الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيه خمسة فصول
الأوّل في فضل الزيارة وتأكدها وشدّ الرحال إليها وصحة نذرها وحكم
الاستئجار عليها
روى الدارقطني في السنن وغيرها والبيهقيّ وغيرهما من طريق موسى بن هلال العبدي عن عبيد الله العمريّ مصغرا عن نافع عن أبن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زار قبري وجبت له شفاعتي
واختلف علي بن سمرة فرواه مرة من طريق عبيد الله العمريّ مصغرا كغيره ومرة مكبرا ومرّ من ذلك الحافظ يحيى بن عليّ القرشي وصوّب التصغير وفي تاريخ أبن عساكر المحفوظ عن أبن سمرة عبيد الله وفي كامل أبن عدي عبد الله أصح وفيه نظر وأن صح حمل كما قال السبكيّ على إنه عند موسى بن هلال عنهما جميعا مع إنّ المكبر روى له مسلم مقرونا بغيره وقال أبو حاتم رأيت أحمد يحسن الثناء عليه وقال يحيى بن معين ليس به بأس يكتب حديثه وقال إنه في نافع صالح وموسى بن هلال قال أبن عدي أرجو إنه لا بأس به وقد روى عنه ستة منهم الإمام أحمد ولم يكن يروي إلا عن ثقة فلا يضره قول أبي حاتم إنه مجهول وقول العقيلي لا يتابع عليه وسيأتي في الحديث الثالث متابعة مسلمة الجهني له ولذلك ذكر هذا الحديث عبد الحق في الأحكام الوسطى والصغرى وسكت عليه مع قوله في الصغرى إنه تخيرها صحيحة
الإسناد معروفة عند النقاد قد ثقلها الإثبات وتداولها الثقات وذكر نحوه في الوسطى وسبقه إبن السكن إلى تصحيح الحديث الثالث وهو متضمن لمعنى هذا ومعنى وجبت إنها ثابتة لا بدّ منها بالوعد الصدق وقوله له أي يخص بشفاعة ليست لغيره أو يفرد بشفاعة مما تحصل لغيره تشريفا له أو أن دخوله في الشفاعة لا بدّ منه فهو بشرى بموته مسلما فلا يضمن فيه شرط الوفاة على الإسلام بخلافه على الأوّلين وقوله شفاعتي أي إنه يشفع فيه هو بنفسه والشفاعة تعظم بعظم الشافع وللبزار من طريق عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن أبن عمر رضي الله عنه مرفوعا من زار قبري حلت له شفاعتي وهذا هو الأوّل ولذا عزاه عبد الحق للدارقطني أيضا إلا أن في الأوّل وجبت وفي هذا حلت
والقصد تقوية الأوّل به فلا يضره ما قيل في عبد الله الغفاري وكذا ما قيل في عبد الرحمن بن زيد إذ ليس راجعا إلى تهمة كذب ولا فسق ومقله يحتمل في المتابعات وقد روى الترمذي وغيره لعيد الرحمن بن زيد وقال أبن عدي إنه ممن احتمله الناس وإنه ممن يكتب حديثه وصحح الحاكم حديثا من جهته في التوسل وللطبرانيّ في الكبير والأوسط والدارقطني في أماليه وأبي بكر بن المقري في معجمه من طريق مسلمة بن سالم الجهني حدثني عبيد الله بن عمر عن نافع عن سالم عن أبن عمر رضي الله عنه مرفوعا من جاءني زائرا لا نعمده حاجة إلا زيارتي كان حقا عليّ أن
أكون له شفيعا يوم القيامة وفي معجم أبن المقري بالسند المذكور عن نافع وسالم عن أبن عمر مرفوعا من جاءني زائرا كان له حقا على الله عز وجل أن أكون له شفيعا يوم القيامة وأورد الحافظ أبن السكن هذا الحديث في باب ثواب من زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم من كتابه المسمى بالسنن الصحاح المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو محذوف الأسانيد ومقتضى ما شرطه في خطبته أن يكون مما أجمع على صحته وكأنه فهم من الحديث الزيارة بعد الموت أو أن ما بعد الموت داخل في العموم وهو صحيح
وللدارقطني والطبراني وغيرهما بسند فيه حفص بن أبي داود القاري عن ليث عن مجاهد عن أبن عمر مرفوعا من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي وحفص هذا وثقه أحمد في أرجح الروايتين عنه وضعفه جماعة وهو لم ينفرد بهذا الحديث فقد رواه الطبراني في الكبير والأوسط
من طريق عائشة بنت يونس امرأة لليث عن الليث عن مجاهد عن أبن عمر رضي الله عنه مرفوعا من زار قبري الحديث ورواه بعض الحفاظ المعاصرين لأبن منده من طريق حفص بلفظ من حج
فزارني في مسجدي بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي وأبن الجوزي في مثير العزم الساكن بلفظ من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي وصحبني قال أبو اليمن بن عساكر تفرد بقوله وصحبني الحسن بن الطيب وفيه نظر وهي زياده منكرة قال السبكيّ لم ينفرد بها أبن الطيب فقد رواه كذلك أبن عديّ في كامله من طريق الحسن بن سفيان بدل أبن الطيب قلت وذلك لا يقتضي التشبيه بمن صحبه من كل وجه حتى يعارض لو أنفق أحدكم مثل أحد الحديث كما زعمه
بعضهم ولأبن عدي في الكامل والدارقطنيّ في غرائب مالك من طريق النعمان بن شبل عن مالك عن نافع عن أبن عمر رضي الله عنه مرفوعا من
