الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
الفصل الثالث " في إكرام الله تعالى لهم بالنبي صلى الله عليه وسلم
ومبايعتهم له بالعقبة الأولى والثانية وهجرته صلى الله عليه وسلم ونزوله بقباء
كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة يعرض نفسه في كل موسم على القبائل ويكلم كل شريف قوم لا يسألهم إلا أن يؤوه ويمنعوه ويقول لا أكره
أحد على شيء بل أريد أن تمنعوا من يؤذيني حتى أبلغ رسالة ربي فيأبونه ويقولون قوم الرجل أعلم به وقدم مكة
أبو الجيسر في فتية من بني عبد الأشهل يطلبون حلف قريش فعرض النبي صلى الله عليه وسلم عليهم وقال هل لكم في خير ما جئتم له وتلى عليهم القرآن ثم قال بايعوني واتبعوني فإنكم ستجتمعون بي فقال أياس ابن
معاذ وقيل عمر بن الجموح هذا والله خير لكم مما جئتم له فأنتهره أبو الجيسر ثم لم يتم لهم الحلف فانصرفوا فكانت وقعة بعاث. قال ابن إسحاق ولما أراد الله تعالى إظهار دينه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي فيه النفر من الأنصار فعرض نفسه على قبائل العرب كما كان يصنع في كلّ موسم فبينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج قال أمن موالي يهود قالوا نعم فدعاهم إلى الله وعرض عليهم الإسلام وكان مما صنع الله تعالى لهم في الإسلام أن يهود كانوا معهم في بلادهم وكانوا أهل علم وكتاب وكانوا هم أهل شرك أصحاب أوثان وكانوا قد غزوهم في بلادهم فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا الهم أن نبيا مبعوث قد أظل زمانه نتبعه ونقتلكم معه قتل عاد وارم فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر قال بعضهم لبعض تعلمون أنه النبي الذي توعدكم به يهو فلا تسبقنكم إليه فأجابوه فيما دعاهم إليه قالوا أنا تر كنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك ثم انصرفوا إلى بلادهم فلما جاءوا قومهم لم يبق دار من دورهم إلا وفيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم
أي أصحاب هذه العقبة ستة نفر من الخزرج منهم أسعد ابن زرارة وقال غيره سبعة وقيل فيهم اثنان من الأوس أبو الهيثم بن التيهان من بني جشم أخوه عبد الأشهل وعويم بن ساعدة من بني أمية بن زيد قال ابن إسحاق فلما كان الموسم يعني من العام المقبل وافاه منهم اثنا عشر رجلا فذكر الستة الأولين وأربعة من الخزرج أيضا وأبا الهيثم بن التيهان وعويم بن ساعدة قال فيما يعم النبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة على بيعة النساء أي على وفق بيعة النساء التي نزلت بعد الفتح على أن لا يشركوا بالله شيأ إلى آخر الآية ولم يكن أمر بالقتال بل ذلك قبل نزول الفرائض ما عدا التوحيد والصلاة وأرسل معهم مصعب بن عمير يفقههم في الدين ويعلمهم الإسلام وقيل بل
بعثه إليهم بعد ذلك يطلبهم هو وابن آدم مكتوم وكان مصعب بن عمير يؤم بهم ويقرئهم القرآن وهو أول من سمى بالمقرئ فنزل على أسعد بن زرارة وجمع بهم أول جمعة في الإسلام بمعونة أسعد بن زرارة وروى أبو داود أن ذلك كان في هدم البيت من حرة بني بياضة وكانوا أربعين في بقيع يقال له بقيع الخضمات
ولأبن إسحاق أن أسعد بن زرارة خرج بمصعب بن عمير يريدا بني عبد الأشهل ودار بني ظفر فدخل به حائطا لبني ظفر على بئر يقال لها مرق وعند البيهقي فخرج به غلى دار بني عبد الأشهل فدخل به حائطا من حوائط بني ظفر وهي قرية لبني ظفر دون قرية بني عبد الأشهل يقال لها بئر مرق انتهى قال ابن إسحاق فجلسا وأجتمع إليهما رجال ممن أسلم فلما سمع بذلك سعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدا بني عبد الأشهل يومئذ قال سعد وكان ابن خالة أسعد ن زرارة لأسيد لا أبا لك أنطلق إلى هذين الرجلين اللذين أتيا دارنا ليسفها ضعفاءنا فأزجرهما وأنههما أن يأتيا دارنا فإنه لولا أسعد مني حيث قد علمت كفيتك ذلك فأخذ أسيد حربته ثم أقبل عليهما فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب هذا سيد قومه قد جاء فأصدق الله فيه قال فوقف عليهما متسمتا فقال ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا فاعتزلانا أن كانت لكما بأنفسكما حاجة فقال له مصعب أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمر قبلته وإن كرهت كف عنك ما تكره قال أنصفت فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن فقالا فيما يذكر عنهما والله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم ثم قال ما أحسن هذا وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم
أن تدخلوا في هذا الدين قالا له تغتسل فتطهر وتطهر ثيابك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي فقام ففعل ذلك ثم قال أن ورائي رجلا أن أتبعكما لم يختلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن سعد ابن معاذ ثم أنصرف إلى سعد وقومه
وهم جلوس في ناديهم فلما نظر إليهم سعد مقبلا قال أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به فلما وقف قال له سعد ما فعلت قال كلمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأسا وقد نهيتهما فقالا نفعل ما أحببت وقد حدّثت أنّ بني حارثة خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه وذلك أنهم عرفوا أنه ابن خالتك ليحقروك فقام سعد مغضبا مبادرا فلما رآهما مطمئنين عرف أن أسيدا إنما أراد أن يسمع منهما فوقف عليهما متسمتا ثم قال يا أبا أمامة أما والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني أتغشانا في دارنا بما تكره وقد قال أسعد أصعب أي مصعب جاءك والله سيد من وراءه إن يتبعك لا يتخلف منهم اثنان فقال له مصعب أو تقعد فتسمع فأن رضيت أمر أو رغبت فيه قبلته وأن كرهته عزلنا عنك ما تكره قال سعد أنصفت فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن قالا فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم لإشراقه وتسهله ثم قال كيف تصنعون إذا أسلمتم فذكرا له ما تقدّم ففعله ثم عمد إلى نادى قومه ومعهم أسيد بن حضير فلما رآه قومه مقبلا قالوا نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به فلما وقف عليهم قال يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم قالوا سيدنا أفضلنا رأيا وأيمننا نقيبه قال فإن كلام رجالكم ونسائكم عليّ حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله قال فوالله ما أمسى في دار بني الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلما أو مسلمة ورجع مصعب إلى أسعد بن زرارة فأقام عنده يدعو الناس إلى الإسلام حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها
رجال ونساء مسلمون إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد وخطمة ووائل وواقف وتلك أوس الله وذلك أنه كان فيهم أبو قيس بن صيفي بن الأسلت وكان شاعرا لهم قائد يطيعونه فوقف بهم عن الإسلام حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضى بدر وأحد والخندق ثم أسلموا كلهم وللطبراني عن عروة في قصة إسلام بني عبد الأشهل قال ثم أن بني النجار اشتدوا على أسعد بن زرارة وأخرجوا مصعبا فأنتقل إلى سعد بن معاذ فلم يزل يدعو ويهدي على يديه حتى قلّ دار من دور الأنصار إلا أسلم فيها ناس وأسلم أشرافهم وبن الجموح وكسرت أصنامهم وكان المسلمون أعز أهلها وقال ابن إسحاق في ذكر العقبة الثانية ثم أن مصعب بن عمير رجع إلى مكة وخرج من الأنصار من المسلمين للقائهم النبي صلى الله عليه وسلم ومبايعته في الموسم مع حجاج قومهم من أهل الشرك حتى قدموا مكة فواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام حتى أراد الله بهم ما أراد من كرامته والنصر لنبيه صلى الله عليه وسلم وإعزاز الإسلام وأهله
