الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الآبار وعجائبها
بئر أبي كود: بقرب طرابلس، من شرب من مائها تحمق، وهو مثل يقال بينهم للأحمق: شرب من بئر أبي كود.
بئر بابل: قال الأعمش: كان مجاهد يحب أن يسمع الأعاجيب ويقصدها، وكان لا يسمع بشيء من ذلك إلا توجه إليه وعاينه. فأتى بابل فلقيه الحجاج فقال له: ما تصنع ههنا؟ قال؛ أريد أن تسيرني إلى رأس الجالوت، وأن تريني موضع هاروت وماروت، فأمر به فأرسل إلى رجل من أعيان اليهود وقال: اذهب بهذا فأدخله على هاروت وماروت ولينظر إليهما، فانطلق به حتى أتى موضعاً فرفع صخرة فإذا هو شبه سرداب، فقال له اليهودي: انزل معي وانظر إليهما ولا تذكر اسم الله تعالى، قال مجاهد: فنزل اليهودي ونزلت معه ولم نزل نمشي حتى نظرت إليهما وهما كالجبلين العظيمين منكوسين على رؤوسهما والحديد في أعناقهما إلى ركبتيهما. فلما رآهما مجاهد لم يملك نفسه أن ذكر اسم الله تعالى. قال: فاضطربا اضطراباً شديداً حتى كادا يقطعان ما عليهما من الحديد، فهرب مجاهد واليهودي حتى خرجا، فقال اليهودي لمجاهد: أما قلت لك لا تفعل، كدنا والله نهلك.
قال المفسرون: إن رجلاً أراد أن يتعلم السحر فأتى أرض بابل ودخل عليهما فقال: لا إله إلا الله، فاضطربا اضطراباً شديداً وقالا له: ممن أنت؟ قال: من بني آدم، قالا: من أي الأمم؟ قال: أمة محمد. قالا: أو بعث محمد؟ قال: نعم. فاستبشرا بذلك
وفرحا؛ فقال الرجل: لم تفرحان؟ قالا: قد قرب فرجنا فإن محمداً نبي الساعة وقد قربت. قال لهما: أريد أن أتعلم السحر، قالا له: اتق الله ولا تكفر. قال: لا بد من ذلك. فعاوداه ثلاثاً فلم يرجع فقالا له: امض إلى ذلك النور فبل فيه. قال ففعل، فخرج منه نور حتى صعد إلى السماء ونزل دخان أسود فدخل في فيه فقالا له: فعلت؟ قال: نعم، قالا: فما رأيت؟ فأخبرهما فقال أحدهما: النور الذي خرج منك هو نور الإيمان، وقال الآخر: الدخان الذي دخل فيك هو ظلمة الكفر، اذهب فقد علمت.
وحكي أن امرأة جاءت إلى عائشة رضي الله عنها باكية تطلب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجده، فقالت لها عائشة: مم تبكين، وما الذي تريدين منه؟ فقالت: أريد أن أسأله عن شيء في السحر. فقالت: وما هو؟ قالت: إن زوجي سافر وغاب عني مدة طويلة فجاءت امرأة إلي وقالت: أتريدين مجيئه؟ قلت: نعم، قالت: فاعملي بما أقول لك، قالت: نعم. فغابت وأتتني بكبشين عند العشاء أسودين، فركبت واحداً وأركبتني الآخر. فلم نلبث إلا قليلاً حتى دخلنا على هاروت وماروت فقالت لهما: إن هذه المرأة تريد أن تتعلم السحر. فقالا لها: اتقي الله ولا تكفري وارجعي. فأبيت وقلت. لا بد من ذلك، فأعادا علي ثلاثاً، فأبيت وقلت: لا بد من ذلك. فقالا: اذهبي فبولي في ذلك التنور قالت: فذهبت ووقفت على التنور
فأدركني خوف الله تعالى فلم أفعل ورجعت إليهما، فقالا: فعلت؟ قلت نعم. قالا: فما الذي رأيت؟ قلت: لم أر شيئاً. قالا: لم تفعلي شيئاً، اذهبي فبولي في التنور. فذهبت. فقالا: ما رأيت؟ قلت: لم أر شيئاً. قالا: اذهبي فافعلي. قالت: فذهبت وأنا أرتعد ففعلت فخرج مني فارس مقنع بحديد فصعد إلى السماء. فرجعت إليهما وأخبرتهما. قالا: فذلك الإيمان خرج من قلبك، اذهبي فقد تعلمت. فخرجت أنا والمرأة وقلت لها: والله ما قالا لي شيئاً. قالت: بلى تعلمت، خذي هذه الحنطة فابذريها فبذرتها فنبتت. قالت: افركي، ففركت. قالت: اطحني، فطحنت. قالت: اخبزي، فخبزت. ووالله لم أفعل بعد ذلك شيئاً أبداً.