حجج البيت ولم يزرني فقد جفاني قال ابن عدي لا أعلم من رواه عن مالك غير النعمان ولم أر في أحاديثه حديثا غريبا قد جاوزا الحدّ فإذا كره ونقل في صدر ترجمته عن عمران أن بن موسى أنه ثقة وعن موسى بن هارون أنه مهتم والنهمة غير مفسرة فالحكم للتوثيق وقول الدارقطني تفرد به هذا الشيخ وهو منكر الظاهر أنه لعدم احتمال تفرد بهذا الإسناد لا بالنسبة إلى المتن فذكره في الموضوعات سرف
وللدارقطني في العلل عن نافع بن عمر رضي الله عنه مرفوعا زارني إلى المدينة كنت له شفيعا أو شهيدا وقيل أخطأ بعض رواته إذ المعروف من حديث ابن عمر من استطاع منكم أن يموت بالمدينة وفيه نظر
ولأبي داود الطيالسي حدثنا سوار ابن ميمون العبدي حدثني رجل من آل عمر عن عمر رضي الله عنه مرفوعا من زار قبري أو قال من زارني كنت له شفيعا أو شهيدا ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله تعالى من الآمنين يوم القيامة قال السبكي سوار روى عنه شعبة فدل على ثقته عنده فلم يبق إلا الرجل المبهم والأمر فيه قريب سيما وهو من
طبقة التابعين ولأبي جعفر العقيلي من رواية سوار المتقدم عن رجل من آل الخطاب مرفوعا من زارني متعمدا كان في جواري يوم القيامة ومن مات الحديث وفي رواية له عن هارون بن فزعة عن رجل من آل الخطاب نحوه وزاد عقب في جواري يوم القيامة ومن سكن المدينة وصبر على بلائها كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة وهارون بن قزعة ذكره ابن حبان في
الثقات فبم يبق إلا الرجل المبهم وإرساله وسيأتي عن هارون بن قزعة مسند بلفظ آخر وللدارقطني وغيره من طريقه عن رجل من آل حاطب عن حاطب مرفوعا من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة ولأبي الفتح في الثاني من فوائده بإسناد عن علقمة عن عبد الله مرفوعا من حج حجة الإسلام وزار قبري وغزا غزوة وصلى في بيت المقدس لم يسأله الله عز وجل فيما أفترض عليه
ولأبي الفتوح سعيد بن محمد في جزئه رواية ابن الأغاطي من طريق عبد الله العمري سمعت سعيد المقبري سمعت أبا هريرة رضي الله عنه مرفوعا من زارني بعد موتي فكأنما زارني وأنا حي كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة ولبن أبي الدنيا والبهيقي عن سليمان بن يزيد الكعبي عن أنس بن مالك مرفوعا من زارني بالمدينة كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة وفي رواية بأول ولفظ البهيقي من مات في أحد الحرمين بعث من الآمنين يوم
القيامة ومن زارني محتسب إلى المدينة كان في جواري يوم القيامة وسليمان ذكره ابن حبان في الثقات وقال أبو حاتم منكر الحديث ليس بقوي ولا يلزم من كونه يروى عن التابعين عدم إدراكه أنساب لبني النجار من طريق سمعان بن المهدي عن أنس مرفوعا من زارني ميتا فكأنما زارني حيا ومن زار قبري وجبت له شفاعتي يوم القيامة وما من أحد من أمتي له سعة ثم لم يزرني فليس له عذر وقال الذهبي
سمعان بن مهدي عن أنس لا يكاد يعرف الصمت به نسخة مكذوبة وقال الحافظ ابن حجرا أكثر متونها موضوعة ولأبي جعفر العقيلي من طريق فضالة بن سعيد عن محمد بن يحيي المازني ولم يذكر فيها العقيلي سوى التفرد والنكارة عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا من زارني في مماتي كان كمن زارني في حياتي ومن زارني حتى ينتهي إلى قبري كنت له يوم القيامة شهيدا أو قال شفيعا ولبعض الحفاظ في زمن ابن مندة هو في مسند الفردوس عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا من حج إلى مكة ثم قصدني في مسجدي كتبت له حجتان مبرورتان
وليحيي بن الحسين من طريق النعمان بن شبل وسبق الكلام فيه في الحديث الخامس قال حدثنا محمد بن الفضل مديني سنة ست وسبعين عن جابر عن محمد بن علي رضي الله عنه مرفوعا من زار قبري بعد موتي فكأنما زارني في حياتي ومن لم يزرني فقد جفاني
وقوله مديني يقتضي أنه غير محمد بن الفضل بن عطية الذي كذبوه لأن ذاك كوفي نزل بخارى وجابر يحتمل أنه الجعفي وغيره محمد بن علي أن كان ابن الحنفيه فقد أدرك أباه عليا وإن كان الباقر فهو منقطع ورواه ابن عساكر من غير هذه الطريق من غير تصريح بالرفع ولفظه عن علي رضي الله عنه قال من سأل لرسول الله صلى الله عليه وسلم الدرجة والوسيلة حلت له
شفاعتي يوم القيامة ومن زار قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه عبد الملك بن هارون بن
عنترة فيه كلام كثير ولطاهر بن يحيي في روايته لكتاب أبيه يحيي المتقدم ذكره عقب حديث على المتقدم ما لفظه حدّثني أبي قال حدثنا أبو يحيي محمد بن الفضل بن نباتة النميري قال حدثنا الحاني قال حدثنا الثوري عن عبد الله ابن السائب عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله وليحيي أيضا من طريق عبد الله بن وهب وهو ثقة عن رجل عن بكر بن عبد الله مرفوعا من أتى المدينة زائرا إليّ وجبت له شفاعتي يوم القيامة ومن مات في أحد الحرمين بعث آمنا وفيه الرجل المبهم وبكر بن عبد الله
