المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل السادس " في تحريمها والألفاظ المتعلقة به - خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى - جـ ١

[السمهودي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأوّل في فضلها ومتعلقاتها وفيه عشرة فصول

- ‌ الفصل الثاني في تفضيلها على البلاد

- ‌ الفصل الثالث " في الحث على الإقامة والصبر والموت بها واتخاذ الأصل

- ‌ الفصل الرابع " في الدعاء لها ولأهلها ونقل وباءها وعصمتها من الدجال

- ‌الفصل الخامس في ترابها وثمرها

- ‌ الفصل السادس " في تحريمها والألفاظ المتعلقة به

- ‌ الفصل السابع " في أحكام حرمها

- ‌ الفصل الثامن " في خصائصها

- ‌ الفصل التاسع " في بدء شأنها وما يؤول عليه أمرها وما وقع من ذلك

- ‌ الفصل العاشر " في ظهور نار الحجاز المنذر بها من أرضها وانطفائها عند

- ‌الباب الثاني في فضل الزيارة والمسجد النبوي ومتعلقاتهما

- ‌الأوّل في فضل الزيارة وتأكدها وشدّ الرحال إليها وصحة نذرها وحكم

- ‌ الفصل الثاني " في توسل الزائر به صلى الله عليه وسلم إلى ربه تعالى

- ‌الفصل الثالث في فضل المسجد النبوي وروضته ومنبره

- ‌الباب الثالث في أخبار سكناها إلى أن حل النبي صلى الله عليه وسلم بها

- ‌ الأول " في سكناها بعد الطوفان وسكن اليهود بها ثم الأنصار وبيان نسبهم

- ‌ الفصل الثاني " في منازل الأوس والخزرج وما دخل بينهم من الحروب

- ‌ الفصل الثالث " في إكرام الله تعالى لهم بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الفصل الرابع " في قدومه صلى الله عليه وسلم باطن المدينة وسكناه بدار

الفصل: ‌ الفصل السادس " في تحريمها والألفاظ المتعلقة به

"‌

‌ الفصل السادس " في تحريمها والألفاظ المتعلقة به

وسر تخصيص ذلك بالتحريم. وفي الصحيحين حديث أن إبراهيم حرم مكة ودعا لها وفي رواية ودعا لأهلها وأني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة وللبخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه حرم ما بين لابتي المدينة على لسان قال وأتى النبي صلى الله عليه وسلم بني حارث فقال أراكم يا بني حارثة قد خرجتم من الحرم ثم التفت فقال بل أنتم فيه ولأحمد أن الله حرم على لسان ما بين لابتي المدينة

ص: 189

وللإسماعيلي نحوه وقال ثم جاء بني حارثة وهم في سند الحر أي في الجانب المرتفع منها والمراد منزلهم الذي جاء الإسلام وهم فيه من الحرة الشرقية يمينا متوجه في الطريق الشرقية لمشهد حمزة رضي الله عنه لا كما قال المطري إنهم كانوا غربية المشهد بيثرب لما أوضحناه في الأصل وكأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى منزلهم فيما أرتفع من الحرة فلا يصدق عليه إنه فيما بين الحرتين قال لهم ذلك رأى أن ذلك داخل فيما بين الجبلين فقال بل أنتم فيه

ص: 190

ولمسلم اللهم أني أحرم ما بين جبليها مثلما حرم إبراهيم مكة وله اللهم أن إبراهيم حرم مكة فجعلها حراما وأني حرمت المدينة حراما ما بين مأزميها أن لا يراق فيها دم ولا يحمل فيها سلاح لقتال ولا تخبط فيها شجرة إلا لعلف " قلت " ومأزما المدينة جبلاها كما صوبه النووي وهما عير وثور لما فيه رواية مسلم في حديث الصحيفة عن عليّ المدينة حرم ما بين عير إلى ثور ولأبي داود مثله وزاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يختلي خلالها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها الأمن أشاد بها ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها سلاح لقتال ولا أن يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره

ص: 191

وللطبراني برجال ثقات ما بين عير وأحد حرام حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأحمد نحوه وللبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه لو رأيت الضبا بالمدينة ترتع ما ذعرتها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتيها حرام

