المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل التاسع " في بدء شأنها وما يؤول عليه أمرها وما وقع من ذلك - خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى - جـ ١

[السمهودي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأوّل في فضلها ومتعلقاتها وفيه عشرة فصول

- ‌ الفصل الثاني في تفضيلها على البلاد

- ‌ الفصل الثالث " في الحث على الإقامة والصبر والموت بها واتخاذ الأصل

- ‌ الفصل الرابع " في الدعاء لها ولأهلها ونقل وباءها وعصمتها من الدجال

- ‌الفصل الخامس في ترابها وثمرها

- ‌ الفصل السادس " في تحريمها والألفاظ المتعلقة به

- ‌ الفصل السابع " في أحكام حرمها

- ‌ الفصل الثامن " في خصائصها

- ‌ الفصل التاسع " في بدء شأنها وما يؤول عليه أمرها وما وقع من ذلك

- ‌ الفصل العاشر " في ظهور نار الحجاز المنذر بها من أرضها وانطفائها عند

- ‌الباب الثاني في فضل الزيارة والمسجد النبوي ومتعلقاتهما

- ‌الأوّل في فضل الزيارة وتأكدها وشدّ الرحال إليها وصحة نذرها وحكم

- ‌ الفصل الثاني " في توسل الزائر به صلى الله عليه وسلم إلى ربه تعالى

- ‌الفصل الثالث في فضل المسجد النبوي وروضته ومنبره

- ‌الباب الثالث في أخبار سكناها إلى أن حل النبي صلى الله عليه وسلم بها

- ‌ الأول " في سكناها بعد الطوفان وسكن اليهود بها ثم الأنصار وبيان نسبهم

- ‌ الفصل الثاني " في منازل الأوس والخزرج وما دخل بينهم من الحروب

- ‌ الفصل الثالث " في إكرام الله تعالى لهم بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الفصل الرابع " في قدومه صلى الله عليه وسلم باطن المدينة وسكناه بدار

الفصل: ‌ الفصل التاسع " في بدء شأنها وما يؤول عليه أمرها وما وقع من ذلك

"‌

‌ الفصل التاسع " في بدء شأنها وما يؤول عليه أمرها وما وقع من ذلك

عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا أن مكة بلد عظمه الله تعالى وعظم حرمته خلق مكة وحفها بالملائكة قبل أن يخلق شيئاً من الأرض كلها بألف عام ووصلها بالمدينة ووصل المدينة ببيت المقدس ثم خلق الأرض كلها بعد ألف خلقا واحدا وهو حديث واه وعن عليّ رضي الله عنه كانت الأرض ماء فبعث الله ريحا مسحت الأرض مسحا فظهرت على الأرض زبدة فقسمها أربع قطع خلق من قطعة مكة والثانية المدينة والثالثة بيت المقدس والرابعة الكوفة وهو أثر رواه أيضا

ص: 271

وفي الكبير للطبراني مرفوعا أن الله عز وجل أطع إلى أهل المدينة وهي بطحاء قبل أن تعمر ليس فيها مدر ولا بشر فقال يا أهل يثرب أني مشترط عليكم ثلاثا وسائق إليكم من كل الثمرات لا تعصي ولا تعلى ولا تكبري فإن فعلت شيئا من ذلك كالجزور لا يمنع من أكله ولرزين وغيره مرفوعا لما تجلى الله الجبل طور سيناء تشظى ستة أشظاظ وفي رواية شظايا فنزلت بمكة ثلاثة حراء وثبير وثور وبالمدينة أحد وعير وورقان وفي رواية ورضوي بدل عير ورضوي ينبع من عمل المدينة وفي رواية عير وثور ورضوي وفيه حكمة أخرى لتحديد الحرم بها

ص: 272

وللطبراني وفي حديث الإسراء أول ما أسري به صلى الله عليه وسلم مرّ بأرض ذات نخل فقال له جبريل أنزل فنزل فصلى فقال صليت بيثرب وللنسائي فقال أتدري أين صليت صليت بطيبة وإليها المهاجرة

ص: 273

وللشافعي رحمه الله حديث أسكنت أقل الأرض مطرا وهي بين عيني السماء عين الشام وعين اليمن زاد ابن زبالة فاتخذوا الغنم على خمس ليال من المدينة وفي رواية له فأقلوا من الماشية وعليكم بالزرع وأكثروا فيه من الجماجم وللشافعي يوشك أهل المدينة أن تمطر مطر ألا يكن أهلها البيوت ولا تكنهم الأمظال الشعر

ص: 274

وفي رواية أن يصيبها مطر أربعين ليلة لا يكن أهلها بيت من مدر وفي أخبار المدينة للمرجاني عن جابر رضي الله عنه مرفوعا ليعودن هذا الأمر إلى المدينة كما بدا منها حتى لا يكون إيمانا إلا بها ولا حمد برجال ثقات أن يرجع الناس إلى المدينة حتى تصير مسالحهم بسلاح ولابن زبالة كيف بك يا عائشة إذا رجع الناس بالمدينة وكانت كالرمانة المحشوة قالت فمن أين يأكلون يا نبي الله قال يطعمهم الله فوقهم ومن تحت أرجلهم ومن جنات عدن وفي رواية له

ص: 275

وليوشكن ان يبلغ بنيانهم هيفا وله عقب ذكر شجرة ذي الحليفة مرفوعا لا تقوم الساعة حتى يبلغ البناء الشجرة وله أريتك شرف السيالة وشرف الروحاء فإنه منازل أهل الأردن إذا حيز الناس إلى المدينة ولمسلم تبلغ المساكن أهاب أو يهاب بكسر المثناة التحتية

ص: 276

ولأحمد في حديث أنه صلى الله عليه وسلم خرج حتى أتى بئر الأهاب يوشك البنيان أن يأتي هذا المكان وبئر أهاب كما سيأتي بالحرة الغربية وقد بلغتا المساكن قبل خراب المدينة ولأبي بعلي عن أبى ذر قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغ البناء فأرتحل إلى الشام فلما بلغ البناء سلعا قدمت الشام وللطبراني في الكبير سيبلغ البناء سلعا ثم يأتي على المدينة زمان يمر السفر على بعض أقطارها فيقول قد كانت هذه مرة عامرة من طول الزمان وعفو الأثر ولا حمد بإسناد حسن ليسيرن الراكب في جنب وادي المدينة فليقولن لقد كان في هذه مرة حاضرة من المؤمنين

ص: 277

وللنسائي آخر قرية قرى السلام خرابا المدينة وللترمذي نحوه وحسنه وكذا لابن حبان ولأبي داود عران بيت المقدس خراب يثرب وخراب يثرب خروج الملحمة فتح القسطنطينية وفتح القسطنطينية خروج الدجال وله الملحمة الكبرى وفتح القسطنطينية خروج الدجال في سبعة اشهر

ص: 278

وفي الصحيحين لتتركون المدينة على خير ما كانت مدللة ثمارها لا يغشاها إلا العوافي يريد عوافي الطيور والسباع وآخر من يحشر منها راعيان يريدان المدينة ينعقان بغنمها فيجدانها وحوشا

ص: 279

ولمسلم وحشا وزاد حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما وفي الموطأ لتتركن المدينة على أحسن ما كانت حتى يدخل الكلب والذئب فيعدى على بعض سواري المسجد أو المنبر أي يبول ولأحمد برجال ثقات المدينة يتركها أهلها وهي مرطبة قالوا فمن يأكلها قال السباع والعائف

ص: 280

وله برجال الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا فأقبل على المدينة وقال ويدل أنها قرية يدعها أهلها كأينع ما تكون وفي رواية ويل أتتك قرية يدعك أهلك وأنت خير ما تكونين ولأبن شبة عن أبي هريرة رضي الله عنه موقوفا ومرفوعا ليخرجن أهل المدينة من المدينة خير ما كانت

نصفها زهز ونصفها رطب قيل من يخرجهم منها يا أبا هريره قال أمراء السوء

ص: 281

وله ابن عمرو علي بن أبي هريره أي في تعبيره بخير ما كانت فقال له لم ترد عليّ فوالله لقد كنت أنا وأنت في بيت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم يخرج منها أهلها خير ما كانت فقال ابن عمر أجل ولكن لم يقله وإنما قال أعمر ما كانت ولو قال خير ما كانت لكان ذلك وهو حيّ وأصحابه فقال أبو هريرة رضي الله عنه صدقت والذي نفسي بيده ولأحمد برجال ثقات عن أبى ذر رضي الله عنه ما أنهم سيدعونها أحسن ما تكون الحديث الآتي في الفصل بعده وقد أختلف في هذا الترك للمدينة فقال عياض جرى في العصر الأول

