوات المخلوقين، فكذلك لله صفات لا تشابه صفات المخلوقين.

وبهذه الطريقة نلزمهم إثبات الصفات على ما يليق بجلال الله وكماله.

وفي تقرير هذه القاعدة يقول الشيخ الأمين –رحمه الله: "الثاني: أن تعلموا أن الصفات والذات من باب واحد؛ فكما أننا نثبت ذات الله جلّ

1 العقيدة التدمرية ص31.

2 سورة الشورى، الآية [11] .

3 سورة المائدة، الآية [64] .

4 سورة الشورى، الآية [11] .

5 سورة مريم، الآية [65] .

6 سورة الإخلاص، الآيتان [3-4] .

7 راجع: منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص38. وأضواء البيان 2/318. ومعارج الصعود ص114.

ص: 255

وعلا إثبات وجود وإيمان، لا إثبات كيفية مكيفة محددة، فكذلك نثبت لهذه الذات الكريمة المقدسة صفات إثبات إيمان ووجود لا إثبات كيفية وتحديد" 1.

وهذا ما أوضحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة التدمرية فقال: "القول في الصفات كالقول في الذات؛ فإنّ الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقية لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل صفات سائر الذوات"2.

وهذا ما قرره أيضاً الخطيب البغدادي3 رحمه الله حين قال: "أما الكلام في الصفات: فإن ما روي منها في السنن الصحاح، مذهب السلف رضي الله عنهم إثباتها وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها

والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله. فإذا كان معلوماً أن إثبات رب العلمين عز وجل إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف" 4.

وبهذا يتضح لنا أنّ الشيخ الأمين –رحمه الله متبع للسلف مقتف لآثارهم، فهو حين يقرر هذه القاعدة يسلك مسلكهم ويتبنى ماقرروه،

1 منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص38. وأضواء البيان 2/318. ومعارج الصعود ص114.

2 العقيدة التدميرية ص43.

3 هو أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد البغدادي الحافظ المحدث المؤرخ المعروف بالخطيب. أحد الأئمة الأعلام، وصاحب التواليف المنتشرة في بلاد الإسلام. من أشهر مصنفاته تاريخ بغداد. ولد سنة (395?) . وتوفي سنة (463?) .

(انظر: سير أعلام النبلاء 18/270. ووفيات الأعيان 1/92. وشذرات الذهب 3/311) .

4 ذم التأويل لابن قدامة ص15. وكذا ذكر الذهبي كلام الخطيب في تذكرة الحفاظ 3/1142.

ص: 256

ويأخذ بهذه القاعدة العظيمة الملزمة لمن فرق بين الأسماء والصفات، أو بين الصفات والذات؛ إذ لا يعقل أن نثبت الأسماء وننفي الصفات، أو نثبت الذات وننفي الصفات، إذا لجميع من باب واحد.

ولا ريب أن هذه القاعدة ملزمة للمعطل: إما أن يثبت الصفات كما أثبت الذات من غير معرفة الكيفية، أو ينفي ما أثبته من الأسماء أو الذات فيكون بذلك نافياً لوجود الله، لأنه فرق بين الذات وبن الصفات من حيث الإثبات.

القاعدة الثالثة: آيات الصفات ليست من المتشابه:

أراد الشيخ الأمين –رحمه الله بإيراد هذه القاعدة أن يردّ على من قال بأنّ آيات الصفات من المتشابه. وهم المفوضة الذين يجعلون معرفة معاني آيات الصفات مما استأثر الله بعلمه، وبذلك لا يثبتون لها معاني صحيحة1، بل يقولون: إن هذه المتشابهات يجب القطع بأن مراد الله منها شيء يخالف ظاهرها، ويوجبون تفويض معناها إلى الله تعالى، ولا يجيزون الخوض في تفسيرها2. ويقولون أيضاً: إن صفات الله من العقائد التي لا يكتفي فيها بالظن، بل لا بد من اليقين، ولا سبيل إليه. لذلك نتوقف ونكل التعيين إلى العليم الخبير3.

فالشيخ الأمين رحمه الله يردّ بهذه القاعدة الجليلة على هذا القول، ويؤكد أن آيات الصفات ليست من المتشابه، وإنما كيفية الصفات من المتشابه الذي لا نعلمه، والذي نكل علمه إلى الله سبحانه وتعالى4. وأما إثبات

1 انظر قانون التأويل لابن العربي ص666. وقال السيوطي في كتابه ((الاتقان)) (2/7) : ((من المتشابه: آيات الصفات)) .

