الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في النبات والفواكه وخواصها
اعلم وفقنا الله تعالى جميعاً إلى التفكر في عجائب صنعته وغرائب قدرته أن عقول العقلاء وأفهام الأذكياء قاصرة متحيرة في أمر النباتات وعجائبها وخواصها وفوائدها ومضارها ومنافعها، وكيف لا وأنت تشاهد اختلاف أشكالها وتباين ألوانها وعجائب صورة أوراقها وروائح أزهارها. وكل لون من ألوانها ينقسم إلى أقسام، كالحمرة مثلاً: وردي وأرجواني وسوسني وشقائقي، وخمري وعنابي وعقيقي، ودموي ولكي وغير ذلك، مع اشتراك الكل في الحمرة. ثم عجائب روائحها ومخالفة بعضها بعضاً، واشتراك الكل في طيب الرائحة وعجائب أشكال ثمارها وحبوبها وأوراقها دليل على وحدانية الله سبحانه وتعالى، ولكل لون وريح وطعم وورق وثمر وزهر وحب وخاصية لا تشبه الأخرى، ولا يعلم حقيقة الحكمة فيها إلا الله تعالى، والذي يعرفه الإنسان من ذلك بالنسبة إلى ما لا يعرفه كقطرة من بحر.
حكى المسعودي أن آدم عليه السلام لما أُهبط من الجنة خرج ومعه ثلاثون قضيباً مودعة أصناف الثمار: منها عشرة لها قشر، وهي: الجوز واللوز والفستق والبندق والشاهبلوط والصنوبر والرمان والنارنج واللوز والخشخاش. ومنها عشرة لا قشر لها، ولثمارها نوى، وهي: الرطب والزيتون والمشمش والخوخ
والإجاص والعناب والغبيراء والدراقن والزعرور والنبق. ومنها عشرة ليس لها قشر ولا نوى، وهي التفاح والكمثري والسفرجل والتين والعنب والأُترج والخرنوب والبطيخ والقثاء والخيار.
النخل: هو أول شجرة استقرت على وجه الأرض، وهي شجرة مباركة لا توجد في كل مكان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكرموا عماتكم النخل. وإنما سميت عمتنا لأنها خلقت من فضلة طينة آدم عليه السلام، ولأنها تشبه الإنسان من حيث استقامة قدها وطولها وامتياز ذكرها من بين الاناث، واختصاصها
باللقاح، ورائحة طلعها كرائحة المني. ولطلعها غلاف كالمشيمة التي يكون الولد فيها. ولو قطع رأسها ماتت، ولو أصاب جمارها آفة هلكت. والجمار من النخلة كالمخ من الإنسان، وعليها الليف كشعر الإنسان، وإذا تقاربت ذكورها وإناثها حملت حملاً كثيراً لأنها تستأنس بالمجاورة. وإذا كانت ذكورها بين إناثها ألقحتها بالريح، وربما قطع إلفها من الذكور فلا تحمل، لفراقه، وإذا دام شربها للماء العذب تغيرت، وإذا سقيت الماء المالح أو طرح الملح في أصولها حسن ثمرها. ويعرض لها أمراض مثل أمراض الإنسان.
منها الغم، وعلاجه أن يقطع من أسفلها قدر ذراعين ثم تخلل بالحديد. والعشق: وهو أن تميل شجرة إلى أخرى ويخف حملها وتهزل، وعلاجها أن يشد بينها وبين معشوقها الذي مالت إليه بحبل أو يعلق عليها سعفة منه، أو يجعل فيها من طلعه.
ومن أمراضها منع الحمل، وعلاجه أن تأخذ فأساً وتدنو منها وتقول لرجل معك: أنا أريد أن أقطع هذه النخلة لأنها منعت الحمل، فيقول ذلك الرجل: لا تفعل فإنها تحمل في هذه السنة، فتقول: لا بد من قطعها. وتضربها ثلاث ضربات بظهر الفأس، فيمسكها الآخر ويقول: بالله لا تفعل فإنها تثمر في هذه السنة فاصبر عليها ولا تعجل وإن لم تثمر فاقطعها. فتثمر في تلك السنة وتحمل حملاً طائلاً.
ومن أمراضها: سقوط الثمرة بعد الحمل وعلاجه أن يتخذ لها منطقة من الأسرب فتطوق به فلا تسقط بعدها، أو يتخذ لها أوتاداً من خشب البلوط ويدفنها حولها في الأرض. ومن عجيب أمرها أنك إذا أخذت نوى تمر من نخلة واحدة
وزرعت منها ألف نخلة، جاءت كل نخلة منها لا تشبه الأخرى. قال صاحب كتاب الفلاحة: إذا نقعت النوى في بول البغل وزرعت منها ما زرعت جاءت نخله كلها ذكوراً، وإن نقعت النوى في الماء ثمانية أيام وزرعته جاء بسره كله محمراً؛ وإن نقعت النوى في بول البقر أياماً وجففته ثلاث مرات وزرعته جاءت كل نخلة تحمل حملاً قدر نخلتين، وإذا أخذت نوى البسر الأحمر وحشوته في ثمر الأصفر وزرعته جاء بسره أصفر، وكذلك بالعكس، وكذلك فلاحة النوى المتطاول والنوى المدور.
وكيفية غرسه أن تجعل طرف النوى الغليظ مما يلي الأرض وموضع النقير إلى جهة القبلة.
وحكي أن بعض الرؤساء أُهدي له عذق واحد فيه بسرة حمراء وبسرة صفراء. وحكي أن قرية بنهر معقل كانت نخلها تخرج الطلع في السنة مرتين. وحكي أن بالسكن من أعمال بغداد نخلة تخرج كل شهر طلعة واحدة على ممر السنين. وكان في بستان ابن الخشاب بمصر نخلة تحمل أعذاقها، في كل عذق بسرة، نصفها أحمر ونصفها أصفر، والأعلى أحمر، والأسفل أصفر؛ والعذق الآخر بالعكس: الفوقاني أصفر والتحتاني أحمر.
