الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني: أثر الإيمان في تحصين القلب ضد الأفكار الهدامة " الأثر القلبي
"
*
…
والمقصود بهذا الباب بيان ما يحدثه الإيمان في القلب من الآثار التي يتحصن بها من تسلل الأفكار الخبيثة.
فالقلب هو ملك الأعضاء، وسيدها وأشرفها، والمتصرف فيها، فهو مركز الاعتقاد والإرادة، وموجه السلوك، وبصلاحه يكون الإنسان صالحاً، ويفسد بفساده.
قال صلى الله عليه وسلم: "
…
ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب " 1.
فإذا كان القلب بهذه المنزلة من التأثير على السلوك وتوجيهه، فإن جهود شياطين الإنس والجن متوجهة في المقام الأول إلى قلوب العباد، لا لإفسادها بالأفكار المهلكة لها، بقذف الشبهات وتزيين الشهوات.
وفي مقابل ذلك جعل الله الإيمان وما يحدثه من الآثار في قلب المؤمن السبب -بعد عناية الله- في سلامته وتحصينه منهم.
وإذا كانت ولاية الله هي الأثر الخارجي -الخارج عن إرادة الإنسان وفعله- فإن عمران القلب بالإيمان سبب داخلي، وحصن يحصن الله به المؤمن من غوائل أعداء الله ومكرهم، وهو من آثار عناية الله وولايته لعبده.
1 رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، ح52 الصحيح مع الفتح 1/162.
فوجود الإيمان في القلب وجود حقيقي، يحدث في القلب تغيراً جذرياً يسري إلى كل ما يقوم بالقلب من الوظائف.
وقبل أن أتكلم عما يحدثه الإيمان في القلب من الآثار، أرى أن البحث يتطلب الكلام على ما يقوم في قلوب الناس من الوظائف، والعلاقة بينها، والمؤثرات الموجهة لها، وأحوال القلوب، لكي يسهل معرفة أثر الإيمان عليها بإذن الله.
وسيجري الكلام -إن شاء الله- على الأثر القلبي في ثلاثة فصول، هي:
الفصل الأول: وظائف القلب وأحواله.
الفصل الثاني: أثر الإيمان في تطهير القلوب.
الفصل الثالث: أثر الإيمان في تزكية القلوب.
وإلى الفصل الأول من هذا الباب.