الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر وزراء مصر:
اعلم أن الوزارة وظيفة قديمة كانت للملوك من قبل الإسلام؛ بل من قبل الطوفان، وكانت للأنبياء؛ فما من نبي إلا وله وزير، قال تعالى حكاية عن موسى عليه السلام:{وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} ، وقال تعالى مخاطبًا له:{سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} .
وكان للنبي صلى الله عليه وسلم وزراء؛ روى البزار والطبراني في الكبير عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أيدني بأربعة وزراء اثنين من أهل السماء: جبريل وميكائيل، واثنين من أهل الأرض: أبي بكر وعمر".
وقد وردت الأحاديث في وزراء الملوك، روى أبو داود عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بالأمير خيرًا جعل له وزير صدق؛ إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء؛ إن نسي لم يذكره، وأن ذكر لم يعنه".
ولم تكن الوزارة في صدر الإسلام إلا للخلفاء دون أمراء البلاد، فكان وزير أبي بكر الصديق عمر بن الخطاب، ووزير عمر ووزير عثمان مروان بن الحكم؛ ذكره ابن كثير في تاريخه.
ووزير عبد الملك روح بن زنباع، ووزير سليمان بن عبد الملك عمر بن عبد العزيز.
قال ابن كثير: وكان رجاء بن حيوة وزير صدق لأمراء بني أمية. ووزير هشام بن عبد الملك فمن بعده عبد الحميد بن يحيى؛ غير أنه لم يكن أحد في عهده يلقب بالوزير، ولا يخاطب بوصف الوزارة.
وأول من لقب الوزير في الإسلام أبو سلمة حفص بن سليمان الخلال، وزير الخليفة السفاح، أول خلفاء بني العباس.
وقال ابن فضل الله في المسالك: لم تكن للوزارة رتبة تعرف مدة بني أمية وصدرًا من دولة السفاح، بل كان كل من أعان الخلفاء على أمرهم، يقال له:
فلان وزير فلان؛ بمعنى أنه موازر له، لا أنه متولي رتبة خاصة يجري لها قوانين، وتنتظم بها دواوين.
وأول من فخم قواعد الملك في هذه الأمة، وعظم عوائد السلطان عبد الملك بن مروان؛ إذ لم يستتب الأمر لأحد بعد عثمان بن عفان كما استتب له، وكان منه إلى معاوية خبط عشواء، وأما معاوية فعمرو بن العاص، وإن كان له وزرًا ورداء، فإنه أجل قدرا وأعظم أمرا من أنه يجري معه مجرى الوزراء، إذ كان لا يزال كالممتن عليه لانحيازه إلى جمعه مع ما يكنه (1) له في شرفه
…
وسابقته (2) في الإسلام.
وأول من دعي بالوزير في دولة السفاح أبو سلمة حفص سليمان الخلال؛ وكان يقال له: وزير آل محمد؛ ثم إن أبا مسلم الخراساني بعث إليه من قتله، وفيه قيل هذا البيت:
إن الوزير وزير آل محمد
…
أودى فمن يشناك كان وزيرًا
ووزر للسفاح بعده أبو الجهم بن عطية، وخالد بن برمك، وسليمان بن مخلد، والربيع بن يونس.
ووزر للمنصور أبو أيوب المورياني وعبد الجبار بن عبد الرحمن، والربيع بن يونس، وخالد بن برمك، وسليمان بن مخلد، وعبد الحميد (3) .
ووزر للمهدي معاوية بن عبد الله الطبري، ويعقوب بن داود بن طهمان، والفيض بن صالح.
(1) ط: "تكنه".
(2)
كذا في الأصل بعد بياض، وفي ح، ط:"وما أبقاه".
(3)
كذا في الأصول.
ووزر للهادي الربيع بن يونس، والفضل بن الربيع، وإبراهيم بن ذكوان.
فلما استخلف الرشيد ولَّى الوزارة يحيى بن خالد البرمكي، وقال له: فوضت إليك (1) أمر الرعية، وخلعت ذلك من عنقي، وجعلته في عنقك، فول من شئت، واعزل من شئت؛ وقال إبراهيم الموصلي في ذلك:
ألم تر أن الشمس كانت سقيمة
…
فلما ولي هارون أشرق نورها
تبسمت الدنيا جمالا بملكه
…
فهارون واليها ويحيى وزيرها
ومن هذا الوقت عظم أمر الوزارة. ولم تكن قبل ذلك بهذه المثابة؛ وهي عن الخلافة في معنى السلطنة عن الخلافة الآن؛ وكانت البرامكة كلهم في معنى الوزراء، للرشيد خالد بن برمك، وأولاده يحيى والفضل وجعفر؛ حتى قال سلم الخاسر:
إذا ما البرمكي غدا ابن عشر
…
فهمته أمير أو وزير
ثم لما قتل الرشيد البرامكة، استوزر الفضل بن الربيع بن يونس، وفي ذلك يقول أبو نواس:
ما رعى الدهر آل برمك لما
…
أن رمى ملكهم بأمر فظيع
إن دهرا لم يرع عهدا ليحيى
…
غير راع ذمام آل الربيع
ووزر للأمين الفضل أيضا.
ووزر للمأمون الفضل بن سهل ذو الرياستين، وأخوه الحسن بن سهل، وأحمد ابن أبي خالد، وعمرو بن مسعدة.
ووزر للمعتصم الفضل بن مروان، وأحمد بن عمار، ومحمد بن عبد الملك الزيات. ووزر للواثق محمد بن عبد الملك الزيات.
(1) ح: "لك".
ووزر للمتوكل محمد بن عبد الملك أيضا، والفتح بن خاقان، ومحمد بن الفضل الخراساني، وعبيد الله بن يحيى بن خاقان.
ووزر للمنتصر أحمد بن الخصيب.
ووزر للمستعين ابن الخصيب، وسعيد بن حميد.
ووزر للمعتز جعفر الإسكاف وعيسى بن فروخ شاه، وأحمد بن إسرائيل.
ووزر للمهتدي.
ووزر للمعتمد عبيد الله بن يحيى بن خاقان، والحسن بن مخلد وسليمان بن وهب، وابنه عبيد الله بن إسماعيل بن بلبل.
قال محمد بن عبد الملك الهمداني في كتاب عنوان السير: وزر للمعتضد أبو القاسم عبيد الله بن سليمان بن وهب، ثم ابنه أبو الحسين القاسم، وهو أول وزير لقب في الدولة، فإن المعتضد لقبه ولي الدولة، وتوفي في زمن المكتفي، فوزر له أحمد أبو العباس بن الحسن بن أحمد بن أيوب، وهو أول وزير منع أصحاب الدواوين من الوصول إلى الخليفة.
ووزر للمقتدر أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات ثلاث مرات، وأبو علي محمد بن الوزير أبي الحسن عبيد الله بن خاقان، وأبو الحسن علي بن عيسى بن داود بن الجراح مرتين. قال الصولي: ولا أعلم أنه وزر لبني العباس وزير يشبهه في زهده وعفته وتعبده، كان يصوم نهاره، ويقوم ليله، وكان يسمى الوزير الصالح (1) .
وقال الذهبي في العبر (2) : كان في الوزراء كعمر بن عبد العزيز في الخلفاء. وأبو محمد حامد بن العباس، وكان له أربعمائة مملوك يحملون السلاح، ولكل منهم عدة مماليك،
(1) نقله ابن الطقطقي في الفخري 236، والعبارة هناك:"وما أعلم أنه وزر لبني العباس وزير يشبه علي بن عيسى في زهده وعفته، وحفظه للقرآن وعلمه بمعانيه وكتابته وحسابه وصدقاته ومبرراته".
(2)
العبر 2: 238.
وكان يخدمه على بابه ألف وسبعمائة راجل وعشرون حاجبا، يجري مجرى الأمراء (1) .
وأبو العباس أحمد بن عبيد الله ابن الوزير أبي العباس بن الخصيب، وأبو علي محمد بن أبي العباس بن مقلة صاحب الخط المنسوب، ولما خلع عليه بالوزارة قال نفطويه النحوي:
إذا أبصرت في خلع وزيرًا
…
فقل أبشر بقاصمة الظهور
بأيام طوال في بلاد
…
وأيام قصار في سرور
وأبو علي الحسين بن الوزير أبي الحسين القاسم بن الوزير عبيد الله، ولقب عميد الدولة، وأبو القاسم سليمان بن الوزير، وأبو محمد الحسن بن مخلد بن الجراح، وأبو الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات المعروف بابن حنزابه، هؤلاء وزراء المقتدر.
ووزر للقاهر أبو علي بن مقلة، وأبو العباس بن الخصيب، وأبو جعفر محمد بن الوزير القاسم بن الوزير عبيد الله.