قال كعب بن مالك فلما كانت الليلة التي واعدنا رسول اله صلى الله عليه وسلم لها وكنا نكتم من معنا من المشركين أمرنا فنمنا تلك الليلة في قومنا وفي رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم تسلل القطا مستخفين فاجتمعنا في الشعب عند العقبة ثلاثة وسبعين رجلا ومعنا امرأتان أم عمارة بنت كعب إحدى نساء بني مازن وأسماء بنت عمرو بن عدي إحدى نساء بني سلمة ولأبن إسحاق من الأوس أحد عشر رجلا ومن القبائل أربعة حلفاء الخزرج وكان من بني الحرث بن الخزرج اثنان وستون رجلا وكأنه أدخل في الخزرج حلفاءهم الأربعة وإلا فتزيد العدّة على ثلاثة وسبعين أربعة ولرزين عن عبادة بن الصامت نحو حديث كعب إلا أنه قال فلما كان العام المقبل أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن سبعون رجلا وامرأتان من قومنا فواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند شعب العقبة عن يسارك وأنت ذاهب إلى منى فلما توافينا عنده جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس رضي الله عنه وفي حديث كعب فجاء ومعه العباس فتكلم فقال أن محمدا منا من حيث علمتم وقد منعناه وهو في عز وقد أبى إلا الانحياز إليكم فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما وعدتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فانتم وذاك وإلا فمن الآن قال فقلنا قد سمعنا ما قلت فتكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك
ما أحببت فتكلم فدعا الله وقرأ القرآن ورغب في الإسلام ثم قال أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأنباءكم قال وأخذ الراء بن معر وربيدة فقال نعم والذي بعثك بالحق لمنعنك مما نمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أصحاب الحروب وأهل
الحلقة ورثناها كابرا عن كابر فأعترض القول والراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الهيثم بن التيهان فقال يا رسول الله أن بيننا وبين الرجال يعني اليهود حبالا ونحن قاطعوها فهل عسيت أن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله تعالى أن ترجع إلى قومك وتدعنا قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بل الدم الدم والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني أحارب من حاربتم وأسأل من سألتم وعن عاصم بن عمر بن قتادة أن العباس بن عبادة بن نظلة أخا بني سالم بن عوف قال بل يا معشر الخزرج هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل قالوا نعم أنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة وأشرافكم قتلا أسلمتموه فن الآن فهو والله أن فعلتم خزي الدنيا والآخرة وأن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على ما ذكر فهو والله خير الدنيا والآخرة قالوا فأنا نأخذه على ما قلت خلنا بذلك يا رسول الله أن نحن وفينا قال الجنة قالوا أبسط يدك فبسط يده فبايعوه قال عاصم ما قال ذلك العباس إلا ليشهد العقد في أعناقهم
وقال غيره أراد التأخير أراد التأخير تلك الليلة رجاء أن يحضر عبد الله بن أبي بن سلول فيكون أقوى للأمر قال ابن إسحاق فبنو النجار يزعمون أن أبا إمامة أسعد بن زرارة كان أول من ضرب على يده وبنو عبد الأشهل يقولون بل أبو الهيثم بن التبهان وفي حديث كعب المتقدم أنه البراء بن معرور ثم تتابع القوم ولأحمد والحاكم في الإكليل أن عبد الله بن رواحة قال يا رسول الله أشترط لربك ولنفسك ما شئت فقال أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأشترط لنفسي أن تمنعون منه أنفسكم قالوا فمالنا إذا فعلنا ذلك قال الجنة قالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل فنزل أن الله أشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم الآية وقال سول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث كعب أخرجوا إليّ منكم أثنى عشر نقيبا يكونون على قومهم بما فيهم فأخرجوا منهم أثنى عشر نقيبا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس
وعن عبد الله بن أبي بكر حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للنقباء أنتم كفلاء على قومكم كفالة الحواريين لعيسى بن مريم عليه السلام قالوا نعم وفي خبر رزين المتقدم عن عبادة بن الصامت عقب ذكر النقباء فبينا هم في ذلك إذ صرخ الشيطان يقول يا أهل الجباجب وهي المنازل هل لكم في الصباة قد أجمعوا على حربكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا ابن أرب العقبة لأفرغنّ لك أي عدوّ الله أرجعوا إلى رحالكم فقال له العباس بن عبادة بن نضلة والذي بعثك بالحق نبيا لئن شئت لنميلن بأسيافنا غدا على منى فقال له لم أؤمر بذلك ولكن أرجعوا إلى رجالكم وفي حديث كعب نحوه قال فرجعنا إلى مضاجعنا فلما أصبحنا غدت علينا رجلة قريش حتى جاءونا في منازلنا فقالوا يا معشر الخزرج أنه بلغنا أنكم جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا وأنه والله ما من حيّ من العرب أبغض إلينا أن تشب الحرب بيننا وبينهم منكم فانبعث من هنالك من مشركي قومنا يحلفون بالله ما كان من هذا شيء وما علمناه وقد صدقوا لم يعلموه
وروى أنهم أتوا عبد الله ابن أبي فقال لهم أن هذا الأمر جسيم ما كان ليتفوّتوا عليّ بمثل هذا وما علمته كان ثم أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتخرج معنا قال ما أمرت به وأذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الهجرة إلى المدينة وأقام ينتظر الأذن في الخروج فتوجه بين العقبتين جماعة منهم
ابن أم مكتوم ويقال أوّل من هاجر إلى المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي زوج أم سلمة بعد رجوعه من هجرة الحبشة ثم توالى خروجهم بعد العقبة الأخيرة إرسالا منهم عمر بن الخطاب وأخوه زيد وطلحة وصهيب وحمزة
وزيد بن حارثة وعبد الرحمن بن عوف والزبير وعثمان بن عفان وغيرهم رضي الله عنه حتى لم يبقى معه صلى الله عليه وسلم إلا على بن أبي طالب والصديق كذا قاله ابن إسحاق وغيره فلما رأت قريش ذلك حذروا خروجه صلى الله عليه وسلم إليهم فاجتمعوا بدار الندوة وفيهم أبو جهل وجاءهم إبليس في صفة شيخ نجدي وصوب قول أبي جهل
لما اختلفوا فيما يفعلون بالنبي صلى الله عليه وسلم أرى أن يعطي خمسة رجال من خمس قبائل سيفا سيفا فيضربونه ضربة رجل فيتفرق دمه في هذه البطون فلا تقدر لكم بنو هاشم
على شيء فأخبر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى وإذ يمكر بك الذين كفروا الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعليّ نم على فراشي وتسبح ببردي فلن يخلص إليك أمر فتردّ الودائع إلى أهلها وأتى أبا بكر فأعلمه وقال قد أذن لي فقال الصحبة يا رسول الله وكان إنما حبس نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه فعرض على النبي صلى الله عليه وسلم إحدى راحلتيه كان قد أعدّهما فقال بالثمن فقال هي لك به فأخذ القموى وقيل الجدعاء وثمنها ثمانمائة درهم فذهب أبو بكر رضي الله عنه إلى عبد الله ابن أريقط ويقال أريقد من بني الديل من كنانة فأستأجره وكان على دين قومه هاديا خريتا أي ماهرا بالهداية وواعداه أن يأتيهما بعد ثلاث غار ثور ثم أنصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله فجاء عليّ رضي الله عنه فاجتمعت قريش على باب الدار فقال أبو جهل لا تقتلوه حتى يجتمعوا يعني الخمسة ثم أخذ صلى الله عليه وسلم حفنة من تراب فرماها في وجوههم فأخذ على أبصارهم ولمّ على أصمختهم فجعل على رأس كل رجل منهم ترابا ثم أتى منزل أبي بكر الصديق رضي الله عنه فخرجا وأتيا الغار وجاء للمشركين رجل كان بعيدا منهم فقال ما تنتظرون قالوا أن نصبح فنقتل محمد قال قبحكم الله وخيبكم أوليس قد خرج عليكم