ص: 282

وذكر الإخباريون في بعض الفتن التي جرت بها أرحا أكثر أهلها وبقيت ثمارها للعوافي ثم تراجع الناس إليها زاد البدر بن فرحون في النقل عن عياض وأن قوما رأوا ما أنذر به صلى الله عليه وسلم من تعدية الكلاب على سواري مسجدها وقال النووي المختاران هذا يكون آخر الزمان عند قيام الساعة يوضحه قوله في رواية لم يحشر راعيان وفي البخاري

ص: 283

أنهما آخر من يحشر قلت روى ابن شبة حديث ليخرجن أهل المدينة ثم ليعودن إليه ثم ليخرجن منها ثم لا يعودون وحديث يخرج أهل المدينة منها ثم يعودون إليه فيعمرونها حتى تمتلئ وتبنى ثم يخرجون منها فلا يعودون إليها أبدا فالترك الثاني لم يقع وهو مراد النووي ولذا روى ابن شبة عن أبي هريرة رضي الله عنه موقوفا آخر من يحشر رجلان رجل من جهينة وآخر من مزينة فيقولان أين الناس فيأتيان المدينة فلا يريان إلا الثعالب فينزل إليهما ملكان فيسحبانهما على وجوههما حتى يلحقانهما بالناس

ص: 284

وله آخر الناس محشر أرجلان من مزينة يفقدان الناس فيقول أحدهما لصاحبه فقد الناس مندحين وفيه ثم يقول أنطلق بنا إلى المدينة فينطلقان فلا يجدان بها أحد ثم يقول أنطلق إلى منزل قريش ببقيع الغرقد فينطلقان فلا يريان إلا السباع والثعالب فيتوجهان نحو البيت الحرام قلت فهذا مبين لأن ذلك عند قيام الساعة وكأنهما لما كانا آخر الناس موتا كانا آخرهم حشرا وفي رواية إنهما كانا ينزلان بجبل ورقان ويؤيد ما ذكره النووي أيضا ما رواه ابن شبة بسند صحيح أما والله لندعنها مذللة أربعين عاما للعوافي أتدرون ما العوافي الطير والسباع وله تقوم الساعة حتى يجيء الثعلب فيربض على منبر النبي صلى الله عليه وسلم لا ينهنهه أحد

ص: 285

وله ليجيئن الثعلب حتى يقبل في ظل المنبر ثم يروح لا ينهنهه أحد وله عن شريح بن عبيد أنه قرأ كتابا لكعب ليغشين أهل المدينة أمر يفزعهم حتى يتركوها وهي مذللة وحتى تبول السنانير على قطائف الخز ما يروعها شيء وحتى تخرق الثعالب في أسواقها ما يروعها شيء ولابن زبالة لا تقوم الساعة حتى تغلب على مسجدي هذا الكلاب والذئاب والضباع فيمر الرجل ببابه فيريد أن يصلي فيه فما يقدر عليه فهذا كله لم يقع اتفاقا وأما الترك الأول الذي ذكره عياض فلعله المشار إليه بقول أبي هريرة رضي الله عنه لما قيل له من يخرجهم منها قال أمراء السوء

ص: 286

ولأبن شبة عنه والذي نفسي بيده لتكونن بالمدينة ملحمة يقال لها الحالقة لا أقول حالقة الشعر ولكن حالقة الدين فأخرجوا من المدينة ولو على قدر بريد ولأبن أبي شيبة عنه اللهم لا تدركني سنة ستين ولا إمرة الصبيان

ص: 287

يشير إلى ولاية يزيد وكانت سنة ستين وإلى كائنة الحرة وهي السبب في ترك المدينة كما يشير إليه قول القرطبي تبعا العياض فلما انتهى حال المدينة كمالا وحسنا تناقض أمرها إلى أن أقفرت جهاتها وتوالت الفتن فيها فخاف أهلها فارتحلوا عنها ووجه يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة المري في جيش عظيم من أهل الشام فنزل بالمدينة فقاتل أهلها فهزمهم وقتلهم بحرة المدينة قتلا ذريعا واستباح المدينة ثلاثة أيام فسميت وقعة الحرة لذلك ويقال لها حرة زهرة وكانت

ص: 289

الوقعة بموضع يعرف بواقم على ميل من المسجد النبوي فقتل بقايا المهاجرين والأنصار وخيار التابعين وهم ألف وسبعمائة وقتل من أخلاط الناس عشرة آلاف سوى النساء والصبيان وقتل من حملة القرآن سبعمائة رجل قال وقال الإمام بن حزم في المرتبة الرابعة وجالت الخيول في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالت وراثت بين القبر والمنبر أدام الله تشريفهما وأكره الناس أن يبايعوا اليزيد على أنهم عبيد له إن شاء باع وإن شاء أعتق وذكر له يزيد بن عبد الله بن زمعة البيعة على