ص: 192

ولمسلم عنه حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتي المدينة قال أبو هريرة فلو وجدت الضباء ما بين لابتيها ما ذعرتها وجعل اثنا عشر ميلا حول المدينة حما ولأبي داود حما رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ناحية من المدينة بريدا بريد إلا يخبط شجرة ولا يعضد إلا ما يساق به الجمل

ص: 193

ولأحمد في حديث الصحيفة وهو صحيح إن إبراهيم حرم مكة وأنا أحرم ما بين حرتيها وحماها كله لا يختلي خلاها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها ولا يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره ولا يحمل فيها السلاح لقتال

ص: 194

وللبهيقي في المعرفة أن إبراهيم حرم مكة وأني أحرم المدينة ما بين حرتيها وحماها الحديث وقال ولا يلتقط لقطتها إلا من أشاد بها يعني أنسد ومقتضى رواية أحمد إنه حرم بين حرتي المدينة وحرّم حماها كله وفي رواية البيهقي أنه حرم ما بين اللابتين وحمام المدينة وهنّ ثلاثة أجبل مما يلي حرّتها الغربية

ص: 195

ولمسلم من حديث جابر إن إبراهيم حرم مكة وأني حرمت المدينة ما بين لابيتها لا يقطع عضاهها ولا يصاد صيدها ولأحمد وأنا أحرم ما بين حرتيها ولذا قال النوويّ رضي الله عنه لابتيها أي حرتيها الشرقية والغربية والمدينة بينهما وهو حد للحرم من المشرف والمغرب وما بين جبليها بيان لحدّه من الجنوب والشمال قال ومعنى قوله ما بين لابتيها اللابتان وما بينهما " قلت " ويؤيده ما سبق في منازل بني حارثة وأن التحديد بالجبلين مقتض لذلك وللمدينة أيضا حرة من القبلة وحرة من الشام لكنهما يرجعان إلى

ص: 196

المشرق والمغرب ويتصلان بهما والأحاديث الصحيحة في هذا الباب كثيرة جدّا وهي المعول عليه عندنا في تحديد حرم المدينة وما وقع في أبي داود وغيره من ذكر البريد فقد بين إنه حمى وهو غير الحرم ولم يتعرض أصحابنا لإجراء أحكام الحمى على ما بين نهاية حرم المدينة وبين البريد وجاء في أحاديث ليست بالقوية ما يبين أنه حرم أيضا فلأبن زبالة حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم شجر المدينة بريدا في بريد منها وأذن في المسد والنجدة ومتاع الناضح أن يقطع منه والمنجدة عصا الناضح وللمفضل الجندي أن سعدا قال في قصة العبد الذي وجده يعضد أو يخبط شيئاً من عضاه بالعقيق سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من وجد من يعضد أو يخبط شيئاً من عضاه المدينة بريدا في بريد فله سلبه فلم أكن لأردّ شيئاً أعطانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وللبزار عن جابر حرّم

رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بريدا من نواحيها وللطبرانيّ عن كعب بن مالك حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم الشجر بالمدينة بريدا في بريد وأرسلني فأعلمت على الحرم على شرف ذات الجيش وعلى شريب وعلى أشراف مخيض ولأبن النجار حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بريدا في بريد وأرسلني فأعلمت على الحرم على شرف ذات الجيش وعلى مشيرب وعلى أشراف المجتهر وعلى تيم ورواه أبن زبالة لكن أسقط أشراف المجتهر وأبدل تيما شبيب وزاد وعلى الحفياء وعلى ذي العشيرة وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم حمى الشجر ما بين المدينة إلى وعيرة وإلى تنية المحدث وإلى أشراف مخيض وإلى ثنية الحفياء وإلى مضرب القبة وإلى ذات الجيش من الشجر أن يقطع وأذن لهم في متاع الناضح أن يقطع من حمى المدينة وله أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم نزل بمضرب القبة وقال ما بيني وبين المدينة حمى المدينة لا يعضد فقالوا إلا المسد فأذن لهم في المسد قال وقال مالك بن أنس عن أبي بكر بن حزم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الحمى إلى مضرب القبة قال مالك وذلك نحو من بريد وله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال بعثتني عمتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأذنه في مسد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرئ عمتك السلام وقل لها لو أذنت لكم في مسد لطلبتم ميزابا ولو أذنت لكم في ميزاب لطلبتم خشبة ثم قال حماي من حيث اتسقت بنو فزارة لقاحي قوله عير لفتح المهملة وسكون المثناة تحت مرادف الحمار ويقال عاير جبل مشهور في قبلة المدينة قرب ذي الحليفة وفوقه جبل يسمى باسمه ويميز الأوّل بالوارد والثاني بالصادر وثور بالمثلثة مرادف فحل البقر جبل صغير خلف أحد كما سنحققه وفي المشارق أنّ الزبير بن بكار قال عير جبل المدينة وقال عمه مصعب الزبيري ليس بالمدينة عير ولا ثور ولذا كنى عنهما بعض رواة البخاري قلت في النقل عن مصعب الزبيري نظر فقد ذكر الزبير بن بكار أنّ عمه مصعبا ذكر عيرا في شعره حيث قال من أبيات ذكر فيها العرصة وغيرها من بقاع المدينةول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بريدا من نواحيها

