المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الأول " في سكناها بعد الطوفان وسكن اليهود بها ثم الأنصار وبيان نسبهم - خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى - جـ ١

[السمهودي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأوّل في فضلها ومتعلقاتها وفيه عشرة فصول

- ‌ الفصل الثاني في تفضيلها على البلاد

- ‌ الفصل الثالث " في الحث على الإقامة والصبر والموت بها واتخاذ الأصل

- ‌ الفصل الرابع " في الدعاء لها ولأهلها ونقل وباءها وعصمتها من الدجال

- ‌الفصل الخامس في ترابها وثمرها

- ‌ الفصل السادس " في تحريمها والألفاظ المتعلقة به

- ‌ الفصل السابع " في أحكام حرمها

- ‌ الفصل الثامن " في خصائصها

- ‌ الفصل التاسع " في بدء شأنها وما يؤول عليه أمرها وما وقع من ذلك

- ‌ الفصل العاشر " في ظهور نار الحجاز المنذر بها من أرضها وانطفائها عند

- ‌الباب الثاني في فضل الزيارة والمسجد النبوي ومتعلقاتهما

- ‌الأوّل في فضل الزيارة وتأكدها وشدّ الرحال إليها وصحة نذرها وحكم

- ‌ الفصل الثاني " في توسل الزائر به صلى الله عليه وسلم إلى ربه تعالى

- ‌الفصل الثالث في فضل المسجد النبوي وروضته ومنبره

- ‌الباب الثالث في أخبار سكناها إلى أن حل النبي صلى الله عليه وسلم بها

- ‌ الأول " في سكناها بعد الطوفان وسكن اليهود بها ثم الأنصار وبيان نسبهم

- ‌ الفصل الثاني " في منازل الأوس والخزرج وما دخل بينهم من الحروب

- ‌ الفصل الثالث " في إكرام الله تعالى لهم بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الفصل الرابع " في قدومه صلى الله عليه وسلم باطن المدينة وسكناه بدار

الفصل: ‌ الأول " في سكناها بعد الطوفان وسكن اليهود بها ثم الأنصار وبيان نسبهم

وفيه أربعة فصول

"‌

‌ الأول " في سكناها بعد الطوفان وسكن اليهود بها ثم الأنصار وبيان نسبهم

وظهورهم على يهود وما أتفق لهم مع تبع

أسند الكلبي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه بعد مخرج الناس من السفينة نزلوا طرف بابل وكانوا ثمانين نفسا فسمى الموضع سوق الثمانين فمكثوا حتى كثروا وصار ملكهم نمرود بن كنعان بن حام فلما كفروا بلبلوا فتفرقت ألسنتهم على أثنين وسبعين لسانا ففهم الله تعالى العربية منهم عمليق وطسم ابنا لاوذ بن سام وعادا وعبيل ابني عوص بن آرم بن سام وثمود وجليس ابن جانق بن آرم بن سام وقنطور ابن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام فنزلت عبيل بيثرب ويثرب بن عبيل ثم أخرجوا منها فنزلوا الجحفة فجاءهم سيل أجحفهم فيه فلذا سميت جحفة فرثاهم رجل منهم فقال

عين جودا على عبيل وهل ير

جع من فات فيضها بانسجام

عمرو أيثربا وليس بهاشفر

ولا صارخ ولا ذو سفام

ص: 517

غرسوا لينها بمجرى معين

ثم حفوا النخيل بالآجام

وقيل أول من سكنها يثرب بن قاتنة بن مهلاييل بن آرم بن عبيل بن عوص بن آرم بن سام بن نوح عليه السلام وقيل أول من عمر بها الدور والآطام وزرع وغرس العماليق بنوا عملاق بن أرفخشذ بن سام وأخذوا ما بين البحرين وعمان والحجاز إلى الشام ومصر ومنهم الجبابرة والفراعنة بهما وملكهم بالحجاز الأرقم وكان بالمدينة منهم بنو هف وبو مطرو بل وكانت جرهم بمكة وقنطورا وطسم وجديس باليمامة

ص: 518

وعن زيد بن اسلم أن ضبعا رؤيت وأولادها رابضة في حجاج عين رجل أي العظم الذي ينبت عليه الحاجب قال وكان يمضي أربعمائة سنة وما يسمع بجنازة. ولأبي المنذر الشرقي سمعت حديث تأسيس المدينة من سليمان بن عبد الله بن حنفالة الغسيل وبعضه من رجل من قريش عن أبي عبيدة بن عبد الله بن عمار بن ياسر فجمعت حديثهما لقلة اختلاطه قالا بلغنا أن موسى عليه السلام لما حج حج معه أناس من بني إسرائيل فأتوا على المدينة في انصرافهم فرأوا مواضعها صفة بلد نبيّ يجدون وصفه في التوراة بأنه خاتم النبيين فاشتورت طائفة منهم على أن يتخلفوا به فنزلوا في موضع سوق بين قينقاع ثم تألف إليهم أناس من العرب ورجعوا على دينهم فكانوا أول من سكن موضع المدينة ويذكر أن قوما من العمالقة سكنوه قبلهم ولأبن شبة بسند لا بأس به إلا أن فيه من لم يسم

