الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأي ابن فارس في تطور اللغة:
يقول ابن فارس:
ولعل ظانا يظن أن اللغة التي دللنا على أنها توقيف إنما جاءت جملة واحدة وفي زمان واحد. وليس الأمر كذا، بل وقف الله عز وجل آدم عليه السلام على ما شاء أن يعلمه إياه مما احتاج إلى علمه في زمانه، وانتشر من ذلك ما شاء الله، ثم علم من بعد آدم عليه السلام من عرب الأنبياء صلوات الله عليهم نبيًّا نبيًّا ما شاء أن يعلمه، حتى انتهى الأمر إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فآتاه الله عز وجل من ذلك ما لم يؤته أحدًا قبله،
تمامًا على ما أحسنه من اللغة المتقدمة ثم قر الأمر قراره فلا نعلم لغة من بعده حدثت.
فإن تعمل اليوم لذلك متعمل وجد من نفاذ العلم من ينفيه ويرده. ولقد بلغنا عن "أبي الأسود" أن امرأ كلمه ببعض ما أنكره أبو الأسود فسأله أبو الأسود عنه فقال: "هذه لغة لم تبلغك" فقال له: يا ابن أخي لا خير لك فيما لم يبلغني "فعرفه بلطف أن الذي تكلم به مختلف. وخلة أخرى أنه يبلغنا أن قومًا من العرب في زمان يقارب زماننا أجمعوا على تسمية شيء من الأشياء مصطلحين عليه فكنا نستدل بذلك على اصطلاح كان قبلهم. وقد كان في الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- وهم البلغاء والفصحاء، من النظر في العلوم الشريفة ما لا خفاء به. وما علمناهم اصطلحوا على اختراع لغة أو إحداث لفظة لم تتقدمهم.
ومعلوم أن حوادث العالم لا تنقضي إلا بإنقضائه ولا تزال إلا بزواله وفي ذلك دليل على صحة ما ذهبنا إليه في هذا الباب1.
فابن فارس يرى أن اللغة توقيفية من عند الله علمها لآدم عن طريق الوحي أو الإلهام بأن علمه الله عز وجل ما شاء أن يعلمه إياه مما احتاج إلى علمه في زمانه، ثم علم بعد آدم من الأنبياء صلوات الله عليهم نبيا نبيًا ما شاء الله أن يعلمون حتى انتهى الأمر إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فآتاه الله من ذلك ما لم يؤته لأحد قبله زيادة على ما أحسنه من اللغة المتقدمة وتكملة له. ثم قر الأمر قراره فلم نعلم لغة وجدت بعد ذلك.
وقد ذهب إلى هذا الرأي في العصور القديمة الفيلسوف اليوناني هيراكليت، وفي العصور الحديثة طائفة من العلماء وعلى رأسها الأب فرانسو لامي المتوفى عام 1711م في كتابة "فن الكلام"2.
1 الصاحبي في فقه اللغة ص6، 7، 8، 9.
2 علم اللغة د. علي عبد الواحد وافي ص89.