أن كان الأنصاري فهو صحابي وإن كان المزني فهو تابعي جليل فيكون مرسلا ولأبي داود بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا ما من أحد يسلم عليّ إلا ردّ الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام صدر به البيهقيّ باب الزيارة وأعتمد على ذلك جماعة منهم الإمام أحمد رحمه الله تعالى لتضمنه فضيلة رده صلى الله عليه وسلم وهي عظيمة
وذكر ابن قدامة هذا الحديث من رواية أحمد بلفظ ما من أحد يسلم علي عند قبري فإن ثبت وإلا فالمسلم عند القبر أمتاز بالمواجهة بالخطاب المستدعي للردّ ولذا قال الإمام الجليل أبو عبد الرحمن عبد الله المقبري أحد أكابر شيوخ البخاري هذا الحديث في الزيارة إذا زارني فسلم عليّ ردّ الله علي روحي حتى أردّ عليه
ويؤيده أن أصل السلام عرفا ما يواجه به المسلم عليه من قرب ويكنى به عن الزيارة وهو سلام التحية المستدعي للردّ على المسلم أو برسوله بخلاف السلام الذي يقصد به الدعاء منا بالتسليم عليه من الله تعالى سواء كان بلفظ الغيبة أو لحضور وهو الذي قيل باختصاصه به عن الأمة كالصلاة فلا يقال فلان عليه السلام وهذا الحديث استدل به البيهقي لحياة الأنبياء قال والمعنى إلا وقد ردّ عليه وقيل هو خطاب على مقدار فهم المخاطبين أنه لابد من ردّ الروح ليسمع فكأنه قال أسمعه تمام السماع وأجيبه تمام الإجابة مع دلالته على الردّ عند السلام أول مسلم ولم يرد قبضها بعد ولا قائل به لتوالي موتات لا تحصر أوان الردّ معنوي من الاستغراق في الشهود فهو التفات روحاني إلى دوائر البشرية من الاستغراق في الحضرة وأما حديث النسائي وغيره أن لله ملائكة سياحيين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام وأحاديث عرض الملك لصلاة الأمة وسلامها عليه صلى الله عليه وسلم فذاك في حق الغائب وأما الحاضر ففيه حديثا الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا من صلى عند قبري سمعته ومن صلى عليّ نائيا بلغته رواه جماعة من طريق أبي عبد الرحمن قال
البيهقي وهو محمد بن مروان السدي فيما أرى وفيه نظر والثاني وهو أضعف من الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا من صلى عليّ عند قبري وكل الله تعالى بها ملكا يبلغني وكفى أمر آخرته وكنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة وفي رواية ما من عبد يسلم عليّ عند قبري إلا وكل الله بها ملكا يبلغني وكفى أمر آخرته ودنياه وكنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة وذكر في الأحياء حديث أن الله وكل بقبره صلى الله عليه وسلم ملكا يبلغه سلام من سلم عليه من أمته قال هذا في حق من لم يحضر قبره فكيف بمن فارق الوطن وقطع البوادي شوقا إليه وقد صح عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا من أحد يمرّ بقبر أخيه المؤمن وفي رواية بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا يسلم عليه إلا عرفه وردّ عليه السلام
ولبن أبي الدنيا إذا مر الرجل بقبر يعرفه فسلم عليه ردّ عليه السلام وعرفه وإذا مر بقبر لا يعرفه فسلم عليه ردّ عليه السلام وسيأتي قول ابن حبيب فإنه صلى الله عليه وسلم يعلم وقوفك وقد ذكر ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم كما نقله ابن عبد الهادي أنّ الشهداء بل كل المؤمنين إذا زارهم المسلم وسلم عليهم عرفوا به وردّ عليه السلام فإذا كان هذا في حق آحاد المسلمين فكيف زارهم المسلم وسلم عليهم عرفوا به وردّ عليه السلام فإذا كان هذا في حق آحاد المسلمين فكيف بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فهو صلى الله عليه وسلم كما سيأتي يسمع من يسلم عليه عند قبره ويردّ عليه عالما بحضوره عند قبره بهذا فضلا حقيقا بأن ينفق فيه ملك الدنيا حتى يتوصل إليه في توثيق عرى الإيمان للبارزي عن سليمان بن سحيم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فقلت يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك فيسلمون
عليك أتفقه سلامهم قال نعم وأردّ عليهم