ص: 197

وللطبرانيّ عن كعب بن مالك حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم الشجر بالمدينة بريدا في بريد وأرسلني فأعلمت على الحرم على شرف ذات الجيش وعلى شريب وعلى أشراف مخيض ولأبن النجار حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بريدا في بريد وأرسلني فأعلمت على الحرم على شرف ذات الجيش وعلى مشيرب وعلى أشراف المجتهر وعلى تيم ورواه أبن زبالة لكن أسقط أشراف المجتهر وأبدل تيما شبيب وزاد وعلى الحفياء وعلى ذي العشيرة وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم حمى الشجر ما بين المدينة إلى وعيرة وإلى تنية المحدث وإلى أشراف مخيض وإلى ثنية الحفياء وإلى

ص: 198

مضرب القبة وإلى ذات الجيش من الشجر أن يقطع وأذن لهم في متاع الناضح أن يقطع من حمى المدينة وله أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم نزل بمضرب القبة وقال ما بيني وبين المدينة حمى المدينة لا يعضد فقالوا إلا المسد فأذن لهم في المسد قال وقال مالك بن أنس عن أبي بكر بن حزم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الحمى إلى مضرب القبة قال مالك وذلك نحو من بريد

ص: 199

وله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال بعثتني عمتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأذنه في مسد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرئ عمتك السلام وقل لها لو أذنت لكم في مسد لطلبتم ميزابا ولو أذنت لكم في ميزاب لطلبتم خشبة ثم قال حماي من حيث اتسقت بنو فزارة لقاحي

ص: 200

قوله عير لفتح المهملة وسكون المثناة تحت مرادف الحمار ويقال عاير جبل مشهور في قبلة المدينة قرب ذي الحليفة وفوقه جبل يسمى باسمه ويميز الأوّل بالوارد والثاني بالصادر وثور بالمثلثة مرادف فحل البقر جبل صغير خلف أحد كما سنحققه وفي المشارق أنّ الزبير بن بكار قال عير جبل المدينة وقال عمه مصعب الزبيري ليس بالمدينة عير ولا ثور ولذا كنى عنهما بعض رواة البخاري

ص: 201

قلت في النقل عن مصعب الزبيري نظر فقد ذكر الزبير بن بكار أنّ عمه مصعبا ذكر عيرا في شعره حيث قال من أبيات ذكر فيها العرصة وغيرها من بقاع المدينة

