الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتجاهاتها:
كانت الظروف التي دعت إلى نشأة الدراسة اللغوية العربة العامل الرئيسي في تحديد اتجاه هذه الدراسات وفلسفة منهجها، ولقد سبق أن قلنا إن دراسة اللغة العربية الفصحى نشأة علاجًا لظاهرة كان يخشى منها على اللغة وعلى القرآن وهي التي سموها "ذيوع اللحن" وهذا اللحن كان يصدق على أخطاء صوتية كالذي يشير إليه مغزى تسمية اللغة العربية الفصحى "لغة الضاد" ويفصله ما يروي من نوادر الموالي كأبي عطاء السندي وسعد الزندخاني وغيرهما1.
ومثل ذلك ما ورد عن عبيد الله بن زياد من أنه كان ينطق الهاء بدلًا من القاف
…
"2.
وما ورد عن المدنيين من نطقهم ممزوز بدلًا من مخصوص3، كما يصدق على الخطأ الصرفي في الذي يتمثل في تحريف بنية الصيغة أو في الإلحاق أو الزيادة وذلك كما ورد عن المدنيين من أنهم كانوا يقولون: اشترنج بلال من شطرنج4.
1 اللغة العربية مبناها ومعناها ص12.
2 العربية ليوهان فك ص15.
3 المرجع السابق ص19.
4 المرجع السابق ص19.
وعلى الخطأ المعجمي كما ورد أيضًا عن المدنيين من أنهم كانوا يستعملون خربوز الفارسية "المعربة إلى خربر" بدلا من "بطيخ".
وهذا الخطأ المعجمي يبدو في اختيار كلمة أجنبية دون كلمة عربية لها نفس المعنى، وعلى الخطأ النحوي الذي كان يتعدى في بعض الأحوال مجال العلامة الإعرابية إلى مجالات الرتبة والمطابقة وغيرهما.
فمن ثم كانت اتجاهات الدراسات اللغوية إلى هذه النواحي: الدراسات الصوتية، والدراسات الصرفية، والدرسات المعجمية، والدراسات النحوية.
ويصدق على هذه الأخطاء التي عالجتها الدراسات اللغوية أنها أخطاء في المبنى أولًا وأخيرًا ولو أدت في النهاية إلى خطأ في المعنى لم يكن نتيجة خطأ في القصد، ومن هنا اتسمت الدراسات اللغوية العربية بسمة الاتجاه إلى المبنى أساسًا، ولم يكن قصدها إلى المعنى إلا تبعًا لذلك وعلى استحياء.
وحين قامت دراسة "علم المعاني" في مرحلة متأخرة عن ذلك في تاريخ الثقافة العربية كانت طلائع القول في هذه الدراسة كما كانت في بداية دراسة النحو من قبلها تناولا للمبنى المستعمل على مستوى الجملة لكن لا على مستوى الجزء التحليلي كما في الصرف ولا على مستوى الباب المفرد كما في النحو، ومن هنا رأينا عبد القاهر في دلائل الإعجاز يتكلم في النظم والبناء والترتيب والتعليق كلها أمور تتصل بالتراكيب أكثر ممل تتصل بالمعاني المفردة1.
1 اللغة العربية مبناها ومعناها ص12.