وعن بعض ملوك الروم أنه كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قد بلغني أن ببلدك شجرة تخرج ثمرة كأنها آذان الحمر، ثم تنشق عن أحسن من اللؤلؤ المنظوم، ثم تخضر فتكون كالزمرد، ثم تحمر وتصفر فتكون كشذور الذهب. وقطع الياقوت، ثم تينع فتكون كطيب الفالوزج، ثم تيبس فتكون قوتاً وتدخر مؤونة، فلله
درها شجرةً وإن صدق الخبر فهذه من شجر الجنة. فكتب إليه عمر رضي الله عنه: صدقت رسلك، وإنها الشجرة التي ولد تحتها المسيح وقال: إني عبد الله فلا تدع مع الله إلهاً آخر.
ووصف خالد بن صفوان النخل فقال: هي الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل، الملقحات بالفحل، المعينات كشهد النحل، تخرج أسفاطاً غلاظاً وأوساطاً كأنها ملئت حللاً ورياطاً، ثم تنشق عن قضبان لجين وعسجد كالشذر المنضد، ثم تصير ذهباً أحمر بعد أن كانت في لون الزبرجد. ومن خواص النخلة أن مضغ خوصها يقطع رائحة الثوم وكذلك رائحة الخمر. شعر:
كان النخيل الباسقات وقد بدت
…
لناظرها حسناً قباب زبرجد
وقد علّقت من قلبها زينةً لها
…
قناديل ياقوتٍ بأمراس عسجد
النارجيل: وهو الجوز الهندي، زعم أهل اليمن والحجاز أن شجر النارجيل هو شجر المقل، لكنها أثمرت نارجيلاً لطيب قاع التربة والأهوية. وأجوده
الطري ثم جديد عامه الأبيض. وهو حار يابس يزيد في الباه وقوة الجماع وينفع من تقطير البول، ودهن العتيق منه ينفع البواسير والريح ويقتل الدود شرباً، ولبن الطري منه كثير الحلاوة، وليفه يتخذ منه حبال للسفن.
الإجاص والقراصيا: هما أخوان كالمشمش والخوخ الزهري، والإجاص نوعان: أحدهما يستعمل في الأدوية وأصغر منه، وهو الذي يقال له الخوخ التلباشري، وهو أحلى من الأول. والقراصيا أيضاً نوعان. أحدهما البرقوق وهو حلو أغبر والآخر أسود حامض. قال صاحب كتاب الفلاحة: من أراد أن يكون بلا نوى فليشق أسافل قضبانها شقاً متوسطاً وقمت غرسهما، وليخرج من أجوافهما مخهما، وهو صوفة وسط القضيب، إخراجاً بلطف ويضم بعضها إلى بعض
ويربطهما بشيء من الحشيش أو البردي، ويغرسهما مع بصل العنصل فإنهما يثمران ثمراً بلا نوى. وكذلك يفعل بالرمان فيخرج حبه بلا نوى.
العناب: منه بري ومنه بستاني. وهو كثير الحمل، ولشجره شوك. ومتى أحرق في أصله شيء من شجر الجوز حمل حملاً كثيراً، وكذلك إن أحرق في أصل الجوز شجر العناب. وهو معتدل بين الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة، ينفع من حدة الدم لتغليظه له، وينفع الصدر والرئة ويحبس الدم. والماء المطبوخ فيه العناب نافع، فإنه يبرد ويرطب ويسكن الحدة واللذعة والذي في المعدة والأمعاء والسعال عن حرارة، ويلين خشونة الصدر والحنجرة إلا أنه يولد بلغماً، وهو عسر الهضم قليل الغذاء.
الزيتون: نوعان: منه بستاني وبري، والبري هو الأسود، وشجرته مباركة لا تنبت إلا في البقاع الشريفة الطاهرة المباركة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن آدم وجد ضرباناً في جسمه ولم يعهده؛ فشكا إلى الله عز وجل فنزل عليه جبريل بشجرة الزيتون فأمره أن يغرسها ويأخذ من ثمرها ويعصره ويستخرج دهنه، وقال له: إن في دهنه شفاءً من كل داء إلا السام؛ ويقال إنها تعمر ثلاثة آلاف سنة.
ومن خواصها أنها تصبر على الماء طويلاً كالنخل، ولا دخان لخشبها ولا لدهنها وإذا لقط ثمرتها جنب فسدت وقل حملها وانتثر ورقها؛ وينبغي أن تغرس في المدن لكثرة الغبار، فإن الغبار كلما علا على زيتونها زاد دسمه ونضجه. وإذا دققت حولها أوتاداً من شجر البلوط قويت وكثرت ثمرتها؛ وإذا علق من لسعه شيء من ذوات السموم من عروق شجر الزيتون برأ لوقته؛ وإذا أخذ ورقة ودق وعصر ماؤه على اللدغة منع سريان السم، وكذلك من سقي السم وبادر إلى شرب عصارة ورقها لم يؤثر فيه السم.
وإذا طبخ ورقها الأخضر طبخاً جيداً ورش في البيت هرب منه الذباب والهوام، وإذا طبخ بالخل وتمضمض به نفع من وجع الأسنان؛ وإذا طبخ بالعسل حتى يصير كالعسل وجعل منه على الأسنان المتآكلة قلعها بلا وجع. ورماد ورقها ينفع للعين كحلاً ويقوم مقام التوتيا. وصمغها ينفع من البواسير إذا ضمد به. وإذا نقع ورقها في الماء وجعل فيه الخبز فإذا أكله الفأر مات لوقته. وصمغ الزيتون البري ينفع من الجرب والقوباء ووجع الأسنان المتآكلة إذا حشيت به. وهو من الأدوية القتالة.
والزيتون المملوح يقوي المعدة ويضر بالرئة. والأسود منه يورث سهراً وصداعاً وخلطاً سوداوياً. والخل يكسر نصف شره. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالزيت فإنه يسهل المرة، ويذهب البلغم، ويشد العصب ويمنع الغثي ويحسن الخلق، ويطيب النفس ويذهب الهم. وقال صلى الله عليه وسلم: كلوا الزيت وادهنوا به، فإنه يخرج من شجرة مباركة. وهو حار رطب موافق لوجع المفاصل وعرق النسا، ويسهل مع ماء الشعير شرباً ويتقيأ به مع الماء الحار فيكسر عادية المسوم لذغاً وشرباً.
