المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مصادرها: للدراسة اللغوية مصادر عني النحاة البصريون بالأخذ عنها وجملة هذه - دراسات لغوية في أمهات كتب اللغة

[إبراهيم محمد أبو سكين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف:

- ‌‌‌الدراسات اللغويةالعربية نشأتها وتدرجها

- ‌الدراسات اللغوية

- ‌مدخل

- ‌دواعيها:

- ‌نشأتها:

- ‌مصادرها:

- ‌أهدافها:

- ‌اتجاهاتها:

- ‌تشعبها:

- ‌الصحابي في فقه اللغة لأبي فارس أحمد بن فارس

- ‌الصحابي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها "‌‌لماذا سمي بالصحابي

- ‌لماذا سمي بالصحابي

- ‌مباحث الصحابي

- ‌نشأة اللغة وتطورها

- ‌مدخل

- ‌رأي ابن فارس في تطور اللغة:

- ‌أدلة القائلين بالتوقيف

- ‌الأدلة النقلية

- ‌الأدلة العقلية:

- ‌مناقشة الأدلة:

- ‌رأي ابن فارس في تطور اللغة:

- ‌باب الأسباب الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌الوهم:

- ‌الوكم:

- ‌الفحفحة:

- ‌الاستنطاء:

- ‌ما استفادته القرشية من هذا الصراع:

- ‌كتاب الخصائص لابن جني

- ‌نسبه ونشأته

- ‌مكانته العلمية ومكانته الأدبية

- ‌مؤلفاته:

- ‌مقدمة على كتاب الخصائص

- ‌باب القول على أصل العربية إلهام أم إصلاحا

- ‌نظرية الغريزة الكلامية

- ‌تصور أصحاب الغريزة لنشأة اللغة:

- ‌تطور اللغة بين ابن جني وابن فارس:

- ‌وهذه بعض الدراسات من كتابي الصحابي في فقه اللغة والخصائص

- ‌مخالفة الظاهر من حيث النوع والعدد

- ‌تذكير المؤنث:

- ‌تأنيث المذكر:

- ‌الجمع بين الأضعف والأقوى في عقد واحد:

- ‌باب نظم العرب لا يقوله غيرهم

- ‌لغويات: قل ولا تقل

- ‌المزهر:

- ‌معرفة الفصيح من العرب:

- ‌طريقة البحث

- ‌مدخل

- ‌الأسس التي يقوم عليها البحث:

- ‌التصنيف العشري:

- ‌الفهرس

الفصل: ‌ ‌مصادرها: للدراسة اللغوية مصادر عني النحاة البصريون بالأخذ عنها وجملة هذه

‌مصادرها:

للدراسة اللغوية مصادر عني النحاة البصريون بالأخذ عنها وجملة هذه المصادر هي:

أ- القرآن1 الكريم فهو أصدق مرجع وأصح مصدر يرجع النحاة إليه في تقنين القواعد واستخراج الأصول.

ب- الشعر الجاهلي والإسلامي، وقد استشهدوا بشعر جرير والفرزدق والعجاج ورؤبة وأبي النجم، وعنوا أيضًا ببشار بن برد فاستشهدون بشعره2.

ويذهب السيوطي في الاقتراح إلى أن إبراهيم بن هرمة آخر من يحتج به3 فهم يستشهدون على وجه التقريب بأشعار المحدثين الذين عاشوا حتى منتصف القرن الثاني للهجرة.

ج- فصحاء العرب، وهم سكان البادية الذين لم يتأثروا بلغات أجنبية وهم قيس وتميم وأسد وهذيل وبعض كنانة وبعض الطائيين4.

وسأل الكسائي الخليل عن مصادر علمه فقال: من بوادر الحجاز ونجد وتهامة5.

1 الاقتراح للسيوطي ص17. النشر ج1 ص9.

2 مدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة اللغة والنحو نقلا عن خزانة الأدب.

3 الاقتراح ص32.

4 المرجع السابق ص23.

5 بغية الوعاة ج2 ص163.

