الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
الفصل السادس " في تحريمها والألفاظ المتعلقة به
وسر تخصيص ذلك بالتحريم. وفي الصحيحين حديث أن إبراهيم حرم مكة ودعا لها وفي رواية ودعا لأهلها وأني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة وللبخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه حرم ما بين لابتي المدينة على لسان قال وأتى النبي صلى الله عليه وسلم بني حارث فقال أراكم يا بني حارثة قد خرجتم من الحرم ثم التفت فقال بل أنتم فيه ولأحمد أن الله حرم على لسان ما بين لابتي المدينة
وللإسماعيلي نحوه وقال ثم جاء بني حارثة وهم في سند الحر أي في الجانب المرتفع منها والمراد منزلهم الذي جاء الإسلام وهم فيه من الحرة الشرقية يمينا متوجه في الطريق الشرقية لمشهد حمزة رضي الله عنه لا كما قال المطري إنهم كانوا غربية المشهد بيثرب لما أوضحناه في الأصل وكأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى منزلهم فيما أرتفع من الحرة فلا يصدق عليه إنه فيما بين الحرتين قال لهم ذلك رأى أن ذلك داخل فيما بين الجبلين فقال بل أنتم فيه
ولمسلم اللهم أني أحرم ما بين جبليها مثلما حرم إبراهيم مكة وله اللهم أن إبراهيم حرم مكة فجعلها حراما وأني حرمت المدينة حراما ما بين مأزميها أن لا يراق فيها دم ولا يحمل فيها سلاح لقتال ولا تخبط فيها شجرة إلا لعلف " قلت " ومأزما المدينة جبلاها كما صوبه النووي وهما عير وثور لما فيه رواية مسلم في حديث الصحيفة عن عليّ المدينة حرم ما بين عير إلى ثور ولأبي داود مثله وزاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يختلي خلالها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها الأمن أشاد بها ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها سلاح لقتال ولا أن يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره
وللطبراني برجال ثقات ما بين عير وأحد حرام حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأحمد نحوه وللبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه لو رأيت الضبا بالمدينة ترتع ما ذعرتها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتيها حرام
ولمسلم عنه حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتي المدينة قال أبو هريرة فلو وجدت الضباء ما بين لابتيها ما ذعرتها وجعل اثنا عشر ميلا حول المدينة حما ولأبي داود حما رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ناحية من المدينة بريدا بريد إلا يخبط شجرة ولا يعضد إلا ما يساق به الجمل
ولأحمد في حديث الصحيفة وهو صحيح إن إبراهيم حرم مكة وأنا أحرم ما بين حرتيها وحماها كله لا يختلي خلاها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها ولا يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره ولا يحمل فيها السلاح لقتال
وللبهيقي في المعرفة أن إبراهيم حرم مكة وأني أحرم المدينة ما بين حرتيها وحماها الحديث وقال ولا يلتقط لقطتها إلا من أشاد بها يعني أنسد ومقتضى رواية أحمد إنه حرم بين حرتي المدينة وحرّم حماها كله وفي رواية البيهقي أنه حرم ما بين اللابتين وحمام المدينة وهنّ ثلاثة أجبل مما يلي حرّتها الغربية
ولمسلم من حديث جابر إن إبراهيم حرم مكة وأني حرمت المدينة ما بين لابيتها لا يقطع عضاهها ولا يصاد صيدها ولأحمد وأنا أحرم ما بين حرتيها ولذا قال النوويّ رضي الله عنه لابتيها أي حرتيها الشرقية والغربية والمدينة بينهما وهو حد للحرم من المشرف والمغرب وما بين جبليها بيان لحدّه من الجنوب والشمال قال ومعنى قوله ما بين لابتيها اللابتان وما بينهما " قلت " ويؤيده ما سبق في منازل بني حارثة وأن التحديد بالجبلين مقتض لذلك وللمدينة أيضا حرة من القبلة وحرة من الشام لكنهما يرجعان إلى
