الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في بحر القلزم
وجزائره وما به من العجائب
وهذا البحر شعبة من بحر الهند، جنوبيه بلاد بربر والحبشة؛ وعلى ساحله الشرقي بلاد العرب وعلى ساحله الغربي بلاد اليمن. والقلزم اسم لمدينة على ساحله؛ وهو البحر الذي غرق فيه فرعون؛ وهو بحر مظلم موحش لا خير فيه باطناً ولا ظاهراً؛ وفي هذا البحر جزائر كثيرة وغالبها غير مسكونة ولا مسلوكة.
فمن جزائره جزيرة قريبة من أيلة يسكنها قوم يقال لهم بنو حداب؛ ليس لهم زرع ولا ضرع ولا ماء عذب؛ معاشهم من السمك؛ وبيوتهم السفن المكسرة، ويشحذون الماء والخبز ممن يمر بهم من المسافرين؛ وعندهم دوارة في سفح جبل إذا وقع الريح عليها انقسمت قسمين ويلقي المراكب بين شعبين متقابلين فيثور الريح بينهما ويخرج من كليهما متخالفين، فتنقلب المركب بمن فيها؛ وقيل إن هذا الموضع غرق فيه فرعون.
وجزيرة الجساسة: وبها دابة تجس الأخبار وتأتي بها إلى الدجال؛ قال تميم الداري رضي الله عنه؛ وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقد اختطفته الجن من صحن داره؛ ومكث في بلاد الجن وغيرها مدة طويلة ورأى العجائب وقصته طويلة مشهورة؛ قال: وركبنا هذا البحر فأصابتنا ريح عاصف ألجأتنا إلى هذه الجزيرة فإذا نحن بدابة استوحشنا منها وقلنا لها: ما أنت؟ قالت: أنا
الجساسة؛ قلنا لها: أخبرينا الخبر؛ قالت: إن أردتم الخبر فعليكم بهذا الدير فإن به رجلاً هو بالشوق إليكم؛ فأتيناه فقال لنا: كيف وصلتم؟ فأخبرناه الخبر؛ فقال: ما فعلت طبرية؛ قلنا: تدفق الماء بين أجوافها؛ قال: فما فعلت نخلات عمان؟ قلنا: يجنيها أهلها: قال: فما فعلت عين زغر؟ قلنا: يشرب منها أهلها، فقال: لو نفدت لتخلصت من وثاقي فوطئت بقدمي هذا كل سهل وجبل إلا مكة والمدينة.
وبعضهم يزعم أنه ابن صياد، الذي كان بمكة، وكان يقال ذلك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره. قال ابن سعيد: صحبت ابن صياد من مكة، قال: ماذا لقيت من الناس؟ يزعمون أني الدجال، ألم يقل نبي الله إنه يهودي، وقد أسلمت، وقال إنه لا يولد له، وقد ولد لي، وقال: إن الله حرم عيه المدينة ومكة، وقد ولدت بالمدينة وحججت إلى حرم مكة، ثم قال في آخر قوله: والله إني أعرف أين هو الآن وأعرف أباه وأمه. وقيل له يوماً: أيسرك لو كنت ذاك؟ فقال: لو عرض لي لما كرهته.
وقال نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما: لقيت ابن صياد في بعض طرق المدينة، فقلت له قولاً أغضبته، فانتفخ حتى ملأ الطريق، ثم دخلت بعد ذلك على حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بلغها الخبر فقالت: يرحمك الله ما أردت من ابن صياد؟ أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما يخرج من غضبة يغضبها.
وأما عجائب هذا البحر: فمنها سمكة تزيد على مائتي ذراع تضرب السفينة بذنبها فتغرقها.
ومنها: سمكة مقدار ذراع، بدنها كبدن السمك ووجهها كوجه البوم.
ومنها: سمكة طولها نحو عشرين ذراعاً ومن ظهرها الدبل الجيد، وهي تلد كالآدمية وترضع مثلها.
ومنها: سمكة تصاد وتجفف فيبقى لحمها مثل القطن يتخذ منه غزل وينسج منه ثياب فاخرة، تسمى تلك الثياب سمكين.
ومنها: سمكة على خلقة البقر تلد وترضع كالبقرة، وسمكة عريضة عرضها أميز من طولها يقال لها البهار ويقارب وزنها قنطاراً؛ طيبة اللحم والطعم.
وسمكة: طولها شبران ولها رأسان؛ رأس في موضعه العادي، ورأس في موضع ذنبها، وتسمى الخنجر.
وسمك: يقال له الفرس، وهو نوع من كلاب الماء في البحر، في فمه سبع صفوف أضراس وطوله عشرة أشبار، وهو كثير الضرر والأذى.