وعلى عير فما حاز الغرا

وإبل مار عليها واكتسح

قال وقال عبد الله بن مصعب من أبيات أيضا

بالعرصتين فسفح عير فالربا

من بطن خاخ ذي المحل الأسهل

وقال عامر بن صالح الزبيري

قال للذي رام هذا الحيّ من أسد

رمت الشوامخ من عير ومن عظم

وذكره أبن أذينة وغيره من الشعراء وثنوه لما قدمناه وذكره أبن زبالة أيضا

ص: 202

وشهرة عير غير خافية قديما وحديثا إنما الغرابة في ثور فقال أبو عبيد القاسم بن سلام عير وثور جبلان بالمدينة وأهل المدينة لا يعرفون بها جبلا يقال له ثور وإنما ثور بمكة قال فإذا نرى أنّ الحديث أصله ما بين عير إلى أحد ونقل ذلك البيهقي في المعرفة ثم قال عقبه وبلغني عن أبي عبيدة إنه قال في كتاب الجبال بلغني أن بالمدينة جبلا يقال له ثور انتهى وقال المجد في عير قال نصر هو جبل يقابل الثنية المعروفة بشعب الجوز وثور جبل عند أحد انتهى فهذا أصل قديم كما نقله المحب الطبريّ وغيره عن أبن مزروع ولفظ الطبريّ أخبرني الثقة الصدوق الحافظ العالم المجاور بحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم البصري إن حذاء أحد عن يساره جافحا إلى ورائه جبلا صغيرا يقال له ثور وأخبر أنه تكرر سؤاله عن الطوائف من العرب العارفين بتلك الأرض وما فيها من الجبال فكل أخبر أن ذلك الجبل اسمه ثور

ص: 203

وقال القطب الحلبي حكى لنا شيخنا الإمام أبو محمد عبد السلام بن مزروع البصري أنه خرج رسولا إلى العراق من صاحب المدينة وكان معه دليل يذكر له ما كان قال فلما وصلنا إلى أحدا ذا بقربة جبل صغير فسألته عنه فقال هذا يسمى ثورا قال فعلمت صحة الرواية وردّ الجمال المطري على من أنكر وجود ثور وقال أنه خلف أحد من شماليه صغير مدور يعرفه أهل المدينة خلف عن سلف " قلت " وهو الآن مشهور ومعروف من علم حجة على من يعلم وثبت بذلك أن أحد من الحرم وما وقع في الروضة وغيرها من التحديد بأحد مبنى على ما سبق مع أن النووي

ص: 204

عقب نقله عن الحازمي أن الرواية الصحيحة ما بين عير إلى أحد قال ويحتمل أن ثورا كان اسما الجبل هناك أما أحد وأما غيره فحق اسمه وقال غيره فقد سمعت الرواية بلفظ ثورا ولا ينبغي الأقدام على توهيم الرواية لمجرد عدم العرفان فإن أسماء الأماكن قد تتغير أو تنسى ولا يعلمها كثير من الناس قوله شرف ذات الجيش قال ابن زبالة ذات الجيش نقيب ثنية الحفيرة من طريق مكة

ص: 205

وقال الهجري هي شعبة على يمين الخارج إلى مكة بحذاء الحفيرة صدر وادي أبي كبير فوق مسجدي الحرم والمعرس وذات الجيش نصب في وادي أبي كبير وطرف أعظم الغربي يدفع في ذات الجيش وما قبل من الصلصلين يدفع في بئر أبي عاصية ثم يدفع في ذات الجيش انتهى

ص: 206

وهو مقتض لأن تكون ذات الجيش بقرب الصلصلين شاميّ جبل أعظم فوق البيداء والناس يعدون ذلك اليوم من البيداء لقربه ولذا قالت عائشة رضي الله عنها في قصة ابتغاء عقدها ونزول آية التميم حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش وسيأتي في أسماء البقاع مسافة ما بينهما وبين العقيق

ص: 207

قوله شريب الظاهر أنه مشيرب تصغير مشرب كما جاء في الرواية الأخرى وهو ما بين جبال شامي ذات الجيش بينها وبين خلائق الضبوعة قوله أشرف مخيض بلفظ مخض اللبن هي جبال مخيض على يمين القادم من الشام حين يفضي من الجبال إلى البركة مصرف عين المدينة

ص: 208

قوله أشراف المجتهر كذا لبن النجار بالجيم والهاء المفتوحة فإن صح فهو موضع والأنهر تصحيف المخيض لمجيئه بدله فيما سبق قوله الحفياء هي بالغلبة شامي المدينة على نحو ستة أميال منها قوله ذي العشيرة تصغير عشرة نقيب شرقي الحفياء

ص: 209

قوله بفتح المثلثة ثم مثناة تحتية ساكنة ثم موحدة كذا رأيته مضبوطا بالقلم في أصل من تهذيب ابن هشام وغيره قال ابن زبالة وهو جبل شرقي المدينة وقال ابن هشام أن أبا سفيان نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له ثيب من المدينة على بريد أو نحوه لكن قال الهجري ثيأب كيتعب فاقتضى أن بعد الياء الساكنة همزة ويشهد له قول عباس بن مرداس من أبيات