ص: 519

عن جابر مرفوعا أقبل موسى وهارون حاجين فمرا بالمدينة فحافا من يهود فخرجا مستخفين فنزلا أحدا فغشى هارون الموت فقام موسى فحفر له ولحد ثم قال يا أخي إنك تموت فقام هارون فدخل في لحده فقبض فحثا عليه موسى التراب وهو دال على كونهم بالمدينة زمن موسى وسيأتي في أسماء البقاع وجود قبر بالجماء عليه مكتوب أنا رسول رسول الله سليمان بن داود عليه السلام إلى أهل يثرب وفي رواية أنا رسول رسول الله عيسى بن مريم عليه السلام إلى أهل قرى عرينة ولأبن زبالة عن مشيخة من أهلها

ص: 520

قالوا كان ساكنها في ثالث الزمان صغل وفالح فغزاهم داود عليه السلام وأخذ منهم مائة ألف عذراء قالوا وسلط عليهم الدود في أعناقهم فهلكوا فقبورهم هذه التي في السهل والجبل وهي التي بناحية الجرف وبقيت امرأة منهم تعرف بزهرة وكانت تسكن بها فأكثرت من رجل وأرادت الخروج إلى بعض تلك البلاد فلما دنت لتركب غشيها الدود فقيل لها أنا لنرى دودا يغشاك فقالت بهذا هلك قومي ثم قالت ربي جد مصون ومال مدفون بين زهرة ورانون وقتلها الدود قالوا وكان قوما من الأمم يقال لهم بنو هف وبنو مطر وبنو الأزرق فيما بين مخيض إلى غراب الصائلة إلى القصاصين إلى طرف أحد فتلك آثارهم هناك وعن عروة بن الزبير كانت العماليق قد انتشرت في البلاد فسكنوا مكة والمدينة والحجاز كلها وعتوا عتوا كبيرا فلما أظهر الله تعالى موسى على فرعون ووطئ الشام وأهلك من بها بعث إليهم جندا من بني إسرائيل للحجاز أمرهم أن لا يستبقوا منهم أحدا

ص: 521

يلغ الحلم فقدموا فأظهرهم الله فقتلوهم وأصابوا ابن ملكهم الأرقم وكان أحسن الناس وجها فقالوا نستحييه حتى نقدم به على موسى عليه السلام فيرى فيه رأيه فأقبلوا به فقبض الله موسى قبل قدومهم فتلقاهم الناس فسألوهم عن أمرهم فأخبروهم فقالت بنو إسرائيل أن هذه لمعصية منكم لما خالفتم أمر نبيكم لا والله لا تدخلوا علينا بلادنا أبدا فقالوا ما بلدا إذ منعتم بلادكم بخير من البلد الذي خرجتم منه وكان الحجاز ذاك أشجر بلاد الله وأظهره ماء فكان هذا أول سكنى اليهود الحجاز بعد العماليق فكان جميعهم بزهرة بين الحرة والسافلة مما يلي ألقف ولهم الأموال بالسافلة ونزل جمهورهم يثرب بمجتمع السيول مما يلي زعابة

ص: 522

وعن محمد بن كعب القرظي قال وخرجت قريظة وإخوانهم بنو هدل وعمروا بناء الصريح والنضير بن النجام بن الخزرج بن الصريح من ذرية هارون عليه السلام بعد هؤلاء فتتبعوا آثارهم فنزلوا بالعالية على مذينب ومهزور ولبعضهم عن أبي هريرة رضي الله عنه بلغني أن بني

ص: 523

إسرائيل لما أصابهم من ظهور بختضر عليهم تفرقوا وكانوا يجدون محمد صلى الله عليه وسلم منعوتا في كتابهم وإنه يظهر في بعض هذه القرى العربية في قرية ذات نخل ولما خرجوا من أرض الشام جعلوا يعبرون كل قرية من تلك القرى العربية بين الشام واليمن يجدون نعتها يثرب فينزل بها طائفة منهم ويرجون أن يلقوا محمد صلى الله عليه وسلم حتى نزل منهم طائفة من بني هارون ممن حمل التوراة بيثرب فمات أولئك

الآباء وهم يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم أنه جاء ويحثون أبناءهم على أتباعه فأدركه من أدركه من أبنائهم فكفروا به وهم يعرفونه أي لحسدهم الأنصار حيث سبقوهم إليه وزعم بنو قريظة أنّ الروم لما غلبوا على الشام خرج قريظة والنضير وهدل هاربين من الشام يريدون من كان بالحجاز من بني إسرائيل فوجه ملك الروم في طلبهم فأعجزوا رسله وانتهى الرسل إلى ثمد بين الشام والحجاز فماتوا عنده عطشا فسمى الموضع ثمد الروم ونقل ابن زبالة ما حاصله أن ممن كان مع اليهود من العرب قبل الأنصار بنو نيف حيّ من بلى ويقال بقية من العمايق وبنو مزيد من بلى وبنو معاوية بن الحرث بن بهثة بن سليم وبنو الجدماء حيّ من اليمن