ووزر للراضي أبو علي بن مقلة، وابنه علي أبو الحسين شريكًا مع أبيه؛ فكانت الكتب يكتب عليها:"من أبي علي وعلي بن أبي علي". ولم يل الوزارة أصغر سنًا من علي هذا، فإنه ولي وسنه ثماني عشرة سنة. وأبو الفتح الفضل بن الفرات، وأبو علي
(1) قال في الفخري: "وكما عرف المقدر قلة فهم حامد، وقلة خبرته بأمور الوزارة أخرج إليه علي بن عيسى بن الجراح من السجن، وضمه إليه، وجعله كالنائب له، فكان علي بن عيسى لخبرته هو الأصل؛ فكل ما يعقده ينعقد، وكل ما يحله ينحل، وكان اسم الوزارة لحامد، وحقيقتها لعلي بن عيسى؛ حتى قال بعض الشعراء:
قل لابن عيسى قولة
…
يرضى بها ابن مجاهد
أنت الوزير وإنما
…
سخروا بلحية حامد
جعلوه عندك سترة
…
لصلاح أمر فاسد
مهما شككت فقل له
…
كم واحدا في واحد
عبد الرحمن بن عيسى بن داود بن الجراح، وأبو القاسم سليمان بن الجراح، وأبو جعفر محمد بن القاسم الكرخي وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن يعقوب البريدي. وفي أيام الراضي تغلب محمد بن رائق، وولي إمارة الأمراء، وصارت الكتب تؤرخ عن ابن رائق، وتقدم على الوزير، فسقط حكم الوزارة من ذلك الوقت.
ووزر للمقتفي علي بن مقلة، وأبو القاسم سليمان بن الجراح، وأبو جعفر الكرخي وأبو عبد الله البريدي، وأبو الحسين أحمد بن محمد بن ميمون الأفطس (1) ، وأبو إسحاق محمد بن أحمد القراريطي الإسكافي، وأبو العباس أحمد بن عبد الله الأصفهاني.
ووزر للمستكفي أبو الفرج محمد بن علي السريري. قال الهمداني: وصادره توزون على ثلاثين ألف دينار. وانتقلت الوزارة من كتاب الخلفاء إلى كتاب الديلم، فلم يخاطب بوزير غيرهم، وكتب أبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن الشيرازي للمستكفي، وكتب أبو نصر إبراهيم بن الوزير أبي الحسن علي بن علي بن عيسى للمطيع، وكتب أبو الحسن علي بن جعفر الأصبهاني للطائع، وبعده أبو القاسم عيسى بن الوزير أبي الحسن علي بن عيسى، وبعده أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان، وخوطب برئيس الرؤساء.
وكتب أيضا للقادر، وبعده ابنه أبو الفضل، وبعده أبو طالب محمد بن أيوب ولقب عميد الرؤساء.
وكتب أيضا للقائم وبعده رئيس الرؤساء أبو القاسم علي بن أبي الفرج الحسن بن مسلمة، وخوطب وزير أمير المؤمنين؛ وهو الذي استدعى الغزالي إلى بغداد، وأزال دولة بني بويه.
ووزر بعده للقائم أبو الفتح منصور بن أحمد بن داوست الشيرازي، وهو أول من خوطب بالوزير لدار الخلافة في الدولة السلجوقية، ووزر بعده فخر الدولة أبو نصر محمد بن محمد بن جهير الموصلي.
ووزر أيضا للمقتدي، وبعده ولده عميد الدولة شرف الدين أبو منصور محمد،
(1) ح، ط:"الأخطس"، وما أثبته من الأصل.
وعزل بالوزير أبي شجاع ظهير الدين محمد بن الحسين، ثم عزل وأعيد عميد الدولة.
وقال أبو شجاع حين عزل:
تولَّاها وليس له عدو
…
وفارقها وليس له صديق
ووزر للمستظهر عميد الدولة، وسديد الملك أبو المعالي الفضل بن عبد الرزاق الأصبهاني، وأخو عميد الدولة زعيم الرؤساء أبو القاسم علي بن محمد بن جهير، وأبو المعالي هبة الله بن محمد بن علي بن المطلب، ونظام الدين أبو منصور الحسين بن أبي شجاع.
ووزر للمسترشد ابنه عضد الدولة أبو شجاع، وسنه تسع عشرة سنة وستة أشهر، ولم يل الوزارة أصغر منه، وأبو نصر أحمد بن نظام الملك، وعميد الدولة جلال الدين أبو علي الحسن بن صدقة، وشرف الدين صدر الإسلام أبو شروان بن خالد القاساني؛ وهو الذي كلف الحريري تصنيف المقامات، وشرف الدين يمين الدالة أبو القاسم علي بن طراد الزينبي العباسي؛ قال الهمداني: ولم يل الوزارة عباسي سواه، ولقب معز الإسلام عضد الدولة الإمام صدر الشرق والغرب وكذا قال ابن كثير: لا يعرف أحد من العباسيين باشر الوزارة غيره.
وأما الراشد فلم يرتب له وزير مراقبة للعسكري، وكان المتولي لأمره (1) ناصح الدولة بهاء الدين أبو عبد الله الحسين بن جهير أستاذ الدار إذ ذاك، وجلس للمظالم في بيت التوبة جلوس الوزراء، ووزر له بالمعسكر جلال الدين بن نوشروان، وما تمت وزارته، ووزر له جلال الدين أبو الراضي بن صدقة.
ووزر للمقتفي شرف الدين الزينبي، ونظام الدين أبو نصر المظفر بن الزعيم علي بن جهير، وعون الدين أبو المظفر يحيى بن هبيرة، وهو مصنف كتاب الإفصاح، وكان من خيار الوزراء وعلمائهم، وكان يبالغ في إقامة الدولة العباسية وحسم مادة الملوك
(1) ح: "أمره".
السلجوقية عنهم بكل ممكن، حتى استقرت الخلافة بالعراق كله، ليس للملوك معهم حكم بالكلية، ولله الحمد.
ووزر للمستنجد بن هبيرة المذكور إلى أن مات سنة ستين وخمسمائة، فوزر بعده شرف الدين أبو جعفر بن البلدي، ولقب جلال الدين معز الدولة.
ووزر للمستضيء عضد الدولة رئيس الرؤساء محمد بن عبد الله بن المظفر، وقيماز المستنجدي، وعضد الدولة بن رئيس الرؤساء بن المسلمة.
ووزر للناصر أبو المظفر جلال الدين عبد الله بن يونس الحنبلي، ومؤيد الدين أبو الفضل محمد بن علي بن القصاب، وعز الدين أبو المعالي سعيد بن علي بن حديدة الأنصاري، ونصير الدين ناصر بن مهدي العلوي، ومؤيد الدين محمد بن عبد الكريم القمي.
ووزر للظاهر القمي هذا.
ووزر للمستنصر القمي أيضًا، وشمس الدين أبو الأزهر أحمد بن محمد بن الناقد، ونصير العلقمي.
ووزر للمستعصم نصير الدين محمد بن الناقد إلى أن مات سنة اثنتين وأربعين وستمائة. فلما مات استوزر مؤيد الدين أبا طالب محمد بن أحمد بن العلقمي، وهو الوزير المشئوم على الخليفة، وعلى بقية بني العباس، وعلى سائر المسلمين وعلى نفسه أيضًا؛ فإنه الذي مالأ التتار، حتى قدموا وأخذوا بغداد، وقتلوا الخليفة، وجرى ما جرى، وقال فيه بعضهم:
يا فرقة الإسلام نوحوا واندبوا
…
أسفًا على ما حل بالمستعصم
دست الوزارة كان قبل زمانه
…
لابن الفرات فصار لابن العلقمي
وقال ابن فضل الله في ترجمته: وزير وليته ما وزر، وارتفع رأسه وليته رض بالحجر، كمن كمون الأرقم، وسقى الناس من كأسه العلقم.
وأما مصر فكانت إمرة بلا وزارة إلى أيام السلطان أحمد بن طولون، فعظم أمرها، ووزر لخمارويه أبو بكر محمد بن رستم الماذرائي الكاتب.
ووزر لكافور الإخشيدي أبو الفضل جعفر بن الفرات المعروف بابن خنزابه.
ووزر للمعز جوهر القائد.
وللعزيز أبو الفرج يعقوب بن يوسف بن كلس، وكان يهوديًّا فأسلم، وفوض إليه الأمور في سائر مملكته، قال ابن زولاق: هو أول من وزر للدولة العبيدية بالديار المصرية، وكان من جملة كتاب كافور، فلما مات حزن عليه العزيز حزنا شديدًا، وأغلق الديوان من أجله، وكانت وفاته سنة ثمانين وثلثمائة.
ووزر بعده نصراني يقال له: عيسى بن نسطورس، ثم قبض عليه.
ووزر للظاهر أبو القاسم علي بن أحمد الجرجرائي في سنة ثماني عشرة وأربعمائة إلى أن مات في زمن المستنصر سنة ست وثلاثين، فوزر بعده أبو نصر صدقة بن يوسف الفلَّاحي، وكان يهوديًّا فأسلم، وفيه يقول الحسن بن خاقان الشاعر المصري:
حجاب وإعجاب وفرط تصلف
…
ومد يد نحو العلا بتكلف
فلو كان هذا من وراء كفاية
…
عذرنا ولكن من وراء تخلف
وكان معه أبو سعد التستري اليهودي يدبر الدولة له، فقال بعض الشعراء:
يهود هذا الزمان قد بلغوا
…
غاية آمالهم وقد ملكوا
العز فيهم والمال عندهم
…
ومنهم المستشار والملك
يا أهل مصر إني نصحت لكم
…
تهودوا قد تهود الفلك
ثم عزل الفلاحي سنة تسع وثلاثين؛ ووزر بعده أبو البركات الحسين بن محمد بن أحمد الجرجرائي ابن أخي الوزير صفي الدين، ثم صرف في شوال سنة إحدى وأربعين.