المشرق والمغرب ويتصلان بهما والأحاديث الصحيحة في هذا الباب كثيرة جدّا وهي المعول عليه عندنا في تحديد حرم المدينة وما وقع في أبي داود وغيره من ذكر البريد فقد بين إنه حمى وهو غير الحرم ولم يتعرض أصحابنا لإجراء أحكام الحمى على ما بين نهاية حرم المدينة وبين البريد وجاء في أحاديث ليست بالقوية ما يبين أنه حرم أيضا فلأبن زبالة حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم شجر المدينة بريدا في بريد منها وأذن في المسد والنجدة ومتاع الناضح أن يقطع منه والمنجدة عصا الناضح وللمفضل الجندي أن سعدا قال في قصة العبد الذي وجده يعضد أو يخبط شيئاً من عضاه بالعقيق سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من وجد من يعضد أو يخبط شيئاً من عضاه المدينة بريدا في بريد فله سلبه فلم أكن لأردّ شيئاً أعطانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وللبزار عن جابر حرّم
رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بريدا من نواحيها وللطبرانيّ عن كعب بن مالك حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم الشجر بالمدينة بريدا في بريد وأرسلني فأعلمت على الحرم على شرف ذات الجيش وعلى شريب وعلى أشراف مخيض ولأبن النجار حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بريدا في بريد وأرسلني فأعلمت على الحرم على شرف ذات الجيش وعلى مشيرب وعلى أشراف المجتهر وعلى تيم ورواه أبن زبالة لكن أسقط أشراف المجتهر وأبدل تيما شبيب وزاد وعلى الحفياء وعلى ذي العشيرة وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم حمى الشجر ما بين المدينة إلى وعيرة وإلى تنية المحدث وإلى أشراف مخيض وإلى ثنية الحفياء وإلى مضرب القبة وإلى ذات الجيش من الشجر أن يقطع وأذن لهم في متاع الناضح أن يقطع من حمى المدينة وله أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم نزل بمضرب القبة وقال ما بيني وبين المدينة حمى المدينة لا يعضد فقالوا إلا المسد فأذن لهم في المسد قال وقال مالك بن أنس عن أبي بكر بن حزم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الحمى إلى مضرب القبة قال مالك وذلك نحو من بريد وله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال بعثتني عمتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأذنه في مسد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرئ عمتك السلام وقل لها لو أذنت لكم في مسد لطلبتم ميزابا ولو أذنت لكم في ميزاب لطلبتم خشبة ثم قال حماي من حيث اتسقت بنو فزارة لقاحي قوله عير لفتح المهملة وسكون المثناة تحت مرادف الحمار ويقال عاير جبل مشهور في قبلة المدينة قرب ذي الحليفة وفوقه جبل يسمى باسمه ويميز الأوّل بالوارد والثاني بالصادر وثور بالمثلثة مرادف فحل البقر جبل صغير خلف أحد كما سنحققه وفي المشارق أنّ الزبير بن بكار قال عير جبل المدينة وقال عمه مصعب الزبيري ليس بالمدينة عير ولا ثور ولذا كنى عنهما بعض رواة البخاري قلت في النقل عن مصعب الزبيري نظر فقد ذكر الزبير بن بكار أنّ عمه مصعبا ذكر عيرا في شعره حيث قال من أبيات ذكر فيها العرصة وغيرها من بقاع المدينةول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بريدا من نواحيها
وللطبرانيّ عن كعب بن مالك حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم الشجر بالمدينة بريدا في بريد وأرسلني فأعلمت على الحرم على شرف ذات الجيش وعلى شريب وعلى أشراف مخيض ولأبن النجار حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بريدا في بريد وأرسلني فأعلمت على الحرم على شرف ذات الجيش وعلى مشيرب وعلى أشراف المجتهر وعلى تيم ورواه أبن زبالة لكن أسقط أشراف المجتهر وأبدل تيما شبيب وزاد وعلى الحفياء وعلى ذي العشيرة وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم حمى الشجر ما بين المدينة إلى وعيرة وإلى تنية المحدث وإلى أشراف مخيض وإلى ثنية الحفياء وإلى
مضرب القبة وإلى ذات الجيش من الشجر أن يقطع وأذن لهم في متاع الناضح أن يقطع من حمى المدينة وله أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم نزل بمضرب القبة وقال ما بيني وبين المدينة حمى المدينة لا يعضد فقالوا إلا المسد فأذن لهم في المسد قال وقال مالك بن أنس عن أبي بكر بن حزم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الحمى إلى مضرب القبة قال مالك وذلك نحو من بريد