ص: 524

ولبني أنيف بقباء آطام عند بئر عذق والمال الذي يقال له القائم وغيرهما قال شاعرهمآباء وهم يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم أنه جاء ويحثون أبناءهم على أتباعه فأدركه من أدركه من أبنائهم فكفروا به وهم يعرفونه أي لحسدهم الأنصار حيث سبقوهم إليه وزعم بنو قريظة أنّ الروم لما غلبوا على الشام خرج قريظة والنضير وهدل هاربين من الشام يريدون من كان بالحجاز من بني إسرائيل فوجه ملك الروم في طلبهم فأعجزوا رسله وانتهى الرسل إلى ثمد بين الشام والحجاز فماتوا عنده عطشا فسمى الموضع ثمد الروم ونقل ابن زبالة ما حاصله أن ممن كان مع اليهود من العرب قبل الأنصار بنو نيف حيّ من بلى ويقال بقية من العمايق وبنو مزيد من بلى وبنو معاوية بن الحرث بن بهثة بن سليم وبنو الجدماء حيّ من اليمن ولبني أنيف بقباء آطام عند بئر عذق والمال الذي يقال له القائم وغيرهما قال شاعرهم

ولو نطقت يوما قباء لخبرت

بأنا نزلنا قبل عاد وتبع

وآطا منا عادية مشمخرة

تلوح فتنكى من يعادي وتمنع

وكان ممن بقى من اليهود حين نزل الأوس والخزرج عليهم بنو القصيص وبنو ناغصة مع بني أنيف وقيل أن بني ناغصة حيّ من اليمن منازلهم شعب بني حرام حتى نقلهم عمر رضي الله عنه إلى مساجد الفتح وبنو قريظة في الدار المعروفة لهم اليوم ومعهم أخوتهم بنو هدل وبنو عمرو وسمى هدلا بهدل كان في شفته وبنو النضير كما قال أبن زبالة في النواعم ومنهم كعب أبن الأشرف وكان لهم عامة أطم في المال الذي يقال له

ص: 525

فاضحة بجفاف وأطم دون بني أمية بن مزيد دبر قصر بني هشام وأطم البويلة وقال الواقدي منازل بني النضير بناحية الغرس وبنو مزيد في بني حطبة وناعمة بن هيم بن هشام وبنو معاوية في بني أمية بن مزيد وبنو ماسكة قرب صدقة مروان مما يلي صدقة النبي صلى الله عليه وسلم ولهم الأطمان اللذان في القف في القرية أي التي آثارها غير بيّ الحسينيات وبنو محمم في المكان الذي يقال له محمم ولهم المال الذي يقال له خنافة وبنو

ص: 526

زعورا عند مشربة أم إبراهيم وبنو زيد اللات قال ابن زبالة وهم رهط عبد الله بن سلام قرب بني غصينة وبنو قينقاع عند منتهى جسر بطحان مما يلي العالية وهناك سوقهم ولهم الأطمان اللذان عنده منقطع الجسر على يمينك وأمن ذاهب من المدينة إذا سلكت الجسر من الطريق الشرقية إلى العالية والذي في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنه أنهم رهط ابن سلام وهم من ذرية يوسف الصديق عليه السلام وبنو حجر عند المشربة التي عند الجسر وبنو ثعلبة وأهل زهرة بزهرة وهم رهط القطيور ملكهم الذي كان يفتض نساء أهل المدينة وأهل الجوانية بالجوانية ولهم صرار والريان وهما أطمان صار البني جارثة وبنو الجدماء حي من اليمن فيما بين مقبرة بني عبد الأشهل وبين قصر ابن

ص: 527

عراك ثم أنتقلوا إلى راتج وبنو عكوة يماني بني حارثة وبنو مزاية شامي بني حارثة ولهم الشبعان أطم بشمغ صدقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وناس براتج أطم سميت به ناحيته وناس بالشوط والعنانق والوالج وزبالة إلى عين فاطمة حيث كان يطبخ الآجر للمسجد النبوي ولأهل الشوط الشرعي أمام دون ذباب صار لبني جشم أخوة بني عبد الأشهل ولأهل الوالج أطم بطرفة مما يلي قناة لبعض من هناك السحان وهما أطمان بمفضاهما مسجد الشيخين الآتي ولأهل زبالة الأطمان عند كومة أبي الحمراء الرابض والأطم الذي دونهما وكان أهل يثرب جماعات من اليهود وقد بادوا وقيل أن قبائل يهود تنيف على العشرين وعدّه آطامهم وآطام من نزل معهم من العرب تزيد على السبعين

ص: 528

وكانت الآطام عز أهل المدينة ومنعتهم وجاء النهي عن هدمها

ص: 529

ولم تزل اليهود ظاهرة على المدينة حتى كان من سيل العرم وهي المطر الشديد وقيل جرذ أعمى نقب السدّ ما قص الله تعالى في كتابه وكانت مأرب وهي أرض سبأ المعنية بقوله تعالى بلدة طيبة أخصب البلاد تخرج المرأة وعلى رأسها المكتل فتعمل بمغزلها وتسير بين الشجر فيمتلئ مما يتساقط من الثمر وهي أكثر من شهرين

ص: 530

للراكب المجد طولا وكذلك عرضها وأهلها في غاية الكثرة مع اجتماع الكلمة والقوة آمنين تخرج المرأة لا تتزود تبيت في قرية وتقيل في أخرى حتى تأتي الشام قال تعالى (وجعلناها بينهم وبين القرى التي باركنا فيها) أي قرى الشام (قرى ظاهرة) أي يرى بعضها من بعض لقربها فبطروا النعمة (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا) أي بمفاوزينهم وبين الشام يركبون فيها الرواحل فعجل الله لهم الإجابة كما قال