ووزر القاضي أبو محمد الحسن بن علي البازوري مضافا لقضاء القضاة، ولقب الناصر للدين، غياث المسلمين الوزير لأجل المكين سيد الرؤساء تاج الأصفياء قاضي القضاة، وداعي الدعاة، وفي أيامه سأله المستنصر أن يكتب اسمه معه على السكة، فكان ينقش عليها:
ضربت في دولة آل الهدى
…
من آل طه وآل ياسين
مستنصر بالله جل اسمه
…
وعبده الناصر للدين
"سنة كذا"، وطبعت عليها الدنانير نحو شهر، فأمر المستنصر ألا تسطر في البر. ثم عزل البازوري، عن الوزارة والقضاء في المحرم سنة خمسين.
ووزر أبو الفرج عبد الله بن محمد البابلي، ثم صرف في ربيع الأول من السنة.
ووزر أبو الفرج محمد بن جعفر المغربي، ثم صرف في رمضان سنة اثنتين وخمسين.
وأعيد البابلي، ثم صرف في المحرم سنة ثلاث وخمسين.
ووزر أبو الفضل عبد الله بن يحيى بن المدبر ثم صرف في رمضان.
ووزر أبو محمد عبد الكريم بن عبد الحاكم أخو قاضي القضاة إلى أن مات في المحرم سنة أربع وخمسين.
ووزر أخوه أبو علي أحمد مصروفا عن القضاء، ثم صرف في شوال، وأعيد أبو الفرج البابلي، ثم صرف في المحرم سنة خمس وخمسين.
وأعيد أبو علي أحمد بن عبد الحاكم، مضافا للقضاء، ثم صرف في صفر، وأعيد أبو الفضل بن المدبر، فمات في جمادى الأولى من السنة.
ووزر أبو غالب عبد الظاهر بن الفضل بن الموفق المعروف بابن العجمي، ثم صرف في شعبان.
ووزر الحسن بن مجلي بن أسد بن أبي كدينة مضافا للقضاء، ثم صرف في ذي الحجة.
ووزر أحمد بن عبد الحاكم مضافًا للقاء، ثم صرف في المحرم سنة ست وخمسين.
ووزر أبو المكارم المشرف بن أسعد بن عقيل، ثم صرف في ربيع الآخر.
وأعيد أبو غالب عبد الظاهر، ثم صرف في رجب.
ووزر أبو البركات الحسين بن عماد الدولة بجرجراي، ثم صرف في رمضان وأعيد الحسن بن مجلي، ثم صرف في ذي الحجة.
ووزر أبو علي الحسن بن أبي سعد إبراهيم بن سهل التستري، ثم صرف.
ووز محمد بن جعفر المغربي ثم صرف.
ووزر جلال الملك ثم صرف.
ووزر خطير الملك بن الوزير البازوري، ثم صرف وأعيد ابن أبي كدينة، ثم صرف في سنة ست وستين.
وولي الوزارة التستري، ثم صرف في نصف المحرم سنة سبع وخمسين.
ووزر أبو شجاع محمد بن الأشرف أبو غالب محمد بن علي بن خلف، ثم صرف ثاني يومه عنها، وأعيد ابن أبي كدينة، ثم صرف بعد أربعة أيام.
وأعيد أبو شجاع بن الأشرف، ثم صرف في نصف ربيع الأول.
ووزر سديد الدولة أبو القاسم هبة الله بن محمد الرحبي، ثم صرف في ربيع الآخر.
وأعيد ابن أبي كدينة، ثم صرف في رجب.
وأعيد أبو المكارم المشرف بن أسعد، ثم صرف في شوال.
ووزر الأمير أبو الحسن علي بن الأنباري، ثم صرف في ذي الحجة.
وأعيد سديد الدولة هبة الله، ثم صرف في ربيع الآخر سنة ثمان وخمسين.
ووزر جلال الملك أحمد بن عبد الكريم مضافًا للقضاء، ثم صرف بعد أيام.
وزر أبو الحسن بن طاهر بن وزير، ثم صرف بعد أيام.
ووزر أبو عبد الله محمد بن أبي حامد التنسي يومًا واحدا، ثم صرف.
ووزر أبو سعد منصور بن زنبور ثم هرب بعد أيام.
ووزر أبو العلاء عبد الغني بن نصر بن سعيد، ثم صرف بعد أيام.
وأعيد ابن أبي كدينة.
وولي الوزارة أمير الجيوش بدر بن عبد الله الجمالي، وإليه تنسب قيسارية أمير الجيوش، والعامة يقولون:"مرجوش"، وهو باني الجامع الذي بثغر الإسكندرية بسوق العطارين، فأقام إلى أن مات سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، فقام في الوزارة ولده الأفضل أبو القاسم شاهنشاه، فوزر للمستنصر بقية أيامه وللمستعلي وصدرًا من ولاية الآمر، ثم إنه قتل، ضربه فداوى وهو راكب، وذلك في رمضان سنة خمس عشرة وخمسمائة. قال ابن خلكان: وترك من الأموال ما يفوق العد من ذلك من الذهب العين ستمائة ألف ألف دينار، ومن الفضة مائتين وخمسين أردبا، وسبعين ألف ثوب ديباج أطلس، ودواة ذهب فيها جوهر باثني عشر ألف دينار، وخمسمائة صندوق للبس بدنه، وصندوقان كبيران فيهما إبر ذهب برسم النساء، ومن سائر الأنواع ما لا يعلم قدره إلا الله.
وقام في الوزارة مكانه أبو عبد الله محمد بن مختار بن بابك البطائحي، ولقب المأمون، وهو باني الجامع الأقمر، وله صنف الإمام أبو بكر الطرطوشي كتاب سراج الملوك، ثم قبض عليه الآمر، وقتله في سنة تسع عشرة.
وقام في الوزارة أبو علي بن الأفضل، ولقب أمير الجيوش، فلما ولي الحافظ استحوذ الوزير على الأمور دونه، وحصر الحافظ في موضع لا يدخل عليه إلا من يريده، ونقل الأموال من القصر إلى داره، ولم يبق للحافظ سوى الاسم فقط، ودعا لنفسه على المنابر
بناصر أيام الحق، هادي العصاة إلى أتباع الحق، مولى الأمم، ومالك فضيلتي السيف والقلم. وخطب للمهدي المنتظر آخر الزمان، فلم يزل كذلك إلى أن قتل في العشرين من المحرم سنة خمس وعشرين، قتله مملوك إفرنجي للحافظ بأمره.
واستوزر بعده مملوكه أبا الفتح بالبس الحافظي، ولقب أمير الجيوش أيضا، ثم تخيل منه الحافظ، فدس عليه من سمه في ماء الاستنجاء، فمات.
واستوزر بعده ابنه الحسن -أعني ابن الحافظ الخليفة- وكان ولي عهد أبيه، فأقام ثلاثة أعوام، يظلم ظلما فاحشا؛ حتى إنه قتل في ليلة أربعين أميرا، فخافه أبوه، فدس عليه من سمه، فهلك في سنة تسع وعشرين.
ثم استوزر بهرام الأرمني النصراني، ولقب تاج الدولة، فتمكن في البلاد، وأساء السيرة، فقبض عليه الحافظ، وسجنه.
واستوزر بعده رضوان بن الوحشي، ولقبه الملك الأفضل، ولم يلقب وزير بذلك، قبله، ثم وقع بينه وبين الحافظ، فقتله سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، واستقل بتدبير أموره وحده من غير وزير.
فلما ولي الظافر سنة أربع وأربعين وخمسمائة، استوزر أبا الفتح بن فضالة بن المغربي، ولقب أمير الجيوش، فأحسن السيرة، ثم قتل سنة خمس وأربعين.
ووزر ابن سلار، ولقب الملك العادل، ثم قتل من عامه.
ووزر ابن نصر عباس الصنهاجي، فدس عليه الظافر من قتله فقتل هو أيضا.
فلما أقيم الفائز وزر له طلائع بن زريك، وتلقب بالملك الصالح، وهو صاحب الجامع بجوار باب زويلة، وخلع عليه الأفضل أمير الجيوش بدر الجمالي من الطيلسان المقور، وكتب له تقليد من إنشاء الموفق أبي الحجاج يوسف بن علي بن الخلال، وهذه صورته:
بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فالحمد لله المنعم على المخلصين من أوليائه بسوابغ
آلائه، والمتكفل لمن نصره بنصره وتثبيت قدمه وإعلائه، الممهد لمن قام بحقه أرفع مراتب الدنيا والآخرة، والموضح لمن حامى عن الدولة الفاطمية آيات التأييد الباهرة، والجامع القلوب على طاعة من أطاعه في الدفاع عن أهل بيت نبيه، والمحسن إلى من أحسن إلى مهجته غيرة لأئمة الهدى المصطفين من عترة وصيه، والمذلل الصعاب لمن رفع راية الإيمان ونشرها، والميسر الطلاب لمن أحيا كلمة التوحيد وأنشرها، ممن احب الله ورسوله ممن اصطفاه من أبرار عباده،
والماحي إساءة من أعلن ببيان الحق وجهر بعباده، والمعرض من أسعده بالسبق إلى مرضاته، لنيل غايات المن الجسيم والمرتب من جاء في ذاته، في أرفع مراتب الإجلال والتفخيم، والموجب لمن أخلص منه وأحسن عملا تعجيل مقام الفخر الكريم، وتأجيل الخلود في النعيم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
والحمد لله الذي أوضح أنوار الحقائق بأنبيائه الهداة، وأبان برسله الأمناء لعباده مناهج النجاة، وجعل العمل بمراشدهم ذريعة الموقنين إلى علي المنازل ورفيع الدرجات، وختمهم بأفضلهم نفسًا ومحتدا، وأحقهم بأن يكون لكفاتهم سيدا، محمد هادي الأنام، والداعي إلى الإسلام، والمخصوص بانشقاق القمر وتظليل الغمام، وأورث أخاه وابن عمه باهر شرفه وبارع علمه، وأفرده بإمامة البشر وخص، وأقرها فيه في عقبه إلى يوم القيامة بجلي النص، فأصبحت الإمامة للملة الحنيفية قواما، ولأسباب الشريعة بأسرها نظاما، ونقل الله نورها في أئمة الهدى من نسله فتناولها الآخر من الأول، وتلقاها الأكمل عن الأكمل، فكلما رام معاند بحيف نورها، أو قصد منافق إخفاء ظهورها، زاد أنوارها إشراقا، ووجد لبدورها كمالا واتساقا، ومكن قواعد دولتها وإن زحزحها الغادرون، وإن جهد في حلها الماكرون، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون.
