الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر النيل:
مدخل
قال التيفاشي في كتاب سجع الهديل: لم يسم نهر من الأنهار في القرآن سوى النيل في قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} (1) قال: أجمع المفسرون على أن اليم هنا نيل مصر.
أخرج أحمد ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "النيل وسيحان وجيحان والفرات من أنهار الجنة".
قال ابن عبد الحكم (2) : حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن كعب الأحبار، أنه كان يقول: أربعة أنهار من الجنة وضعها الله في الدنيا؛ فالنيل نهر العسل في الجنة والفرات نهر الخمر في الجنة، وسيحان نهر الماء في الجنة، وجيحان نهر اللبن في الجنة. أخرجه الحارث في مسنده والخطيب في تاريخه.
وقال: حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن وهب بن عبد الله المعافري، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي، أنه قال: نيل مصر سيد الأنهار، سخر الله له كل نهر بالمشرق والمغرب، فإذا أراد الله أن يجري نيل مصر أمر كل نهر أن يمده، فأمدته الأنهار بمائها، وفجر الله له الأرض عيونا، فإذا انتهت جريته إلى ما أراد الله، أوحى الله إلى كل ماء أن يرجع إلى عنصره (3) . أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره.
وقال: حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب أن معاوية بن أبي سفيان سأل كعب الأحبار: هل تجد لهذا النيل في كتاب الله خبرا؟ قال:
(1) القصص: 7.
(2)
فتوح مصر 149، 105.
(3)
فتوح مصر 149.
أي والذي فلق البحر لموسى، إني لأجده في كتاب الله يوحى إليه في
كل عام مرتين، يوحى إليه عند جريه: إن الله يأمرك أن تجري فيجري ما كتب الله، ثم يوحى إليه بعد ذلك: يا نيل عد (1) حميدًا (2) .
وأخرج الخطيب في تاريخه وابن مردويه في تفسيره والضياء المقدسي في صفة الجنة عن ابن عباس مرفوعًا: أنزل الله تعالى من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار: سيحون، وجيحون، ودجلة، والفرات والنيل؛ أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة، من أسفل درجة من درجاتها، على جناحي جبريل، واستودعها الجبال، وأجراها في الأرض، وجعل فيها منافع للناس، فذلك قوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ} (3) ، فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج، أرسل الله جبريل، فرفع من الأرض القرآن والعلم والحجر من البيت، ومقام إبراهيم وتابوت موسى بما فيه؛ وهذه الأنهار الخمسة، فيرفع كل ذلك إلى السماء؛ فذلك قوله:{وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} (3) ، فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض عدم أهلها خيرها.
وأخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وابن عبد الحكم في تاريخ مصر، والخطيب في تاريخ بغداد، والبيهقي في البعث عن كعب الأحبار، قال:"نهر النيل العسل في الجنة، ونهر دجلة نهر اللبن في الجنة، ونهر الفرات نهر الخمر في الجنة، ونهر سيحان نهر الماء في الجنة"(4) .
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: غار النيل على عهد فرعون، فأتاه أهل مملكته، فقالوا: أيها الملك أجر لنا النيل، قال: إني لم أرض عنكم، فذهبوا ثم أتوه، فقالوا: أيها الملك، أجر لنا النيل، قال: إني لم أرض عنكم، فذهبوا ثم أتوه، فقالوا: أيها الملك ماتت البهائم، وهلكت الأبكار، لئن لم
(1) فتوح مصر: "غز".
(2)
فتوح مصر 239.
(3)
المؤمنون: 18.
(4)
فتوح مصر: 150.
تجر لنا النيل لنتخذن إلهًا غيرك، قال: اخرجوا إلى الصعيد، فخرجوا فتنحى عنهم حيث لا يرونه، ولا يسمعون كلامه، فألصق خده بالأرض، وأشار بالسبابة لله، ثم قال: اللهم إني خرجت إليك مخرج العبد الذليل إلى سيده، وإني أعلم أنه لا يقدر على إجرائه أحد غيرك فأجره. قال: فجرى النيل جريًا لم يجر قبله مثله، فأتاهم فقال: إني قد أجريت لكم النيل، فخروا له سجدا، وعرض له جبريل، فقال: أيها الملك أعدني على عبدي، قال: وما قصته؟ قال: عبد لي ملكته على عبيدي، وخولته مفاتيحي، فعاداني، فأحب من عاديت، وعادى من أحببت، قال: بئس العبد عبدك! لو كان لي عليه سبيل لغرقته في بحر القلزم! فقال: يا أيها الملك، اأكتب لي كتابًا، فدعا بكتاب ودواة: ما جزاء العبد الذي خالف سيده فأحب من عادى وعادى من أحب إلا أن يغرق في بحر القلزم. قال: يا أيها الملك اختمه لي، فختمه ثم دفعه إليه، فلما كان يوم البحر، أتاه جبريل بالكتاب، فقال: خذ هذا ما حكمت به على نفسك.