ص: 25

د- الأمثال وما جرى مجراها من أساليب قصيرة حفظها الاستعمال وشاعت على الألسنة كقول حاتم الطائي حين كان أسيرًا في بني عنزة مكان الأسير الذي فداه بنفسه، ولطمته أمه فقال:"لو ذات سوار لطمتني"1 وقول العرب: "أشأم من براقش"2.

أما الحديث فلم يجوز اللغويون والنحاة الأولون -كأبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر والخليل بن أحمد وسيبويه من البصريين والكسائي وهشام والفراء وغيرهم من الكوفيين- الاستشهاد به3.

وجاءت مدرسة الكوفة وهي مدينة في نشأتها لأعمال البصريين الأولين ولا يعني ذلك أنهم مقلدون وناقلون، فقد برز في دراستهم اللغوية طابعهم العلمي الخاص، فغيروا في الأصول التي تلقوها وعدلوها،

1 المنجد ص9 فرائد س ص1068.

2 المرجع السابق س ص1069.

3 الاقتراح ص20.

ص: 26

وكانت لهم زيادات فيها، بل لقد حاولوا إعادة النظر فيها، ورجعوا إلى مصادرها الأولى.

فهذا أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي سنة 189هـ يرحل إلى البوادي1 ويقضي فيها زمنا طويلًا، يسمع من أعرابها ويدون ما يسمع، بعد أن تلقى أصول الدراسة اللغوية عن الخليل بن أحمد، فلم يتقبل النتائج التي وصل إليها أستاذه وغيره، على أنها نتائج مقطوع بصحتها، وجملة مصادرهم هي:

1-

الدراسات اللغوية البصرية:

كما تلقوها عن عيسى بن عمر والخليل بن أحمد ويونس بن حبيب.

2-

لغات الأعراب التي اعتمد عليها البصريون:

وهي لغات الأعراب بالبوادي، ولقد نقل البصريون واحتجوا بلغات "قيس وتميم وأسد فإن هؤلاء هم الذين

1 نشأة النحو ص98-99، بغية الوعاة ج2 ص163.

ص: 27

عنهم أكثر ما أخذ ومعظمه وعليهم اتكل في الغريب وفي الإعراب والتصريف ثم هذيل وبعض كنانة وبعض الطائيين، ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر قبائلهم، وبالجملة فإنه لم يؤخذ عن حضري قط، ولا عن سكان البراري ممن كان يسكن أطراف بلادهم التي تجاور سائر الأمم الذين حولهم"1.

3-

لغات أخرى أبى البصريون الاستشهاد بها:

وهي لهجات عرب الأرياف، الذين وثقوا بهم، كأعراب سواد الكوفة من تميم وأسد، وأعراب سواد بغداد من أعراب الحليمات الذين قدموا بغداد وضربوا خيامهم في قطر بل "قرية من متنزهات بغداد اشتهرت باللهو والخمر".

وجاء في بغية الوعاة "وعن الأصمعي: أخذ الكسائي اللغة عن أعراب من الحطمة ينزلون بقطر بل، فلما ناظر سيبويه استشهد بلغتهم عليه، وقال ابن

1 الاقتراح للسيوطي ص22، 23.

ص: 28

درستويه: كان الكسائي يسمح الشاذ الذي لا يجوز إلا في الضرورة فيجعله أصلًا ويقيس عليه فأفسد بذلك النحو"1.

وجاء في نشأة النحو نقلًا عن أخبار النحويين البصريين قال أبو زيد: قدم علينا الكسائي البصرة فلقي عيسى والخليل وغيرهما وأخذ منهم نحوًا كثيرًا، ثم صار إلى بغداد فلقي أعراب الحليمات فأخذ عنهم الفساد من الخطأ واللحن، فأفسد بذلك ما كان أخذه بالبصرة كله2.