ص: 531

(فجعلناها أحاديث ومزقناهم كل ممزق) وعن الضحاك كانوا في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام وكان السدّ فرسخا في فرسخ بناه لقمان الأكبر العادي وقيل ابنه وقيل سبأ بن يشجب ومات قبل إكماله فأكمله ملوك حمير تجتمع إليه مياه اليمن

ص: 532

ثم تفترق في مجاري وكان أولاد حمير وأولاد كهلان ابني سبأ حينئذ سادة اليمن وكبيرهم عمر ومزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة ين امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد يقال الأسد بن الغوث ابن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان وجماع قبائل اليمن ينتهي إلى قحطان وأختلف فيه فالأكثران قحطان هو عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام وقيل هو من ولد هود وقيل هو هود نفسه وقيل ابن أخيه ويقال هو أول من تكلم باللغة العربية وهو والد العرب المتعربة وإسماعيل عليه السلام والد العرب المستعربة وأما العرب العاربة فقبل ذلك كعاد وثمود

وعمليق وغيرهم وذهب الزبير بن بكار إلى أن قحطان بن الهميسع بن تيم بن نبت بن إسماعيل ولذا قال أبو هريرة رضي الله عنه مخاطبا للأنصار فتلك أي هاجر أمكم يا بني ماء السماء يعني الأنصار لأن جدهم عامرا هو الملقب بذلك أو أراد جميع العرب لملازمتها مواقع القطر وهذا متمسك من ذهب إلى أن العرب كلها من ولد إسماعيل وهو الذي أميل إليه وأن ثبت خلافه فالعرب الذين لهم الشرف والتقديم بنو إسماعيل عليه السلام فقط كما أوضحناه في الأصل وكانت زوجة عمر ومزيقياء تسمى طريفة الحميرية كاهنة ولدت له ثلاثة عشر ولدا ثعلبة أبا الأوس والخزرج وحارثا والد خزاعة وقيل فيهم غير ذلك وجفنة والد غسان وقيل فيهم غير ذلك ووداعة وأبا حارثة والحرث وعوفا وكعبا ومالكا وعمران هؤلاء أعقبوا والثلاثة الباقون لم يعقبوا وكان لعمر ومزيقياء من القصور والأموال ما لم يكن لأحد فرأى أخوه عمران وكان كاهنا ولم يعقب أن قومه سيمزقون وتخرب بلادهم فذكره له ثم أن ظريفة سجعت له بما يدل لذلك فقال وما علامته قالت إذا رأيت جرذا يكثر في السدّ الحفر ويقلب بيديه منه الصخر فأنطلق إلى السدّ فإذا جرذ يقلب الصخرة والصخرة ما يقلبها خمسون رجلا من السدّ فأخفى ذلك وأجمع على بيع ماله بأرض سبأ والخروج بولده وخشي من استنكار ذلك فأحتال بطعام واسع صنعه وجمع أهل مأرب وأسرّ إلى يتيم رباه أن يجلس إلى جانبه وينازعه الحديث ويفعل به مثل ما يفعل به ثم كلمه في سيء فردّ عليه فضرب عمرو وجهه وشتمه ففعل اليتيم به مثله فصاح وأذلاه اليوم ذهب فخر عمرو وحلف لا يقيم ببلد صنع به ذلك فيها وأن يبيع أمواله فاغتنموا غضبه واشتروها وتبعه ناس من الأزد فباعوا فلما أجتمع لعمرو أثمان مواله أخبر الناس فخرج ناس كثير وأقام من قضى عليه بالهلاك وقيل المحتال في بيع ماله لثعلبة بن عمرو وإنما كانت ظريفة زوجته ومات عمرو قبل السيل وقيل لما مات عمرو وصارت الرياسة لأخيه عامر العاقر وهو المحتال للبيع فقال لحارثة بن أخيه إذا ضربتك فالطمني فقال كيف يلطم الرجل عمه فقال أن في ذلك صلاحك وصلاح قومك ثم جاء السيل فلم يجد مانعا فغرق البلاد والكروم والأماكن في رؤوس الجبال والبعيد مثل ذمار وحضرموت وعدن وذهبت الضياع والحدائق وجاء السيل بالرمل فطمها وصفت لهم ظريفة البلاد وقيل عمرو فسكن أزد عمان بها ووداعة بن عامر بكرود من أرض همدان فانتسبوا فيهم وأزد شنوأة بشنّ من السراة وخزاعة ببطن مرّ والأوس والخزرج بيثرب وآل جفنة من غسان بيصرى وسدير من أرض الشام وجذيمة الأبرش وغيره من غسان بالعراق وسجع ظريفة المتعلق بيثرب من كان منكم يريد الراسخات في الوحل المطعمات في المحل فليلحق بيثرب ذات النخل ونسب لعمرو بن عامر بزيادة المدركات بالذحل عقب المطعمات في المحل وقيل قال فليلحق بالحرة ذات النخل فلما خرجوا وفارقهم وداعة بهمدان ثم أزدشنوأة بين السراة ومكة ومعهم عمران بن عمرو وسار عمر وفي باقي ولده وفي ناس من الأزد حتى نزلوا ماء يقال له غسان وغلب عليهم اسمه حتى قال شاعرهميق وغيرهم وذهب الزبير بن بكار إلى أن قحطان بن الهميسع بن تيم بن نبت بن إسماعيل ولذا قال أبو هريرة رضي الله عنه مخاطبا للأنصار فتلك أي هاجر أمكم يا بني ماء السماء يعني الأنصار