وله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال بعثتني عمتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأذنه في مسد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرئ عمتك السلام وقل لها لو أذنت لكم في مسد لطلبتم ميزابا ولو أذنت لكم في ميزاب لطلبتم خشبة ثم قال حماي من حيث اتسقت بنو فزارة لقاحي
قوله عير لفتح المهملة وسكون المثناة تحت مرادف الحمار ويقال عاير جبل مشهور في قبلة المدينة قرب ذي الحليفة وفوقه جبل يسمى باسمه ويميز الأوّل بالوارد والثاني بالصادر وثور بالمثلثة مرادف فحل البقر جبل صغير خلف أحد كما سنحققه وفي المشارق أنّ الزبير بن بكار قال عير جبل المدينة وقال عمه مصعب الزبيري ليس بالمدينة عير ولا ثور ولذا كنى عنهما بعض رواة البخاري
قلت في النقل عن مصعب الزبيري نظر فقد ذكر الزبير بن بكار أنّ عمه مصعبا ذكر عيرا في شعره حيث قال من أبيات ذكر فيها العرصة وغيرها من بقاع المدينة
وعلى عير فما حاز الغرا
…
وإبل مار عليها واكتسح
قال وقال عبد الله بن مصعب من أبيات أيضا
بالعرصتين فسفح عير فالربا
…
من بطن خاخ ذي المحل الأسهل
وقال عامر بن صالح الزبيري
قال للذي رام هذا الحيّ من أسد
…
رمت الشوامخ من عير ومن عظم
وذكره أبن أذينة وغيره من الشعراء وثنوه لما قدمناه وذكره أبن زبالة أيضا
وشهرة عير غير خافية قديما وحديثا إنما الغرابة في ثور فقال أبو عبيد القاسم بن سلام عير وثور جبلان بالمدينة وأهل المدينة لا يعرفون بها جبلا يقال له ثور وإنما ثور بمكة قال فإذا نرى أنّ الحديث أصله ما بين عير إلى أحد ونقل ذلك البيهقي في المعرفة ثم قال عقبه وبلغني عن أبي عبيدة إنه قال في كتاب الجبال بلغني أن بالمدينة جبلا يقال له ثور انتهى وقال المجد في عير قال نصر هو جبل يقابل الثنية المعروفة بشعب الجوز وثور جبل عند أحد انتهى فهذا أصل قديم كما نقله المحب الطبريّ وغيره عن أبن مزروع ولفظ الطبريّ أخبرني الثقة الصدوق الحافظ العالم المجاور بحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم البصري إن حذاء أحد عن يساره جافحا إلى ورائه جبلا صغيرا يقال له ثور وأخبر أنه تكرر سؤاله عن الطوائف من العرب العارفين بتلك الأرض وما فيها من الجبال فكل أخبر أن ذلك الجبل اسمه ثور
وقال القطب الحلبي حكى لنا شيخنا الإمام أبو محمد عبد السلام بن مزروع البصري أنه خرج رسولا إلى العراق من صاحب المدينة وكان معه دليل يذكر له ما كان قال فلما وصلنا إلى أحدا ذا بقربة جبل صغير فسألته عنه فقال هذا يسمى ثورا قال فعلمت صحة الرواية وردّ الجمال المطري على من أنكر وجود ثور وقال أنه خلف أحد من شماليه صغير مدور يعرفه أهل المدينة خلف عن سلف " قلت " وهو الآن مشهور ومعروف من علم حجة على من يعلم وثبت بذلك أن أحد من الحرم وما وقع في الروضة وغيرها من التحديد بأحد مبنى على ما سبق مع أن النووي
عقب نقله عن الحازمي أن الرواية الصحيحة ما بين عير إلى أحد قال ويحتمل أن ثورا كان اسما الجبل هناك أما أحد وأما غيره فحق اسمه وقال غيره فقد سمعت الرواية بلفظ ثورا ولا ينبغي الأقدام على توهيم الرواية لمجرد عدم العرفان فإن أسماء الأماكن قد تتغير أو تنسى ولا يعلمها كثير من الناس قوله شرف ذات الجيش قال ابن زبالة ذات الجيش نقيب ثنية الحفيرة من طريق مكة
وقال الهجري هي شعبة على يمين الخارج إلى مكة بحذاء الحفيرة صدر وادي أبي كبير فوق مسجدي الحرم والمعرس وذات الجيش نصب في وادي أبي كبير وطرف أعظم الغربي يدفع في ذات الجيش وما قبل من الصلصلين يدفع في بئر أبي عاصية ثم يدفع في ذات الجيش انتهى
وهو مقتض لأن تكون ذات الجيش بقرب الصلصلين شاميّ جبل أعظم فوق البيداء والناس يعدون ذلك اليوم من البيداء لقربه ولذا قالت عائشة رضي الله عنها في قصة ابتغاء عقدها ونزول آية التميم حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش وسيأتي في أسماء البقاع مسافة ما بينهما وبين العقيق
قوله شريب الظاهر أنه مشيرب تصغير مشرب كما جاء في الرواية الأخرى وهو ما بين جبال شامي ذات الجيش بينها وبين خلائق الضبوعة قوله أشرف مخيض بلفظ مخض اللبن هي جبال مخيض على يمين القادم من الشام حين يفضي من الجبال إلى البركة مصرف عين المدينة