حكم القرآن والسنة فأمر بقتله فضرب عنقه وذكر الإخباريون أنها خلت من أهلها وبقيت ثمارها للعوافي وفي حال خلائها أعدت الكلاب أي بالبت على سواري المسجد اه كلام القرطبي وسبب أمر يزيد بذلك على ما ذكره ابن الجوزي أنه ولى عثمان بن محمد بن أبي سفيان المدينة فبعث إليه وفدا منها فلما رجعوا قالوا قدمنا من عند رجل ليس له دين يشرب الخمر ويعزف بالطنابير ويلعب بالكلاب وأنا نشهدكم أنا قد خلعنا مع إحسانه جائزتهم فخلعوه عند المنبر وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل على الأنصار وعبد الله بن مطيع على قريش وأخرجوا عامله عثمان وكان ابن حنظلة يقول ما خرجنا عليه حتى خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء وفي كتاب الواقدي أن ابن ميناء كان عاملا على صوافي المدينة وبها يومئذ صواف كثيرة حتى كان معاوية رضي الله عنه يجد بالمدينة وأعراضها مائة ألف وسق وخمسين ألف وسق يحصد مائة ألف وسق حنطة فأقبل ابن ميناء بشرج من الحرة يريد الأموال فلما انتهى إلى بلحارث منعوه فأعلم أمير المدينة عثمان بذلك فأرسل إلى ثلاثة من بلحارث فأجابوه فعد ابن ميناء فذبوه فرجع إلى الأمير فقال أجمع لهم وبعث معه جنده فرفدت قريش الأنصار وتفاقم الأمر فكتب عثمان إلى يزيد بذلك وحرضه على أهل المدينة فقال والله لأبعثن لهم الجيوش ولأوطئنها الخيل فبعث مسلم بن عقبة في أثنى عشر ألفا وقال له أدع القوم ثلاثا فإن هم أجابوك وإلا فقاتلهم فإذا ظهرت عليهم فأبحها ثلاثا للجند وأجهز على جريحهم وأقتل مدبرهم وإياك أن تبقى عليهم وأن لم يعرضوا لك فأمض إلى ابن الزبير فلما قربوا تشاور أهل المدينة في خندق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعملوا في الخندق خمسة عشر يوما فلما وصل القوم عسكروا بالجرف وبعثوا رجالا أحدقوا بالمدينة فلم يجدوا مدخلا والناس على أفواه الخنادق يرمون بالنبل وجلس مسلم بناحية وأقم فرأى أمر مهولا فاستعان بمروان وكان أهل المدينة قد أخرجوه من بني أمية فلقي مسلما فرجع معه فكلم مروان رجلا من بني حارثة ورغبه في الصنيع وقال تفتح لنا طريقا فأكتب بذلك إلى يزيد فيحسن جائزتك ففتح لهم طريقا من قبلهم حتى أدخل له الرجال من بني حارثة إلى بني عبد الأشهل قال محمود بن لبيد حضرت يومئذ فإنما أتينا من قومنا بني حارثة وأخرج يعقوب بن سفيان بسند صحيح عند أبن عباس قال جاء تأويل هذه الآية على رأس ستين سنة ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها يعني إدخال بني حارثة أهل الشام على أهل المدينة في وقعة الحرة قال يعقوب وكانت الوقعة سنة ثلاث وستين ولأبن أبي خيثمة بسند صحيح إلى جويرية بن أسماء سمعت أشياخ أهل المدينة يوما فأن فعلوا فأرمهم بمسلم بن عقبة فأني عرفت نصيحته فلما ولى يزيد وقد عليه أبن حنظلة وجماعة فأكرمهم فرجع فحرض الناس على يزيد ودعاهم إلى خلعه فأجابوه فبلغه فجهز مسلم بن عقبة فأستقبلهم أهل المدينة بجموع كثيرة فلما نشب القتال سمعوا في جوف المدينة التكبير وذلك أن بني حارثة أدخلوا قوما من الشاميين من جانب المدينة فترك أهل المدينة القتال ودخلوا خوفا على أهليهم فكانت الهزيمة وبايع مسلم الناس على أنهم خول ليزيد يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم بما شاء اه وذكر المجد وغيره إنهم سبوا الذرية واستباحوا الفروج وإنه كان يقال لأولئك الأولاد من النساء اللاتي حملن أولاد الحرة لأبن الجوزي عن هشام أبن حسان ولدت بعد الحرة ألف امرأة من غير زوج وممن قتل من الصحابة يومئذ صبرا عبد الله أبن حنظلة الغسيل مع ثمانية من بنيه وعبد الله بن زيد حاكى وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ومعقل بن سنان الأشجعي وكان شهد فتح مكة وكان معه راية قومه وفيه يقول شاعرهملقرآن والسنة فأمر بقتله فضرب عنقه وذكر الإخباريون أنها خلت من أهلها وبقيت ثمارها للعوافي وفي حال خلائها أعدت الكلاب أي بالبت على سواري المسجد ا. هـ كلام القرطبي