2 أساس التقديس للرازي ص223.

3 مناهل العرفان للزرقاني 2/183-186.

4 انظر: التحفة المهدية ص234.

ص: 257

الصفة على ما يليق بجلاله فهذا ليس من المتشابه؛ قال رحمه الله: "اعلموا أن آيات الصفات كثير من الناس يطلق عليها اسم المتشابه، وهذا من جهة غلط، ومن جهة قد يسوغ؛ كما بينه الإمام مالك بن أنس بقوله: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب"1، كذلك يقال في النزول: النزول غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب. واطرده في جميع الصفات؛ لأن هذه الصفات معروفة عند العرب. إلا أن ما وصف به خالق السموات والأرض أكمل وأجل وأعظم من أن يشبه شيئاً من صفات المخلوقين، كما أن ذات الخالق جلّ وعلا حق، والمخلوقون لهم ذوات، وذات الخالق جل وعلا أكمل وأنزه وأجلّ من أن تشبه شيئاً من ذوات المخلوقين"2.

وما قاله الشيخ الأمين –رحمه الله حول هذه القاعدة قد قال به كثير من علماء الأمة المعتبرين؛ من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وتلميذه ابن القيم رحمه الله، وغيرهما. وهذا يدل على أن الشيخ رحمه الله قد سلك منهج سلف هذه الأمة، واقتفى أثرهم، وقال بقولهم، واتبع طريقتهم.

وسأذكر بعض أقوال العلماء المؤيدة لما قاله، فمنها قول العلامة ابن القيم رحمه الله: قد فسر الإمام أحمد الآيات التي احتج بها الجهمية من المتشابه، وقال:"إنهم تأولوها على غير تأويلها" 3 وبيان معناها. وكذلك الصحابة

1 رواه البيهقي عن مالك، وعن ربيعة الرأي في الأسماء والصفات (ص516) . ووصف الحافظ ابن حجر (في الفتح 13/417) سنده بأنه جيد إلى الإمام مالك.

ورواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/398)، والدارمي في الرد على الجهمية (ص33) . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (في الفتاوى 5/365) بعد أن ذكر قول الإمام مالك:(وهذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك، وقد روي هذا الجواب عن أم سلمة رضي الله عنها موقوفاً ومرفوعاً. ولكن ليس في إسناده من يعتمد عليه) .

2 منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص38-39.

3 انظر الرد على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد ص104- تحقيق الدكتور عبد الرحمن عميرة.

ص: 258

والتابعون فسروا القرآن وعلموا المراد بآيات الصفات كما علموا المراد من آيات الأمر والنهي، وإن لم يعلموا الكيفية، كما علموا معاني ما أخبر الله به في الجنة والنار وإن لم يعلموا حقيقة كنهه وكيفيته فمن قال من السلف: إن تأويل المتشابه لا يعلمه إلا الله بهذا المعنى فهو حقّ. وأما من قال: إن التأويل الذي هو تفسيره وبيان المراد منه لا يعلمه إلا الله فهو غلط، والصحابة والتابعون وجمهور الأمة على خلافه"1.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الرد على من قال إن الصفات من المتشابه: "من قال إن هذا من المتشابه، وأنه لايُفهم معناه، فنقول: أما الدليل على [بطلان] ذلك: فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة، ولا من الأئمة، لا أحمد بن حنبل ولا غيره أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية ونفى أن يعلم أحد معناه، أو جعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم، ولا قالوا: إنّ الله ينزل كلاماً لا يفهم أحد معناه. وإنما قالوا كلمات لها معان صحيحة، قالوا في أحاديث الصفات: "تمر كما جاءت". ونهوا عن تأويلات الجهمية –وردوها وأبطلوها- التي مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه"2.

وأما ما ذكره الشيخ الأمين –رحمه الله من أن جواب الإمام مالك يصح في جميع الصفات: فهذا ماقرره أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: "وهذا الجواب من مالك رحمه الله في الاستواء شاف كاف في جميع الصفات؛ مثل النزول، والمجيء واليد، والوجه، وغيرهما، فيقال في مثل النزول: النزول معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال

1 مختصر الصواعق المرسلة 1/125.