وزيت الزيتون البري: ينفع من الصداع واللثة الدامية مضمضةً، ويشد الأسنان المتحركة. ونواه يبخر به لأوجاع الضرس وأمراض الرئة. وقد قيل في الزيتون:
أنظر إلى زيتوننا
…
فهو شفاء المهج
بدا لنا كأعين
…
قد كحلت بالدّعج
مخضرّة زبرجد
…
مسودّة من سبج
التمر هندي: هو ألطف الإجاص وأقل رطوبة، وأجوده الجديد الطري. وهو بارد يابس، يسهل المرة الصفراء ويمنع حدتها ويطفئها وينفع من القيء والعطش ومن الحميات والغثي والكرب، إلا أنه يضر بالصدر وأصحاب السعال.
الغبيراء: خشبها أصبر من كل خشب على الماء، كالأرز والتوت. وزهرتها إذا شمتها المرأة هاجت بها شهوة الجماع حتى تطرح الحياء. والتنقل بثمرها يبطئ السكر ويحبس القيء وينفع من إكثار البول.
الخوخ: هو أخو المشمش ومشاكل له في كل أموره إلا في البقاء، فإن المشمش أطول عمراً منه لأن الخوخ أكثر ما يحمل أربع سنين، والحر والبرد يهلكه. وهو نوعان: شعري وزهري. قال صاحب كتاب الفلاحة: إذا أخذ القضيب من شجر الخوخ ونقع في بول انسان سبعة أيام ثم تثقب شجرة الصفصاف ثقباً نافذاً متسعاً بحيث يدخل فيه قضيب القصب وتدخل القضيب في ذلك الثقب حتى يخرج من الجانب الآخر، ثم تطين الموضع المثقوب وتقطع ما فضل من القضيب من الجانبين، بعد ذلك بسبعة أيام، فإنه يثمر ثمراً بلا عجم.
وإذا أردت تلوين ثمرتها فشق النواة فإن أردت لونها أحمر فضع في النواة زنجفراً مسحوقاً ناعماً. وإن شئت أصفر فزعفراناً، وإن شئت أخضر فزنجاراً. وإن أردت أزرق فلازورداً ونيله، وإن شئت أبيض فاسفيداج، ثم ترد قشرة النواة على القلب رداً موافقاً وتغطيها وتزرعها فإن ثمرتها تجيء على اللون الذي وضعت فيه النواة بلا مغايرة. وإذا حفرت أصل الشجرة في أول كانون وثقبته وجعلت فيه قصبة من قصب السكر ثم تتركها خمسة أيام ثم تسقيها فإنها تحمل حملاً حلواً، وكذلك طعم نواه. وخاصية ورق الخوخ أنه يقطع رائحة النورة من الجسد إذا سحق ناعماً ووضع في الدلو مع ماء الليمون والشيرج. ويقتل الدود الذي في باطن الإنسان إذا
طليت به السرة ويقتل دود الأذن إذا قطر فيه من عصارتها. والخوخ بارد رطب وهو يزيد في الباه ويضر بالمبرودين ويشهي الطعام ولا يحمض في المعدة، بخلاف المشمش.
المشمش: هو شجر يسرع إليه الفساد، عسر النشوء، إلا أنه إذا نبت طال مكثه، قال صاحب كتاب الفلاحة: من أراد أن تعظم هذه الشجرة عنده فلينزع أكثر ثمرتها عند أول نشئها وحملها، ولا يترك عليها من الحمل إلا شيئاً قليلاً في أغصان قوية منها. وهي تشبه الخوخ في جميع أحواله وإن فعلت بها جميع ما ذكرته في الخوخ من الألوان والأصباغ قبلت ذلك. وإن أردت المشمش بلا نوى فاقطع وسط ساق شجرتها حتى تبلغ قلبها ثم اضرب في ذلك الموضع وتداً من خشب بلوط، فإن تلك الشجرة تحمل مشمشاً بلا نوى، ومتى ركبت اللوز في المشمش اكتسبت من طعمه وحلاوته.
وأما خاصيته فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبياً من الأنبياء بعثه الله إلى قومه وكان لهم عيد يجتمعون فيه في كل سنة، فأتاهم النبي في ذلك اليوم ودعاهم إلى الله تعالى فقالوا: إن كنت صادقاً فادع لنا ربك يخرج لنا من هذا الخشب اليابس ثمرةً على لون ثيابنا، وكانت ألوانها مزعفرة، ونحن نؤمن لك. فدعا ذلك النبي ربه عز وجل، فاخضر الخشب وأورق وأثمر بالمشمش الأصفر، فمن أكل منه ناوياً للإيمان وجد نواه حلواً، ومن أكل على نية أن لا يؤمن وجد نواه مراً.
وورقها إذا مضغ أزال وجع الضرس. والمشمش بارد رطب ورطبه سريع العفونة يولد الحميات بسرعة ويبرد المعدة ويفسد الطعام الذي في المعدة، وقديده إذا نقع أزال الحميات، ونواه إذا نقع وأكل أحدث غشياً وكرباً وغثياناً. ودهن لب المر منه له منافع.
حكي أن طبيباً مر برجل يغرس شجر المشمش. فقال له ما تصنع؟ قال: أعمل لي ولك. قال الطبيب: كيف ذلك؟ قال أنتفع أنا بالثمرة وثمنها، وتنتفع أنت بمرض من يأكلها.
التفاح: هو أصناف، حلو وحامض وعفص ومز، ومنه ما لا طعم له. وهذه الأصناف في التفاح البستاني. وذكر أن بأرض اصطخر تفاحاً، نصف التفاحة حامض ونصفها حلو. ومتى ركب التفاح في الرمان يحمر ويحلو، ومتى صب في أصله أو في أصل الدراقن بول الإنسان احمر ومتى غرس أصلها ورد أحمر يحمر. ومتى صب في أصل الشجرة من التفاح بول أمره برئت من سائر أمراض الشجر ومتى غرس في أصلها العصفر أو حولها لم تدود ثمرتها. ومتى أردت أن تكتب على التفاح الأحمر بالأبيض فاكتب عليها وهي خضراء بالمداد. لا إله إلا الله، أو ما شئت، وتركته إلى أن يحمر ثم مسحت المداد فتخرج الكتابة وما تحتها أبيض ليس به حمرة. وكذلك إذا قطعت ورقة ورسمت فيها ما شئت من النقوش، وألصقتها على التفاح قبل احمراره تجد النقش بعد الاحمرار أبيض، وإذا قل ثمرها وانتثرت زهرتها أو ورقها فعلق عليها صحيفة من رصاص وأرخها حتى يبقى بينها وبين الأرض شبر، وإذا خرجت الثمرة وصلحت فارفع عنها الصحيفة.