ص: 533

لأن جدهم عامرا هو الملقب بذلك أو أراد جميع العرب لملازمتها مواقع القطر وهذا متمسك من ذهب إلى أن العرب كلها من ولد إسماعيل وهو الذي أميل إليه وأن ثبت خلافه فالعرب الذين لهم الشرف والتقديم بنو إسماعيل عليه السلام فقط كما أوضحناه في الأصل

ص: 534

وكانت زوجة عمر ومزيقياء تسمى طريفة الحميرية كاهنة ولدت له ثلاثة عشر ولدا ثعلبة أبا الأوس والخزرج وحارثا والد خزاعة وقيل فيهم غير ذلك وجفنة والد غسان وقيل فيهم غير ذلك ووداعة وأبا حارثة والحرث وعوفا وكعبا ومالكا وعمران هؤلاء أعقبوا والثلاثة الباقون لم يعقبوا وكان لعمر ومزيقياء من القصور والأموال ما لم يكن لأحد فرأى أخوه عمران وكان كاهنا ولم يعقب أن قومه سيمزقون وتخرب بلادهم فذكره له ثم أن ظريفة سجعت له بما يدل لذلك فقال وما علامته قالت إذا رأيت جرذا يكثر في السدّ الحفر ويقلب بيديه منه الصخر فأنطلق إلى السدّ فإذا جرذ يقلب الصخرة والصخرة ما يقلبها خمسون رجلا من السدّ فأخفى ذلك وأجمع على بيع ماله بأرض سبأ

ص: 536

والخروج بولده وخشي من استنكار ذلك فأحتال بطعام واسع صنعه وجمع أهل مأرب وأسرّ إلى يتيم رباه أن يجلس إلى جانبه وينازعه الحديث ويفعل به مثل ما يفعل به ثم كلمه في سيء فردّ عليه فضرب عمرو وجهه وشتمه ففعل اليتيم به مثله فصاح وأذلاه اليوم ذهب فخر عمرو وحلف لا يقيم ببلد صنع به ذلك فيها وأن يبيع أمواله فاغتنموا غضبه واشتروها وتبعه ناس من الأزد فباعوا فلما أجتمع لعمرو أثمان مواله أخبر الناس فخرج ناس كثير وأقام من قضى عليه بالهلاك وقيل المحتال في بيع ماله لثعلبة بن عمرو وإنما كانت ظريفة زوجته ومات عمرو قبل السيل وقيل لما مات عمرو وصارت الرياسة لأخيه عامر العاقر وهو المحتال للبيع فقال لحارثة بن أخيه إذا ضربتك فالطمني فقال كيف يلطم الرجل عمه فقال أن في ذلك صلاحك وصلاح قومك ثم جاء السيل فلم يجد مانعا فغرق البلاد والكروم والأماكن في رؤوس الجبال والبعيد مثل ذمار وحضرموت وعدن وذهبت الضياع والحدائق وجاء السيل بالرمل فطمها وصفت لهم ظريفة البلاد وقيل عمرو فسكن

ص: 537

أزد عمان بها ووداعة بن عامر بكرود من أرض همدان فانتسبوا فيهم وأزد شنوأة بشنّ من السراة وخزاعة ببطن مرّ والأوس والخزرج بيثرب وآل جفنة من غسان بيصرى وسدير من أرض الشام وجذيمة الأبرش وغيره من غسان بالعراق وسجع ظريفة المتعلق بيثرب من كان منكم يريد الراسخات في الوحل المطعمات في المحل فليلحق بيثرب ذات النخل ونسب لعمرو بن عامر بزيادة المدركات بالذحل عقب المطعمات في المحل وقيل قال فليلحق بالحرة ذات النخل فلما خرجوا وفارقهم وداعة بهمدان ثم أزدشنوأة بين السراة ومكة ومعهم عمران بن عمرو وسار عمر وفي باقي ولده وفي ناس من الأزد حتى نزلوا ماء يقال له غسان وغلب عليهم اسمه حتى قال شاعرهم

أما سألت فأنا معشر نجب

الأزد نسبتنا والماء غسان

قال أبو المنذر الشرقي ومن ماء غسان نخرج الحيّ وأسمه ربيعة بن عمرو بن حارثة فأتى مكة فتزوج بنت عامر ملك جرهم فولدت له عمر بن الحيّ الذي غير دين إبراهيم عليه السلام