والحمد لله الذي حفظ بأمير المؤمنين نظام الخلافة واتساقها، وحمى لميامنه دوحة الإمامة وأبقى نضرتها وإبراقها، وأورث خصائص الأئمة الراشدين في آبائه، وأودعه سرائر دينه المصونة في صدور أنبيائه، وأيده بموارد الإرشاد والإلهام، وجعل طاعته فرضًا مؤكدا على كافة الأنام، وخصه بالتوفيق والعصمة، وأفاض للأمة به سجال الرحمة، وأبرم بأمانته أمر الملة، وأحكم معاقد الدين، وجعله من هداته، قال جل وعلا فيهم:{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} .
يحمده أمير المؤمنين على ما نقله إليه من خصائص آبائه الأئمة الأطهار، وأيده به في أنصار دعوته من العلو والاستظهار، واتخذه به من جنود السماء والأرض، وأظهر له من معجزاته وآياته، وأظهر بمزيته من مظاهر الظفر لألويته وراياته.
ونسأله أن يصلي على جده محمد نبيه الأمين، ورسوله المبعوث في الأميين، الهادي إلى جنات النعيم، والمحيطة متابعته بالفوز العظيم، الذي جلى الله ظلمات الجهالة بمبعثه، وشرف الأئمة من ذريته بمقامه ومورثه، ورد النافر إلى الطاعة بالبر والإيناس، وجعله خير رسول إلى خير أمة أخرجت للناس.
وعلى أخيه وابن عمه أبينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قسيمه في المناسب والفضائل، وثالثه في تشفيع الذرائع والوسائل، ومفرج الكرب عنه بموازرته وصدق كفاحه، وباب مدينة علمه الذي لا يوصل إليه إلا باستفتاحه، وعلى الأئمة من ذريتهما الذين بلغ الله بهم الأرب والسؤال، وأغنى الأئمة بهداهم عن التقفية بعده برسول، والعترة المصطفين، وأحد الثقلين، وبحار العلم الزاخرة، والمرجوين لصلاح الدنيا والآخرة، وسلم ومجد، ووالى وردد.
وإن أمير المؤمنين لما مهده الله من ذوي الشرف الباذخ، وحازه لمنصبه من الفخر
الأصيل والمجد الشامخ، وأفرد به من خلافته على العالمين، وأورثه إياه من غوامض الحكم التي لا يعقلها إلا أعيان العالمين، وحباه به من ضروب الوجاهة والكرامة، وأفاضه عليه من أنوار الإمامة، وواصله (1) إليه من العناية الشاملة والبر الخفي، وجمعه له من الإحسان الجلي واللطف الخفي، وأقره من مواهب الفضل والإفضال لديه، وجعل في كل حركة وسكون دليلًا واضحا يشير إليه، يقدر نعم الله حق قدرها، ويواصل العكوف على الاعتداد بها ونشرها، ويبالغ في شكرها قولًا وعملا ونية، ويجهد نفسه في حمدها اجتهادًا يرجو به درك الأمنية، ويتحقق أن أسماها محلًّا وقدرا، وأولاها على كافة البرية ثناء وشكرا، وأعلاها قيمة، وأعمها نفعا وأعذبها ديمة، وأجمعها لضروب الجدل والاستبشار، وأجدرها بأن تؤثر في الأمم أحسن الآثار، وأوسعها في مضمار الاعتداد مجالًا، وأعظمها على الرئيس والمرؤوس نفعا وجمالا. النعمة بك أيها السيد الأجل والتغوث والدعاء إذ كنت نجدة الله المذخورة لأمنائه على خلقه، والقائم دون البرية بما افترضه عليهم من مظاهرة أمير المؤمنين والأخذ له بحقه، واللطف الذي كان في الإمامة ومن إعدامها حاجزًا، والنصر الذي أصبح به أمير المؤمنين بعون الله فائزا، وحزب الله القاهر الغالب، وشهاب أمير المؤمنين الصائب الثاقب، وظله الذي يفيء على العام
والخاص، ومنهل فضله الذي يصفو ويعذب لذوي الولاء والإخلاص، وسيفه الذي يستأصل ذوي الشقاق والنفاق، ويده التي ينبعث منها ينابيع العطاء وسحائب الأرزاق، والولى الذي ارتضاه أمير المؤمنين للمصالح كفيلا، والصفي الذي لا تبغي دولته عن موازرته تبديلا ولا تحويلا.
فعلو قدرك عند أمير المؤمنين لا ينتهي إلى أمد محدود، وقيامك في الأخذ بحقه يتجاوز كل سعي مبرور ومقام محمود، ودعائمه بنصرك الله في طاعته يصفو عنده كل
(1) ح: "وأوصل إليه".
عظيم في مجافاتك، وشفاؤك صدر أمير المؤمنين من أعدائه، أعجز القدرة عما يشفي غليله في إحسان مجازاتك.
ولقد حزت من المآثر ما فقت به أهل عصرك قدمًا وسبقًا، وسموت بجمالك إلى ذرى مجد لا تجد الهمم العلية إلى تمنيها مرقا، وما زلت في كل أزمنتك سلطانا مهيبا، وفردا في المجالس لا تدرك له الأقمار ضريبا، ومطاعًا تبارك بأنبائه الأندية والمحافل، وهماما تخضع باسمه المهائب وتذعن الجحافل، وسيدا تلقى إليه مقاليد التقدمة والسيادة، ومعظما ليس على ما خصه الله به من التعظيم موضع الزيادة.
وكشف الله أمرك في الولاء فدعاك الأئمة ظهيرًا، وزاد في إنعامه على الأمة فارتضاك لهداة أهل بيته معينا ونصيرا، ووفر نصيبك من الفضائل والمناقب فوهبك منها ما أفاضه عليك شرفا، وأحظى الملوك بتمكنك منهم وكونك لهم فخرًا وشرفا، فلا رتبة علاء إلا وقد فرعتها منزلًا، ولا منزلة سناء إلا وقد سموت إليها منتقلا، ولا مزية فضل إلا احتويت عليها وحزتها، ولا منزلة فخر إلا طلتها بفضائلك وجزتها، ولا مأثرة إلا وكنت فاتح بابها، ولا منزلة خطيرة إلا وأنت مستوجبها وأولى بها، ولا سماة مجد إلا وخصائلك طالعة في آفاقها أقمارا، ولا موقف فضل إلا ولك فيه تقدم لا تنازع فيه ولا تمارى، فما يوجد مقدم إلا وقد فضلته بآثارك وتقدمته، ولا مميز إلا أسمته في جناب فضلك ورسمته.
تقلدت جلائل الأمور فلبستها نباهة وتقويما، وباشرتها فأحرزت بمناقبك جلالة ووجاهة وتفخيما، تجرجر بك الرتب أذيال الفخر والإجلال، وتزهى بأفعالك التي يبعث عليها ما أوتيته من شرف الجلال.
ولم تزل تدابير أولياء الدولة ورجالها بفضائل سياستك فتثبت لهم الأقدام، وتكسبهم عزة النفوس فيستهينوا في حق الانتصار بك بملاقاة الحمام.
ورمى الله بك طغاة الكفار بتأييد الإسلام، واختارك للمجاهدة عن الملة فأصبحت بك مرفوعة الأعلام، وأبدت الأعداء الجوامع الباكيات من المحايد والمخاوف وأعمال الحسام؛ فلو تراخى بك الأمل في جهادهم لكنت لجملهم مستأصلا، ولغدوت لهم عن الأعمال السامية بعرفانك فاضلا، فأثرك فيهم الأثر الذي لم يبلغه مجاهد، وما فللت في هامهم من حد العضب الصارم بباسل ناطق وبجدل شاهد.
فما يبلغ التعداد ما جمعته من المناقب والفضائل، ولا يستولي الإحصاء على مالك من المفاخر التي لا يحيط بها أحد من الملوك الأوائل، فتجمع زهد الإبدال إلى همم الأكاسرة، وتوفق في أعمالك بين ما يقضي بصلاح الدنيا وحسن ثواب الآخرة، فأنت البر التقي النقي الحسيب، الظاهر المبرأ من كل دنس وعيب، والمرضي خالقه بالأفعال التي لا ينجو بها لبس ولا ريب، وواحد الدنيا لا يسامى ولا يطاول، والملك الأوحد الذي برعت أدوات كماله فما يشابه ولا يماثل.
جعلتك الفضائل غريبًا في الأنام، وخصك الحظ السعيد بفطرة تهرب فتهرب أن تأتي بمثلها الأيام، وحويت من الأخلاق الملوكية ما قصر بعظماء الملوك عن مجاراتك، واقتنيت من الحكم والمعارف ما جعل كافة العلماء مفترقين بعظم فضيلة ذاتك، وقرنت بين من عزه إذفرار البيت ولطافة حكم القلم، وكاثرت فيك المعجزات لجمعك ما افترق من مفاخر الأمم.