خاصية هذه الشجرة: عصارة ورقها تسقى لمن سقي السم أو نهشته حية أو لدغته عقرب، مع حليب ماعز، فلا
يؤثر فيه السم ولا النهشة ولا اللدغة. وشم زهر التفاح يقوي الدماغ، وأجوده الشامي ثم الأصفهاني. والتفاح الحامض بارد غليظ مضر بالمعدة ومنسي الإنسان. ليس فيه نفع ظاهر. والحلو منه معتدل الحرارة والبرودة. وشمه وأكله يقوي القلب ويقوي ضعف المعدة وهو نافع من السموم وقشره رديء الجوهر مضر بالمعدة ولا يؤكل بقشره وكثرة أكله بقشره تحدث وجعاً في العصب. وإذا أردت أن التفاح يبقى مدة طويلة فلفه في ورق الجوز واجعله تحت الأرض أو في الطين.
الكمثرى: هو أنواع كثيرة وسائرها يبلغ عروقها الماء تحت الأرض. قال صاحب كتاب الفلاحة: ومن أحرق شيئاً من شجر الدلب وشجر اللوز بالسوية في أصول شجر الكمثرى، أخرج حملاً في غير أوانه. ومن ركب الكمثرى على التين أخرج كمثرى حلواً لطيفاً دقيق البشرة سريع النضج. ومن أراد أن لا يقرب ثمرتها دود فليطل ساقها بمرارة البقرة. وزهره يؤثر في تقوية الدماغ. وأجوده الذكي الرائحة الكثير الماء الرقيق البشرة، الصادق الحلاوة، الشديد الاستدارة وهو بارد يابس، وأكثر الفاكهة غذاءً، سيما الحلو منه. وحلوه ملين، وحامضه قابض جداً. وهو يقوي المعدة ويقطع العطش ويسكن الصفراء، إلا أنه يحدث القولنج ويضر بالمشايخ. وإذا أدخل الغذاء منع بخار المعدة أن يترقى إلى الرأس، وهكذا الموز، وحبه يقتل دود البطن.
السفرجل: هو أصناف، حلو وحامض ومز وعفص. وهو حياة للنفس. قال صاحب كتاب الفلاحة: إذا أردت أن تتخذ تماثيل من السفرجل فخذ عوداً وانحته
على أي تمثال أردت، ثم خذ من طين الفخار فلبسه لذلك القالب الذي عملته، ثم اتركه حتى يجف بعض الجفاف، ويكون القالب الذي وضعته في الفخار قطعتين، ثم تنزع العود المنحوت من القالب الفخار وتطبقه على السفرجلة وهي كالجوزة أو دونها، وتعصبه بخرق من قطن عصباً وثيقاً وتشد خيطاً من العصابة إلى غصن آخر من فوق السفرجلة المذكورة بحيث لا تثقل فتسقط، فإذا بدا صلاح السفرجل فاقطع الخيط وحل العصابة وفك القالب تجد السفرجلة قد تكونت على الهيئة التي وضعتها من الصور والأشكال، وهو ما يحير العقل.
ورماد ورق السفرجل يفعل في العين فعل التوتياء، وكذلك رماد خشبه. ولزهره خاصية عظيمة عجيبة في تقوية الدماغ وتفريح القلب. وللسفرجل منافع كثيرة غير أن في ثفله قبضاً فينبغي أن يؤكل بلا ثفل.
روى يحيى بن طلحة عن أبيه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيده سفرجلة، فألقاها إلي وقال: دونكها فإنها تحيي الفؤاد وتنقية.
وروى الفضل بن العباس أنه صلى الله عليه وسلم كسر سفرجلة وناول منها جعفر بن أبي طالب وقال له: كل فإنه يصفي اللون ويحسن الولد. ومن عجيب أمره أنه إذا قطع بسكين نشف ماؤه وإذا كسر كان رطباً مائياً. وهو بارد يابس، يزهر
اللون ويسر النفس ويدر البول ويمنع من القيء والحمى، ويسكن العطش ويقوي المعدة ويحبس نزف الدم. والحامل إذا دامت على أكله، سيما في شهرها الثالث، كان ولدها حسن الوجه زكي الفهم ورائحته تقوي الدماغ والقلب. وإذا طبخ بالعسل نفع من عسر البول. والكثرة من أكله تولد القولنج والمغص ووجع العصب، وفي أكله بعد الطعام إطلاق للبطن، وإذا وضعت السفرجلة في موضع فيه أنواع الفواكه أفسدت الكل، وإذا أردت السفرجل أن يقيم زماناً فضعه على نشارة الخشب أو على التبن.
التين: هو أصناف. قال صاحب كتاب الفلاحة إذا أردت غرسه فاجعل قضبان القصب في الماء المالح يوماً ثم اجعله تحت خثى البقر واغرسه فإن شجرته تطيب جداً وثمرته تنبل وتزكو حلاوتها، وإذا سقيتها ماء الزيتون لا يسقط من ثمرتها شيء. ومن عجيب أمر التين أن الطيور إذا أكلته وذرقته على الجدار الندي والأماكن الندية تنبت أيضاً وتشجر وتثمر.
ومن أخذ من السقمونيا غصناً وعمد إلى شجرة التين وسلخ منها موضعاً وركب فيه غصناً من السقمونيا كتركيب سائر الأشجار وليكن ذلك إذا بلغت الشمس من الجدي ست درجات أو سبعاً أو ثمانياً ودار حول شجرة التين سبع دورات ثم وضع الغصن عند فراغ سابع دورة في شجرة التين وعصب التركيب، فإنها تنبت تيناً كالدواء المسهل، من أكل منها تينتين كان كشرب شربة.