ص: 538

وروى الأزرقي أن عمرو بن عامر سار وقومه لا يطئون بلدا إلا غلبوا عليه فلما انتهوا إلى مكة وأهلها جرهم قد قهروا الناس وحازوا ولاية البيت على بني إسماعيل وغيرهم أرسل إليهم ثعلبة بن عمرو بن عامر أنا خرجنا من بلادنا فلم ننزل بلدا إلا فسح أهله لنا فنقيم معهم حتى نرسل روادنا فيرتادوا لنا بلدا يحملنا فأفسحوا لنا حتى نستريح ونرسل روادنا إلى الشام والمشرق فحيثما قيل لنا أنه أمثل لحقنا به فأبت جرهم فأرسل إليهم ثعلبة أنه لابد لي من المقام فإن تركتموني نزلت وحمدتكم وواسيتكم في الماء والمرعى وإن أبيتم أقمت على كرهكم ثم لم ترتعوا معي الأفضلا ولم تشربوا الأرنقا يعني الكدر وإن قاتلتموني قاتلتكم ثم أن ظهرت عليكم سبيت النساء وقتلت الرجال ولم أترك أحدا منكم ينزل الحرم فأبت جرهم فاقتتلوا ثلاثة أيام ثم انهزمت جرهم فلم ينفلت منهم إلا الشريد وأقام ثعلبة بمكة وما حولها بعساكره حولا فأصابتهم الحمى وكانوا ببلد لا يعرفون فيه ما الحمى فدعوا ظريفة الكاهنة فشكوا إليها فقالت قد أصابني الذي تشكون ثم ذكر الأزرقي سجعها في الدلالة على البلاد فهو غير السجع الأول وأن الأوس والخزرج أبنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو نزلوا المدينة قال وانخزعت خزاعة بمكة فأقام بها ربيعة بن حارثة بن عمرو وهو الحيّ فولى أمر مكة

ص: 539

وقال ياقوت لما ساروا من اليمن عطف ثعلبة العنقاء بن عمرو مزيقياء نحو الحجاز فأقام ما بين الثعلبة وباسمه سميت إلى ذي قار فلما كثر ولده وقوى ركنه سار بهم نحو المدينة وبها يهود فاستوطنوها وأقاموا بين قريظة والنضير وخيبر وتيماء ووادي القرى ونزل أكثرهم بالمدينة وأمّ الأوس والخزرج قيله بنت عمرو بن جفنة في قول الكلبي وقال ابن حزم بنت الأرقم بن عمرو بن جفنة بن عمرو مزيقياء ويقال بنت كاهل بن عذرة بن قضاعة من حمير في قول الأكثر واشتهرت الأوس والخزرج بأبناء قيلة وأولاد الأوس مالكا ومنه قبائل الأوس كلها

ص: 540

وروى الخرائطي أنه لما حضرت الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو الوفاة أجتمع قومه فقالوا قد حضر من أمر الله ما ترى وقد كنا نأمرك في شبابك أن تتزوج فتأبى وهذا أخوك الخزرج له خمس بنين وليس لك غير مالك فقال لن يهلك هالك ترك مثل مالك أن الذي يخرج النار من الزندة قادر على أن يجعل لمالك نسلا ورجالا بلا وكل إلى الموت ثم اقبل على مالك فقال أي بني المنية ولا الدنية وذكر سجعا ثم انشأ يقول أبياتا منها

ففعل الذي أودى ثمودا وجرهما

سيعقب لي نسلا على آخر الدهر

تقربهم من آل عمرو بن عامر

عيون لدى الداعي إلى طلب الوتر

ألم يأت قومي أن لله دعوة

يفوز بها أهل السعادة والبر

إذا بعث المبعوث من آل غالب

بمكة فيما بين زمزم والحجر

ثم قضى من ساعته قال الشرقي فولد لمالك عمرو وعوف ومرة ويقال لهم أوس الله وهم

ص: 541

الجعادرة وسموا بذلك لقصر كان فيهم وسيأتي ما يخالفه مع بيان ما أنتشر منهم من القبائل وقال ابن حزم أن بني عامر بن عمرو بن مالك بن الأوس كانوا كلهم بعمان لم يكن منهم بالمدينة أحد فليسوا من الأنصار وأولد الخزرج بن حارثة خمسة وهم عمرو وعوف وجشم وكعب والحرث وتفرقوا بطونا كثيرة قال ابن حزم وعقب السائب بن قطن بن عوف من الخزرج لم يكن أحد منهم بالمدينة كانوا بعمان فليسوا من الأنصار وذكر نحوه في بعض بني الحرث بن الخزرج وان بعض بني جفنة بن عمرو مزيقياء كانوا بالمدينة في عداد الأنصار

ص: 542

وقال الشرقي ولما قدمت الأوس والخزرج المدينة تفرقوا في عاليتها وسافليتها ومنهم من نزل مع بني إسرائيل في قراهم ومنهم من نزل وحده لا مع بني إسرائيل ولا مع العرب الذين كانوا تألفوا إلى بني إسرائيل وكانت الثروة في بني إسرائيل ولهم قرى أعدوا بها الآطام ولبن زبالة عن مشيخة من أهل المدينة أن الأوس والخزرج وجدوا الأموال والآطام بأيدي يهود والعدد والقوة معهم فمكثوا ما شاء الله ثم سألوهم أن يعقدوا بينهم جوارا وحلفا يأمن به بعضهم من بعض ويمتنعون به ممن سواهم فتحالفوا وتعاملوا ولم يزالوا كذلك زمانا طويلا وأثرت الأوس والخزرج وصار لهم مال وعدد فخافت قريظة والنضير أن يغلبوهم على دورهم فتنمروا لهم حتى قطعوا الحلف وقريظة والنضير أعدّ وأكثر