ولأبن النجار عن إبراهيم بن بشار حججت في بعض السنين فجئت المدينة فتقدمت إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فسمعت من داخل الحجرة وعليك السلام ونقل مثله عن جماعة من الأولياء والصالحين ولا شك في حياته صلى الله عليه وسلم بعد الموت وكذا سائر الأنبياء عليهم السلام حياة أكمل من حياة الشهداء التي أخبر الله بها في كتابه العزيز وهو صلى الله عليه وسلم سيد الشهداء وأعمال الشهداء في ميزانه وقد قال صلى الله عليه وسلم كما رواه الحافظ المنذري علي بعد وفاتي كعلي في حياتي ولأبن عدي فى كامله وأبي بعلي برجال ثقات عن أنس رضي الله عنه مرفوعا الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون وصححه البيهقي وحديث ابن أبي ليلى وهو سيئ الحفظ عن أنس مرفوعا أن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة ولكن يصلون بين يدي الله حتى ينفخ في الصور وقال البيهقي أن صح فالمراد والله أعلم لا يتركون لا يصلون إلا هذا المقدار ثم يكونون مصلين فيما بين يدي الله وقال
ولحياة الأنبياء بعد موتهم عليهم الصلاة والسلام شواهد من الأحاديث الصحيحة وذكر حديث مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره وغيره من أحاديث لقاء النبي صلى الله عليه وسلم لهم وحديث أوس بن أوس مرفوعا أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه ألصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي قالوا وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت يقولون بليت فقال أن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام أخرجه ابن حيان في صحيحه والحاكم وصححه وذكر البيهقي له شواهد ولبن ماجة بإسناد جيد عن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا أكثروا
الصلاة عليّ يوم الجمعة فإنه شهود تشهد الملائكة وأن أحدا لن يصلي عليّ إلا عرضت علي صلاته حين يفرغ منها قال قلت وبعد الموت قال وبعد الموت أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام فنبي الله حي يرزق هذا لفظ ماجة ولبين عساكر من طرق عن عمار بن ياسر مرفوعا أن الله أعطاني ملكا من الملائكة يقوم على قبري إذا نامت فلا يصلي عليّ أحد صلاة إلا وقال يا أحمد فلان بن فلان يصلي عليك يسميه باسمه وأسم أبيه فيصلي الله عليه مكانها عشرا وفي رواية أن الله أعطى ملكا أسماء الخلائق وفي رواية أسماع الخلائق فهو قائم على قبري إلى يوم القيامة الحديث وللبزاز برجال الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا أن لله تعالى
ملائكة سباحين يبلغوني عن أمتي قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت الله لكم وقال الأستاذ أبو منصور البغدادي قال المتكلمون المحققون من أصحابنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم حي بعد وفاته وأنه يسرّ بطاعات أمته وأن الأنبياء لا يبلون مع أنا نعتقد ثبوت الإدراكات كالعلم والسماع لسائر الموتى ونقطع بعود حياة لكل ميت في قبره ونعيم القبر وعذابه ثابت وهو من الأعراض المشروطة بالحياة لكنه لا يتوقف على البنية وأما أدلة الحياة في الأنبياء فمقتضاها أنها مع البنية مع قوة النفوذ في العالم والاستغناء عن العوائد الدنيوية
وعن صاحب الدار المنظم أنه صلى الله عليه وسلم لما مات ترك في أمته رحمة لهم فإنه سأل الله عز وجل لأن يكون بين أمته إلى يوم القيامة وحديث أنا أكرم على ربي من أن يتركني في قبري بعد ثلاث لا أصل له وعن المنهال بن عمر وكنت أنا وسعيد بن المسيب إلى جنب حجرة أم سلمة فجعل الناس يدخلون بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سعيد أترى هؤلاء ما أحمقهم إنهم يرون أنه في بيته قلت أجل أنه لا يبقى نبي من أولي العزم فوق أربعين ليلة حتى يرفع وأن نبي الله صلى الله عليه وسلم لم يبق في الأرض فوق أربعين ليلة حتى رفع وأنه ليس من يوم إلا وتعرض عليه أمته طرفي النهار فيعرفهم بأسماعهم ونسبهم وبذلك يشهد عليهم وروى عبد الرزاق بلفظ أن سعيد بن المسيب رأى قوما يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما مكث نبي في الأرض أكثر من أربعين يوما ثم عقبه
بحديث مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره إشارة لردّ ذاك ويشير غليه أيضا حديث أن الله حرمّ على الأرض أجساد الأنبياء عليهم السلام في جواب قولهم وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت
يقولون بليت وابن المسيب لم ينكر التسليم إلا أنه وأن صح ما قال فالقبر الشريف له به صلى الله عليه وسلم علاقة والتفات روحاني وله نسبة إليه مع أنا قطعنا بوضعه صلى الله عليه وسلم به فنستصحبه حتى يقوم قاطع على خلافه وسبق في الفصل التاسع ما أخبر به سعيد بن المسيب من سماعه الأذان والإقامة من القبر أيام الحرة وقال عثمان رضي الله عنه أيام حصاره لن أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها وروى ابن عسكر بسند جيد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قصة نزول بلال بن رباح بداريا بعد فتح عمر رضي الله عنه البيت المقدس قال ثم أن بلالا رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني فانتبه حزينا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي عنده ويمرخ وجهه عليه فأقبل الحسن والحسين فجعل بضمهما ويقبلهما