فما أشرف ما أفردك الله به من كمال الشجاعة والبراعة، وتوحدك بمجده من معجزات تصنيف الصارم واليراعة، فسيفك مؤيد في قط العضو والهام، وقلمك ماض في البلاغتين مضاء لا يدرك إلا بالإلهام، فكم مقام جلال وجلاد فرجته بعضب وبنان، وموقف خطاب وضراب كشفت غمته بسن قلم وسنان.
فسبحان من أفردك باستكمال المآثر، وجمع لك من المحاسن ما أعجز وصفه جهد
الناظم والناثر، وآتاك غاية شرف النفس وكرم الأصل، ومكنك من كل منقلة بإحراز السبق وإدراك الحصل، وأطلعك من أفق علاء تكاثرت سعوده،
وأستخلصك من منصب سناء سما فأعجز النجم صعوده، وانتخبك من بيت عز غدت دعائمه لذات السمهرية وظلاله صفحات القبض المشرفية، وحشاياه صهوات الجرد الأعوجية.
ولقد كان وقع التحامل على الحضرة ببعدك عن فنائها، وحسدت على قربك منها لما يعلم من متابعتك لها، وإغراقك في ولائها، وحاد بك عن موضعك من الاختصاص بها من قصد اهتضامها، وأفسد لسوء عقيدته نظامها، وصلمها على أنك لم تخل بنصرتها على بعد الدار، بل نصرت الحق حيث كان، ودرت معه حيث دار. وقد كان أمير المؤمنين حين أبهمت الأمور، وحرجت الصدور، وحارت الألباب، واستشرف للارتياب، يرجو من الله أن يفجأه منك بالفرج القريب، ويصمي أعداءه من عزمك بالسهم المصيب، واستجاب الله دعاءه فيك بما ماثل دعاء جده رسول الله صلى الله عليه وسلم وضاهى، وحصل في ذلك على معنى قوله تعالى:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} .
ولما أذهب الله بك أيها السيد الأجل الملك الصالح عن دولة أمير المؤمنين غايات العي، وأدرك بها ثار أولياء الله من ذوي المباينة والبغي، وأحسن له الصنيع بموازرتك، وبلغه مظافرتك ومكانفتك لما أحاط الخبرة بأرجائه، وفقه من التعويل عليك لما كان غاية رجائه، فقلدك من وزارته، وفوض إليك تدبير مملكته وكفالته، وجعلك إمارة جيوشه الميامين، وكفالة قضاة المسلمين، وهداية دعاة المؤمنين، وتدبير ما هو مردود إليهم من الصلاة والخطابة وإرشاد الأولياء المستجيبين، والنظر في كل ما أغدقه الله من أمور أوليائه أجمعين، وجنوده وعساكره المؤيدين، وكافة رعاياه بالحضرة وجميع أعمال المملكة دانيها وقاصيها، وسائر أحوال الدولة باديها وخافيها، وكل ما تنفذ فيه أوامره،
تبوح بشعاره منابره، ورد إليك تدبير ما وراء سرير خلافته، وسياسة ما تحتوي عليه أقطار مملكته، وألقى إليك مقاليد البسط والقبض، والرفع والخفض، والإبرام والنقض، والقطع والوصل، والولاية والعزل، والتصرف والصرف، والإمضاء والوقف، والغض والتنبيه، والإخمال والتنويه، وجميع ما يقتضيه صواب التدبير من الإنعام والإرغام، وما توجبه أحكام السياسة من الإباء والإتمام، تيمنًا بما يحقق مبالغتك من متابعته، واجتهادك في إعلامنا ودعوته، وعلمًا بأن التوفيق لا يعدو وراك، والمسعود لا يفارق أنحاك.
فتقلد ما قلدك أمير المؤمنين من هذه الرتب العالية، والمنزلة التي قرب عليك تناولها أعمالك الزاكية، والمنصب الذي تحكم (1) فيه بأمر أمير المؤمنين وتنطق بلسانه (2) ، وتبطش (3) بيده وتحب وتبغض بقلبه وجنانه، جاريًا على رسمك في تقوى الله وخشيته، واتباع مرضاته واستشعار رجعته، ومنتجزًا ما عد به في كتابه، إليه ينتهي الحكم (4) وينتسب (5)، إذ يقول تعالى:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (6) .
والعساكر المنصورة فهم أشياع الدين، وأعضاد دولة أمير المؤمنين، وأبناء دعوة آبائه الراشدين، والقائمون بمدافعة الأعداء عن حوزة الدولة العلوية، والمدخرون لكفاح المباين للملكة الفاطمية، والمنادون بشعارها في كل وقت وحين، والمعدّون للذب عن بيضة المسلمين، وأنصار الخلافة، وطاردو الوجل والمخافة، المصطلون نيران الحرب والكفاح، ذوو القلوب في المواقف التي تهتز فيها السيوف، وتضطرب كعوب
(1) ط: "يحكم"، بالمبني للمجهول.
(2)
ط: "وينطق".
(3)
ط: "وتبطن".
(4)
بعدها في ط: "إليه".
(5)
ح: "وينسب".
(6)
سورة الطلاق: 2.
الرماح، والممنوحون مزية اللطف لحسن معتقدهم في الطاعة، والمستعملون في خدمة ولي نعمتهم جهد الطاقة والاستطاعة.
ومنهم الأمراء الأكابر، والأعيان الأخاير (1) ، وولاة الأعمال وسداد الثغور، واللائقة بهم سوامي الرتب ومعالي الأمور، والأولياء الذين سلمت موالاتهم من الشوائب، واشتملوا على غرر المآثر والمناقب، والأنجاد الذين يندفع بهم الخطب الملم، والكفاة الذين يتسرعون إلى ما يندبون له من كل مهم، وما زلت تحسن لهم الوساطة في المحضر والمغيب، ويشيع ذكرهم بما يتضوع نشره ويطيب، وتسفر لهم بما يبلغون به آمالهم، وتجهد في توفير المنافع عليهم، وتحرص على إيصالها لهم لا سيما الآن وجميع أمرهم إليك مردود، وقد ظهر لك إخلاصهم في الطاعة مقامهم المشهور وسعيهم المحمود؛ فهم خليقون منك بمضاعفة المكرمة والتبجيل، جديرون بتوفير حظهم من الإحسان الجزيل.
فتوخى كلًّا منهم بما يقتضيه له حاله، وتستدعيه نهضته واستقلاله، وتعرب لهم عما يمنون به من محض طاعتهم، وصريح مسابقتهم، وتسرعهم إلى مقارعة الأعداء والمخالفين، وتمسكهم بحبل الولاء المتين.
فأما القضاة والدعاة فأنت كافلهم وهاديهم، وعلمك محيط بقاصيهم ودانيهم، وتأنيك (2) يبعثك على استكفاء إعفائهم وديانتهم، ويمنعك من استعمال المفضولين في علم وأمانة، ويحضك على التعويل على ذوي النزاهة والصيانة.
فأما الأموال وهي عماد الدول وقوامها، وبها يكون استثبات أمورها وانتظامها، ويستعان بها على الاستكثار من الرجال والأنصار، وبوفورها تقوم المهابة في نفوس مماليك
(1) ط: "الأجابر".
(2)
ح: "وتأتيك".
الأطراف والأمصار؛ وأمير المؤمنين يرجو أن تتضاعف بنظرك، وتنمي لفاضل سياستك وحمد أثرك، تتسع بإذن الله في أيامك العمارة؛ وتتوافر بما ينعم الأعمال بحسن تأنيك من البهجة والنضارة.
والرعايا فهم ودائع الله عند من استحفظ أمورهم، وعياله الذين يتعين على ولاة الأمر أن يشرحوا بالرعاية صدورهم، وتأكيد الوصايا بتخفيف الوطأة عنهم، والأمر بالعدل والاحسان على الصغير والكبير منهم؛ وقد خصك الله بالكمال، وحبب إليك الإحسان والإجمال، بغايات تنتج لك من أبواب المصالح ما لا تحيط به الوصايا، ويشترك في عائدة نفعه الخواص والأجناد والرعايا. وقدرك يجل أن نكثر لك بالقول ما نبتدع أضعافه بأفعالك المستحسنة، ومحلك مرتفع عن التنبيه إذ لا تلم بعين رعايتك إغفاءة (1) ولا سنة.
والله سبحانه يؤيد الدولة العلوية بعزماتك الثاقبة، ويعيد عليها حقوقها بسيوفك القاضية وآرائك الصائبة، ويجعل أمد عمرك مديدًا، وإقبالك في كل وقت جديدا، وأعمالك مرتضاة عند الله متقبلة، ووفود المنا إلى جنابك متوالية مقبلة، فاعمل به إن شاء الله تعالى.
وكتب أمير المؤمنين الفائز على طرة السجل بخطه ما نصه: "لوزيرنا السيد الأجل الملك الصالح من جلالة القدر، وعظم الأمر وفخامة الشأن، وعلو المكان،
واستحباب (2) الفضل واستحقاق غاية المن الجزيل، ومزية الولي الذي بعثه على بذل النفس في نصرتنا، ودعاه دون الخلائق إلى القيام بحق متابعتنا وطاعتنا، ما يبعثنا على التبرع له ببذل كل مصون، والابتداء من ذاتنا بالاقتراح له كل شيء يسر النفوس ويقر العيون. والذي
(1) ط: "أغواك"، تحريف صوابه من الأصل.