ص: 543

فأقاموا خائفين أن تجليهم يهود حتى نجم منهم مالك بن العجلان أخو بني سالم بن عوف بن الخزرج وسّوده الحيان الأوسي والخزرج وكانت لا تهدى عروس من الحيين حتى تدخل على القيطيون ملك اليهود فيكون هو الذي يفتضها فتزوجت أخت مالك بن العجلان رجلا من قومها فبينا مالك في النادي إذ خرجت أخته فضلاء فنظر أهل المجلس فشق على مالك ودخل فعنفها فقالت ما يصنع بي غدا أعظم أهدى إلي غير زوجي فلما أمسى أشتمل على السيف ودخل مع النساء فقتل القيطون وأنصرف لدار قومه فبعثوا الرمق بن زيد أحد بني سالم إلى من وقع بالشام من قومهم يشكون اليهود فقدم على أبي جبيلة أحد بني جشم بن الخزرج الذين ساروا من يثرب إلى الشام وقيل أبو جبيلة من ولد جفنة بن عمرو ومزيقياء وكان قد أصاب ملكا بالشام فشكا حالهم وغلبته اليهود عليهم فأقبل أبو جبيلة في جمع كثير لنصرتهم ونقل رزين عن الشرقي أن القيطون كان قد شرط أن لا تدخل امرأة على زوجها حتى تدخل عليه فلما سكن الأوس والخزرج المدينة أراد أن يسير فيهم بذلك فتزوجت أخت مالك بن العجلان رجلا من بني سالم فأرسل القيطون رسولا في ذلك وكان مالك غائبا فخرجت أخته في طلبه فمرّت به في قومهم فنادته فقال لقد جئت بسببه تناديني ولا تستحي فقالت الذي يراد بي أكبر من ذلك

ص: 544

فأخبرته فقال أكفيك ذلك فقالت وكيف فقال أتزيا بزيّ النساء وأدخل معك عليه بالسيف فأقتله ففعل ثم خرج حتى قدم الشام على أبي جبيلة وكان نزلها حين نزلوا هم بالمدينة فجيش جيشا عظيما وأقبل كأنه يريد اليمن وأختفى منهم مالك بن العجلان فنزل بذي حرض فأرسل إلى الأوس والخزرج فوصلهم ثم أرسل إلى بني إسرائيل من أراد الحباء من مالك فليخرج إليه مخافة أن يتحصنوا فلا يقدر عليهم فخرج إليه أشرافهم فأمر لهم بطعام حتى اجتمعوا فقتلهم فصار الأوس والخزرج أعز أهل المدينة وقيل إنما قصد مالك بن العجلان بعد قتل القيطون تبعا الأصغر باليمن فشكا إليه فعاهد أن لا يقرب امرأة ولا يمس طيبا ولا يشرب خمرا حتى يسير إلى المدينة ويذلّ من بها من اليهود ففعل وقال ابن قتيبة أن تبعا الأصغر ابن حسان آخر التبابعة

ص: 545

سار إلى الشام وملوكها غسان فأطاعته ثم إلى المستقر من ناحية هجر فأتاه قوم كانوا وقعوا إلى يثرب وحالفوا يهود بها فشكوهم ومتوا إليه بالرحم فأحفظه ذلك فسار ونزل بسفح أحد وبعث إلى يهود فقتل منهم ثلاثمائة وخمسين رجلا صبرا وأراد خرابها فقام إليه رجل من يهود أتت عليه مائتان وخمسون سنة فقال أيها الملك مثلك لا يقتل على الغضب وأمرك أعظم من أن يطير بك برق أو يسرع بك لجاج وأنك لا تستطيع أن تخربها لأنها مهاجر نبيّ من ولد إسماعيل عليهما السلام ويخرج من عند هذه البنية يعني الكعبة فكف ومضى ومعه هذا اليهودي وآخر منهم وهما الحبران فأتى مكة وكسا البيت ثم رجع إلى اليمن وهما معه قددان بدينهما أه وعن