2 رسالة الإكليل في المتشابه والتأويل- أنظر مجموع الفتاوى 13/294-295. وانظر موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول 1/120.

ص: 259

عنه بدعة، هكذا يقال في سائر الصفات؛ إذ هي بمثابة الاستواء الوارد به الكتاب والسنة" 1.

وبهذا نرى الشيخ الأمين رحمه الله يقرر هذه القاعدة الجليلة، ويبين أن المتشابه في آيات الصفات ليس كما قرره المتكلمون من أنه في باب المعاني، وإنما معانيها معلومة معروفة من لغة العرب. وإنما المتشابه كما أشار الشيخ رحمه الله يكون في باب الكيفية؛ لأن معاني الصفات من الأمور المعلومة، أما الكيفية: فيجب الجزم بعدم إدراكها. وهو ماسبق تقريره.

القاعدة الرابعة: ليس ظاهر الصفات التشبيه حتى تحتاج إلى تأويل:

يرد الشيخ الأمين –رحمه الله بهذه القاعدة على الأشاعرة الذين يردون أكثر نصوص الصفات؛ كما قال صاحب الجوهرة2:

وكل نص أوهم التشبيها أوله أو فوض ورم تنزيها3.

وكذلك رحمه الله يردّ على المعتزلة والجهمية الذين ينفون الصفات خوفاً من التشبيه بصفات المخلوقين كما زعموا4.

وقد ذكر رحمه الله حجتهم في اعتقادهم أن ظاهر الصفات يدل على المشابهة، فقال رحمه الله: "فزعموا أن الظاهر المتبادر السابق إلى الفهم من

1 نقض المنطق ص3.

2 هو إبراهيم بن إبراهيم بن حسن بن علي المالكي اللقاني، ألف جوهرة التوحيد، وتوضيح ألفاظ الأجرومية، وقضاء الوطر من نزهة النظر. توفي سنة (1041هـ)، انظر:(الأعلام 1/28) .

3 شرح الصاوي على جوهرة التوحيد ص130.

بل صرح الصاوي أن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر. (انظر حاشية الصاوي على تفسير الجلالين 3/19) .

وقال السنوسي أيضاً: والتمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب والسنة من غير بصيرة في العقل هو أصل ضلالة الحشوية، فقالوا بالتشبيه والتجسيم والجهة محلا بظاهر قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ، {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} ، {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ} ، ونحو ذلك.

(انظر شرح أم البراهين ص82- نقلاً عن علاقة الإثبات والتفويض بصفات رب العالمين ص54) .

4 انظر: الصفات الاختيارية لشيخ الإسلام ابن تيمية (جامع الرسائل 1/7) .

ص: 260

معنى الاستواء واليد مثلاً في الآيات القرآنية هو مشابهة صفات الحوادث. وقالوا: يجب علينا أن نصرفه عن ظاهره إجماعاً؛ لأن اعتقاد ظاهره كفر؛ لأن من شبه الخالق بالمخلوق فهو كافر" 1.

ثم بين رحمه الله اللوازم التي تلزم هذا القول، فقال:"ولا يخفى على أدنى عاقل أن حقيقة معنى هذا القول: أن الله وصف نفسه في كتابه بما ظاهره المتبادر منه السابق إلى الفهم الكفر بالله والقول فيه بما لا يليق به جل وعلا. والنبي صلى الله عليه وسلم الذي قيل له: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} 2 لم يبين حرفاً واحداً من ذلك، مع إجماع من يعتدّ به من العلماء على أنه صلى الله عليه وسلم لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه، وأحرى في العقائد ولا سيما ما ظاهره المتبادر منه الكفر والضلال المبين، حتى جاء هؤلاء الجهلة المتأخرين، فزعموا أن الله أطلق على نفسه الوصف بما ظاهره المتبادر منه لا يليق، والنبي صلى الله عليه وسلم كتم أن ذلك الظاهر المتبادر كفر وضلال يجب صرف اللفظ عنه، وكل هذا من تلقاء أنفسهم من غير اعتماد على كتاب أو سنة، سبحانك هذا بهتان عظيم. ولا يخفى أن هذا القول من أكبر الضلال ومن أعظم الافتراء على الله جلّ وعلا، ورسوله صلى الله عليه وسلم"3.