(2)
ط: "واستيجاب".
تضمنه هذا السجل من تقريظه وأوصافه، فالذي تشتمل عليه ضمائرنا أضعاف أضعافه؛ وكذلك شرفناه بجميع التدبير والإنالة، ورفعناه إلى أعلى رتب الاصطفاء بما جعلناه له من الكفالة، والله تعالى يعضد به دولتنا، ويحوط به حوزتنا، ويمده بمواد التوفيق والتأييد، ويجعل أيامه في وزارتنا ممنوحة بآيات الاستمرار والتأييد، إن شاء الله تعالى.
قلت: كانت الوزارة قديمًا تعدل السلطنة الآن، فإن الوزير كان نائب الخليفة في بلده، يفوض إليه جميع أمور المملكة، وتولية من رآه من القضاة ونواب البلاد وتجهيز العساكر والجيوش وتفرقة الأرزاق، إلى غير ذلك مما هو الآن وظيفة السلطان وكان الوزير يلقب بألقاب السلطنة الآن كالملك الصالح ونحوه، وقد تقهقر أمر الوزير حتى قال بعض وزراء القرن السابع: الوزير الآن عبارة عن "حوش كاش عفش" يشتري اللحم والحطب وحوايج الطعام، والأمر كما قال.
وأقام ابن رزيك وزيرا إلى أن قتل في رمضان سنة ست وخمسين في خلافة العاضد، وكان العاضد والفائز وكلاهما تحت حجره، فأقيم بعده في الوزارة ابنه رزيك، ولقب العادل، فأقام فيها سنة وأيامًا، وقتل.
ووزر بعده شاور بن مجير أبو شجاع السعدي، ولقب أمير الجيوش، وهو الوزير المشئوم الذي يضاهيه في الشؤم العلقمي وزير المستعصم؛ فإن هذا قد أطمع الفرنج في أخذ الديار المصرية، ومالأهم على ذلك، كما أن العلقمي هو الذي طمع التتار في أخذ بغداد، إلا أن لطف الله بمصر وأهلها، فقيض لهم عسكر نور الدين الشهيد، فأزاحوا الفرنج عنها، وقتل الوزير شاور بيد صلاح الدين يوسف بن أيوب؛ وقال بعض الشعراء في ذلك:
هنيئًا لمصر حوز يوسف ملكها
…
بأمر من الرحمن قد كان موقوتا
وما كان فيها قتل يوسف شاورًا
…
يماثل إلا قتل داود جالوتا
وكان قتل شاور في ربيع الآخر سنة أربع وستين.
وولي الوزارة بعده الأمير أسد الدين شيركوه؛ ولقب الملك المنصور، لقبه بذلك العاضد، فأقام فيها شهرين وخمسة أيام، ومات في جمادى الآخرة.
فاستوزر العاضد بعده ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب، ولقب الملك الناصر، وقد تقدم ذكر الخليعة التي لبسها يومئذ. ثم إن صلاح الدين أزال دولة بني عبيد، وأعاد الخطبة لبني العباس في أول سنة سبع وستين، فصار لمصر أميرًا بعد أن كان وزيرًا.
وجعل وزيره القاضي الفاضل محيي الدين عبد الرحيم البيساني، فاستمر وزيرا له، ولولده الملك العزيز، ولولد العزيز الملك المنصور، إلى أن مات سنة ست وتسعين وخمسمائة.
فوزر بعده للعادل صفي الدين بن شكر الدميري، إلى أن عزل سنة تسع وستمائة.
ووزر للكامل ابن شكر أيضا، والحسن بن أحمد الديباجي.
ووزر للصالح جمال الدين علي بن جرير الرقي، ومعين الدين الحسن بن صدر الدين شيخ الشيوخ، وأخوه فخر الدين يوسف، والقاضي بدر الدين السنجاري، والقاضي تاج الدين بن بنت الأعز.
ووزر لشجرة الدر في دولتها بهاء الدين علي بن محمد بن سليم المعروف بابن حنا.
ووزر للمعز الأسعد -بل الأنحس الأشقى- هبة الله بن صاعد الفائزي، وكان هذا أول شؤم الأتراك في مملكتهم، أن عدلوا عن وزارة العلماء الأقباط والمسالمة، وكان الأسعد هذا نصرانيًّا فأسلم، فلما تولى الوزارة أحدث مكوسًا ومظالم كثيرة على نحو ما كانت في أيام العبيديين، ووزرائهم النصارى والرافضة، وقد كان السلطان صلاح الدين رحمه الله أبطلها فأحدثها هذا الملعون، وقد قال فيه بعضهم:
لعن الله صاعدا
…
وأباه فصاعدا
وبنيه فنازلا
…
واحدًا ثم واحدا
ولما قتل المعز، وقبض على والده المنصور، أهين الأسعد هذا، ثم قتل في سنة خمس وخمسين.
وولي الوزارة للمظفر بعده القاضي بدر الدين السنجاري مضافًا لقضاة القضاة، ثم صرف من عامه عن الوزارة.
ووليها القاضي تاج الدين بن بنت الأعز، ثم صرف في ذي القعدة سنة سبع وخمسين.
ووزر رزين الدين يعقوب بن عبد الرفيع المعروف بابن الزبير، فأقام إلى أيام الظاهر بيبرس، فعزله عن الوزارة في ربيع الآخر سنة تسع وخمسين، واستوزر بعده الصاحب بهاء الدين بن حنا؛ فأقام وزيرا إلى أن مات الظاهر، وتولى ولده الملك السعيد، فأقره على الوزارة، وكتب له تقليدا من إنشاء القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر. وهذه صورته:
الحمد لله الذي وهب هذه الدولة القاهرة من لدنه وليا، وجعل مكان سرها وشد أزرها عليًّا، ورضي لها من لم يزل ربه مرضيًّا.
نحمده على نعمه التي أمسى بنا بره حفيًّا، ونشكره على أن جعل دولتنا جنة أورث تدبيرها من عباده من كان تقيا.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نسبح بها بكرة وعشيا، ونصلي على سيدنا محمد الذي آتاه الله الكتاب، وجعله نبيًّا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة نتبع بها صراطًا سويًّا.
وبعد، فإن أولى ما تنغمت به ألسنة الأقلام بتلاوة سوره، وتنعمت أفواه المحابر
بالاستمداد لتسطير سيره، وتناجت الكرام الكاتبون بمجمله ومفصله، وتناشدت الرواة حسن نسيبه، وترنمت الحداة بطيب غزله، وتهادت الأقاليم تحف
معجله ومؤجله، وعنيت (1) وجوه المهارق لصعود كلمه (2) الطيب ورفع صالح عمله، ما كان فيه شكر لنعمة تمنها على الدولة سعادة جدودها وحظوظها، وإفادة مصونها ومحفوظها، وإرادة مرقومها بحسن الاستبداع (3) وملحوظها، وحمد لمنحة وافاتها بركة أحسنت للمملكة الشريفة مآلا، وقربت لها مثالا، وأصلحت لها أحوالا، وكاثرت مدد البحر وكلما أجرى ذلك ماء أجرت هي مالًا، وإن ضنت السحب أنشأت سحبًا، وإن قيل: سح سحها ورونق الأرض ذهب، عوضت عنه ذهبا، كم لها في الوجود من كرم وكرامة، وفي الوجوه من وسوم ووسامة، كم أحيت مهجًا، وكم جعلت للدولة من أمرها مخرجًا، وكم وسعت أملا وكم تركت صدر الخزائن ضيقًا حرجا، وكم استخدمت جيش تهجد في بطن الليل، وجيش جهاد على ظهور الخيل. وكم أنفقت في واقف في قلب بين الصفوف والحروب، وفي واقف في صفوف المساجد من أصحاب القلوب، كم سبيل يسرت، وسعود كثرت. وكم مخاوف أدبرت حين دبرت، وكم آثار في البلاد والعباد أبرت وأثرت. وكم وافت ووفت، وكم كَفَت وكَفَّت، وكم أعفت وَعَفَت وعفَّت. وكم بها موازين للأولياء ثقلت وموازين للأعداء خفت. وكم أجرت من وقوف وكم عرفت بمعروف. وكم بيوت عبادة صاحب هذه البركات هو محرابها، وسماء جود هو سيحانها ومدينة علم هو بابها. تثني (4) الليالي على تغليسه إلى المساجد في الحنادس، والأيام على تهجيره لعيادة مرضى الفقراء، وحضور جنائز وزيارة القبور الدوارس. يكتن تحت جناح عدله الظاعن والمقيم، ويشكر يثرب ومكة وزمزم والحطيم. كم عمت سنن تفقداته
(1) ط: "وعنت".
(2)
ط: "كلمة".
(3)
ح: "الاستيداع".
(4)
ح: "تنثني".
ونوافله. وكم مرت صدقاته بالوادي فسح الله في مدته فأثنت عليه رماله، وبالنادي فأثنت أرامله (1) ، ما زار الشام إلا أغناه عن مسه المطر، ولا صحب سلطانه في سفر إلا قال. نعم الصاحب في السفر والحضر.
ولما كان المتفرد بهذه البركات هو واحد الوجود، ومن لا يشاركه في المزايا شريك، وإن الليالي بإيجاد مثله غير ولود. وهو الذي إن لم نسمه، قال سامع هذه المناقب: هو الموصوف، عند الله وعند خلقه معروف. وهذا الممدوح بأكثر من هذه الممادح، والمحامد من ربه ممدوح وممنوح.
