المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: أهل ولاية الله - أثر الإيمان في تحصين الأمة الإسلامية ضد الأفكار الهدامة - جـ ١

[عبد الله بن عبد الرحمن الجربوع]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

-

- ‌الباب الأول: الإيمان سبب لتحصيل ولاية الله " الأثر الخارجي

-

- ‌الفصل الأول: صفات المستحقين لولاية الله

-

- ‌المبحث الأول: مراتب أهل الإيمان

- ‌المطلب الأول: بيان أصل الإيمان

- ‌المطلب الثاني: مرتبة الظالم لنفسه

- ‌المطلب الثالث: مرتبة المقتصد

- ‌المطلب الرابع: مرتبة السابق بالخيرات

- ‌المبحث الثاني: أهل ولاية الله

- ‌المبحث الثالث: العناية بأهم سبب لحصول الولاية

-

- ‌الفصل الثاني: أثر ولاية الله في تخليص المؤمنين وتحصينهم من الأفكار الهدامة

- ‌المبحث الأول: مظاهر ولاية الله لعبده المؤمن

- ‌المطلب الأول: إخراجه من الظلمات إلى النور

- ‌المطلب الثاني: تثبيت المؤمن عند الشدائد

- ‌المطلب الثالث: الحيلولة بينه وبين ما قد يقوم في قلبه من الإرادات السيئة

- ‌المطلب الرابع: مظاهر الولاية الكاملة للكُمّل من عباد الله

- ‌المبحث الثاني: مظاهر ولاية الله للجماعة المؤمنة

-

- ‌الباب الثاني: أثر الإيمان في تحصين القلب ضد الأفكار الهدامة " الأثر القلبي

-

- ‌الفصل الأول: وظائف القلب وأحواله

- ‌المبحث الأول: الوظائف القائمة بالقلب

- ‌المطلب الأول: وظيفة التعقل

- ‌المطلب الثاني: الاعتقادات

- ‌المطلب الثالث الإرادات

- ‌المطلب الرابع: العواطف

- ‌المطلب الخامس: الانفعالات

- ‌المبحث الثاني: العلاقة بين الوظائف القلبية

- ‌المبحث الثالث: أحوال القلوب

- ‌المبحث الرابع: أثر الإيمان في القلوب دائر بين التطهير والتزكية

-

- ‌الفصل الثاني: أثر الإيمان في تطهير القلوب

- ‌المبحث الأول: أثر الإيمان في تطهير القلوب من العقائد الباطلة والظنون السيئة

- ‌المبحث الثاني: أثر الإيمان في تطهير القلب من الران ودَرَن المعاصي

-

- ‌المبحث الثالث: أثر الإيمان في تطهير القلب من العواطف الفاسدة

- ‌المطلب الأول: أثر الإيمان في تطهير القلب من محبة غير الله

- ‌المطلب الثاني: أثر الإيمان في تطهير القلب من الشهوات المحرمة

- ‌المطلب الثالث: أثر الإيمان في تحصين القلب من الحقد والحسد

الفصل: ‌المبحث الثاني: أهل ولاية الله

‌المبحث الثاني: أهل ولاية الله

بعد هذا الاستعراض لدرجات المؤمنين وصفات كل منهم وأعمالهم وحكمهم في الدنيا والآخرة، يسهل التعرف على أولياء الله الذي تولاهم بعنايته ونصرته في الدنيا، وكرامته في الآخرة.

فقد تبين أن أولياء الله المعنيين بقوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:62،63] .

على نوعين:

النوع الأول: المقتصدون الأبرار أصحاب اليمين، الذين جاؤوا بكمال الإيمان الواجب، الذي هو أول مراتب التقوى الموجبة لولاية الله وعنايته والسلامة والأمن في الدنيا والآخرة.

النوع الثاني: المقربون المحسنون السابقون بالخيرات، الذين جاؤوا بكمال الإيمان المستحب الذي هو أعلى مراتب التقوى.

وقد بين الله هذين النوعين من أوليائه في حديث أبي هريرة الذي تقدم ذكره، حيث بين النوع الأول بقوله:" وما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه ". وبين النوع الثاني بقوله: " وما يزال عبدي يتقرب

ص: 225

إلي بالنوافل حتى أحبه "1

الحديث.2

وقد تقدم في المبحث السابق بيان أهم صفات كل نوع وأعمالهم، مما يغني عن إعادته هنا.