فقالا نشتهي نسمع إذ أنك الذي كنت تؤذن به لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فعلا سطح المسجد ووقف موقفه الذي كان يقف فيه فلما قال اله أكبر ارتجت المدينة فلما قال أشهد أن لا إله إلا الله ازدادت رجتها فلما قال أشهد أن محمد رسول الله خرجت العواتق من خدورهن وقالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رؤى يوما أكثر باكيا ولا باكية بالمدينة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم
وسلم إلا مرة في قدمه للزيارة طلب غليه الصحابة ذلك فأذن ولم يتم الأذان وقيل أذن لأبي بكر في خلافته وليس الاعتماد في السفر للزيارة على مجرّد منامه بل على فعله لذلك والصحابة متوفون ولم تخف عليهم القصة والمنام مؤكد لذلك وقد استفاض عمر بن عبد العزيز أنه كان يبرد البريد من الشام يقول سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الإمام أبو بكر بن عمر بن أبي عاصم النبيل من المتقدمين في مناسك له التزم فيها الثبوت وكان عمر بن عبد العزيز يبعث بالرسول قاصدا من الشام إلى المدينة ليقرئ النبيّ صلى الله عليه وسلم السلام ثم يرجع
في فتوح الشام أن عمر رضي الله عنه قال لكعب الأحبار بعد فتح بيت المقدس هل لك أن تسير معي إلى المدينة وتزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال نعم يا أمير المؤمنين. ولما قدم عمر المدينة أول ما بدأ بالمسجد وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح أن عمر كان إذا قدم من سفر أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر الصديق السلام عليك يا أبتاه
وفي الموطأ أن ابن عم رضي الله عنه ما كان يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر وعمر وعن ابن القاسم والقعنبي ويدعو لأبي بكر وعم رضي الله عنه وعن ابن عون سأل رجل نافعا هل كان ابن عمر يسلم على القبر قال نعم لقد رأيته مائة مرة أو أكثر من مائة مرة كان يأتي القبر فيقوم عنده فيقول السلام على النبي السلام على أبي بكر السلام على أبي وسيأتي ما رواه أبو حنيفة رحمه الله عن ابن عمر من قوله من الستة أن يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم من قبل القبلة الخبر الآتي وما رواه أحمد وغيره من وجود مروان لأبي أيوب الأنصاري واضعا وجهه على القبر
وفي الشفاء قال بعضهم رأيت انس بن مالك أتى إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فوقف فرفع يديه حتى ظننت أنه أفتتح الصلاة فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم أنصرف وللبزار خرج عمر إلى منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا معاذ بن جبل قائم يبكي عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما يبكيك يا معاذ الحديث وأخرج الحافظ أبو ذر الهروي في أواخر كتاب السنة له من طريق محمد بن يوسف بن الطباخ قال حدثنا مصعب قال الداوردي رأيت جعفر بن محمد أي الصادق بن الباقر جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أثنى فسلم على أبي بكر وعمر فرآني كأني تعجبت أو قال فسرني أي لا كذابة بذلك ما تزعمه الشيعة من بغضة للشيخين قال فقال لي والله إن هذا الذي أدين الله به وأنه ما يسرني أن أقول لمعاوية خزاه الله أو فعل الله به وأنّ لي الدنيا وأخرج الدارقطني في الفضائل عن عبد الله بن جعفر أن علي بن أبي طالب دخل المسجد فبكى حيث نظر إلى بيت فاطمة فأطال البكاء ثن أنصرف إلى قبر النبي صلى الله عليه
وسلم فبكى فأطال البكاء عنده ثم قال وعليكما السلام يا أخويّ ورحمة الله قد كنتما هاديين مهديين خرجتما من الدنيا خميصين يعني أبا بكر وعمر
وذكر ابن عبد البر والبلاذريّ وغيرهما أن زياد ابن أبيه أراد الحج فأتاه أبو بكرة وهو لا يكلمه فأخذ أبنه ليخاطبه ويسمع زيادا فقال أن أباك فعل وفعل وأنه يريد الحج وأمّ حبيبة هناك فإن أذنت له فأعظم بها مصيبة وخيانة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإن هي حجته فأعظم بها حجة عليه قال البلاذري فترك الحج تلك السنة وقيل غير ذلك فلولا أن إتيان المدينة والزيارة للحاج عندهم مما لا يترك ما قال أبو بكرة ذلك مع تمكن زيادة من الحج على غير طريق المدينة فإنه كان بالعراق ومكة أقرب إليه وفي الشفاء قال إسحاق بن إبراهيم الفقيه ومما لم يزل من شأن من حج المرور بالمدينة والقصد إلى الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والتبرك برؤية روضته ومثيره وقبره ومجلسه وملامس يديه ومواطئ قدميه والعمود الذي يستند إليه وينزل جبريل بالوحي فيه عليه ومن عمده وقصده من الصحابة وأئمة المسلمين والاعتبار بذلك كله