وإذا غسلت شجر التين بالماء الحار هلكت. وخشبها ينفع من لسع الرتيلاء نقعاً بالماء وشرباً ومسحاً وتعليقاً. ولبن عيدانه إن قطر على موضع اللسعة لم يسر السم في الجسد. وقضبانها تهري اللحم في القدر إذا طبخت معه، وإذا نثر رماد خشب التين في البساتين هلك منها الدود، وإذا دق ورق التين مع الفج منه على عضة الكلب نفعه. وعصارة ورقها تقلع آثار الوشم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وضع بين يديه التين: لو قلت إن ثمرةً نزلت من الجنة لقلت هذه. كلوها فإنها تقطع البواسير وتنفع من النقرس. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أقسم الله بهذه الشجرة لأنها تشبه ثمار الجنة، لا قشر لها ولا نوى وهي على قدر اللقمة.
وأجوده المائل إلى البياض ثم الأصفر ثم الأسود، وأجود أصنافه الوزيري. والتي حار رطب، وهو أغذى من سائر الفواكه وأسرع نفوذاً، وهو يصلح اللون الفاسد ويوافق الصدر ويسكن العطش الذي من البلغم المالح، ويمنع الاستسقاء، وينفع من لسع العقرب والرتيلاء وأكله أمان من السموم، وإذا استعمل منه على الريق عشرة مع قلب الجوز كان له نفع عظيم ومع اللوز فكذلك، والغرغرة بمائه مطبوخة تحلل الخوانيق، ولبنه يذيب الجامد من الدماء والألبان، ويلطخ بلبنه الدماميل فتنضج ويقطر على الثآليل
فيقطعها، وعلى الجراحات التي عليها اللحم الفاسد فينقيها، والإكثار من أكله بالخبز يورث القمل في البدن. ودخان التين يهرب منه البق والبعوض.
العنب: الكرمة أكرم الشجر، وثمارها أشرف الثمر. وللناس بفلاحتها عناية عظيمة لما في العنب من الخاصية. وقد صنفوا كتباً فيما يتعلق بفلاحة الكرم والدوالي، لأنها أقل عملاً وأخف مؤنه وأكثر حملاً وأجود عصيراً. ومن عجيب أمرها أنك إذا أخذت من قضبانها التي فيها قوة الحمل وغرستها تأتي في أول سنتها بالعناقيد، ويكون بينها وبين الغرس شهران. وهذا الأمر لا يتفق في شيء من الشجر أصلاً.
قال صاحب كتاب الفلاحة: إذا أردت أن ترى من الكرمة عجباً من كثرة النفع وقوة الأصل وزيادة الحمل وسرعة الإدراك فخذ قضبان غرسها من شجرة قريبة العهد ثم اغرسها في النصف الأول من الشهر والطخ رأس القضيب بخثى البقر وابذر في جورة غرسها شيئاً من البلوط والنانخواه والباقلاء فإن شجرتها تكون في غاية العجب ومخالفة لسائر الكروم. وإذا أخذت قضيباً من العنب الأبيض وقضيباً من العنب الأسود وقضيباً من العنب الأحمر وشققتها بحيث لا يقع شيء من قشورها، ولففت بعضها ببعض وغرستها فإن القضبان كلها تخرج ساقاً واحداً، وتحمل الألوان الثلاثة شجرة واحدة. وإذا أردت أن تسود العنب الأبيض فاحفر
عن أصل الكرمة واسقها شيئاً من النفط الأسود فإن أردت أن لا يقع في الكرم دود فاقطع طاقتها بمنجل قد لطخ بدم ضفدع أو دم دب.
وإذا أردت أن يسلم من البرد فدخن الكرم بزبل بحيث يصل الدخان إليها جميعاً وانثر عليها ثمرة الطرفاء، وإذا حملت الكرمة فأخذت من نوى الزبيب أو العنب وطمر في أصلها أسرع إدراك ثمرها. وعصير كل عنب على لون أرضه لا لون حبه. وماء الكرم الذي يتقاطع من قضبانها بعد كسحها يجمع ويسقى للمشغوف بالخمر بعد شرب الخمر من غير علمه فإنه يبغض الخمر قطعاً. وينفع للجرب شرباً ويدق ورقها ناعماً ويضمد به الصداع فيسكنه.
وأصناف ثمرها كثيرة وأعجبها عيون البقر: وهي كالجوز، وأصابع العذارى: وهي كالأصبع المخضوبة، وربما بلغ العنقود منه طول ذراع والعنبة أوقية بالمصري. ويقال: إن في بعض الكتب المنزلة: أتكفرون بي وأنا خالق العنب؟ وقشر العنب بارد يابس. والعنب جيد الغذاء مقوي للبدن، يسمن بسرعة ويوفد دماً جيداً وينفع الصدر والرئة. والمقطوف لوقته ينفع ويحرك البطن ويقوي شهوة الجماع ويقوي مادة المني، وحبه ينفع من لسع الهوام والأفاعي دقاً وضماداً.
الحصرم: أجود ماء الحصرم المعتصر باليد، وهو بارد يابس، ينفع من الصفراء ومن الحرارة الملتهبة ويولد رياحاً ومغصاً ويضرب بالعصب والصدر.
الزبيب: أجوده الكثير اللحم الصادق الحلاوة. وقيل إنه أُهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبيب فقال: بسم الله كلوا، نعم الطعام الزبيب، يشد العصب ويذهب الوصب ويطفئ الغضب ويرضي الرب ويطيب النكهة ويذهب البلغم ويصفي اللون.
والزبيب حار رطب وحبه يابس والزبيب تحبه المعدة والكبد وهو جيد لوجع الأمعاء وينفع الكلى والمثانة، ويعين الأدوية على الإسهال إذا أخذ منه عشرة دراهم.
القشمش: هو زبيب صغير حلو أحمر وأخضر وأصفر. ويحكى عن أصحابه أنهم قالوا: ما زبب من قشمشنا في الشمس جاء أحمر، وما زبب معلقاً جاء أصفر، وما زبب في البيوت جاء أخضر. وهو كالزبيب غير أنه لا عجم له.