ص: 290

وسبب أمر يزيد بذلك على ما ذكره ابن الجوزي أنه ولى عثمان بن محمد بن أبي سفيان المدينة فبعث إليه وفدا منها فلما رجعوا قالوا قدمنا من عند رجل ليس له دين يشرب الخمر ويعزف بالطنابير ويلعب بالكلاب وأنا نشهدكم أنا قد خلعنا مع إحسانه جائزتهم فخلعوه عند المنبر وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل على الأنصار وعبد الله بن مطيع على قريش وأخرجوا عامله عثمان وكان ابن حنظلة يقول ما خرجنا عليه حتى خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء وفي كتاب الواقدي أن ابن ميناء كان عاملا على صوافي المدينة وبها يومئذ صواف كثيرة حتى كان معاوية رضي الله عنه يجد بالمدينة وأعراضها مائة ألف وسق وخمسين ألف وسق يحصد مائة ألف وسق حنطة فأقبل ابن ميناء بشرج من الحرة يريد الأموال فلما انتهى إلى بلحارث منعوه فأعلم أمير المدينة عثمان

ص: 291

بذلك فأرسل إلى ثلاثة من بلحارث فأجابوه فعد ابن ميناء فذبوه فرجع إلى الأمير فقال أجمع لهم وبعث معه جنده فرفدت قريش الأنصار وتفاقم الأمر فكتب عثمان إلى يزيد بذلك وحرضه على أهل المدينة فقال والله لأبعثن لهم الجيوش ولأوطئنها الخيل فبعث مسلم بن عقبة في أثنى عشر ألفا وقال له أدع القوم ثلاثا فإن هم أجابوك وإلا فقاتلهم فإذا ظهرت عليهم فأبحها ثلاثا للجند وأجهز على جريحهم وأقتل مدبرهم وإياك أن تبقى عليهم وأن لم يعرضوا لك فأمض إلى ابن الزبير فلما قربوا تشاور أهل المدينة في خندق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعملوا في الخندق خمسة عشر يوما فلما وصل القوم عسكروا بالجرف وبعثوا رجالا أحدقوا بالمدينة فلم يجدوا مدخلا والناس على أفواه الخنادق يرمون بالنبل وجلس مسلم بناحية وأقم فرأى أمر مهولا فاستعان بمروان وكان أهل المدينة قد أخرجوه من بني أمية فلقي مسلما فرجع معه فكلم مروان رجلا من بني حارثة ورغبه في الصنيع وقال تفتح لنا طريقا فأكتب بذلك إلى يزيد فيحسن جائزتك ففتح لهم طريقا من قبلهم حتى أدخل له الرجال من بني حارثة إلى بني عبد الأشهل

ص: 292

قال محمود بن لبيد حضرت يومئذ فإنما أتينا من قومنا بني حارثة وأخرج يعقوب بن سفيان بسند صحيح عند أبن عباس قال جاء تأويل هذه الآية على رأس ستين سنة ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها يعني إدخال بني حارثة أهل الشام على أهل المدينة في وقعة الحرة قال يعقوب وكانت الوقعة سنة ثلاث وستين ولأبن أبي خيثمة بسند صحيح إلى جويرية بن أسماء سمعت أشياخ أهل المدينة

ص: 293

يوما فأن فعلوا فأرمهم بمسلم بن عقبة فأني عرفت نصيحته فلما ولى يزيد وقد عليه أبن حنظلة وجماعة فأكرمهم فرجع فحرض الناس على يزيد ودعاهم إلى خلعه فأجابوه فبلغه فجهز مسلم بن عقبة فأستقبلهم أهل المدينة بجموع كثيرة فلما نشب القتال سمعوا في جوف المدينة التكبير وذلك أن بني حارثة أدخلوا قوما من الشاميين من جانب المدينة فترك أهل المدينة القتال ودخلوا خوفا على أهليهم فكانت الهزيمة وبايع مسلم الناس على أنهم خول ليزيد يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم بما شاء اه