وتقدم في الفصل الثامن اختلاف السلف أن في الأفضل للحاج البداءة بالمدينة أو بمكة وأن ممن أختار البداءة بالمدينة علقمة والأسود وعمرو بن ميمون من التابعين ولعل سببه إيثار الزيارة أوّلا وفي فتاوى أبي الليث السمرقندي روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة إنه قال الأحسن للحاج أن يبدأ بمكة فإذا قضى نسكه مرّ بالمدينة وإن بدأ بها جاز فيأتي قريبا من قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقوم بين القبر والقبلة وقال عياض زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة بين المسلمين مجمع عليها وفضيلة مرغب فيها وأوضح السبكي أمر الإجماع على الزيارة قولا وفعلا وسرد كلام الأئمة في ذلك فليراجع وبين إنها قربة بالسنة
وقد سبق من السنة الخاصة بها ما فيه مقنع وجاء في السنة الصحيحة المتفق عليها الأمر بزيارة القبور وقبره صلى الله عليه وسلم سيد القبور فهو داخل في ذلك وبالقياس على ما ثبت من زيارته بأهل البقيع والشهداء فقبره أولى لما له من الحق ووجوب التعظيم ولتنالنا الرحمة بصلاتنا وسلامنا عليه عند قبره بحضرة الملائكة الحافين به وفيه التبرك بذلك وتأدية الحق وتذكر الآخرة كما في زيارة غيره وبالإجماع لما سبق ولإجماع العلماء على زيارة القبور للرجال كما حكاه النووي بل قال بعض الظاهرية بوجوبها واختلفوا في النساء وأمتاز القبر الشريف النبوي بالأدلة الخاصة به فيستثنى من محل الخلاف بالنسبة إلى النساء كما أشار إليه السبكي والريمي وغيرهما وهو مقتضى إطلاق الأئمة وبالكتاب لقوله تعالى ولو إنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك الآية لحثه على المجيء إليه والاستغفار عنده واستغفاره للجاءين وهذه رتبة لا تنقطع بموته
وقد استغفر لكل من المؤمنين والمؤمنات لأمر الله له به في كتابه فإذا وجد المجيء واستغفار الجائي تكملت الأمور الموجبة لتوبة الله ورحمته وقوله واستغفر لهم معطوف على جاءوك فلا يقتضي كون استغفاره بعد استغفارهم مع أنا لا نسلم أنهم لا يستغفر لهم بعد الموت لما سبق
من حياته واستغفاره لأمته عند عرض أعمالهم فهو متوقع كما في الحياة ويعمل في كمال رحمته أنه لا يترك ذلك لمن جاءهم وسيأتي في الفصل بعده عن مالك في مناظرته المنصور ما يشهد لذلك وكذا عن غيره وقد فهم العلماء من الآية العموم واستحبوا لمن أتى القبر أن يتلوها ويستغفر الله تعالى وأوردوا حكاية العتبي الآتية في كتبهم مستحسنين
لها وذكرها أبن عساكر في تاريخه وأبن الجوزي في مثير العزم وأبن النجار بأسانيدهم إلى محمد بن حرب الهلالي قال أتيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فزرته وجلست بحذاءه فجاء إعرابي وذكر نحو ما سيأتي بل روى أبو سعيد السمعاني عن عليّ رضي الله عنه قال قدم علينا إعرابي بعد ما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبره وحنا من ترابه على رأسه وقال يا رسول الله قلت فسمعنا قولك ووعيت عن الله سبحانه وما
وعينا عنك وكان فيما أنزل عليك (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم) الآية وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي فنوديّ من القبر أنه قد غفر لك بل يستدل بالآية وكذا بما سبق أيضا على مشروعية السفر للزيارة وشدّ الرحال لشموله المجيء من قرب ومن بعد ولعموم قوله من
زار قبري
وفي الحديث الذي صححه ابن السكن من جاءني زائرا. وإذا ثبت أن الزيارة قربه فالسفر إليها كذلك وقد ثبت خروجه صلى الله عليه وسلم من المدينة لزيارة الشهداء وقد أطبق السلف والخلف وأجمعوا عليه
وحديث لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد معناه لا تشد الرحال إلى مسجد لفضيلته لما في رواية لأحمد وابن شبة بسند حسن عن أبي سعيد الخدري مرفوعا ينبغي للمطي أن تشد رحالها إلى مسجد ينبغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى
وللإجماع على شد الرحال لعرفة القضاء النسك وكذا الجهاد والهجرة من دار الكفر وللتجارة ومصالح الدنيا واختلفوا في شد الرحال لبقية المساجد غير الثلاثة فقيل يحرم وقيل لا وإنما بان صلى الله عليه وسلم أن القرية المقصودة فيها دون غيرها ونقل عياض لأن منع أعمال المطي في غير الثلاثة إنما هو للنادر على أن السفر بقصد الزيارة مسجد المدينة لمجاورته القبر الشريف وقصد الزائر