الخمر: أول من استخرج الخمر جمشيد الملك؛ فإنه توجه مرة إلى الصيد فرأى في بعض الجبال كرمة وعليها عنب فظنها من السموم فأمر بحملها حتى يجربها ويطعم العنب لمن يستحق القتل، فحملوها فتكسرت حباتها فعصروها وجعلوا ماءها في ظرف. فما عاد الملك إلى قصره إلا وقد تخمر العصير، فأحضر رجلاً وجب عليه القتل فسقاه من ذلك فشربه بكره ومشقة، فنام نومة ثقيلة، ثم انتبه فقال: اسقوني منه، فسقوه أيضاً مراراً، ولم يحدث فيه إلا السرور والطرب، فسقوا غيره وغيره،
فذكروا أنهم انبسطوا بعدما شربوا ووجدوا سروراً وطرباً فشرب الملك وأعجبه ثم أمر بغرسه في سائر البلاد.
وقيل إن ملك السريان وهو أحد الأخوين اللذين اشتركا في الملك رأى يوماً طائراً وقد قصدت حية فراخه فرمى الملك الحية بسهم فقتلها. فغاب الطائر وأتى بثلاث حبات عنب في منقاره ورجليه ورماها بين يدي الملك، فعلم الملك أنها مكافأة له على ما فعله فزرعها فعلقت وأينعت وأثمرت، فلم يجسر الملك على استعماله خوفاً من أن يكون قاتلاً أو مضراً فعصره وأودعه في الآنية فغلى وقذف بالزبد وفاحت رائحته، فتعجب الملك لذلك فسقى منه شخصاً وجب عليه القتل فطرب ورقص وأظهر سروراً، ثم انتبه وذكر ما حدث له من السرور والطرب، فسر به الملك وأمر بغرسه في البلاد.
والأسود من الخمر بطيء الانحدار رديء الكيموس قوي الحرارة، والأبيض قليل الحرارة سريع النحدار. ومن لازم شربها حصل له خلل في جوهر العقل، ووجع في الكبد والطحال، وقلة شهوة الغذاء وضعف في الباه وفساد في الدماغ، ويحدث النسيان والبخر في الفم، والرعشة والرعب وضعف البصر والعصب والحميات والسكتة والصرع وموت الفجأة. وشربها على الريق بعد التعب يحدث خفقاناً في القلب وقساوة والتهاباً وأوجاعاً. ومما يمنع السكر بزر الكرنب وبزر الحصرم وأكل الفالوزج وشم اللينوفر. وأعظم ذمها كونها مفتاحاً لكل شر وجالبة لكل سوء وضر، ومميتة للقلب ومسخطة للرب. نسأل الله تعالى أن يتوب علينا وعلى كل عاص، وأن يلهمنا رشدنا ويأخذ بنواصينا إلى الخير بحق محمد وآله.
الخل: المتخذ من الخمر، بارد يابس، يمنع انصباب المواد إلى داخل البدن ويلطف ويعين على الهضم وخصوصاً مع وجود الشيب والتغرغر به يمنع سيلان
الخلط إلى الحلق، يمنع نزف الدم، وينفع من الجرب والقوابي وحرق النار، ووضعه على الرأس يمنع الصداع الحار. وهو صالح للمعدة الحارة ويفتق الشهوة ويبرد الرحم وينفع المنهوش، وشربه مسخناً ينفع لمقاومة السموم والأدوية القتالة.
التوت: وهو الفرصاد. وهو أعز الأشجار، لأن دود القز لا يأكل إلا منه. قال المعتصم لعمال البلاد: استكثروا من غرس التوت فإن شعبها حطب وثمرها رطب، وورقها ذهب. وهو أنواع، والأسود منه بارد يابس. وإذا وضع
الأسود منه على لسع العقرب سكنه في الحال. والأبيض منه حار رطب رديء الغذاء مفسد للمعدة لكن يدر البول.
الرمان: هي من الأشجار التي لا تقوى إلا بالبلاد الباردة المعتدلة. روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ما أُلحقت رمانة قط إلا بحبة من الجنة. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: إذا أكلتم الرمان فكلوها ببعض شحمها فإنه دباغ للمعدة، وما من حبة منه تقيم في جوف مؤمن إلا أنارت قلبه، وأخرجت شيطان الوسوسة عنه أربعين يوماً.
وأجوده الكبار والحلو والمليسي، وهو حار رطب يلين الصدر والحلق ويجلو المعدة وينفع الخفقان ويزيد في الباه، وقشره تهرب من الهوام.
الأُترج: هي شجرة حارة ولا تنبت إلا في البلاد الحارة وتقيم نحو عشرين سنة ومتى مستها حائض أو أخذ من ورقها جنب فسدت شجرته. وقشر
الأترج حار يابس ولحمه حار رطب. وحماضه بارد يابس، وحبه حار رطب. وأجوده الكبار، وهو يصلح لفاسد الهواء والوباء، ولحمه رديء للمعدة ويشهي الطعام وينفع من الخفقان ويسهل الصفراء.
النارنج: شجرة لا يسقط ورقها كالنخلة؛ قال صاحب كتاب الفلاحة: إذا زرعت النرجس تحت شجرة النارنج تبدلت حموضتها بالحلاوة. ودواء مرض
شجرة النارنج أن تسقى دم إنسان من فصد وغيره مخلوطاً بالماء. خاصية ورقها إذا مضغ طيب النكهة، ويذهب رائحة الثوم والبصل والخمر، ورائحة زهرها تنفع الدماغ وتقوي القلب، وتحلل مواد الرياح الباردة.
الليمون: هو نبات هندي، ولا يصح ويقوى إلا بالبلاد الحارة، وورقه وقشره حار يابس، وحماضه بارد يابس، وماؤه كذلك، ينفع من الصفراء ويسكن العطش ويقوي المعدة والشهوة ويضر بالصدر والعصب، وهو مشاكل للأُترج في أفعاله وله خاصية عظيمة في دفع السموم ونهش الحيات والأفاعي.