قوله أشراف المجتهر كذا لبن النجار بالجيم والهاء المفتوحة فإن صح فهو موضع والأنهر تصحيف المخيض لمجيئه بدله فيما سبق قوله الحفياء هي بالغلبة شامي المدينة على نحو ستة أميال منها قوله ذي العشيرة تصغير عشرة نقيب شرقي الحفياء
قوله بفتح المثلثة ثم مثناة تحتية ساكنة ثم موحدة كذا رأيته مضبوطا بالقلم في أصل من تهذيب ابن هشام وغيره قال ابن زبالة وهو جبل شرقي المدينة وقال ابن هشام أن أبا سفيان نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له ثيب من المدينة على بريد أو نحوه لكن قال الهجري ثيأب كيتعب فاقتضى أن بعد الياء الساكنة همزة ويشهد له قول عباس بن مرداس من أبيات
سلّكن على وادي الشظاة فثيأبا
والشظاة وادي قناة ووقع لابن النجار بدله تيم بفتح الفوقية ثم التحتية وبالميم قال المجد وهو تصحيف والصواب يتيب بتحتية ثم مثناة فوقية مضارع تاب إذا رجع قوله وعيرة بفتح أوله من الوعورة جبل شرقي ثور أكبر مكنه وأصغر من أحد قوله ثنية المحدث لم أر من تكلم عليه
قوله مضرب القبة قال الهجري هو بين جبل أعظم وبين الشام نحو ستة أميال أي من المدينة قوله من حيث اتسقت بنو قزازة لقاحي كانت اللقاح بالغابة وما حولها قال ابن زبالة عقب ما تقدم وذلك كله يشبه أن يكون بريد في بريد وقد أخذ به مالك وفرق بين حرم الصيد وحرم الشجر فقال الحرم حرمان فحرم الطير والوحش من حرة أقم وهي الشرقية إلى حرة العقيق وهي الغربية وحرم الشجر بريد في بريد
" قلت " ولم يعول أصحابنا في التحديد على البريد لعدم صحة أحاديثه ولو صحت لكان البريد حر ما مطلقا ألا أن في رواية مسلم تسمية حمى فكان مالكا فهم منها تحريم الشجرة ونحن نقول أن أريد بالحمى الحرم ثبت الحكم على إطلاقه وكذا روى الطبراني في الكبير برجال ثقات عن عبد الله بن سلام قال ما بين عير وأحد حرام حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنت لأقطع به شجرة ولا أقتل به طائرا ففهم من التحريم استواء الحكم وروى ابن زبالة ومحله من الضعف معلوم تحريم ما بين لابتيها أي المدينة من الصيد أن يصاد بها وأن ثبت فهو من قبيل أفراد فرد من العام بحكمه والمفهوم من تحريم ذلك تشريف المدينة وتعظيمها به لحلول حبيبه صلى الله عليه وسلم وانتشار أنواره بها كما جعل ما حول بيته الحرام حرما فيوجد فيه من الخير والبركة والأنوار ما لا يوجد في غيره وتخصيص ذلك المقدار ما لأمر رباني وسر روحاني بثه الله تعالى فيه لتلك
الحدود وأهل الشهود يرون الأنوار منبثة بالحرم إلى حدوده وسيأتي أن النار لآتي ذكرها لما بلغته طفئت أو أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وأضاء منها كل شيء كما رواه أنس كانت الإضاءات إلى تلك الحدود أو أن الملائكة الموكلة بحراسة بلده قائمة بتلك الحدود أو هو لأمر تقصر عنه عقولنا وحكم الباري تعالى تحريم المدينة على لسان حبيبه صلى الله عليه وسلم قديم من حيث أن الأحكام خطاباته تعالى والحادث تعلقها والتكليف بها ولذا ذهب الأكثر إلى أن مكة لم تزل حراما منذ خلق الله السماوات والأرض ثم أظهر الله تعالى على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام فنسب تحريمها إليه
وقيل لم تزل كغيرها إلى أن حرمها إبراهيم عليه السلام بدعوته أو بأمر الله تعالى له ولعل الأول يقول أن الله تعالى أظهر تحريمها الملائكة يوم خلق السماوات والأرض وإلا فما معناه مع انتفاء التعليق التكليفي حينئذ وتأخر التكليف بتحريم المدينة حتى كان على لسان اشرف المرسلين بدعوته خصيصة لها وكمال " تنبيه " البريد أربع فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال والميل ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع كما صححه ابن عبد البر وهو الموافق لاختيار ما ذكروه من المسافات وقال النووي رحمه الله تعالى أنه ستة آلاف ذراع وهو بعيد جدا
وقيل ألفا ذراع والذراع أربعة وعشرون إصبعا كل إصبع ست شعيرات مضمومة بعضها إلى بعض وذلك ذراع الأثمن من ذراع الحديد المستعمل بمصر كما حققه التقي القاسمي وهو الموافق لما اختبرناه من ذرع محققي المتقدمين وليكن ذلك على ذكر منك