ثم بين رحمه الله القول الحق في ظاهر الصفات أنه كما يليق بجلاله سبحانه وتعالى، وأن نصف الله كما وصف نفسه، ووصفه رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس من تشابه بين صفات الله وصفات خلقه؛ فقال رحمه الله: "والحق الذي لا يشك فيه أدنى عاقل أن كل وصف وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم فظاهره المتبادر منه

1 أضواء البيان 2/319.

2 سورة النحل، الآية [44] .

3 أضواء البيان 2/319.

ص: 261

السابق إلى فهم من في قلبه شيء من الإيمان هو التنزيه التام عن مشابهة شيء من صفات الحوادث. فبمجرد إضافة الصفة إليه جلّ وعلا يتبادر إلى الفهم أنه لا مناسبة بين تلك الصفة الموصوف بها الخالق، وبين شيء من صفات المخلوقين، وهل ينكر عاقل أن السابق إلى الفهم المتبادر لكل عاقل: هو منافاة الخالق للمخلوق في ذاته وجميع صفاته، لا والله لا ينكر ذلك إلا مكابر" 1.

ثم يبيّن رحمه الله السبب الذي جعل هؤلاء المعطلة يقولون إن الظاهر من معاني الصفات التشبيه؛ فيقول: "والجاهل المفتري الذي يزعم أن ظاهر آيات الصفات لا يليق بالله لأنه كفر وتشبيه، وإنما جر إليه ذلك تنجيس قلبه بقذر التشبيه بين الخالق والمخلوق، فأداه شؤم التشبيه إلى نفي صفات الله جلّ وعلا، وعدم الإيمان بها، مع أنه جلّ وعلا هو الذي وصف بها نفسه، فكان هذا الجاهل مشبهاً أولاً، ومعطلاً ثانياً. فارتكب ما لا يليق بالله ابتداء وانتهاء، ولو كان قلبه عارفاً بالله كما ينبغي، معظما لله كما ينبغي، طاهراً من أقذار التشبيه، لكان المتبادر عنده السابق إلى فهمه: أن وصف الله جلّ وعلا بالغ من الكمال والجلال ما يقطع أوهام علائق المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين، فيكون قلبه مستعداً للإيمان بصفات الكمال والجلال الثابتة لله في القرآن والسنة الصحيحة، مع التنزيه التام عن مشابهة صفات الخلق، على نحو قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 2"3.

وقال رحمه الله في موضع آخر: "إنه يجب على كل مسلم أن يعتقد هذا

1 أضواء البيان 2/320.

2 سورة الشورى، الآية [11] .

3 أضواء البيان 2/320. وانظر: منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص40.

ص: 262

الاعتقاد الذي يحل جميع الشبه. ويجيب عن جميع الأسئلة؛ وهو أن الإنسان إذا سمع وصفاً وصف به خالق السموات والأرض نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، فليملأ صدره من التعظيم، ويجزم بأن ذلك الوصف بالغ من غايات الكمال والجلال والشرف والعلو ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين. فيكون القلب منزهاً معظماً له جلّ وعلا غير متنجس بأقذار التشبيه، فتكون أرض قلبه قابلة للإيمان والتصديق بصفات الله التي تمدح بها، وأثنى عليه بها نبيه صلى الله عليه وسلم على غرار {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} . والشر كل الشر في عدم تعظيم الله، وأن يسبق في ذهن الإنسان أن صفة الخالق تشبه صفة المخلوق، فيضطر المسكين أن ينفي صفة الخالق بهذه الدعوى الكاذبة الخائنة" 1.

وهذا الكلام الذي أورده الشيخ رحمه الله في إيضاح القاعدة المذكورة، وفي إيضاح كيفية الرد بها على المخالفين في نقاش علمي رصين ليس ببدع فيه، بل قد سبقه إليه أساطين من علماء الأمة الذين جاهدوا في سبيل توضيح عقيدة الإسلام الصافية النقية مستندين في كل ما قالوه إلى الكتاب والسنة، لذلك كان لهم قصب السبق في توضيح الاعتقاد الصائب، والردّ على كلّ مخالف زائغ. ففي هذا الجانب يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من قال إن الظاهر غير مراد، بمعنى أن ظاهر صفات المخلوقين غير مراد، قلنا له: أصبت في هذا المعنى، لكن أخطأت في اللفظ وأوهمت البدعة، وجعلت للجهمية طريقاً إلى غرضهم، وكان يمكنك أن تقول: تمرّ كما جاءت على ظاهرها، مع العلم بأن صفات الله ليست كصفات المخلوقين، وأنه منزه مقدس عن كل ما يلزم منه حدوثه أو نقصه. ومن قال

1 منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص36-37، 39.