وجعل على رؤوسكم التراب قال أبو جهل أوليس هو ذاك مسجي ببرده الآن فلما أصبحوا قام عليّ عن الفراش فقال أبو جهل صدقنا ذلك المخبر فاجتمعت قريش وأخذت الطرق وجعلت الجعائل لمن جاء به فانصرفت أعينهم ولم يجدوا سيأ ومروا بالغار وقرءوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا لو دخل هاهنا لم يكن نسج العنكبوت وجاء الديلي بعد ثلاث بالراحلتين وذلك بعد العقبة بشهرين وبضعة عشر يوما فخرجا لهلال ربيع الأول يوم الاثنين وقيل الخميس وقد أقام صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوّة بضع عشر سنة وقال عروة عشرا ولم يعلم بخروجه إلا عليّ وآل أبي بكر فأنطلق بهما الدليل ومعهما عامر بن فهيرة يخدمهما يردفه أبو بكر رضي الله عنه ويعقبه فأخذ بهم في اسفل مكة حتى أتى بهم طريق السواحل أسفل من عسفان ثم عارض الطريق على أمج ثم نزل من قديد على خيام أم معبد الخزاعية وقيل سلك على أسفل أمج حتى عارض الطريق بعد أن جاوز قديدا وأتفق في مسيرهم قصة سراقة عارضهم يوم الثلاثاء بقديد وأقامت قريش أياما لا يدرون أين أخذوا فسموا صوتا على أبي قبيس يقول فأخبر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى وإذ يمكر بك الذين كفروا الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعليّ نم على فراشي وتسبح ببردي فلن يخلص إليك أمر فتردّ الودائع إلى أهلها وأتى أبا بكر فأعلمه وقال قد أذن لي فقال الصحبة يا رسول الله وكان إنما
حبس نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه فعرض على النبي صلى الله عليه وسلم إحدى راحلتيه كان قد أعدّهما فقال بالثمن فقال هي لك به فأخذ القموى وقيل الجدعاء وثمنها ثمانمائة درهم فذهب أبو بكر رضي الله عنه إلى عبد الله ابن أريقط ويقال أريقد من بني الديل من كنانة فأستأجره وكان
على دين قومه هاديا خريتا أي ماهرا بالهداية وواعداه أن يأتيهما بعد ثلاث غار ثور ثم أنصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله فجاء عليّ رضي الله عنه فاجتمعت قريش على باب الدار فقال أبو جهل لا تقتلوه حتى يجتمعوا يعني الخمسة ثم أخذ صلى الله عليه وسلم حفنة من تراب فرماها في وجوههم فأخذ على أبصارهم ولمّ على أصمختهم فجعل على رأس كل رجل منهم ترابا ثم أتى منزل أبي بكر الصديق رضي الله عنه فخرجا وأتيا
الغار وجاء للمشركين رجل كان بعيدا منهم فقال ما تنتظرون قالوا أن نصبح فنقتل محمد قال قبحكم الله وخيبكم أوليس قد خرج عليكم وجعل على رؤوسكم التراب قال أبو جهل أوليس هو ذاك مسجي ببرده الآن فلما أصبحوا قام عليّ عن الفراش فقال أبو جهل صدقنا ذلك المخبر فاجتمعت
قريش وأخذت الطرق وجعلت الجعائل لمن جاء به فانصرفت أعينهم ولم يجدوا سيأ ومروا بالغار وقرءوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا لو دخل هاهنا لم يكن نسج العنكبوت
وجاء الديلي بعد ثلاث بالراحلتين وذلك بعد العقبة بشهرين وبضعة عشر يوما فخرجا لهلال ربيع الأول يوم الاثنين وقيل الخميس وقد أقام صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوّة بضع عشر سنة وقال عروة عشرا ولم يعلم بخروجه إلا عليّ وآل أبي بكر فأنطلق بهما الدليل ومعهما عامر بن فهيرة يخدمهما يردفه أبو بكر رضي الله عنه ويعقبه فأخذ بهم في اسفل مكة حتى أتى بهم طريق السواحل أسفل من عسفان ثم عارض الطريق على أمج ثم نزل من قديد على خيام أم معبد الخزاعية وقيل سلك على أسفل أمج حتى عارض الطريق
بعد أن جاوز قديدا وأتفق في مسيرهم قصة سراقة عارضهم يوم الثلاثاء بقديد
وأقامت قريش أياما لا يدرون أين أخذوا فسموا صوتا على أبي قبيس يقول
فإن يسلم السعد أن يصبح محمد
…
من الأمن لا يخشى خلاف المخالف
فقالت قريش لو علمنا من السعد أن قال
أبا سعد الأوس كن أنت مانعا
…
ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