ومن عجيب أمره ما حكى عنه أبو جعفر بن عبد الله الصيني قال: كانت لي ضيعة على نهر الدير بالبصرة، وكنت أقيم بها وبجواري بستان ظهرت فيه حية أطول من عشرة أشبار في عرض جراب ودوره، وكثرت جناياتها وأذاها. فطلبت حواءً يصيدها أو يقتلها، فجاء رجل فدللته نحو وكرها فبخر بدخنة كانت معه فلم يشعر إلا والحية قد خرجت إليه. فلما رآها الرجل وهاله أمرها ولى فنهشته فمات في الحال. واشتهر أمرها بها الناس وامتنع الحواؤون من الحضور إليها فجاء لي رجل بعد مدة وقال: قد بلغني أمر الحية وفسادها وتعاظم أذاها فدلني عليها. فقلت: قد قتلت حواءً. فقال: هو أخي وقد جئت لآخذ بثأره أو أموت كما مات، فأرنيها. فقلت له: اعبر إلى البستان. وجلست أنا في طبقة لها طاقة تطل على البستان أنظر ما يكون منه. فأخرج دهناً كان معه فأدهن به وصلى ودعا ودخن كما دخن أخوه فخرجت إليه هائشة، فما تزعزع عن مكانه فلما قربت منه هجم عليها وطلبها فهربت منه، فتبعها وقبض عليها، فالتفتت إليه ونهشته فمات من وقته. فترك الناس الضيعة ورحلوا من أجلها، وقالوا لا مقام لنا في جيرة هذه السخطة. فجاءني بعد أيام رجل آخر فسألني عنهما وعن الحية فأخبرته بما كان فقال: والله هما أخواي، وجئت لآخذ بثأرهما أو أموت كما ماتا ولا بد لي منها. فأريته البستان وجلست في الطاقة لأنظر ماذا يصنع؟
فأخرج دهناً وادهن به ودخن كأخويه فخرجت إليه فطلبها فوقفت له تحاربه، ثم تمكن من قفاها وقبض عليها فالتفتت وعضت إبهامه فحزمها وجعلها في سلة كبيرة أحضرها معه وبادر إلى إبهامه فقطعها وأشعل ناراً وكواها. فحملناه إلى الضيعة فرأى ليمونة بكف صبي، فقال: أعندكم من هذا شيء؟ قلنا نعم قال: ائتوني بما تقدرون عليه، فأتيناه بكثير منه فجعل يقضم ويأكل ويدهن به موضع اللسعة وبات فأصبح سالماً، فقال: ما خلصني الله سبحانه إلا بهذا الليمون. وقطع رأس الحية وذنبها ورمى بهما، وغلى على بدنها وطبخه وأخذ دهنه ومضى.
اللوز: أجوده الطري الكثير الدهن، وهو معتدل الحرارة والرطوبة يغذي غذاء حسناً ويسمن وينفع الصدر والسعال ونفث الدم، ويلين البطن خصوصاً إذا كان مع التين، وينفع من عضة الكلب الكلب، والمر منه حار يابس وهو جيد للشرى مع الشراب، ودهنه ينفع من وجع الأذن ويمنع صداع الرأس، وأكله قبل السكر يمنع السكر، وهو يقوي البصر ويفتح سدد الكبد والطحال والكلى.
الجوز: ينبت بنفسه ولا يصح إلا في البلاد الباردة، وهو حار يابس بطيء الهضم إلا أنه ينصلح مع التين. ودهنه ينفع من الحمرة، وقشره يحبس نزف الدم ويضمد به لعضة الكلب الكلب، وكثرة أكله تورث ثقل اللسان.
البندق: حار مع يبوسة وإذا خط على العقرب حلقة بعود البندق لا يقدر أن يخرج منها، وهو يزيد في الباه وشهوة الجماع مع السكر مدقوقاً، وينفع من نهش الهوام خصوصاً مع التين أكلاً وضماداً، وإذا طلي مدقوقاً على يافوخ الطفل الأزرق العينين ردهما سوداوين.
الشاهبلوط: ينفع لإدرار البول، وينفع من السموم ونزف الدم.
الفستق: حار يابس أشد حرارة من الجوز يفتح سدد الكبد ويقوي فم المعدة، ويمنع من الغثيان، ومن نهش الهوام والسعال البلغمي ولدغ العقارب ويزيد في الباه.
الصنوبر: حار يابس يمنع الرطوبات من البدن ويزيد في الباه مع عقيد العنب.
الفلفل: حار يابس فيه جذب وتحليل وهو عدو البلغم اللزج، ويلطف الأغذية ويشهي الطعام ويدر البول وينفع ظلمة البصر.
القرنفل: حار يابس يطيب النكهة ويحد البصر، وينفع من الغشاوة ويمنع القيء والغثيان ويقوي الكبد، وقدر ما يؤخذ منه نصف مثقال مع مثليه سكر نبات مسحوقين منخولين.
الخولنجان: حار يابس، يحلل الرياح وينفع من القولنج ووجع الكلى ويهيج الباه، ويطيب النكهة ويهضم الطعام ويصلح المعدة ويطرد البلغم والرطوبة المتولدة في المعدة، وينفع من عرق النسا ولمن لا يضبط البول.
الزنجبيل: هو كالفلفل في منافعه.
المصطكا: حار يابس ملين، وهو يجبر العظام المكسورة، ومضغه يجلب البلغم من الرأس وينقيه ويطيب النكهة وينفع من السعال البلغمي ومن أورام الكبد ونزف الدم وفساد الرحم تحملاً.
خيار الشنبر: معتدل في الحرارة والبرودة، عسله يسهل المرة المحترقة ويطفئ حدة الدم ويسكن وهجه ويذهب الورم العارض منه، وينفع من الأورام الحارة في الأحشاء خصوصاً في الحلق إذا تغرغر به ممرساً في ماء عنب الثعلب، وإذا سقي مع التربد أخرج رطوبات عجيبة، وإذا سقي مع التمر هندي أخرج الأخلاط الصفراوية ونفع المحمومين، وإذا سقي مع الهندبا نفع من القولنج ووجع المفاصل واليرقان. وهو يسهل من غير أذى حتى الحوامل، وهو يضر بالنسل، وبدله نصف وزنه من ترنجيل، وثلاثة أمثاله من شحم الزبيب مع تربد.