سلّكن على وادي الشظاة فثيأبا

ص: 210

والشظاة وادي قناة ووقع لابن النجار بدله تيم بفتح الفوقية ثم التحتية وبالميم قال المجد وهو تصحيف والصواب يتيب بتحتية ثم مثناة فوقية مضارع تاب إذا رجع قوله وعيرة بفتح أوله من الوعورة جبل شرقي ثور أكبر مكنه وأصغر من أحد قوله ثنية المحدث لم أر من تكلم عليه

ص: 211

قوله مضرب القبة قال الهجري هو بين جبل أعظم وبين الشام نحو ستة أميال أي من المدينة قوله من حيث اتسقت بنو قزازة لقاحي كانت اللقاح بالغابة وما حولها قال ابن زبالة عقب ما تقدم وذلك كله يشبه أن يكون بريد في بريد وقد أخذ به مالك وفرق بين حرم الصيد وحرم الشجر فقال الحرم حرمان فحرم الطير والوحش من حرة أقم وهي الشرقية إلى حرة العقيق وهي الغربية وحرم الشجر بريد في بريد

ص: 212

" قلت " ولم يعول أصحابنا في التحديد على البريد لعدم صحة أحاديثه ولو صحت لكان البريد حر ما مطلقا ألا أن في رواية مسلم تسمية حمى فكان مالكا فهم منها تحريم الشجرة ونحن نقول أن أريد بالحمى الحرم ثبت الحكم على إطلاقه وكذا روى الطبراني في الكبير برجال ثقات عن عبد الله بن سلام قال ما بين عير وأحد حرام حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنت لأقطع به شجرة ولا أقتل به طائرا ففهم من التحريم استواء الحكم وروى ابن زبالة ومحله من الضعف معلوم تحريم ما بين لابتيها أي المدينة من الصيد أن يصاد بها وأن ثبت فهو من قبيل أفراد فرد من العام بحكمه والمفهوم من تحريم ذلك تشريف المدينة وتعظيمها به لحلول حبيبه صلى الله عليه وسلم وانتشار أنواره بها كما جعل ما حول بيته الحرام حرما فيوجد فيه من الخير والبركة والأنوار ما لا يوجد في غيره وتخصيص ذلك المقدار ما لأمر رباني وسر روحاني بثه الله تعالى فيه لتلك

ص: 213

الحدود وأهل الشهود يرون الأنوار منبثة بالحرم إلى حدوده وسيأتي أن النار لآتي ذكرها لما بلغته طفئت أو أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وأضاء منها كل شيء كما رواه أنس كانت الإضاءات إلى تلك الحدود أو أن الملائكة الموكلة بحراسة بلده قائمة بتلك الحدود أو هو لأمر تقصر عنه عقولنا وحكم الباري تعالى تحريم المدينة على لسان حبيبه صلى الله عليه وسلم قديم من حيث أن الأحكام خطاباته تعالى والحادث تعلقها والتكليف بها ولذا ذهب الأكثر إلى أن مكة لم تزل حراما منذ خلق الله السماوات والأرض ثم أظهر الله تعالى على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام فنسب تحريمها إليه

ص: 214

وقيل لم تزل كغيرها إلى أن حرمها إبراهيم عليه السلام بدعوته أو بأمر الله تعالى له ولعل الأول يقول أن الله تعالى أظهر تحريمها الملائكة يوم خلق السماوات والأرض وإلا فما معناه مع انتفاء التعليق التكليفي حينئذ وتأخر التكليف بتحريم المدينة حتى كان على لسان اشرف المرسلين بدعوته خصيصة لها وكمال " تنبيه " البريد أربع فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال والميل ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع كما صححه ابن عبد البر وهو الموافق لاختيار ما ذكروه من المسافات وقال النووي رحمه الله تعالى أنه ستة آلاف ذراع وهو بعيد جدا

ص: 215

وقيل ألفا ذراع والذراع أربعة وعشرون إصبعا كل إصبع ست شعيرات مضمومة بعضها إلى بعض وذلك ذراع الأثمن من ذراع الحديد المستعمل بمصر كما حققه التقي القاسمي وهو الموافق لما اختبرناه من ذرع محققي المتقدمين وليكن ذلك على ذكر منك

ص: 216