الحلول فيه لتعظيم من حلّ بتلك البقعة كما لو كان حيا وليس القصد تعظيم بقعة القبر لعينها بل من حل فيها وقوله من زار قبري أي زارني في قبري ويرشد لذلك حديث
خير ما ركبت إليه الرواحل مسجدي هذا والبيت العتيق مع حديث صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سوى
إلا المسجد الحرام فإني آخر الأنبياء ومسجدي آخر المساجد
فإن قيل روى عبد الرزاق أن الحسن بن الحسن رأى قوما عند القبر فنهاهم وقال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تتخذوا قبري عيدا ولا تتخذوا بيوتكم قبورا وصلوا عليّ حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني
ولنقاضي إسماعيل عن سهل بن أبي سهيل جئت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وحسن بن حسين يتعشى فقال هلمّ إلى العشاء فقلت لا أريد فقال
مالي رأيتك وقفت قلت وقفت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال إذا دخلت فسلم عليه وذكر الحديث ولأبي يعلي عن عليّ بن الحسين أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعوا فنهاه فقال ألا أحدثكم وأسند الحديث
قلنا في رواية للقاضي إسماعيل أن رجلا كان يأتي كل غداة فيزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي إليه ويصنع من ذلك ما أنتهزه عليه عليّ بن الحسين فقال ما يحملك على هذا فقال أحب التسليم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له عليّ أخبرني أبي وذكر الحديث فتبين أن ذلك الرجل زاد في الحد وهو موافق لما سيأتي عن مالك في
كراهة الإكثار من الوقوف بالقبر الشريف أو كراهة ذلك لمن لم يقدم من سفر أو أنه رآه يبالغ في الدنو من القبر بالدخول في تلك الفرجة فأراد أعلامه
أن السلام يبلغ من الغيبة ولأنه رآه يتكلف الإكثار من الحضور وعليه يحمل ما جاء عن الحسن بن الحسن لقوله إذا دخلت فسلم عليه وقد روى يحيي بن الحسن أن عليّ بن الحسين رضي الله عنه كان إذ جاء يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وقف عند الاسطوانة التي تلي الروضة الشريفة ثم يسلم ثم يقول ههنا رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المطري وهو موقف السلف قبل إدخال الحجرة في المسجد وسيأتي خبر آخر في بيان الموضع الذي كان يقف عنده عليّ بن الحسين من جهة الوجه الشريف
وقال يحيى حدّثنا هارون بن موسى الفروي قال سمعت جدي أبا علقمة يسأل كيف كان الناس يسلمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل البيت في المسجد فقال كان يقف الناس على باب البيت يسلمون عليه وكان الباب ليس عليه غلق حتى هلكت عائشة رضي الله عنه وقال الحافظ المنذري في حديث لا تجعلوا قبري عيدا يحتمل أن يكون حثا على كثرة الزيارة وإن لا يهمل حتى لا يزار إلا في بعض الأوقات كالعيد ويؤيده قوله لا تجعلوا بيوتكم قبورا أي لا تتركوا الصلاة فيها قال السبكي ويحتمل أن يكون المراد لا تتخذوا له وقتا مخصوصا لا تكون الزيارة إلا فيه أولا يتخذ كالعيد في العكوف عليه وإظهار الزينة والاجتماع وغيره مما يعمل في الأعياد بل لا يؤتى إلا للزيارة
والسلام والدعاء ثم ينصرف عنه وقال عبد الحق الصقلي عن أبي عمران إنما كره مالك رحمه الله تعالى أن يقال زرنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم لأن الزيارة من شاء فعلها ومن شاء تركها وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم واجبة قال عبد الحق يعني من السنن الواجبة وقيل حمى مالك إضافة الزيارة إلى القبر قطعا للذريعة وقيل لأن المضيّ
إليه ليس ليصله بذلك ولا لينفعه وإنما هو رغبة في الثواب فهو من باب أن كلمة أعلى من كلمة والمختار عندنا عدم الكراهة في إطلاق ذلك وقال الحنفيه زيارته صلى الله عليه وسلم من أفضل المندوبات والمستحبات بل تقرب من درجة الواجبات وقد سرد السبكي المنقول في ذلك من كتب المذاهب الأربعة فلا نطول به وقال القاضي أبن كج من أصحابنا إذا نذران يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم فعندي أنه يلزمه الوفاء وجها واحدا وإذا نذر أن يزور قبر غيره ففيه وجهان والقطع به هو الحق لأنه قربة مقصودة للأدلة الخاصة فيه وقد وجب من جنس ذلك الهجرة إليه في حياته صلى الله عليه وسلم كما قيل بوجوب جنس الاعتكاف لوجوب الوقوف بعرفة ووجه الخلاف في غيره تشبيهه بزيارة القادمين ونحوه مما لم يوضع قربه مقصودة وإن كان قربة من حيث ترغيب الشرع فيه لعموم فائدته فيكون الأصح لزومه أيضا وقال العبدي من المالكية في شرح الرسالة وأما النذر للمشي إلى المسجد الحرام والمشي إلى مكة فله أصل في الشرع وهو الحج والعمرة وإلى المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الكعبة ومن البيت المقدس وليس