ص: 263

إن الظاهر غير مراد بالتفسير؛ وهو مراد الجهمية، ومن تبعهم من المعتزلة والأشعرية وغيرهم: فقد أخطأ" 1.

وقال الشيخ مرعي المقدسي2 رحمه الله: "ومن المعلوم أنه عليه السلام كان يحضر في مجلسه الشريف والعالم والجاهل والذكي والبليد والأعرابي الجافي، ثم لا يجد –أي الناظر في نصوص الصفات- شيئاً يعقب تلك النصوص مما يصرفها عن حقائقها لا نصا ولا ظاهراً كما تأولها بعض هؤلاء المتكلمين. ولم ينقل عنه عليه السلام أنه كان يحذر الناس من الإيمان بما يظهر من كلامه في صفته لربه من الفوقية واليدين ونحو ذلك، ولا نقل عنه أن لهذه الصفات معاني أخر باطنة غير ما يظهر من مدلولها، ولما قال للجارية: "أين الله"؟ فقالت: في السماء، لم ينكر عليها بحضرة أصحابه كي لا يتوهموا أن الأمر على خلاف ما هو عليه، بل أقرها، وقال: "اعتقها فإنها مؤمنة" 3"4.

فأين في كل هذا ما ظاهره التشبيه إذا كانت الصفة تابعة للموصوف. فالله يوصف من هذه الصفات بما يليق بجلاله وعظمته، فليست صفته سبحانه مشابهة لصفات خلقه وإن اشتركت معها في اللفظ الوارد؛ لأن صفة المخلوق تابعه لضعفه وافتقاره، وصفه الخالق على ما يليق بكماله وعظمته وجلاله.

القاعدة الخامسة: الصفات على الحقيقة لا مجاز فيها:

يؤكد الشيخ الأمين –رحمه الله أن صفات الله تعالى الواردة في الكتاب

1 الرسالة المدنية ص36. –تحقيق الوليد بن عبد الرحمن الفريان.

2 هو مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد الكرمي المقدسي. مؤرخ أديب من كبار الفقهاء. ولد في طور كرم في فلسطين، ثم انتقل إلى القاهرة، وتوفي بها سنة (1033?) .

(انظر: الأعلام 7/203. ومعجم المؤلفين 12/218) .

3 أخرجه مسلم 1/382.

4 أقاويل الثقات ص85. وانظر: رسالة في الاستواء والفوقية لأبي محمد الجويني –ضمن رسائل المجموعة المنيرية 1/177.

ص: 264

والسنة هي على الحقيقة كما يليق بجلاله، وليس كما يدعي المؤولة أنها مجاز، فيقولون: الاستواء: معناه الاستيلاء، واليد: القدرة، وهكذا، يحرفون الصفات، ويعطلون الله عن صفاته العظيمة.

قال الشيخ رحمه الله: "إن جميع ما وصف الله به نفسه في هذا القرآن من الصفات؛ كالاستواء، واليد، والوجه، ونحو ذلك من جميع الصفات فهو موصوف به حقيقة لا مجازاً1، مع تنزيهه جلّ وعلا عن مشابهة صفات الحوادث سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيراً. وذلك البيان العظيم لجميع الصفات في قوله جلّ وعلا:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 2، فنفى عنه مماثلة الحوادث بقوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، وأثبت

له الصفات على الحقيقة بقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}

"3.

وقال رحمه الله في موضع آخر: "فإثبات الحقيقة ونفي المجاز في صفات الله هو اعتقاد كل مسلم طاهر القلب من أقذار التشبيه؛ لأنه لا يسبق إلى ذهنه من اللفظ الدالّ على الصفة؛ كصفة اليد والوجه، إلا أنها صفة كمال منزهة عن مشابهة صفات الخلق. فلا يخطر في ذهنه التشبيه الذي هو سبب نفي الصفة وتأويلها بمعنى لا أصل له"4.

وما أشار إليه الشيخ رحمه الله أمر مجمع عليه عند السلف وقاعدة تُجرى على كل الصفات.