السرو: شجرة حسنة الهيئة قويمة الساق، يضرب بها المثل في استقامة قدها ومشق قامتها وخضرة ورقها. وهو أخضر صيفاً وشتاء والتدخين بأغصانها في البيت يطرد البق، وطبيخه بالخل يسكن وجع الأسنان ويجعل من نشارته بنادق وتطرح في الدقيق الدرمك يبقي زماناً طويلاً لا يفسد، وورقه مع الشراب ينفع من عسر البول، وإذا دق ورقها رطباً وجعل على الجراحة ألحمها، ورمادها ينفع من حرق النار وسائر القروح ذروراً، وجوزها يطرد البق
إذا دخن به.
البطيخ: منه بستاني ومنه بري، والبري هو الحنظل والبستاني ثلاثة أصناف: هندي وهو الأخضر وخراساني وهو العبدلي، وصيني وهو الأصفر. ثم الأصفر ثلاثة أصناف: صيني وحلبي وسمرقندي، وفلاحتها كلها واحدة، والطعوم والأشكال مختلفة. وإذا نقع بزر البطيخ بالعسل والبن جاء في غاية الحلاوة، وإذا نقع في ماء الورد شممت من بطيخه رائحة الورد، ومتى دخلت المرأة الحائضة في المقثأة فسدت وتغير طعمه وإذا أصاب بزر البطيخ أو القثاء رائحة الدهن جاء كله مراً. وإذا وضع رأس حمار في وسط المبطخة دفع عنها جميع الآفات وأسرع نباتها وحملها وحملها وإدراكها.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن البطيخ كان أحب الفاكهة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تفكهوا بالبطيخ وعضوا منه، فإن ماءه رحمة، وحلاوته من حلاوة الجنة. ومن أكل لقمة من البطيخ كسب الله له ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة، ورفع له ألف درجة، لأنه خرج من الجنة.
وعن وهب بن منبه أنه وجد في بعض الكتب أن البطيخ طعام وشراب وفاكهة وجلاء وأُشنان وريحان وحلاوة ونقل، وينقي المعدة ويشهي الطعام ويصفي اللون ويزيد في ماء الصلب ويدر البول ويسهل الخام.
الصيني: وهو الأصفر، وهو ثلاثة أصناف. وأطيبه وأحلاه السمرقندي وأجوده العبدلي، وهو بارد رطب يدر البول ويقلع الكلف والبهق الرقيق والوسخ، وبزره أقوى جلاءً من جرمه، وقشره يلصق على الجبهة فيمنع النوازل من العين،
ولحمه ينفع من حصاة الكلى والمثانة، وهو يستحيل إلى خلط ويرخي الجسد ويحدث هيضة. وإذا فسد في الجوف فهو كالسم.
القرع: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا طبختم فأكثروا القرع فإنه يسكن قلب الحزين. ومن خواصه أن الذباب لا يقع عليه، ولما خرج يونس عليه السلام من بطن الحوت خرج كالطفل حين يخرج من بطن أمه، فأنبت الله سبحانه وتعالى عليه في الحال شجرة من يقطين لئلا يقع عليه الذباب فيؤذيه. فمكثت الشجرة حتى تصلبت بشرته وقويت أعضاؤه فأيبسها.
والقرع بارد رطب، ويسمى الدباء. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء، وهو يغذي غذاء يسيراً وينحدر سريعاً، وهو جيد للصفراء وعصارته تسكن وجع الأذن مع دهن ورد، ينفع من أورام الدماغ، وسليقه ينفع من السعال ووجع الصدر من حرارة، ويقطع العطش، إلا أنه يفسد في المعدة ويضر بأصحاب السوداء والبلغم ويضر بالأمعاء.
القثاء والفقوس والعجور: فالقثاء بارد رطب يسكن الحرارة والصفراء ويدر البول ويسكن العطش ويوافق المثانة وشمه ينعش المغشي عليه، وأكله ينفع من عضة الكلب الكلب؛ وبذره يدر البول ويحسن اللون طلاء ويطفئ الحرارة، لكنه رديء
الكيموس، يهيج الحميات ويؤلم المعدة، وكذلك الفقوس والعجور.
الخيار: بارد رطب، ينفع من الحميات المحترقة ويدر البول، إلا أنه يحدث العطش، وشمه ينفع المغشي عليه من حرارة، ويحدث وجعاً في المعدة والخواصر.
الباذنجان: حار يابس ينفع من نزف الدم ويورث أخلاطاً رديئة وخيالات فاسدة، ويولد السوداء والسدد ويسود البشرة؛ ويفسد اللون، ويصفره ويولد الكلف والصداع.
الأرز: بارد يابس، يحبس البطن حبساً ليس بالقوي، وإن لم تغسل عنه الحمرة التي عليه، وإلا عقل البطن. وأنفعه ما أُكل باللبن الحليب، وأكله يزيد في النضارة بوجه الآكل ويخصب البدن ويري أحلاماً صالحة.
السمسم: حار رطب مغذ ملين محلل ينفع السوداويين ووجع الصدر والخشونة في الحلق ويزيد في المني.
الحمص: حار رطب ملين يدر البول ويهيجه، وينفع ويغذي أكثر من الباقلاء، ويجلو النمش ويحسن اللون أكلاً وطلاء، وينفع من الأورام الحارة الصلبة ومن وجع الظهر ويصفي اللون.
الكمون: حار يابس يقتل الدود ويطرد الريح ويحلله، وإذا غسل الوجه بمائه صفاه، وكذلك أكله بقدر يسير، ويدمل الجراحات ويقطع الرعاف مسحوقاً مع خل، وإذا مضغ وقطر ريقه في العين نفع الطرفة والدم السائل من العين.
الكمون الكرماني: وهو الشونيز الأسود، حار يابس يقطع البلغم جلاءً، ويحلل الرياح والنفخ ويقطع الثآليل وينفع الزكام البارد. ويجعل مدقوقاً في خرقة كتان ويطلى به جبهة من به صداع بارد.
الكراويا: حار يابس يطرد الريح ويخففه، وينفع الخفقان ويقتل الديدان ويدر البول. وقدر ما يؤخذ منه درهم.