وقد اقتفى الكوفيون طريق الكسائي فعولوا على شعر الأعراب بعد أن امتزجوا وتأشبوا "اختلطوا" بالمتحضرين ولان جفاؤهم، ومن أجل هذا كان البصريون يفتخرون على الكوفيين، فيقول الرياشي البصري: "نحن نأخد اللغة عن حرشة الضباب وأكلة

1 بغية الوعاة ج2 ص163، 164.

2 نشأة النحو الشيخ محمد الطنطاوي ص121.

ص: 29

اليرابيع، وهؤلاء أخذوا اللغة عن أهل السواد أصحاب الكواميخ وأكلة الشواريز1.

ولا يعني قبول الكوفيين لهجات قد رفضها البصريون، أنهم لم يكونوا يتشددون في قبول اللغات التي كانوا يعتمدون عليها في دراستهم اللغوية فقد استهجنوا لهجات كما جاء في قول الفراء:

"كانت العرب تحضر الموسم في كل عام، وتحج البيت في الجاهلية وقريش يسمعون لغات العرب، فما استحسنوه من لغاتهم تكلموا به، فصاروا أفصح العرب، وخلت لغاتهم من مستبشع اللغات ومستقبح الألفاظ من ذلك: الكشكشة، والكسكسة، والعنعنة، والفخفحة، والوكم، والوهم، والعجعجة.. إلخ"2.

1 نشأة النحو ص121.

2 المزهر ج1 ص221، 222.

ص: 30

4-

الشعر العربي:

سبق أن قلنا أن علماء اللغة الأقدمين استشهدوا بالشعر الجاهلي والإسلامي واحتجوا به، بل لقد تجاوزوا ذلك حتى استشهدوا بشعر كثير من المحدثين الذين وثقوا بفصاحتهم، وكان آخر من يحتج به عندهم إبراهيم بن هرمة "والذي توفي في النصف الثاني للهجرة"1.

والشعر العربي كان أيضًا من مصادر الكوفيين جاهليه وإسلاميه ومحدثه فاحتجوا به وبنوا عليه قواعدهم ودراستهم اللغوية. بل لقد وافقوا البصريين في علمه بفضل الأوراق المطمورة من عهد النعمان بن المنذر نقل ابن جني عن حماد الراوية الكوفي "قال أمر النعمان فنسخت له أشاعر العرب في الطنوج "الكراريس" ثم دفنها في قصره الأبيض فلما كان المختار بن عبيد الثقفي قيل له: إن تحت القصر كنزًا فاحتفره، فأخرج

1 الاقتراح ص32.

ص: 31

تلك الأشعار، فمن ثم أهل الكوفة أعلم بالشعر من أهل البصرة"1.

إلا أنه مما يؤخذ على البصريين والكوفيين عدم فصلهم بين الشعر والنثر في تقعيد القواعد، وخلطوا بين الشعر والنثر، فلقد قعدوا بعضهم قواعدهم على أبيات من الشعر، مع أن للشعر لغته الخاصة به يقتضيها الأسلوب الشعري من الخضوع للوزن والقافية، وينتج عن ذلك اضطراب النحاة في بعض أحكامهم.

5-

القراءات:

والقراءات مصدر مهم من مصادر النحو الكوفي، ولكن البصريين كانوا قد وقفوا منها موقفهم من سائر النصوص اللغوية وأخضعوها لأصولهم وأقيستهم، فما وافق منها أصولهم، ولو بالتأويل قبلوه، وما أباها رفضوا الاحتجاج به، ووصفوه بالشذوذ، كما رفضوا

1 الخصائص ج1 ص387.

ص: 32

الاحتجاج بكثير من الروايات اللغوية، وعدوها شاذة تحفظ، ولا يقاس عليها"1.

ويرجع اعتبار القراءات مصدرًا لغويًّا للكوفيين إلى: أن الكوفة كانت مهبط الصحابة، وأن مؤسس هذه المدرسة وأستاذهم إمام من أئمة القراءات وهو الكسائي، وأن طابع الكوفيين في دراستهم ديني ومن مظاهر هذا عنايتهم بالقرآن، وصلة الكسائي به واضحة كل الوضوح، وصلة الفراء به واضحة أيضًا فهو صاحب:"معاني القرآن" الذي يشهد بعنايته بالأعمال القرآنية"2.