بئر بدر: وهي بين مكة والمدينة في الموضع الذي كانت فيه وقعة بدر بين النبي صلى الله عليه وسلم وكفار قريش ورمى منهم جماعة في القليب وهو هذا البئر.
حكي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أنه رأى في اجتيازه هناك شخصاً مشوهاً خرج من البئر هارباً، وخرج في أثره آخر ومعه سوط يلتهب ناراً، فصاح به وضربه ورده إلى البئر، وأنا أنظر إليهما.
بئر برهوت: وهي بقرب حضرموت. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن فيها أرواح الكفار والمنافقين. وهي بئر عادية في فلاة مقفرة وواد مظلم. وعن علي رضي الله عنه قال: أبغض البقاع إلى الله برهوت، فيه بئر ماؤها أسود منتن تأوي إليه أرواح الكفار.
حكى الأصمعي عن رجل من أهل الخير: أن رجلاً من عظماء الكفار هلك، فلما كان في تلك الليلة مررت بوادي برهوت فشممنا ريحاً لا يوصف نتنه على خلاف العادة، فعلمنا أن روح ذلك الكافر الهالك قد نقلت إلى البئر.
وروى بعضهم قال: بت بوادي برهوت فكنت أسمع طول الليل قائلاً ينادي: يا دومة يا دومة، إلى الصباح. فذكرت ذلك لرجل من أهل العلم فقال: دومة هو اسم الملك الموكل بتلك البئر لتعذيب أرواح الكفار.
بئر قضاعة: وهي بالمدينة الشريفة. روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بئر قضاعة فتوضأ من الدلو ورد ما بقي إلى البئر وبصق فيها وشرب من مائها، وكان ملحاً فعاد عذباً طيباً. وكان إذا أصاب الإنسان مرض في أيامه صلى الله عليه وسلم يقول اغسلوه من بئر قضاعة فإذا غسل فكأنما نشط من عقال. وقالت أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما: كنا نغسل المريض من بئر قضاعة ثلاثة أيام فيعافى.
بئر ذروان: بالمدينة المشرفة. روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض، فبينما هو بين النائم واليقظان إذ نزل ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رأسه: ما وجعه؟ قال الذي عند رجليه: طب. قال: ومن طبه؟ قال لبيد بن الأعصم اليهودي. قال فأين طبه؟ قال: كرية تحت صخرة في بئر دروان. فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حفظ كلامهما فوجه علياً وعماراً مع جماعة من الصحابة فأتوا البئر فنزحوا ما بها من الماء وانتهوا إلى الصخرة فقلبوها فوجدوا الكرية تحتها، وفيها وتر فيه إحدى عشرة عقدة، فأخرجوها وحلوا العقد فزال وجع النبي صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله عليه المعوذتين إحدى عشرة آية، فحل بقراءتها العقد المعقودة في الوتر.
بئر زمزم: لما ترك إبراهيم الخليل عليه السلام إسماعيل وهاجر بموضع الكعبة وانصرف، والقصة مشهورة، قالت له هاجر: يا إبراهيم الله أمرك أن تتركنا في هذه البرية الحارة وتنصرف عنا؟ قال: نعم. قالت: حسبنا الله إذاً فلا نضيع. فأقامت عند ولدها حتى نفد ماء الركوة. فبقي إسماعيل يتلظى من العطش. فتركته وارتقت الصفا تلتمس غوثاً أو ماء فلم تر شيئاً، فبكت ودعت هناك واستسقت ثم نزلت حتى أتت المروة وتشوفت ودعت مثل ما دعت بالصفا، ثم سمعت أصوات السباع فخافت على ولدها فسعت إليه بسرعة فوجدته يفحص برجليه الأرض وقد انفجر من تحت عقبه الماء، فلما رأت هاجر الماء حوطت عليه بالتراب من خوفها أن يسيل. فلو لم تفعل ذلك لكان الماء جارياً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحم الله أم إسماعيل، لو تركت زمزم لكانت عيناً جارية. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماء زمزم لما شرب له. ولكم أبرأ الله به من مرض عجزت عنه حذاق الأطباء.
قال محمد بن أحمد الهمداني: كان ذرع زمزم من أعلاه إلى أسفله أربعين ذراعاً، وفي قعرها عيون غير واحدة، عين حذاء الركن الأسود، وعين حذاء أبي قبيس والصفا، وعين حذاء المروة. ثم قل ماؤها في سنة أربع وعشرين ومائتين فحفر فيها محمد بن الضحاك تسعة أذرع فزاد ماؤها، وأول من فرش أرضها بالرخام المنصور ثاني الخلفاء العباسيين.