الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما استفادته القرشية من هذا الصراع:
وقد استفادت اللهجة القرشية من احتكاكها باللهجات الأخرى أمورًا كثيرة منها:
1-
استفادت كثيرًا من المفردات والأساليب وخاصة تلك الأشياء التي كانت تنقصها فتنوعت فنون القول، وتمكنت من التعبير عن جميع الأغراض.
2-
أصبحت اللغة القومية للعرب قاطبة، فأصبحت لغة الشعراء والخطباء، وكان على الشعراء
الذين جاءوا من بيئات مختلفة أن ينظموا أشعارهم باللغة النموذجية والتي خلت من العنعنة والعجعجة والكشكشة وغيرها من اللغات المذمومة.
3-
نزول القرآن الكريم: فلقد نزل القرآن الكريم بلهجة قريش وهي اللغة القومية النموذجية السائدة عند العرب في هذا الوقت ولقد أكسبها القرآن الكريم كثيرًا من الألفاظ الإسلامية كالصلاة والزكاة والصوم والحج بمعانيها الجديدة والشرعية.
4-
تقوية سلطانها:
إن القرآن الكريم وهو دستور الإسلام ومصدر العبادة قد نزل باللغة النموذجية القرشية، لذلك كان لزامًا على العرب وقد دخلوا هذا الدين الحنيف أن ينظروا إلى هذه اللغة التي نزل بها القرآن، كتاب الله المقدس نظرة رعاية وتقديس، فقوي سلطانها،
وتوطدت أركانها وثبتت دعائمها. ولقد اختلف العلماء في نزول القرآن بلغة قريش.
أ- فذهب بعض العلماء إلى أن القرآن كله نزل بلغة قريش وليس فيه شيء من لهجات غيرهم من القبائل وحجتهم في ذلك ما ورد في البخاري عن عثمان أنه قال: لرهط القرشيين الثلاثة إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ففعلوا، وقد قال العالم نولدكه أن هذه الفكرة نشأت في العصر الأموي لإظهار تفوق قريش على بقية البطون العربية في كل شيء لعلاقتهم بالنبوة1.
ب- وذهب بعض العلماء إلى أن القرآن نزل فيه شيء بلهجة غير قريش من لهجات بعض القبائل وأولوا ما ورد من أن القرآن نزل بلغة قريش قال جاحظ بن عبد البر في التمهيد "قول من قال أن القرآن نزل بلغة قريش معناه عندي في الأغلب؛ لأن لغة غير قريش
1 تاريخ اللغات السامية لإسرائيل ولفنسون ص207.
موجودة في جميع القراءات من تحقيق الهمزة ونحوها وقريش لا تهمزو ويؤيد إسرائيل ولفنسون هذا الرأي فيقول: وما يقال من أن القرآن نزل بلغة قريش إن كان المقصود منه أن الرسول كان ينطق الكلمات بلهجة قريش التي هي لهجة جميع أهل مكة فصحيح أما إن كان المراد منه أن قريشًا كانت لها لغة علمية خاصة بأصحاب الخطابة والكهانة والشعر دون سواهم من القبائل الأخرى فليس بصحيح؛ لأنه يضيق من دائرته ويقلل عدد الذين كانوا يفهمونه من العرب والواقع يخالف ذلك1.
ج- وقال فريق آخر من العلماء أن القرآن نزل بلغة قريش غير أن قريشًا دخل في لغتهم شيء من لغتهم، وما يقال إنه وقع في القرآن ما ليس من لغة قريش، فهو مما كان من هذا القبيل، وهذا الرأي يجمع بين المذهبين ويوفق بينهما وهذا الرأي هو الوجه.
1 تاريخ اللغات السامية ص207.