والمنعوت بذلك، قد نعتته بأكثر من هذه النعوت الملائك، وإنما نذكر نعوته التذاذًا، فلا يعتقد كاتب ولا خاطب أنه وفى جلالته بعض حقها؛ فإنه أشرف من هذا. وإذا كان لا بد للمادح أن يجول، وللقلم أن يقول، فتلك بركات للمجلس العالي الوالدي الصاحبي الوزيري السيدي الورعي الزاهدي العابدي الذخري الكفيل المهدي المشيدي العوني القوامي النظامي الأفضلي الأشرفي العاملي العادلي البهائي، سيد الوزراء والأصحاب في العالمين، كهف العابدين، ملجأ الصالحين، شرف الأولياء المتقين، مدبر الدول، سداد الثغور، صلاح الممالك، قدوة الملوك والسلاطين، يمين أمير المؤمنين، علي بن محمد أدام الله جلاله، من تشرف الأقاليم بحياطة قلمه المبارك، والتقاليد بتجديد تنفيذه الذي لا يساهم فيه ولا يشارك، فما جدد منها إنما هو بمثابة آيات تزاد فتردد، أو بمنزلة أسجال في كل حين به يحكم وفيه يشهد؛ حتى تتناقل بثبوته الأيام والليالي، ولا يخلو جيد دولة أن يكون الحالي بما له من مفاخر اللآلئ، فلذلك خرج الأمر العالي لا برح بكسب بهاء الدين المحمدي أتم الأنوار، ولا برحت مراسمه تزهو من قلم منفذه بذي الفقر وذي الفقار؛ أن يضمن هذا التقليد الشريف بالوزارة التامة العامة الشاملة الكاملة
(1) ط: "أرماله" تحريف.
الشريفة الصاحبية البهائية أحسن التضمين، وأن ينشر منها ما يتلقى روايته كل رب سيف وقلم باليمين، وأن يعلم كافة الناس ومن يضمه طاعة هذه الدولة وملكها من ملك وأمير، وكل مدينة ذات منبر وسرير، وكل من جمعته الأقاليم من نواب سلطنة، وذوي طاعة مذعنة، وأصحاب عقد وحل، وذوي جنود وحشود، ورافعي أعلام وبنود، وكل راع ورعية، وكل من ينظر في الأمور الشرعية، وكل صاحب علم وتدريس، وتهليل وتقديس، وكل من يدخل في حكم هذه الدولة العالية من شموسها المضيئة، وبدورها المنيرة، ونجومها المشرقة وشهبها الثاقبة في الممالك المصرية والنوبية والساحلية، والكركية والشوبكية والشامية والحلبية، وما تداخل بين ذلك من ثغور وحصون وممالك.
إن القلم المبارك الصاحبي البهائي في جميع هذه الممالك مبسوط، وأمر تدبيرها به منوط، وعناية شفقته لها تحوط، وله النظر في أحوالها وأموالها، وإليه أمر قوانينها ودواوينها، وكتابها وحسابها ومراتبها، ورواتبها وتصريفها ومصروفها، وإليه التولية والصرف، وإليه تقدمة البدل والنعت والتوكيد والعطف، وهو صاحب الرتبة التي لا يحلها سواه، وسوى من هو مرتضيه من السادة الوزرانية، ومن سمينا غيره وغيرهم بالصحوبية.
فليحذر من يخاطب غيرهم بها أو يسميه، فكما كان والدنا الشهيد يخاطبه بالوالد خاطبناه بذلك وخطبناه، وما عدلنا عن ذلك بل عدلنا (1) ؛ لأنه ما ظلم من أشبه أباه، فمنزلته لا تسامى ولا تسام، ومكانته لا ترامى ولا ترام؛ فمن قدح في سيادته من حساده -أبادهم الله- زناد قدح أحرق بشرر شرره، ومن ركب إلى جلالته سيح سوء أغرق في
(1) في الأصل "أعدلنا" تحريف.
بحره، ومن فتل لسعادته حبل كيد فإنما فتله مبرمه لنحره.
فلتلزم (1) الألسنة والأقلام والأقدام في خدمته أحسن الآداب، وليقل المترددون: حطة إذا دخلوا الباب، ولا يغرنهم فرط تواضعه لدينه وتقواه، فمن تأدب معنا تأدب مع الله.
وليتل هذا التقليد على رءوس الأشهاد، وتنسخ نسخته حتى تتناقلها الأمصار والبلاد؛ فهو حجتنا على من سميناه خصوصًا ومن يدخل في ذلك بطريق العموم، فليعلموا فيه بالنص والقياس والاستنباط والمفهوم.
والله يزيد المجلس العالي الصاحبي البهائي من فضله، ويبقيه لغاية هذه الدولة ويصونه لشبله كما صانه لأشده من قبله، ويمتع بنيته الصالحة التي يحسن بها إن شاء الله نماء الفرع كما حسن نماء أصله.
واستمر الصاحب بهاء الدين في الوزارة إلى أن مات في ذي القعدة سنة سبع وسبعين.
وكان الملك السعيد إذ ذاك بدمشق، فلما بلغته وفاته، أرسل إلى برهان الدين الخضر بن الحسن السنجاري باستقراره وزيرا بالديار المصرية، فقال القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر حين سير إليه تقليد الوزارة: بك زال الخلاف، واصطلح الخصمان يا دولة الملك السعيد، فلما قالت الوزارة بالبرهان قال البرهان بالتقليد.
وقال السراج الوراق حين خلع عليه:
تهن بخلعة لبست جمالًا
…
بوجه منك سمح يجتلوه
وقال الناس حين طلعت فيها:
…
أهذا البدر؟ قلت لهم: أخوه
وقال في خلعة ولده شمس الدين:
(1) ط: "فتلزم" تحريف.
أهني الوزير ابن الوزير بخلعة
…
محاسنها فتانة العقل والحس
أضاءت بها الآفاق شرقًا ومغربًا
…
ولم لا، ومن أطواقها مطلع الشمس!
ولما عوجل خلع الملك السعيد، قال ناصر الدين بن النقيب:
تطيرت الوزارة من قريب
…
بصاحبها الجديد ومن بعيد
وقالت: كعبه كعب شؤم
…
ولاسيما على الملك السعيد
وأقام السنجاري في الوزارة إلى أن ولي قلاوون في رجب سنة ثمان وسبعين، فعزله. واستوزر فخر الدين بن لقمان كاتب السر، فأقام إلى جمادى الآخرة سنة تسع وسبعين.
فأعيد السنجاري إلى الوزارة، ورجع ابن لقمان إلى كتابة الإنشاء، فأقام إلى ربيع الأول سنة ثمانين، فعزل.
ووزر نجم الدين حمزة بن محمد بن هبة الله الأصفوني:
ووزر الأمير علم الدين سنجر الشجاعي، وهو أول من ولي الوزارة من الأمراء، وأول وزير ضربت على بابه الطلبخاناه على قاعدة وزراء الخلافة بالعراق، ثم عزل.
ووزر الأمير بدر الدين بيدار، ثم صرف.
وأعيد الشجاعي، ثم صرف.
ووزر شمس الدين محمد بن عثمان المعروف بابن السلعوس، فأقام إلى أن قتل الأشرف، فأخذ وضرب إلى أن مات تحت الضرب.
وكان لما تولى الوزارة، كتب إليه بعض أصحابه يحذره من الأمير علم الدين سنجر الشجاعي المنصوري:
تنبه يا وزير الأرض واعلم
…
بأنك قد وطئت على الأفاعي
وكن بالله معتصمًا فإني
…
أخاف عليك من نهش الشجاعي
فكان الذي تسبب في إهلاكه الشجاعي.
وولي الشجاعي الوزارة مكانه، فأقام بها أكثر من شهر، وحدثته نفسه بالسلطنة، فقتل.
وولي الوزارة بعده تاج الدين بن فخر الدين بن الصاحب بهاء الدين بن حنا، فأقام إلى أن تولى العادل كتبغا، فعزل.
وولي مكانه فخر الدين عثمان بن مجد الدين عبد العزيز بن الخليل، فأقام إلى أن تولى لاجين، فعزل.
وولي مكانه الأمير شمس الدين سنقر الأعصر، ثم عزل من عامه وحبس؛ فلما أعيد الملك الناصر إلى السلطنة أخرج الأعسر من الحبس وأعاده إلى الوزارة، ثم عزله في سنة إحدى وسبعمائة.
وولي الأمير عز الدين أيبك المنصوري، وولي ناصر الدين محمد السنجى ثم عزل في شوال سنة أربع.
ووزر سعد الدين محمد بن محمد بن عطاء الله في المحرم سنة ست.
ووزر التاج أبو الفرج بن سعيد الدولة المسلماني، ووزر ضياء الدين النشأني (1) ، فلما عاد الناصر إلى السلطنة المرة الثالثة سنة سبع استوزر فخر الدين الخليلي، ثم عزل في رمضان سنة عشرة.
ووزر الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب، ثم عزل في ربيع الآخر سنة إحدى عشرة.
ووزر أمين الملك أبو سعيد المستوفى.
(1) النشائي، بكسر ثم معجمة، ممدود؛ كذا ضبطه صاحب الضوء اللامع 11:23.
ووزر في سنة ثلاث وعشرين أمين الملك ثم الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي.
ثم أبطل الناصر الوزارة، ورتب وظيفة ناظر الخواص، وولاها كريم الدين عبد الكريم بن هبة الله بن السديد، فكان كالوزير وربما قيل له: الصاحب، واستمرت الوزارة شاغرة إلى سنة أربع وأربعين.