ص: 294

وذكر المجد وغيره إنهم سبوا الذرية واستباحوا الفروج وإنه كان يقال لأولئك الأولاد من النساء اللاتي حملن أولاد الحرة لأبن الجوزي عن هشام أبن حسان ولدت بعد الحرة ألف امرأة من غير زوج وممن قتل من الصحابة يومئذ صبرا عبد الله أبن حنظلة الغسيل مع ثمانية من بنيه وعبد الله بن زيد حاكى وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ومعقل بن سنان الأشجعي وكان شهد فتح مكة وكان معه راية قومه وفيه يقول شاعرهم

ص: 295

ألا تلكموا الأنصار تبكي سراتها

وأشجع تبكي معقل بن سنان

ولأبن الجوزي عن سعيد بن المسيب لقد رأيتني ليالي الحرة وما في المسجد أحد من خلق الله غيري وأن أهل الشام ليدخلون زمرا يقولون انظروا إلى هذا الشيخ المجنون ولا يأتي وقت صلاة إلا سمعت آذانا من القبر ثم أقيمت الصلاة فتقدمت فصليت وما في المسجد أحد غيري

ص: 296

وسمى مسلم بن عقبة مسرفا لإسرافه في قتل أهل المدينة وكذا مجرما لعظيم إجرامه وروى إنه أتى بعلي بن الحسين رضي الله عنه مع غيظه عليه فلما رآه ارتعد وقام له وأقعده إلى جانبه وقال له سلني حوائجك فلم يسأله في أحد ممن قدّم للسيف إلا شفعه فيه وأنصرف فقيل لعلي رأيناك تحرك شفتيك فما الذي قلت قال قلت اللهم رب السماوات السبع وما أظللن والأرضين السبع وما أقللن ورب العرش العظيم ورب محمد وآله الطيبين الظاهرين أعوذ بك من شره وأدرأ بك في نحره أسألك أن تريني خبره وتكفيني شره وقيل لمسلم رأيناك تسب هذا الغلام وسلفه فلما أتى به إليك رفعت منزلته قال ما كان ذلك برأي مني ولقد ملئ قلبي منه رعبا ولما سار من المدينة لقتال أبن الزبير أهلكه الله في الطريق وابتلاه الله بالماء الأصفر في بطنه فمات بقديد

ص: 297

وقيل بهرشي بعد الوقعة بثلاث وكان قد قال لحصين بن نمير أمير المؤمنين ولاك بعدي فأسرع السير لأبن الزبير وأمره أن ينصب المجانيق على مكة ومضى الجيش لمكة وجعل يرمي الكعبة بالمنجنيق وأخذ رجل قبسا في رأس رمح فطار به الريح فاحترق البيت فجاءهم نعي يزيد هلال ربيع الآخر وكان بين الحرة وموته ثلاثة أشهر أو دونها فأنه توفى بالذبحة وذات الجنب نصف ربيع الأول وكانت وقعة الحرة وقتل الحسين ورمى الكعبة من أشنع ما جرى في زمن يزيد وللواقدي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في سفر من أسفاره فلما مر بحرة زهرة وقف واسترجع فسيئ بذلك من معه وظنوا إن ذلك من أمر سفرهم فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه يا رسول الله ما الذي رأيت فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما أن ذلك ليس من سفركم هذا قالوا فما هو قال يقتل في هذه الحرة خيار أمتي بعد أصحابي

ص: 298

وله أيضا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أشرف على بني عبد الأشهل أشار بيد فقال يقتل بهذه الحرّة خيار أمّتي وعن كعب قال نجد في التوراة إن في حرة شرقي المدينة مقتلة تضيء وجوههم يوم القيامة صنعا ويقال للحرة حرة وأقم وقال عبد الرحمن بن سعيد بن زيد أحد العشرة

فإن تقتلونا يوم حرة واقم

فنحن على الإسلام أوّل من قتل

ونحن قتلناكم بيد راذلة

وأبنا بأسلاب لنا منكم نفل

فإن ينج منها عائذ البيت سالما

فكل الذي قد نالنا منكم بطل

يعني بعائذ البيت عبد الله بن الزبير

ص: 299