الشرقي أن أبا جبيلة لما فرغ من نصر أهل المدينة رجع إلى الشام فاقبل تبع الأخير وهو كرب بن حسان بن أسعد الحميري يريد المشرق كما كانت التبابعة تفعل بالمدينة فخلف فيها أبنا له ومضى حتى قدم الشام ثم العراق فقتل أبنه بالمدينة غيلة فأقبل يريد تخريبها فنزل بسفح أحد وأرسل لأشراف المدينة فقال بعضهم أراد أن يملكنا على قومنا وقال أحيحة والله ما دعاكم لخير وكان لأحيحة ربئ من الجن ثم دخل على تبع أول الناس فتحدّث معه ففطن بالشرّ ثم قال أن أصحابي يصلونك إلى الظهر وأستأذن الخروج إلى خيمة له ضربها وجاء أصحابه قريبا من الليل فأمر لهم تبع بضيافة فلما كان جوف الليل أرسل إليهم ليقتلهم ففطن أحيحة فأنطلق فتحصن في حصنه فحاصروه ثلاثا يقاتلهم بالنهار وإذا كان الليل يرمي إليهم بتمر ويقول هذا ضيافتكم فأخبروا تبعا أنه في حصن حصين فأمرهم أن يحرقوا نخلة واشتعلت الحرب بين تبع وأهل المدينة من اليهود والأوس والخزرج وتحصنوا في الآطام وجرد إلى بني النجار خيلا فقاتلوهم ورئيسهم يومئذ عمرو بن طلحة أخو بني معاوية بن مالك بن النجار ورمى عسكر تبع حصون الأنصار بالنبل فلقد جاء الإسلام والنبل فيها وجدع في القتال فرس تبع فحلف لا يبرح حتى يخرجها فنزل إليه أحبار من يهود وقالوا أيها الملك أن هذه البلدة محفوظة فإنا نجد اسمها في الكتاب طيبة وأنها مهاجر نبيّ من بني إسماعيل عليه السلام من الحرم فلن تسلط عليها فأعجب بقولهم وصرف نيته وأمر أهل المدينة أن يتبايعوا مع العسكر ثم خرج يريد اليمن ومعه من الأحبار رجلان أو ثلاثة قال لهم تسيرون أياما ما آنس بحديثكم فكانوا يحدثونه فلم يتركهم حتى وصلوا إلى اليمن فكانوا أول يهوديّ دخلها وعن المبتدأ الابن إسحاق أن بيت أبي أيوب الأنصاري الآتي ذكره بناء تبع الأول وأسمه تبان أسعد بن كلكيكرب لما مرّ بالمدينة وكان معه أربعمائة عالم فتعاقدوا على أن لا يخرجوا منها فسألهم تبع عن ذلك فقالوا نجد في كتبنا أنها مهاجر نبي أسمه محمد فنقيم لعل أن نلقاه فبنى لكل منهم دارا وزوجه جارية وأعطاه مالا جزيلا وكتب كتابا فيه إسلامه منهشرقي أن أبا جبيلة لما فرغ من نصر أهل المدينة رجع إلى الشام فاقبل تبع الأخير وهو كرب بن حسان بن أسعد الحميري يريد

ص: 546

المشرق كما كانت التبابعة تفعل بالمدينة فخلف فيها أبنا له ومضى حتى قدم الشام ثم العراق فقتل أبنه بالمدينة غيلة فأقبل يريد تخريبها فنزل بسفح أحد وأرسل لأشراف المدينة فقال بعضهم أراد أن يملكنا على قومنا وقال أحيحة والله ما دعاكم لخير وكان لأحيحة ربئ من الجن ثم دخل على تبع أول الناس فتحدّث معه ففطن بالشرّ ثم قال أن أصحابي يصلونك إلى الظهر وأستأذن الخروج إلى خيمة له ضربها وجاء أصحابه قريبا من الليل فأمر لهم تبع بضيافة فلما كان جوف الليل أرسل إليهم ليقتلهم ففطن أحيحة فأنطلق فتحصن في حصنه فحاصروه ثلاثا يقاتلهم بالنهار وإذا كان الليل يرمي إليهم بتمر ويقول هذا ضيافتكم فأخبروا تبعا أنه في حصن حصين فأمرهم أن يحرقوا نخلة واشتعلت الحرب بين تبع وأهل المدينة من اليهود والأوس والخزرج وتحصنوا في الآطام وجرد إلى بني النجار خيلا فقاتلوهم ورئيسهم يومئذ عمرو بن طلحة أخو بني معاوية بن مالك بن النجار ورمى عسكر تبع حصون الأنصار بالنبل فلقد جاء الإسلام والنبل فيها وجدع في القتال فرس تبع فحلف لا يبرح حتى يخرجها فنزل إليه أحبار من يهود وقالوا أيها الملك أن هذه البلدة محفوظة فإنا نجد اسمها في الكتاب طيبة وأنها مهاجر نبيّ من بني إسماعيل عليه السلام من الحرم فلن تسلط عليها فأعجب بقولهم وصرف نيته وأمر أهل المدينة أن يتبايعوا مع العسكر

ص: 547

ثم خرج يريد اليمن ومعه من الأحبار رجلان أو ثلاثة قال لهم تسيرون أياما ما آنس بحديثكم فكانوا يحدثونه فلم يتركهم حتى وصلوا إلى اليمن فكانوا أول يهوديّ دخلها وعن المبتدأ الابن إسحاق أن بيت أبي أيوب الأنصاري الآتي ذكره بناء تبع الأول وأسمه تبان أسعد بن كلكيكرب لما مرّ بالمدينة وكان معه أربعمائة عالم فتعاقدوا على أن لا يخرجوا منها فسألهم تبع عن ذلك فقالوا نجد في كتبنا أنها مهاجر نبي أسمه محمد فنقيم لعل أن نلقاه فبنى لكل منهم دارا وزوجه جارية وأعطاه مالا جزيلا وكتب كتابا فيه إسلامه منه

شهدت على أحمد أنه

رسول من الله باري النسم

فلو مدّ عمري إلى عمره

لكنت وزيرا له وأبن عم

وختم بالذهب ودفعه إلى كبيرهم وسأله أن يدفعه للنبي صلى الله عليه وسلم أن أدركه وإلا فمن أدركه من ولده أو ولد ولده وبنى للنبيّ صلى الله عليه وسلم دارا ينزلها إذا قدم

ص: 548

فتداول الدار الملاك إلى أن صارت لأبي أيوب الأنصاري وهو من ولد ذلك العالم وأهل المدينة الذين نصروه كلهم من أولاد أولئك العلماء ويقال أن الكتاب كان عند أبي أيوب حين نزل عليه النبيّ صلى الله عليه وسلم فدفعه له وهذا غريب والمعروف في أمر الأنصار ما سبق.

ص: 549