فاستوزر الكامل شعبان نجم الدين محمود بن شروين، وكان أصله وزير بغداد في المحرم ووزر الأمير أيتمش المحمدي، ووزر الأمير منجك اليوسفي، ثم عزل ثالث ربيع الأول سنة تسع وأربعين.
ووزر الأمير أستدمر العمري في رابع عشرة، ثم استعفي في خامس عشرين ربيع الآخر، فأعفي.
وأعيد منجك، ثم عزل في محرم سنة إحدى وخمسين.
ووزر علم الدين عبد الله بن أحمد بن زنبور القبطي، ثم عزل في رمضان سنة ثلاث وخمسين.
ووزر موفق الدين هبة الله بن سعد الدولة القبطي، فأقام إلى أن مات في ربيع الآخر سنة خمس وخمسين، وشغرت الوزارة بعده إلى سنة ثمان وخمسين.
ووزر الأمير قشتمر، ثم عزل سنة تسع وخمسين.
ووزر تاج الدين بن رشية، ثم عزل سنة إحدى وستين.
ووزر جمال الدين يوسف بن أبي شاكر.
ثم وزر الأمير الأكز الكثلاوي.
ثم وزر كريم الدين بن غنام، ثم فخر الدين بن تاج الدين موسى، ثم صرف سنة أربع وسبعين.
ووزر ابن الغنام، ثم صرف سنة خمس وسبعين.
وأعيد منجك اليوسفي إلى الوزارة، وفوض إليه السلطان كل أمور المملكة، وأنه أقامه مقام نفسه في كل شيء، وأنه يخرج الإقطاعات التي عبرتها سبعمائة
دينار فما دونها، وأنه يعزل من شاء من أرباب الدولة، ويخرج الطبلخانات والعشراوات بسائر الممالك الشامية، ورسم للوزير أن يجلس قدامه في الدركات، ثم مات منجك في سنة سبعين. قال ابن الكرماني في مختصر المسالك: وهو الذي جعل المماليك اللحم السميط في وزارته، ولم يكن يفرق عليهم قبل ذلك إلا السليخ.
ووزر تاج الدين عبد الوهاب الملكي، ويعرف بالنشو، ثم صرف في رجب سنة ست وسبعين.
وأعيد ابن الغنام، ثم صرف من عامه.
وتعطلت الوزارة إلى ربيع الأول سنة سبع وسبعين، فأعيد التاج الملكي، ثم صرف سنة ثمان وسبعين.
وأعيد ابن الغنام ثم صرف.
وأعيد النهشور ثم صرف.
واستقر كريم الدين بن الرويهب، ثم عزل في شوال سنة تسع وسبعين.
ووزر صلاح الدين خليل بن عرام، ثم عزل في صفر سنة ثمانين.
ووزر كريم الدين بن مكانس، ثم عزل في شوال من السنة.
وأعيد النشو، ثم عزل في ربيع سنة إحدى وثمانين.
ووزر شمس الدين بن أبر (1) ثم عزل سنة خمس وثمانين.
ووزر شمس الدين إبراهيم كاتب أربان، فأقام إلى أن مات سنة تسع وثمانين.
ووزر بعده علم الدين إبراهيم القبطي بن كاتب سيدي، ثم عزل في رمضان سنة تسع.
(1) ح، ط:"أبره".
ووزر كريم الدين بن غنام، ثم وزر موفق الدين أبو الفرج في صفر سنة اثنتين وتسعين.
ثم وزر سعد الدين الله بن البقري في ربيع الآخر من السنة، ثم عزل في رمضان سنة اثنتين وتسعين.
وأعيد أبو الفرج، ثم عزل في صفر.
ووزر ركن الدين عمر بن قيماز، ثم عزل في رجب.
ووزر تاج الدين بن أبي شاكر، ثم عزل في المحرم سنة خمس وتسعين.
وأعيد موفق الدين، ثم عزل سنة ست وتسعين.
ووزر الأمير ناصر الدين محمد بن رجب بن كلبك بن الحسام، ولقب وزير الوزراء إلى أن مات سنة ثمان وتسعين.
ووزر مبارك شاه، ثم صرف في رجب.
وأعيد ابن البقري، ثم عزل في ربيع الأول سنة تسع وتسعين.
ووزر بدر الدين محمد الطوخي، ثم صرف في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانمائة.
ووزر بدر الدين عبد الرزاق بن أبي الفرج، ثم صرف في ذي القعدة من السنة، ووزر الشهاب أحمد بن عمر بن قطنة، ثم صرف في ذي الحجة من السنة.
ووزر فخر الدين ماجد بن غراب، ثم صرف في ربيع الآخر سنة اثنتين.
وأعيد بدر الدين الطوخي، ثم عزل.
وأعيد ابن غراب، ثم عزل في رجب سنة ثلاث.
ووزر علم الدين يحيى بن أسعد المعروف بأبوكمّ ثم صرف في ربيع الآخر سنة أربع.
ووزر الأمير مبارك شاه الحاجب، ثم صرف.
ووزر تاج بن البقري، ثم صرف في المحرم.
ووزر فخر الدين بن غراب، ثم عزل سنة خمس.
ووزر علاء الدين الأخمص، ثم عزل في شوال.
ووزر مبارك شاه، ثم صرف.
وولي تاج الدين بن البقري، ثم توارى في المحرم سنة ست وثمانمائة.
وأعيد علم الدين أبوكم، ثم هرب بعد ثمانية أيام.
وأعيد ابن البقري، ثم هرب في ربيع الأول.
وأعيد تاج الدين بن عبد الرزاق، ثم هرب أيضا بعد أيام.
وأعيد ابن البقري، ثم صرف في ذي الحجة سنة سبع.
وأعيد فخر الدين ماجد بن غراب، ثم صرف سنة تسع.
ووزر جمال الدين البيري الأستادار، ثم صرف في سنة اثنتي عشرة.
ووزر سعد الدين إبراهيم بن البشيري، ثم صرف في ربيع الأول سنة ست عشرة.
ووزر تاج الدين بن الهيصم.
ثم وزر تقي الدين عبد الوهاب بن أبي شاكر في المحرم سنة تسع عشرة، فأقام إلى ذي القعدة من السنة، ومات.
فوزر فخر الدين الأستادار في سنة عشرين.
ووزر أرغون شاه، ثم صرف في جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين.
ووزر بدر الدين بن محب الدين، ثم صرف في ذي القعدة من عامه.
ووزر بدر الدين بن نصر الله، ثم صرف في المحرم سنة أربع وعشرين.
ووزر تاج الدين كاتب المناخات، ثم صرف في ذي الحجة سنة خمس وعشرين.
ووزر أرغون شاه، ثم صرف في شوال سنة ست وعشرين.
ووزر كريم الدين بن كاتب المناخات، ثم صرف في رجب سنة سبع وثلاثين.
ووزر أمين الدين بن الهيصم، ثم صرف في سنة ثمان وثلاثين.
ووزر سعد الدين إبراهيم بن كاتب جكم.
ثم وزر أخوه جمال الدين يوسف في ربيع الأول من السنة، ثم صرف في جمادى الآخرة من السنة.
ووزر تاج الدين عبد الوهاب بن الخطير، ثم صرف في رمضان سنة تسع وثلاثين.
ووزر الأمير خليل بن شاهين نائب الإسكندرية، ثم صرف.
ووزر كريم الدين بن كاتب المناخ في ربيع الأول سنة أربعين.
ثم في جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وزر عوضًا عن أمين الدين بن الهيصم، ثم صرف.
ووزر سعد الدين فرج بن النجار، ثم صرف في جمادى سنة ثمان وخمسين.
وأعيد أمين الدين بن الهيصم، ثم صرف في ذي القعدة من السنة.
وأعيد سعد الدين.
ثم وزر علي بن محمد الأهناسي، ثم صرف في سنة أربع وستين.
ووزر فارس المحمدي يوما واحدا، ثم صرف.
ووزر منصور الكاتب ثم صرف.
ووزر محمد الأهناسي والد علي المذكور عشرة أيام.
ثم وزر منصور الأسلمي ثم صرف في ربيع الآخر.
وأعيد سعد الدين بن النجار، ثم صرف في ربيع الأول سنة خمس وستين.
وأعيد علي بن الأهناسي، ثم صرف.
ووزر شمس الدين بن صنيعة، ثم صرف في صفر سنة سبع وستين.
وأعيد ابن الأهناسي، ثم صرف في شوال.
ووزر مجد الدين بن البقري، ثم صرف في المحرم سنة ثمان وستين.
ووزر يونس بن عمر بن جربغا، ثم صرف عن قرب.
وأعيد المجد بن البقري ثم صرف في ربيع الأول.
ووزر محمد البباوي إلى أن غرق آخر ذي الحجة سنة تسع وستين.
وأعيد الشرف يحيى بن صنيعة، ثم صرف في جمادى الآخرة.
ووزر قاسم القرافي، ثم صرف.
ووزر الأمير يشبك الدوادار، ثم صرف.
ووزر الأمير خشقدم الطواشي، ثم صرف.
ووزر ابن الزرازيري كاشف الصعيد ثم صرف عن قرب.
وأعيد قاسم، ثم صرف.
ووزر الأمير أقبردي الدوادار.
ثم ولي بعده الأمير كربتاي الأحمر يوم الخميس، مستهل ذي الحجة سنة إحدى وتسعمائة.