وسأذكر كلام بعض العلماء الذين سبقوا الشيخ الأمين –رحمه الله في

1 للشيخ الأمين رحمه الله رسالة مفردة في نفي المجاز، سماها ((منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز)) أثبت فيها أن القرآن كله حقائق لا مجاز فيه، وأنّ القول بالمجاز ذريعة لنفي ما أثبته الله لنفسه من صفات الكمال بادعاء أنها مجاز وأنّ المجاز يجوز نفيه، وهذا من أعظم وسائل التعطيل.

(انظر مقدمة هذه الرسالة ص3-4. وهي ملحقة بأضواء البيان، الجزء العاشر) .

2 سورة الشورى، الآية [11] .

3 أضواء البيان 1/82. وانظر: المعين والزاد ص41-45.

4 أضواء البيان 7/463.

ص: 265

تقرير هذه القاعدة. فمنهم: الحافظ ابن عبد البر الذي قال: "وأهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنه لا يكيفون شيئا من ذلك. ولا يحدون فيه صفة محصورة. وأما أهل البدع، والجهمية1، والمعتزلة2، والخوارج3، فكلهم ينكرها، ولا يحمل شيئاً منها على الحقيقة"4.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومن المعلوم باتفاق المسلمين أن الله حي حقيقة، عليم حقيقة، قدير حقيقة، سميع حقيقة، بصير حقيقة، إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته"5.

فما قرره الشيخ الأمين –رحمه الله بأن الحق في الصفات إثباتها على الحقيقة اللائقة بجلال الله سبحانه وتعالى، وأنها ليست مجازاً، فلا تؤول

1 الجهمية: أتباع جهم بن صفوان الراسبي مولاهم، أبو محرز السمرقندي، رأس الجهمية. قتله سلم بن أحوز نائب أصبهان سنة ثمان وعشرين ومائة، كان يقول بأن العباد مجبورون على أفعالهم، وأن الإيمان هو المعرفة بالله فقط، وأن الجنة والنار تفنيان، وأن القرآن مخلوق. وكان ينكر صفات الله عز وجل وأسمائه. ويقول: إن الله في الأمكنة كلها. تعالى الله عما يقول الجاهلون علوا كبيراً.

(انظر: الفرق بين الفرق ص211. والبرهان في معرفة عقائد أهل الأديان ص34. وسير أعلام النبلاء 6/26. والبداية والنهاية 9/364. والخطط للمقريزي 2/349) .

2 سبق التعريف بهم ص242.

3 الخوارج: سموا بهذا الاسم لخروجهم على علي رضي الله عنه. وهم فرق كثيرة. قال أبوالحسن الأشعري: أجمعت الخوارج على إكفار علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأجمعوا على أن كل كبيرة كفر، إلا النجدات: فإنها لا تقول بذلك. وأجمعوا على أن الله يعذب أصحاب الكبائر عذاباً أليماً، إلا النجدات.

(انظر: مقالات الإسلاميين 1/167. والملل والنحل 1/114. والخطط للمقريزي 2/350، 354. والبرهان في معرفة عقائد أهل الأديان ص17) .

4 التمهيد 7/145.

5 الفتاوى 3/218. وانظر كلامه رحمه الله في رده على من قال إن صفات الله مجاز. (كتاب الإيمان ص106 –طبعة المكتب الإسلامي-) .

ص: 266

ولا تفوض: هو الذي تعضده نصوص الشرع وأقوال السلف رضوان الله عليهم.

وهكذا نرى شدة عناية الشيخ الأمين –رحمه الله بعقيدة السلف، وتقعيده القواعد لإيضاحها. وكذا شدة اهتمامه بتسهيلها، وشدة حرصه على تفهيمها للناس؛ حيث أرشد طالب العلم إلى الأخذ بهذه الأصول السهلة الميسرة التي تأخذ بيد طالب الحق، وتوصله إلى مبتغاه؛ إلى عقيدة الإثبات مع التنزيه. فلا يغلو في الإثبات حتى يشبه الله بخلقه، ولا يغلو في التنزيه حتى يعطل الله جلّ وعلا عن صفاته، بل يثبتها إثباتاً يليق بجلال الله وعظمته وكماله، منزها لها عن مشابهة صفات الحوادث، متبعاً لقول مولاه جلّ وعلا:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 1.

1 سورة الشورى، الآية [11] .

ص: 267