الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر المقياس:
قال ابن عبد الحكم: كان أول من قاس النيل بمصر يوسف عليه السلام، ووضع مقياسا بمنف، ثم وضعت العجوز دلوكة ابنة زباء مقياسا بأنصنا؛ وهو صغير الذرع ومقياسا بأخميم. ووضع عبد العزيز بن مروان مقياسا بحلوان وهو صغير، ووضع أسامة بن زيد التنوخي في خلافة الوليد بالجزيرة؛ وهي المسماة الآن بالروضة، وهو أكبرها؛ حدثنا يحيى بن بكير، قال: أدركت القياس يقيس في مقياس منف ويدخل بزيادته إلى الفسطاط.
هذا ما ذكره ابن عبد الحكم (1) .
قال التيفاشي: ثم هدم المأمون مقياس الجزيرة، وأسسه ولم يتمه، فأتم المتوكل بناءه وهو الموجود الآن.
وقال صاحب مباهج الفكر: المقياس الذي بأنصنا ينسب لأشمون بن قفطيم بن مصر ويقال: إنه من بناء دلوكة، وبناؤه كالطيلسان، وعليه أعمدة بعدد أيام السنة من الصوان الأحمر.
ورأيت (2) في بعض المجاميع ما نصه: قال ابن حبيب (3) : وجدت في رسالة منسوبة إلى الحسن بن محمد بن عبد المنعم، قال: لما فتحت مصر عرف عمر بن الخطاب ما يلقى أهلها من الغلاء عن وقوف النيل عن مده (4) في مقياس لهم فضلا عن تقاصره، وإن فرط الاستشعار يدعوهم إلى الاحتكار، ويدعو الاحتكار إلى تصاعد الأسعار بغير
(1) فتوح مصر 16.
(2)
نقله المقريزي 4: 93 عن القضاعي.
(3)
في المقريزي: "يزيد بن حبيب".
(4)
المقريزي: "حده".
قحط، فكتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص، يسأله عن شرح الحال،، فأجابه فقال عمرو (1) : إني وجدت ما تروى به مصر حتى لا يقحط أهلها أربعة عشر ذراعا، والحد الذي يروى منه سائرها حتى يفضل عن حاجتهم
ويبقى عندهم قوت سنة أخرى ستة عشر ذراعا، والنهايتين (2) المخوفتين في الزيادة والنقصان -وهو الظمأ والاستبحار- اثنتا عشر ذراعا في النقصان وثماني عشرة ذراعا في الزيادة؛ هذا والبلد في ذلك محفور الأنهار، معقود الجسور، عندما تسلموه من القبط وخمير العمارة فيه.
فاستشار عمر بن الخطاب علي بن أبي طالب في ذلك، فأمره أن يكتب إليه أن يبني مقياسا، وأن ينقص (3) ذراعين على اثنتي عشرة ذراعا، وأن يقر ما بعدها على الأصل، وأن ينقص من ذراع بعد الستة عشر ذراعا إصبعين.
ففعل ذلك وبناه بحلوان، فاجتمع له ما أراد من حال الإرجاف، وزال ما منه كان يخاف، بأن يجعل الاثنتي عشرة ذراعا أربع عشرة ذراعا؛ لأن كل ذراع أربعة وعشرون إصبعا، فجعلها ثمانية وعشرين من أولها إلى الأثنتي عشرة ذراعا، تكون مبلغ الزيادة على الاثنتي عشرة ثمانية وأربعين إصبعا؛ وهي الذراعان، وجعل الأربع عشرة ست عشرة والستة عشرة ثماني عشرة والثماني عشرة عشرين ذراعا، وهي المستقرة الآن (4) .
وقال بعضهم: كتب الخليفة جعفر المتوكل إلى مصر يأمر ببناء المقياس الجديد الهاشمي في الجزيرة سنة سبع وأربعين ومائتين؛ وكان الذي يتولى أمر المقياس النصارى، فورد كتاب أمير المؤمنين المتوكل في هذه السنة على بكار بن قتيبة قاضي مصر، بألا يتولى ذلك إلا مسلم يختاره؛ فاختار القاضي بكار لذلك الرداد عبد الله بن
(1) في الأصول: "عمر" وهو خطأ.
(2)
المقريزي: "والنهايتان".
(3)
في ط: "يغض"، وما أثبته من المقريزي والأصل.
(4)
المقريزي 1: 54.
عبد السلام المؤدب، وكان محدثا فأقامه القاضي بكار لمراعاة المقياس، وأجرى عليه الرزق، وبقي ذلك في ولده إلى اليوم.
وقال صاحب المرآة: المقياس الظاهر الآن بناه المأمون، وقيل: إنما بناه أسامة بن زيد التوخي في خلافة سليمان بن عبد الملك، ودثر فجدده المأمون. وبنى أحمد بن طولون مقياسين؛ أحدهما بقوص وهو قائم اليوم، والآخر بالجزيرة وقد انهدم.
قال القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر في العود الذي يطلع به المقسي قياس النيل في كل يوم بزيادة النيل:
قد قلت لما أتى المقسي وفي يده
…
عود به النيل قد عودي وقد نودي
أيام سلطاننا سعد السعود وقد
…
صح القياس بجري الماء في العود