عنده حج ولا عمرة فإذا نذر المشي إلى هذه الثلاثة لزمه الوفاء فالكعبة متفق عليها وتختلف أصحابنا في المسجدين الآخرين قال السبكي وهذا الخلاف في نذر إتيان المسجدين لا في نذر الزيارة وفي تهذيب الطالب لعبد الحق قيل للشيخ أبي محمد بن أبي زيد فيمن أستأجر بمال ليحج وشرطوا عليه الزيارة فلم يستطع تلك السنة أن يزور قال يردّ من الآخرة بقدر مسافة الزيارة وقال غيره عليه أن يرجع ثانية حتى يزور وقال عبد الحق أن استؤجر لسنة بعينها سقط ما يخص الزيارة وأن استؤجر على حجة في ذمته يرجع ويزور وقد اتفق النقلان قال السبكي وهذا فرع حسن والذي ذكره أصحابنا أن الاستئجار على الزيارة لا يصح لأنه عمل غير مضبوط ولا مقدّر بشرع والجعالة أن وقعت على نفس الوقوف لم يصح أيضا لأن ذلك مما لا يصبح فيه النيابة عن الغير وأن وقعت على الدعاء عند القبر الشريف كانت صحيحة لأن الدعاء مما تصح النيابة فيه والجهل بالدعاء لا يبطلها قاله الماوردي وبقى قسم ثالث لم يذكره وهو إبلاغ السلام ولا شك في جواز الإجازة والجعالة عليه والظاهر أنه مراد المالكية قلت في التفقيه للريمي أن في الاستئجار للزيارة ثلاثة أوجه أصحها فيما قال أبن سراقة الجواز واختاره الأصبحي صاحب المفتاح والثاني المنع وبه قطع الماورديّ والثالث وبه قال الإمام الحليمي واختاره الأصبحي صاحب المعين انه يبنى على ما إذا حلف لا يكلم فلانا فكاتبه أو راسله والصحيح عدم الحنث فلا يصح الاستئجار وأن قلنا يحنث صح " قلت " البناء ضعيف إذ الملحظ في الإيمان العرف وأما الزيارة وإبلاغ السلام فقربة مقصودة كما أن المكاتبة يحصل بها التودد والصلة وأن لم يسم كلاما والحق صحة الاستئجار للسلام عليه صلى الله عليه وسلم وللدعاء عنده. ذلك ولا لينفعه وإنما هو رغبة في الثواب فهو من باب أن كلمة أعلى من كلمة والمختار عندنا عدم الكراهة في إطلاق ذلك
وقال الحنفيه زيارته صلى الله عليه وسلم من أفضل المندوبات والمستحبات بل تقرب من درجة الواجبات وقد سرد السبكي المنقول في ذلك من كتب المذاهب الأربعة فلا نطول به وقال القاضي أبن كج من أصحابنا إذا نذران يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم فعندي أنه يلزمه الوفاء وجها واحدا وإذا نذر أن يزور قبر غيره ففيه وجهان والقطع به هو الحق لأنه قربة مقصودة للأدلة الخاصة فيه وقد وجب من جنس ذلك الهجرة إليه في حياته صلى الله عليه وسلم كما قيل بوجوب جنس الاعتكاف لوجوب الوقوف بعرفة
ووجه الخلاف في غيره تشبيهه بزيارة القادمين ونحوه مما لم يوضع قربه مقصودة وإن كان قربة من حيث ترغيب الشرع فيه لعموم فائدته فيكون الأصح لزومه أيضا وقال العبدي من المالكية في شرح الرسالة وأما النذر للمشي إلى المسجد الحرام والمشي إلى مكة فله أصل في الشرع وهو الحج والعمرة وإلى المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الكعبة ومن البيت المقدس وليس عنده حج ولا عمرة فإذا نذر المشي إلى هذه الثلاثة لزمه الوفاء فالكعبة متفق عليها وتختلف أصحابنا في المسجدين الآخرين قال السبكي وهذا الخلاف في نذر إتيان المسجدين لا في نذر الزيارة وفي تهذيب الطالب لعبد الحق قيل للشيخ أبي محمد بن أبي زيد فيمن أستأجر بمال ليحج وشرطوا عليه الزيارة فلم يستطع تلك السنة أن يزور
قال يردّ من الآخرة بقدر مسافة الزيارة وقال غيره عليه أن يرجع ثانية حتى يزور وقال عبد الحق أن استؤجر لسنة بعينها سقط ما يخص الزيارة وأن استؤجر على حجة في ذمته يرجع ويزور وقد اتفق النقلان قال السبكي وهذا فرع حسن والذي ذكره أصحابنا أن الاستئجار على الزيارة لا يصح لأنه عمل غير مضبوط ولا مقدّر بشرع والجعالة أن وقعت على نفس الوقوف لم يصح أيضا لأن ذلك مما لا يصبح فيه النيابة عن الغير وأن وقعت على الدعاء عند القبر الشريف كانت صحيحة لأن الدعاء مما تصح النيابة فيه والجهل بالدعاء لا يبطلها قاله الماوردي وبقى قسم ثالث لم يذكره وهو إبلاغ السلام ولا شك في جواز الإجازة والجعالة عليه والظاهر أنه مراد المالكية قلت في التفقيه للريمي أن في الاستئجار للزيارة ثلاثة أوجه أصحها فيما قال أبن سراقة الجواز واختاره الأصبحي صاحب المفتاح والثاني المنع وبه قطع الماورديّ والثالث وبه قال الإمام الحليمي واختاره الأصبحي صاحب المعين انه يبنى على ما إذا حلف لا يكلم فلانا فكاتبه أو
راسله والصحيح عدم الحنث فلا يصح الاستئجار وأن قلنا يحنث صح " قلت " البناء ضعيف إذ الملحظ في الإيمان العرف وأما الزيارة وإبلاغ السلام فقربة مقصودة كما أن المكاتبة يحصل بها التودد والصلة وأن لم يسم كلاما والحق صحة الاستئجار للسلام عليه صلى الله عليه وسلم وللدعاء عنده.