أجيبا إلى داعي الهدى وتبوآ
…
من الله في الفردوس زلفة عارف
فعلموا أنه أخذ طريق المدينة قال رزين والأقرب ما ذكره غيره من سماعهم لهذه الأبيات قبل الهجرة ثم سمعوا قائلا بأسفل مكة وقيل بأبي قبيس يقول
جزى الله رب الناس خير جزائه
…
رفيقين قالا خيمتي أم معبد
الأبيات المشهورة وكان صلى الله عليه وسلم مر بأم معبد فاستسقاها لبنا وأتفق ظهور المعجزة في حلبة اللبن من شاة عجفاء لم يكن لها لبن ثم ارتحلوا فجاء أبو معبد فأخبرته وسقته من اللبن فخرج في أثرهم ليسلم عليهم فيقال أدركهم ببطن ريم فبايع وانصرف ولما شارف النبي صلى الله عليه وسلم المدينة لقيه أبو بريدة الأسلمى في سبعين من قومه بني سهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم من أنت فقال بريدة فقال يا أبا بكر برد أمرنا وصلح ثم قال ممن قال من أسلم فقال لأبي بكر
سلمنا ثم قال ممن قال من بني سهم قال خرج سهمك فقال بريدة للنبيّ صلى الله عليه وسلم من أنت قال أنا محمد بن عبد الله رسول الله فأسلم بريدة ومن معه فلما أصبح قال بريدة للنبي صلى الله عليه وسلم لا ندخل المدينة إلا ومعك لواء فحل عمامته ثم شدّها في رمح ثم مشى بين يديه صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله تنزل على من فقال أن ناقتي هذه مأمورة ولقى صلى الله عليه وسلم الزبير كما في الصحيح وقيل لقي طلحة في ركب من المسلمين تجارا قافلين من الشأم فكسا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثيابا بيضا وسمع المسلمون بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا يخرجون كل يوم إلى الحرة أول النهار فينتظرونه فما يردهم إلى إلا حر الشمس فبعد أن رجعوا يوما أوفى رجل من اليهود على أطم لأمر ينظر إليه فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين فلم يملك اليهودي نفسه أن قال بأعلى صوته يا بني قيلة يعني الأنصار هذا جدّكم يعني حظكم الذي تنتظرونه فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو ابن عوف بقباء على كلثوم بن الهدم ولرزين نزل في ظل نخلة ثم أنتقل إلى دار كلثوم وفي نسخة طاهر بن يحيي من كتاب أبيه أناخ إلى عذق عند بئر
غرس قبل أن تبزغ الشمس وما يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي بكر فجعل الناس يقفون عليهم حتى بزغت الشمس من ناحية أطمهم الذي يقال له شقيف فأمهل أبو بكر رضي الله عنه ساعة ثم ذكر أنه قام فستر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه فعرف القوم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال محمد بن معاذ قلت لمجمع ابن يعقوب أن الناس يرون أنه جاء بعدما أرتفع النهار وأحرقتهم الشمس قال مجمع هكذا أخبرني أبي وسعيد بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن يزيد فالا ما بزغت الشمس إلا وهو في منزله صلى الله عليه وسلم قلت وفي مسلم أن قدومهم كان ليلا والذي قاله الأكثر نهارا وقوله بئر غرس لعله تصحيف عذق الغرس من منزله صلى الله عليه وسلم على كلثوم بقباء بخلاف بئر عذق وفي الصحيح أنهم لما قدموا أقام أبو بكر
للناس أي يتلقاهم فطفق من جاء الأنصار أي ممن لم يكن رأى النبي صلى الله عليه وسلم يحيي أبا بكر أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر رضي الله عنه حتى ظلل عليه بردائه فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم اه ولما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلثوم قال لمولى له يا نجيج فقال صلى الله عليه وسلم وألتفت لأبي بكر رضي الله عنه انجمعت أو انجمعنا فقال أطعما رطبا فأتى بقنو من أمّ جردان فيه رطب منصف وفيه زهو فقال ما هذا فقال هذا عذق أم جردان فقال صلى الله عليه وسلم اللهم بارك أمّ جردان وكان يتحدث مع أصحابه في منزل سعد بن خيثمة وكان عزبا وسمى منزله منزل العزاب فلذلك قال قوم أنه صلى الله عليه وسلم نزل عليه وفي الصحيح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في عمرو بن عوف