ومن المصادر اللغوية التي أهملها النحاة الأولون "الحديث"3.

ولقد استمد العلماء ملاحظاتهم الصوتية من مصادر مختلفة فاستمدوها من المحاولات التي قاموا بها لوضع

1 مدرسة الكوفة د. مهدي المخزومي ص337.

2 مدرسة الكوفة ص345-347.

3 الاقتراح ص19-20.

ص: 33

الكتابة العربية وللإصلاحات الكثيرة التي أدخلوها عليها، وذلك كالإصلاح المنسوب إلى أبي الأسود الدؤلي والخاص بوضع نقط تمثل الحركات القصيرة والتنوين، وكان ذلك قبل وضع "النحو" العربي، وكالإصلاحات التي تلت هذا والتي أضافت إلى الكتابة العربية علامات لخصائص صوتية أخرى.

فلقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي "100-174هـ" طريقة أخرى للشكل وهي التي عليها الناس ذلك بأنه جعل للفتحة ألفا صغيرة مضطجعة فوق الحرف، وللكسرة رأس ياء صغيرة تحته وللضمة واو صغيرة فوقه فإذا كان الحرف المحرك منونا كرر الحرف الصغير فكتب مرتين فوق الحرف أو تحته ووضع للتشديد رأس شين بغير نقط هكذا "س" وللسكون رأس خاء بلا نقط هكذا "ح" وللهمزة رأس عين "ع" ولألف الوصل رأس صاد هكذا "ص" توضع فوق ألف الوصل وللمد الواجب ميما صغيرة مع

ص: 34

جزء من الدال هكذا "مد" والذي تطور إلى "مد" فكان مجموع ما وضع الخليل ثماني علامات هي الفتحة والكسرة والضمة والشدة والسكون والهمزة ولو صلة المد وقد تفنن أتباع الخليل فأدخلوها بعض تعديلات على هذه العلامات حتى صارت كما هي الآن هكذا:

ر، ر، ر، ر، ر، ر، ر، ر

وكذلك استمد العلماء ملاحظاتهم الصوتية واللغوية من كتاب العين المنسوب للخليل بن أحمد الفراهيدي، وفي المقدمة تصنيف للأصوات العربية حسب موضع النطق، أحس الخليل أنه لا بد كي يضع معجمًا جامعًا لمفردات اللغة العربية، أن يرتب مواده، على أساس معين.

وقد اختار أن ترتب "المواد" على أساس "الحروف" التي تتكون منها، واختار أن ترتب "الحروف" على أساس مخارجها فبدأ من أقصاها في الحلق متقدمًا إلى الشفتين.

ص: 35

يقول الشيخ1 الطنطاوي: إن كتاب العين هو الأساس لكتب اللغة، ثم كان سيبويه ذلك الكتاب الجامع الذي اتخذ مصدرًا للدراسات اللغوية بعد سيبويه.

ولقد أورد سيبويه في كتابه تصنيفًا للأصوات العربية ووصفًا لها في باب الإدغام، وكان تصنيف سيبويه ووصفه للأصوات العربية دقيقان كل الدقة بالنسبة إلى عصره وقد تناقلتها التآليف العربية من بعده.

ويرى الدكتور محمود السعران أن أخذ العرب أصول تصنيف الأصوات ووصفها عن الهنود أو أخذهم في الميادين اللغوية عامة أو تأثرهم بهم أمرًا محتملًا نظرًا، ويستند هذا الاحتمال على دعامتين:

الأولى: لأن تصنيف الأصوات ووصفها ظهر عند العرب دفعة واحدة لا على سبيل التدرج، وظهر عند سيبويه كاملًا.

الثانية: أن دوائر البحور الشعرية التي وضعها الخليل صاحب علم العروض نجد شبيهًا لها عند الهنود من قبل2.

1 نشأة النحو: ص31.

2 علم اللغة د. محمود السعران ص98-99 بتصرف.

ص: 36