وبذلك يخرج من كان في مرتبة الظالم لنفسه من ولاية الله المطلقة، وإن كان من زمرة المسلمين كما تقدم، وذلك أن أولياء الله لهم السلامة والأمن في الدنيا والآخرة، والظالم لنفسه متوعد على تفريطه، كما في قوله تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63] .

وبهذا يتضح سر انخذال المسلمين في هذا الزمان وغيره من الأزمنة الماضية، وهو أنهم فقدوا ولاية الله الجالبة لمعونته، ورعايته وتأييده، لظلمهم أنفسهم بالانغماس في الشهوات المحرمة، أو الخوض في الشبهات المضلة، فابتعدوا عن تكميل الإيمان الواجب شيئاًَ فشيئاً، وحجب الله ولايته عنهم، كذلك، حتى أصبحوا غثاء كغثاء السيل، وتداعت عليهم الأمم، إلا من رحمه الله منهم، ممن تمسك بالعهد الأول، وسار على منهج السلف الصالح، ملازمين لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، متجافين عن البدع والمحدثات، فهم الطائفة المنصورة، الذين أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم ببقائهم على

1 رواه البخاري، تقدم تخريجه ص (212) .

2 انظر: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص15.

ص: 226

الحق ظاهرين حتى يأتي أمر الله -جعلنا الله بمنه وفضله منهم.

كما تبين أيضاً من خلال ما تقدم أن الإيمان الذي نبحث في أثره والذي به تستجلب ولاية الله هو الإيمان الكامل، القائم على العلم بالله، والقيام بحق الله، فيعرف المسلم ربه بأسمائه وصفاته، وأفعاله الواردة في الكتاب والسنة، ويعتقد تفرده -سبحانه- بذلك، كما يعتقد تفرده بأنه الإله الحق الذي يجب أن يعبد وحده؛ ثم يقوم بحق الله تعالى الذي بيّنه صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ بقوله:" فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً " 1؛ وأنواع العبادات وكيفياتها التي شرعها الله لعباده وارتضى منهم أن يتقربوا إليه بها، قد جرى بيانها في الكتاب والسنة، وطبقها الرسول صلى الله عليه وسلم عملياً؛ فيجب الالتزام بذلك، وعدم الزيادة عليه؛ والميل عن ذلك خروج عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وميل وانحراف عن طريق الولاية.

فطريق الولاية يقوم على ركنين هامين:

الأول: الإخلاص في العبادة، فيبتغي المؤمن بجميع أعماله وجه الله، قياماً بحقه وطلباً لرضوانه وثوابه، وخوفاً من سخطه وعقابه، ولا يلتفت القلب إلى غير الله بطلب النفع أو دفع الضر، ولا يقصد بشيء من العبادات غير الله.

1 متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد، باب اسم الفرس والحمار، ح (2856) 6/58. ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً ح (30) 1/58.

ص: 227

الثاني: صدق المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيعبد الله بما شرع مقتدياً به، مستمسكاً بسنته، لا يخرج عليها بالغلو والبدع، ولا يتحلل منها بالمعاصي وعدم الالتزام.

قال ابن رجب رحمه الله: "

فظهر بذلك أن دعوى طريق يوصل إلى التقرب إلى الله تعالى، وموالاته ومحبته، سوى طاعته التي شرع على لسان رسوله، ممن ادعى ولاية الله ومحبته بغير هذا الطريق، تبين أنه كاذب في دعواه" 1.

وقبل أن أتجاوز هذا المبحث، إلى التعرف على آثار ولاية الله في تحصين المسلم، ضد المخاطر والأفكار الهدامة، يجدر أن أتعرض بمزيد من العناية لأمر مهم وعظيم، هو الأساس والركن الأهم لتحصيل ولاية الله، بل بدونه يتعذر الحصول عليها، ألا وهو التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده، والكفر بالطاغوت، والبراءة من الشرك وأهله.

1 جامع العلوم والحكم ص340.

ص: 228