وفي رواية على المدينة والأكثر أن ذلك اليوم يوم الاثنين وشذ من قال يوم الجمعة لاثنتي عشر ليلة خلت من ربيع الأول علة ما جزم به ابن النجار والنووي ونقله ابن الجوزي عن الزهري وهو ما رواه ابن سعد بن أبي إسحاق فالعجب من الزين المراغي حيث نقله عن ابن النجار والنووي فقط وتعجب منه وكأنه فهم أن مرادهما به دخول باطن المدينة نفسها وقيل كان قدومه قباء في سابعة وقيل لليلتين خلتا منه وقيل
لنصفه فأقام الثلاثاء والأربعاء والخميس كما جزم به ابن جبان لأبن عائذ عن ابن عباس رضي الله عنه ما مكث في بني عمرو بن عوف ثلاث ليال وأتخذ مكانه مسجدا فكان يصلي فيه ثم بناه بنو عمرو بن عوف
فهو الذي أسس على التقوى ولأبن زبالة عن قوم من بني عمرو بن عوف أنه أقام فيهم أثنين وعشرين يوما وللبخاري عن عروة بضع عشرة ليلة وعن أنس أربع عسر ليلة وهو أولى بالقبول من غيره وأقام عيّ رضي الله عنه بعد مخرجه صلى الله عليه وسلم أياما ما قبل ثلاثة حتى أدّى للناس ودائعهم ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء فنزل على كلثوم بن الهدم وكانت الخزرج تخاف أن تدخل دار الأوس وكذا الأوس لما كان بينهم من العداوة وكان أسعد بن زرارة قتل نبيل بن الحرث يوم بعاث فقال صلى الله عليه وسلم أين أسعد بن رزازة فقال سعد بن خيثمة ومبشر ورفاعة أبنا النذر كان قد أصاب منا رجلا يوم بعاث فجاء أسعد إليه متقنعا ليلة الأربعاء بين العشاء فقال صلى الله عليه وسلم جئت إليّ ههنا وبينك وبين القوم ما بينك وبينهم قال لا والذي بعثك بالحق ما كنت لأسمع بك في مكان إلا جئت ثم بات عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى أصبح ثم غدا فقال صلى الله عليه وسلم لسعد ابن خيثمة ومبشرو رفاعة أجيروه قالوا أنت فأجره فجوارنا في جوارك فقال يجيره بعضكم فقال سعد بن خيثمة هو في جواري ثم ذهب لأسعد بن زرارة في بيته فجاء به يخاصره يده في يده ظهرا حتى انتهى به إلى بني عمرو بن عوف ثم قال الأوس يا رسول الله كلنا له جار فكان يغدو ويروح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيأتي تأسيسه صلى الله عليه وسلم لمسجد قباء قبل تحوله منها في الفصل الثاني من الباب الخامس. الذي أسس على التقوى ولأبن زبالة عن قوم من بني عمرو بن عوف أنه أقام فيهم أثنين وعشرين يوما وللبخاري عن عروة بضع عشرة ليلة وعن أنس أربع عسر ليلة وهو أولى بالقبول من غيره
وأقام عيّ رضي الله عنه بعد مخرجه صلى الله عليه وسلم أياما ما قبل ثلاثة حتى أدّى للناس ودائعهم ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء فنزل على كلثوم بن الهدم وكانت الخزرج تخاف أن تدخل دار الأوس وكذا الأوس لما كان بينهم من العداوة وكان أسعد بن زرارة قتل نبيل بن الحرث يوم بعاث فقال صلى الله عليه وسلم أين أسعد بن رزازة فقال سعد بن خيثمة ومبشر ورفاعة أبنا النذر كان قد أصاب منا رجلا يوم بعاث فجاء أسعد إليه متقنعا ليلة الأربعاء بين العشاء فقال صلى الله عليه وسلم جئت إليّ ههنا وبينك وبين القوم ما بينك وبينهم قال لا والذي بعثك بالحق ما كنت لأسمع بك في مكان إلا جئت ثم بات عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى أصبح ثم غدا فقال صلى الله عليه وسلم لسعد ابن خيثمة ومبشرو رفاعة أجيروه قالوا أنت فأجره فجوارنا في جوارك فقال يجيره بعضكم فقال سعد بن خيثمة هو في جواري ثم ذهب لأسعد بن زرارة في بيته فجاء به يخاصره يده في يده ظهرا حتى انتهى به إلى بني عمرو بن عوف ثم قال الأوس يا رسول الله كلنا له جار فكان يغدو ويروح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيأتي تأسيسه صلى الله عليه وسلم لمسجد قباء قبل تحوله منها في الفصل الثاني من الباب الخامس.